logo
#

أحدث الأخبار مع #المواطنة

الشباب ورهانات العمل التطوعي
الشباب ورهانات العمل التطوعي

صحيفة الخليج

timeمنذ 19 ساعات

  • منوعات
  • صحيفة الخليج

الشباب ورهانات العمل التطوعي

يعد التطوع من السلوكات الإنسانية التي تعبر عن رقيّ المجتمعات وتمسك الفرد بقيم المواطنة والانتماء إلى المجتمع، سواء تم هذا الفعل خلال الفترات العادية أو في أوقات الأزمات والطوارئ. كما يعد التطوع تجسيداً للتلاحم والترابط داخل المجتمعات عبر تعبئة الجهود والطاقات لمواجهة مختلف التحديات، بما ينطوي عليه الأمر من تعاون وتلاحم وعمل ينحو إلى خدمة المجتمع والصالح العام. وتزداد أهمية التطوع داخل الدول التي تعرف أزمات اجتماعية واقتصادية، ومن جانب آخر تتضاعف أهمية هذا السلوك المدني داخل الفضاءات الريفية حيث الحاجات الاجتماعية تكون أكثر بالنظر إلى غياب أو هشاشة البنى التحتية والخدمات الطبية والاجتماعية والثقافية. ورغم أهميته خلال الأوقات العادية لارتباطه بعدد من المجالات الإنسانية، إلا أن التطوع يستأثر بأولوية خاصة خلال فترات الأزمات والكوارث، بالنظر إلى الضغط الذي تفرضه هذه اللحظات العصيبة التي تتسبب فيها هذه الأحداث الطارئة، خصوصاً أن الدولة بإمكانياتها المختلفة تظل في كثير من الأحيان عاجزة عن مواجهة التبعات والانعكاسات التي تطرحها هذه المحطات القاسية. وعياً بأهمية التطوع في تحقيق التنمية وترسيخ الممارسات الديمقراطية وتعزيز التضامن والتكافل بين أفراد المجتمع، أولته الكثير من الدول عناية كبيرة، من خلال التوعية بأهميته، وترسيخ ممارساته داخل عدد من المؤسسات المدنية والإدارية والتعليمية والثقافية، بل وخصّته بتشريعات تدعم حضوره داخل المجتمعات، كما شجعت على إحداث شراكات بين القطاعين العام والخاص في هذا الشأن. وأضحى العمل التطوعي سمة بارزة في عمل المنظمات غير الحكومية الدولية التي تشتغل في المجالات الاجتماعية والبيئية وحقوق الإنسان، كما أصبح جزءاً من العمل اليومي لجمعيات المجتمع المدني بكل أصنافها البيئية والخيرية والثقافية والتربوية. وفي نفس السياق، تلجأ الكثير من الهيئات الرياضية الوطنية والدولية إلى خدمات المتطوعين من الشباب للمساهمة في تنظيم عدد من الفعاليات الرياضية التي عادة ما تحظى بإقبال جماهيري واسع، ونفس الأمر ينطبق أيضاً على كثير من أنشطة وتحركات الهيئات الدولية الناشطة في مجالات حقوق الإنسان والخدمات الإنسانية، سواء في الفترات العادية أو الطارئة التي تنبني في جزء كبير منها على التطوع. كما أن الكثير من الجامعات الرائدة على المستوى الدولي تعمل من جانبها على توفير فرص تتيح للطلاب الانخراط في أعمال تطوعية، كسبيل لبناء شخصيتهم وتطوير مهاراتهم وقدراتهم من جهة، وخدمة مصالح المؤسسات الجامعية، وترسيخ انفتاحها على محيطها الخارجي من جهة أخرى. واستحضاراً لمساهمات التطوع في تحقيق التنمية الإنسانية مظاهرها المختلفة، وترسيخ السلام في بعده الإنساني والشامل، أولته الأمم المتحدة من خلال مختلف أجهزتها ووكالاتها المتخصصة اهتماماً بالغاً، حيث خصّصت الجمعية العامة التابعة لهذه الهيئة في عام 1985 تاريخ الخامس من ديسمبر/ كانون الأول من كل عام مناسبة للاحتفاء باليوم العالمي للتطوع، الذي يمثل لحظة للاعتراف بأهمية المبادرات والجهود التي يبذلها المتطوعون على المستويات المحلية والوطنية والدولية، والوقوف عند الصعوبات والتحديات التي تواجههم في مهامهم ومبادراتهم، مع طرح الحلول الكفيلة بتوفير المناخ السليم والملائم لنشاطاتهم في هذا الشأن. وفي هذا السياق، ورغبة في فتح نقاش علمي هادئ، يسلط الضوء على مختلف الجوانب المتصلة بهذا الموضوع في ارتباطه بفئة الشباب الذي يعد ركيزة أساسية لبناء المستقبل وتحقيق التنمية، أقامت منظمة العمل المغاربي جامعتها الصيفية لهذا العام (2025) حول «الشباب والتطوع»، بمشاركة عدد من الباحثين من مختلف الحقول العلمية، وبحضور عدد من الشباب المغاربي والفاعلين المدنيين. وقد شكل هذا اللقاء العلمي فرصة لتناول الموضوع من جوانب مختلفة، حيث تم التطرق إلى الأساس القانوني والاجتماعي للتطوع، وإلى علاقة هذا الأخير بالتنشئة الاجتماعية والمواطنة والممارسة الديمقراطية وحقوق الإنسان والتطور الرقمي، كما تم التوقف عند أهمية التطوع في فترات الكوارث والأزمات، ودوره أيضاً في تعزيز جهود التنمية الإنسانية، وترسيخ الممارسات التشاركية في هذا الخصوص. وعلى امتداد يومين من المداخلات والنقاش المستفيض الذي أعقبها، يمكن تلخيص أهم التوصيات والخلاصات التي توصل إليها المشاركون، حيث تم التأكيد على أهمية ترسيخ ثقافة التطوع في أوساط الشباب كسبيل لتمكينه من تفجير طاقاته فيما يفيده ويفيد محيطه المجتمعي، وهو الأمر الذي اعتبر بكونه يسائل قنوات التنشئة الاجتماعية من مؤسسات تعليمية ومنابر إعلامية وأحزاب سياسية ومجتمع مدني. كما تمت الدعوة إلى إرساء عمل تطوعي متطور وناجع ومنفتح على قضايا المجتمع وأولوياته، مع التأكيد أيضاً على أن تحقيق هذا الرهان يظل رهناً بتوافر مجموعة من الشروط المرتبطة بالحرية والديمقراطية، وبالشعور بالمواطنة، مع توافر إطار قانوني يدعم هذه الممارسات، علاوة على وجود قدر من الثقة بين أفرد المجتمع وبينهم وبين مؤسسات الدولة. ومن جانب آخر، تمت الدعوة إلى إدراج ثقافة التطوع ضمن البرامج التعليمية، وإلى توفير الشروط المالية والقانونية والتقنية للتطوع، بالإضافة إلى تيسير المساطر الخاصة بإحداث الجمعيات المدنية التي تقوم في نشاطاتها على السلوك، ثم خلق مؤسسات وإرساء مبادرات تعطي للعمل التطوعي بُعداً من الاستدامة، وكذا إحداث شبكات مدنية تحفّز على العمل التطوعي وتدعم توظيفه لخدمة المجتمع.

