logo
#

أحدث الأخبار مع #المسألة_الكردية

أوجلان... نهاية بطل صنع التاريخ  وهزّ عرش تركيا
أوجلان... نهاية بطل صنع التاريخ  وهزّ عرش تركيا

الميادين

timeمنذ 19 ساعات

  • سياسة
  • الميادين

أوجلان... نهاية بطل صنع التاريخ وهزّ عرش تركيا

تُعدّ المسألة الكردية في تركيا من أهمّ المسائل التي واجهتها الحكومات التركية المتتالية منذ تأسيس الجمهورية عام 1923، إلى درجة أنها باتت مشكلة مزمنة خلال العقود الماضية ولا سيما منذ العشرينيات والثلاثينيات من القرن الماضي، ومن ثمّ فإنّ حلّ المسألة الكردية يتطلّب إحياءً ثقافياً، اقتصادياً واجتماعياً يُعيد لهذه الجماعة مكانتها الطبيعية في الدولة التركية، كما في سوريا والعراق وإيران. إنّ هذه الحلول، وإن كانت معقّدة ومتداخلة، تظلّ مفتوحة لإطفاء نيران الصراع وبناء جسور السلام، وعلى مدار التاريخ الحديث كانت ثمّة محاولات لحلّ المسألة الكردية إلا أنها باءت بالفشل، من قبيل ذلك نجد محاولة الرئيس التركي الراحل توغورت أوزال (1927 – 1993) في بداية التسعينيات الذي أدرك أنّ الحلّ العسكري لن يُقدّم مخرجاً حقيقياً؛ لذا طرح خيارات سلام جذرية تضمّنت إعادة النظر في الوضع الإقليمي للمناطق الكردية بما في ذلك (كردستان العراق) إلّا أنّ الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا وكذلك "إسرائيل" لم ترحّب بهذا الخيار وكان لا بدّ من إزاحة أوزال (ويقال قتله) في تلك الفترة لتستمر معاناة شعوب المنطقة. اليوم، وبعد نصف قرن من المواجهة والصراع، أعلن عبد الله أوجلان، مؤسس حزب العمال الكردستاني (PKK)، حلّ حزبه وإنهاء الكفاح المسلّح في خطوة ستكون لها تداعيات متناقضة بين المؤمنين بخطه وتوجّهاته وأحلامه، ولا سيما أنّ الرغبة في التغيير نحو الأفضل، إن تمّت بحماسة لا تراعي الواقع الموضوعي وتوازنات القوى، محلياً وإقليمياً ودولياً، ستؤدّي إلى رؤية مضادة، ما قد يفضي إلى اصطدام يُطيح بحلم التغيير، رغم أنّ الأفكار السياسية لزعيم الحزب التاريخي شهدت تطوّراً ملحوظاً على مرّ السنين، حيث انتقل من الطرح الانفصالي الصريح إلى تبنّي مفهوم "الكونفدرالية الديمقراطية"، وهو نموذج يركّز على تحقيق حكم ذاتي ديمقراطي ضمن حدود الدول القائمة، بدلاً من السعي للانفصال. لا شكّ أنّ هذا التحوّل الأيديولوجي العميق قد تغلغل في صفوف قيادات من الحزب وأثّر على توجّهاتها الاستراتيجية، وساهم في تراجع منطق الحرب والقتال لديها لصالح رؤى سياسية بديلة، فهل هناك أزمة قيادة داخل حزب العمال؟ وهل أنّ تعدّد أدواره أفرز قيادات ميدانية جديدة، كنتيجة طبيعية لتوسّع دوره في المنطقة؟ وكان الحزب قد بدأ يطرح نفسه كمنظّمة إقليمية وليست تركية في العقد الأخير، ولذلك جاءت دعوة أوجلان كمحاولة لبلورة فكر ونشاط الحزب ضمن السياقات التركية، وإطفاء الأدوار الإقليمية لدول الجوار، التي لم تكن من أهداف الحزب الرئيسية. يثير إعلان أوجلان، الذي أكده مؤتمر حزبه، الثاني عشر، الذي عقد في الفترة ما بين 5 و7 أيار/مايو، تساؤلات حول دلالاته ومدى تأثيره على المشهد السياسي والأمني في تركيا ومحيطها، خصوصاً أنه جاء بعد تحوّلات في المنطقة والعالم، ما أدّى إلى فقدان أوجلان إمكانية استمرار واستثمار نشاط الكفاح المسلّح. بالتوازي، أصبح المناخ الدولي، خصوصاً في حقبة ما بعد "الحرب على الإرهاب"، أقلّ تسامحاً بشكل عامّ مع الحركات المسلحة غير الحكومية، مما سيزيد من عزلة الـ (PKK). لكن، ما الذي يدفع حزباً مسلحاً ضارب الجذور، ومتمرّساً في حرب العصابات لعقود طويلة، إلى اتخاذ قرار جذري كهذا بحلّ نفسه وإلقاء السلاح؟ وماذا كان دور زعيمه التاريخي أوجلان في ذلك؟ وهل يستطيع رجل سجين فعلاً أن يصنع تاريخ المنطقة من جديد؟ لا يُعدّ حلّ حزب العمال الكردستاني مجرّد نهاية لمرحلة الكفاح المسلّح، بل هو شرخ في فكرة "كردستان" السياسية نفسها. فالمركز الرمزي سيتلاشى، وتبقى الفروع تبحث عن معنى جديد لوجودها، في عالم تتغيّر فيه التحالفات السياسية وأحلام البشر. وقد أدرك أوجلان بعينه المراقبة أنّ خريطة القوى على الأرض تغيّرت سياسياً وثقافياً، وهو بهذه الحال يكون حلّ هذا الشكل من التنظيمات والانتقال الى الشكل السياسي والثقافي مخرجاً لمأزق عدم القدرة على "المناورة" وانعدام أفق الأهداف. إنّ قرار حزب العمال الكردستاني بحلّ نفسه وإلقاء السلاح لا يتوقّف عند حدود العلاقة مع الدولة التركية، بل يحمل تداعيات عميقة على خارطة الكيانات الكردية الأخرى، خاصة في سوريا والعراق. فالحزب، رغم كلّ ما مرّ به، ظلّ يمثّل العمود الفقري لفكرة "كردستان الواحدة" العابرة للحدود، وكان مصدر إلهام تنظيمي وعقائدي، وحتى حامياً عسكرياً لبعض الكيانات الموازية. وليس سراً أنّ قرار الحزب بإلقاء السلاح سيحمل تداعيات عميقة على خارطة "الكيانات الكردية" التي تتأثّر بفكر أوجلان، خاصة في سوريا والعراق. 11 نيسان 11:48 31 آذار 12:29 ففي سوريا، قد تجد "الإدارة الذاتية" الكردية في شمال شرق البلاد نفسها أكثر عزلة من أي وقت مضى، وقد تضطر إلى إعادة تعريف نفسها سياسياً، إما بالتقرّب من النظام السوري، أو بمحاولة تقديم نفسها كشريك محلي في معركة بناء الدولة والاستقرار وليس كحركة انفصالية. وفي كلتا الحالتين، ستزداد الضغوط التركية والأميركية عليها لتغيير خطابها وتركيبتها وإعطائها بعض الامتيازات. أما في العراق، فقد رحّب "إقليم كردستان" بقرار حزب العمال، حلّ نفسه وإلقاء السلاح، فيما لا يُعرف كيف ستتصرّف المجموعة التابعة للحزب في الجبال العصية على الجيش التركي الذي أقام 80 قاعدة عسكرية في شمال العراق، ولكنّ انسحاب حزب العمال من المعادلة سيفضي إلى إعادة رسم التوازنات داخل "البيت الكردي" في شمال العراق. فالحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود البرزاني، الذي لطالما كان على خصومة مع " PKK" الذي يسيطر مقاتلوه على جبال قنديل (بالقرب من الحدود الإيرانية العراقية)، وجبال سنجار (بالقرب من الحدود السورية العراقية)، سيجد فرصة لتعزيز هيمنته السياسية والأمنية، خاصة في المناطق الحدودية، التركية، الإيرانية والسورية. لكن هذه الهيمنة قد لا تمرّ من دون مقاومة داخلية، في ظلّ وجود قوى مدنية وقبلية مناوئة للبرزاني وهي تخشى ترك مصير القضية الكردية بيد جهة واحدة مرتبطة بعلاقات وثيقة مع أنقرة. ترى أنقرة في حلّ PKK انتصاراً أمنياً واستراتيجياً، تبقى المسؤولية الأهم في كيفية إدارة المرحلة التالية. وأشارت الوكالة الأميركية إلى أنّ إنهاء الصراع مع PKK يحرّر طاقات وقدرات تركية نحو التوسّع الجيوسياسي. ولكنّ المسألة الجوهرية تكمن في ما إذا كانت الدولة التركية ستتعامل مع هذه اللحظة بمنطق التصعيد وتصفية الحساب، أم أنها ستتبنّى سياسة اندماجية قائمة على الاعتراف بالحقوق الثقافية والسياسية للمواطنين الكرد ضمن إطار الدولة التركية الواحدة. فإذا لم تُترجم هذه الخطوة إلى إصلاحات حقيقية، فإنّ خطر ظهور امتدادات جديدة للتنظيم، ولو بصيغ غير عسكرية، سيظل قائماً. وعلى مرّ التاريخ، شكّلت المسألة الكردية في تركيا صخرة تطلّ على أفق التوترات والصراعات، حيث تتشابك خيوط السياسة والهوية والثقافة في نسيج معقّد. وعلى أنقرة الإيمان بأنّ الآخر (الكرد) عنصر أساسي في فهم وتشكيل الهوية، حيث تقوم الجماعة بتشكيل أدوارها وقيمها ومنهج حياتها