أحدث الأخبار مع #نبيلعمر


البشاير
١٨-٠٥-٢٠٢٥
- ترفيه
- البشاير
نبيل عمر يتأمل حيرة فنان
حيرة فنان! نبيل عمر رسالة حائرة متسائلة من الفنان التشكيلى أمير وهيب على الواتساب عن أسباب «هبوط» قيمة الإبداع الحقيقى فى المجتمع، أتصور أن غالبية المجتمع يتفق معه فى إحساسه وألمه، هو فنان تشكيلى له سمعة عالمية، وأعمال فى متاحف مهمة، ولا يشعر بأن له قيمة فى وطنه تعادل قيمة «أسماء مشهورة جدا»، لها رنين الطبول الإفريقية وصخبها. كدت أرد عليه بأن هذا هو الحال فى بلادنا، وأضرب له عشرات الأمثلة عن أحوال المؤلفين والكتاب والمنتجين والعلماء وأساتذة الجامعات مقارنة بأحوال السماسرة والتجار والمعلنين ونجوم التسلية..إلخ، فالتفاوت بين عوائد عمل الطرفين، وهى حالة شائعة فى العالم إلى حد ما، لكن فى الدول المتقدمة الفوارق ليست بهذا الاتساع المخيف، وأحيانا تتقارب المسافات! الفنان أمير وهيب وهذا طبيعى فى أى مجتمع يميل إلى الاستهلاك الواسع قبل أن يصل إلى مرحلة الإنتاج الكبير، فعقلية المجتمع الاستهلاكى وثقافته تميلان إلى «المكسب» السريع والإنفاق المظهري، فتعلو فيه قيمة وظائف الوسطاء وأصحاب الامتيازات، بينما مجتمعات الإنتاج الكبير تحرص على تراكم القيمة المضافة وتطوير الأداء وتنمية القدرات، وهى أشياء تتطلب منتجين مهرة فى كل مجالات الحياة، دون أن تبخس الوسطاء أدوارهم! ثلاثية الباب والكرسي والساعة وأمير فنان تشكيلى حالم، لا يحبس أحلامه داخله، وإنما يفسرها خطوطا وألوانا وتكوينات فى لوحات غير مألوفة لها جاذبية نابعة من جمالها الداخلي، وهذا واضح للعيان من أول معرض كبير له فى مدينة نيويورك التى يسميها عاصمة الفن التشكيلى فى العالم، وكان عن الساعات فى المدينة الشهيرة، وراح يلف فى شوارعها وميادينها يطالع المبانى التى تحمل ساعات، أياما طويلة وقف فيها متأملا أكثر من مئة ساعة، حتى اختار منها 21 ساعة، لا تسأله عن أسباب هذا الاختيار، فالسر قابع داخل نفس الفنان، الذى تحركه دوافع خفية ومشاعر واعية، قد لا يستطيع عقله أن يشرحها بمنطق المعادلات الرياضية، فالفن طائر حر فى فضاء لا تحده خطوط فاصلة. سنة كاملة تمتص عيناه ومشاعره تفاصيل دفينة من زوايا مختلفة، يحولها إلى 28 لوحة، مكنته فى نوفمبر 2009، من افتتاح معرضه «ساعات فى المدينة» فى كنيسة سانت بيتر اللوثرية، لكنه لم ينل الاهتمام الذى توقعه، عاد بعدها إلى مصر نصف محبط، لكن الإبداع الحقيقى لا يموت ولا تتراجع قيمته، فدعته نيويورك ليعرض فنه مرة ثانية فى 2011، وهذه المرة لفت الأنظار، إلى الدرجة التى كتب عنه أدريان كوينلان محرر الفن فى «نيويورك تايمز» مقالا أشاد فيه بعمله، قائلا إن مشروع وهيب هو استكشاف فنى يسلط الضوء على الوقت والتاريخ والتفاصيل المعمارية لمدينة نيويورك. بعدها حلق اسمه فى صحف ومجلات فى أمريكا وانجلترا وروسيا واليابان! الكرسي