logo
#

أحدث الأخبار مع #عبدالحكيمالعياط

الأبواب المفتوحة للأمن الوطني: من الأمن في الممارسة إلى الأمن في التمثلات
الأبواب المفتوحة للأمن الوطني: من الأمن في الممارسة إلى الأمن في التمثلات

هبة بريس

time١٨-٠٥-٢٠٢٥

  • سياسة
  • هبة بريس

الأبواب المفتوحة للأمن الوطني: من الأمن في الممارسة إلى الأمن في التمثلات

بقلم :عبد الحكيم العياط – باحث جامعي في العلوم السياسية في إطار الاحتفال بالذكرى التاسعة والستين لتأسيس المديرية العامة للأمن الوطني، شهدت مدينة الجديدة في السادس عشر من ماي 2025 انطلاق فعاليات الدورة السادسة لأيام الأبواب المفتوحة التي تنظمها المديرية العامة للأمن الوطني تحت شعار 'فخورون بخدمة أمة عريقة وعرش مجيد'. وتستمر هذه التظاهرة الوطنية المفتوحة في وجه العموم إلى غاية الحادي والعشرين من الشهر نفسه، بمركز المعارض محمد السادس، حيث تحولت المدينة خلال هذه الأيام إلى قبلة لآلاف الزوار من مختلف الفئات العمرية والمهنية، في مشهد يجسد الانفتاح المؤسسي الذي أصبح يميز عمل الأمن الوطني في السنوات الأخيرة. تميز حفل الافتتاح بحضور شخصيات وطنية ودولية بارزة، من بينها وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت، والمدير العام للأمن الوطني ومراقبة التراب الوطني عبد اللطيف حموشي، بالإضافة إلى رئيس المنظمة الدولية للشرطة الجنائية (الإنتربول) أحمد ناصر الريسي، والأمين العام لمجلس وزراء الداخلية العرب محمد بن علي كومان، ورئيس جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية عبد المجيد بن عبد الله البنيان . منذ لحظة دخولي إلى فضاء المعرض في يومه الثاني، كان لافتًا ذلك الإقبال الجماهيري الكبير والتنظيم المحكم الذي يضمن تدفق الزوار بسلاسة. ما أثار انتباهي بشكل خاص هو تلك المساحة الكبيرة المخصصة للعروض الميدانية، والتي قدمت فيها وحدات الشرطة بمختلف تخصصاتها عروضًا تطبيقية تحاكي التدخلات الأمنية في حالات الجريمة أو الكوارث. وقد شاركت شخصيًا في الورشات التفاعلية التي أقيمت داخل رواق خاص بالتحسيس والتربية على السلامة الطرقية، حيث تمكن الأطفال من قيادة سيارات صغيرة وسط ممرات مرورية تحاكي الواقع، في مبادرة تثقيفية لا تخلو من المتعة. في رواق الشرطة العلمية والتقنية، تم عرض أحدث التقنيات المستخدمة في تحليل الحمض النووي، مما يعكس التطور الملحوظ في هذا المجال. فقد توصل المختبر الوطني للشرطة العلمية والتقنية بالدار البيضاء خلال السنة الجارية بـ21,859 طلب خبرة علمية، من بينها 17,557 طلب تحليل ومطابقة لعينات الحمض النووي، بزيادة ناهزت 7.5% مقارنة مع السنة المنصرمة . هذا التطور يعكس التزام المديرية العامة للأمن الوطني بتعزيز قدراتها