أحدث الأخبار مع #للجزيرةنت،


الجزيرة
٠٢-٠٥-٢٠٢٥
- ترفيه
- الجزيرة
عُمان تعيد رسم المشهد الثقافي والإعلامي للأطفال
شهد معرض مسقط الدولي للكتاب في دورته التاسعة والعشرين تحولا مزدوجا في ملامح المشهد الثقافي والإعلامي العماني، حيث اجتمع التوجّه نحو تعزيز الحضور الرقمي الآمن للأطفال من خلال "واجهة الطفل" في منصة "عين"، مع تكثيف الحضور الفكري والأدبي العماني في توثيق "طوفان الأقصى"، عبر 3 إصدارات تميزت بتنوعها وعمقها، ما يعكس وعيا إستراتيجيا بأهمية الإعلام الموجه للأجيال، والاصطفاف الفكري مع القضايا الإنسانية. وأطلقت وزارة الإعلام واجهة الطفل ضمن منصة "عين"، لتكون منصة رقمية متخصصة تعنى بتقديم محتوى معرفي وتربوي وترفيهي موجه للأطفال، في تجربة تسعى لتكريس حضور رقمي آمن وفاعل للطفل العماني في الفضاء الإعلامي. رؤية وطنية لمستقبل الطفل وزير الإعلام الدكتور عبد الله بن ناصر الحراصي أكد أن المنصة تجسيد لتوجهات سلطان عمان للاستثمار في الطفل العماني من المراحل المبكرة، من خلال التوظيف الإيجابي للتقنيات الحديثة لصياغة وعي الأجيال، وأضاف "الواجهة ليست مجرد جانب ترفيهي، بل بيئة معرفية شاملة، تلبي احتياجات الطفل العماني النفسية والتعليمية والقيمية، وتواكب في الوقت نفسه التطورات الرقمية العالمية". وأشار الحراصي إلى أن الطفل اليوم لم يعد مجرد متلقٍّ للمعلومة بل "شريك فاعل في صُنع المعرفة وتشكيل المستقبل، ولهذا تم تصميم الواجهة لتقدم محتوى يتحدث بلغته، ويثير فضوله، ويرسّخ الهوية العمانية والقيم الأصيلة، ويفتح آفاق الإبداع أمامه". إعلان ويؤكد الوزير استمرار العمل على تطوير هذه الواجهة، بما يتلاءم مع احتياجات الأطفال وتطلعاتهم، وبما يواكب التحولات التقنية والمعرفية المتسارعة. بنية غنية ومحتوى متنوع تقدم "واجهة الطفل" أكثر من 8500 مادة سمعية ومرئية، مخصصة للفئة العمرية من 4 إلى 18 سنة، وتشمل أعمالا حصرية مثل برنامج "رحلات وسام" الذي يعيد رواية الأساطير العمانية بطريقة مبسطة، و"أستوديو ألفة" الذي يعزز مفاهيم الهوية والمواطنة وتعزيز السمت العماني. وتتوفر أيضا مجموعة من الكتب الصوتية التي تهدف إلى تنمية معارفهم ومهاراتهم وتحفيز الخيال وتعزيز القراءة، بعضها مسجل بأصوات أطفال بهدف تمكين مواهبهم ومهاراتهم، وإبرازها إعلاميا. وأوضحت د. أمل بنت محمد النوفلية المديرة العامة للإعلام الإلكتروني بوزارة الإعلام، للجزيرة نت، أن واجهة الطفل جاءت لتواكب تطلعات الجمهور، المتعطش لوجود محتوى آمن للطفل، في ظل وجود منصات إلكترونية عديدة. وتتيح الواجهة للطفل إنشاء حساب خاص، واختيار رمزه الكرتوني، وتحميل المحتوى ومشاهدته دون اتصال بالإنترنت، مع إمكانية متابعة المواد حيث توقف المستخدم، إلى جانب خاصية البحث والتصفح السهل. كما خصصت مساحة لإبداعات صُناع المحتوى الأطفال، مما يسهم في تقديم نماذج إعلامية مستقبلية. وأكدت النوفلية أن وزارة الإعلام حرصت أن تجعل الطفل شريكا فاعلا في صناعة المحتوى الرقمي من خلال احتضان صُناع المحتوى والموهوبين من الناشئة في شتى المجالات؛ بهدف بناء القدرات، وإثراء المحتوى الإلكتروني العماني والعربي الموجّه للطفل. وتدعم المنصة النفاذ الرقمي لذوي الإعاقة؛ إذ تقدم محتوى بلغة الإشارة وآخر صوتيا يراعي احتياجات ذوي الإعاقة السمعية والبصرية، وقد شارك أطفال في تقديم هذه المواد لتكون أقرب لجمهورهم. تفاعل الأسرة وتعزيز القراءة ترى الدكتورة وفاء بنت سالم الشامسية، المختصة في أدب الطفل، أن واجهة الطفل في منصة "عين" تمثل تحولا نوعيا نحو بناء بيئة معرفية رقمية آمنة، تربط بين الأصالة الثقافية والحداثة التكنولوجية، وتوفر محتوى أدبيا يراعي السياق المحلي ويشجع على القراءة باللغة العربية، مما يسهم في تعزيز الهوية اللغوية والوطنية لدى الناشئة. إعلان وتعتبر أن المنصة لا تكتفي بتقديم المعلومات، بل تعتمد على القصة والمثال والحوار الداخلي في بناء وعي الطفل، وهو ما يسهم في تنمية مهارات التفكير النقدي، والتمييز بين الصواب والخطأ، كما يعزز قدرات الطفل على الخيال والتعاطف والانفتاح على الآخر. وترى أن المنصة قادرة على تبسيط مفاهيم معقدة كحماية البيئة، وتقبل الاختلاف، والأمن الرقمي، من خلال نصوص تفاعلية مناسبة للمراحل العمرية المختلفة. وتشير الشامسية إلى أن أدب الطفل هو أداة فاعلة لغرس القيم، ليس من خلال الوعظ المباشر، بل عبر شخصيات تجسّد القيم في سياق قصصي حي، فمن خلال قصص عن أطفال يحافظون على التراث أو يساعدون الكبار أو يشاركون في خدمة المجتمع، يتم ترسيخ قيم الانتماء والمواطنة. وتمثل "واجهة الطفل" جزءا