والباب والساعة عند أمير وهيب وأذكر حين زرت أمير وهيب لأول مرة فى مرسمه بمصر الجديدة، تسمرت أمام بابه قبل أن أدخل منه، الباب لوحة فنية، وأمير مغرم بثلاثة أشياء تكاد تأخذ حيزا كبيرا من فكره وفنه ولا تكاد تخلو منه لوحة، الباب والساعة والكرسي، علاقة تجمع بين الفلسفة والفن، فالباب عنده ليس مجرد مدخل أو فتحة فى جدار، وإنما هو ساتر لأسرار ووقائع تجرى خلفه، ربما تكون أغرب من الخيال، الباب حياة، فقد يصد خطرا أو يحمى نفسا أو يصون عرضا، وما الحياة إلا أبواب، والموت خروج منها.. أما الساعات، فهى الوقت والزمن، جسر بدأ الإنسان ونهايته، من لحظة الميلاد إلى آخر دقة قلب، والوقت ليس ذهبا ولا فضة ولا ألماسا ولا روديوم ( الجرام بـ500 دولار)، الوقت هو الحضارة، فإذا ضاع الوقت سدى دون تراكم معرفى وصناعة حضارة، فالفراغ والتخلف هما المصير الحتمي، ومن لا يدرك قيمة الوقت يعيش فقيرا على هامش العصر، وأتصور أن اهتمامه بساعات نيويورك لم يكن سببه معماريا، وإنما المعنى الحضارى حتى لو غاب عن وعيه اليقظ وهو يمسك بفرشاته، وتخفى فى وجدانه متربصا بخطوطه وألوانه. يبقى الكرسى، والكرسى ليس مقعدا والسلام، فالأحداث والوقائع التى يحملها عبر التاريخ الإنسانى تتجاوز كونه من الأثاث، فالكرسى له معنى ظاهر يعرفه كل البشر، وألف معنى باطنى، يتصارع عليه بعض البشر: النفوذ والسلطة والجاه والصراع حتى الموت..إلخ. ويتفنن وهيب فى رسم الكرسى بأشكال تجسد كل تلك المعاني، ويرى فى الكرسى صدقا خالصا، فإذا كان مريحا يرتاح الإنسان عليه، وإن كان متعبا يتألم الإنسان منه، ورأيت له لوحة مدهشة، الكرسى فيها غريب التكوين، وحين نظرت إليه مستفسرا، قال: هذا كرسى براوي، كالحصان البراوى الذى يصعب ترويضه، ولا يستحق معاناة الإنسان من أجل الحصول عليه، لكنه لا يتوقف عن البحث عنه! وخارج الباب والساعة والكرسي، وجدت «صورة» بورتريه لفيل، الوجه فقط باللونين الأزرق والبني، فالأصل بيع لمليونير أمريكى جامع للفن، فسألته: الفيل كائن رمادي؟، رد: الفيل من الحيوانات النبيلة، وداخل كل إنسان حيوانه الخاص، الوفاء كالكلب، الدهاء كالثعلب، الغباء كالضبع، وهكذا، وقد عشت مشهدا فريدا لفيل يبكى على فيل مات. قد تسألون: ولماذا لا يصنع أمير وهيب لوحات لـ «ساعات القاهرة» أيضا؟ عنده حلم أكبر، مشروع قومى لتجميل كل ميادين مصر فى جميع محافظاتها، تتحمل تكاليفه الشركات والبنوك والمحال الكبرى فى كل محافظة، بعيدا عن ميزانية الدولة التى تشرف فقط، فمن المهم أن نشع الجمال فى حياة الناس، والجمال فى جوهره إنسانية وأخلاق وسلوكيات، ويمكن بهذا المشروع أن نغير شكل مصر. باختصار كل إبداع حقيقى تعيش قيمته فى الزمن، وكل ما هو استهلاكى يموت مبكرا، فلا تحزن! تابعنا علي منصة جوجل الاخبارية


البشاير
١١-٠٥-٢٠٢٥
- سياسة
- البشاير
نبيل عمر : ترامب فى الكاتراز!
