logo
#

أحدث الأخبار مع #الدفاعالأوروبي

لمواجهة سياساته الجديدة .. 'ترمب' يُجبّر أوروبا على زيادة إنفاقها الدفاعي بعد 30 عامًا من الركود
لمواجهة سياساته الجديدة .. 'ترمب' يُجبّر أوروبا على زيادة إنفاقها الدفاعي بعد 30 عامًا من الركود

موقع كتابات

time٠٨-٠٣-٢٠٢٥

  • أعمال
  • موقع كتابات

لمواجهة سياساته الجديدة .. 'ترمب' يُجبّر أوروبا على زيادة إنفاقها الدفاعي بعد 30 عامًا من الركود

خاص: كتبت- نشوى الحفني: منذ أكثر من (30 عامًا)؛ لم يشهد قطاع الدفاع الأوروبي انتعاشًا مثلما يحدَّث الآن، فبعد عقود من تقليص الميزانيات العسكرية لصالح التزامات أخرى، فرضت سياسات الرئيس الأميركي؛ 'دونالد ترمب'، الصارمة تجاه 'أوكرانيا' ودعوته للحلفاء لتحمل المزيد من أعباء أمنهم، قرارات حاسمة على القادة الأوروبيين. وتعتزم الحكومات الآن ضخ مئات المليارات من اليورو لتعزيز قاعدتها الصناعية وسدّ الفجوات في ترساناتها العسكرية. وكانت صحيفة (فايننشال تايمز) البريطانية؛ قد قالت إن شركات الدفاع الأوروبية استفادت من الزيادة في الإنفاق العسكري منذ الغزو الروسي الشامل لـ'أوكرانيا'؛ قبل (03) سنوات، حيث أدت العقود الحكومية الجديدة إلى تحقيق مستويات قياسية في حجم الطلبيات. إلا أن عودة 'ترمب' إلى 'البيت الأبيض'؛ قد تُسرّع من وتيرة إعادة التسلح في 'أوروبا'، مما يرفع آفاق الصناعة بشكلٍ غير مسبّوق. وقد ارتفعت قيمة أسهم بعض الشركات الأوروبية إلى مستويات قياسية، حيث سجلت بعضها زيادات بأكثر من (40%) منذ بداية العام. واشنطن تُصدّر أكثر من النصف.. وأشارت الصحيفة إلى أن احتمال إنهاء الدعم العسكري الأميركي؛ لـ'أوروبا'، يُثيّر تساؤلات حول الثغرات الاستراتيجية في القدرات الدفاعية للقارة، وكذلك حول الشركات التي قد تستّفيد من الحاجة المُلحة لسدّ هذه الثغرات. وقد كشف الصراع في 'أوكرانيا' عن أوجه القصور في مجالات مثل الاستخبارات والمراقبة، ونُظم الحماية من الصواريخ والطائرات، والطائرات الثقيلة للنقل العسكري، وأنظمة التزود بالوقود جوًا. كما وجهت 'واشنطن' ضربة؛ لـ'كييف'، هذا الأسبوع، من خلال وقف تبادل المعلومات الاستخباراتية مع 'أوكرانيا'. ووفقًا لمعهد (ستوكهولم) الدولي لأبحاث السلام، شكلت 'الولايات المتحدة': (55%) من واردات المعدات الدفاعية الأوروبية بين عامي (2019 و2023)، مقارنة: بـ (35%) فقط في السنوات الخمس التي سبقتها. يُعادل نهاية الحرب الباردة.. ويعتبر بعض الخبراء أن التحول في السياسة الأميركية تجاه 'أوروبا'؛ هو الأكبر منذ الحرب العالمية الثانية. فقد قال 'غونترام وولف'؛ الزميل في معهد (بروغيل)، بـ'بروكسل'، للصحيفة، إن: 'هذا التحول يُعادل نهاية الحرب الباردة، لكنه يحمل جانبًا سلبيًا، حيث كانت أوروبا الغربية تحت المظلة الاستراتيجية للولايات المتحدة طيلة الثمانين عامًا الماضية'. استعداد قادة الصناعة الدفاعية.. من جهتهم؛ أكد قادة الصناعة الدفاعية الأوروبية استعدادهم لزيادة الاستثمار، لكنهم شدّدوا على ضرورة التزام الحكومات بتعهداتها عبر عقود طويلة الأجل. وأوضح 'باتريس كاين'؛ الرئيس التنفيذي لشركة (تاليس) الفرنسية للإلكترونيات الدفاعية، أن 'أوروبا' تمتلك: 'التكنولوجيا اللازمة لإنتاج جميع المعدات الدفاعية التي تحتاجها'، لكن نجاح الأمر يعتمد على تحويل التصريحات إلى عقود فعلية. وتواجه 'أوروبا' تحديات كبيرة في قُدراتها الإنتاجية للذخائر والمركبات المدرعة، مما قد يوفر فرصة للشركات الأميركية؛ مثل (جنرال دايناميكس)، للاستمرار في تزويد القارة بالمعدات. لكن المستَّفيدين الفوريين في 'أوروبا' سيكونون الشركات الوطنية الرائدة مثل (راينميتال) الألمانية؛ و(بي. إيه. إي. سيستمز) البريطانية، اللتين تلقتا طلبات كبيرة لمركبات القتال والذخائر. كما من المتوقع أن تستّفيد شركة (KNDS)، التي تُمثل تحالفًا بين (نيكستر) الفرنسية و(كراوس-مافي فيغمان) الألمانية، من هذه الطلبيات. تمويل الدفاع الجوي والصاروخي.. كما تُشير الصحيفة إلى أنه من المتوقع أن يتدفق المزيد من التمويل نحو أنظمة الدفاع الجوي والصاروخي. وقد استفادت 'أوكرانيا' حتى الآن من نظام (باتريوت) الأميركي، وهو الأكثر تطورًا في الدفاع الجوي. إلا أن بعض المحللين يُشيرون إلى أن 'أوروبا' قد تعتمد بشكلٍ أكبر على أنظمة (SAMP-T)؛ التي تُصنّعها (يوروسام)، وهي مشروع مشترك بين (MBDA) و(تاليس)، وتستّخدمها القوات المسلحة الإيطالية والفرنسية. ويُمثل الاستثمار في مجالات الاستخبارات والمراقبة والاستطلاع أولوية أخرى مُلحة. فقد سلطت الحرب في 'أوكرانيا' الضوء على أهمية هذه المجالات، خاصةً مع اعتماد 'أوروبا' الكبير على 'الولايات المتحدة' في هذا المجال. وتُعد (هنسولدت) الألمانية و(ساب) السويدية؛ من بين الشركات التي تمتلك تقنيات متقدمة في أنظمة المراقبة الجوية. كما تعتمد 'أوروبا' بشكلٍ كبير على الدعم الأميركي في مجال الاتصالات عبر الأقمار الصناعية وإدارة البيانات في ساحة المعركة. وقد بدأت بعض الشركات الأوروبية، مثل (يوتلسات) الفرنسية، في التفاوض مع الحكومات الأوروبية لتوفير بدائل محلية للاتصالات عبر الأقمار الصناعية في 'أوكرانيا'. وتُعد هذه الخطوة ضرورية؛ خاصة إذا قررت شركة (سبيس إكس)؛ التابعة لـ'إيلون ماسك'، سحب خدمات (ستار لينك)، من 'كييف'. ومن المتوقع أن تستثمر الحكومات الأوروبية مبالغ ضخمة في مجالات 'الذكاء الاصطناعي' والأمن السيبراني والأنظمة المستقلة، والتي ستلعب أدوارًا رئيسة في حروب المستقبل. يستّخدم 'لعبة فرق تسدَّ' ! وفي تقرير لصحيفة (بوليتيكو)؛ أشارت إلى أن 'ترمب' وجد في الانقسامات الأوروبية بشأن 'أوكرانيا'، ضالته: لـ'تهميش التكتل'، بعد فشل سلاح الحرب التجارية، في ولايته الأولى. وقالت في تقريرٍ لها؛ حول خطة 'ترمب' للاتحاد الأوروبي، إنها تعتمد على استخدام: 'لعبة فرق تسدَّ' مع زعماء القارة العجوز. وأشارت (بوليتيكو) إلى؛ أن هذه السياسة لم تكن ممكنة في ولاية 'ترمب' الأولى، عندما حاول شّن حرب تجارية، إلا أن القارة العجوز توحدت. ضده، لكن الآن تطرح الانقسامات حول 'أوكرانيا' أسئلة وجودية حول وحدة التكتل. ووصف الرئيس الأميركي؛ 'دونالد ترمب'، 'الاتحاد الأوروبي'، بأنه تم تأسيسه: 'لخداع الولايات المتحدة'. وبالنسبة له فإن التكتل مثله مثل أعدائه الآخرين؛ مثل 'منظمة التجارة العالمية' و'منظمة الصحة العالمية'، والذين: 'يجب صفعهم لأنهم نهبوا بلاده'. وفي الأسابيع القليلة المحمومة من ولايته الثانية؛ سّرع 'ترمب' من التعريفات الجمركية على 'أوروبا' بعد زيارة رئيس التجارة في الاتحاد لـ'واشنطن'، كما تعرض وزير خارجية التكتل لتجاهل من قبل وزير الخارجية الأميركي؛ 'ماركو روبيو'، في حين عاد أعضاء 'البرلمان الأوروبي' إلى ديارهم برسالة مفادها أن 'أميركا' ستتحدى قواعد التكنولوجيا الأوروبية. توحيد جهود 'واشنطن' و'الكرملين'.. والآن؛ تتماشى جهود 'واشنطن' المناهضة لـ'الاتحاد الأوروبي'، مع عداء (الكرملين) القديم تجاه التكتل، مما سيؤدي إلى أزمة في مؤسسات 'بروكسل'، حيث يُكافح 'الاتحاد الأوروبي' إثبات أهميته مع تقدم زعماء مثل؛ الرئيس الفرنسي 'إيمانويل ماكرون'، ورئيس الوزراء البريطاني؛ 'كير ستارمر'، إلى الواجهة لتولي مسؤولية استجابة القارة العجوز لـ'ترمب'. ويواجه 'المجلس الأوروبي'؛ حيث من المفترض أن يتخذ زعماء دول الاتحاد الـ (27) قرارات السياسة الخارجية الكبرى بالإجماع، انقسامًا حادا كما أنه غير قادر على الاستجابة لحجم العاصفة التي