أحدث الأخبار مع #سليمانشاه

المدن
٢٤-٠٤-٢٠٢٥
- سياسة
- المدن
استياء سوري من تغيير اسم قرية علويّة...بعد تهجير سكانها
نشر القيادي في فصيل "العمشات" أبو جابر الخطابي، المنحدر من بلدة خطاب في ريف حماة الشمالي، صوراً توثق تغيير اسم قرية أرزة ذات الغالبية العلوية إلى "خطاب الجديدة"، ما أثار موجة استنكار عارمة في مواقع التواصل الاجتماعي، وسط تحذيرات من تصاعد عمليات التهجير القسري ذات الطابع الطائفي في منطقة سهل الغاب. وأظهرت الصور التي نشرها الخطابي عبر حساباته، قيامه بتصميم لافتة جديدة تحمل الاسم المعدل للقرية، بعد أسابيع من تهجير سكانها الأصليين وتوطين نازحين من بلدته فيها، وذلك خلال الأحداث الأخيرة في الساحل السوري. ويُعد الخطابي من أبرز الشخصيات في شمال غربي سوريا، وكان يشغل منصب "الشرعي" في فرقة "سليمان شاه" المعروفة باسم "العمشات". وأعيد تداول الصورة التي وصفها ناشطون بـ"الفجة" و"الاستفزازية"، بكثافة في مواقع التواصل. واعتبرها ناشطون وصحافيون دليلاً على "عملية تطهير طائفي ممنهجة"، تهدف إلى إعادة تشكيل البنية السكانية في منطقة تشهد توتراً طائفياً متصاعداً أصلأً، مع دعوات للحكومة السورية للتدخل. وبحسب "المرصد السوري لحقوق الإنسان"، تمثل حادثة أرزة نموذجاً صارخاً للتهجير القسري القائم على الهوية الطائفية، وأشار المرصد في بيان إلى أن ما يحدث يشكل "خطراً حقيقياً يهدد النسيج المجتمعي السوري"، داعياً إلى تحرك دولي عاجل لوضع حد لتلك الانتهاكات ودعم آليات العدالة الانتقالية. ووصفت الفنانة السورية المعارضة لنظام الأسدوالمقيمة في ألمانيا، رشا رزق، الحادثة بأنها "جريمة تطهير عرقي كاملة" من دون خجل وبكل فخر، وتساءلت "هل هذا التصرف محض صدفة؟ هل هو عبثي؟ هل هو خطأ فردي أم إهمال إداري؟ أم هو مخطط و مدروس؟". فيما كتبت إحدى المدونات: "مو بس هجروا الناس، كمان بكل وقاحة بدلوا اسم القرية بلافتة (خطاب الجديدة). هذا التعدي ما بيمثل أي سوري شريف ولن نقبل به حتى بعد مئة سنة". ولم تتبنّ الحكومة السورية الجديدة هذا النوع من الخطاب المتطرف ضد الأقليات في البلاد، بما في ذلك الطائفة العلوية. وكان الرئيس السوري أحمد الشرع، أعلن في 9 آذار/مارس الماضي، إنشاء لجنة تحقيق مستقلة تتولى البحث في أعمال العنف التي جرت في شمال غربي البلاد. وأكدت الرئاسة السورية بعد يومين على هذا المسعى، وجددت حرصها على تحقيق العدالة ومنع حدوث عمليات انتقام خارج إطار القانون. وفي 31 كانون الثاني/يناير الماضي، وقعت أعمال عنف طائفية في قرية أرزة، أسفرت عن مقتل تسعة من سكانها العلويين. وبحسب تقارير إعلامية، اقتحم مسلحون ملثمون القرية مساء ذلك اليوم، مستهدفين منازل محددة، وأطلقوا النار على السكان باستخدام أسلحة مزوّدة بكواتم صوت. ووصفت الحادثة بأنها "عملية تصفية ممنهجة". وفي أعقاب المجزرة، فرضت "قوات الأمن العام" طوقاً أمنياً حول القرية وبدأت عمليات تمشيط أسفرت عن اعتقال ثلاثة من المشتبه فيهم، فيما استمرت الاشتباكات مع عناصر مسلحة على أطراف القرية.


مصراوي
١٥-٠٣-٢٠٢٥
- سياسة
- مصراوي
سوريا.. من هم "العمشات" و"الحمزات"؟ وهل يحاسبهم الشرع؟
في الساحل السوري، تصاعدت خلال الفترة الماضية اتهامات بارتكاب مجازر ضد العلويين، وفق شهادات ناجين وتقارير ميدانية، رغم عدم تأكيد أي جهة مستقلة لهذه المزاعم. في شمال سوريا، حيث تتداخل الولاءات والصراعات، نشأت فصائل مسلحة كان لها دورًا بارزًا في التحولات التي شهدتها المنطقة. من بين هذه الفصائل، برز اسم كل من "فرقة سليمان شاه" و"فرقة الحمزة"، ليس فقط في ميدان المعارك، بل أيضًا في تقارير حقوق الإنسان والعقوبات الدولية. فماذا نعرف عنهما؟ وكيف ارتبط اسم هذه الفرق بانتهاكات جسيمة، وصلت إلى حد فرض العقوبات الأمريكية عليها؟ تواصلت شبكة "بي بي سي" مع مصادر مقربة من الإدارة السورية الجديدة، وسألتها عن مدى سلطة رئيس المرحلة الانتقالية على قادة المجموعات المسلحة داخل الفصائل المختلفة خلال المرحلة الحالية. فرقة سليمان شاه.. صعود "أبو عمشة" عام 2016 أطلقت تركيا عملية عسكرية عنوانها "درع الفرات" على حدودها مع سوريا للقضاء على ما وصفته "بممر الإرهاب" المتمثل في خطر تنظيم الدولة الإسلامية والمقاتلين الأكراد السوريين. وسط حالة الفوضى التي أعقبت التدخل التركي في شمال سوريا، ظهر محمد حسين الجاسم، المعروف بـ "أبو عمشة"، كأحد أبرز قادة الفصائل السورية المسلحة، وأكثرها شهرة بين السوريين، وهو ناشط على منصة "إكس" ويتابعه أكثر من 150 ألفًا. في عام 2018، أسس فرقة سليمان شاه، أو ما يُعرف بـ"العمشات"، التي سرعان ما أصبحت أحد الفصائل الرئيسية في الجيش الوطني السوري المدعوم