قياساً ومقارنة بالشريك الآخر كجزء من منهجية التفاعل البيني التي لا تحمل معاني سلبية. خصوصاً أنّ الحلول المطروحة للمسألة الكردية لم تعد مجرّد مسارات سياسية جافة، بل هي شعلة من الأمل الذي يُضيء طريق "الحلم" للمواطن الكردي. إنها دعوة إلى بناء جسور جديدة للمواطنة. وفي هذا الخصوص يشير زعيم حزب العمال الكردستاني (PKK) إلى أنّ "الثقافة الكردية قد تعرّضت بكلّ مكوّناتها المادية والمعنوية لإنكار تامّ وحظْر مطلق، وبُذلت الجهود لإتمام الإبادة الثقافية بسياسات الصهر اللامحدود، ولم تُتَح الفرصة للكرد، حتى لفتح روضة أطفال واحدة يُحيون فيها وجودهم الثقافي، فالثقافة الكردية بكلّ مقوّماتها اعتُبرت خارج القانون، وهذا لا مثيل له بتاتاً على وجه البسيطة". (راجع عبد الله أوجلان، مانفستو الحضارة الديمقراطية، القضية الكردية، صفحة 190). وقد أكد عضو اللجنة التنفيذية لحزب العمال "دوران كالكان" رؤية زعيمه بالقول: "لولا حزب العمال الكردستاني، لما بقي حتى اسم الكرد"، وعلّق بإيجاز على المرحلة الحالية قائلاً: "لقد تجاوز الحزب كونه حزباً، وبات أكبر من كونه حركة تحرّر وحركة مقاومة، فقد أصبح ثقافة شعب ولغته وتاريخه وأسلوب حياته وهويته، ووصل إلى هيكلية تمثّل ماضيه ومستقبله، وهناك واقع قائم لحزب العمال الكردستاني بحيث أصبح شعبياً ومجتمعياً". (وكالة فرات للأنباء (ANF) 23 نوفمبر 2024). إنّ المسألة الكردية ليست مجرّد صراع على الأرض أو السيادة، بل هي قصة حلم جماعي بالعدالة والمواطنة والاعتراف بوجودهم، وقد تجسّدت معاناة الكرد في مقاومة الاستبداد والقمع في عهدي البعث في بغداد (العراق) ودمشق (سوريا)، وها هي اليوم تفتح آفاقاً جديدة من الأمل لحلول تسعى إلى تحقيق توازن بين الحقوق الوطنية والاستقرار الإقليمي والتعايش السلمي. ولكن قبل الخوض في غمار تلك الحلول لا بدّ أن نعرف كيف نشأت المسألة الكردية في تركيا ومتى؟ وما هي العوامل التي دفعت لتأسيس حزب العمال الكردستاني؟ ثم ما هي عناصر الحلول المطروحة لحلّها والتي طرحها زعيم الحزب أوجلان وصولاً إلى جعل كرد تركيا شركاء في العمارة التركية وليس مجرّد نواطير في البناء. ويأتي كلّ ذلك في ضوء إعادة التشكيل الحالي للجغرافيا السياسية في الشرق الأوسط بعد انتفاضات ما يسمّى بـ "الربيع العربي"، مما يشكّل تحدّياً للدول التي يقطنها الكرد: تركيا، إيران، العراق وسوريا. يُمكن القول إنّ المنطق البراغماتي النفعي كان الموجّه الرئيسي للتغيير الحالي في السياسة التركية تجاه القضية الكردية وليس المنطق الديمقراطي الذي يقوم على استيعاب مكوّنات المجتمع كافة، ومع ذلك، لا يُمكن الحكم مبكراً على مبادرة بالنجاح أو الفشل؛ نظراً إلى أنّ معالجة القضايا المتجذّرة في المجتمع على غرار القضية الكردية بالنسبة لتركيا لا يتخذ طابعاً فورياً وإنما غالباً ما يمرّ بمراحل تفاوضية مطوّلة؛ تبدأ بإقناع الأطراف قبول التفاوض، ويليها طرح كلّ طرف تصوّراته للمعالجة وتوقّعاته ومطالبه، انتهاءً بالتوافق على تفاهمات مقبولة ومرضية لكلّ أطراف العملية التفاوضية التي بالمناسبة يدور جانب كبير منها خلف الأبواب المغلقة، ومع ما يبدو إنّ العملية الحالية يقف وراءها جهاز الدولة كاستجابة لمتغيّرات إقليمية وداخلية ضاغطة فإنه ينبغي ترقّب مخرجاتها. إنّ الواقعية السياسية مبدأ لا يمكن تجاوزه في أيّ حركة ثورية، تريد أن تشارك في بناء مستقبل بلدها، فالعقائد المتعارضة قديمة، لكنّ الحماسة لفرضها ظلت مدخلاً قديماً أيضاً للتصادم والحروب المدمّرة، وإنّ قبول تعدّد الجماعات والأفكار، يعني تحصيناً للمجتمع، وليس تهديداً له كما يتوهّم بعض أنظمة المنطقة.