التقنية والعلمية لمواكبة التحديات الأمنية المتجددة. كما تم تسليط الضوء على الجهود المبذولة في مجال السلامة المرورية، حيث تم تسجيل 96,810 حادثة سير بدنية في المجال الحضري خلال سنة 2024، بنسبة ارتفاع بلغت 14%، مما استدعى تعزيز التدابير الوقائية والتوعوية للحد من هذه الظاهرة . من جهة أخرى، تميزت الدورة الحالية بعرض ابتكار أمني فريد تمثل في سيارة 'أمان' للدوريات الذكية، والتي طورتها كفاءات مغربية داخل المديرية العامة للأمن الوطني. هذه السيارة مجهزة بكاميرات بزاوية 360 درجة، وأنظمة تعرف تلقائي على لوحات الترقيم، وبرمجيات تشتغل بالذكاء الاصطناعي لتمييز الأشخاص المشبوهين، وقد أثارت اهتمام عدد كبير من الزوار والخبراء على حد سواء، لما تحمله من دلالات على السيادة التكنولوجية والاعتماد على الموارد الذاتية في تطوير منظومة الأمن. كما احتضن المعرض ندوة علمية مهمة حول الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته في المجال الأمني، حضرها باحثون مغاربة وأجانب، وتم خلالها عرض تجارب دولية في هذا المجال ومقارنة مدى تطور النموذج المغربي في توظيف الرقمنة لخدمة الأمن العام. وتبين من خلال العروض أن المغرب يخطو خطوات جدية نحو دمج التكنولوجيات المتقدمة في التخطيط والتدخل الميداني، مع احترام تام للمعايير القانونية المرتبطة بالخصوصية وحماية المعطيات الشخصية. كما حضرت عرضاً حياً لمحاكاة تدخل أمني لتحرير رهائن، بمشاركة فرقة التدخل السريع. العرض كان دقيقاً، واقعياً، ومحترفاً إلى درجة جعلت بعض الحاضرين يعتقدون أن الأمر حقيقي. وقد أعقبه شرح مفصل حول مراحل التدخل، وتدابير السلامة، وآليات التفاوض في حالة الأزمات، مما أضفى على المعرض بعداً تربوياً بامتياز، خاصة للشباب الذين يتطلعون لفهم تفاصيل هذه المهن الشاقة. كما شكل عرض 600 طائرة مسيرة (درون) لحظة مدهشة في اليوم الأول، حيث تم تنظيم استعراض ضوئي ليلي بألوان العلم المغربي وشعارات الأمن الوطني، وهي سابقة وطنية في هذا النوع من العروض، عكست الحرفية والدقة التقنية التي وصلت إليها فرق الأمن في تعاملها مع تكنولوجيا الطائرات بدون طيار. من خلال زيارتي في اليوم الثاني، يمكن القول إن هذه الدورة من أيام الأبواب المفتوحة قد رفعت من سقف التطلعات، وكرست مقاربة جديدة تقوم على الشفافية والتواصل وتوطيد الثقة بين المواطن ومؤسساته الأمنية، بما يجعل الأمن اليوم ليس مجرد جهاز سلطة، بل فاعلًا مدنيًا يشارك في تربية الناشئة، وتوجيه الوعي الجماعي نحو قيم المواطنة والحفاظ على النظام العام. هذه التظاهرة لم تكن استعراضًا للقوة، بل درسًا في الاندماج المجتمعي، ودعوة مفتوحة لإعادة تصور العلاقة بين الأمن والمجتمع في مغرب يتغير بثبات.