من تركيا. الارتباط بتركيا لم يكن يومًا خفيًا عن هذه الفرقة، ولعل اسمها وحده يوضح عمق هذا الارتباط، فـ"سليمان شاه" هو جد عثمان الأول، مؤسس الدولة العثمانية. يُعد سليمان شاه رمزًا تاريخيًا هامًا في تركيا، حيث يستخدمه الخطاب القومي التركي جزءًا من رواية الاستمرارية التاريخية من الدولة العثمانية إلى الجمهورية التركية الحديثة. فرقة سليمان شاه، التي تحمل اسمه، استلهمت هويتها من هذا الإرث التاريخي، لكن أنشطتها في شمال سوريا وارتباطها بالجيش الوطني السوري المدعوم من تركيا أثارت جدلًا واسعًا، خاصة بعد اتهامها بانتهاكات ضد المدنيين في عفرين ومناطق أخرى. وتمركزت الفرقة بشكل رئيسي في عفرين، حيث لعبت دورًا محوريًا في العمليات العسكرية ضد وحدات حماية الشعب الكردي. لكن مع اتساع نفوذه، تحول "أبو عمشة" إلى شخصية مثيرة للجدل، حيث تراكمت حوله اتهامات بالفساد والانتهاكات. بمرور الوقت، أصبح الرجل أكثر من مجرد قائد عسكري، إذ فرض سيطرته على قطاعات اقتصادية داخل المناطق التي يسيطر عليها، وفرض الإتاوات على المدنيين، وسط تقارير تفيد بأن نفوذه وصل إلى حد ممارسة السلطة المطلقة داخل الفصيل. فرقة الحمزة.. من فصيل عسكري إلى ميليشيا متهمة بجرائم حرب برزت فرقة الحمزة، المعروفة بـ"الحمزات"، كواحدة من الفصائل المسلحة المؤثرة في شمال سوريا. تأسست الفرقة في السنوات الأولى من الحرب السورية، وسرعان ما انضمت إلى الجيش الوطني السوري المدعوم من تركيا. تولى قيادتها سيف بولاد، المعروف بلقب "أبو بكر"، وهو شخصية عسكرية بارزة، ولد في محافظة حلب، وشغل سابقًا منصب قائد القيادة العامة لمدينة الباب وريفها. توسعت سيطرة فرقة الحمزة لتشمل مناطق استراتيجية مثل الباب، وجرابلس، وعفرين، مما جعلها لاعبًا رئيسيًا في المشهد العسكري شمال سوريا. تُعرف الفرقة بتركيبتها العسكرية الصارمة وانضباطها التنظيمي. ومع ذلك، وُجّهت إليها اتهامات متعددة بارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان. وبحسب تقارير المرصد السوري لحقوق الإنسان، تورطت الفرقة في عمليات خطف، وابتزاز، وتهجير قسري، ومصادرة ممتلكات المدنيين، خاصة في مناطق مثل عفرين وشمال حلب. وفي حادثة بارزة عام 2022، وُجّهت اتهامات لعناصر من فرقة الحمزة باغتيال الناشط محمد عبد اللطيف (المعروف بـ"أبو غنوم") وزوجته في مدينة الباب. أثارت هذه الجريمة استنكارًا واسعًا، وسلطت الضوء على ممارسات الفرقة في المناطق الخاضعة لسيطرتها. في أغسطس 2023، فرضت وزارة الخزانة الأمريكية عقوبات على فرقة الحمزة وقائدها سيف بولاد (أبو بكر)، بسبب تورطهم في انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، بما في ذلك عمليات قتل خارج نطاق القانون، واحتجازات تعسفية، وتعذيب. ورغم هذه الاتهامات والعقوبات، نفى سيف بولاد (أبو بكر) عبر حسابه على منصة "إكس" تورط فرقته في أي انتهاكات ضد المدنيين في الساحل السوري، معتبرًا أن هذه الاتهامات جزء من حملة ممنهجة من "فلول النظام السابق وميليشيا قسد الإرهابية". انتهاكات موثقة.. وعقوبات أمريكية اتهمت عدة تقارير حقوقية كلًا من فرقة سليمان شاه وفرقة الحمزة بارتكاب انتهاكات جسيمة ضد المدنيين. فبحسب منظمة العفو الدولية، تورط مقاتلو فرقة سليمان شاه في عمليات نهب ممتلكات المدنيين في عفرين، وإجبارهم على دفع إتاوات مقابل البقاء في منازلهم. وأكدت المنظمة أن المدنيين الذين رفضوا الدفع تعرضوا للتهديد بالطرد القسري أو القتل. في شهادة وثقتها رابطة تآزر للضحايا -وهي مؤسسة غير حكومية وغير ربحية تأسست عام 2021 من قِبل مجموعة من الضحايا السوريين-، تحدثت امرأة كردية عن احتجازها في أحد السجون السرية التابعة لفرقة الحمزة. تقول: "بقيت هناك لأسابيع، لم أكن أعرف إن كنت سأخرج حية. كانوا يهددونني بالاغتصاب إذا حاولت الصراخ. كنت أسمع أصوات تعذيب سجناء آخرين كل ليلة". وتؤكد لجنة التحقيق الدولية المستقلة التابعة للأمم المتحدة حول سوريا، أن هذه الفصائل متورطة في عمليات قتل خارج نطاق القانون، واستهداف المدنيين على أساس عرقي، حيث كانت عمليات الإعدام الجماعي شائعة في المناطق التي تسيطر عليها. في 17أغسطس 2023، أعلنت وزارة الخزانة الأمريكية فرض عقوبات مباشرة على فرقة سليمان شاه وقائدها أبو عمشة، وفرقة الحمزة وقائدها أبو بكر. جاء في بيان الوزارة، أن هذه الفصائل مسؤولة عن انتهاكات خطيرة، شملت عمليات قتل خارج نطاق القضاء، واحتجازات تعسفية، وتعذيب، وانتهاكات أخرى ضد السكان المدنيين. وبحسب البيان، فإن قادة هذه الفصائل لم يكتفوا بالعمليات العسكرية، بل مارسوا عمليات ابتزاز ونهب واحتجاز رهائن من المدنيين مقابل فديات مالية. ووصفت الوزارة هذه