من مشروع أشمل تقوده منصة "عين" التي أطلقت رسميا في يناير 2022، وتضم اليوم أكثر من 65 ألف مادة بين مرئية ومسموعة وكتب صوتية، وقد تجاوز عدد مرات الاستماع والمشاهدة فيها 16 مليونا. وتصل خدمات المنصة إلى أكثر من 170 دولة، مما يمنحها بُعدا دوليا واسعا، يعكس ثقة متزايدة في المحتوى العماني لدى الجاليات العربية والمجتمعات المهتمة بالمحتوى التربوي. "طوفان الأقصى" في موازاة هذا التحول الرقمي، برز في معرض مسقط 3 إصدارات عمانية تناولت عملية "طوفان الأقصى"، العملية العسكرية التي نفذتها المقاومة الفلسطينية في أكتوبر 2023، والتي أحدثت منعطفا مفصليا في الوعي السياسي والثقافي تجاه القضية الفلسطينية. العمل الأول صدر عن الكاتب العماني الشاب منذر بن نعيم السعدي، وجاء بعنوان "طوفان الأقصى: حروب الأقصى بين السياسة والميدان"، وعلى الرغم من حداثة سنه كطالب جامعي، قدم السعدي معالجة مبسطة ومكثفة لمسار الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، من وعد بلفور وحتى عملية طوفان الأقصى. إعلان وفي تصريح خاص لـ"الجزيرة نت"، قال السعدي "لاحظت خلال متابعتي للأحداث وجود مفاهيم خاطئة أو غموض لدى البعض. شعرت أن من واجبي تسليط الضوء على بعض الحقائق وتصحيح الصور المغلوطة، حتى وإن كان جهدي متواضعا". الكتاب الذي يحوي 158 صفحة، مُقسَّم إلى 15 فصلا، يبدأ بمقدمة حول أهمية القضية الفلسطينية، ويمر بمحطات مفصلية، منها نشوء الجيش الإسرائيلي، ومجازر النكبة، وحروب 1967 و1973، والانتفاضتان، وصولا إلى ما وصفه المؤلف بـ"المنعطف الجذري" الذي شكّله طوفان الأقصى. ويضيف "العالم بعد الطوفان لن يكون كما كان قبله. المثقف لم يعد ترفا، بل ضرورة في مواجهة حملات التشويه، لا سيما تجاه فلسطين". انصح زوار #معرض_مسقط_الدولى_للكتاب بشراء رواية طوفان الاقصى لمؤلفها إسماعيل البوسعيدي وكتاب طوفان الاقصى للكاتب منذر السعدي.#معرض_مسقط_الدولى_للكتاب — د.حمود النوفلي (@hamoodalnoofli) April 26, 2025 أما العمل الثاني فهو رواية بعنوان "طوفان الأقصى: وكان وعدا مفعولا" للكاتب إسماعيل بن أحمد البوسعيدي، وقد صدرت عن دار "لبان" للنشر. وجاءت الرواية في 195 صفحة، وتُقدَّم بأسلوب المشاهد القصيرة التي تتناوب على سردها شخصيات متعددة بأحداث مختلفة، ما يخلق ملحمة إنسانية تعيد رسم خريطة المقاومة الفلسطينية، وتغوص في تداخلات الإيمان والفعل البشري والذاكرة الجماعية. تبدأ الرواية بفصل بعنوان "غزة"، لا تقدم فيه المدينة كجغرافيا محاصرة فحسب، بل كأيقونة للصمود. يقول السارد في افتتاحها "هنا غزة… مدينة صغيرة بحجمها، عظيمة بحلمها". ومن هناك، ينفتح السرد على مشاهد واقعية مشحونة بالألم والأمل، تعيد تشكيل علاقة القارئ بالقضية الفلسطينية عبر مسار روحي وإنساني. تستلهم الرواية وعدا قرآنيا بالتمكين من الآية "وكان وعدا مفعولا"، في توظيف ديني ذكي لا يأتي بصيغة خطاب وعظي، بل كإطار رمزي يحرك البناء السردي ويوجهه نحو أفق تعبيري عميق. بحمدالله.. صدر كتابي "طوفان الأقصى.. رصد الأحداث وقراءة المتغيرات"، عن مركز الندوة الثقافي ومؤسسة شرفات الدولية. سيكون موجوداً بإذن الله في معرض مسقط الدولي للكتاب في دورته القادمة. ||🌹|| — خميس العدوي (@kadwi69) April 13, 2025 أما الإصدار الثالث فجاء من المفكر والكاتب خميس بن راشد العدوي، بعنوان "طوفان الأقصى: رصد الأحداث وقراءة المتغيرات"، وصدر عن "مركز الندوة الثقافي" في ولاية بهلا. إعلان ويتضمن الكتاب 30 مقالة رأي سبق للعدوي نشرها في صحيفة "عمان" اليومية، جمعت ونظمت موضوعيا لتغطي الخلفيات التاريخية والدينية والسياسية للصراع، وتحلل الحدث العسكري، وتستقرئ التحولات في الخطاب الإقليمي والدولي بعد السابع من أكتوبر. قسّم العدوي كتابه إلى 3 حلقات رئيسة: الأولى: تتناول الجذور التاريخية والدينية للصراع العربي الإسرائيلي. تتناول الجذور التاريخية والدينية للصراع العربي الإسرائيلي. الثانية: ترصد التفاعلات الإقليمية والدولية في أعقاب العملية وتتبع فيها أحداثه. ترصد التفاعلات الإقليمية والدولية في أعقاب العملية وتتبع فيها أحداثه. الثالثة: تقدم المواضيع الذي كتبها تحت إيحاء ووقع طوفان الأقصى وتطرق لدعوة السلطنة لإصلاح بنية النظام الدولي، استنادا إلى مواقفها المتوازنة. ولا يكتفي العدوي بتوثيق المواقف الرسمية، بل يعرضها كامتداد لهوية الدولة القائمة على التوازن والدبلوماسية والإنسانية، ويشير إلى أن مسقط، منذ اللحظة الأولى، تبنت خطابا إنسانيا واضحا تجاه العدوان على غزة، بما يتسق مع نهجها التاريخي في معالجة القضايا الإقليمية الحساسة.


