logo
#

أحدث الأخبار مع #نيوزأور

الصين تبدي استعداداً للاستمرار في الحرب التجارية ضد ترامب، فماذا بعد؟
الصين تبدي استعداداً للاستمرار في الحرب التجارية ضد ترامب، فماذا بعد؟

شفق نيوز

time٠٩-٠٤-٢٠٢٥

  • أعمال
  • شفق نيوز

الصين تبدي استعداداً للاستمرار في الحرب التجارية ضد ترامب، فماذا بعد؟

يبدو أن الحرب التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم لن تهدأ في وقتٍ قريبٍ، إذ تعهدت بكين "بالقتال حتى النهاية" بعد ساعات من تهديد الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بمضاعفة الرسوم الجمركية على الصين. وقد يؤدي ذلك إلى فرض ضريبة جمركية عالية بقيمة 104 في المئة على أغلب الواردات الصينية من الولايات المتحدة، مما يُعد تصعيداً شديداً بين الجانبين. وتشكل الهواتف الذكية، وأجهزة الكمبيوتر، وبطاريات الليثيوم، والألعاب، وأجهزة ألعاب الفيديو القدر الأكبر من الصادرات الصينية إلى الولايات المتحدة. ولكن هناك العديد من السلع والمنتجات التي تمتد من البراغي إلى الغلايات. ومع اقتراب الموعد النهائي في واشنطن، حيث يهدد ترامب بفرض رسوم جمركية إضافية على الواردات الصينية إلى بلاده اعتباراً من الأربعاء التاسع من أبريل/نيسان 2025، يظل السؤال: تُرى من سيتراجع عن موقفه أولاً؟ وأضاف ترامب أن ذلك "لن يؤدي إلى ظهور الصين في صورة الطرف الضعيف فحسب، بل يمنح الولايات المتحدة أيضاً نفوذاً أكبر يمكنّها من طلب المزيد من التنازلات. وصلنا الآن إلى طريق مسدود، ومن المرجح أن يؤدي إلى معاناة اقتصادية طويلة الأمد". وتتراجع الأسواق العالمية منذ الأسبوع الماضي مع بدء وضع رسوم ترامب الجمركية حيز التنفيذ، حيث استهدفت جميع الدول تقريباً. أما الأسهم الآسيوية، التي شهدت الاثنين الماضي أسوأ انخفاض لها منذ عقود، بعد إصرار إدارة ترامب على تطبيق هذه الإجراءات، فقد تعافت إلى حدٍ ما الثلاثاء. في غضون ذلك، ردت الصين بفرض رسوم جمركية مضادة بنسبة 34 في المئة، وحذر ترامب من أنه سيرد بفرض رسوم جمركية إضافية بنسبة 50 في المئة إذا لم تتراجع بكين عن تصعيدها. وتسود حالة من انعدام اليقين، وسط توقعات بفرض رسوم جمركية إضافية تتجاوز نسبتها 40 في المئة. ومن شأن ذلك أن يؤثر سلباً على الاقتصادات الآسيوية – إذ ارتفعت الرسوم الجمركية على الصين إلى 54 في المئة، كما وصلت الرسوم الجمركية على فيتنام وكمبوديا إلى 46 في المئة و49 في المئة على التوالي. وأعرب خبراء عن قلقهم إزاء السرعة التي تتطور فيها الأمور، مما قد لا يترك للحكومات والشركات والمستثمرين سوى القليل من الوقت للتكيف أو الاستعداد لاقتصاد عالمي مختلف إلى حدٍ كبيرٍ. كيف ترد الصين على التعرفة الجمركية لترامب؟ ردت الصين على الجولة الأولى من الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب برسوم مماثلة على بعض الواردات الأمريكية، وقيود على تصدير المعادن النادرة. كما فتحت تحقيقاً في مكافحة الاحتكار مع شركات أمريكية، بما في ذلك غوغل. وردت هذه المرة بالإعلان عن رسوم جمركية مضادة، لكنها تبدو أيضاً مستعدة لتحمل عواقب وخيمة باتخاذ إجراءات أكثر صرامة. فقد سمحت لعملتها اليوان بالهبوط، مما زاد من جاذبية الصادرات الصينية. كما بدأت الشركات المرتبطة بالدولة في شراء الأسهم، فيما يبدو أنه خطوة للحفاظ على استقرار السوق. ويبدو أن احتمالات عقد مفاوضات بين الولايات المتحدة واليابان