عبدالله بن دلموك: القيم ركيزة أساسية في ازدهار المجتمع
عبدالله بن دلموك: القيم ركيزة أساسية في ازدهار المجتمع

البيان

timeمنذ 5 أيام

  • سياسة
  • البيان

عبدالله بن دلموك: القيم ركيزة أساسية في ازدهار المجتمع

وأشار إلى أن بناء الإنسان يبدأ من الأسرة، ويمتد من خلال المدرسة، ويترسخ بتفاعل الفرد مع مجتمعه، وكلما تكاملت هذه الأطراف في أداء أدوارها، نجحنا في غرس المبادئ الصحيحة، وتعزيز مفاهيم المواطنة والهوية والانتماء. واختتم حديثه: إن فهم قيمنا التربوية وتقاليدنا الأصيلة وتطبيقها في مختلف جوانب الحياة، هو من أهم ركائز تقدمنا وتطورنا، ووسيلة فعالة لتحقيق أهدافنا ببناء مستقبل مزدهر ومستدام.

عبدالله بن دلموك: الأسرة نسيج الثقافة الحيّة وحافظة القيم الأصيلة
عبدالله بن دلموك: الأسرة نسيج الثقافة الحيّة وحافظة القيم الأصيلة

الإمارات اليوم

timeمنذ 6 أيام

  • منوعات
  • الإمارات اليوم

عبدالله بن دلموك: الأسرة نسيج الثقافة الحيّة وحافظة القيم الأصيلة

أكد الرئيس التنفيذي لمركز حمدان بن محمد لإحياء التراث، عبدالله حمدان بن دلموك، أن «الأسرة هي نسيج الثقافة الحيّة، وحافظة القيم الأصيلة، ويتكامل دورها مع المدرسة التي تباشر في إعداد أبنائنا لأخذ دورهم في مجتمعهم، ويحقّقون طموحاتهم كاملة، ليصبحوا مواطنين صالحين، أصحاب شخصيات فاعلة في المجتمع، نافعين لأنفسهم وأسرهم ومجتمعهم ووطنهم، متميزين بعطائهم المتجدد، الأمر الذي يؤكد أهمية القيم والمبادئ في تحصين المجتمعات، ودوام استقرارها وازدهارها، وتعزيز قيم المواطنة الصالحة التي ترتقي بأفرادها». وتناول بن دلموك - خلال محاضرة بعنوان «القيم التربوية في الموروث الإماراتي»، أقيمت في مدارس دبي فرع الخوانيج، ضمن الموسم الثالث من «المخيم الصيفي لفرجان دبي» و«خدمة الأمين» - أخلاقيات المجتمع الإماراتي والروابط الأسرية، وغيرها من المبادئ التربوية العامة في سبيل الإسهام في تنشئة جيل مفعم بالمعرفة والوعي، محب لمحيطه ووطنه. وشدّد الرئيس التنفيذي لمركز حمدان على محورين رئيسين هما الأهل والمدرسة، وأهمية الدور التكاملي فيما بينهما، مشيراً إلى أن بناء الإنسان يبدأ من الأسرة، ويمتد من خلال المدرسة، ويترسخ بتفاعل الفرد مع مجتمعه، وكلما تكاملت هذه الأطراف نجحنا في غرس المبادئ الصحيحة، وتعزيز مفاهيم المواطنة. وتطرق بن دلموك في حديثه إلى ضرورة التمسك بالمبادئ والسلوكيات الأساسية التي تم توارثها قائلاً: «فهم قيمنا التربوية وتقاليدنا الأصيلة، وتطبيقها في مختلف جوانب الحياة، من أهم ركائز تقدمنا وتطورنا، ووسيلة فعالة لتحقيق أهدافنا ببناء مستقبل مزدهر ومستدام».

رئيس الجمهورية: الإنماء يجب ان يكون شاملا لكي تستفيد منه كل المناطق
رئيس الجمهورية: الإنماء يجب ان يكون شاملا لكي تستفيد منه كل المناطق