يُثيرها 'ترمب' بشأن 'أوكرانيا'. ينقل الثقل الأوروبي إلى العواصم الوطنية.. ويُقلل دبلوماسيو 'الاتحاد الأوروبي' من التوقعات حول تحقيق اختراقات كبرى في القمة الطارئة في 'بروكسل'؛ بسبب معارضة 'المجر' لمزيد من المساعدات لـ'أوكرانيا'. وبدلًا من ذلك، يضطر 'ستارمر' و'ماكرون' إلى العمل مع التكتل في صيغ دبلوماسية مخصَّصة، ودعوة دول مثل 'تركيا وكندا'، وعدم دعوة زعماء 'الاتحاد الأوروبي' المؤيدين لـ'روسيا' بشكلٍ واضح. وقال 'مجتبى رحمن'؛ المدير الإداري لـ'أوروبا' في مجموعة (أوراسيا)، وهي مؤسسة بحثية، إن الأزمة: 'تنقل مركز ثقل أوروبا إلى العواصم الوطنية'، مشيرًا إلى أن: 'دور المؤسسات في هذا السيّاق مهم، لكنه ليس بالغ الأهمية'. وأضاف: 'هذا هو التوازن الجديد والواقع الجديد الذي يتعين على كبار المسؤولين في الاتحاد الأوروبي التكيف معه'. ويعمل 'ترمب' على ضرب التكتل؛ ليس فقط من خلال التقرب من 'روسيا' وقلب التحالف الغربي، لكن أيضًا من خلال التدخل المباشر في السياسة الوطنية ودعم صعود أحزاب أقصى اليمين. ويزعم المراقبون الأكثر تشاؤمًا في 'أوروبا'، أن إدارة 'ترمب' عازمة على تعزيز القوى القومية الشعبوية في 'أوروبا' للمساعدة في تدمير 'الاتحاد الأوروبي'، وجعل جميع دوله أكثر اعتمادًا على 'الولايات المتحدة' أو ربما 'روسيا'. إنشاء اتحاد جديد.. وقال 'تانغوي سترويه دي سويلاند'؛ أستاذ العلاقات الدولية في جامعة (لوفين): 'إن ما فعله؛ جي. دي. فانس، نائب الرئيس الأميركي، في مؤتمر ميونيخ للأمن.. يُظهر رغبة في تدمير الاتحاد الأوروبي لإنشاء اتحاد جديد متحالف مع الولايات المتحدة، من الدول الأوروبية ذات النزعة المحافظة'. ولا يُعدّ غضب 'ترمب' بشأن 'الاتحاد الأوروبي'؛ الذي يقول إنه: 'بغيض للغاية'، أمرًا جديدًا، فلفترة طويلة أثار التكتل غضب الرئيس الأميركي باعتباره من أصحاب الوزن الثقيل في التجارة، في حين يعتمد على 'أميركا' للحماية العسكرية. ومن أشهر الأمور التي أثارت غضبه هو عدد السيارات الألمانية الفاخرة في 'نيويورك'، ومع ذلك كان عليه أن يتعامل مع كبار مسؤولي التكتل. وقال 'مارغريتيس شيناس'؛ الذي كان المتحدث باسم 'المفوضية الأوروبية' خلال فترة ولاية؛ 'ترمب'، الأولى، إن العلاقات عبر 'الأطلسي' كانت متوترة؛ لكنها وظيفية، وفي بعض الأحيان كانت مضحكة. وأضاف أن 'ترمب' أحب رئيس المفوضية الأوروبية – آنذاك – 'جان كلود يونكر'، ورئيس المجلس الأوروبي – آنذاك – 'دونالد توسك'. تعريفات جمركية مقابلة.. لكن هذه المرة، يبدو أن 'ترمب' ليس في مزاج للتعامل مع مسؤولي 'الاتحاد الأوروبي' ومن بين جميع زعماء دول التكتل، تلقت فقط رئيسة الوزراء القومية الإيطالية؛ 'جورجيا ميلوني'، ورئيس الوزراء المجري؛ 'فيكتور أوربان'، على دعوة رسمية لحضور تنصيبه إضافة إلى السياسيين الأوروبيين من أقصى اليمين. ولم تتمكن رئيسة المفوضية الأوروبية؛ 'أورسولا فون دير لاين'، ولا رئيس المجلس الأوروبي؛ 'أنطونيو كوستا'، من عقد اجتماع شخصي مع 'ترمب'؛ منذ تنصيبه. في المقابل، من المُرجّح أن تحظى 'فون دير لاين'، التي تتحكم مفوضيتها في ميزانية 'الاتحاد الأوروبي' وفي التجارة وسياسة مكافحة الاحتكار، باهتمام 'ترمب'، سواء أحب ذلك أم لا. وعندما يبدأ 'ترمب' حربه التجارية، فإن أصحاب النفوذ في 'بروكسل' هم من سيُفرضون التعريفات الجمركية على 'البوربون والغينز والدراجات النارية' الأميركية. ويمكن أن تضرب المفوضية شركات التكنولوجيا الأميركية العملاقة بغرامات بقيمة مليارات الدولارات. وقد يكون الأمل الوحيد لـ'الاتحاد الأوروبي'؛ هو أن 'ترمب' و'روسيا' يهتمان بالتكتل بما يكفي لاستثمار الطاقة في تشويه سمعته؛ وهو ما يُشير إلى أن الاتحاد يستحق القتال من أجله.