بارزاني: مستعدون لمساعدة تركيا في ملف العمال الكردستاني
بارزاني: مستعدون لمساعدة تركيا في ملف العمال الكردستاني

العربية

timeمنذ 3 أيام

  • سياسة
  • العربية

بارزاني: مستعدون لمساعدة تركيا في ملف العمال الكردستاني

بعد إعلان حزب العمال الكردستاني في تركيا حل نفسه الشهر الجاري، أكد رئيس إقليم كردستان العراق نيجيرفان بارزاني أن التعاون جار مع أنقرة لمساعدتها في هذا الشأن، مؤكداً أن المسألة الكردية لن تحل بالحروب والدماء. وأضاف بارزاني لدى مشاركته في منتدى "طهران للحوار"، اليوم الأحد: "نحن نتعاون مع العملية التركية، ولا نتدخل. هذه العملية جدية"، في إشارة إلى حل العمال الكردستاني. كذلك قال إن "العراق بلد مهم جداً وبإمكانه مستقبلاً أن يلعب دوراً مهماً للغاية". وأشار إلى أن "العراق دخل مرحلة تمكنه من المساعدة في تحقيق الاستقرار بالمنطقة". محادثات بين أنقرة وأربيل وكان الرئيس التركي رجب طيب إردوغان قال إن تركيا تجري محادثات مع السلطات في بغداد وأربيل بالعراق بشأن تفاصيل كيفية تسليم المسلحين الأكراد أسلحتهم، وذلك عقب قرار حزب العمال الكردستاني حل نفسه الأسبوع الماضي. وأضاف إردوغان، وفقا لنص تصريحاته التي أدلى بها للصحافيين على متن رحلة عودته من ألبانيا "تجري محادثات مع دول الجوار بشأن كيفية تسليم أسلحة الإرهابيين خارج حدودنا. هناك خطط بشأن مشاركة إدارتي بغداد وأربيل في هذه العملية". بدورهم، قال أعضاء في حزب العمال الكردستاني وقادة أتراك، الاثنين الماضي، إن الجماعة قررت حل نفسها وإنهاء الصراع المسلح الذي خاضته ضد تركيا لأكثر من أربعة عقود. وكان الحزب المحظور في تركيا، أعلن الشهر الجاري حل نفسه، والانتقال إلى أساليب النضال السياسي والديمقراطي، داعياً السلطات التركية لتقديم ضمانات قانونية وسياسية لزعيمه المسجون. يذكر أن أوجلان، الذي يقضي حكماً بالسجن مدى الحياة، دعا في 27 فبراير، جميع التشكيلات التابعة للعمال الكردستاني إلى إلقاء أسلحتها وإنهاء المواجهة المسلحة مع الدولة التركية، وإلى حل الحزب، في إعلان وصف حينها بالتاريخي.