LBCI

time٠٨-٠٧-٢٠٢٥

  • سياسة
  • LBCI

رئيس الجمهورية: الإنماء يجب ان يكون شاملا لكي تستفيد منه كل المناطق

أكد رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون، أن "تمسك الإنسان بأرضه يجذره فيها، فلا يتركها بل يتعلق بها ويدافع عنها، الأمر الذي تصبح معه الأرض العامل الأساسي في الحفاظ على هويته"، مشيرا الى ان "الإنماء يجب ان يكون شاملا لكي تستفيد منه كل المناطق". واعتبر الرئيس عون أن اللبناني المقيم في الأطراف يطلب العلم وهذا حقه، ومن الواجب تأمينه له لكي يبقى في ارضه فلا يتركها، مؤكدا أن "العلم والصحة هما الجزء الأساسي من الإنماء الشامل الذي نسعى إلى تحقيقه". وشدد على "أهمية المواطنة التي تجمع حولها اللبنانيون". كلام الرئيس عون جاء في خلال إستقباله قبل ظهر اليوم في قصر بعبدا، وفدا من مجلس أمناء المؤسسة البطريركية المارونية العالمية للإنماء الشامل، تحدث باسمهم نائب رئيس المؤسسة الدكتور سليم صفير، فقال: "منذ إنطلاقتنا حملنا رسالة واضحة وهي تثبيت الانسان في أرضه وتعزيز صموده عبر مقاربة تضع الكرامة الإنسانية في جوهرها". وأضاف: "اننا نؤمن ان الإنماء مرتكز على التعليم والصحة والتمكين الاقتصادي والاجتماعي. وتحركنا لم يكن يوما رد فعل بل خيارا مدروسا نابعا من قناعة بأن الشراكة بين القطاع الخاص والكنيسة قادرة على إحداث فرق في حياة الإنسان". وأضاف: "نؤكد لكم ان المجتمع المسيحي لا يطلب إمتيازا بل شراكة فعلية في إعادة بناء الدولة. ونرى فيكم مرجعية وطنية قادرة على الدفاع عن حضور هذا المجتمع وعن حقه في البقاء والمشاركة والمساهمة. ونأمل في رعايتكم لمسيرتنا، خصوصا في ملف التعليم حيث تكمن ركيزة النهوض بالمجتمع والوطن". سياسيا، استقبل الرئيس عون النائب فراس حمدان الذي أوضح ان اللقاء "شكل مناسبة رسمية وودية للتداول في أبرز المستجدات على الساحة الوطنية". وقال: "نقلت للرئيس عون الأصداء التي تردنا من الرأي العام، ولا سيما من أوساط الاغتراب اللبناني، حول القلق المتزايد من إمكان تعثر مسيرة ‫النهوض والإصلاح التي أطلقها العهد وحكومة الرئيس نواف سلام. وقد عبرت عن المخاوف من أن ينعكس هذا القلق على ثقة اللبنانيين، في الداخل والخارج، بإمكانية استعادة الدولة لدورها وموقعها، خصوصا في ظل ما يحكى عن احتمال تصعيد عسكري قد يطال كل البلاد، في ظل عدم السير قدما بالترتيبات المتعلقة بإتفاق وقف إطلاق النار. وشددت على ضرورة بسط سلطة ‫الدولة على كامل الأراضي اللبنانية، وسحب كل الذرائع التي يتلطى خلفها العدو الإسرائيلي لتبرير اعتداءاته المتكررة ومواصلة احتلاله للنقاط الخمس، وصولا إلى التنفيذ الكامل للقرار 1701". وأضاف: "كما طرحت الهواجس المرتبطة بالمخاطر التي تتهدد نظامنا الديمقراطي نتيجة استمرار العمل بقانون الانتخاب بصيغته الراهنة، التي تخل بمبدأ المساواة أمام القانون، وتنتقص من حق ‫المغتربين اللبنانيين