ما زال زيلنسكي يغرق في اوهامه
ما زال زيلنسكي يغرق في اوهامه

كورد ستريت

time٠٣-٠٣-٢٠٢٥

  • سياسة
  • كورد ستريت

ما زال زيلنسكي يغرق في اوهامه

كوردستريت|| #آراء وقضايا بقلم سمير عادل / العراق قال جوزيف غوبلز، وزير الدعاية في عهد هتلر (1933-1945): 'اكذب، ثم اكذب، ثم اكذب، حتى يصدقك الآخرون.' هذا تمامًا ما فعله التحالف الغربي، بدءًا من جو بايدن، الرئيس الأمريكي السابق، وإيمانويل ماكرون، الرئيس الفرنسي، وأولاف شولتز، المستشار الألماني، وبوريس جونسون، رئيس الوزراء البريطاني السابق، مرورًا بسلفه ريشي سوناك، عندما صوّروا وروّجوا للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي على أنه البطل الذي يدافع عن قلعة الديمقراطية الغربية، متصدّيًا لما سموه 'الإمبريالية الروسية' وأحلام زعيمها فلاديمير بوتين. بل إن زيلينسكي نفسه صدّق هذه الأكذوبة، فبات يرى أنه هو من حمى أوروبا من الغزو الروسي، بل وأكثر من ذلك، قال لترامب ان المحيطات بين أميركا وروسيا لن تحمي الولايات المتحدة من روسيا، مما أثار غضب ترامب. كثيرون هم الذين نفخ الغرب في صورتهم، محوّلاً إياهم إلى نمور من ورق، لتمرير مشاريعه الجهنمية على حساب أمن ومعيشة وكرامة الطبقة العاملة والجماهير الكادحة في بلدانهم. بدءًا من ليش فاليسا في بولندا، وميخائيل غورباتشوف وبوريس يلتسين في روسيا، واحمد الجلبي وإياد علاوي ونوري المالكي عرابي الغزو واحتلال العراق، وأبو بكر البغدادي، الذي التقى به السيناتور الأمريكي جون مكين، رئيس لجنة القوات المسلحة في الكونغرس الأمريكي والمرشح الرئاسي السابق، في سوريا عام 2013. وكذلك أشرف غني، الرئيس الأفغاني الهارب، ومحمد رضا بهلوي، شاه إيران، وحسني مبارك، والقائمة تطول ولا تنتهي. الدفاع الأوروبي الذي هو في الأساس ظاهري عن الرئيس الأوكراني زيلينسكي، بعد أن حطّم دونالد ترامب ونائبه جي دي فانس صورته أمام العالم، في اللقاء الأخير الذي جمعهم في البيت الأبيض، لا ينبع من حرصهم على أوكرانيا وسيادتها أو عدالة قضيتها، فهذا آخر ما يشغل بال زعماء الدول الأوروبية. بل يعود ذلك إلى سببين رئيسيين: أولا لم يكن في حسبانهم أن يضعهم ترامب بهذه السرعة أمام أمر واقع، يتمثل في إنهاء الحرب في أوكرانيا وتتويج بوتين بطلاً لها، محققًا بذلك جميع الأهداف الروسية من الغزو. لقد تجاهلت ادارة ترامب تمامًا المصالح الأوروبية، وتركتهم بلا وقت كافٍ لإعادة ترتيب أوراقهم مع الكرملين، أو حتى حفظ ماء وجههم. ثانيامحاولة إظهار الوحدة بين القادة الاوربيين، وإن كانت هشة، وحتى ان كانت شكلية ودعائية، هي في الحقيقة لمواجهة سياسة ترامب الحمائية، وابتزازه السياسي والمالي لإبقاء الولايات المتحدة ضمن حلف الناتو. الضجيج الإعلامي الذي يثيره ماكرون وكير ستارمر الرئيس البريطاني وشولتز وجورجيا ميلوني رئيسة وزراء ايطاليا ليس سوى محاولة يائسة لكسب الوقت والخروج من المأزق الذي وضعتهم فيه الإدارة الأمريكية. وكما خضع القادة الأوروبيون في الاتحاد الاوروبي تدريجيًا لسياسة الحرب التي فرضتها إدارة بايدن وحكومة جونسون في بداية الغزو الروسي لأوكرانيا – سواء عبر تشديد العقوبات، أو تقليل الاعتماد على الغاز الروسي، أو تقديم الدعم المالي والعسكري لكييف، أو حتى التغاضي عن تفجير خط السيل الشمالي 2 – فإنهم اليوم يبحثون عن إعداد