العقوبات بأنها جزء من التزام الولايات المتحدة بمحاسبة المنتهكين لحقوق الإنسان، بغض النظر عن ولاءاتهم السياسية. قبل العقوبات الأمريكية، كانت الأمم المتحدة قد دعت مرارًا إلى محاسبة هذه الفصائل، حيث قالت في بيان مشترك عام 2021 إن "ما يحدث في شمال سوريا من انتهاكات لا يمكن السكوت عنه، ويجب اتخاذ إجراءات دولية عاجلة لمنع استمرار هذه الجرائم". فصائل تحت مظلة وزارة الدفاع الجديدة ومع سقوط نظام بشار الأسد في 8 ديسمبر 2024، ودخول سوريا مرحلة سياسية جديدة، تسعى الحكومة الانتقالية بقيادة أحمد الشرع إلى إعادة دمج الفصائل المسلحة تحت مظلة وزارة الدفاع. لكن جهودها تتصادم مع تعقيدات عديدة، بدءًا من علاقات الفصائل ببعضها، وصولًا إلى الاتهامات بارتكاب مجازر دموية في الساحل السوري خلال الأحداث الأخيرة. وفي حديثه لـ بي بي سي عربي، أكد مصدر مطلع ومقرب من الحكومة السورية الجديدة رفض الكشف عن اسمه، أن العلاقة بين فرقة سليمان شاه وفرقة الحمزة والإدارة العسكرية الحالية "ودية" وقائمة على التنسيق الوثيق والتعاون العسكري خصوصًا خلال عملية "ردع العدوان" التي أطلقتها فصائل المعارضة لإسقاط نظام الأسد نهاية العام الماضي، مشيرًا إلى أن السنوات الأخيرة شهدت تحسنًا كبيرًا في مستوى التنسيق بين هذه الفصائل. في المقابل، يرى عمار فرهود، الباحث في الشأن العسكري، أن العلاقة بين هذه الفصائل والمؤسسة العسكرية تشبه إلى حد كبير العلاقة التي تجمع فصائل الثورة الأخرى بالحكومة الجديدة، لافتًا في مقابلة مع "بي بي سي عربي"، إلى أن فرقة سليمان شاه قد اندمجت رسميًا داخل الجيش السوري، حيث تولى قائدها منصبًا عسكريًا رفيعًا في محافظة حماة، مما يعكس اندماجًا فعليًا داخل المنظومة العسكرية. لكنه أشار إلى أن هذا الاندماج لم يكتمل بعد، إذ لا تزال الفرقة تحتفظ ببعض النفوذ المستقل في شمال حلب، ما يجعل تحقيق الانسجام الكامل تحت قيادة موحدة مسألة تحتاج إلى المزيد من الوقت. أما وضع فرقة الحمزة فلا يزال غامضًا بحسب فرهود الذي أوضح أنه لا يوجد إعلان رسمي بانضمامها إلى وزارة الدفاع، لكنها في الوقت نفسه لا تعمل خارج سيطرة الحكومة. وأضاف أنه رغم عدم صدور تصريح واضح بانضمامها، إلا أن مؤشرات عدة تشير إلى أنها تقبل العمل تحت مظلة وزارة الدفاع، لكن ربما هناك تفاصيل تفاوضية تتعلق بإدارة المناطق وطبيعة المهام العسكرية الموكلة إليها، على حد وصفه. الشرع أمام اختبار العدالة بالتوازي مع هذه التطورات، تصاعد الجدل حول المجازر الأخيرة في الساحل السوري، حيث اتهم المرصد السوري لحقوق الإنسان، الجيش السوري والفصائل الداعمة له بتنفيذ عمليات تطهير عرقي وإعدامات ميدانية، مشيرًا إلى تورط مقاتلين من "الحمزات" و"العمشات" في 40 مجزرة طائفية خلال 72 ساعةظن بحسب بيانات له. ويقول المصدر المطلع والمقرب من حكومة دمشق الجديدة في حديثه مع بي بي سي، إن "جهات كثيرة فيها أشخاص غير منضبطين، ويقومون بتصرفات محرجة أحيانًا للجهة التي ينتمون إليها"، نافيًا أن يكون هناك أي محاولة لتبرئة القوات النظامية عبر تحميل الفصائل وحدها مسؤولية ما جرى، مؤكدًا أن الفاعلين كانوا أفرادًا غير منضبطين، وبعضهم مدنيون مسلحون لا ينتمون لأي تشكيل عسكري منظم. وأضاف المصدر، أن القوات النظامية لم تكن مسؤولة عن هذه الجرائم، بل إن ما حدث كان نتيجة لحالة التعبئة العامة والانفلات الأمني، حيث تحركت مجموعات مسلحة دون أي تنسيق، ما أدى إلى تجاوزات خطيرة. بدوره، أشار فرهود إلى أن فرقة سليمان شاه لم تعد فصيلًا مستقلًا، بل أصبحت رسميًا جزءًا من الجيش السوري، ما يجعل تحميلها المسؤولية كفصيل منفصل أمرًا غير دقيق، موضحًا أن بعض المسلحين الذين ارتكبوا انتهاكات لا ينتمون لهذه الفصائل، بل كانوا جزءًا من تشكيلات أخرى، مثل هيئة تحرير الشام أو مجموعات أخرى ضمن المؤسسة العسكرية. وفي ظل هذا المشهد، يبرز السؤال حول مدى قدرة أحمد الشرع على فرض سلطته الفعلية على هذه الفصائل، فوفقًا للمصدر المطلع، فإن الشرع يمتلك سلطة حقيقية على قادة الفصائل، وهناك محاولات لدمجها بشكل أوسع داخل الجيش، لكن الأمر يحتاج إلى وقت، موضحًا أن هذه الفصائل بنيت على مدى سنوات وفق قيادات مركزية، ومن الصعب دمجها بين ليلة وضحاها في جيش نظامي، ما يستدعي إعادة ترتيب القوات الأمنية والعسكرية بشكل تدريجي. لكن فرهود يرى أن الشرع، رغم امتلاكه السلطة الشرعية على مستوى الدولة، لا يملك سلطة مباشرة على قادة المجموعات داخل الفصائل المختلفة على حد وصفه، موضحًا أن الكثير من المقاتلين لا يزالون يتلقون الأوامر من قادتهم السابقين وليس من وزارة الدفاع، وهو ما ينطبق على فصائل أخرى مثل "أحرار الشام" و"أنصار التوحيد."