الجزيرة
٢٠-٠٤-٢٠٢٥
- سياسة
- الجزيرة
11 محورا تقربك من ملف "التخصيب النووي" أداة إيران للتفاوض والردع
طهران- في ظل المفاوضات غير المباشرة الجارية بين طهران و واشنطن بوساطة عُمانية، تواصل إيران استخدام ملف تخصيب اليورانيوم كأداة تفاوضية "للدفاع عن حقوقها النووية المشروعة"، مؤكدة تمسكها بسلمية برنامجها وحقها غير القابل للتنازل في التخصيب. وفي هذا السياق، شدد وزير الخارجية عباس عراقجي ، على أن بلاده "لن تتنازل عن حقها في التخصيب"، وترفض التفاوض تحت الضغط. وتسعى طهران عبر هذه المفاوضات للتوصل إلى تفاهم يضمن رفع العقوبات وضمانات بعدم تكرار الانسحاب الأميركي من الاتفاق ، كما حدث عام 2018. كيف تستخدم إيران ملف التخصيب كورقة في مفاوضاتها الجارية مع واشنطن؟ تستخدم إيران ملف تخصيب اليورانيوم كورقة ضغط بمفاوضاتها مع واشنطن عبر رفع نسب التخصيب لتقوية موقفها التفاوضي، مع التأكيد على أن برنامجها سلمي وحقها في ذلك غير قابل للتنازل، مقابل المطالبة برفع العقوبات. تقول مصادر مطلعة للجزيرة نت: إن المفاوضات النووية الحالية لا تدور حول حق التخصيب، بل تتعلق بمستوى تخصيب إيران لليورانيوم. وتتابع أن هذا -على الأقل- هو منظور الطرف الإيراني، ومن الطبيعي أن يكون حجم مخزون اليورانيوم ومستوى التخصيب الحالي أحد الأدوات الرئيسية لإيران في التفاوض. وبناءً عليه، فإن أي خفض لمستوى التخصيب يتفق عليه الطرفان سيكون أداة محتملة لإيران. هل الهدف الحقيقي من الإصرار هو رفع العقوبات أم تعزيز النفوذ الإقليمي؟ يخدم إصرار إيران على تخصيب اليورانيوم هدفين مترابطين: رفع العقوبات: وتستخدم إيران التخصيب كورقة تفاوضية، حيث أكد عراقجي أن بلاده لن تتنازل عن حقها في ذلك، وترفض التفاوض تحت الضغط. تعزيز الردع الإقليمي حيث ترى طهران في البرنامج النووي عنصرا إستراتيجيًا، وصرّح رئيس المجلس الإستراتيجي للسياسات الخارجية، كمال خرازي، أن إيران تمتلك القدرة الفنية لصنع سلاح نووي إذا لزم الأمر، معتبرا ذلك وسيلة ردع. كما وصفت وسائل إعلام رسمية التقدم النووي بأنه جزء من العقيدة الدفاعية. وبالتالي، تسعى إيران عبر التخصيب لتحقيق رفع العقوبات وتعزيز نفوذها الإقليمي في آنٍ واحد. بينما تقول المصادر المقربة للجزيرة نت، إنه ومنذ بداية المفاوضات التي أدت للاتفاق النووي وحتى الآن، تتبع إيران إستراتيجية فصل الملفات، وتفضّل حصر المفاوضات في المجال النووي، عكس الطرف المقابل الذي يسعى لتوسيع آليات التقييد لتشمل المجالات العسكرية والإقليمية. وعليه، يُعتبر الحفاظ على دورة الوقود النووي مع رفع العقوبات هدفا لإيران، وفقا للمتحدث. ما القدرات الإيرانية الحالية؟ وما الذي تخشاه الدول الغربية فعليا؟ تواصل إيران تطوير برنامجها النووي، وتعزّز من قدرتها على تخصيب اليورانيوم باستخدام أجهزة طرد مركزي متطورة، ورغم تجاوزها لبعض القيود التي جاءت بالاتفاق النووي عام 2015، تُصِرُّ طهران على أن برنامجها لأغراض سلمية فقط. وبالمقابل، تثير هذه الأنشطة قلق الدول الغربية، التي تخشى اقتراب إيران من تطوير سلاح نووي، ما يثير المخاوف من حدوث تحول في ميزان القوى الإقليمي، قد يؤدي إلى سباق تسلح نووي في الشرق الأوسط. من جهته، يقول مصدر مقرب من الخارجية الإيرانية للجزيرة نت، إن القدرة الحالية لإيران هي دفاعية تقليدية تشمل الصواريخ بعيدة المدى، وقدرًا معينًا من النفوذ الإقليمي، وامتلاك دورة الوقود والمعرفة النووية. ويوضح أن جزءا من مخاوف الدول الغربية ينبع من قدرة إيران على العمل بهذه المجالات، سواء من خلال تهديد ممرات الملاحة، أو إجراء اختبار نووي ساخن، أو تنفيذ عمل عسكري فعال، لكن إيران لا تملك حاليا أجندة لأي خطوة متهورة، على الأقل حتى التوصل إلى نتيجة في الاتفاق. ما تحليل تكتيكات "حافة الهاوية" التي تعتمدها طهران؟ تعتمد إيران إستراتيجية "حافة الهاوية" كنهج مدروس في سياستها الإقليمية والدولية، يقوم على التصعيد المحسوب بهدف تعزيز موقعها التفاوضي وتحقيق أهدافها الإستراتيجية، دون الانزلاق لمواجهة مفتوحة. ومن أبرز ملامح هذه الإستراتيجية: تصعيد محدود ومدروس: كما ظهر في الرد على استهداف قنصليتها في دمشق، حيث حرصت إيران على توجيه رسالة ردع دون توسيع دائرة النزاع. استخدام أدوات النفوذ الإقليمي: عبر علاقاتها مع أطراف فاعلة في المنطقة، بما يعكس حضورها وتأثيرها الإقليمي. إدارة التوتر بتوازن: مثل الرد الحذر بعد اغتيال اللواء قاسم سليماني، بما يشير إلى الحرص على ضبط النفس وتفادي التصعيد غير المحسوب. الاستفادة من التباينات الدولية: خاصة في ملف الاتفاق النووي، لتحقيق توازن سياسي مع الأطراف الغربية. ويعتقد الخبراء أن الهدف الأساسي من هذه الإستراتيجية هو تعزيز الردع، وفرض الحضور السياسي دون المواجهة المباشرة، مع ترك مساحة للحوار. وحول ما يجري حاليا من مفاوضات، يرى الباحث في الشؤون السياسية عرفان بجوهنده، في حديث للجزيرة نت، أن النظر في تحركات الطرفين حاليا يُظهر أن واشنطن هي التي تستخدم هذه الإستراتيجية، وليس إيران. ويقول بجوهنده إن حجم القوات الأميركية المتمركزة في المنطقة والتهديدات المتكررة يؤكد أن أميركا تستخدم سياسة حافة الهاوية. إذا لم تكن ستوقف التخصيب، فعلى أي شيء تتفاوض طهران؟ تدخل طهران مع واشنطن في محادثات غير مباشرة، بوساطة عمانية، للوصول لاتفاق نووي جديد، وتؤكد إيران أن حقها في تخصيب اليورانيوم غير قابل للتفاوض، لكنها مستعدة لقبول بعض القيود على مستوى التخصيب، وتشرط ذلك بضمانات قوية لعدم انسحاب أميركا مجددا من الاتفاق. في المقابل، تسعى واشنطن لفرض قيود صارمة على تخصيب اليورانيوم الإيراني، معتبرة أن مراحل التخصيب الحالية تتجاوز الاحتياجات السلمية وتقترب من المستوى المطلوب للأسلحة النووية. وبالمقابل ترفض إيران التفاوض حول برنامجها الدفاعي، لا سيما الصواريخ الباليستية، وتعتبر ذلك خطا أحمر. بالتالي، إذا لم تكن إيران مستعدة لوقف التخصيب بشكل كامل، فإنها تتفاوض على تحديد مستوياته وضمانات عدم الانسحاب الأميركي من الاتفاق، مقابل تقديم تنازلات بمجالات أخرى، مثل التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية وتجميد أنشطة بعض حلفائها الإقليميين. كما تؤكد المصادر المطلعة أن إيران تتفاوض حول حجم ونوعية برنامجها النووي، أما مبدأ دورة الوقود النووي، فترى أنه غير قابل للتفاوض. هل تستفيد طهران من فترة عدم وجود مفاوضات أو فشلها في المزيد من التخصيب؟ يجيب المصدر المطلع بوضوح "نعم، وفقا للبرنامج البحثي والعملياتي، تواصل إيران أنشطة منشآتها النووية". ويتوقع الخبراء أن تستفيد إيران من غياب المفاوضات أو فشلها في التوصل لاتفاق نووي، حيث يمكنها تعزيز قدراتها النووية وزيادة الضغط على القوى الغربية للحصول على تنازلات، كما تقوي علاقاتها مع دول داعمة لبرنامجها النووي مثل الصين وروسيا ، ما يوفر لها بدائل اقتصادية وسياسية حال استمرار الضغوط الغربية. هل يمكن لإيران أن توقف التخصيب في هذه المفاوضات؟ يجيب المصدر بـ"نعم؛ بناءً على الاتفاق الأولي ومسودة الاتفاق، قد يتم تعليق جزء من برنامج التخصيب، ولكن بشكل طوعي وفي إطار عملية تدريجية". وبالمقابل، ثمة من يعتقد أنه من غير المحتمل أن توقف إيران التخصيب بشكل كامل في المفاوضات، حيث تعتبر التخصيب حقًا سياديًا غير قابل للتفاوض. تسعى إيران للحفاظ على هذا الحق كجزء من برنامجها النووي السلمي، وترفض التنازل عنه تمامًا. ومع ذلك، ربما توافق على قيود معينة على مستوى التخصيب أو تخصيصه لاحتياجات سلمية، بشرط الحصول على ضمانات قوية، أهمها الالتزام الأميركي. ما الفرق بين التخصيب لأغراض مدنية (3.67%) والعسكرية (90%)؟ يكمن الفرق في حجم ونقاء اليورانيوم المُخصَّب، وهو أعلى في الأسلحة النووية. ووفقا لل وكالة الدولية للطاقة الذرية ، يُعتبر التخصيب النووي عملية تُستخدم لإنتاج وقود للمفاعلات النووية لأغراض سلمية، حيث يُخصب اليورانيوم إلى مستويات منخفضة نسبيا، وكمثال، يُستخدم اليورانيوم المخصب بنسبة 3.67% في مفاعلات الطاقة النووية لتوليد الكهرباء. من ناحية أخرى، يُعتبر التخصيب إلى مستويات أعلى، مثل 20% أو أكثر، بمثابة "يورانيوم عالي التخصيب"، ويستخدم ببعض التطبيقات المدنية كمفاعلات الأبحاث. ومع ذلك، يمكن أن يُستخدم هذا النوع من اليورانيوم أيضا في تصنيع الأسلحة النووية إذا تم تخصيبه إلى مستويات أعلى، فوق 90%، ما يجعله مناسبا للاستخدام العسكري. ويكمن الفرق بين التخصيب لأغراض مدنية وعسكرية في درجة التخصيب ونية الاستخدام، فالمدني يستخدم لإنتاج وقود للمفاعلات النووية لتوليد الطاقة، والعسكري يعد لإنتاج مواد قابلة للاستخدام في تصنيع الأسلحة النووية. ما دور الوكالة الدولية للطاقة الذرية في الرقابة وقياس مستويات التخصيب؟ تراقب الوكالة الذرية مستويات التخصيب من خلال التفتيش الدوري للمرافق النووية واستخدام تقنيات لقياس التخصيب، وتعمل للتأكد من أن الأنشطة النووية تُستخدم لأغراض سلمية وليست عسكرية، عبر مراقبة المخزونات وتقديم تقارير مستقلة. ويوضح الباحث السياسي عرفان بجوهنده، أن الوكالة الذرية تعد الجهة التي تعترف بها إيران لمراقبة برنامجها النووي، والتأكد من سلميته، وقياس مستويات تخصيب اليورانيوم. ويؤكد أن طهران تصرّ على جعل أي اتفاق نووي أو تفاهم مستقبلي في إطار المؤسسات الدولية وتحت إشراف الوكالة الذرية، لأهمية ذلك في حماية الاتفاق من الانهيار حال حدوث تغيرات سياسية. ويضيف أن أهمية هذا الدور تكمن في تعزيز الشفافية الدولية، وحماية إيران من العقوبات الأممية عبر القنوات الشرعية، وتوفير مرجعية تقنية وقانونية دولية للاعتراف بسلمية البرنامج النووي. أين وصلت إيران في مجال تخصيب اليورانيوم؟ وفقا للوكالة الذرية، زادت إيران مخزونها من اليورانيوم المخصب بنسبة 60% إلى 275 كيلوغراما في مارس/آذار 2025، مقارنة بـ182 كيلوغراما في الربع السابق. ويُعتبر هذا التخصيب قريبا من المستوى المطلوب لصناعة الأسلحة النووية، ما يثير قلق الوكالة الذرية والمجتمع الدولي، حيث تُعد إيران الدولة الوحيدة غير المسلحة نوويا التي تصل لهذا المستوى من التخصيب. في نوفمبر/تشرين الثاني 2024، وافقت إيران على اتخاذ تدابير لوقف زيادة مخزونها من اليورانيوم المخصب بنسبة 60%، بما في ذلك العودة إلى معدلات الإنتاج السابقة. ومع ذلك، استأنفت في ديسمبر/كانون الأول 2024 زيادة إنتاجها من اليورانيوم المخصب بنسبة 60%، ما يشير لاستمرار الأنشطة النووية التي تثير القلق. وتُواصل الوكالة الذرية مراقبة الأنشطة النووية الإيرانية عن كثب، وتُجري تفتيشات دورية لضمان الامتثال للضمانات النووية، ويعتبَر ذلك جزءا من التزامات إيران بموجب اتفاق الضمانات النووية مع الوكالة التي تراقب لضمان الاستخدام السلمي للبرنامج النووي، وهو ما تؤكده طهران دوما. ويقول بجوهنده إن العقبة التقنية الأصعب كانت تجاوز نسبة 20%، وإن التقدم بعد هذه النسبة أصبح أسهل، كما أن إيران أوقفت التخصيب عند 60% بناء على قرار سياسي، وليس لعجز تقني. ويصف دلالات هذا التقدم بامتلاك إيران لقدرات تخصيب متقدمة، وإمكانية رفع مستوى التخصيب بأي وقت إذا توفرت الإرادة السياسية، واستخدام التقدم التقني كورقة ضغط في المفاوضات. ما استخدامات اليورانيوم المخصب في إيران؟ وفقا للإعلام الإيراني الرسمي، تستخدم إيران اليورانيوم المُخصب لعدة أغراض: إعلان إنتاج الوقود للمفاعلات النووية: يُستخدم بنسب مختلفة، في حدود 3 إلى 5%، لإنتاج الوقود للمفاعلات النووية ليستخدم في محطات الطاقة النووية لإنتاج الكهرباء. الاستخدامات الطبية والزراعية: يستخدم لإنتاج الأدوية المشعة والمعدات الطبية النووية. وتستخدم هذه الأدوية في تشخيص وعلاج الأمراض، وخاصة السرطان، وأيضا في العلوم الزراعية لتحسين جودة المحاصيل ومكافحة الآفات. البحوث العلمية والتكنولوجية: يستخدم في المشاريع البحثية العلمية، خاصة بمجالات الفيزياء النووية وهندسة الطاقة، حيث تساعد هذه الأبحاث في تطوير التقنيات الحديثة وزيادة المعرفة العلمية في البلاد.