سيناريو مشابه، ولكن في الاتجاه المعاكس، بهدف النزول من الشجرة التي صعدوا عليها عنوة بدفع من إدارة جو بايدن. ان معضلة الاتحاد الأوروبي وقادته فاقدي البصيرة تكمن في انعدام الأفق السياسي أمامهم، خاصة مع المأزق الذي وجدوا أنفسهم فيه، والمستنقع الذي غرقوا فيه، والذي يُدعى أوكرانيا. ومع هذا فان القصة تتجاوز أوكرانيا بكثير؛ إنها قصة ما بعد اليوم التالي لانتهاء الحرب. فالطرف الذي ينتصر في أوكرانيا هو من سيرسم الملامح السياسية والاقتصادية والأمنية والعسكرية للقارة الأوروبية، تمامًا كما حدث عقب الحرب العالمية الثانية، عندما كان انتصار الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي كفيلًا بإعادة تشكيل أوروبا، حيث تقاسما النفوذ السياسي والاقتصادي والعسكري. إلا أن الفارق الجوهري اليوم هو غياب أي مشروع أمريكي مماثل لخطة مارشال، بينما تتقدم الإمبريالية الروسية وحدها لتكون لاعبا رئيسيا في رسم مستقبل أوروبا السياسي. وعلى عكس أوروبا، فإن الأفق واضح تمامًا أمام الطبقة الحاكمة في الولايات المتحدة، التي يقودها اليوم دونالد ترامب، حيث تعتبر أوروبا مجرد تابع، ولا ترى مانعًا في تسليم أمنها لروسيا في مقابل تحقيق هدفها الأسمى: فصلها عن الصين، والانفراد بمواجهتها واحتوائها باعتبارها العدو الرئيسي للولايات المتحدة. أما زيلينسكي، فقد ضحى بأمن وسلامة الشعب الأوكراني، مقدمًا الآلاف من الشباب الأبرياء قرابين لمشروعه القومي الزائف، الذي لم يكن سوى واجهة لمصالح الإمبريالية الأمريكية. السيادة التي تبجح بها، والتي ساق المجتمع الأوكراني وبنيته الاقتصادية نحو محرقة الحرب، ها هو اليوم يقدّمها على طبق من فضة للإمبريالية الأمريكية، عبر السماح لها بالاستحواذ على ثروات أوكرانيا تحت غطاء زائف من 'الضمانات الأمنية' التي لم ولن يحصل عليها، سواء من الولايات المتحدة أو الاتحاد الأوروبي الا بصيغة تعهد من قبل روسيا كما كان في اتفاقات (مينسك ١) (مينسك ٢) الذي ضربا بعرض الحائط من قبل التحالف الغربي وحلف الناتو. إن كراهية بوتين للينين، قائد ثورة أكتوبر 1917، والتي لا يفوّت أي مناسبة قومية دون التعبير عنها، تعود إلى أن الأخير تنازل عن مليون كيلومتر مربع من الأراضي لصالح ألمانيا وعدد من دول أوروبية اخرى من أجل إنهاء الحرب العالمية الأولى، ووضع حد لنزيف الدم. أما زيلينسكي، فقد قدم حياة شباب أوكرانيا ومستقبلهم قربانًا لمصالح البرجوازية القومية الأوكرانية، وممثليها السياسيين الفاشيين الفاسدين، الذين ربطوا مصيرهم بمصالح الإمبريالية الغربية، متفوقين حتى على فاسدي العملية السياسية في العراق، الذين جعلوا أنفسهم أداة بيد البرجوازية القومية الإيرانية، مسخّرين لخدمة مصالحها وسياستها التوسعية تحت راية 'ولاية الفقيه'. وتثبت مجريات الأمور في أوروبا وأوكرانيا أن مفاهيم السيادة وحقوق الإنسان والديمقراطية لا تساوي شيئًا ولا تحمل أي قيمة عندما توضع في كفة الميزان أمام المعادن الأوكرانية والمصالح التوسعية للإمبريالية الروسية والأمريكية والفرنسية والألمانية والبريطانية والإيطالية. إنه درس بليغ لأولئك الحمقى من السياسيين الذين يعلّقون آمالهم وأمانيهم دائمًا على السياسة الأمريكية، وعليهم أن يتعلموا منه، ويكفوا عن الترويج لها، والكفّ عن اغراقنا بدعاياتهم الزائفة. معجب بهذه: إعجاب تحميل...