شفق نيوز
١٥-٠٣-٢٠٢٥
- سياسة
- شفق نيوز
من هم "العمشات" و"الحمزات"؟ وهل يحاسبهم الشرع؟
في الساحل السوري، تصاعدت خلال الفترة الماضية اتهامات بارتكاب مجازر ضد العلويين، وفق شهادات ناجين وتقارير ميدانية، رغم عدم تأكيد أي جهة مستقلة لهذه المزاعم. في شمال سوريا، حيث تتداخل الولاءات والصراعات، نشأت فصائل مسلحة كان لها دور بارز في التحولات التي شهدتها المنطقة. من بين هذه الفصائل، برز اسم كل من "فرقة سليمان شاه" و"فرقة الحمزة"، ليس فقط في ميدان المعارك، بل أيضاً في تقارير حقوق الإنسان والعقوبات الدولية. فماذا نعرف عنهما؟ وكيف ارتبط اسم هذه الفرق بانتهاكات جسيمة، وصلت إلى حد فرض العقوبات الأمريكية عليها؟ تواصلنا في بي بي سي مع مصادر مقربة من الإدارة السورية الجديدة، وسألنا عن مدى سلطة رئيس المرحلة الانتقالية على قادة المجموعات المسلحة داخل الفصائل المختلفة خلال المرحلة الحالية. فرقة سليمان شاه.. صعود "أبو عمشة" X عام 2016 أطلقت تركيا عملية عسكرية عنوانها "درع الفرات" على حدودها مع سوريا للقضاء على ما وصفته "بممر الإرهاب" المتمثل في خطر تنظيم الدولة الإسلامية والمقاتلين الأكراد السوريين. وسط حالة الفوضى التي أعقبت التدخل التركي في شمال سوريا، ظهر محمد حسين الجاسم، المعروف بـ "أبو عمشة"، كأحد أبرز قادة الفصائل السورية المسلحة، وأكثرها شهرة بين السوريين، وهو ناشط على منصة X ويتابعه أكثر من 150 ألفاً. في عام 2018، أسس فرقة سليمان شاه، أو ما يُعرف بـ"العمشات"، التي سرعان ما أصبحت أحد الفصائل الرئيسية في الجيش الوطني السوري المدعوم من تركيا. الارتباط بتركيا لم يكن يوماً خفياً عن هذه الفرقة، ولعل اسمها وحده يوضح عمق هذا الارتباط، ف"سليمان شاه" هو جد عثمان الأول، مؤسس الدولة العثمانية. يُعد سليمان شاه رمزاً تاريخياً هاماً في تركيا، حيث يستخدمه الخطاب القومي التركي جزءاً من رواية الاستمرارية التاريخية من الدولة العثمانية إلى الجمهورية التركية الحديثة. فرقة سليمان شاه، التي تحمل اسمه، استلهمت هويتها من هذا الإرث التاريخي، لكن أنشطتها في شمال سوريا وارتباطها بالجيش الوطني السوري المدعوم من تركيا أثارت جدلاً واسعاً، خاصة بعد اتهامها بانتهاكات ضد المدنيين في عفرين ومناطق أخرى. تمركزت الفرقة بشكل رئيسي في عفرين، حيث لعبت دوراً محورياً في العمليات العسكرية ضد وحدات حماية الشعب الكردي. لكن مع اتساع نفوذه، تحول "أبو عمشة" إلى شخصية مثيرة للجدل، حيث تراكمت حوله اتهامات بالفساد والانتهاكات. بمرور الوقت، أصبح الرجل أكثر من مجرد قائد عسكري، إذ فرض سيطرته على قطاعات اقتصادية داخل المناطق التي يسيطر عليها، وفرض الإتاوات على المدنيين، وسط تقارير تفيد بأن نفوذه وصل إلى حد ممارسة السلطة المطلقة داخل الفصيل. فرقة الحمزة.. من فصيل عسكري إلى ميليشيا متهمة بجرائم حرب X برزت فرقة الحمزة، المعروفة بـ"الحمزات"، كواحدة من الفصائل المسلحة المؤثرة في شمال سوريا. تأسست الفرقة في السنوات الأولى من الحرب السورية، وسرعان ما انضمت إلى الجيش الوطني السوري المدعوم من تركيا. تولى قيادتها سيف بولاد، المعروف بلقب "أبو بكر"، وهو شخصية عسكرية بارزة، ولد في محافظة حلب، وشغل سابقاً منصب قائد "القيادة العامة لمدينة الباب وريفها. توسعت سيطرة فرقة الحمزة لتشمل مناطق استراتيجية مثل الباب، وجرابلس، وعفرين، مما جعلها لاعباً رئيسياً في المشهد العسكري شمال سوريا. تُعرف الفرقة بتركيبتها العسكرية الصارمة وانضباطها التنظيمي. ومع ذلك، وُجّهت إليها اتهامات متعددة بارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان. بحسب تقارير المرصد السوري لحقوق الإنسان، تورطت الفرقة في عمليات خطف، وابتزاز، وتهجير قسري، ومصادرة ممتلكات المدنيين، خاصة في مناطق مثل عفرين وشمال حلب. وفي حادثة بارزة عام 2022، وُجّهت اتهامات لعناصر من فرقة الحمزة باغتيال الناشط محمد عبد اللطيف (المعروف بـ"أبو غنوم") وزوجته في مدينة الباب. أثارت هذه الجريمة استنكاراً واسعاً، وسلطت الضوء على ممارسات الفرقة في المناطق الخاضعة لسيطرتها. في آب/أغسطس 2023، فرضت وزارة الخزانة الأميركية عقوبات على فرقة الحمزة وقائدها سيف بولاد (أبو بكر)، بسبب تورطهم في انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، بما في ذلك عمليات قتل خارج نطاق القانون، واحتجازات تعسفية، وتعذيب. ورغم هذه الاتهامات والعقوبات، نفى سيف بولاد (أبو بكر) عبر حسابه على منصة X تورط فرقته في أي انتهاكات ضد المدنيين في الساحل السوري، معتبراً أن هذه الاتهامات جزء من حملة ممنهجة من "فلول النظام السابق وميليشيا قسد الإرهابية". انتهاكات موثقة.. وعقوبات أمريكية X اتهمت عدة تقارير حقوقية كلاً من فرقة سليمان شاه وفرقة الحمزة بارتكاب انتهاكات جسيمة ضد المدنيين. فبحسب منظمة العفو الدولية، تورط مقاتلو فرقة سليمان شاه في عمليات نهب ممتلكات المدنيين في عفرين، وإجبارهم على دفع إتاوات مقابل البقاء في منازلهم. وأكدت المنظمة أن المدنيين الذين رفضوا الدفع تعرضوا للتهديد بالطرد القسري أو القتل. في شهادة وثقتها رابطة تآزر للضحايا -وهي مؤسسة غير حكومية وغير ربحية تأسست عام 2021 من قبل مجموعة من الضحايا السوريين-، تحدثت امرأة كردية عن احتجازها في أحد السجون السرية التابعة لفرقة الحمزة. تقول: "بقيت هناك لأسابيع، لم أكن أعرف إن كنت سأخرج حية. كانوا يهددونني بالاغتصاب إذا حاولت الصراخ. كنت أسمع أصوات تعذيب سجناء آخرين كل ليلة." وتؤكد