
ما زال زيلنسكي يغرق في اوهامه
كوردستريت|| #آراء وقضايا
بقلم سمير عادل / العراق
قال جوزيف غوبلز، وزير الدعاية في عهد هتلر (1933-1945): 'اكذب، ثم اكذب، ثم اكذب، حتى يصدقك الآخرون.' هذا تمامًا ما فعله التحالف الغربي، بدءًا من جو بايدن، الرئيس الأمريكي السابق، وإيمانويل ماكرون، الرئيس الفرنسي، وأولاف شولتز، المستشار الألماني، وبوريس جونسون، رئيس الوزراء البريطاني السابق، مرورًا بسلفه ريشي سوناك، عندما صوّروا وروّجوا للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي على أنه البطل الذي يدافع عن قلعة الديمقراطية الغربية، متصدّيًا لما سموه 'الإمبريالية الروسية' وأحلام زعيمها فلاديمير بوتين. بل إن زيلينسكي نفسه صدّق هذه الأكذوبة، فبات يرى أنه هو من حمى أوروبا من الغزو الروسي، بل وأكثر من ذلك، قال لترامب ان المحيطات بين أميركا وروسيا لن تحمي الولايات المتحدة من روسيا، مما أثار غضب ترامب.
كثيرون هم الذين نفخ الغرب في صورتهم، محوّلاً إياهم إلى نمور من ورق، لتمرير مشاريعه الجهنمية على حساب أمن ومعيشة وكرامة الطبقة العاملة والجماهير الكادحة في بلدانهم. بدءًا من ليش فاليسا في بولندا، وميخائيل غورباتشوف وبوريس يلتسين في روسيا، واحمد الجلبي وإياد علاوي ونوري المالكي عرابي الغزو واحتلال العراق، وأبو بكر البغدادي، الذي التقى به السيناتور الأمريكي جون مكين، رئيس لجنة القوات المسلحة في الكونغرس الأمريكي والمرشح الرئاسي السابق، في سوريا عام 2013. وكذلك أشرف غني، الرئيس الأفغاني الهارب، ومحمد رضا بهلوي، شاه إيران، وحسني مبارك، والقائمة تطول ولا تنتهي.
الدفاع الأوروبي الذي هو في الأساس ظاهري عن الرئيس الأوكراني زيلينسكي، بعد أن حطّم دونالد ترامب ونائبه جي دي فانس صورته أمام العالم، في اللقاء الأخير الذي جمعهم في البيت الأبيض، لا ينبع من حرصهم على أوكرانيا وسيادتها أو عدالة قضيتها، فهذا آخر ما يشغل بال زعماء الدول الأوروبية. بل يعود ذلك إلى سببين رئيسيين: أولا لم يكن في حسبانهم أن يضعهم ترامب بهذه السرعة أمام أمر واقع، يتمثل في إنهاء الحرب في أوكرانيا وتتويج بوتين بطلاً لها، محققًا بذلك جميع الأهداف الروسية من الغزو. لقد تجاهلت ادارة ترامب تمامًا المصالح الأوروبية، وتركتهم بلا وقت كافٍ لإعادة ترتيب أوراقهم مع الكرملين، أو حتى حفظ ماء وجههم. ثانيامحاولة إظهار الوحدة بين القادة الاوربيين، وإن كانت هشة، وحتى ان كانت شكلية ودعائية، هي في الحقيقة لمواجهة سياسة ترامب الحمائية، وابتزازه السياسي والمالي لإبقاء الولايات المتحدة ضمن حلف الناتو. الضجيج الإعلامي الذي يثيره ماكرون وكير ستارمر الرئيس البريطاني وشولتز وجورجيا ميلوني رئيسة وزراء ايطاليا ليس سوى محاولة يائسة لكسب الوقت والخروج من المأزق الذي وضعتهم فيه الإدارة الأمريكية.
وكما خضع القادة الأوروبيون في الاتحاد الاوروبي تدريجيًا لسياسة الحرب التي فرضتها إدارة بايدن وحكومة جونسون في بداية الغزو الروسي لأوكرانيا – سواء عبر تشديد العقوبات، أو تقليل الاعتماد على الغاز الروسي، أو تقديم الدعم المالي والعسكري لكييف، أو حتى التغاضي عن تفجير خط السيل الشمالي 2 – فإنهم اليوم يبحثون عن إعداد سيناريو مشابه، ولكن في الاتجاه المعاكس، بهدف النزول من الشجرة التي صعدوا عليها عنوة بدفع من إدارة جو بايدن.