ما زال زيلنسكي يغرق في اوهامه
ما زال زيلنسكي يغرق في اوهامه

اليوم الثامن

time٠٣-٠٣-٢٠٢٥

  • سياسة
  • اليوم الثامن

ما زال زيلنسكي يغرق في اوهامه

قال جوزيف غوبلز، وزير الدعاية في عهد هتلر (1933-1945): "اكذب، ثم اكذب، ثم اكذب، حتى يصدقك الآخرون." هذا تمامًا ما فعله التحالف الغربي، بدءًا من جو بايدن، الرئيس الأمريكي السابق، وإيمانويل ماكرون، الرئيس الفرنسي، وأولاف شولتز، المستشار الألماني، وبوريس جونسون، رئيس الوزراء البريطاني السابق، مرورًا بسلفه ريشي سوناك، عندما صوّروا وروّجوا للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي على أنه البطل الذي يدافع عن قلعة الديمقراطية الغربية، متصدّيًا لما سموه "الإمبريالية الروسية" وأحلام زعيمها فلاديمير بوتين. بل إن زيلينسكي نفسه صدّق هذه الأكذوبة، فبات يرى أنه هو من حمى أوروبا من الغزو الروسي، بل وأكثر من ذلك، قال لترامب ان المحيطات بين أميركا وروسيا لن تحمي الولايات المتحدة من روسيا، مما أثار غضب ترامب. كثيرون هم الذين نفخ الغرب في صورتهم، محوّلاً إياهم إلى نمور من ورق، لتمرير مشاريعه الجهنمية على حساب أمن ومعيشة وكرامة الطبقة العاملة والجماهير الكادحة في بلدانهم. بدءًا من ليش فاليسا في بولندا، وميخائيل غورباتشوف وبوريس يلتسين في روسيا، واحمد الجلبي وإياد علاوي ونوري المالكي عرابي الغزو واحتلال العراق، وأبو بكر البغدادي، الذي التقى به السيناتور الأمريكي جون مكين، رئيس لجنة القوات المسلحة في الكونغرس الأمريكي والمرشح الرئاسي السابق، في سوريا عام 2013. وكذلك أشرف غني، الرئيس الأفغاني الهارب، ومحمد رضا بهلوي، شاه إيران، وحسني مبارك، والقائمة تطول ولا تنتهي. الدفاع الأوروبي الذي هو في الأساس ظاهري عن الرئيس الأوكراني زيلينسكي، بعد أن حطّم دونالد ترامب ونائبه جي دي فانس صورته أمام العالم، في اللقاء الأخير الذي جمعهم في البيت الأبيض، لا ينبع من حرصهم على أوكرانيا وسيادتها أو عدالة قضيتها، فهذا آخر ما يشغل بال زعماء الدول الأوروبية. بل يعود ذلك إلى سببين رئيسيين: أولا لم يكن في حسبانهم أن يضعهم ترامب بهذه السرعة أمام أمر واقع، يتمثل في إنهاء الحرب في أوكرانيا وتتويج بوتين بطلاً لها، محققًا بذلك جميع الأهداف الروسية من الغزو. لقد تجاهلت ادارة ترامب تمامًا المصالح الأوروبية، وتركتهم بلا وقت كافٍ لإعادة ترتيب أوراقهم مع الكرملين، أو حتى حفظ ماء وجههم. ثانيامحاولة إظهار الوحدة بين القادة الاوربيين، وإن كانت هشة، وحتى ان كانت شكلية ودعائية، هي في الحقيقة لمواجهة سياسة ترامب الحمائية، وابتزازه السياسي والمالي لإبقاء الولايات المتحدة ضمن حلف الناتو. الضجيج الإعلامي الذي يثيره ماكرون وكير ستارمر الرئيس البريطاني وشولتز وجورجيا ميلوني رئيسة وزراء ايطاليا ليس سوى محاولة يائسة لكسب الوقت والخروج من المأزق الذي وضعتهم فيه الإدارة الأمريكية. وكما خضع القادة الأوروبيون في الاتحاد الاوروبي تدريجيًا لسياسة الحرب التي فرضتها إدارة بايدن وحكومة جونسون في بداية الغزو الروسي لأوكرانيا – سواء عبر تشديد العقوبات، أو تقليل الاعتماد على الغاز الروسي، أو تقديم الدعم المالي والعسكري لكييف، أو حتى التغاضي عن تفجير خط السيل الشمالي 2 – فإنهم اليوم يبحثون عن إعداد سيناريو مشابه، ولكن في الاتجاه المعاكس، بهدف النزول من الشجرة التي صعدوا عليها عنوة بدفع من إدارة جو بايدن. ان معضلة الاتحاد الأوروبي وقادته فاقدي البصيرة تكمن في انعدام الأفق السياسي أمامهم، خاصة مع المأزق الذي وجدوا أنفسهم فيه، والمستنقع الذي غرقوا فيه، والذي يُدعى أوكرانيا. ومع هذا فان القصة تتجاوز أوكرانيا بكثير؛ إنها قصة ما بعد اليوم التالي لانتهاء الحرب. فالطرف الذي ينتصر في أوكرانيا هو من سيرسم الملامح السياسية والاقتصادية والأمنية والعسكرية للقارة الأوروبية، تمامًا كما حدث عقب الحرب العالمية الثانية، عندما كان انتصار الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي كفيلًا بإعادة تشكيل أوروبا، حيث تقاسما النفوذ السياسي والاقتصادي والعسكري. إلا أن الفارق الجوهري اليوم هو غياب أي مشروع أمريكي مماثل لخطة مارشال، بينما تتقدم الإمبريالية الروسية وحدها لتكون لاعبا رئيسيا في رسم مستقبل أوروبا السياسي. وعلى عكس أوروبا، فإن الأفق واضح تمامًا أمام الطبقة الحاكمة في الولايات المتحدة، التي يقودها اليوم دونالد ترامب، حيث تعتبر أوروبا مجرد تابع، ولا ترى مانعًا في تسليم أمنها لروسيا في مقابل تحقيق هدفها الأسمى: فصلها عن الصين، والانفراد بمواجهتها واحتوائها باعتبارها العدو الرئيسي للولايات المتحدة. أما زيلينسكي، فقد ضحى بأمن وسلامة الشعب الأوكراني، مقدمًا الآلاف من الشباب الأبرياء قرابين لمشروعه القومي الزائف، الذي لم يكن سوى واجهة لمصالح الإمبريالية الأمريكية. السيادة التي تبجح بها، والتي ساق المجتمع الأوكراني وبنيته الاقتصادية نحو محرقة الحرب، ها هو اليوم يقدّمها على طبق من فضة للإمبريالية الأمريكية، عبر السماح لها بالاستحواذ على ثروات أوكرانيا تحت غطاء زائف من 'الضمانات الأمنية' التي لم ولن يحصل عليها، سواء من الولايات المتحدة أو الاتحاد الأوروبي الا بصيغة تعهد من قبل روسيا كما كان في اتفاقات (مينسك ١) (مينسك ٢) الذي ضربا بعرض الحائط من قبل التحالف الغربي وحلف الناتو. إن كراهية بوتين للينين، قائد ثورة أكتوبر 1917، والتي لا يفوّت أي مناسبة قومية دون التعبير عنها، تعود إلى أن الأخير تنازل عن مليون كيلومتر مربع من الأراضي لصالح ألمانيا وعدد من دول أوروبية اخرى من أجل إنهاء الحرب العالمية الأولى، ووضع حد لنزيف الدم. أما زيلينسكي، فقد قدم حياة شباب أوكرانيا ومستقبلهم قربانًا لمصالح البرجوازية القومية الأوكرانية، وممثليها السياسيين الفاشيين الفاسدين، الذين ربطوا مصيرهم بمصالح الإمبريالية الغربية، متفوقين حتى على فاسدي العملية السياسية في العراق، الذين جعلوا أنفسهم أداة بيد البرجوازية القومية الإيرانية، مسخّرين لخدمة مصالحها وسياستها التوسعية تحت راية "ولاية الفقيه". وتثبت مجريات الأمور في أوروبا وأوكرانيا أن مفاهيم السيادة وحقوق الإنسان والديمقراطية لا تساوي شيئًا ولا تحمل أي قيمة عندما توضع في كفة الميزان أمام المعادن الأوكرانية والمصالح التوسعية للإمبريالية الروسية والأمريكية والفرنسية والألمانية والبريطانية والإيطالية. إنه درس بليغ لأولئك الحمقى من السياسيين الذين يعلّقون آمالهم وأمانيهم دائمًا على السياسة الأمريكية، وعليهم أن يتعلموا منه، ويكفوا عن الترويج لها، والكفّ عن اغراقنا بدعاياتهم الزائفة.