لجنة التحقيق الدولية المستقلة التابعة للأمم المتحدة حول سوريا أن هذه الفصائل متورطة في عمليات قتل خارج نطاق القانون، واستهداف المدنيين على أساس عرقي، حيث كانت عمليات الإعدام الجماعي شائعة في المناطق التي تسيطر عليها. في 17 آب/أغسطس 2023، أعلنت وزارة الخزانة الأميركية فرض عقوبات مباشرة على فرقة سليمان شاه وقائدها أبو عمشة، وفرقة الحمزة وقائدها أبو بكر. جاء في بيان الوزارة أن هذه الفصائل مسؤولة عن انتهاكات خطيرة، شملت عمليات قتل خارج نطاق القضاء، واحتجازات تعسفية، وتعذيب، وانتهاكات أخرى ضد السكان المدنيين. بحسب البيان، فإن قادة هذه الفصائل لم يكتفوا بالعمليات العسكرية، بل مارسوا عمليات ابتزاز ونهب واحتجاز رهائن من المدنيين مقابل فديات مالية. ووصفت الوزارة هذه العقوبات بأنها جزء من التزام الولايات المتحدة بمحاسبة المنتهكين لحقوق الإنسان، بغض النظر عن ولاءاتهم السياسية. قبل العقوبات الأميركية، كانت الأمم المتحدة قد دعت مراراً إلى محاسبة هذه الفصائل، حيث قالت في بيان مشترك عام 2021 إن "ما يحدث في شمال سوريا من انتهاكات لا يمكن السكوت عنه، ويجب اتخاذ إجراءات دولية عاجلة لمنع استمرار هذه الجرائم". فصائل تحت مظلة وزارة الدفاع الجديدة ومع سقوط نظام بشار الأسد في 8 ديسمبر/كانون الأول 2024، ودخول سوريا مرحلة سياسية جديدة، تسعى الحكومة الانتقالية بقيادة أحمد الشرع إلى إعادة دمج الفصائل المسلحة تحت مظلة وزارة الدفاع. لكن جهودها تتصادم مع تعقيدات عديدة، بدءاً من علاقات الفصائل ببعضها، وصولاً إلى الاتهامات بارتكاب مجازر دموية في الساحل السوري خلال الأحداث الأخيرة. وفي حديثه لـ بي بي سي عربي، أكد مصدر مطلع ومقرب من الحكومة السورية الجديدة رفض الكشف عن اسمه أن العلاقة بين فرقة سليمان شاه وفرقة الحمزة والإدارة العسكرية الحالية "ودية" وقائمة على التنسيق الوثيق والتعاون العسكري خصوصاً خلال عملية "ردع العدوان" التي أطلقتها فصائل المعارضة لإسقاط نظام الأسد نهاية العام الماضي، مشيراً إلى أن السنوات الأخيرة شهدت تحسناً كبيراً في مستوى التنسيق بين هذه الفصائل. في المقابل، يرى عمار فرهود، الباحث في الشأن العسكري، أن العلاقة بين هذه الفصائل والمؤسسة العسكرية تشبه إلى حد كبير العلاقة التي تجمع فصائل الثورة الأخرى بالحكومة الجديدة، لافتاً في مقابلة مع بي بي سي عربي إلى أن فرقة سليمان شاه قد اندمجت رسمياً داخل الجيش السوري، حيث تولى قائدها منصباً عسكرياً رفيعاً في محافظة حماة، مما يعكس اندماجاً فعلياً داخل المنظومة العسكرية. لكنه أشار إلى أن هذا الاندماج لم يكتمل بعد، إذ لا تزال الفرقة تحتفظ ببعض النفوذ المستقل في شمال حلب، ما يجعل تحقيق الانسجام الكامل تحت قيادة موحدة مسألة تحتاج إلى المزيد من الوقت. أما وضع فرقة الحمزة فلا يزال غامضاً بحسب فرهود الذي أوضح أنه لا يوجد إعلان رسمي بانضمامها إلى وزارة الدفاع، لكنها في الوقت نفسه لا تعمل خارج سيطرة الحكومة. وأضاف أنه رغم عدم صدور تصريح واضح بانضمامها، إلا أن مؤشرات عدة تشير إلى أنها تقبل العمل تحت مظلة وزارة الدفاع، لكن ربما هناك تفاصيل تفاوضية تتعلق بإدارة المناطق وطبيعة المهام العسكرية الموكلة إليها على حد وصفه. الشرع أمام اختبار العدالة X بالتوازي مع هذه التطورات، تصاعد الجدل حول المجازر الأخيرة في الساحل السوري، حيث اتهم المرصد السوري لحقوق الإنسان، الجيش السوري والفصائل الداعمة له بتنفيذ عمليات تطهير عرقي وإعدامات ميدانية، مشيراً إلى تورط مقاتلين من "الحمزات" و"العمشات" في 40 مجزرة طائفية خلال 72 ساعة بحسب بيانات له. ويقول المصدر المطلع والمقرب من حكومة دمشق الجديدة في حديثه مع بي بي سي إن "جهات كثيرة فيها أشخاص غير منضبطين، ويقومون بتصرفات محرجة أحياناً للجهة التي ينتمون اليها"، نافياً أن يكون هناك أي محاولة لتبرئة القوات النظامية عبر تحميل الفصائل وحدها مسؤولية ما جرى، مؤكداً أن الفاعلين كانوا أفراداً غير منضبطين، وبعضهم مدنيون مسلحون لا ينتمون لأي تشكيل عسكري منظم. وأضاف المصدر أن القوات النظامية لم تكن مسؤولة عن هذه الجرائم، بل إن ما حدث كان نتيجة لحالة التعبئة العامة والانفلات الأمني، حيث تحركت مجموعات مسلحة دون أي تنسيق، ما أدى إلى تجاوزات خطيرة. بدوره، أشار فرهود إلى أن فرقة سليمان شاه لم تعد فصيلاً مستقلاً، بل أصبحت رسمياً جزءاً من الجيش السوري، ما يجعل تحميلها المسؤولية كفصيل منفصل أمراً غير دقيق، موضحاً أن بعض المسلحين الذين ارتكبوا انتهاكات لا ينتمون لهذه الفصائل، بل كانوا جزءاً من تشكيلات أخرى، مثل هيئة تحرير الشام أو مجموعات أخرى ضمن المؤسسة العسكرية. وفي ظل هذا المشهد، يبرز السؤال حول مدى قدرة أحمد الشرع على فرض سلطته الفعلية على هذه الفصائل، فوفقاً للمصدر المطلع، فإن الشرع يمتلك سلطة حقيقية على قادة الفصائل، وهناك محاولات لدمجها بشكل أوسع داخل الجيش، لكن الأمر يحتاج إلى وقت، موضحاً أن هذه الفصائل بنيت على مدى سنوات وفق قيادات مركزية، ومن الصعب دمجها بين ليلة وضحاها في جيش نظامي، ما يستدعي إعادة ترتيب القوات الأمنية والعسكرية بشكل تدريجي. لكن فرهود يرى أن الشرع، رغم امتلاكه السلطة الشرعية على مستوى الدولة، لا يملك سلطة مباشرة على قادة المجموعات داخل الفصائل المختلفة على حد وصفه، موضحاً أن الكثير من المقاتلين لا يزالون يتلقون الأوامر من قادتهم السابقين وليس من وزارة الدفاع، وهو ما ينطبق على فصائل أخرى مثل "أحرار الشام" و"أنصار التوحيد."


