أحدث الأخبار مع #ديفيدكاميرون


معا الاخبارية
١٣-٠٥-٢٠٢٥
- سياسة
- معا الاخبارية
الشرخ مع إسرائيل يتعمق: البرلمان البريطاني يضغط للاعتراف بدولة فلسطينية
تل أبيب- ترجمة معا- مرّ أكثر من عقد منذ أن اتخذت الحكومة البريطانية قرارًا دراماتيكيًا – لكنها أبقته سريًا: إذا مضت إسرائيل قدمًا في مشروع البناء المثير للجدل في منطقة E1، فإن بريطانيا ستفكر في الاعتراف رسميًا بدولة فلسطينية، بحسب ما نشرته صحيفة معاريف العبرية. الآن، ومع ما يبدو أنه اقتراب الحكومة الإسرائيلية من تنفيذ المشروع، يزداد الضغط في بريطانيا للتحرك وفقًا لهذا الوعد التاريخي – دون تأخير، بحسب ما كشفه تقرير موقع Middle East Eye البريطاني. وفقًا للتقرير، كانت حكومة ديفيد كاميرون قد قررت في عام 2014 أن تطوير المستوطنات في المنطقة التي تربط بين مستوطنة معاليه أدوميم والقدس الشرقية سيُعد "خطًا أحمر" – يبرر اعترافًا أحادي الجانب بدولة فلسطين. يُنظر إلى هذا المشروع عالميًا كخطوة من شأنها تقسيم الضفة الغربية فعليًا إلى جزأين – مما سيقضي على فكرة حل الدولتين. وأضاف التقرير أن "تصريحات من الجانب الإسرائيلي لا تترك مجالًا كبيرًا للشك"، مشيرًا إلى أقوال وزير المالية بتسلئيل سموتريتش: "نحن عمليًا ندفن الدولة الفلسطينية". وأشار التقرير إلى أن إسرائيل قد وافقت هذا العام على بناء 15,000 وحدة سكنية جديدة، إلى جانب استثمار يقارب ملياري دولار في بنية تحتية للطرق تدعم الاستيطان في الضفة الغربية. على خلفية هذه التطورات، يدعو سياسيون ودبلوماسيون بريطانيون الآن حكومتهم إلى تنفيذ الالتزام السابق والاعتراف بدولة فلسطينية. وقال النائب المستقل أيوّب خان: "هذه لحظة الحقيقة. مشروع E1 يهدد بقطع القدس الشرقية عن الضفة الغربية، ويقضي على إمكانية قيام دولة فلسطينية من الناحية الجغرافية". موقف حزب العمال: الاعتراف الآن كذلك، داخل حزب العمال – المتصدر في استطلاعات الرأي – تزداد الدعوات للاعتراف الفوري بفلسطين. النائبة أومة كوماران حذّرت: "إذا واصلنا التأجيل، لن يبقى شيء أو أحد لنعترف به". أما النائبة كيم جونسون فذكّرت بأن "حتى الحكومة المحافظة السابقة كانت تدرك الحاجة للاعتراف بفلسطين إذا مضت إسرائيل نحو ضم فعلي للأراضي". كما انضم إلى هذه الدعوات الدبلوماسي المخضرم السير ويليام بيتي، رئيس مجلس الشرق الأوسط في حزب العمال، بقوله: "الوقت المناسب للاعتراف بفلسطين هو الآن – قبل أن يصبح حل الدولتين مستحيلًا". نقاش أخلاقي في بريطانيا وسيناريوهات للاعتراف المشترك أشار التقرير إلى أن النقاش في بريطانيا لا يقتصر على البعد السياسي، بل يشمل بُعدًا أخلاقيًا أيضًا حول الاعتراف بفلسطين. وقال كريس دويل، مدير مجلس التفاهم البريطاني-العربي: "الاعتراف لا يجب أن يكون عقوبة على الانتهاكات الإسرائيلية، بل يجب أن ينطلق من الاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني الوطنية وحقه في تقرير المصير". وأضاف التقرير أن هناك دعوات أيضًا لفرض عقوبات على إسرائيل، وأن وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي أكد مؤخرًا وجود اتصالات مع فرنسا والسعودية من أجل تحرك مشترك للاعتراف بفلسطين – ربما بحلول يونيو المقبل، في إطار مؤتمر سلام دولي محتمل. واختُتم التقرير بالإشارة إلى أن بريطانيا من المتوقع أن تعلن قريبًا عن تمويل جديد لدعم سكان السلطة الفلسطينية، والمساعدة في الإصلاح وتعزيز أداء الحكومة الفلسطينية. وجاء في بيان صادر عن وزارة الخارجية البريطانية أن "دعوة رئيس الوزراء الفلسطيني مصطفى إلى لندن تعكس الدعم القوي من بريطانيا للسلطة الفلسطينية والشعب الفلسطيني في مفترق الطرق الحاسم هذا في الأراضي الفلسطينية المحتلة، والرغبة في تعزيز العلاقات الثنائية بشكل أكبر".