ما زال زيلنسكي يغرق في اوهامه
ما زال زيلنسكي يغرق في اوهامه

موقع كتابات

time٠٣-٠٣-٢٠٢٥

  • سياسة
  • موقع كتابات

ما زال زيلنسكي يغرق في اوهامه

قال جوزيف غوبلز، وزير الدعاية في عهد هتلر (1933-1945): 'اكذب، ثم اكذب، ثم اكذب، حتى يصدقك الآخرون.' هذا تمامًا ما فعله التحالف الغربي، بدءًا من جو بايدن، الرئيس الأمريكي السابق، وإيمانويل ماكرون، الرئيس الفرنسي، وأولاف شولتز، المستشار الألماني، وبوريس جونسون، رئيس الوزراء البريطاني السابق، مرورًا بسلفه ريشي سوناك، عندما صوّروا وروّجوا للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي على أنه البطل الذي يدافع عن قلعة الديمقراطية الغربية، متصدّيًا لما سموه 'الإمبريالية الروسية' وأحلام زعيمها فلاديمير بوتين. بل إن زيلينسكي نفسه صدّق هذه الأكذوبة، فبات يرى أنه هو من حمى أوروبا من الغزو الروسي، بل وأكثر من ذلك، قال لترامب ان المحيطات بين أميركا وروسيا لن تحمي الولايات المتحدة من روسيا، مما أثار غضب ترامب. كثيرون هم الذين نفخ الغرب في صورتهم، محوّلاً إياهم إلى نمور من ورق، لتمرير مشاريعه الجهنمية على حساب أمن ومعيشة وكرامة الطبقة العاملة والجماهير الكادحة في بلدانهم. بدءًا من ليش فاليسا في بولندا، وميخائيل غورباتشوف وبوريس يلتسين في روسيا، واحمد الجلبي وإياد علاوي ونوري المالكي عرابي الغزو واحتلال العراق، وأبو بكر البغدادي، الذي التقى به السيناتور الأمريكي جون مكين، رئيس لجنة القوات المسلحة في الكونغرس الأمريكي والمرشح الرئاسي السابق، في سوريا عام 2013. وكذلك أشرف غني، الرئيس الأفغاني الهارب، ومحمد رضا بهلوي، شاه إيران، وحسني مبارك، والقائمة تطول ولا تنتهي. الدفاع الأوروبي الذي هو في الأساس ظاهري عن الرئيس الأوكراني زيلينسكي، بعد أن حطّم دونالد ترامب ونائبه جي دي فانس صورته أمام العالم، في اللقاء الأخير الذي جمعهم في البيت الأبيض، لا ينبع من حرصهم على أوكرانيا وسيادتها أو عدالة قضيتها، فهذا آخر ما يشغل بال زعماء الدول الأوروبية. بل يعود ذلك إلى سببين رئيسيين: أولا لم يكن في حسبانهم أن يضعهم ترامب بهذه السرعة أمام أمر واقع، يتمثل في إنهاء الحرب في أوكرانيا وتتويج بوتين بطلاً لها، محققًا بذلك جميع الأهداف الروسية من الغزو. لقد تجاهلت ادارة ترامب تمامًا المصالح الأوروبية، وتركتهم بلا وقت كافٍ لإعادة ترتيب أوراقهم مع الكرملين، أو حتى حفظ ماء وجههم. ثانيامحاولة إظهار الوحدة بين القادة الاوربيين، وإن كانت هشة، وحتى ان كانت شكلية ودعائية، هي في الحقيقة لمواجهة سياسة ترامب الحمائية، وابتزازه السياسي والمالي لإبقاء الولايات المتحدة ضمن حلف الناتو. الضجيج الإعلامي الذي يثيره ماكرون وكير ستارمر الرئيس البريطاني وشولتز وجورجيا ميلوني رئيسة وزراء ايطاليا ليس سوى محاولة يائسة لكسب الوقت والخروج من المأزق الذي وضعتهم فيه الإدارة الأمريكية. وكما خضع القادة الأوروبيون في الاتحاد الاوروبي تدريجيًا لسياسة الحرب التي فرضتها إدارة بايدن وحكومة جونسون في بداية الغزو الروسي لأوكرانيا – سواء عبر تشديد العقوبات، أو تقليل الاعتماد على الغاز الروسي، أو تقديم الدعم المالي والعسكري لكييف، أو حتى التغاضي عن تفجير خط السيل الشمالي 2 – فإنهم اليوم يبحثون عن إعداد سيناريو مشابه، ولكن في الاتجاه المعاكس، بهدف