ترامب فى الكاتراز! نبيل عمر لا تتوقف مفاجآت الرئيس الأمريكى دونالد ترامب داخليا وخارجيا عند حد، فهو يطلق لنفسه العنان ويقذف بأفكاره فى كل اتجاه دون أن يختبر صلابة منطقها، من كندا إلى جرينلاند، من الصين إلى المكسيك، من مطاردة المهاجرين إلى عدم تنفيذ أحكام قضائية، إلى إعادة فتح سجن الكاتراز، أشهر سجون الولايات المتحدة وأشدها قسوة، وكان قد أغلق فى عام 1963، وتحول إلى متحف عام. وكالعادة بدأت الحكاية بمنشور من ترامب على صفحات التواصل الاجتماعى كتبه يوم الأحد الماضى على «تروث سوشيال»، وهو أول رئيس على كوكب الأرض يدير بلاده بالسوشيال ميديا، وقال فيه: لفترة طويلة جدا عانت أمريكا من المجرمين الأشرار ومرتكبى العنف المنظم وهم حثالة المجتمع، الذين لن يساهموا بأى شىء غير البؤس والمعاناة، إنها فرصة العودة إلى وقت كانت فيه الولايات المتحدة أمة أكثر جدية، لا تتردد فى حبس المجرمين الأشد خطورة، وإبعادهم عن أى شخص يمكن أن يضروا به! على الفور أصدر ويليام مارشال الثالث مدير مكتب السجون بيانا، موضحا أن وكالته ستبحث عن جميع السبل لتنفيذ خطط ترامب لإعادة فتح الكاتراز ذى التاريخ الغني، و«نتطلع إلى استعادة هذا الرمز القوى للقانون والنظام والعدالة»! أما الديمقراطية نانسى بيلوسى رئيسة مجلس النواب السابقة وهى من كاليفورنيا، وبالتحديد من المنطقة التى تضم سجن الكاتراز، فقد رفضت الفكرة ووصفتها بأنها اقتراح ليس جادا ولا جيدا. وكتب الصحفى ستيفن كولينسون تحليلا على موقع «سى إن إن» ملخصه أن قرار ترامب هو التعبير المثالى عن الولاية الثانية للرئيس، وأن إعادة تشغيل الكاتراز بمثابة رمز لقيادته، ليعزز هالة الرجل القوى، التى أحاط بها نفسه، ليبدو بلا رحمة! من المصادفات المدهشة أن الرئيس السلفادورى ناييب بوكيلى زار البيت الابيض فى اليوم التالى للمنشور، وشغل الحديث عن المجرمين حيزا كبيرا من المؤتمر الصحفى المشترك مع ترامب، وروى الرئيس بوكيلى قصة نجاحه فى تحويل عاصمة بلاده من عاصمة القتل فى العالم إلى المكان الأكثر أمانا فى نصف الكرة الغربي، وقال: «أحيانا يقولون إننا سجنا الآلاف، لكنى أحب أن أقول إننا حررنا الملايين، ثم رحب باستقبال أى عدد من المجرمين تريد الولايات المتحدة أن تتخلص منهم فى سجون السلفادور! نعود إلى الكاتراز أو الصخرة، وهى جزيرة فى مدخل خليج سان فرانسيسكو، تبعد نحو كيلومترين عن الشاطئ، بنى عليها الجيش الأمريكى حصنا فى القرن التاسع عشر، ثم أصبح سجنا عسكريا، وتخلى عنه فى عام 1934 إلى وزارة العدل، ليتحول إلى سجن فيدرالى مشدد الحراسة صارم الإجراءات، يستحيل الهروب منه إلى مياه المحيط الهادى العميقة المضطربة التى تتخللها الصخور المدببة، وترجع شهرته إلى احتجاز أخطر المجرمين بين جدرانه مثل آل كابونى مؤسس الجريمة المنظمة فى شيكاغو فى عشرينيات القرن العشرين، وجورج كيلى المعروف بماكينة الرشاش الآلي، وقد سجن فى الكاتراز بعد أن خطف رجل النفط المعروف تشارلز أورشيل فى يوليو 1933، مقابل فدية قدرها 200 ألف دولار، تعادل خمسة ملايين دولار الآن، والفين كاربيس المعروف بـ «الزاحف» بسبب ابتسامته الثعبانية الشريرة، وبدأ حياته الإجرامية وهو فى العاشرة من عمره، وكان واحدا