الدفع بعدم دستورية القوانين في المغرب: بين طموحات النص وإكراهات التفعيل
الدفع بعدم دستورية القوانين في المغرب: بين طموحات النص وإكراهات التفعيل

كواليس اليوم

time٢٦-٠٤-٢٠٢٥

  • سياسة
  • كواليس اليوم

الدفع بعدم دستورية القوانين في المغرب: بين طموحات النص وإكراهات التفعيل

بقلم :عبد الحكيم العياط باحث جامعي في العلوم السياسية في عالم السياسة والقانون، نادراً ما تمنح الأنظمة الدستورية للمواطن العادي فرصة الوقوف في وجه القوانين الجائرة بقوة الدستور نفسه. لهذا السبب، شكلت آلية الدفع بعدم دستورية القوانين التي أتى بها دستور المملكة المغربية لسنة 2011 تحولا غير مسبوق في فلسفة العلاقة بين المواطن والدولة. لأول مرة، لم يعد التشريع محصنا بالكامل، ولم يعد البرلمان بمنأى عن الرقابة، بل أصبح بوسع أي طرف في نزاع قضائي أن يصرخ من داخل المحكمة: هذا القانون مخالف للدستور. غير أن هذه الصرخة ظلت حبيسة النصوص، معلقة في الفراغ بين طموحات الدستور ومحدودية التفعيل التشريعي. فبعد مرور أكثر من عقد على التنصيص عليها، لا تزال آلية الدفع بعدم الدستورية معطلة بسبب غياب نص تنظيمي ملائم، بعدما أسقطت المحكمة الدستورية مشروعي القانونين التنظيميين المتتاليين بدعوى مخالفتهما لروح الفصل 133. في واقع الأمر، كان هذا الفصل يعني أن كل فرد، بمجرد أن يتضرر من تطبيق قانون ما، يستطيع أن يدفع بعدم دستوريته أمام القاضي العادي، الذي يحيل الدفع إلى المحكمة الدستورية للبت فيه، ولكن التشريعات التي حاولت تنظيم ذلك أدخلت شروطاً وإجراءات معقدة حولت الحق الدستوري إلى متاهة قانونية. في فلسفة الدفع بعدم الدستورية، المواطن ليس مجرد مستهلك للحقوق، بل هو مدافع عنها. وهو لا يحتاج إلى وساطة برلمانية أو نقابية أو حزبية لرفع شبهة المخالفة، بل يكفي أن يستند إلى دستوره، ويتقدم بدفعه أثناء التقاضي. وهذا جوهر دولة القانون: أن الدستور يحمي الجميع بنفس الدرجة، وأن المحكمة الدستورية ليست سيدة القانون فحسب، بل حارسة الحقوق الفردية في وجه الانزلاقات التشريعية. لهذا السبب، انتقلت دول رائدة مثل فرنسا إلى تبني الدفع بعدم الدستورية سنة 2010 عبر آلية 'المسألة ذات الأولوية الدستورية' QPC، وهو ما مكن من إلغاء عدد معتبر من النصوص القانونية التي كانت لولا هذه الآلية ستمر مرور الكرام رغم تعارضها مع الدستور. يؤكد فقهاء القانون الدستوري أن نجاح أي تجربة لدفع بعدم دستورية القوانين يرتبط أساساً بمدى بساطة وسلاسة الإجراءات المسطرية التي تحكم هذه الآلية. ففي التجربة الفرنسية مثلاً، رغم اعتماد نظام التصفية أمام محكمة النقض أو مجلس الدولة، فإن المسطرة تم تبسيطها إلى أقصى حد بحيث لا تتحول إلى عائق بيروقراطي أمام المواطن. أما في السياق المغربي، فإن المشروعات التي طرحت إلى حدود الساعة حملت في طياتها قيوداً معقدة وإجراءات تراتبية أدت إلى تفريغ الحق من مضمونه، وهو ما صرحت به المحكمة الدستورية بوضوح في قرارها رقم 70/18. توسيع رقابة الدفع بعدم الدستورية من شأنه أن يُعيد التوازن داخل النظام السياسي، خاصة في بلد يعرف ضعفاً تقليدياً في آليات الرقابة المؤسسية الداخلية. فبدلاً من الاقتصار على الرقابة السابقة التي تمارسها المحكمة الدستورية بطلب من جهات محددة، فإن إتاحة المجال لكل متقاضٍ لإثارة الدفع يجعل الرقابة أكثر انفتاحاً وأقل خضوعاً للحسابات السياسية. وهذا البعد هو الذي يجعل من آلية الدفع وسيلة لتعزيز الممارسة الديمقراطية من القاعدة، وليس فقط من القمة. تشير الدراسات المقارنة إلى أن الدول التي اعتمدت الدفع بعدم الدستورية بطريقة فعالة شهدت تطوراً نوعياً في حماية الحقوق الأساسية. ففي ألمانيا مثلاً، تُسجَّل سنوياً مئات الأحكام التي تُعلن عدم دستورية قوانين كانت قائمة لعقود طويلة، بما يعكس دينامية دائمة لمراجعة المنظومة القانونية. هذا النموذج يؤكد أن الدفع ليس فقط أداة لتعطيل بعض القوانين، بل هو أداة لإبقاء التشريع متجدداً ومتسقاً مع تطور المعايير الحقوقية والدستورية. غياب التفعيل الفعلي لهذه الآلية في المغرب لا يعني فقط إخفاقًا في تنزيل إحدى مواد الدستور، بل يعني إهدار فرصة ذهبية لبناء ثقافة دستورية جديدة. ثقافة يعتبر فيها كل فرد أن الدفاع عن الدستور شأن يومي وليس نخبويًا، وأن سمو الدستور فوق كل تشريع مهما علا شأنه السياسي. في ألمانيا، حيث يُتاح الدفع أمام المحكمة الدستورية الفيدرالية بشكل موسع، يرد سنويًا حوالي 6000 دفع فردي بعدم الدستورية، ما ساهم في تطهير المنظومة القانونية بشكل دوري من القوانين المناقضة للحقوق الأساسية. لو كان الدفع مفعلًا في المغرب، لكانت القوانين التي تمس بحرية التعبير أو الحريات الفردية أو الضمانات الجنائية قد خضعت لاختبار دستوري قاسٍ قبل أن تؤثر على المواطنين. ولأمكن للقضاة، بدل الاكتفاء بتطبيق النصوص، أن ينخرطوا في حماية الكرامة الإنسانية كقيمة دستورية. ولكان البرلمان نفسه قد غيّر كثيرًا من ممارساته التشريعية، تحت ضغط وعي دستوري يتجاوز الأغلبيات السياسية الظرفية. إن الرهان اليوم لا يكمن فقط في إصدار قانون تنظيمي يحترم الفلسفة الأصلية للفصل 133، بل في إعادة بناء علاقة احترام متبادل بين المواطن والقانون والدستور. المواطن المغربي يستحق أن يرى دستوره وهو يُمارس في حياته اليومية، لا أن يبقى شعارًا فوق المباني الرسمية. والدستور بدوره يستحق أن يحظى بما يحفظ سموه أمام جموح التشريع والسياسة. الدفع بعدم دستورية القوانين هو أكثر من مجرد تقنية إجرائية، إنه تجسيد عميق لفكرة أن كل قانون لا يُحترم فيه الدستور، يصبح نفسه غير مشروع. وإن مستقبل الديمقراطية الدستورية في المغرب سيتحدد بمدى قدرة الدولة على تحويل هذه الآلية من نص معطل إلى ممارسة حقيقية تؤسس لعدالة أرقى وأقرب إلى طموحات المجتمع المغربي.