سيدر نيوز
١٥-٠٣-٢٠٢٥
- سياسة
- سيدر نيوز
من هم 'العمشات' و'الحمزات'؟ وهل يحاسبهم الشرع؟
Join our Telegram X في الساحل السوري، تصاعدت خلال الفترة الماضية اتهامات بارتكاب مجازر ضد العلويين، وفق شهادات ناجين وتقارير ميدانية، رغم عدم تأكيد أي جهة مستقلة لهذه المزاعم. في شمال سوريا، حيث تتداخل الولاءات والصراعات، نشأت فصائل مسلحة كان لها دور بارز في التحولات التي شهدتها المنطقة. من بين هذه الفصائل، برز اسما 'فرقة سليمان شاه' و'فرقة الحمزة'، ليس فقط في ميدان المعارك، بل أيضاً في تقارير حقوق الإنسان والعقوبات الدولية. فمن هما؟ وكيف أصبح اسماهما مرتبطين بانتهاكات جسيمة، وصولاً إلى العقوبات الأمريكية؟ كما تواصلنا مع مصادر مقربة من الإدارة السورية الجديدة، وسألنا عن مدى سلطة رئيس المرحلة الانتقالية على قادة المجموعات المسلحة داخل الفصائل المختلفة خلال المرحلة الحالية. فرقة سليمان شاه.. صعود 'أبو عمشة'. X عام 2016 أطلقت تركيا عملية عسكرية عنوانها 'درع الفرات' على حدودها مع سوريا للقضاء على ما وصفته 'بممر الإرهاب' المتمثل في خطر تنظيم الدولة الإسلامية والمقاتلين الأكراد السوريين. وسط حالة الفوضى التي أعقبت التدخل التركي في شمال سوريا، ظهر محمد حسين الجاسم، المعروف بـ 'أبو عمشة'، كأحد أبرز قادة الفصائل السورية المسلحة، وأكثرها شهرة بين السوريين، وهو ناشط على منصة X ويتابعه أكثر من 150 ألفاً. في عام 2018، أسس فرقة سليمان شاه، أو ما يُعرف بـ'العمشات'، والتي سرعان ما أصبحت أحد الفصائل الرئيسية في الجيش الوطني السوري المدعوم من تركيا. الارتباط بتركيا لم يكن يوماً خفياً عن هذه الفرقة، ولعل اسمها وحده يوضح عمق هذا الارتباط، ف'سليمان شاه' هو هو جد عثمان الأول، مؤسس الدولة العثمانية. يُعد سليمان شاه رمزاً تاريخياً هاماً في تركيا، حيث يستخدمه الخطاب القومي التركي كجزء من رواية الاستمرارية التاريخية من الدولة العثمانية إلى الجمهورية التركية الحديثة. فرقة سليمان شاه، التي تحمل اسمه، استلهمت هويتها من هذا الإرث التاريخي، لكن أنشطتها في شمال سوريا وارتباطها بالجيش الوطني السوري المدعوم من تركيا أثارت جدلاً واسعاً، خاصة بعد اتهامها بانتهاكات ضد المدنيين في عفرين ومناطق أخرى. تمركزت الفرقة بشكل رئيسي في عفرين، حيث لعبت دوراً محورياً في العمليات العسكرية ضد وحدات حماية الشعب الكردية. لكن مع اتساع نفوذه، تحول 'أبو عمشة' إلى شخصية مثيرة للجدل، حيث تراكمت حوله اتهامات بالفساد والانتهاكات. بمرور الوقت، أصبح الرجل أكثر من مجرد قائد عسكري، إذ فرض سيطرته على قطاعات اقتصادية داخل المناطق التي يسيطر عليها، وفرض الإتاوات على المدنيين، وسط تقارير تفيد بأن نفوذه وصل إلى حد ممارسة السلطة المطلقة داخل الفصيل. فرقة الحمزة.. من فصيل عسكري إلى ميليشيا متهمة بجرائم حرب X برزت فرقة الحمزة، المعروفة بـ'الحمزات'، كواحدة من الفصائل المسلحة المؤثرة في شمال سوريا. تأسست الفرقة في السنوات الأولى من الحرب السورية، وسرعان ما انضمت إلى الجيش الوطني السوري المدعوم من تركيا. تولى قيادتها سيف بولاد، المعروف بلقب 'أبو بكر'، وهو شخصية عسكرية بارزة، ولد في محافظة حلب، وشغل سابقاً منصب قائد 'القيادة العامة لمدينة الباب وريفها. توسعت سيطرة فرقة الحمزة لتشمل مناطق استراتيجية مثل الباب، جرابلس، وعفرين، مما جعلها لاعباً رئيسياً في المشهد العسكري شمال سوريا. تُعرف الفرقة بتركيبتها العسكرية الصارمة وانضباطها التنظيمي. ومع ذلك، وُجّهت إليها اتهامات متعددة بارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان. بحسب تقارير المرصد السوري لحقوق الإنسان، تورطت الفرقة في عمليات خطف، ابتزاز، تهجير قسري، ومصادرة ممتلكات المدنيين، خاصة في مناطق مثل عفرين وشمال حلب. في حادثة بارزة عام 2022، وُجّهت اتهامات لعناصر من فرقة الحمزة باغتيال الناشط محمد عبد اللطيف (المعروف بـ'أبو غنوم') وزوجته في مدينة الباب. أثارت هذه الجريمة استنكاراً واسعاً، وسلطت الضوء على ممارسات الفرقة في المناطق الخاضعة لسيطرتها. في آب/أغسطس 2023، فرضت وزارة الخزانة الأميركية عقوبات على فرقة الحمزة وقائدها سيف بولاد (أبو بكر)، بسبب تورطهم في انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، بما في ذلك عمليات قتل خارج نطاق القانون، احتجاز تعسفي، وتعذيب. ورغم هذه الاتهامات والعقوبات، نفى سيف بولاد (أبو بكر) عبر حسابه على منصة X (تويتر سابقاً) تورط فرقته في أي انتهاكات ضد المدنيين في الساحل السوري، معتبرًا أن هذه الاتهامات جزء من حملة ممنهجة من فلول النظام السابق وميليشيا قسد الإرهابية. انتهاكات موثقة.. وعقوبات أمريكية X اتهمت عدة تقارير حقوقية كلاً من فرقة سليمان شاه وفرقة الحمزة بارتكاب انتهاكات جسيمة ضد المدنيين. فبحسب منظمة العفو الدولية، تورط مقاتلو فرقة سليمان شاه في عمليات نهب ممتلكات المدنيين في عفرين، وإجبارهم على دفع إتاوات مقابل البقاء في منازلهم. وأكدت المنظمة أن المدنيين الذين رفضوا الدفع تعرضوا للتهديد بالطرد القسري أو القتل. في شهادة وثقتها رابطة تآزر للضحايا -وهي مؤسسة غير حكومية وغير ربحية تأسست عام 2021 من قبل مجموعة من الضحايا السوريين-، تحدثت امرأة كردية عن احتجازها في أحد السجون السرية التابعة لفرقة الحمزة. تقول: 'بقيت هناك لأسابيع، لم أكن أعرف إن كنت سأخرج حية. كانوا يهددونني بالاغتصاب إذا حاولت الصراخ. كنت أسمع أصوات تعذيب سجناء آخرين كل ليلة.' وتؤكد لجنة التحقيق الدولية المستقلة التابعة للأمم المتحدة حول سوريا أن