ان معضلة الاتحاد الأوروبي وقادته فاقدي البصيرة تكمن في انعدام الأفق السياسي أمامهم، خاصة مع المأزق الذي وجدوا أنفسهم فيه، والمستنقع الذي غرقوا فيه، والذي يُدعى أوكرانيا. ومع هذا فان القصة تتجاوز أوكرانيا بكثير؛ إنها قصة ما بعد اليوم التالي لانتهاء الحرب. فالطرف الذي ينتصر في أوكرانيا هو من سيرسم الملامح السياسية والاقتصادية والأمنية والعسكرية للقارة الأوروبية، تمامًا كما حدث عقب الحرب العالمية الثانية، عندما كان انتصار الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي كفيلًا بإعادة تشكيل أوروبا، حيث تقاسما النفوذ السياسي والاقتصادي والعسكري. إلا أن الفارق الجوهري اليوم هو غياب أي مشروع أمريكي مماثل لخطة مارشال، بينما تتقدم الإمبريالية الروسية وحدها لتكون لاعبا رئيسيا في رسم مستقبل أوروبا السياسي.
وعلى عكس أوروبا، فإن الأفق واضح تمامًا أمام الطبقة الحاكمة في الولايات المتحدة، التي يقودها اليوم دونالد ترامب، حيث تعتبر أوروبا مجرد تابع، ولا ترى مانعًا في تسليم أمنها لروسيا في مقابل تحقيق هدفها الأسمى: فصلها عن الصين، والانفراد بمواجهتها واحتوائها باعتبارها العدو الرئيسي للولايات المتحدة.
أما زيلينسكي، فقد ضحى بأمن وسلامة الشعب الأوكراني، مقدمًا الآلاف من الشباب الأبرياء قرابين لمشروعه القومي الزائف، الذي لم يكن سوى واجهة لمصالح الإمبريالية الأمريكية. السيادة التي تبجح بها، والتي ساق المجتمع الأوكراني وبنيته الاقتصادية نحو محرقة الحرب، ها هو اليوم يقدّمها على طبق من فضة للإمبريالية الأمريكية، عبر السماح لها بالاستحواذ على ثروات أوكرانيا تحت غطاء زائف من 'الضمانات الأمنية' التي لم ولن يحصل عليها، سواء من الولايات المتحدة أو الاتحاد الأوروبي الا بصيغة تعهد من قبل روسيا كما كان في اتفاقات (مينسك ١) (مينسك ٢) الذي ضربا بعرض الحائط من قبل التحالف الغربي وحلف الناتو.
إن كراهية بوتين للينين، قائد ثورة أكتوبر 1917، والتي لا يفوّت أي مناسبة قومية دون التعبير عنها، تعود إلى أن الأخير تنازل عن مليون كيلومتر مربع من الأراضي لصالح ألمانيا وعدد من دول أوروبية اخرى من أجل إنهاء الحرب العالمية الأولى، ووضع حد لنزيف الدم. أما زيلينسكي، فقد قدم حياة شباب أوكرانيا ومستقبلهم قربانًا لمصالح البرجوازية القومية الأوكرانية، وممثليها السياسيين الفاشيين الفاسدين، الذين ربطوا مصيرهم بمصالح الإمبريالية الغربية، متفوقين حتى على فاسدي العملية السياسية في العراق، الذين جعلوا أنفسهم أداة بيد البرجوازية القومية الإيرانية، مسخّرين لخدمة مصالحها وسياستها التوسعية تحت راية 'ولاية الفقيه'.
وتثبت مجريات الأمور في أوروبا وأوكرانيا أن مفاهيم السيادة وحقوق الإنسان والديمقراطية لا تساوي شيئًا ولا تحمل أي قيمة عندما توضع في كفة الميزان أمام المعادن الأوكرانية والمصالح التوسعية للإمبريالية الروسية والأمريكية والفرنسية والألمانية والبريطانية والإيطالية. إنه درس بليغ لأولئك الحمقى من السياسيين الذين يعلّقون آمالهم وأمانيهم دائمًا على السياسة الأمريكية، وعليهم أن يتعلموا منه، ويكفوا عن الترويج لها، والكفّ عن اغراقنا بدعاياتهم الزائفة.
معجب بهذه:
إعجاب
تحميل...