ماذا يعني إلقاء حزب العمال الكردستاني سلاحه؟
ماذا يعني إلقاء حزب العمال الكردستاني سلاحه؟

الجزيرة

time١٣-٠٥-٢٠٢٥

  • سياسة
  • الجزيرة

ماذا يعني إلقاء حزب العمال الكردستاني سلاحه؟

أعلن حزب العمال الكردستاني حلّ نفسه وإلقاء السلاح بعد أكثر من أربعة عقود من الحرب الانفصالية التي خاضها ضد تركيا، ما يفتح الباب على مرحلة مختلفة في البلاد باستحقاقات عديدة. تركيا بلا إرهاب بعد عهود من المظلومية الكردية في تركيا، وأفكار لم تتحول لمشاريع حقيقية مع قادة من أمثال الرئيس الراحل تورغوت أوزال ورئيس الوزراء الراحل نجم الدين أربكان، أتت المشاريع العملية لحل المسألة الكردية في تركيا مع العدالة والتنمية بقيادة أردوغان الذي اعترف لأول مرة عام 2005 بوجود ما أسماه "مشكلة كردية" في تركيا. وبعد عدة إصلاحات سياسية وقانونية، بدأت عام 2009 مفاوضات سرية بين جهاز الاستخبارات التركي والحزب الذي تصنفه تركيا كمنظمة إرهابية وانفصالية، نتج عنها نداء الزعيم التاريخي للأخير عبدالله أوجلان عام 2013 والذي دعا فيه لإلقاء السلاح ضمن "عملية التسوية" مع الدولة التركية، وهو النداء الذي كرر مضمونه عام 2015. بيدَ أن العملية وصلت لطريق مسدود مع أحداث الثورة السورية التي نتج عنها إدارات ذاتية في الشمال السوري، ما ساهم في عودة العمال الكردستاني للعمليات، وتركيا للمكافحة داخليًا وفي كل من سوريا والعراق. بعد سنوات، تحديدًا في أكتوبر/ تشرين الأول من العام الفائت، أطلق زعيم حزب الحركة القومية دولت بهتشلي ما أسماه مسار "تركيا بلا إرهاب"، حين دعا حزب العمال الكردستاني لحل نفسه وإلقاء السلاح، وهو ما تفاعل معه أوجلان ثم الحزب إيجابًا في سلسلة من الخطوات والتصريحات توّجت بقرار الحل. ساهمت عوامل عدة في رفع سقف التوقعات من المسار الأخير، في مقدمتها كونُ الاقتراح أتى من بهتشلي بصفاته الثلاث؛ كزعيم قومي، ومعارض تقليدي للحلول السياسية للمسألة الكردية، وحليف وثيق للرئيس أردوغان، ودعمُ الأخير للمبادرة ومنحها الغطاء السياسي، وتجاوبُ أوجلان ثم قيادات كردية محلية وإقليمية مع المقترح. اختلافات أتى المسار السياسي الحالي في سياقات مختلفة تمامًا، بل لعلها معاكسة، لسنوات تأسيس الكردستاني وفشل المسار السابق، بما في ذلك التغيرات الأخيرة في سوريا التي هبت رياحها في صالح أنقرة وعلى عكس ما تشتهي سفن قوات سوريا الديمقراطية "قسَد"، ومراجعات أوجلان الفكرية التي باتت تميل للمشاركة السياسية والديمقراطية وليس العمليات العسكرية، وتراجع قدرات المنظمة بعد عمليات المكافحة داخل تركيا وخارجها في إطار الحرب الاستباقية وتجفيف المنابع. ثمة اختلافات جذرية أربعة للمسار الحالي عن سابقه، الذي بدأ عام 2009، وفشل عام 2015. أولها في المنطلق، حيث إن المبادرة أتت من بهتشلي وليس من الرئيس أو الحكومة، كجزء من دروس التجارب السابقة التي تدفع للحذر