هذه الفصائل متورطة في عمليات قتل خارج نطاق القانون، واستهداف المدنيين على أساس عرقي، حيث كانت عمليات الإعدام الجماعي شائعة في المناطق التي تسيطر عليها. في 17 آب/أغسطس 2023، أعلنت وزارة الخزانة الأميركية فرض عقوبات مباشرة على فرقة سليمان شاه وقائدها أبو عمشة، وفرقة الحمزة وقائدها أبو بكر. جاء في بيان الوزارة أن هذه الفصائل مسؤولة عن انتهاكات خطيرة، شملت عمليات قتل خارج نطاق القضاء، احتجاز تعسفي، تعذيب، وانتهاكات أخرى ضد السكان المدنيين. بحسب البيان، فإن قادة هذه الفصائل لم يكتفوا بالعمليات العسكرية، بل مارسوا عمليات ابتزاز ونهب واحتجاز رهائن من المدنيين مقابل فدى مالية. ووصفت الوزارة هذه العقوبات بأنها جزء من التزام الولايات المتحدة بمحاسبة المنتهكين لحقوق الإنسان، بغض النظر عن ولاءاتهم السياسية. قبل العقوبات الأميركية، كانت الأمم المتحدة قد دعت مراراً إلى محاسبة هذه الفصائل، حيث قالت في بيان مشترك عام 2021 إن 'ما يحدث في شمال سوريا من انتهاكات لا يمكن السكوت عنه، ويجب اتخاذ إجراءات دولية عاجلة لمنع استمرار هذه الجرائم'. فصائل تحت مظلة وزارة الدفاع الجديدة ومع سقوط نظام بشار الأسد في 8 ديسمبر/كانون الأول 2024، ودخول سوريا مرحلة سياسية جديدة، تسعى الحكومة الانتقالية بقيادة أحمد الشرع إلى إعادة دمج الفصائل المسلحة تحت مظلة وزارة الدفاع. لكن جهودها تتصادم مع تعقيدات عديدة، بدءاً من علاقات الفصائل ببعضها البعض، وصولاً إلى الاتهامات بارتكاب مجازر دموية في الساحل السوري خلال الأحداث الأخيرة. وفي حديثه لـ بي بي سي عربي، أكد مصدر مطلع ومقرب من الحكومة السورية الجديدة رفض الكشف عن اسمه أن العلاقة بين فرقة سليمان شاه وفرقة الحمزة والإدارة العسكرية الحالية 'ودية' وقائمة على التنسيق الوثيق والتعاون العسكري خصوصاً خلال عملية 'ردع العدوان' التي أطلقتها فصائل المعارضة لإسقاط نظام الأسد نهاية العام الماضي، مشيراً إلى أن السنوات الأخيرة شهدت تحسناً كبيراً في مستوى التنسيق بين هذه الفصائل. في المقابل، يرى عمار فرهود، الباحث في الشأن العسكري، أن العلاقة بين هذه الفصائل والمؤسسة العسكرية تشبه إلى حد كبير العلاقة التي تجمع فصائل الثورة الأخرى بالحكومة الجديدة، لافتاً في مقابلة مع بي بي سي عربي إلى أن فرقة سليمان شاه قد اندمجت رسمياً داخل الجيش السوري، حيث تولى قائدها منصباً عسكرياً رفيعاً في محافظة حماة، مما يعكس اندماجاً فعلياً داخل المنظومة العسكرية. لكنه أشار إلى أن هذا الاندماج لم يكتمل بعد، إذ لا تزال الفرقة تحتفظ ببعض النفوذ المستقل في شمال حلب، ما يجعل تحقيق الانسجام الكامل تحت قيادة موحدة مسألة تحتاج إلى المزيد من الوقت. أما وضع فرقة الحمزة فلا يزال غامضاً بحسب فرهود الذي أوضح أنه لا يوجد إعلان رسمي بانضمامها إلى وزارة الدفاع، لكنها في الوقت نفسه لا تعمل خارج سيطرة الحكومة. وأضاف أنه رغم عدم صدور تصريح واضح بانضمامها، إلا أن مؤشرات عدة تشير إلى أنها تقبل العمل تحت مظلة وزارة الدفاع، لكن ربما هناك تفاصيل تفاوضية تتعلق بإدارة المناطق وطبيعة المهام العسكرية الموكلة إليها على حد وصفه. الشرع أمام اختبار العدالة X بالتوازي مع هذه التطورات، تصاعد الجدل حول المجازر الأخيرة في الساحل السوري، حيث اتهم المرصد السوري لحقوق الإنسان، الجيش السوري والفصائل الداعمة له بتنفيذ عمليات تطهير عرقي وإعدامات ميدانية، مشيراً إلى تورط مقاتلين من 'الحمزات' و'العمشات' في 40 مجزرة طائفية خلال 72 ساعة بحسب بيانات له. ويقول المصدر المطلع والمقرب من حكومة دمشق الجديدة في حديثه مع بي بي سي إن ' جهات كثيرة فيها أشخاص غير منضبطين ويقومون بتصرفات محرجة أحيانا للجهة التي ينتمون اليها'، نافياً أن يكون هناك أي محاولة لتبرئة القوات النظامية عبر تحميل الفصائل وحدها مسؤولية ما جرى، مؤكداً أن الفاعلين كانوا أفراداً غير منضبطين، وبعضهم مدنيون مسلحون لا ينتمون لأي تشكيل عسكري منظم. وأضاف المصدر أن القوات النظامية لم تكن مسؤولة عن هذه الجرائم، بل إن ما حدث كان نتيجة لحالة التعبئة العامة والانفلات الأمني، حيث تحركت مجموعات مسلحة دون أي تنسيق، ما أدى إلى تجاوزات خطيرة. بدوره، أشار فرهود إلى أن فرقة سليمان شاه لم تعد فصيلاً مستقلاً، بل أصبحت رسمياً جزءاً من الجيش السوري، ما يجعل تحميلها المسؤولية كفصيل منفصل أمراً غير دقيق، موضحاً أن بعض المسلحين الذين ارتكبوا انتهاكات لا ينتمون لهذه الفصائل، بل كانوا جزءاً من تشكيلات أخرى، مثل هيئة تحرير الشام أو مجموعات أخرى ضمن المؤسسة العسكرية. وفي ظل هذا المشهد، يبرز السؤال حول مدى قدرة أحمد الشرع على فرض سلطته الفعلية على هذه الفصائل، فوفقاً للمصدر المطلع، فإن الشرع يمتلك سلطة حقيقية على قادة الفصائل، وهناك محاولات لدمجها بشكل أوسع داخل الجيش، لكن الأمر يحتاج إلى وقت، موضحاً أن هذه الفصائل بنيت على مدى سنوات وفق قيادات مركزية، ومن الصعب دمجها بين ليلة وضحاها في جيش نظامي، ما يستدعي إعادة ترتيب القوات الأمنية والعسكرية بشكل تدريجي. لكن فرهود يرى أن الشرع، رغم امتلاكه السلطة الشرعية على مستوى الدولة، لا يملك سلطة مباشرة على قادة المجموعات داخل الفصائل المختلفة على حد وصفه، موضحاً أن الكثير من المقاتلين لا يزالون يتلقون الأوامر من قادتهم السابقين وليس من وزارة الدفاع، وهو ما ينطبق على فصائل أخرى مثل 'أحرار الشام' و'أنصار التوحيد.' Powered by WPeMatico


ليبانون 24
١٠-٠٣-٢٠٢٥
- سياسة
- ليبانون 24
متورطة بمذابح السوريين.. معلوماتٌ عن جماعتي "العمشات والحمزات"!