الجزيرة
١٣-٠٤-٢٠٢٥
- سياسة
- الجزيرة
في الذكرى الـ50 لاندلاعها.. هل بات اللبنانيون أكثر مناعة في وجه الحرب الأهلية؟
بيروت- عقود خمسة مرّت على اندلاع شرارة الحرب الأهلية اللبنانية في 13 أبريل/نيسان 1975، لكن نار الأسئلة المقلقة لم تنطفئ بعد، ولا تزال تحوم فوق رؤوس اللبنانيين: هل انتهت الحرب فعلا؟ وهل استخلص لبنان دروس الماضي؟ أم أن شبح الانفجار الداخلي لا يزال كامنا تحت رماد الأزمات المتراكمة؟ في الذكرى الخمسين للحرب التي امتدت 15 عاما، وحصدت أرواح أكثر من 200 ألف شخص، وخلّفت آلاف المفقودين، ودمّرت الدولة ومؤسساتها، يعود النقاش إلى الواجهة، لا بوصفه استذكارا لماض دموي فقط، بل كتحذير من ظروف مشابهة لا سيما أن لبنان يعيش في ظل انهيار اقتصادي، وانقسام سياسي عميق، وتدخلات إقليمية متزايدة، وصولا إلى العدوان الإسرائيلي الأخير. في هذا السياق، تحدث خبراء وكتّاب سياسيون للجزيرة نت حول تساؤلات جوهرية: هل بات المجتمع اللبناني اليوم أكثر مناعة في وجه الحرب الأهلية، أم أن النظام الطائفي القائم على المحاصّة بكل ما يعتريه من اختلالات بنيوية لا يزال يكرس هشاشة دائمة تهدد السلم الأهلي مع كل أزمة جديدة؟ حروب متكررة يرى الكاتب السياسي بشارة شربل، أن الشعوب نادرا ما تتعلم من حروبها، مشيرا إلى أن "الحرب الكبرى" عام 1918 رغم ما خلّفته من مآس ودروس، لم تمنع اندلاع حرب عالمية ثانية بعد عقدين فقط، بل كانت أكثر دموية ودمارا. ويؤكد شربل أن طرحه لا ينبع من تشاؤم، بل من إيمان راسخ بأن الأمل في المستقبل يظل ممكنا مهما بلغ الواقع من قسوة، لكنه يرى في التذكير ضرورة، فالحرب التي اندلعت في 13 أبريل/نيسان 1975 بدأت بشرارة صغيرة، ثم ما لبثت أن تطوّرت إلى جولات متلاحقة عرفت لاحقا باسم "حرب السنتين" مع دخول "قوات الردع العربية"، وتحوّلت إلى سلسلة نزاعات أهلية وإقليمية أبقت لبنان، طيلة 5 عقود، على صفيح ساخن وفي حال من القلق الدائم. ويلفت شربل إلى أن العِبر لا تستخلص تلقائيا من الحروب، بل تحتاج إلى وقائع جديدة وظروف متبدّلة. ويضرب مثلا على ذلك بخروج منظمة التحرير الفلسطينية من بيروت عقب الاجتياح الإسرائيلي عام 1982 ، وهو ما مهّد لاندلاع الانتفاضة الفلسطينية الأولى ، وفتح الباب أمام مراجعة لدور المنظمة في الحرب اللبنانية، بل واعتذارها عنه. ويعتقد شربل أن ثمة قناعة راسخة لدى غالبية اللبنانيين بضرورة عدم تكرار الحرب، نتيجة التجارب المؤلمة وعشرات الآلاف من الضحايا، والدمار، والتهجير، والهجرة، غير أن هذه القناعة، رغم قوتها، تظل محكومة بالعوامل الخارجية التي ترسم الإطار الواقعي لها. ويشير إلى أن " اتفاق الطائف" شكّل خطا فاصلا بين مرحلتين، وأضحى جزءا من الدستور اللبناني. وبالمنطق ذاته، أحدثت " حرب الإسناد" التي تلت " طوفان الأقصى" تحوّلا في المعادلات، وأزالت بعض المحرّمات، مثل التسليم بحصرية السلاح، أو الاكتفاء بالدبلوماسية كوسيلة لاسترداد حقوق لبنان من إسرائيل. كما يلفت إلى أن البنية الطائفية شبه المتوازنة في لبنان لطالما ساهمت في إضعاف الدولة، غير أن هذا لا يعني أن الدول ذات الأكثريات المطلقة في العالم العربي، مثل سوريا، وليبيا، والعراق، والسودان، واليمن، كانت في منأى عن الانفجار والانهيار. ويقول إن أمام اللبنانيين اليوم خيارين: إما السير نحو دولة مدنية قائمة على المواطنة، يتساوى فيها الجميع، مع لامركزية موسعة تتيح للمناطق ذات الخصوصيات الطائفية والمناطقية تحقيق طموحاتها ضمن وحدة دولة عادلة ومحايدة إزاء صراعات الإقليم – وهو الخيار الأفضل. أو أن تفرض الظروف عقد مؤتمر وطني للبحث في صيغة أقرب إلى "أبغض الحلال". ذاكرة مشتعلة ومن جانبه، يرى الكاتب السياسي صلاح تقي الدين، في حديثه للجزيرة نت، أن الذكرى الأليمة للحرب الأهلية اللبنانية لا تزال حاضرة في وجدان الجيل الذي عاشها، سواء كمراقب أو كمشارك، مشيرا إلى أنها كانت تجربة أجمع اللبنانيون على عبثيّتها، وعلى أنها -كما وصفها الراحل الكبير غسان تويني – "حرب الآخرين على أرض لبنان". ويضيف تقي الدين أن العالم آنذاك كان منقسما بين معسكرين: غربي تقوده الولايات المتحدة ، وشرقي بقيادة الاتحاد السوفياتي ، وقد ساهم وجود منظمة التحرير الفلسطينية على الأراضي اللبنانية في تأجيج الأوضاع وتهيئة الظروف