العربي الجديد
١٢-٠٥-٢٠٢٥
- سياسة
- العربي الجديد
جنود بريطانيون سابقون: زملاؤنا قتلوا أطفالاً وارتكبوا جرائم حرب في العراق وأفغانستان
كسر عدد من أعضاء سابقين في القوات الخاصة البريطانية الصمت عن سنوات خدمتهم في الجيش البريطاني، ليقدموا روايات شهود عيان عن جرائم حرب مزعومة ارتكبها زملاؤهم في العراق و أفغانستان . وفي أول إفادات لهم علنًا عبر "بي بي سي بانوراما" نُشرت اليوم الاثنين، وصف المحاربون القدامى رؤيتهم أفرادًا من القوات الخاصة البريطانية يقتلون أشخاصًا عُزّلًا أثناء نومهم، ويعدمون معتقلين مكبلين، بمن فيهم أطفال. وتذكر أحد المحاربين القدامى الذين خدموا مع القوات الخاصة البريطانية في أفغانستان: "كبلوا صبيًا صغيرًا وأطلقوا عليه النار. كان من الواضح أنه طفل، لم يقترب حتى من سن القتال". وأضاف المحارب القديم وفقًا لـ"بي بي سي" أن قتل المعتقلين "أصبح روتينيًا"، مضيفًا: "كانوا يفتشون شخصًا ما، ويقيدونه، ثم يطلقون النار عليه، قبل أن يقطعوا الأصفاد البلاستيكية المستخدمة لتقييده، ويغرسوا مسدسًا بجوار الجثة". وتتضمن الشهادات الجديدة مزاعم بجرائم حرب تمتد لأكثر من عقد من الزمان، وهي فترة أطول بكثير من السنوات الثلاث التي ينظر فيها حاليًا بتحقيق عام بقيادة قاضٍ في المملكة المتحدة. كما تورط فوج القوات الخاصة البريطانية "SBS"، وهو فوج النخبة من القوات الخاصة في البحرية الملكية، لأول مرة في أخطر الادعاءات، ألا وهي إعدام أشخاص عُزّل وجرحى. الأرشيف الجنائية الدولية تسمح بالتحقيق في جرائم حرب بأفغانستان وقال جندي مخضرم خدم في فوج القوات الخاصة البريطانية إن بعض الجنود يتحلون بـ"عقلية غوغائية"، واصفًا سلوكهم في العمليات بأنه "همجي". وأضاف: "رأيت أكثر الجنود هدوءًا يتبدلون، ويُظهرون سمات اضطراب نفسي خطيرة. كانوا خارجين عن القانون. شعروا بأنهم لا يُمسّون". وفي ردّها على "بي بي سي"، قالت وزارة الدفاع البريطانية إنها "ملتزمة تمامًا" بدعم التحقيق العام الجاري في جرائم الحرب المزعومة، وحثت جميع المحاربين القدامى الذين لديهم معلومات ذات صلة على التقدم. وقالت إنه "من غير اللائق أن تُعلق وزارة الدفاع على الادعاءات" التي قد تقع ضمن نطاق التحقيق. وتستند هذه الشهادات، التي أدلى بها أكثر من 30 شخصًا خدموا مع القوات الخاصة البريطانية أو إلى جانبها، إلى عدد من التقارير التي أعدتها "بي بي سي بانوراما" على مدار سنوات حول مزاعم عمليات القتل خارج نطاق القضاء التي ارتكبتها قوات النخبة. كما كشف برنامج بانوراما لأول مرة أن رئيس الوزراء آنذاك ديفيد كاميرون تلقى تحذيرات متكررة خلال فترة ولايته من أن القوات الخاصة البريطانية تقتل مدنيين في أفغانستان. وصرح شهود العيان، الذين تحدثوا شريطة عدم الكشف عن هويتهم بسبب قانون الصمت الفعلي حول عمليات القوات الخاصة، لـ"بي بي سي"، بأن قوانين الحرب كانت تُنتهك بانتظام وبتعمّد من قبل أفواج النخبة في البلاد خلال العمليات في كل من العراق وأفغانستان. وتنص هذه القوانين على أنه لا يجوز قتل الأشخاص عمدًا في مثل هذه العمليات إلا عندما يشكلون تهديدًا مباشرًا لحياة القوات البريطانية أو غيرهم. لكن أعضاء القوات الخاصة البريطانية "SAS" و"SBS" كانوا يضعون قواعدهم الخاصة، كما قال شهود عيان. وقال أحد المحاربين القدامى في إشارة إلى أشخاص أُسروا سابقًا واستُجوبوا ثم أُطلق سراحهم: "إذا ظهر هدف على القائمة مرتين أو ثلاث مرات من قبل، كنا ندخل بقصد قتله، من دون أي محاولة للقبض عليه". وأضاف: "أحيانًا كنا نتحقق من هوية الهدف، ونؤكد هويته، ثم نطلق النار عليه". وتابع: "في كثير من الأحيان، كانت السرية تذهب وتقتل كل من تجده هناك". وقال أحد الشهود إن القتل قد يصبح "أمرًا إدمانيًا"، وإن بعض أفراد فوج النخبة "أُسروا بهذا الشعور" في أفغانستان. وقال إن هناك "الكثير من القتلة المصابين بالذهان". وأضاف: "في بعض العمليات، كانت القوات تدخل مباني أشبه ببيوت الضيافة وتقتل كل من فيها. كانوا يدخلون ويطلقون النار على كل من ينام هناك عند دخوله. قتل الناس أثناء نومهم أمر غير مبرر". وصرح أحد المحاربين القدامى الذين خدموا في قوات "SBS" لـ"بي بي سي" بأنه بعد السيطرة على منطقة ما، كانت فرق الهجوم تمشط المنطقة وتطلق النار على أي شخص على الأرض، وتفحص الجثث، وتقتل أي شخص يبقى على قيد الحياة. وأضاف: "كان الأمر متوقعًا، وليس خفيًا. الجميع كان يعلم". وقال أحد الجنود السابقين إن الجرحى كانوا يُقتلون بشكل روتيني. ووصف عملية جراحية كان خلالها مسعف يعالج شخصًا مصابًا برصاصة ولكنه لا يزال يتنفس قائلا: "ثم اقترب منه أحد رجالنا. سمعنا دويًا. لقد أُطلقت عليه النار في رأسه من مسافة قريبة". وأضاف أن عمليات القتل "غير ضرورية على الإطلاق. هذه ليست عمليات قتل رحيمة. إنها جريمة قتل عمد". وفقًا للشهادة، طُلب من أعضاء أدنى مرتبة في فرق الهجوم من قِبل عناصر أعلى رتبة في القوات الخاصة البريطانية "SAS" قتل المعتقلين الذكور، مستخدمين تعليمات مثل "لن يعود إلى القاعدة معنا" أو "هذا المعتقل، تأكد من عدم انحرافه عن الهدف". وبحسب الشهادات، كان المعتقلون أشخاصًا استسلموا، وخضعوا لتفتيش القوات الخاصة البريطانية، وكانوا عادةً مكبلين بالأصفاد. ويحظر القانون البريطاني والدولي على القوات قتل المدنيين العُزّل أو أسرى الحرب عمدًا. كما تحدث عنصر سابق في القوات الخاصة عن علمه بعملية في العراق أُعدم خلالها شخص ما، وقال: "كان واضحًا جدًا مما استطعت استخلاصه أنه لم يكن يشكل أي تهديد، ولم يكن مسلحًا. إنه أمر مشين. لا يوجد أي احترافية في ذلك". وأضاف أنه لم يُحقَّق في عملية القتل بشكل سليم. ووفقًا للعنصر المخضرم في القوات الخاصة البريطانية، بدأت المشكلة قبل وقت طويل من انتقال الفوج إلى أفغانستان، وأن "كبار القادة كانوا على علم بذلك". نُشرت القوات الخاصة البريطانية إبان الاحتلال الأميركي لأفغانستان ضمن الحرب على طالبان وقُتل 457 جنديًا بريطانيًا وجُرح آلاف آخرون. فيما تعرض عشرات آلاف المدنيين الأفغان للقتل خلال هذه الحرب. وتأتي هذه الشهادات، بالإضافة إلى أدلة فيديو جديدة حصلت عليها "بي بي سي" من عمليات القوات الخاصة البريطانية في العراق عام 2006، بعد تقارير سابقة نشرتها الجهة نفسها تفيد بأن أسراب القوات الخاصة البريطانية كانت تحصي أعداد قتلاها للتنافس بعضها مع بعض. وأفادت مصادر "بي بي سي" بأن بعض أفراد القوات الخاصة البريطانية احتفظوا بإحصاءاتهم الشخصية، وأن أحد أفرادها قتل العشرات شخصيًا خلال مهمة استمرت ستة أشهر في أفغانستان.

وكالة أنباء براثا
١٢-٠٥-٢٠٢٥
- سياسة
- وكالة أنباء براثا
الإذاعة البريطانية: شهادات مروعة تكشف جرائم حرب ارتكبتها القوات الخاصة البريطانية في العراق وأفغانستان
كشفت هيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي عبر برنامج بانوراما عن شهادات مروعة تؤكد ارتكاب عناصر من القوات الخاصة البريطانية لاسيما وحدتي SAS و SBS جرائم حرب خلال عملياتهم في العراق وأفغانستان، حيث تضمنت هذه الانتهاكات إعدامات ميدانية لأسرى من بينهم أطفال وجرحى وسلوكيات وصفت بالهمجية و الإجرامية حيث أفاد شهود بأن الجنود كانوا يقتلون المعتقلين بعد تقييدهم ويضعون أسلحة مزيفة بجانب الجثث لتبرير الجرائم. وبحسب الشهادات فإن هذه الممارسات كانت تتم بشكل ممنهج وبتواطؤ من القيادات العليا التي يعتقد أنها كانت على علم بها. فيما لفت التقرير إلى محاولات طمس الأدلة وتوجيه الأوامر بقتل الأسرى بشكل مباشر. ورغم تعليقات وزارة الدفاع البريطانية بأنها لا تستطيع الرد على مزاعم تخضع لتحقيق رسمي إلا أن هذه الشهادات تقدم صورة غير مسبوقة عن مدى خطورة الجرائم المرتكبة وسط تقارير تؤكد علم رئيس الوزراء الأسبق ديفيد كاميرون بها خلال زياراته إلى أفغانستان.