النزول من الشجرة التي صعدوا عليها عنوة بدفع من إدارة جو بايدن. ان معضلة الاتحاد الأوروبي وقادته فاقدي البصيرة تكمن في انعدام الأفق السياسي أمامهم، خاصة مع المأزق الذي وجدوا أنفسهم فيه، والمستنقع الذي غرقوا فيه، والذي يُدعى أوكرانيا. ومع هذا فان القصة تتجاوز أوكرانيا بكثير؛ إنها قصة ما بعد اليوم التالي لانتهاء الحرب. فالطرف الذي ينتصر في أوكرانيا هو من سيرسم الملامح السياسية والاقتصادية والأمنية والعسكرية للقارة الأوروبية، تمامًا كما حدث عقب الحرب العالمية الثانية، عندما كان انتصار الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي كفيلًا بإعادة تشكيل أوروبا، حيث تقاسما النفوذ السياسي والاقتصادي والعسكري. إلا أن الفارق الجوهري اليوم هو غياب أي مشروع أمريكي مماثل لخطة مارشال، بينما تتقدم الإمبريالية الروسية وحدها لتكون لاعبا رئيسيا في رسم مستقبل أوروبا السياسي. وعلى عكس أوروبا، فإن الأفق واضح تمامًا أمام الطبقة الحاكمة في الولايات المتحدة، التي يقودها اليوم دونالد ترامب، حيث تعتبر أوروبا مجرد تابع، ولا ترى مانعًا في تسليم أمنها لروسيا في مقابل تحقيق هدفها الأسمى: فصلها عن الصين، والانفراد بمواجهتها واحتوائها باعتبارها العدو الرئيسي للولايات المتحدة. أما زيلينسكي، فقد ضحى بأمن وسلامة الشعب الأوكراني، مقدمًا الآلاف من الشباب الأبرياء قرابين لمشروعه القومي الزائف، الذي لم يكن سوى واجهة لمصالح الإمبريالية الأمريكية. السيادة التي تبجح بها، والتي ساق المجتمع الأوكراني وبنيته الاقتصادية نحو محرقة الحرب، ها هو اليوم يقدّمها على طبق من فضة للإمبريالية الأمريكية، عبر السماح لها بالاستحواذ على ثروات أوكرانيا تحت غطاء زائف من 'الضمانات الأمنية' التي لم ولن يحصل عليها، سواء من الولايات المتحدة أو الاتحاد الأوروبي الا بصيغة تعهد من قبل روسيا كما كان في اتفاقات (مينسك ١) (مينسك ٢) الذي ضربا بعرض الحائط من قبل التحالف الغربي وحلف الناتو. إن كراهية بوتين للينين، قائد ثورة أكتوبر 1917، والتي لا يفوّت أي مناسبة قومية دون التعبير عنها، تعود إلى أن الأخير تنازل عن مليون كيلومتر مربع من الأراضي لصالح ألمانيا وعدد من دول أوروبية اخرى من أجل إنهاء الحرب العالمية الأولى، ووضع حد لنزيف الدم. أما زيلينسكي، فقد قدم حياة شباب أوكرانيا ومستقبلهم قربانًا لمصالح البرجوازية القومية الأوكرانية، وممثليها السياسيين الفاشيين الفاسدين، الذين ربطوا مصيرهم بمصالح الإمبريالية الغربية، متفوقين حتى على فاسدي العملية السياسية في العراق، الذين جعلوا أنفسهم أداة بيد البرجوازية القومية الإيرانية، مسخّرين لخدمة مصالحها وسياستها التوسعية تحت راية 'ولاية الفقيه'. وتثبت مجريات الأمور في أوروبا وأوكرانيا أن مفاهيم السيادة وحقوق الإنسان والديمقراطية لا تساوي شيئًا ولا تحمل أي قيمة عندما توضع في كفة الميزان أمام المعادن الأوكرانية والمصالح التوسعية للإمبريالية الروسية والأمريكية والفرنسية والألمانية والبريطانية والإيطالية. إنه درس بليغ لأولئك الحمقى من السياسيين الذين يعلّقون آمالهم وأمانيهم دائمًا على السياسة الأمريكية، وعليهم أن يتعلموا منه، ويكفوا عن الترويج لها، والكفّ عن اغراقنا بدعاياتهم الزائفة.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store