لاندلاع الحرب بل ودفع اللبنانيين إلى التورط فيها. ويُذكّر بأن شرارة الحرب الأولى اندلعت، كما يُروى، على خلفية محاولة اغتيال رئيس حزب الكتائب الراحل بيار الجميّل ، وما تبعها من رد فعل كتائبيّ تمثّل في استهداف "بوسطة عين الرمانة"، التي كانت تقلّ مدنيين فلسطينيين، فسقط ركابها ضحايا في مجزرة شكّلت بداية الانفجار الكبير. ويتابع تقي الدين قائلا إن الظروف اليوم باتت مختلفة، وإن التجربة المريرة للحرب الأهلية تجعل من الصعب تكرارها، معربا عن تفاؤله بعدم عودة اللبنانيين إلى تلك المرحلة، ومؤكدا أن شبح الحرب، من وجهة نظره، بات بعيدا. ويعتقد أن أهم العبر التي استخلصها اللبنانيون من الحرب الأهلية هي أن لا فريق قادر على إلغاء الآخر أو التغلب عليه، فضلا عن ترسيخ القناعة بوجوب العيش المشترك بين جميع اللبنانيين، وهو ما انعكس في عودة الاختلاط السكاني إلى ما كان عليه قبل الحرب. ويشدد على أن الاقتتال لصالح أطراف خارجية لم يعد أمرا سهلا يتقبّله اللبنانيون، ويضيف "يجب أن نتذكّر دائما أننا كلبنانيين كنّا وقودا لصراعات الآخرين، وأننا من دفع الثمن من أرواحنا وأرزاقنا واستقرار وطننا". ويخلص إلى أن المسألة الحقيقية التي ترعب اللبنانيين اليوم هي "الطائفية المتجذّرة في النظام السياسي" والتي تجعل حياتهم هشّة وعرضة للاهتزاز في كل مرة يشعر فيها أبناء طائفة معينة بالغبن أو التهميش. ويرى أن الحل الحقيقي يكمن في تطبيق ما ورد في اتفاق الطائف، لا سيما لجهة إنشاء الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية السياسية، كمدخل لتبديد هواجس الطوائف والمذاهب، وبناء دولة مدنية يتعامل فيها المسؤولون مع الناس كمواطنين لا كأتباع لطوائف ومذاهب. سِلم هش في المقابل، يرى المحلل السياسي حسين أيوب، في حديثه للجزيرة نت، أن سؤال الحرب الأهلية طُرح مرارا منذ توقف "المدفع الأهلي" عام 1990، ويقول "الأدق أننا شهدنا في بعض المحطات حروبا صغيرة، كحرب المحاور بين التبانة وجبل محسن التي امتدت لأشهر، أو أحداث 7 (مايو) أيار في بيروت التي اندلعت لساعات إلى جانب ظواهر هددت السلم الأهلي، مثل ظاهرة أحمد الأسير ، ومجموعة الضنية، وفتح الإسلام". ويضيف "شهدنا أيضا عشرات الحوادث التي أعقبت الزلزال السياسي المتمثل باغتيال رفيق الحريري عام 2005، وكان آخرها -وليس الأخير- حادثة الطيونة في بيروت، هذه الوقائع كلها تشير إلى أن السلم الأهلي في لبنان لا يزال هشا، وأن خطر اندلاع الحرب لا يزال قائما في أي لحظة، طالما أن العوامل السياسية والعسكرية والأمنية المسببة لها ما تزال قائمة". ولكن أيوب يتساءل "هل هناك قرار دولي أو إقليمي أو حتى محلي بإعادة إنتاج التجربة الأليمة التي عاشها لبنان قبل خمسين عاما؟ لا أعتقد أن مثل هذا القرار موجود". ويشير إلى أن "تداعيات الحرب الإسرائيلية الأخيرة على لبنان تُظهر أن إسرائيل تمارس ضغطا مدمّرا على الواقع اللبناني، قتلا واغتيالا وتدميرا، بهدف نزع سلاح حزب الله". ويحذّر من أن "الأخطر من العدوان الإسرائيلي، هو أن فريقا لبنانيا يتماهى مع هذا المناخ، من خلال التحشيد السياسي ضد حزب الله والتحريض الداخلي والخارجي وصولا إلى حدّ الدعوة إلى إبادة فريق لبناني بأكمله تحت شعار "ما بيشبهونا". ويُوجز أيوب رأيه قائلا: مشكلة هذا الفريق أنه يريد إشعال حرب أهلية لكنه غير قادر على خوضها، بينما الطرف القادر على الحرب لا يريدها. أما الخارج، فلا رغبة له بخوض الحرب وحده، ولا بتحمّل كُلفتها، ولا بتغطية حرب تحتاج إلى المال والسلاح والذخائر. ويعتقد أيوب أن من أبرز الدروس التي يُفترض أن تكون قد ترسّخت، أن لا منتصر في الحرب الأهلية ولا مهزوم، "الكل سيكون مهزوما، حتى لو بدا للبعض أنه انتصر على خصمه، فالحرب لن تؤدي إلى شطب طائفة أو إلغاء منطقة". ويشير إلى أن المجتمع اللبناني لم يكن محصنا، لا قبل الحرب الأهلية ولا بعدها، "ما زلنا حتى الآن بيتا بمنازل كثيرة، كما قال المؤرخ كمال صليبي، اللبنانيون لم يبادروا إلى المصارحة والمصالحة بل يؤسسون، من خلال خطابهم السياسي، وفوضى السوشيال ميديا، وممارسات السلطة والأحزاب، لحالة حرب تُخاض يوميا في الفضاء الافتراضي". ويختم "المصالحة والمصارحة تحتاج إلى قامات وطنية، وجرأة، وقرار لبناني جريء. للأسف، لا شيء من ذلك متوفر اليوم".