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


شفق نيوز
منذ 32 دقائق
- شفق نيوز
بعد قراره الأخير.. "هارفارد" ترفع دعوى ضد ترامب
شفق نيوز/ اتجهت جامعة "هارفارد"، لرفع دعوى قضائية ضد إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، يوم الجمعة، بعد قرار الأخير منعها من قبول الطلاب الأجانب. ووصفت هارفارد في شكوى قدمتها إلى المحكمة الاتحادية في بوسطن هذا الإجراء بأنه "انتهاك صارخ" للتعديل الأول لدستور الولايات المتحدة والقوانين الاتحادية الأخرى. وأشارت إلى أن قرار ترامب كان له "تأثير فوري ووخيم" على الجامعة وأكثر من 7 آلاف من حاملي التأشيرات. وأعلنت وزارة الأمن الداخلي الأميركية، الخميس، أن إدارة ترامب سدت الطريق أمام قبول جامعة هارفارد للطلاب الأجانب، وأنها تفرض على الطلاب الحاليين الانتقال إلى جامعات أخرى أو فقدان وضعهم القانوني. وجاء في بيان للوزارة أن الوزيرة كريستي نويم أصدرت أمرا بإنهاء اعتماد برنامج جامعة هارفارد للطلاب وتبادل الزوار. واتهمت نويم الجامعة "بتأجيج العنف ومعاداة السامية والتنسيق مع الحزب الشيوعي الصيني". وقالت الوزارة إن هذه الخطوة جاءت بعد أن رفضت هارفارد تقديم معلومات كانت نويم قد طلبتها عن بعض حاملي التأشيرات من الطلاب الأجانب الذين يدرسون فيها. وأضافت نويم في بيان "هذا امتياز، وليس حقا، للجامعات أن تقبل الطلاب الأجانب وأن تستفيد من مدفوعاتهم الدراسية الأعلى للمساعدة في تعزيز تبرعاتها التي تبلغ مليارات الدولارات". وذكرت الجامعة في بيان أن "خطوة الحكومة غير قانونية. هذا الإجراء الانتقامي يُهدد بإلحاق ضرر جسيم بمجتمع هارفارد وببلدنا، ويُقوّض رسالة هارفارد الأكاديمية والبحثية". وسجّلت هارفارد ما يقرب من 6800 من الطلاب الأجانب في العام الدراسي 2024-2025، أي ما يُعادل 27 بالمئة من إجمالي عدد الطلاب المسجلين، وفقا لإحصاءات الجامعة. وبذل ترامب، المنتمي للحزب الجمهوري، جهودا استثنائية لإصلاح الكليات والمدارس الخاصة في جميع أنحاء الولايات المتحدة، والتي يقول إنها "تُعزز الفكر المعادي للولايات المتحدة والمؤيد للماركسية و"اليسار الراديكالي". وانتقد جامعة هارفارد تحديدا لتوظيفها شخصيات ديمقراطية بارزة في مناصب التدريس أو القيادة.


موقع كتابات
منذ 33 دقائق
- موقع كتابات
من 3 مراحل .. ملامح خارطة طريق وشروط متعددة لتخفيف العقوبات الأميركية عن سورية
