logo
مسلمو بريطانيا... هل يفيدهم النأي بأنفسهم عن "الأخوان"؟

مسلمو بريطانيا... هل يفيدهم النأي بأنفسهم عن "الأخوان"؟

النهار٢٥-٠٣-٢٠٢٥

تروي البارونة سعيدة فارسي، الوزيرة البريطانية السابقة من أصول باكستانية، الكثير من التفاصيل المؤلمة عن التمييز العنصري الذي قوبلت به منذ صغرها في بلدة ديوزبوري. ولم يكن ذلك غريباً بالنسبة إلى صغيرة ملونة في أعماق مقاطعة ويست يوركشاير في شمال إنكلترا. لكنه ربما كان أقل إيذاء مما واجهته في اجتماعات مجلس الوزراء الذي كانت أول شخصية مسلمة تصبح من أعضائه في تاريخه الطويل. مثلاً، اتهمها هناك ضيف متشدد بأنها "العدو"، بينما دارت مواجهات عالية النبرة بينها وبين زملاء كانوا ولايزالون يتجنون على الإسلام والمسلمين! وأدركت خلال السنوات الأربع التي قضتها في الحكومة أن المسلم متهم، ومذنب، سواء كان طفلاً ضعيفاً أم وزيراً يتمتع بقدر من النفوذ!
ذلك الألم يجمع البارونة بمسلمي البلاد الذين يقدر عددهم بـ 4 ملايين نسمة. وهو ألمٌ خلّاق، شجعها على بذل الجهود لمقارعة الظلم والظالمين. هكذا لم تتعب من التحذير من الاسلاموفوبيا، خصوصاً منذ استقالت من حكومة ديفيد كاميرون في 2014 احتجاجاً على موقفها غير المتوازن من تصعيد إسرائيل هجماتها على غزة. وها هي تضم جهودها إلى مسلمين آخرين لتأسيس "الشبكة الإسلامية البريطانية" التي يأملون في أن تكون صوتاً معتدلاً قادراً على وصل ما انقطع بين المسلمين والحكومة التي كفت منذ 2009 عن التواصل معهم.
فقبل 15 عاماً، اتهمت وزيرة المجتمعات في حكومة العمال هيزيل بلير منظمة "المجلس الإسلامي البريطاني" بدعم العنف ضد إسرائيل. والمنظمة "إخوانية" اللون والطعم والرائحة، وكانت لسنوات بمثابة "الناطقة" باسم مسلمي هذه البلاد الذين قُدر عددهم حينذاك بمليوني نسمة. والواقع أن السير جون جينكنز، السفير البريطاني الأسبق في السعودية قال في التقرير الذي أعده بتكليف من رئيس الوزراء ديفيد كاميرون في 2015، إن جماعة "الاخوان" لعبت دوراً مهماً في تأسيس "المجلس" واثنتين من كبريات المؤسسات الإسلامية في البلاد وتسييرها.
وإذ توارثت الوزارات المتعاقبة الموقف ذاته وتعمقت القطيعة بينها وبين المسلمين، كان هؤلاء يتضاعفون ويتحولون إلى قوة مؤثرة سياسياً. ولا شك في أن زعيم حزب العمال كير ستارمر بات يدرك هذه الحقيقة بعدما خسر أربعة مقاعد برلمانية العام الماضي بسبب استياء الناخبين المسلمين من تأييده حرب إسرائيل ضد غزة، كذلك كاد هؤلاء الناخبين أن يُسقطوا اثنين من أبرز قياديه. وعليه أخذ يسعى إلى التقرب من المسلمين في محاولة لتجنب غضبهم الانتخابي.
فهل أعطى رئيس الوزراء الضوء الأخضر أخيراً لهذه المنظمة في سياق سعيه الى خطب ود المسلمين؟
هذا مستبعد. فكل ما هو معروف عن المنظمة يدل على أنها مستقلة. تأسست على أيدي خليط متنوع من حيث المكانة والخلفية السياسية. وبين الذين قادوا عملية إنشائها، أشخاص معروفون بفضل بروزهم على المستوى المهني مثل ميشيل حسين الاعلامية المهمة التي تتصدر حالياً فريق مقدمي برنامج "توداي" الذي يبثه "راديو فور" التابع لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) ويعتبر أهم برنامج إخباري بريطاني. وهناك رياضيون وسياسيون متقاعدون مثل فارسي، وآخرون لايزالون على رأس عملهم كاللورد العمالي وجيد خان وزير الدولة المكلف ملف الأديان، و نائبة رئيس مجلس العموم المحافظة نصرت غاني.
لا تطمح المنظمة الجديدة إلى لعب دور سياسي كما أنها تريد البقاء بعيدة من الدين وجوانبه الفقهية. جلّ ما تريده هو إعادة المسلمين إلى حضن المجتمع البريطاني الأوسع، كأحد مكوناته، وتصحيح الصور المغلوطة التي تُروج عنهم وعن دينهم من البعض، وتشجيع التعامل معهم كمواطنين يقدمون مساهمات قيمة في مجالات شتى كما أن لهم مطالب وآمال تتصل بالهجرة والخدمات الصحية والتربية والاقتصاد الخ..
وهي في جوهرها محاولة لتحصين المسلمين مع اشتداد الهجمة العنصرية وتنامي موجة الاسلاموفوبيا التي يتخذها سياسيون وناشطون في بريطانيا وأوروبا عموماً أداة يتسلقون بفضلها سلم السلطة والشعبية. ولابد لقادة المنظمة الجديدة من أن يتحلوا بالشجاعة للاستمرار في مهمتهم التي ستلقى ممانعة قوية من عنصريين مستعدين للجوء إلى العنف، دانتهم المحاكم، مثل تومي روبنسون، وسياسيين من نواب وزعماء أحزاب. لكن ثمة شكوك في أن تجريد "الأخوان" من الوظيفة التي اختاروها لأنفسهم كرعاة لمصالح المسلمين البريطانيين، سيحمي هؤلاء من تداعيات الاسلاموفوبيا المستشرية بشكل متزايد!