الجزيرة
١٢-٠٤-٢٠٢٥
- سياسة
- الجزيرة
إسرائيل تعدم الأمن الغذائي في غزة وتدمر 90% من أراضيها الزراعية
غزة- اتخذت قوات الاحتلال الإسرائيلي من تدمير الأراضي الزراعية هدفا لها منذ اندلاع الحرب على غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 ، وذلك في إطار العمل الممنهج لإعدام الأمن الغذائي لسكان القطاع. وركّز جيش الاحتلال مؤخرا على تدمير الأراضي الزراعية الممتدة على طول السياج الأمني شمال وشرق وجنوب قطاع غزة، وحوّلها إلى "منطقة عازلة"، مما يظهر نيته ل تجويع أكثر من مليوني فلسطيني. وتشير التقديرات المختصة إلى أن إسرائيل جرفت ما يزيد عن 90% من المساحات المخصصة للزراعة داخل قطاع غزة، وأجهزت على مقومات الإنتاج الحيواني، مما يجعل من الصعب العودة لدوران عجلتها مرة أخرى. تدمير الزراعة ودقّ المتحدث باسم وزارة الزراعة في غزة محمد أبو عودة، ناقوس الخطر محذّرا من سيطرة قوات الاحتلال على مساحات واسعة من الأراضي الزراعية التي كانت تمدّ سكان القطاع بمعظم احتياجاتهم من الخضراوات. وقال أبو عودة للجزيرة نت، إن آليات الاحتلال أخرجت الأراضي الزراعية في بلدتي بيت لاهيا و بيت حانون وشرق جباليا شمالي قطاع غزة من دائرة الإنتاج، بعدما جرفت ودمّرت 35 ألف دونم (الدونم ألف متر مربع). وأوضح أن قوات الاحتلال الإسرائيلي تسيطر على جميع الأراضي الزراعية الواقعة على امتداد الحدود الشرقية لقطاع غزة والتي تبلغ مساحتها ما يقرب من 30 ألف دونم ضمن ما أطلق عليه "المنطقة العازلة"، التي خرجت بالكامل عن الخدمة، كما أنها لم تعد صالحة للزراعة بسبب كمية المتفجرات التي ألقيت عليها، وتكرار تجريفها. ومع عودة الاحتلال للسيطرة على مدينة رفح جنوبي قطاع غزة وعزلها عن محيطها، أشار أبو عودة إلى أنه لم يعد بالإمكان الوصول إلى ما لا يقل عن 25 ألف دونم، وبذلك يكون الاحتلال قد أخرج 45% من مجمل الأراضي الزراعية عن عجلة الإنتاج، فضلًا عن تدمير المساحات الباقية في جميع محافظات غزة. حرب طاحنة وتكمن أهمية الإنتاج النباتي في تعزيز الأمن الغذائي لسكان قطاع غزة وتوفير الخضراوات والفواكه الطازجة. وبحسب تقارير متخصصة لوزارة الزراعة الفلسطينية، حصلت الجزيرة نت على نسخة منها، فإن إجمالي مساحات الإنتاج النباتي المدمرة نتيجة الحرب الإسرائيلية على غزة بلغت 167 ألف دونم، من بينها 78 ألف دونم كانت مزروعة بالخضراوات، و14 ألف دونم مزروعة بالمحاصيل الحقلية، بالإضافة إلى 75 ألف دونم من البستنة الشجرية. وتقدّر خسارة الإنتاج النباتي بـ459 ألف طن، بقيمة تبلغ أكثر من 325.5 مليون دولار، فيما بلغت خسارة التصدير 67 مليون دولار. ووصف الخبير الزراعي والبيئي نزار الوحيدي، الحرب الإسرائيلية بـ"الطاحنة"، التي طالت كل مقومات الحياة بقطاع غزة، مشددا على أن الاحتلال دمر ما مجموعه 90% من القطاع الزراعي، وأخرج دائرة الإنتاج في كامل المناطق الحدودية عن الخدمة. ولفت إلى أن 10% فقط من المساحات الزراعية هي المتبقية داخل قطاع غزة، وتقتصر على بعض الأراضي الواقعة غرب الزوايدة وسط قطاع غزة، وغرب خان يونس فقط، بما لا تزيد مساحته عن 15 ألف دونم فقط. وذكر الخبير الزراعي أن الاحتلال دمر خلال سيطرته على محور نتساريم آلاف الدونمات المخصصة لزراعة العنب والتين والكثير من أنواع الفواكه، وأعاد السيناريو ذاته بتجريف مساحات واسعة مزروعة بالخضراوات بعدما سيطر على مدينة رفح وفصلها عن خان يونس عبر ما أطلق عليه محور "ميراج". إعلان وأكد الوحيدي أن قطاع غزة كان لديه اكتفاء ذاتيّ بأكثر من 25 صنفا من الخضراوات والفواكه، لكن الاحتلال قضى عليها جميعا وأنهى الإنتاج المحلي بالتزامن مع إغلاق المعابر بهدف قتل الشعب الفلسطيني جوعا وخلق أزمة غذاء. ويواجه الإنتاج النباتي الكثير من التحديات حسبما يقول المتحدث باسم وزارة الزراعة أبرزها: منع وصول المزارعين لأراضيهم. وتحكم الاحتلال في المعابر ومنع إدخال مستلزمات الإنتاج. وارتفاع تكاليف استصلاح الأراضي الزراعية وعمليات الحراثة بسبب حجم التدمير. وارتفاع أسعار الوقود المستخدم للآليات. ونقص المياه وعدم توفر مصادر الطاقة البديلة لتشغيل الآبار الزراعية لضخ المياه. عدا عن تأثير التغيرات المناخية على الإنتاج كمًّا ونوعًا. توقف الإنتاج وفي سياق تدمير مقومات الحياة بقطاع غزة أيضا، أخرجت قوات الاحتلال الإسرائيلي الإنتاج الحيواني عن الخدمة بنسبة 100% بما يشمل قطاعات الدواجن والأبقار والأغنام والحليب والبيض. ويعد الإنتاج الحيواني جزءا أساسيا من القطاع الزراعي، وكان يُسهم بما نسبته 39% من مجمل الإنتاج الزراعي في غزة، ويؤثر بشكل مباشر على الأمن الغذائي والاقتصادي، وتعرض خلال الحرب للتدمير بكل فروعه. وبحسب تقرير متخصص لوزارة الزراعة الفلسطينية، فإنه كان في محافظات غزة 2500 مزرعة تنتج 36 مليون دجاجة سنويا، و180 مزرعة ترعى 850 ألف "أمهات بيّاض" تنتج 250 مليون بيضة سنويا. ودمرت قوات الاحتلال جميع مزارع الدجاج ونفقت أكثر من 36 مليون دجاجة، كما نفقت 850 ألفا من دجاج "أمهات بيّاض" وتوقفت عجلة الإنتاج كاملا. ويشير التقرير المتخصص إلى أنه كان بقطاع غزة 150 مزرعة طيور حبش تربي مليون طير سنويا، لكن قوات الاحتلال دمرتها بشكل كامل، علاوة على نفوق أكثر من 300 ألف طير داجن منزلي. إعلان وفي الإطار ذاته، كانت في محافظات غزة 100 مزرعة من العجول تنتج 50 ألف عجل سنويا، و5 آلاف حظيرة تضم 70 ألفا من الأغنام والمعز من بينها 30 ألف مولود سنويا، و400 مزرعة ترعى 2200 بقرة سنويا وتنتج 6 آلاف طن حليب سنويا، و22 فقاسة تنتج 40 مليون بيضة سنويا، و5 مصانع أعلاف تنتج 35 ألف طن علف سنويا، و20 ألف خلية نحل تنتج 250 طن عسل سنويا، تم تدميرها بالكامل خلال الحرب الإسرائيلية المتواصلة. وكشف التقرير عن حجم خسائر الإنتاج الحيواني التي بلغت 232 مليون دولار. ويشير التقرير إلى أن الكثير من التحديات تواجه إعادة النهوض بالإنتاج الحيواني أبرزها: تدمير البنية التحتية للمنشآت الحيوانية. وصعوبة تعويض الحيوانات وتوفير السلالات التي تلائم ظروف قطاع غزة بما يضمن عودة عجلة الإنتاج. وصعوبة توفير الأعلاف ومستلزمات المزارع. علاوة على صعوبة توفير الكهرباء والمياه في ظل تدمير غالبية الآبار وشبكة الكهرباء العامة.