وكالات- كتابات: تداولت أوساط الإدارة الأميركية وثيقة أوّلية تقترح خارطة طريق من (03) مراحل لتخفيف العقوبات المفروضة على 'سورية'، وتضع شروطًا مشدّدة تشمل تفكيك الفصائل الفلسطينية المسلحة في 'سورية'، ورعاية مراكز احتجاز معتقلي (داعش) وتنفيذ الاتفاق مع (قسد)، والانضمام إلى 'اتفاقيات أبراهام'، وفق وكالة (آسوشيتد برس) الأميركية. بداية النقاش بعد تعهّد ترمب.. وقالت الوكالة إنّه ومنذ أن أعلن الرئيس الأميركي؛ 'دونالد ترمب'، عن رغبته في إنهاء نصف قرن من العقوبات على 'سورية'، انطلقت نقاشات داخل إدارته بشأن وتيرة وشروط تنفيذ ذلك التعهّد. وعلى الرغم من تأكيد 'ترمب' تخفيف العقوبات، إلّا أنّ المسؤولين منقسّمون بين من يفضّل تسريع العملية ومن يطالب بخارطة طريق تدريجية مشروطة. مراحل تخفيف العقوبات: اقتراح من الخارجية الأميركية.. وقال مسؤول أميركي كبير مطّلع لـ (آسوشيتد برس، إنّ 'وزارة الخارجية' تداولت اقتراحًا يحدّد (03) مراحل لتخفيف العقوبات، تبدأ بإعفاءات مؤقتة، وترتبط مراحلها اللاحقة بشروط سياسية وأمنية معقّدة، من أبرزها: منح إعفاءات قصيرة الأجل لبعض العقوبات. ووفق الوكالة فإنّ المرحلة الثانية تشمل تفكيك الفصائل الفلسطينية المسلحة في 'سورية'، ورعاية مراكز احتجاز مقاتلي (داعش) من قبل الحكومة الجديدة، وتنفيذ الاتفاق مع 'قوات سورية الديمقراطية'؛ (قسد)، بما في ذلك دمج هذه القوات في الجيش السوري. أما المرحلة الثالثة فهي الانضمام إلى 'اتفاقيات أبراهام' وتطبيع العلاقات مع 'إسرائيل'، وكذلك، تقديم إثباتات على تدمير كامل الأسلحة الكيميائية التابعة للحكومة السابقة. تحذيرات من تباطؤ العملية.. في المقابل، حذّر منتقدو هذا النهج من أنّ الشروط المعقّدة قد تُعيق قدرة الحكومة المؤقتة على جذب الاستثمارات المطلوبة لإعادة إعمار 'سورية'. وأشار هؤلاء إلى أنّ بعض الشروط، مثل تفكيك الفصائل الفلسطينية المسلحة في 'سورية'، قد تكون شبه مستحيلة التحقيق. وقال المتحدّث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض؛ 'ماكس بلوستاين'، في بيان لـ (آسوشييتد برس)؛ إنّ: 'العقوبات المفروضة على سورية عبارة عن شبكة معقّدة من القوانين والإجراءات التنفيذية وقرارات مجلس الأمن، ويتعيّن التعامل معها بحذرٍ شديد'. وعلى الرغم من إمكانية تخفيف بعض العقوبات عبر أوامر تنفيذية، إلّا أنّ أخرى أكثر تعقيدًا – مثل 'قانون قيصر' الذي أُقرّ عام 2019 – تحتاج إلى تحرّك من 'الكونغرس'. ويُعدّ هذا القانون واحدًا من أكبر العقبات أمام جهود إعادة الإعمار، كونه يمنع الاستثمار في مشاريع إعادة الإعمار، ولا يُسمح بتعليق العقوبات سوى لمدّة (180 يومًا). لقاءات إقليمية ومواقف متباينة.. وخلال اجتماع الأسبوع الماضي في تركيا مع وزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني أيّد وزير الخارجية ماركو روبيو، دعوة ترامب لتخفيف فوري للعقوبات، مع تأكيد ضرورة ربط التخفيف الدائم باستيفاء الحكومة السورية الجديدة للشروط الموضوعة. السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام أيّد أيضاً تخفيف العقوبات وقال: 'لدينا فرصة سانحة لتزويد هذه الحكومة الجديدة ببعض الإمكانيات، وينبغي أن تكون مبنية على الشروط، ولا أريد أن تفوّت هذه الفرصة'.