النهار
٢٥-٠٣-٢٠٢٥
- سياسة
- النهار
مسلمو بريطانيا... هل يفيدهم النأي بأنفسهم عن "الأخوان"؟
تروي البارونة سعيدة فارسي، الوزيرة البريطانية السابقة من أصول باكستانية، الكثير من التفاصيل المؤلمة عن التمييز العنصري الذي قوبلت به منذ صغرها في بلدة ديوزبوري. ولم يكن ذلك غريباً بالنسبة إلى صغيرة ملونة في أعماق مقاطعة ويست يوركشاير في شمال إنكلترا. لكنه ربما كان أقل إيذاء مما واجهته في اجتماعات مجلس الوزراء الذي كانت أول شخصية مسلمة تصبح من أعضائه في تاريخه الطويل. مثلاً، اتهمها هناك ضيف متشدد بأنها "العدو"، بينما دارت مواجهات عالية النبرة بينها وبين زملاء كانوا ولايزالون يتجنون على الإسلام والمسلمين! وأدركت خلال السنوات الأربع التي قضتها في الحكومة أن المسلم متهم، ومذنب، سواء كان طفلاً ضعيفاً أم وزيراً يتمتع بقدر من النفوذ! ذلك الألم يجمع البارونة بمسلمي البلاد الذين يقدر عددهم بـ 4 ملايين نسمة. وهو ألمٌ خلّاق، شجعها على بذل الجهود لمقارعة الظلم والظالمين. هكذا لم تتعب من التحذير من الاسلاموفوبيا، خصوصاً منذ استقالت من حكومة ديفيد كاميرون في 2014 احتجاجاً على موقفها غير المتوازن من تصعيد إسرائيل هجماتها على غزة. وها هي تضم جهودها إلى مسلمين آخرين لتأسيس "الشبكة الإسلامية البريطانية" التي يأملون في أن تكون صوتاً معتدلاً قادراً على وصل ما انقطع بين المسلمين والحكومة التي كفت منذ 2009 عن التواصل معهم. فقبل 15 عاماً، اتهمت وزيرة المجتمعات في حكومة العمال هيزيل بلير منظمة "المجلس الإسلامي البريطاني" بدعم العنف ضد إسرائيل. والمنظمة "إخوانية" اللون والطعم والرائحة، وكانت لسنوات بمثابة "الناطقة" باسم مسلمي هذه البلاد الذين قُدر عددهم حينذاك بمليوني نسمة. والواقع أن السير جون جينكنز، السفير البريطاني الأسبق في السعودية قال في التقرير الذي أعده بتكليف من رئيس الوزراء ديفيد كاميرون في 2015، إن جماعة "الاخوان" لعبت دوراً مهماً في تأسيس "المجلس" واثنتين من كبريات المؤسسات الإسلامية في البلاد وتسييرها. وإذ توارثت الوزارات المتعاقبة الموقف ذاته وتعمقت القطيعة بينها وبين المسلمين، كان هؤلاء يتضاعفون ويتحولون إلى قوة مؤثرة سياسياً. ولا شك في أن زعيم حزب العمال كير ستارمر بات يدرك هذه الحقيقة بعدما خسر أربعة مقاعد برلمانية العام الماضي بسبب استياء الناخبين المسلمين من تأييده حرب إسرائيل ضد غزة، كذلك كاد هؤلاء الناخبين أن يُسقطوا اثنين من أبرز قياديه. وعليه أخذ يسعى إلى التقرب من المسلمين في محاولة لتجنب غضبهم الانتخابي. فهل أعطى رئيس الوزراء الضوء الأخضر أخيراً لهذه المنظمة في سياق سعيه الى خطب ود المسلمين؟ هذا مستبعد. فكل ما هو معروف عن المنظمة يدل على أنها مستقلة. تأسست على أيدي خليط متنوع من حيث المكانة والخلفية السياسية. وبين الذين قادوا عملية إنشائها، أشخاص معروفون بفضل بروزهم على المستوى المهني مثل ميشيل حسين الاعلامية المهمة التي تتصدر حالياً فريق مقدمي برنامج "توداي" الذي يبثه "راديو فور" التابع لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) ويعتبر أهم برنامج إخباري بريطاني. وهناك رياضيون وسياسيون متقاعدون مثل فارسي، وآخرون لايزالون على رأس عملهم كاللورد العمالي وجيد خان وزير الدولة المكلف ملف الأديان، و نائبة رئيس مجلس العموم المحافظة نصرت غاني. لا تطمح المنظمة الجديدة إلى لعب دور سياسي كما أنها تريد البقاء بعيدة من الدين وجوانبه الفقهية. جلّ ما تريده هو إعادة المسلمين إلى حضن المجتمع البريطاني الأوسع، كأحد مكوناته، وتصحيح الصور المغلوطة التي تُروج عنهم وعن دينهم من البعض، وتشجيع التعامل معهم كمواطنين يقدمون مساهمات قيمة في مجالات شتى كما أن لهم مطالب وآمال تتصل بالهجرة والخدمات الصحية والتربية والاقتصاد الخ.. وهي في جوهرها محاولة لتحصين المسلمين مع اشتداد الهجمة العنصرية وتنامي موجة الاسلاموفوبيا التي يتخذها سياسيون وناشطون في بريطانيا وأوروبا عموماً أداة يتسلقون بفضلها سلم السلطة والشعبية. ولابد لقادة المنظمة الجديدة من أن يتحلوا بالشجاعة للاستمرار في مهمتهم التي ستلقى ممانعة قوية من عنصريين مستعدين للجوء إلى العنف، دانتهم المحاكم، مثل تومي روبنسون، وسياسيين من نواب وزعماء أحزاب. لكن ثمة شكوك في أن تجريد "الأخوان" من الوظيفة التي اختاروها لأنفسهم كرعاة لمصالح المسلمين البريطانيين، سيحمي هؤلاء من تداعيات الاسلاموفوبيا المستشرية بشكل متزايد!