في المشاركة السياسية الكاملة، وفي المساهمة ببناء مستقبل وطنهم". صحيا، استقبل الرئيس عون، في حضور وزير الصحة العامة الدكتور ركان ناصر الدين، رئيسة التحالف العالمي للقاحات والتمنيع GAVI سانيا نيشتار على رأس وفد من التحالف، والمدير العام لوزارة الصحة فادي سنان ومديرة برامج التلقيح في الوزارة الدكتورة رنده حمادة. وأشار الوزير ناصر الدين الى ان نيشتار وأعضاء الوفد المرافق، "حضروا الى بيروت للاطلاع على عمل الوزارة في مجال اللقاحات، ولا سيما ان التعاون بين الوزارة والتحالف قائم في اطار دعم برنامج اللقاح الأساسي الذي تطلبه منظمة الصحة العالمية (WHO)"، مشيرا الى انه اكد في كلمة لبنان خلال المؤتمر الذي عقد في بروكسيل، "حرص وزارة الصحة اللبنانية على متابعة هذا البرنامج وفق المعايير الموضوع له". من جهتها، عرضت نيشتار ما يقوم به التحالف العالمي للقاحات من دور مهم على صعيد "تأمين اللقاحات التقليدية خصوصا للأطفال، وتلك التي يجب توفيرها في حالات الطوارىء مثل حالة كوفيد 19 وغيرها". وأشارت الى اهتمامها بالعمل مع وزارة الصحة اللبنانية، "ولاسيما أن لبنان مر بظروف صعبة امنية واقتصادية واجتماعية، زادتها صعوبة الاعداد الكبيرة من النازحين السوريين على أراضيه". ورد الرئيس عون مرحبا بالوزير ناصر الدين والسيدة نيشتار، مشددا على الاهتمام الذي يوليه "للقطاع الصحي في لبنان لتأمين الطبابة والعلاج والدواء للمواطنين". وأكد أنه يعمل مع الحكومة على "إعادة لبنان مركزا طبيا مهما في المنطقة كلها، لأن هذا الدور تأثر سلبا بفعل الاحداث التي مرت على لبنان". على صعيد آخر، استقبل الرئيس عون وفد شركة resources investment الإماراتية التي تعنى بالاستثمار والتطوير برئاسة محمد الضاهري الذي عرض لرئيس الجمهورية ما تقوم به الشركة المتخصصة في اقتصاديات الشركات النامية، والتي تتولى تنفيذ عدد من المشاريع بتوجيه من القيادة الاماراتية، لا سيما لجهة تفعيل الاستثمارات. وأشار الى ان الشركة "تتولى تهيئة البنى الأساسية للاستثمار في مسائل حيوية مثل الطاقة والقطاع المصرفي، لافتا الى قدرة الشركة على التنفيذ السريع وإيجاد حلول موقتة ودائمة للتحديات التي تواجه قطاع الكهرباء في لبنان". وشكر الرئيس عون الضاهري على الاهتمام الذي ابداه مع الوفد المرافق للاستثمار في لبنان، منوها بمواقف رئيس دولة الامارات العربية المتحدة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان الذي أعرب عن "دعمه للبنان وارسل بعثة خاصة للاطلاع على حاجاته". ولفت الى ان مسألة الطاقة الكهربائية "أساسية بالنسبة للبنان، إضافة الى القطاع الصحي، خصوصا في الجنوب الذي أصيبت فيه المراكز الصحية والاستشفائية باضرار جسيمة نتيجة الاعتداءات الإسرائيلية". ودعا الرئيس عون الضاهري "للبحث مع الوزارات المعنية في المجالات التي يمكن التعاون فيها وفق الأولويات التي حددتها الحكومة".