مشروع نور للطاقة الشمسية.. الحلم الأخضر الذي تحول إلى خيبة كبرى
مشروع نور للطاقة الشمسية.. الحلم الأخضر الذي تحول إلى خيبة كبرى

هبة بريس

time٠٣-٠٤-٢٠٢٥

  • علوم
  • هبة بريس

مشروع نور للطاقة الشمسية.. الحلم الأخضر الذي تحول إلى خيبة كبرى

بقلم :عبد الحكيم العياط باحث جامعي في العلوم السياسية يعتبر مشروع نور للطاقة الشمسية بورزازات، الذي دُشِّن سنة 2016، أحد أكبر مشاريع الطاقة الشمسية في العالم، ورمزًا لطموح المغرب في التحول إلى قوة إقليمية في مجال الطاقة المتجددة. ورغم الهالة الإعلامية التي رافقت إطلاق هذا المشروع، وتقديمه كنموذج عالمي للتحول الطاقي، فإن الواقع يكشف عن خيبات متراكمة تجعلنا نتساءل عن مدى نجاحه الحقيقي. أُعلن عن مشروع نور بورزازات كأكبر محطة للطاقة الشمسية المركزةCSP في العالم، بقدرة إجمالية تبلغ حوالي 580 ميغاوات. وكان الهدف المعلن للمغرب هو إنتاج 52% من احتياجاته الطاقية من مصادر متجددة بحلول 2030. ورغم الأرقام الطموحة، لم يتمكن المشروع من تحقيق الأهداف المرجوة منه بسبب عدة أسباب تقنية واقتصادية وإدارية. أول هذه الأسباب يتعلق بالتكلفة العالية للإنتاج. فعلى الرغم من أن الطاقة الشمسية تعتبر مصدرًا مستدامًا ونظيفًا، فإن التكلفة المرتفعة لتكنولوجيا CSP مقارنة بالطاقة الشمسية الكهروضوئية PV جعلت المشروع أقل فعالية من حيث التكلفة. وهو ما دفع المغرب لاحقًا إلى تفضيل استخدام تقنياتPV الأقل كلفة والأكثر مردودية. إضافة إلى العوائق التقنية، عرف المشروع مشاكل على مستوى التدبير والحكامة. فعلى الرغم من التعاقد مع شركات عالمية ذات خبرة، مثل أكوا باور السعودية، إلا أن غياب استراتيجية تدبيرية متكاملة ومتابعة دقيقة أثر بشكل واضح على سير المشروع. كما أن تركيز المغرب على استقطاب الاستثمارات الخارجية دون تعزيز القدرات الوطنية في مجال البحث والتطوير حال دون اكتساب خبرة محلية حقيقية. الحكم على مشروع نور بالفشل قد يكون قاسيًا، لكنه في نفس الوقت يعكس خيبة أمل كبيرة في تحقيق النتائج المتوقعة. لقد تمكن المشروع من إنتاج طاقة متجددة وتخفيض جزء من استهلاك الوقود الأحفوري، لكنه لم يحقق النقلة النوعية المرجوة على مستوى التكلفة أو الانتشار على نطاق واسع. الأهم من ذلك، أن المشروع لم يُساهم كما كان متوقعًا في خلق فرص شغل محلية دائمة أو في تطوير تقنيات مغربية خاصة بالطاقة الشمسية. كما أن انحصار التنمية الاقتصادية في مدينة ورزازات، دون تحقيق تأثير إيجابي على المحيط الاجتماعي، أضاف نقطة سوداء في تقييم هذا المشروع. وفقًا لوزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، ليلى بنعلي، فإن مركب 'نور ورزازات' بمحطاته الأربع يوفر إنتاجًا إجماليًا قدره 1.7 تيراواط ساعة، مما يمكن من تلبية احتياجات حوالي 1.7 مليون نسمة من الطاقة الكهربائية. تبلغ القدرة المركبة الإجمالية لمحطات نور الأربع حوالي 580 ميغاواط. تساهم محطة 'نور 3' وحدها في تزويد أكثر من 200 ألف منزل بالطاقة في المغرب، كما تسهم في تقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بحوالي 325,476 طن في عام 2023. رغم هذه الأرقام، يواجه المشروع تحديات تقنية واقتصادية، مثل التكلفة العالية لتكنولوجيا الطاقة الشمسية المركزة (CSP) مقارنة بالتقنيات الأخرى، مما أثر على فعالية المشروع من حيث التكلفة. بالإضافة إلى ذلك، ظهرت مشاكل تقنية في بعض المحطات، مثل الأعطاب في محطة 'نور 3″، والتي تتطلب إصلاحات وتحسينات لضمان كفاءة واستمرارية الإنتاج. تشير هذه المعطيات إلى أن مشروع نور للطاقة الشمسية بورزازات حقق بعض النجاحات في إنتاج الطاقة النظيفة وتلبية احتياجات السكان، لكنه يواجه تحديات تتطلب مراجعة الاستراتيجيات المتبعة وتطوير حلول تقنية واقتصادية لضمان تحقيق الأهداف المرجوة بكفاءة وفعالية. يتطلب تدارك الإخفاقات الاستفادة من الدروس المستخلصة، وذلك عبر مراجعة الاستراتيجية الوطنية للطاقة المتجددة، والتركيز على تطوير تقنيات محلية تستجيب للواقع المغربي بدل الاعتماد الكامل على الشركات الأجنبية. كما أن تشجيع البحث العلمي في هذا المجال يجب أن يكون جزءًا أساسيًا من السياسات المستقبلية. في النهاية، يظل مشروع نور درسًا قاسيًا ولكنه ضروري في مسيرة المغرب نحو تحقيق سيادة طاقية حقيقية تعتمد على موارد محلية وقدرات وطنية.