أكثر من المسارعة، بحيث لا تتحمل الحكومة مسؤولية مباشرة عن خطوات محددة من جهة ولحشد التأييد للمسار من جهة ثانية. أما الاختلاف الثاني فيرتبط بالشكل، حيث لم تكن هناك شروط مسبقة أو مبادئ معلنة أو اتفاق رسمي للمسار، كما حصل سابقًا في اللقاءات المتكررة بين الحكومة وحزب الشعوب الديمقراطي "الكردي"، وورقة "النقاط العشر" التي وقعت، وإن كانت التصريحات والخطوات المتلاحقة تباعًا توحي بوجود تفاهمات غير معلنة. بينما يرتبط الاختلاف الثالث بتنفيذ المسار، حيث إن الخطوات العملية أتت من طرف واحد، هو العمال الكردستاني، بدون أي خطوات رسمية أو معلنة حتى اللحظة من طرف الحكومة/ الدولة التركية. وأخيرًا، يتعلّق الاختلاف الرئيس الرابع بالمضمون، حيث لم يكتفِ حزب العمال بفكرة إلقاء السلاح، وإنما أعلن عن حل نفسه بشكل نهائي، ووقف أنشطته وانتهاج العمل السياسي. ضمن مخرجات مؤتمره الثاني عشر الذي عقده (في أكثر من مكان بشكل متزامن) في الفترة 5 – 7 مايو/ أيار الحالي، أعلن الحزب عن "حل بنيته التنظيمية ووقف العمل المسلح وكل الأنشطة المنفذة باسم حزب العمال الكردستاني" استجابة لنداء أوجلان، مؤكدًا أنه "أتم بذلك مهمته التاريخية". ودعا البيان الحكومة والبرلمان والأحزاب السياسية ووسائل الإعلام والأكاديميين ومؤسسات المجتمع المدني للعب دور فاعل في تأسيس ما أسماه "السلام والمجتمع الديمقراطي"، وهي التسمية الموازية لتسمية "تركيا بلا إرهاب" المعتمدة من قبل الحكومة، كما حثَّ "القوى الدولية" على "عدم إعاقة الحل الديمقراطي وتقديم مساهمات بنّاءة". من جهته، أثنى أردوغان على القرار، مؤكدًا على أنه "خطوة مهمة على طريق تحقيق رؤية تركيا بلا إرهاب" وعلى أنها "ستفتح أبواب عهد جديد". ومن اللافت أن الرئيس التركي لم يبالغ كثيرًا في التفاؤل، حيث أكد على أن جهاز الاستخبارات وباقي المؤسسات "سيتابعون العملية من كثب لتجنب حدوث أي مشاكل"، مؤكدًا على أن الخطوة ينبغي أن تشمل العراق، وسوريا، وأوروبا، في إشارة لامتدادات حزب العمال فيها. يغلب على أنقرة هذا التفاؤل الحذر، لأنها تنظر للخطوة – على أهميتها – على أنها بداية لا نهاية، تحسبًا لأي عقبات أو مفاجآت كما حصل في التجارب السابقة، فضلًا عن التّحديات القائمة والمرتبطة باستحقاقات المرحلة الجديدة. وهو ما يفسر غياب أي أجندة رسمية معلنة بخطوات محددة حتى اللحظة، رغم أن وجود تفاهمات ضمنية ولو بالخطوط العريضة أمر متوقع، إذ لا يُنتظر من حزب العمال الإقدام على خطوة جذرية وتاريخية بهذا الحجم دون ضمانات أو تفاهمات أو تعهدات بالحد الأدنى من قبل الحكومة. يمكن تصنيف استحقاقات ما بعد قرار الحل ضمن ثلاثة مسارات رئيسة: الأول إجرائي، ويتعلّق بشكل مباشر بمتابعة التنفيذ العملي للقرارات المتخذة، وانعكاساتها على الهيئات التابعة للحزب خارج تركيا، وخصوصًا في سوريا، وهو ما ستتولاه بشكل أساسي الاستخبارات