نافذة على العالم
٢٢-٠٢-٢٠٢٥
- سياسة
- نافذة على العالم
أخبار العالم : هل يُرفع الصليب عن العلم وتودع بريطانيا المسيحية قريبا؟
السبت 22 فبراير 2025 12:14 مساءً نافذة على العالم - أظهرت أرقام مكتب الإحصاء الوطني أن الإسلام كان الدينَ الأكثر انتشارًا في بريطانيا خلال العقد الثاني من الألفية الحالية (بيكساباي) في عام 2011، نزلت بيانات مكتب الإحصاء الوطني للتعداد السكاني في بريطانيا على الكثيرين كالصاعقة، فالإحصاء الذي وُصف آنذاك بأنه الأكثر دقة وشمولا في البلاد، أثبت تضاؤلا ملحوظا للحضور المسيحي في المملكة المتحدة، إذ أكدت الإحصاءات أن المسيحيين في إنجلترا وويلز يمثلون 59% فقط من السكان (ما عادل وقتها 33.2 مليون نسمة). هذا الأمر شكل صدمة، بالنظر إلى أن بريطانيا التي جعلت من الصليب المسيحي شعارًا لعلَمها، كان 75% من أطفالها قد تم تعميدهم في عام 1933. رغم أن الأرقام أثارت الكثير من النقاشات، فإنها لم تكن تحمل مؤشرًا خطيرًا بالنسبة للمؤسسات المسيحية في إنجلترا، إذ كانت أغلبية السكان ما زالت تعتنق المسيحية رغم أن عددهم تقلص بمقدار 4 ملايين شخص مقارنة بعام 2000. وطمحت الكنائس في المملكة المتحدة إلى أن تُغيّر السنوات اللاحقة من طبيعة المشهد بحيث تستطيع البلاد أن تعود لتقف فوق البساط الذي سُحب من تحت أقدامها. ومن ثم فقد قالت كنيسة إنجلترا آنذاك إن "هذه الإحصاءات تمثل تحديًا لنا، لكنها تؤكد أننا ما زلنا أمة مؤمنة"، كما قال رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون في عام 2014: "أعتقد أننا يجب أن نكون أكثر ثقة في وضعنا كدولة مسيحية، وأن نكون أكثر طموحا في توسيع دور المنظمات القائمة على الإيمان، بل وبصراحة، أكثر استعدادًا للتبشير بالإيمان الذي يدفعنا لإحداث فارق في حياة الناس". ولكن كان واضحًا من الأرقام أن الإسلام واللادينية يسحبان البساط من تحت أقدام الكنائس في المملكة المتحدة ويجتذبان المعتنقين. مرت 10 سنوات ليظهر الإحصاء الجديد، ويؤكد أن الكنائس البريطانية لم تكسب التحدي الذي وضعته لنفسها. فمع حلول عام 2021 باتت نسبة من يعتبرون أنفسهم مسيحيين في إنجلترا وويلز تمثل أقل من نصف تعداد السكان، وبنسبة بلغت 46.2% فقط، وهو انخفاض كبير للغاية عما كان عليه الأمر في عام 2011. وأصبح متوسط عمر المسيحيين في المملكة المتحدة مرتفعًا للغاية (51 عاما)، وهو أعلى متوسط عمر مسجل في تاريخ الإحصاء، وسط عزوف واضح من الشباب عن الدين، إذ كان من هم دون 40 عامًا أكثر ميلا إلى القول بأنهم غير مؤمنين بدين، كما انخفضت بشكل حادٍّ أعداد المصلين المنتظمين في الكنيسة خلال العقد الثاني من الألفية. وعلى الجانب الآخر، أعلن 64.2% من 1200 كاهن مسيحي استطلعت صحيفة "ذا تايمز" آنذاك رأيهم بشأن الإحصاء، أن بريطانيا لم تعد دولة يمكن وصفها بالمسيحية. أثبتت الإحصاءات أن اللادينية والإسلام هما الفَرسان الأكثر ربحًا من ناحية جذب المعتنقين الجدد في المملكة المتحدة، فبينما انخفضت نسبة المسيحيين، ارتفعت نسبة اللادينيين من 25% عام 2011 إلى 37.2% من السكان بحلول عام 2021 (ما يعادل 22.2 مليون شخص)، وارتفع عدد المسلمين من نسبة 4.9% إلى 6.5%. ومن المهم هنا معرفة أن 26% فقط من البالغين في إنجلترا وجزيرة ويلز يشاركون في أنشطة دينية أكثر من مرة واحدة في العام، بينما يشارك 9% فقط منهم في أنشطة دينية أسبوعية. جدير بالذكر أن اللادينية التي تتحدث عنها أرقام مكتب الإحصاء لا تعني بالضرروة الإلحاد، فقد تعني للبعض اللاأدرية، أو أنهم ما زالوا في طريق البحث عن الدين، أو ربما يؤمن بعضهم باعتقادات روحانية معينة لا يدرجونها في خانة الدين، أو يؤمنون بإله خالق لكنهم لم يقتنعوا بدين بعينه. على جانب آخر، أظهرت أرقام مكتب الإحصاء الوطني آنذاك (والتي تُجرى كل عشر سنوات)، أن الإسلام كان الدينَ الأكثر انتشارًا في بريطانيا خلال العقد الثاني من الألفية الحالية، إذ ارتفع عدد المسلمين بزيادة مقدارها 1.2 مليون مسلم من عام 2011 إلى 2021، مشكلين 6.5% من تعداد السكان في البلاد (ما يعادل 3.9 ملايين نسمة). وقد حققت الديانة الإسلامية هذه الزيادة في أعداد المعتنقين في مقابل انحسار المسيحية والزيادة الطفيفة في أعداد الهندوس من 1.5% من تعداد السكان في عام 2011 إلى 1.7% في عام 2021، بينما كانت الزيادة في نسبة اليهود أقل أيضًا من ذلك (من 256 ألف مواطن في 2011 إلى 271 ألفا في 2021). وكذلك ارتفع تعداد السيخ بنسبة ضئيلة للغاية من 0.8% إلى 0.9%، وربما يُعزى ذلك إلى الهجرة أكثر منها إلى التحول من بين أتباع الأديان الأخرى. "الاستبدال العظيم" نظرية الاستبدال العظيم باختصار، نظرية يؤمن بها العديد من أطراف أقصى اليمين في أوروبا، وهي نظرية مؤامرة تفيد بأن تنامي الهجرات من البلدان الإسلامية ومن أصحاب البشرة السمراء ستجعل أغلبية السكان الأوروبيين المسيحيين البيض يتناقصون، حتى تصبح أوروبا يومًا ما قارة إسلامية يمثل فيها البيض المسيحيون أقلية. ورغم أن نظرية الاستبدال العظيم لا تجد الكثير من الصدى في المملكة المتحدة مثل دول أخرى كألمانيا وفرنسا، بحكم أن النموذج البريطاني من الأساس يمثل تجربة أكثر تعايشًا مع الإسلام، فإن أرقام مكتب الإحصاء الوطني حفزت اليمين المتطرف في البلاد لاستخدام نظرية المؤامرة تلك لوصف تراجع المسيحية في البلاد حتى باتت تمثل أقل من نصف السكان، في وقت يتصاعد فيه الإسلام داخل المملكة بسرعة كبيرة. بحسب تقرير أعدته "يورو نيوز"، فإن المعلقين السياسيين المتطرفين في بريطانيا استغلوا هذه الأرقام في خطابهم، وبحسب رئيس الاتصالات والتحرير في معهد الحوار الاستراتيجي، تيم سكويريل، فإن الإحصاء أدى وقت ظهوره إلى ارتفاع ملحوظ في بريطانيا من ناحية الحديث حول نظرية المؤامرة المعروفة باسم "الاستبدال العظيم"، والحديث حول "الإبادة الجماعية للمسيحيين البيض". وقد رأى سكويريل أنه على الرغم من أن قلة من السياسيين الكبار في بريطانيا قد يجرؤون على استخدام مثل هذه المصطلحات ونظريات المؤامرة، فإن نمو استخدام هذه المفاهيم في الجماعات الهامشية داخل المجتمع ينبغي أن يُنظر إليه بقلق. جدير بالذكر هنا أن هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) وكلية كينغز في لندن، أجرتا استطلاعا في عام 2023 سألتا فيه المبحوثين عن نظرية الاستبدال العظيم، وقد وافق حوالي 10% من المستجوبين على أن تلك النظرية "حقيقية بالتأكيد" من وجهة نظرهم، في حين قال 20% من المستجوبين إن النظرية "ربما تكون صحيحة". لكن، على كل حال، يبدو الواقع مخالفًا تمامًا للرأي القائل بأن التأثير الذي حدث في بريطانيا ناتج عن هجرات المسلمين إليها، فالواقع أن المسيحية انخفضت بشكل أساسي بسبب زيادة رقعة اللادينية. صحيحٌ أن الإسلام كان الأكثر انتشارًا بين الأديان، لكنه مع ذلك لم يصل إلى معدل سرعة انتشار اللادينية في البلاد. كذلك، أوضح الدكتور جيمس ويليامز، وهو المحاضر الأول في تعليم العلوم بجامعة ساسكس، أن الكثير من المهاجرين يأتون من بلاد أفريقية مسيحية متدينة، ومن ثم فإنه لا يعتبر الظنَّ بأن الهجرة هي العامل الأساسي في دفع المسيحية إلى الأسفل؛ تفكيرا منطقيا. كما يرى ستيفن إيفانز، الرئيس التنفيذي