لماذا يفشل التعليم في المغرب رغم كل خطط الإصلاح؟
لماذا يفشل التعليم في المغرب رغم كل خطط الإصلاح؟

هبة بريس

time٢٩-٠٣-٢٠٢٥

  • علوم
  • هبة بريس

لماذا يفشل التعليم في المغرب رغم كل خطط الإصلاح؟

بقلم عبد الحكيم العياط باحث جامعي في العلوم السياسية يواجه النظام التعليمي في المغرب أزمة بنيوية عميقة استمرت لعقود، دون أن تنجح السياسات الإصلاحية المتعاقبة في معالجتها بشكل جذري. فبينما يظل التلقين والحفظ هما الركيزتان الأساسيتان للمناهج الدراسية، تتزايد الدعوات إلى اعتماد تعليم قائم على التفكير النقدي والإبداع، وهو ما لم يتحقق بعد. إن أزمة التعليم في المغرب ليست مشكلة حديثة، بل هي نتاج تراكمات لسنوات من السياسات غير المتوازنة والإصلاحات التي لم تراع بشكل دقيق خصوصيات المجتمع المغربي وظروفه الاجتماعية والاقتصادية. فمحاولات الإصلاح المتتالية، بدءًا من الميثاق الوطني للتربية والتكوين سنة 1999، مرورًا بالبرنامج الاستعجالي 2009-2012، وصولًا إلى الرؤية الاستراتيجية 2015-2030، لم تحقق النتائج المرجوة، بل ظلت دون المستوى المطلوب في العديد من الجوانب. تؤكد التقارير والإحصائيات على عمق هذه الأزمة. وفقًا لوزارة التربية الوطنية، يعجز حوالي 77% من تلاميذ التعليم الابتدائي عن قراءة نص باللغة العربية يتكون من 80 كلمة، بينما يعجز 70% منهم عن قراءة نص بسيط باللغة الفرنسية يتكون من 15 كلمة. هذه الأرقام تعكس خللًا واضحًا في الأساليب البيداغوجية المعتمدة، وعدم قدرة المنظومة التعليمية على تلبية الحد الأدنى من الكفاءات المطلوبة. وعلى مستوى التعليم الثانوي، تحتل المملكة مراتب متأخرة عالميًا وفقًا لتقارير برنامج 'تقييم الطلبة الدوليين' PISA التابع لمنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية.ففي أحدث تقييم صدر عام 2023، جاء المغرب في المرتبة 75 من أصل 79 دولة مشاركة، مما يكشف عن نقص حاد في تطوير مهارات التفكير النقدي والتحليلي. الهدر المدرسي يشكل تحديًا آخر، إذ تشير المعطيات الرسمية إلى أن حوالي 331 ألف تلميذ ينقطعون عن الدراسة سنويًا، مع ارتفاع هذه النسبة في المناطق القروية إلى 5.9%. ويُعزى هذا الوضع في جزء كبير منه إلى الظروف الاجتماعية والاقتصادية، بالإضافة إلى عدم جاذبية المناهج الدراسية التي لا تراعي حاجيات المتعلمين ولا تشجع على الابتكار. أما على مستوى اللغات الأجنبية، فتكشف الإحصائيات عن ضعف