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

الأمم المتحدة: 14 ألف رضيع مهددون بالموت بغزة
الأمم المتحدة: 14 ألف رضيع مهددون بالموت بغزة

IM Lebanon

timeمنذ يوم واحد

  • IM Lebanon

الأمم المتحدة: 14 ألف رضيع مهددون بالموت بغزة

أعلن مسؤول كبير في الأمم المتحدة إن نحو 14 ألف رضيع في قطاع غزة قد يموتون خلال 48 ساعة، إذا لم تصلهم المساعدات في الوقت المناسب. وصرح توم فليتشر وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية لبرنامج 'توداي' على إذاعة 'بي بي سي 4': 'هناك 14 ألف رضيع سيموتون خلال 48 ساعة إذا لم نتمكن من الوصول إليهم. أريد إنقاذ أكبر عدد ممكن من هؤلاء الـ14 ألف رضيع خلال 48 ساعة'. وأكد المسؤول الأممي على 'ضرورة إغراق قطاع غزة بالمساعدات الإنسانية'. وبشأن كيفية توصيل الأمم المتحدة المساعدات لهذا العدد، قال فليتشر: 'لدينا فرق قوية على الأرض، وبالطبع قُتل العديد منهم'.

تقرير يكشف... تراجع كبير في عدد المليارديرات في بريطانيا
تقرير يكشف... تراجع كبير في عدد المليارديرات في بريطانيا

ليبانون 24

timeمنذ 3 أيام

  • ليبانون 24

تقرير يكشف... تراجع كبير في عدد المليارديرات في بريطانيا

شهدت المملكة المتحدة أكبر تراجع في عدد المليارديرات المسجلين، نتيجة حملة وزيرة الخزانة راتشيل ريفز ضد نظام الإقامة الضريبية غير القانونية، وفقًا لقائمة صنداي تايمز للأثرياء. وحافظت عائلة هندوجا، التي تزيد ثروتها عن 35 مليار جنيه إسترليني (46.6 مليار دولار)، على مركزها كأغنى عائلة في بريطانيا ، بحسب وكالة الأنباء البريطانية (بي أيه ميديا). وتضم قائمة أغنى 350 فردًا وعائلة في بريطانيا شخصيات شهيرة مثل إلتون جون ، وأندرو لويد-ويبر، ولويس هاميلتون ، وديفيد وفيكتوريا بيكهام، بالإضافة إلى ملك البلاد. غير أن أحدث قائمة تكشف عن ثالث تراجع على التوالي في عدد المليارديرات المقيميين في المملكة المتحدة. وتراجع عدد الملياديرات في بريطانيا إلى 156 العام الجاري، من 165 في 2024، وهو تراجع حاد في تاريخ قائمة صنداي تايمز للأثرياء الممتد على مدار 37 عاما. وقال روبرت واتس الذي يجمع قائمة الأثرياء "نشهد تراجع عدد أثرياء العالم الذين يأتون للعيش في المملكة المتحدة". وأضاف واتس: "توقعنا أن يغضب إلغاء وضع غير المقيم الأثرياء المهاجرين". وألغت حكومة حزب العمال الوضع الضريبي لغير المقيمين في المملكة المتحدة في أبريل الماضي، وهو الوضع الذي ينطبق على المقيمين في المملكة المتحدة الذين يقع منزلهم الدائم أو محل إقامتهم لأغراض ضريبية خارج المملكة المتحدة. وتعد أكشاتا مورتي، زوجة رئيس الوزراء السابق ريشي سوناك ، ضمن غير المقيمين المعروفين. وظهر الثنائي مرة أخرى على قائمة الأثرياء، رغم أن ثروتهما تراجعت إلى 640 مليون جنيه إسترليني من 651 مليون قبل عام. ومن بين الشخصيات الأخرى البارزة على القائمة، الملك الذي تبلغ ثروته 640 مليون جنيه أيضا.