من أربعة فى عالم الجريمة الأمريكية اكتسبوا لقب «عدو الشعب رقم 1»، مع جون ديلينجر وبريتى بوى فلويد وبيبى فيس نيلسون، لكنه الوحيد الذى سجن 26 عاما فى الكاتراز، بينما قُتل الثلاثة الآخرون فى مواجهات مع الشرطة! وشىء طبيعى أن يقتحم الكاتراز عقل هوليوود وقلبها، فصنعت له ما يقرب من ثلاثين فيلما ومسلسلا، بعضها نال نجاحا ساحقا، ولعب بطولتها أكثر النجوم تألقا، مثل بيرت لانكستر، فى فيلم رجل طيور فى الكاتراز، وهو عن قصة حقيقية لـ «روبرت فرانكلين سترود»، قاتل ارتكب أول جرائمه وهو فى الثامنة عشرة من عمره، وحكم عليه بالسجن المؤبد فى سجن ليفينورث بولاية كنساس، ثم عاد وقتل حارس السجن الذى ألغى زيارة أمه له، فحُكم عليه بالإعدام شنقا، ثم تخفف إلى السجن مدى الحياة، بعد رسالة استعطاف من أمه إلى الرئيس الأمريكى «وودرو ويلسون»، وذات يوم سقط عصفور تحت قدميه فى فناء السجن، ألقته عاصفة رعدية، فأعد له عشاً من الجوارب فى زنزانته ودأب على رعايته، وراح يمضى جل وقته فى مكتبة السجن ملتهما الكتب التى تناولت أمراض الطيور وعلاجها، وراسل أشهر الدوريات العلمية المتخصصة فى الطيور، وبتسهيلات من إدارة السجن صار يصنع العقاقير التى تعرضها والدته للبيع فى متجرها الصغير، ثم اكتشفت إدارة السجن أنه يستغفلها ويصنع الخمور أيضا، فطلبت نقله إلى الكاتراز فى عام 1942، حتى مات فيه سنة 1963. وفيلم «الهروب من الكاتراز» لـ«كلينت إيستوود» عام 1979، عن قصة هروب ثلاثة من المساجين سنة 1962، لم يعثر لهم على أثر ولا يُعرف مصيرهم حتى الآن، وقيل إن الهروب كان من أسباب غلقه. وفيلم «الصخرة»، فانتازيا عن جنرال أمريكى غاضب استولى على الجزيرة بجنوده، وقايض عليها مقابل فدية ضخمة، فيتصدى له عميل فيدرالى وسجين سابق ولعب بطولته شون كونرى ونيكولاس كيدج وايد هاريس. عموما أمريكا فيها 6000 مؤسسة إصلاحية، هى سجون مختلفة الدرجات، بعضها فيه قسم مشدد الحراسة باسم «سوبر ماكس»، لكن الكاتراز له رنة فى النفوس وهالة فى الرءوس، تجعل عودته إلى الحياة حدثا مدويا متسلسلا، ألسنا فى عصر الصخب؟. تابعنا علي منصة جوجل الاخبارية


البشاير
١٤-٠٤-٢٠٢٥
- أعمال
- البشاير
فقراء العالم يدفعون الثمن: رئيس أمريكا يدير بطريقة «اكسب واجرى»!
فقراء العالم يدفعون الثمن: رئيس أمريكا يدير بطريقة «اكسب واجرى»! نبيل عمر ربما نصدق، وربما لا نصدق، أن الرئيس الأمريكى دونالد ترامب يعاونه 13 مليارديرا فى مناصب رسمية فى حكومته، ما بين وزراء وسفراء، ثرواتهم تتجاوز 460 مليار دولار، أى أكثر بـ60 مليار دولار من الناتج المحلى الإجمالى السنوى لأى دولة من التى يطلق عليها متوسطة الحجم، وعددها لا يقل عن مئة وعشرين دولة فى العالم! فكيف يفكر ويعمل رئيس دولة هؤلاء هم معاونوه؟ باختصار، سوف يعمل بعقلية رجل الأعمال، وليس بعقلية السياسى، والفارق بين الاثنين هائل، رجل الأعمال نهّاز فرص فى عالم المال، بينما السياسى يتحرك فى دوائر أكثر تعقيدا، مالية واقتصادية واجتماعية وثقافية وسياسة وعلاقات دولية ومصالح متضاربة مع الأصدقاء والأعداء. أى أن الرئيس الأمريكى سوف يهتم أولا بأن يجمع أكبر قدر من النقود فى خزينة الولايات المتحدة أيا كانت وسيلته طالما هو قادر عليها، وإذا كان ترامب من أنصار خفض الضرائب على الأغنياء، بحجة تشجيعهم على الاستثمار والتوسع الرأسمالى، فالبديل لزيادة إيرادات الدولة هى «التعريفات الجمركية» على السلع المستوردة، خاصة إذا كانت قد تجاوزت فى العام الماضى 4 تريليونات ومائة مليار دولار، مقابل صادرات تقترب من 3 تريليونات و200 مليار دولار بعجز يقترب من 900 مليار دولار، فلم يعرف ترامب حلا فوريا إلا فى الرسوم الجمركية، ليتخلص من هذا العجز المزمن، على طريقة «اكسب واجرى»! لكن المسألة ليست بهذه البساطة التى يتصورها رئيس أكبر اقتصاد فى العالم، فالاقتصاد إذا حكمته مناهج المالية العامة فقط، من عوائد وإنفاق، قد يقع فى مطبات يصعب الخروج منها، لأن الاقتصاد يُدار بمفاهيم طويلة الأجل، بينما المالية العامة تدار بمفاهيم عاجلة قصيرة الأجل، لسد عجز الموازنة أو العجز التجارى، بتدبير موارد وتقليل نفقات آنية، وقد أثبتت تجارب صندوق النقد الدولى مع الدول التى عالجت مشكلاتها الاقتصادية بمنهج المالية العامة فقط أن «النهايات» لا تكون سعيدة على الإطلاق، ولم يحدث أن خرج اقتصاد غربا أو شرقا من مأزقه بهذه السياسات المالية، من أول الأرجنتين إلى إندونيسيا، مرورا بالبرتغال واليونان وغيرها، والحل دائما فى السياسات الاقتصادية، أى فى كيفية رفع إنتاجية السلع والخدمات وتشغيل الطاقات العاطلة أولا، وهى السياسات التى تدفع بعربة المجتمع فى هذا الطريق الصحيح. والسؤال بسيط وساذج جدا: من سيدفع هذه الرسوم الجمركية؟ ببساطة الشركات والوكالات التى تستورد سلعا من الدول التى فرض ترامب عليها تلك الرسوم، وهى كل دول العالم تقريبا، سواء كانت سلعا تامة الصنع أو نصف مصنعة أو مواد خامًا، وتضاف قيمتها على أسعار البيع للمستهلكين.. أى أن السلع المستوردة فى الولايات المتحدة سترتفع أسعارها ما بين %10 إلى 54 % حسب الشريحة التى وضعها ترامب لكل دولة! أى أننا نتحدث عن موجة غلاء، فى البداية ستمس السلع المتبادلة بين دول العالم وأمريكا، ثم تنسحب تدريجيا على السلع المحلية، لأن التضخم يشبه الحجر الضخم حين تحركه من أى جانب يتحرك كله بالضرورة. وتتصور إدارة ترامب أن رفع أسعار السلع المستوردة يعنى اتجاه المستهلكين الأمريكيين إلى السلع المحلية، مما يشجع على زيادة الاستثمارت ورفع حجم الإنتاج فى أمريكا، مما يزيد من حجم الضرائب المحصلة أيضا، المفهوم صحيح وجزء من طبيعة قوانين السوق، لكن مستحيل أن تكون السلع الأمريكية فى السوق الأمريكية أرخص من السلع الصينية مثلا، لسبب وجيه أن تكلفة العمالة فى أمريكا خمسة أضعاف تكلفة العمالة فى الصين، وتقدر نسبة تكاليف العمالة فى أى مشروع أمريكى بحوالى 45 %، وتكلفة العمالة الصينية تقل كثيرا جدا عن تكاليف نقل السلع من الصين إلى الساحل الغربى الأمريكى، وهذا العجز التجارى بين أمريكا والصين هو الأعلى لمصلحة الصين، ذات السلع الرخيصة جدا مقارنة بمثيلتها الأمريكية أو الأوروبية. وأيضا لم يحسب الرئيس ترامب وإدارته رودود الأفعال المضادة، وهى التعريفات المماثلة على السلع الأمريكية، والسلع الأمريكية بطبيعتها غالية السعر، ومع تعريفات جمركية إضافية، ستخرج من سوق المنافسة لطبقات غير قادرة على دفع أسعارها فى أوروبا