فكّر كمواطن وخطط كاستراتيجي
فكّر كمواطن وخطط كاستراتيجي

صحيفة الخليج

time٠٣-٠٧-٢٠٢٥

  • سياسة
  • صحيفة الخليج

فكّر كمواطن وخطط كاستراتيجي

في زمنٍ تتزايد فيه التحديات، لم يعد كافياً أن نعيش الواقع بردود أفعال آنيّة، فالأوطان تزدهر بقوة وعي شعوبها، وبمدى انخراطهم المسؤول في حماية المكتسبات وصناعة الغد. ومن هنا، ندرك الحاجة إلى معادلة ذهبية: أن نفكر كمواطنين نملك إحساساً عميقاً بالوطن، وأن نخطط كاستراتيجيين نقرأ المشهد بعيون بعيدة المدى، ونستشرف القادم بعقل يقظ وقلب مخلص. أن تفكر كمواطن، يعني أن تنتمي. أن تعي أن كل قرار تتخذه في حياتك اليومية، من احترام القانون إلى اختيار التخصص الجامعي، من الالتزام المهني إلى المشاركة المجتمعية، كلها أفعال تُسهم في تشكيل صورة الوطن وتدعيم استقراره. فالمواطنة ليست حالة قانونية فحسب، بل شعور دائم بالمسؤولية، واستعداد للتضحية في أوقات الشدة كما في أوقات الرخاء. إنها منظومة قيم تُترجم إلى سلوك يومي. وفي هذا الإطار، أثبت شعب الإمارات، مراراً، أنه ليس مجرد متلقٍّ لقرارات الدولة، بل هو شريك حقيقي في بنائها، وسند موثوق لقيادتها، وحامٍ لرؤيتها المستقبلية. وأهم ما يميز المواطن الواعي هو قدرته على الربط بين مصلحته الفردية والمصلحة العامة، بين تطلعاته الشخصية وأهداف وطنه الكبرى. فكل إنجاز يتحقق على المستوى الوطني، ينعكس في النهاية على رفاه المواطن وجودة حياته. من هنا، فإن الإسهام في المبادرات المجتمعية، ليست امتيازات، بل هي مسؤوليات وطنية، بل من علامات النضج الحضاري لأي مجتمع. أما أن تخطط كاستراتيجي، فذلك يستلزم تجاوز العاطفة إلى الفهم العميق للسياق، والاعتراف بترابط التحديات وتشابكها. نحن نعيش في عالم يزداد اضطراباً تصاعد في التوترات الجيوسياسية، تحولات اقتصادية غير مسبوقة، سباق عالمي نحو تقنيات الذكاء الاصطناعي، قضايا مناخية مقلقة، وتحديات في أمن الطاقة والغذاء والمياه. في هذا العالم، لا مكان للارتجال، ولا رفاهية في الانتظار. يجب أن نفكر بلغة التحليل، ونقرر بلغة المستقبل، لا بلغة اللحظة العابرة أو التفاعل العاطفي. لقد قدمت القيادة الرشيدة في دولة الإمارات نموذجاً متقدماً في التخطيط بعيد المدى، منذ زمن والدنا المؤسس الشيخ زايد، طيب الله ثراه، وحتى اليوم. لم تكن النظرة مقتصرة على الحاضر، بل على المئوية وما بعدها. دولة تفكر في الأجيال المقبلة، وتبني قطاعات لم تكن موجودة من قبل، مثل الفضاء، والتكنولوجيا الحيوية، وتكنولوجيا الطاقة النووية السلمية، والاقتصاد الرقمي، وتستثمر في العقول والمنظومات المؤسسية، لا في البنية التحتية فقط. وما كان لهذا النموذج أن ينجح من دون تلاحم شعبي قلّ نظيره، قوامه الثقة، والشفافية، والتفاعل الإيجابي بين القيادة والشعب. وفي زمن التحديات، تزداد قيمة هذا التلاحم