رئيس الوزراء البريطاني يكشف عن خطط صارمة للهجرة
رئيس الوزراء البريطاني يكشف عن خطط صارمة للهجرة

الديار

time١٢-٠٥-٢٠٢٥

  • الديار

رئيس الوزراء البريطاني يكشف عن خطط صارمة للهجرة

اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب كشف رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر عن حملة صارمة تتضمن خططاً لخفض أعداد العاملين في مجال الرعاية في الخارج وتشديد متطلبات اللغة الإنكليزية، محذراً من أن المملكة المتحدة تخاطر بأن تصبح "جزيرة من الغرباء" من دون ضوابط على الهجرة. وفي خطاب ألقاه في داونينغ ستريت، قال رئيس الوزراء إن حكومة حزب العمال سوف "تستعيد السيطرة على حدود البلاد"، وتغلق "فصلاً قذراً" في السياسة والاقتصاد. "جزيرة من الغرباء"! وأعلن ستارمر، أنه يريد أن تنخفض مستويات الهجرة بشكل كبير بحلول نهاية البرلمان، دون تحديد هدف رقمي. وقال: "اسمحوا لي أن أقول هذا بهذه الطريقة، فالدول تعتمد على القواعد، والقواعد العادلة. في بعض الأحيان تكون مكتوبة، وفي كثير من الأحيان لا تكون كذلك، ولكن على أي حال، فإنها تشكل قيمنا، وترشدنا نحو حقوقنا، بالطبع، ولكن أيضًا مسؤولياتنا، والالتزامات التي ندين بها لبعضنا البعض". وأضاف: "في أمة متنوعة مثل أمتنا، وأنا أحتفل بأن هذه القواعد أصبحت أكثر أهمية بدونها، فإننا نخاطر بأن نصبح جزيرة من الغرباء، وليس أمة تسير إلى الأمام معاً". وفي تكرار للشعار الذي استخدمه أنصار خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي خلال استفتاء عام 2016، قال ستارمر: "سوف نقدم لكم ما طلبتموه مراراً وتكراراً، وسوف نستعيد السيطرة على حدودنا". ووعد بـ"تشديد" جميع عناصر النظام، لكنه يواجه مقاومة ضد خططه لوقف التوظيف الأجنبي للعاملين في مجال الرعاية من الشخصيات داخل القطاع. ماذا تشمل المقترحات؟ وبموجب المقترحات، سيتعين على المهاجرين قضاء 10 سنوات في المملكة المتحدة قبل أن يتمكنوا من التقدم بطلب للحصول على الجنسية، ولكن الأفراد "المساهمين بدرجة عالية"، مثل الأطباء والممرضات، قد يتم تسريعهم من خلال النظام. وستتم زيادة متطلبات اللغة لجميع طرق الهجرة لضمان مستوى أعلى من اللغة الإنكليزية، ووضع قواعد خاصة بالمعالين البالغين، ما يعني أنه سيتعين عليهم إظهار فهم أساسي للغة. وفي الوقت نفسه، سوف تتطلب تأشيرات العمال المهرة الحصول على شهادة جامعية، وسوف تكون هناك قيود أكثر صرامة على التوظيف للوظائف التي تعاني نقص المهارات. يأتي هذا الإعلان بعد أقل من أسبوعين من فوز حزب الإصلاح في المملكة المتحدة في انتخابات المجالس المحلية في جميع أنحاء إنكلترا، وهي النتيجة التي أرجعها نائب زعيم الحزب ريتشارد تايس إلى الإحباط بشأن نظام الهجرة. يذكر أن أرقام الهجرة الصافية بلغت 728 ألفاً في العام حتى منتصف عام 2024.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store