تشهد مناطق الساحل السوري تصعيداً خطيراً، وسط اتهامات بارتكاب فصائل مسلحة، أبرزها فرقة سليمان شاه (العمشات) وفرقة الحمزة (الحمزات)، "عمليات تطهير عرقي ممنهج بحق المدنيين تحت ذريعة محاربة فلول النظام السوري" وفقا لنشطاء ومنظمات حقوقية. وتشير تقارير ميدانية إلى أن هذه الفصائل، التي تحظى بدعم تركي، "تورطت" في "مجازر" واسعة النطاق في الساحل السوري، حيث تصاعدت الانتهاكات ضد السكان المدنيين في مدن بانياس وطرطوس واللاذقية، بحسب ما جاء في تقرير لموقع "الحرة". وفقا لمصادر محلية في بلدة تعنينا التابعة لمحافظة طرطوس، اقتحم رتل تابع لفصيلي العمشات والحمزات مدينة بانياس واستقر فيها لمدة يومين. وخلال هذه الفترة، نفذت الفصائل عمليات "تصفية" جماعية بحق سكان حي القصور، الذي تقطنه غالبية من الطائفة العلوية، كما أحرقت منازل المدنيين في المنطقة. وبعد انتشار الأخبار عن "المجازر"، تحركت قوات الأمن العام لطرد المسلحين من المدينة، مما دفعهم للانسحاب إلى بلدة الحطانية بريف طرطوس، وسط استمرار تحليق الطيران المسير في أجواء المنطقة. برزت فرقة سليمان شاه وفرقة الحمزة ضمن الفصائل التي أيدت اختيار أحمد الشرع كرئيس للمرحلة الانتقالية في سوريا. وعلى الرغم من انتشارها في إدلب، إلا أن الفصيلين دفعا بمقاتليهما إلى بانياس لدعم قوات وزارة الدفاع السورية في فرض السيطرة على منطقة الساحل السوري. وبحسب تقارير صادرة عن المرصد السوري لحقوق الإنسان ومنظمات حقوقية أخرى، "تورط" الفصيلان في عمليات خطف، ابتزاز، تهجير قسري، ومصادرة ممتلكات المدنيين، خاصة في عفرين وشمال حلب. كذلك، وثّقت المنظمات إدارة مراكز احتجاز غير قانونية، وعمليات تعذيب، واغتيالات ممنهجة، كان أبرزها اغتيال الناشط محمد عبد اللطيف (أبو غنوم) وزوجته في مدينة الباب عام 2022. فرقة سليمان شاه (العمشات) يقودها محمد حسين الجاسم (أبو عمشة)، وهو شخصية مثيرة للجدل، تواجه اتهامات بانتهاكات حقوقية جسيمة. وتتخذ الفرقة من ناحية شيخ الحديد في عفرين مركزًا رئيسيًا لها، مع انتشار في مناطق أخرى من ريف حلب الشمالي. أما فرقة الحمزة (الحمزات)، فتمتد سيطرتها إلى الباب، جرابلس، وعفرين، بقيادة سيف بولاد (أبو بكر)، أحد القادة البارزين داخل الجيش الوطني السوري المدعوم من تركيا. وفي عام 2023، فرضت وزارة الخزانة الأميركية عقوبات مباشرة على الفصيلين، متهمةً إياهما بارتكاب جرائم حرب وانتهاكات واسعة لحقوق الإنسان في مناطق سيطرتهما. وشملت العقوبات: تجميد الأصول التابعة للفصيلين داخل الولايات المتحدة، منع أي تعاملات مالية أميركية مع قياداتهما، وإدراج "السفير أوتو"، شركة تجارة سيارات مملوكة لأبو عمشة، ضمن الكيانات المحظورة. وأكدت واشنطن أن الفصيلين مسؤولان عن الابتزاز، التهجير القسري، والاختطاف، مما أدى إلى تفاقم الأزمة الإنسانية في شمال سوريا. ووفقًا لتقارير المرصد السوري لحقوق الإنسان، فقد بلغ العدد الإجمالي للضحايا الذين قضوا جراء التصعيد في الساحل السوري 973 شخصًا، بينهم نساء وأطفال. وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن في تصريح لموقع "الحرة" في وقت سابق، إن منطقة الساحل شهدت "29 مجزرة قتل خلالها 568 مدني علوي بينهم نساء وأطفال". وأضاف عبد الرحمن أن "بعض المناطق حصلت فيها عمليات ذبح لمدنيين، فيما قتل آخرون بطريقة الإعدام بالرصاص". يقول عبد الرحمن إن "الجهات التي شاركت في عمليات القتل هو الجيش السوري والقوات الرديفة معه، وهذه الأخيرة تضم عناصر أجانب من جنسيات تتحدر من أواسط آسيا كأوزبكستان".