الجزيرة
١١-٠٤-٢٠٢٥
- سياسة
- الجزيرة
مسقط تجمع طهران وواشنطن.. ما سيناريوهات مفاوضات السبت؟
طهران- بين تصعيد محسوب ومبادرات حذرة، تمضي المحادثات غير المباشرة بين إيران و الولايات المتحدة في مسار شائك تعكسه تفاصيل الأسابيع الأخيرة، حيث تتقاطع الحسابات النووية مع التحولات الإقليمية، ويتداخل الضغط بالعقوبات مع رسائل الانفتاح على التفاوض. وتحتضن سلطنة عُمان ، المعروفة بدورها الوسيط، جولة جديدة من هذه الاتصالات غدا السبت، وسط تساؤلات متزايدة حول فرص التفاهم وحدود التصعيد. جاءت البداية مع رسالة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لطهران التي قالت أنباء إنه خاطب بها المرشد الأعلى علي خامنئي ، ثم صرح وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي بأنه يغلب عليها التهديد، ولكن هناك فرصة في قلبها، وهو ما يتضمن إشارات من الجانب الإيراني إلى "فرصة ممكنة" في أفق المفاوضات، في ظل مقترح لاتفاق مؤقت يخضع للدراسة. تفاؤل حذر فتحت هذه النغمة الباب لتفاؤل حذر، لكنّها لم تلبث أن ترافقت مع رسائل تحذيرية شديدة اللهجة من طهران ، أكدت فيها أنها جادة في التفاوض، ولكنها في الوقت ذاته "جاهزة للحرب" إن استمرت الضغوط، مما يعكس إستراتيجية مزدوجة تجمع بين الانفتاح والردع. في المقابل، لم تكن واشنطن بعيدة عن هذا الخطاب المزدوج، فقد عاد ترامب إلى نبرة التهديد، ملمحا إلى استخدام القوة العسكرية، في وقت استمرت فيه وزارة الخزانة الأميركية بفرض عقوبات اقتصادية جديدة، مما دفع طهران إلى الإعلان عن خطة لتعزيز بنيتها الدفاعية، وتوسيع قواعدها الخاصة بالطائرات المسيّرة، وهو ما اعتبره مراقبون رسالة إستراتيجية تتجاوز مجرد الاستعراض العسكري. ومع اتساع الهوة، جاء تصريح إيراني لافت يؤكد أن الجمهورية الإسلامية "تدعم السلام، لكنها لن تستسلم"، في وقت عبرت فيه عن استيائها من الضغوط الأميركية، دون أن تغلق الباب أمام مواصلة الحوار، بل ألمحت إلى إمكانية الانتقال من المحادثات غير المباشرة إلى مسار مباشر إن توفرت الشروط المناسبة. يعكس تسلسل هذه التطورات مشهدا دبلوماسيا معقدا، إذ لا يزال الطرفان يتبادلان الرسائل عبر التصريحات والإجراءات في ظل غياب مؤشرات واضحة على اختراق سياسي قريب. وتبقى الأسئلة مفتوحة: هل يشهد الملف النووي انفراجة دبلوماسية تقود إلى تفاهم مرحلي؟ أم أن التصعيد المتبادل سيدفع الأمور نحو مواجهة أكثر اتساعا؟ سيناريوهات بخصوص سيناريوهات غد السبت في مسقط ، قال الباحث في الأمن الدولي عارف دهقاندار، للجزيرة نت، إن المفاوضات المرتقبة بين إيران والولايات المتحدة تواجه تحديات أساسية وعقبات جدية تقلل من احتمالات نجاحها، مشيرا إلى أن طهران تعتبر مطالب الجانب الأميركي غير منطقية وغير واقعية، رغم أن تفاصيل العروض الأميركية لم تتضح بعد. وأوضح أنه إذا اشترطت واشنطن تخلي إيران الكامل عن قدرات تخصيب اليورانيوم ، فإن ذلك سيؤدي حتما إلى فشل المفاوضات، لأن طهران لن تقبل بذلك. واعتبر أن العودة إلى الاتفاق النوو ي تشكل السيناريو الأول الممكن، لكنه مستبعد، خاصة بعد أن اعتبرت إدارة ترامب السابقة الاتفاق غير مقبول وانسحبت منه، في حين أن التقدم النووي الإيراني تجاوز كثيرا ما كان عليه وقت توقيع الاتفاق. أما السيناريو الثاني الأكثر ترجيحا، برأي دهقاندار، فإنه يتمثل في تركيز الطرفين على التحقق من سلمية البرنامج النووي الإيراني والتوصل إلى تفاهم بشأن آليات التفتيش. وبيّن أن طهران قد تسعى، من خلال تقديم بعض التنازلات إلى إثبات الطابع السلمي لبرنامجها مقابل مكاسب اقتصادية، لكنه أشار إلى أن نجاح هذا السيناريو سيعتمد على مدى توافقه مع الخطوط الحمر للطرفين. وأضاف أن الفريق الأميركي الجديد يتبنى نهجا عمليا يركز على النتائج، ويسعى إلى تحقيق مكاسب سريعة وملموسة من المفاوضات، في حين تميل إيران إلى إدارة التوتر وتحقيق مكاسب اقتصادية من دون تقديم تنازلات كبيرة في ملفها النووي، مما يجعل فرص التوصل إلى اتفاق ملموس محدودة، بل وقد يؤدي ذلك إلى مزيد من التصعيد. مسارات طهران من زاوية أخرى، قال أستاذ الدراسات الأميركية في جامعة طهران فؤاد إيزدي، للجزيرة نت، إن إيران تبدو مستعدة للسير في مسارين متوازيين: إما التوصل إلى اتفاق نووي جديد، أو خوض مواجهة عسكرية إن اقتضت الضرورة. وأوضح أن هذا الاستعداد يشبه ما حدث عام 2015 حين أبدت طهران مرونة أفضت إلى توقيع الاتفاق النووي، مشيرا في الوقت نفسه إلى أنها طورت قدراتها الدفاعية خلال العام ونصف العام الماضيين، بما يعزز موقفها إذا اندلع أي صراع. وحسب إيزدي، فإن إيران لا ترى نفسها مضطرة للتخلي عن برنامجها النووي وتضع له خطوطا حمرا واضحة، مؤكدا أن تجربة ليبيا غير قابلة للتكرار في الحالة الإيرانية، وأن طهران ترفض سيناريو إسقاط النظام أو تفكيك الدولة تحت غطاء التفاوض. ووفقا له، إن زيارة الوفد الأميركي إلى سلطنة عُمان تهدف إلى تقييم مدى فاعلية الضغوط الاقتصادية والإعلامية على إيران، وقياس إمكانية تحقيق مكاسب تتجاوز ما تحقق في اتفاق 2015. لكنه لفت إلى أن الجانب الأميركي يواجه تحديات داخلية، أبرزها المزاج الشعبي الرافض للحروب والانقسام داخل إدارة ترامب بين تيار يعطي الأولوية للمصالح الأميركية، وآخر يتأثر بنفوذ اللوبي الإسرائيلي. وختم إيزدي بالإشارة إلى أن هناك في الداخل الإيراني، وخصوصا ضمن الحرس الثوري والجيش، قيادات لا تخفي مرارتها مما يجري في غزة ، وقد ترى في أي مواجهة مقبلة فرصة للرد على ما تصفه بالإبادة الجارية هناك، مؤكدا أن هذه الشريحة لا تمانع في توجيه "درس" للقوات الأميركية الداعمة لإسرائيل في المنطقة.