الوطني. فعندما تصاعدت الأزمات والحروب الإقليمية، لم تنكفئ الدولة على نفسها، بل شاركت في صنع السلام، وتهدئة النزاعات ودعم الاستقرار الإقليمي والعالمي بما ينعكس على أمن الشعوب ورفاهيتها. وحين اجتاحت جائحة كورونا العالم، أثبتت الإمارات أن الاستثمار طويل الأمد في الصحة والتعليم والبنية التحتية الرقمية لم يكن ترفاً، بل هو خيار استراتيجي. فقد تعاملت الدولة بكفاءة مع الأزمة، وواصلت تقديم خدماتها، ووفّرت اللقاح مجاناً للجميع، وعززت قدراتها اللوجستية والصحية. كما قادت الإمارات الجهود الدولية لمواجهة التغير المناخي من خلال استضافة مؤتمر «كوب 28»، وتبنّي أهداف طموحة للحياد الكربوني، واستثمارها الواسع في الطاقة المتجددة. كما أن رؤية الإمارات في جذب المواهب العالمية، وتحديث التشريعات الاقتصادية، وتعزيز بيئة الأعمال، تمثل تفكيراً استراتيجياً متقدماً يجعل من الدولة مركزاً عالمياً للتنافسية والابتكار والتسامح. وهو توجّه لا يمكن أن ينجح من دون مواطن واعٍ، يتفهم أبعاد هذه التحولات، ويُسهم فيها، ويستفيد منها، من دون أن يفقد هويته أو ثوابته. ولعل من أهم دعائم بناء الوعي الوطني وتعزيزه، هو التعليم القائم على ترسيخ القيم في المنزل، وتعزيز التفكير النقدي، وربط المعرفة بالسلوك المجتمعي المسؤول. فالتعليم لا يُقاس بعدد الشهادات، بل بقدرته على إعداد مواطن متوازن، يمتلك المهارة، ويحترم التنوع، ويعي دوره في استقرار وطنه وتقدمه. وعندما يصبح التعليم أداة للتمكين، ويشعر كل فرد أنه جزء من النسيج الوطني، تتعزز المناعة الداخلية للوطن ويعلو منسوب الوعي والانتماء الحقيقي. إن الحفاظ على هذه المكتسبات، بل وتعظيمها، يتطلب رفع منسوب الوعي والمسؤولية لدى المواطن نفسه. فالمستقبل لا تصنعه السياسات وحدها، بل يصنعه الإنسان: عقله، وولاؤه، ونمط تفكيره، وسلوكه اليومي. علينا أن نغرس في نفوس أبنائنا معنى المواطنة الصالحة، وأن نربط بين الانتماء والفعل، وبين الولاء والعمل. فدعم الوطن لا يكون فقط بالثناء، بل بالعمل والمبادرة والمشاركة الإيجابية والفعالة. عندما يكون هناك جيل يقرأ الأحداث بذكاء، ويتعامل مع المعلومات بوعي، ويدرك أن الاستقرار أساس التنمية، سينتصر الوطن، وأن الولاء والطموح متلازمان لبناء البيت والوطن، ومن يملك أدوات المستقبل من معرفة ومهارة ومرونة فكرية. سيكون هناك جيل يفكر بعقل استراتيجي، ويحب وطنه من دون قيد، ويعي أن التحديات لا تهزم الأوطان، بل تكشف معادن شعوبها، وتُبرز قوتها الداخلية. وفي الختام، فإن ما نحتاج إليه في هذا الزمن الصعب هو معادلة واضحة وثابتة: مواطن بوعي عالٍ ومسؤولية صادقة، يعمل جنباً إلى جنب مع قيادة حكيمة، فيتجاوز الوطن التحديات، ويصنع التاريخ بإرادة جماعية لا تعرف المستحيل.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store