للجمعية العلمانية الوطنية في بريطانيا، التي تم تأسيسها عام 1866 والتي ناضلت -بحسب تعريفها لنفسها- على مدى سنوات طويلة من أجل فصل الدين عن الدولة في البلاد للوصول إلى نظام سياسي لا يجعل لأحد ميزةً بسبب انتمائه الديني، يرى أن الإحصاءات الأخيرة التي توضح انكماش عدد المسيحيين تؤكد أن المؤسسة الإنجليكانية ورجال الدين في الكنيسة بإنجلترا، والأساقفة المشرعين في البرلمان والعبادة اليومية في المدارس والبرلمان، والمدارس الدينية التي تمولها الدولة، كلها غير مناسبة وعفا عليها الزمن. وبحسب البروفيسور وودهيد، من جامعة كلية الملك في لندن، فإن هذا الانخفاض في أعداد المسيحيين بالبلاد ناتج عن عامليْن رئيسيين، أولهما أنه بعكس المسلمين والهندوس الذين يهتمون بنقل دينهم إلى أطفالهم، لم يفعل الآباء المسيحيون ذلك، فبحسب آبي داي، وهي أستاذة العرق والإيمان والثقافة بكلية غولد سميث في جامعة لندن، فإن الجيل المعروف باسم "جيل طفرة المواليد" الذي وُلد بعد الحرب العالمية الثانية، قد اختار العديدُ من أفراده في بريطانيا الخروج من القناعات الدينية بحلول ستينيات القرن الماضي، ومن ثم ربّوا أطفالهم على ألا يكونوا متدينين. والعامل الثاني المتسبب في انخفاض أعداد المسيحيين مرتبط بالأول، فباختصار، بينما لم يُربِّ هذا الجيل أبناءه على التدين، بدأ جيل المتدينين يموت واحدًا تلو الآخر، فبدأت المسيحية البروتستانتية تنكمش في البلاد. لكنْ هناك شيء أهم في تلك الإحصاءات، فبريطانيا ذات الصليب على العلَم لم يعد معظم مواطنيها مسيحيين، فهل يمكننا أن نسميها الآن دولة مسيحية؟ وإن لم تكن كذلك، فما الذي يمكن أن يتغير؟ هل بريطانيا دولة مسيحية؟ يقول الصحفي البريطاني كابيل لوفت إن "الحقيقة البسيطة هي أن المملكة المتحدة ليست في الواقع ديمقراطية ليبرالية علمانية رسميًا، إذ ما زالت لدينا كنيسة راسخة، يجلس بعض أساقفتها في الغرفة العليا من هيئتنا التشريعية. إن رأس دولتنا (الملك) هو المدافع عن الإيمان والحاكم الأعلى لكنيسة إنجلترا، وقد كان تتويجه طقسًا دينيًا، حيث تم إعلانه كحاكم مختار من قبل الله". لأول مرة منذ ألف عام، لم تعد بريطانيا دولة مسيحية من ناحية عدد السكان، وهو أمر قد ينظر إليه البعض بدهشة، فقد كانت المسيحية البروتستانتية متغولة في البلاد إلى حدِّ أن الكاثوليك لم يُمنحوا حقوقهم السياسية الكاملة في المملكة المتحدة إلا مع حلول القرن التاسع عشر. صحيح أن الكثير من المواطنين الإنجليز، حتى هؤلاء الذين لا يذهبون للصلاة في الكنيسة أو لا يعرّفون أنفسهم بوصفهم مسيحيين، ما زالوا يستدعون القساوسة ليرأسوا حفلات الزفاف والجنازات، وصحيح أن الكنيسة تشارك في الاحتفالات الوطنية الكبرى وتنشر شاشات التلفاز أنشطتها في هذه الاحتفالات، لكنّ اهتمام الشارع بشكل واضح قد تَحول من أخبار الكنيسة ومحتواها الديني إلى الانشغال بالانتماءات والصراعات في كرة القدم، وبأخبار القصر الملكي. لقد خلصت لجنة الدين والمعتقد في الحياة العامة في بريطانيا "كوراب" عام 2015، إلى أن بريطانيا لم تعد دولة مسيحية، وعليها التوقف عن التصرف باعتبارها كذلك. ووجدت اللجنة بوضوح أن الانتماء المسيحي قد انخفض في مقابل ارتفاع الانتماء الديني غير المسيحي. وكما يتضح مما أثارته اللجنة، أن مسألة كون بريطانيا لم تعد دولة مسيحية مسألةٌ قد تصبح لها تداعيات سياسية، إذ إن المؤسسة الدينية منخرطة بشدة في المشهد العام الذي يُشكل بريطانيا التي نعرفها. لتوضيح الأمر أكثر، فبحسب صحيفة بوليتيكو الأميركية، تحتل الكنيسة في المملكة المركز الثالث عشر ضمن أكبر مُلاك