شفق نيوز
منذ ساعة واحدة
- شفق نيوز
هل يصل برج ترامب حقاً إلى دمشق؟
قبل اللقاء الذي جمع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس المرحلة الانتقالية في سوريا أحمد الشرع في العاصمة السعودية الرياض، في وقت سابق من مايو/أيار الجاري، أفادت مصادر مطلعة لوكالة رويترز بأنّ مشروع بناء "برج ترامب" في دمشق، يندرج ضمن خطة استراتيجية يتبنّاها الشرع لتأمين هذا اللقاء خلال جولة ترامب في الشرق الأوسط. وتتضمن الخطة أيضاً تهدئة التوتر مع إسرائيل، ومنح الولايات المتحدة حق الوصول إلى موارد النفط والغاز السوري. وقد شارك الناشط الأمريكي المؤيّد لترامب، جوناثان باس، في ترتيب اللقاء التاريخي بين الرئيسين، بعد أن التقى الشرع في دمشق بتاريخ 30 أبريل/نيسان الماضي، في اجتماعٍ دام أربع ساعات. وقال باس لرويترز: "الشرع يريد صفقة لمستقبل بلاده"، مشيراً إلى أنّ هذه الصفقة قد تتضمّن استغلال موارد الطاقة، والتعاون في مواجهة إيران، وتحسين العلاقات مع إسرائيل. وأضاف: "أخبرني الشرع بأنّه يريد بناء برج ترامب في دمشق، ويريد السلام مع جيرانه. ما قاله لي جيد للمنطقة ولإسرائيل". وأشار باس إلى أنّ الشرع تحدّث أيضاً عن رابطٍ شخصيٍّ يراه بينه وبين ترامب، إذ سبق لكليهما أن نجا من محاولة اغتيال. كيف ستتغير حياة السوريين برفع العقوبات؟ كلفة تصل إلى 200 مليون دولار بارتفاع يبلغ 45 طابقاً، وتكلفة محتملة تصل إلى 200 مليون دولار، وكلمة "ترامب" محفورةٌ بالذهب على قمّته، تبدو فكرة برج ترامب في العاصمة السورية دمشق كمشروع صُمّم خصيصاً لجذب انتباه رئيس الولايات المتحدة، بحسب ما أفادت صحيفة "الغارديان" البريطانية. وقال وليد محمد الزعبي، رئيس مجموعة "تايغر" الإماراتية التي تُقدَّر قيمتها بنحو 5 مليارات دولار، وتشرف على تطوير المشروع: "هذا المشروع هو رسالتنا. فهذا البلد الذي عانى وأنهك شعبه لسنواتٍ عديدة، وخصوصاً خلال السنوات الخمس عشرة الأخيرة من الحرب، يستحق أن يتّخذ خطوةً نحو السلام". وقدّم اقتراح بناء البرج في سياق مسعى الحكومة السورية الجديدة إلى كسب ودّ الإدارة الأمريكية، من خلال رفع العقوبات وتطبيع العلاقات مع واشنطن، وتزامن ذلك مع عرضٍ يمنح الولايات المتحدة إمكانية الوصول إلى النفط السوري وفرصاً استثمارية، إلى جانب تقديم ضماناتٍ لأمن إسرائيل. وكانت سوريا خاضعة لعقوبات أمريكية منذ عام 1979، والتي تفاقمت بعد حملة القمع الدموية التي شنّها الرئيس السوري السابق بشار الأسد ضد المتظاهرين السلميين عام 2011. ورغم سقوط الأسد في ديسمبر/كانون الأول الماضي، أبقت الولايات المتحدة على العقوبات، خشيةً من الحكومة الجديدة التي يقودها إسلاميون. وفي الأسبوع الماضي، أعلن ترامب رفع جميع العقوبات الأمريكية عن سوريا، بعد لقائه رئيس المرحلة الانتقالية أحمد الشرع، واصفاً إيّاه بـ"الرجل الجذّاب والقوي". والآن، مع رفع العقوبات وتوطيد العلاقات مع واشنطن، قد ينتقل برج ترامب من مجرد تصميمٍ معماريٍّ إلى واقعٍ ملموس. ومن المقرّر أن يتوجّه وليد الزعبي إلى دمشق هذا الأسبوع لتقديم طلبٍ رسميٍّ للحصول على تراخيص بناء البرج الشاهق. وقال الزعبي: "ندرس عدّة مواقع، ونقترح بناء 45 طابقاً، قابلة للزيادة أو النقصان حسب الخطة"، مضيفاً أنّ تكلفة بناء البرج التجاري ستتراوح بين 100 و200 مليون دولار. وبعد حصوله على رخصة البناء، سيحتاج الزعبي إلى التواصل مع علامة ترامب التجارية للحصول على حقوق الامتياز. ولا تتضمّن الصور التي حصلت عليها صحيفة "الغارديان" لنموذج المبنى شعار ترامب، إذ لا يزال الحصول على ترخيص الامتياز جارياً. وقد قُدّر أنّ عملية البناء ستستغرق ثلاث سنوات، تبدأ فور الحصول على الموافقات القانونية من الحكومة السورية، إلى جانب الحصول على الحقوق من منظمة ترامب التجارية. لكنّ العقبات لا تزال قائمة، إذ إنّ عملية رفع العقوبات لم تتّضح بعد، كما أنّ الاقتصاد السوري المنهك والبيئة السياسية الهشّة قد يُعقّدان تنفيذ المشروع. ويوظّف رجل الأعمال السوري-الإماراتي أحد مديري مشاريع برج ترامب في إسطنبول، وقد أنجز الزعبي نحو 270 مشروعاً في أنحاء الشرق الأوسط، ويعمل حالياً على بناء برج "تايغر سكاي" في دبي، وهو مشروعٌ تبلغ قيمته مليار دولار، ويُقال إنّه سيضم "أعلى مسبح في العالم". وكان الزعبي قد التقى أحمد الشرع في يناير/كانون الثاني، قبيل تولّيه رئاسة المرحلة الانتقالية في سوريا. استمالة ترامب ولدت فكرة إنشاء برج ترامب في دمشق في شهر ديسمبر/كانون الأول الماضي، بعد أن طرح عضو الكونغرس الأمريكي الجمهوري جو ويلسون الفكرة في خطاب أمام الكونغرس. وقال رضوان زيادة، الكاتب السوري المقرب من الشرع: "كانت الفكرة الرئيسية هي جذب انتباه الرئيس ترامب"، وطرح على الزعبي فكرة بناء برج ترامب، وبدأ الاثنان العمل على المشروع. وكان هذا النهج جزءاً من حملةٍ ترويجيةٍ متعددة الجوانب تهدف إلى وضع سوريا على أجندة ترامب الذي لم يُدْلِ بتصريحاتٍ تُذكر بشأن سوريا عند توليه منصبه، حيث بدا الطريق إلى رفع العقوبات طويلاً. واستضاف الشرع رجال أعمال أمريكيين وأعضاء بالكونغرس في دمشق، حيث قاموا بجولة في سجون الأسد وقرى مسيحية حول العاصمة السورية. وفي غضون ذلك، التقى وزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، بزعماء روحيين مقرّبين من إدارة ترامب، خلال زيارته إلى الأمم المتحدة في نيويورك. ومع استمرار التحركات الدبلوماسية، بدا "برج ترامب" وسيلةً لاستمالة الرئيس الأمريكي، في ظلّ طريقته غير التقليدية التي تطمس الحدود بين مصالح عائلته التجارية ومنصبه السياسي، لا سيما في الشرق الأوسط، حيث سبق أن منحته قطر طائرةً فاخرةً. وفي مطلع أبريل/نيسان الماضي، قدّم رضوان زيادة نموذجاً أولياً للبرج إلى الشيباني، الذي أبدى "حماساً شديداً"، بحسب وصفه. كما سلّم النموذج إلى السفير السعودي في دمشق، على أمل أن يصل إلى فريق ترامب عبر الرياض. وقال زيادة: "هكذا تكسب عقله وقلبه". وازدادت ثقة زيادة باستراتيجيته بعد أن نشر ترامب مقطع فيديو في فبراير/شباط الماضي يظهر برج ترامب في غزة كجزء من اقتراحه المثير للجدل لتهجير الفلسطينيين من القطاع وبناء ريفييرا فاخرة في الأراضي الفلسطينية. ويأمل السوريون أن يؤدي مشروع عقاري كبير مثل برج ترامب إلى جذب المزيد من الاستثمارات الدولية إلى سوريا. وهناك حاجة إلى استثمارات ضخمة في البنية التحتية والخدمات الأساسية، تتجاوز المشاريع الاستثمارية البراقة. وتُقدّر الأمم المتحدة أن 90 في المئة من الشعب السوري يعيشون في فقر، ويقضون معظم يومهم دون كهرباء أو رعاية طبية مناسبة. وقال الزعبي: "يتعلق المشروع بكيفية انتقال هذا البلد الذي مزقته الحرب إلى مكان مليء بالنور والجمال، إنه مشروع رمزي يساهم في الأمن والسلام". يذكر أن هناك العديد من المباني المعروفة باسم "أبراج ترامب" حول العالم. وبينما يرتبط اسم "برج ترامب" بشكل رئيسي بناطحة السحاب المكونة من 58 طابقاً في مدينة نيويورك، هناك العديد من المباني الأخرى التي تحمل الاسم نفسه في مواقع مختلفة، بما في ذلك في لاس فيغاس وشيكاغو، وحتى في خارج الولايات المتحدة في أماكن مثل إسطنبول في تركيا، ومومباي في الهند. وقد يكون تحديد العدد الدقيق أمراً صعباً بعض الشيء، لأن بعض المباني مرخصة باستخدام الاسم، بينما تمتلك مؤسسة ترامب بعضها الآخر وتديره مباشرةً.