والمؤسسة العسكرية. والثاني دستوري – سياسي، ويشمل تعديلات دستورية أو صياغة دستور جديد يتناغم مع ملامح المرحلة المقبلة، ويشمل ما يمكن تصنيفه ضمن الحقوق الثقافية للأكراد، وهو دور البرلمان. والثالث قانوني مباشر، ويتعلق بكيفية التعامل مع الملفات المرتبطة بالكردستاني، وخصوصًا مقاتليه وقياداته حاملي الجنسية التركية، فضلًا عن احتمال تعديل بعض القوانين مثل قانون الإرهاب، وهو مسار مركّب ومعقد وفيه الكثير من التحديات، ويقع على كاهل البرلمان والأحزاب الممثلة فيه كذلك. إلى جانب ما سبق، ثمة تحديات إضافية أمام المسار الحالي أهمها ثلاثة: الأول يتعلق ببعض مطالب حزب العمال، والتي وردت ضمنًا في البيان الأخير وسبق الإشارة لها في تصريحات سابقة من قبيل "قيادة أوجلان وتوجيهه لتنفيذ القرارات المتخذة والاعتراف بحقوقه السياسية". وهو ما يعني المطالبة الضمنية بإطلاق سراحه. وهو أمر ليس سهلًا، رغم إشارة بهتشلي في تصريحه لإمكانية إتاحة الفرصة له لإلقاء خطاب تحت قبة البرلمان أمام الكتلة البرلمانية لحزب ديمقراطية ومساواة الشعوب. والتحدي الآخر هو احتمال الفشل أو النكوص أو التنفيذ غير الكامل وفق رؤية أنقرة، وتحديدًا ما يتعلق بقوات سوريا الديمقراطية، حيث تطالب أنقرة بحلها ودمجها في الجيش السوري، بينما تسعى هي للحفاظ على كيانها وإن انضمت للمؤسسة العسكرية. وهنا، يساور أنقرة شكوك باحتمال أن يكون قرار حل الكردستاني يهدف ضمن ما يهدف لحماية "قسَد" وليس حلها، من زاوية أن ما تأخذه عليها أنقرة هو علاقتها بالكردستاني "الذي لم يعد موجودًا". وأما الثالث فيرتبط بردة الفعل الشعبية ورأي الشارع. فالأغلبية البرلمانية المطلوبة للاستحقاقات الدستورية والقانونية المشار لها تبدو متحققة بنواب العدالة والتنمية وحليفه الحركة القومية وحزب ديمقراطية ومساواة الشعوب "الكردي" وعدم ممانعة الأحزاب الأخرى وفي مقدمتها الشعب الجمهوري أكبر أحزاب المعارضة، بينما سيحتاج إقناع الشارع بالخطوات الجذرية المتوقعة لجهد كبير، لا سيما في ظل الخطاب القومي عالي السقف الذي ساد في البلاد في السنوات الأخيرة. وهنا، يتوقع من الرئاسة والحكومة اعتماد خطاب يركز من جهة على المكاسب الكبيرة للمسار الحالي، والمتمثلة بالتخلص من كلفة مكافحة الإرهاب البشرية والأمنية والعسكرية والاقتصادية والاجتماعية، وسد الباب على التدخلات الخارجية والضغط على تركيا، فضلًا عن المكاسب الاقتصادية المنتظرة، ومن جهة أخرى على أن الأمر لم يشمل "تنازلات أمام الإرهاب" وإنما هو تجاوب مرن مع "حل المنظمة الإرهابية نفسها بلا قيد أو شرط" على طريق الوصول لـ "تركيا بلا إرهاب". وبالتأكيد أن الحكومة ستستثمر في هذا السبيل الخطاب السياسي الرسمي ووسائل الإعلام، فضلًا عن أصحاب الرأي والفكر في البلاد، كما حصل سابقًا وإن بشكل معدّل.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store