وكندا والمكسيك وبقية دول أمريكا اللاتينية والصين. وطبقا لجدول الصادرات الأمريكية تأتى كندا فى المرتبة الأولى، وتصنَّف بأكبر شريك تجارى للولايات المتحدة، ثم المكسيك، وبريطانيا، والصين، واليابان وألمانيا وكوريا الجنوبية، وأكبر ثلاث دول فرضت أمريكا عليها رسوما هى: كندا والمكسيك والصين ويستوردون من الولايات المتحدة فى حدود 850 مليار دولار تقريبا! ويصدرون لها بأزيد من هذا المبلغ بـ650 مليار دولار. وبأى معيار، لا توجد طاقة إنتاجية غير مستغلة فى الولايات المتحدة تغطى الفارق الذى يمكن أن يحدث مقابل الواردات من هذه الدول، بينما هذه الدول تستطيع أن تجد بديلا أرخص للمنتجات الأمريكية، دون أن نهمل القدرة الشرائية العالية فى السوق الأمريكية، نظرا لارتفاع مستوى المعيشة. باختصار قد يكون العالم مقبلا على حالة من الترقب، يصاحبها نوع من الكساد أو الركود، حتى يجد المنتجون ثغرات ينفذون منها إلى السوق الأمريكية، وأتصور أن الجمهور الأمريكى لن يقبل أو يتعايش بسهولة مع موجة قادمة حتما من ارتفاع الأسعار، خاصة أن الاقتصاد الأمريكى يواجه تحديات عديدة منذ فترة، منها تباطؤ النمو وارتفاع معدلات التضخم، ويتوقع الخبراء أن ينخفض معدل النمو من %2.8 فى عام 2024 إلى %2.2 فى العام الحالي. وليس غريبا أن يدخل عدد كبير من شركات أمريكية تعتمد على الأسواق الخارجية فى دوامة عدم اليقين، فمالت حركتها إلى الركون وعدم الإقدام، حتى تتبين مواضع أقدامها. من هنا يمكن أن نفهم كيف تغيرت مواقف أصحاب مليارات من سياسات ترامب، منهم كين لانجون، واحد من أكبر مؤيديه المتبرعين له، وقال إن تعريفات ترامب مرتفعة وعاجلة دون منطق، ويبدو أن هيئة مستشاريه يبدون له أراء سيئة، هل يعقل أن نفرض على فيتنام تعريفة تبلغ 46%، وأن نضع 34 % إضافية ، لترتفع على الرسوم أعلى السلع الصينية %54، هذه تعريفات عدوانية لا تمنح المفاوضات التجارية الجادة أى فرصة للنجاح. ووصف بيل أكمان التعريفات الجديدة وهو أيضا من متبرعى حملة ترامب الرئاسية بأنها خطأ سياسى فادح. أما الملياردير ستانلى دراكنميلر، وكان مستشارا لوزير الخزانة فقد نشر على موقع أكس معترضا: لا أؤيد التعريفات التى تتجاوز %10. وقال ويلبور روس، وزير التجارة فى ولاية ترامب الأولى، لصحيفة فايننشال تايمز: إن الشركات الكبرى يمكنها التعامل مع الأخبار الجيدة والأخبار السيئة على حد سواء، لكن من الصعب التعامل مع عدم اليقين، الخوف من المجهول هو الأسوأ للناس، ونحن فى فترة من الخوف الشديد من المجهول. وفعلا لو نظرنا إلى النتائج العاجلة لتعريفات ترامب الجمركية، نجد فوضى تجارية عالمية تشبه بركانا ثار فجأة، قطعا لن تستمر، وسوف تهدأ وتسكن، لكن على حرب تجارية، بين القوة الاقتصادية الأولى على الكوكب، وبقية العالم، أى بين %26 لأمريكا و%74 لبقية دول العالم، وقطعا ستكون مؤلمة لجيوب غالبية سكان الأرض ومعيشتهم ، خاصة أن نصف هؤلاء السكان يعيشون على أقل من ست دولارات فى اليوم، و%26 منهم يعيشون فى فقر مدقع، وهؤلاء لا يفكر فيهم ترامب ولا مليارديراته! تابعنا علي منصة جوجل الاخبارية


البشاير
٠٧-٠٤-٢٠٢٥
- منوعات
- البشاير
نبيل عمر : الإسرائيليات.. أصل الحكاية ودور الأزهر!