كبير يعاني منه التلاميذ. حيث لا يتقن سوى 6% من تلاميذ الابتدائي اللغة الفرنسية، بينما لا يتجاوز معدل من يتحدثون بالعربية الفصحى 15%. هذا الضعف اللغوي يؤثر بشكل مباشر على قدرة المتعلمين على متابعة دراساتهم العليا أو الاندماج في سوق العمل. وعلى الرغم من محاولات وزارة التربية الوطنية مواجهة هذه التحديات من خلال خارطة طريق 2022-2026، التي تهدف إلى مضاعفة نسبة التلاميذ المتحكمين في التعلمات الأساسية وتوسيع تدريس اللغات الأجنبية، إلا أن التنفيذ لا يزال يواجه عراقيل كبيرة.فغياب استراتيجيات واضحة لتكوين المدرسين وتأهيلهم وفقًا لمعايير حديثة يبقى أحد أبرز المعوقات. ضعف التكوين المهني للمدرسين يترافق مع مناهج دراسية تقليدية لا تواكب التطورات الحديثة، مما يؤدي إلى إنتاج أجيال غير مؤهلة لمواجهة تحديات العصر. كما أن التمويل غير الكافي يحد من إمكانية تنفيذ إصلاحات جذرية، حيث تخصص الميزانية المعتمدة للتعليم -والتي بلغت 60 مليار درهم سنة 2024- بشكل أساسي للأجور ونفقات التسيير، بينما تظل الاستثمارات في تحسين جودة التعليم والبنيات التحتية محدودة. التعليم الخاص بدوره يعاني من مشكلات عميقة، حيث أصبح قطاعًا تجاريًا يعتمد على الربح أكثر من جودة التعليم. وفي غياب رقابة صارمة من الوزارة، تواصل بعض المؤسسات الخاصة تقديم خدمات تعليمية ضعيفة المستوى بأثمنة مرتفعة، دون أن توفر تكوينًا ملائمًا للأطر التعليمية. استمرار هذا الوضع يشكل تهديدًا حقيقيًا لمستقبل الأجيال المغربية، خصوصًا في ظل التحولات العميقة التي يعرفها العالم على مستوى الاقتصاد والمعرفة. فإذا كانت الدول المتقدمة قد قطعت أشواطًا كبيرة في اعتماد التعليم القائم على الابتكار والتفكير النقدي، فإن النظام التعليمي المغربي لا يزال عاجزًا عن تجاوز مرحلة التلقين التقليدي. الحلول الممكنة لهذه الأزمة لا يمكن أن تنحصر في تحسين المناهج فقط، بل يجب أن تشمل إعادة هيكلة شاملة للمنظومة التعليمية، ترتكز على تكوين المدرسين بشكل فعال، وتطوير آليات التقييم، وتوفير الموارد المالية اللازمة لتحديث البنيات التحتية. كما ينبغي التركيز على العدالة الاجتماعية وضمان تكافؤ الفرص بين مختلف الفئات والمناطق. رغم هذه التحديات، يظل الأمل قائمًا في إصلاح حقيقي ينهض بالنظام التعليمي المغربي، شريطة توفر الإرادة السياسية الحقيقية، وتعبئة كافة الفاعلين في القطاع لتحقيق تغيير جوهري ومستدام.