الأرض في البلاد، وهي ثرية للغاية وتمتلك محفظة بقيمة ملياريْ جنيه إسترليني، تشتمل على 105 آلاف فدان تمثل أراضي زراعية وغابات ومباني أثرية وحقوق تعدين. كما أن المملكة المتحدة هي الدولة الوحيدة بين الاقتصادات الغربية المتقدمة؛ التي تحتفظ رسميًا بفكرة "دين الدولة". إضافة إلى ذلك، تدير كنيسة إنجلترا 4632 مدرسة حكومية في المملكة المتحدة. وبحسب صحيفة بوليتيكو فإن ثلث مقدمي التعليم الابتدائي والثانوي المدعوم حكوميًا في البلاد هم مدارس دينية، بينما تدير كنيسة إنجلترا وحدها 68% من هذه المدارس، وتعطي الأولوية في القبول بها لأبناء الآباء الملتزمين بالديانة المسيحية. وبحسب الصحيفة نفسها، فإن الكثير من الآباء يضطرون لحضور الصلوات في الكنائس إلى اليوم الذي يضمن فيه أبناؤهم مكانهم في المدرسة. وفي المقابل، يُستبعد أبناءُ الآباء غير الملتزمين بالديانة من أقرب مدرسة ابتدائية حكومية لهم، لصالح أبناء الآباء المتدينين. ومن جانب آخر، يجلس الأساقفة الأنجليكان ويصوتون في "مجلس اللوردات" (الغرفة العليا في برلمان المملكة المتحدة)، فبريطانيا واحدة من ثلاث دول في العالم تحتفظ بمقاعد في هيئتها التشريعية لرجال الدين، إذ يسمون "اللوردات الروحيين" وعددهم 26، وهم من أساقفة كنيسة الدولة الرسمية. وجدير بالذكر أن مجلس اللوردات هذا يستطيع تأخير مشاريع القوانين لمدة تصل إلى عام كامل. وفي عام 2012، كان هناك مقترح بتخفيض عدد هؤلاء "اللوردات الروحيين إلى 12 فردا فقط"، لكن بحسب صحيفة بوليتيكو، ضغط الأساقفة ضد هذا التغيير، وكانت الحجة الشائعة آنذاك أن وجود هؤلاء الأساقفة في البرلمان يعطي البرلمان بعدًا روحياً وإلهيًا. كما أن بريطانيا تخصص حصة كبيرة من البث الإعلامي العام للبرامج المسيحية، ويرأس كبير أساقفتها حفل تتويج ملكها، كما حدث مع الملك تشارلز الثالث. ونتيجة لهذا الحضور المكثف للكنيسة في بريطانيا، وبعد وضوح الأرقام والإحصاءات التي تؤكد أن المسيحية لم تعد دين الأغلبية المطلقة في المملكة المتحدة، بدأت العديد من المؤسسات العلمانية والأفراد في إعادة مساءلة هذا الحضور المكثف، مطالبين بإنهاء هذا الوضع الاستثنائي للكنيسة في دستور المملكة المتحدة، باعتباره وضعًا غير عادل ولا ديمقراطي من وجهة نظرهم.. في حين يرد آخرون داخل المملكة مثل مادلين بينينغتون، رئيسة قسم الأبحاث في ثيوس، وهو مركز فكر مسيحي في بريطانيا، بأنه حتى وإن لم تعد أغلبية المواطنين في المملكة مسيحيين من ناحية الأعداد، فإن التقاليد والمعايير والأخلاقيات المسيحية تظل موجودة بعمق في الثقافة السياسية للبلاد وفي دستورها، فبريطانيا ليست مسيحية ولا علمانية من ناحية إحصاء السكان، لكن المسيحية هي التي أثرت على خيالها السياسي ودستورها والطريقة التي هي عليها الآن أكثرَ من أي دين آخر. هذا الرأي مشابه لما تراه أليك رايري، أستاذة تاريخ المسيحية في جامعة دورهام، ومؤلفة كتابي "البروتستانت.. الإيمان الذي صنع العالم الحديث"، و"الكافرون.. تاريخ من الشك"، فهي ترى أن العلامات الثقافية المسيحية موجودة في كل مكان، وبعض الناس لا يلاحظون ذلك، لأن تلك العلامات جزء من مياه البحر الذي يسبحون فيه فلا يشعرون بوجودها الكثيف. وتضيف رايري، أن بلادها لها علاقة خاصة بالمسيحية، فهي الدين الذي ترتبط به المملكة المتحدة بعلاقة عميقة وقديمة يتخللها الحب والكراهية، وهي العلاقة التي جعلت البريطانيين على ما هم عليه الآن، بحلوه ومره، ومن ثم لا يمكن من وجهة نظرها؛ إعلان أن بريطانيا لم تعد مسيحية لمجرد أن غالبية السكان لم يعودوا يعتبرون أنفسهم مسيحيين.