نبيل عمر الإسرائيليات.. أصل الحكاية ودور الأزهر! إذا كانت تنقية تاريخ قدماء المصريين وملوكهم من (الإسرائيليات) عملاً مهمًا للغاية، حماية لحضارتنا وقيمتها الإنسانية، فإن تنقية التراث الإسلامى من هذه الإسرائيليات، وهى ليست قليلة، فرض لا نستطيع تأجيله أو تجاوزه، تصحيحًا لتفسيرات شائعة وأحاديث نبوية ليست قليلة. ولفظ الإسرائيليات جمع، مفرده إسرائيلية، وهى قصة أو حادثة تُروى عن مصدر إسرائيلى، والنسبة فيها إلى «إسرائيل»، وقالت الإسرائيليات إنه هو النبى يعقوب ابن سيدنا إبراهيم وإليه يُنسب اليهود، وإن كانت ثمة كتابات تنفى أن إسرائيل ويعقوب شخصا واحدا، وتستند على قرائن واردة فى القرآن الكريم. وتُعرَّف الإسرائيليات بأنها كل ما دسه بنو إسرائيل فى السيرة والتفسير والأحاديث، وتوسّع بعض المفسرين فعدوها كل ما دسّه أعداء الإسلام من أخبار مصنوعة لا أصل لها فى مصدر قديم، والغريب أن كثرة من رجال دين فرضوا حماية فائقة على كتب التراث المحملة بهذه الإسرائيليات، كما لو أنهم يحافظون على الدين، مع أنّ كاتبيها بشرٌ، والبشر مجتهدون خطاؤون، ولا عصمة لما يكتبونه أو يبدونه من آراء وشروح وتفسيرات. فى كتاب «الإسرائيليات وأثرها فى كتب التفسير»، وهو رسالة دكتوراه فى الحديث والتفسير من جامعة الأزهر للدكتور رمزى نعناعة يقول فى مقدمته: كان من آثار ضعف الاشتغال بالسنة وعلومها وتساهل بعض المفسرين والإخباريين فى نقل الروايات الدخيلة على الإسلام فى كتبهم، أن راجت سوق الإسرائيليات وانتشرت فى كتب العلوم: كالتفسير والوعظ والتصوف والأخلاق وغيرها، كما انتشرت على ألسنة الناس وتلقوها بالقبول وشُغلوا بها وأذاعوها، فكانت بلاءً على الإسلام والمسلمين، وحجابًا فى فهم كتاب رب العالمين، ومثارًا للإرجاف والتشكيك من قبل المارقين والملحدين. إذن نحن أمام عالم أزهرى يصرخ فينا بأنّ الإسرائيليات ما زالت تحتل مساحة غير قليلة من ثقافتنا الإسلامية، ومتى يعترف؟ فى القرن الرابع عشر الهجرى.. أليست هذه مُصيبة؟ لماذا لم نعمل على تنقية كتب التراث منها كل هذه القرون الطويلة؟ ربما لأنّ الإسرائيليات صاحبت عملية تدوين الحديث من أولها، وكانت أبواب الحديث متنوعة، ومنها باب التفسير، قبل أنْ يستقل التفسير علمًا بذاته، وقد حدث عند طواف علماء الحديث بالأمصار لجمعه، أن جمعوا معه تفاسير منسوبة إلى النبى أو إلى أصحابه أو إلى التابعين. وهؤلاء التابعون خلطوا التفسير بالإسرائيليات، فكثرة من الذين دخلوا الإسلام كانوا من أهل الكتاب، وما زال عالقًا بأذهانهم أخبار بدء الخليقة والكائنات وأسرار الوجود وكثير من القصص، والنفس الإنسانية ميالة بطبعها إلى التفاصيل وتهوى سماعها، فما بالك بأحداث يهودية رواها القرآن، فزجّوا بهذه الأخبار فى تفسير القصص القرآنية، ونقلها التابعون دون تحرٍّ أو نقد. ويُفرد الدكتور نعناعة مساحة هائلة للروايات الإسرائيلية فى الحديث والتفسير في كتابه الذى تتجاوز صفحاته أربعمئة صفحة من القطع المتوسط، مما يُوجع قلوبنا ويهزّ عقولنا من جذورها: كيف سمحنا بهذا القدر من الإسرائيليات فى تراثنا الإسلامى؟ يجيب الدكتور محمد حسين الذهبى فى كتابه المهم «الإسرائيليات فى التفسير والحديث»: عن غفلة وسذاجة، أو لمجرد الشغف بالقصص وما فيها من أعاجيب تستهوى العامة. وللأسف تباينت دوافع الذين أدخلوا هذه الإسرائيليات، إمّا عن تنطع وورع كاذب، كما فعل أبو عصمة نوح بن مريم، الذى وضع أحاديث عن فضائل السور لا أصل لها بالمرة، وبرّر فعلته قائلًا: رأيت الناس قد أعرضوا عن القرآن، واشتغلوا بفقه أبى حنيفة ومغازى محمد بن إسحاق، فوضعت هذه الأحاديث حسبة. وهو قولٌ خطير سواء كان صادقا فى دوافعه أو كاذبا. هناك أحاديث للترغيب والترهيب، تحجج الواضعون لها بأن الكذب الحرام هو الكذب على رسول الله، أما مَن كذب له، بأن روّج لدينه وتعاليمه فلا يدخل تحت وعيده، بأنّ «مَن يكذب عليه متعمّدًا فليتبوأ مقعده من النار»، وهى حجة فاسدة؛ فالإسلام لا يعرف كذبًا أبيض وكذبًا أسود، ولا يبيح وسيلة محرّمة لغرض حلال. والدكتور محمد حسين الذهبى كان من علماء الأزهر، وعهد إليه مجلس البحوث الإسلامية بالجامع المرموق أن يكتب بحثًا عن الإسرائيليات، يناقشه علماء المسلمين فى مؤتمر إحياء ذكرى مرور 14 قرنًا على نزول القرآن الكريم فى عام 1968. ويرى الدكتور الذهبى أن الثقافة الإسرائيلية تسربت إلى الثقافة العربية قبل الإسلام بوقت طويل، إذ كانت جماعة من اليهود تقيم فى الجزيرة العربية من سنة 70 ميلادية، بعد أن فرّوا من اضطهاد وتنكيل «تيطس الروماني» حاملين معهم كتبهم الدينية وما يتصل بها من شروح، وكانت لهم أماكن يقال لها «المدراس» يتدارسون فيها ما توارثوه، وأماكن أخرى يتعبدون فيها. لكن كان تأثر الثقافة العربية فى الجاهلية بثقافة أهل الكتاب محدودًا إلى حد ما، بسبب ضيق أفق العرب ثقافيًّا، لكن الأمر اختلف مع ظهور الإسلام وكتابه وهجرة الرسول إلى المدينة، التى كان يعيش فيها طوائف يهودية كبنى قينقاع وبنى قريظة وبنى النضير، وحولها يهود خيبر وتيماء وفدك. وبحكم الجوار تبادل المسلمون واليهود العلوم والمعارف، خاصة أنّ القرآن قد حكى كثيرًا عنهم، ومع دخول جماعات من علماء اليهود وأحبارهم فى الإسلام، ومنهم عبد الله بن سلام، وعبد الله بن صوريا وكعب الأحبار وغيرهم، التحمت الثقافة الإسرائيلية بالثقافة الإسلامية بصورة أوسع وعلى نطاق أرحب، خاصة بعد أن شاع أنّ الرسول رخّص لأصحابه فى الحديث عن بنى إسرائيل، حيث قال لهم: حدثوا عن بنى إسرائيل ولا حرج. وكانت هذه هى البوابة التى تسللت منها الإسرائيليات إلى الثقافة الإسلامية: حديثًا وتفسيرًا. بينما سورة آل عمران تنهاهم عن ذلك تمامًا فى الآية 75: «وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لَا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِى الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (75)». وظل البعض من الصحابة والتابعين يختلفون إلى أهل الكتاب، أمثال: وهب بن منبه، وكعب الأحبار، وعبد الله بن سلام، وأضرابهم من أحبار اليهود، يسألونهم عمّا عندهم من العلم عن بدء الخليقة وقصص الأنبياء وسير الصالحين من أسلافهم. ووصف عالم الاجتماع العربى العبقرى ابن خلدون العرب، بأنهم لم يكونوا أهل كتاب ولا علم، وغلبت عليهم البداوة والأمية، وإذا تشوَّفوا إلى معرفة شيء، مما تشتاق إليه النفوس البشرية فى أسباب المكونات وبدء الخليقة وأسرار الوجود، فإنما يسألون عنه أهل الكتاب قبلهم، ويستفيدونه منهم، وهم أهل التوراة من اليهود ومن تبع دينهم من النصارى. ويقول الأستاذ محمد فهمى عن هذه الروايات: وما أكثر ما حمل ابن عباس عن كعب الأحبار من الإسرائيليات، وجعلها تفسيرًا لكثير من آيات الذكر الحكيم، ونسج الوضّاعون على منوالها أضعافًا مضاعفة، وحشا بها المفسرون الأقدمون كتبهم، حتى جاء محمد بن جرير الطبرى فاستوعبها كلها فى تفسيره، وتناقلها عنه كل مَن تصدّى لتفسير كتاب الله مِن بعده بلا بصيرة إلا مَن عصم الله. هذه قصة الإسرائيليات باختصار، والمدهش أنها ما زالت تعمل وشائعة بيننا، وحان الوقت لجامع له مكانته العلمية فى العالم الإسلامى كالأزهر أن يحذف هذه الإسرائيليات من طبعات جديدة لكتب التراث ويشير إلى ذلك فى مقدمتها!. تابعنا علي منصة جوجل الاخبارية