الإصلاحات الصحية: حين تُصاغ السياسات في الكواليس وتُفرض على الشغيلة الصحية
الإصلاحات الصحية: حين تُصاغ السياسات في الكواليس وتُفرض على الشغيلة الصحية

أخبارنا

time٠٦-٠٣-٢٠٢٥

  • صحة
  • أخبارنا

الإصلاحات الصحية: حين تُصاغ السياسات في الكواليس وتُفرض على الشغيلة الصحية

عبد الحكيم العياط يعيش القطاع الصحي على إيقاع إصلاحات متسارعة تُطرح تحت عناوين براقة، لكن المتأمل في مسار هذه التحولات يدرك أن الشغيلة الصحية تظل الحلقة الأضعف فيها، إذ غالبًا ما يتم تغييبها عن دوائر القرار، لتجد نفسها في مواجهة سياسات جديدة، أُعدّت دون استشارتها الفعلية، وتُنفَّذ دون مراعاة لواقعها المهني والاجتماعي. هذا الوضع يطرح أسئلة جوهرية حول مدى نجاعة هذه الإصلاحات، وحول ما إذا كانت حقًا موجهة لخدمة المواطن أم أنها تأتي في سياق استجابة لضغوط دولية وإملاءات تقنية لا تأخذ بعين الاعتبار الوضع الحقيقي للموارد البشرية والبنية التحتية الصحية. أحد أبرز مظاهر هذا التغييب هو غياب الحوار الاجتماعي الجاد، حيث تقتصر لقاءات المسؤولين مع ممثلي الشغيلة الصحية على مشاورات شكلية، سرعان ما يتم الالتفاف عليها بقرارات جاهزة. فحسب تقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي لسنة 2022، فإن 65% من الأطر الصحية يشعرون بأنهم غير ممثلين بشكل حقيقي في صياغة السياسات الصحية، فيما يرى 72% أن الإصلاحات الأخيرة لم تواكب تطلعاتهم ولم تعالج الإشكالات الحقيقية التي يعانون منها يوميًا داخل المستشفيات والمراكز الصحية. ورغم أن الحكومة تتحدث عن تحسين ظروف العمل داخل المستشفيات، فإن التقارير الميدانية تؤكد عكس ذلك. تقرير لمنظمة الصحة العالمية حول المنظومة الصحية بالمغرب لسنة 2023 أشار إلى أن هناك خصاصًا حادًا في الموارد البشرية، حيث لا يتجاوز عدد الأطباء 7 لكل 10,000 مواطن هذا المعدل الذي ينخفض بشكل كبير اذا اعتبرنا فقط أطباء القطاع العام، بينما توصي المنظمة بحد أدنى قدره 23 طبيبًا لكل 10,000 نسمة. هذا العجز لا يؤدي فقط إلى إنهاك الأطر الصحية بل يؤثر مباشرة على جودة الخدمات المقدمة للمرضى. الميزانية المخصصة للصحة لا تزال بدورها دون المستوى المطلوب. فرغم رفع مخصصات القطاع في قانون المالية 2024 إلى حوالي 30 مليار درهم، إلا أن ذلك لا يرقى لمتطلبات الإصلاح الحقيقي. وفقًا لدراسة أجراها المنتدى المغربي للاقتصاد الصحي، فإن تحقيق التغطية الصحية الشاملة يتطلب ميزانية سنوية لا تقل عن 50 مليار درهم، مما يعني أن الفجوة التمويلية لا تزال عميقة، وهو ما ينعكس بشكل مباشر على الأجور وظروف العمل. الإصلاحات المطروحة حاليًا، والتي تشمل مشروع الوظيفة العمومية الصحية، لم ترافقها ضمانات كافية لتحسين وضعية الشغيلة. ففي الوقت الذي يتم الترويج لهذا المشروع باعتباره خطوة نحو تحسين أوضاع الأطر الصحية، فإن العديد من النقابات ترى فيه محاولة للتحرر من الالتزامات الاجتماعية، من خلال فرض عقود عمل مرنة قد لا توفر نفس الاستقرار الذي يضمنه النظام الحالي. ما يزيد من تعقيد المشهد هو عدم مواكبة هذه الإصلاحات بتحسين حقيقي للبنية التحتية الصحية. فبحسب تقرير للمجلس الأعلى للحسابات لسنة 2022، فإن 40% من المستشفيات العمومية تعاني من تهالك تجهيزاتها الطبية، بينما 60% منها تعاني من نقص في الموارد الأساسية مثل الأدوية والمعدات. في ظل هذه الظروف، كيف يمكن الحديث عن إصلاحات حقيقية دون توفير الحد الأدنى من الإمكانيات اللازمة لنجاحها؟ تهريب الإصلاحات بهذا الشكل لا يؤدي سوى إلى تعميق الأزمة، فالإصلاحات الحقيقية لا تُفرض من أعلى بقرارات جاهزة، بل تُبنى على أسس تشاركية حقيقية، تأخذ بعين الاعتبار الواقع اليومي الذي تعيشه الشغيلة الصحية. إن تحسين المنظومة الصحية لا يمكن أن يتم دون تحسين ظروف الأطر التي تشكل عمودها الفقري، ودون توفير بيئة عمل تُمكّنهم من أداء مهامهم بفاعلية ودون إنهاك. إن أي إصلاح لا ينطلق من هذه الأولويات يبقى مجرد تعديل شكلي لن يغيّر من واقع الصحة شيئًا، بل قد يزيده سوءًا.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store