عززت ثقة المستثمرين الذين كانوا يحاولون تعويض بعض الخسائر التي تكبدوها في الأيام القليلة الماضية. لكنّ المواجهة بين الصين والولايات المتحدة ــ أكبر مصدر في العالم وأهم سوق له ــ تظل مصدراً للكثير من القلق. وقالت ماري لوفلي، خبيرة التجارة بين الولايات المتحدة والصين في معهد بيترسون في واشنطن، لبرنامج "نيوز أور" على قناة بي بي سي: "ما نشهده هو لعبة تحمل الألم. لقد توقفنا عن الحديث عن المكاسب". وأضافت أنه على الرغم من تباطؤ اقتصادها، فإن الصين قد تكون "مستعدة تماماً لتحمل الألم لتجنب الاستسلام لما تعتقد أنه عدوان أمريكي". ووسط أزمة سوق العقارات التي تعاني منها الصين منذ سنوات طويلة وارتفاع معدلات البطالة، لا يرقى إنفاق المستهلكين في الصين لتحريك عجلة الاقتصاد. كما تواجه الحكومات المحلية المثقلة بالديون صعوبة بالغة في زيادة استثماراتها أو في توسيع نطاق شبكة الحماية الاجتماعية. وقال أندرو كولير، زميل مركز موسافار رحماني للأعمال والحكومة في كلية كينيدي بجامعة هارفارد: "الرسوم الجمركية ستؤدي إلى تفاقم هذه المشكلة". فإذا تأثرت صادرات الصين، فسيؤثر ذلك سلباً على مصدر دخل حيوي تعتمد عليه البلاد بصفة أساسية في توفير احتياجاتها التمويلية. وكانت الصادرات من أهم محركات النمو الهائل الذي حققته الصين لعشرات السنوات. كما أنها تزال محركاً رئيسياً للنمو على الرغم من سعي البلاد إلى تنويع اقتصادها من خلال التصنيع التكنولوجي المتقدم وزيادة الاستهلاك المحلي. وأضاف كولير أنه من الصعب تحديد متى "ستكون الرسوم الجمركية مؤلمة ولكن من المرجح أن ذلك قد يحدث قريباً"، مؤكداً أن "الرئيس شي يواجه خياراً صعباً على نحو متزايد بسبب تباطؤ الاقتصاد وتضاؤل الموارد". أضرار في الاتجاهين لكن لن تكون الصين وحدها هي المتضررة من آثار التعرفة الجمركية. بحسب مكتب الممثل التجاري الأمريكي، استوردت الولايات المتحدة بضائع بقيمة 438 مليار دولار من الصين في 2024، بينما بلغت قيمة الصادرات الأمريكية إلى الصين 143 مليار دولار، وهو ما يشير إلى عجز تجاري بقيمة 295 مليار دولار. وليس من الواضح كيف ستتمكن الولايات المتحدة من العثور على مصادر بديلة للسلع الصينية في مثل هذا الوقت القصير. وبعيداً عن الضرائب على السلع المادية، فإن البلدين "متشابكان اقتصادياً في كثير من النواحي ــ فهناك قدر هائل من الاستثمارات في الاتجاهين، والكثير من التجارة الرقمية وتدفقات البيانات"، وفقاً لديبورا إلمز، رئيسة وحدة السياسات التجارية في مؤسسة هينريش في سنغافورة. وقالت إلمز: "يمكن فرض رسوم جمركية كبيرة لفترة طويلة. لكن هناك طرق أخرى يمكن من خلالها أن تلحق كل دولة منهما أضراراً بالأخرى. ورغم أن البعض يتصور أنه من المستحيل أن تسوء الأمور أكثر من ذلك، لا يزال هناك الكثير من الطرق التي تؤدي إلى أوضاع أسوأ مما هي عليه الآن". وأضافت أن هذه المنتجات سوف ينتهي بها المطاف إلى أسواق أخرى مثل أسواق جنوب شرق آسيا، و"هذه الأماكن تتعامل مع تعرفاتها الجمركية الخاصة بها وتضطرنا إلى التفكير في أماكن أخرى يمكننا بيع منتجاتنا فيها؟" وتابعت: "لذا فنحن في عالم مختلف تماماً، عالم غامض جداً". كيف سينتهي هذا الأمر؟ على النقيض من الحرب التجارية مع الصين خلال فترة ولاية ترامب الأولى، والتي كانت تستهدف التفاوض مع بكين، يقول رولاند راغا، كبير الاقتصاديين في معهد لوي: "من غير الواضح ما هو الدافع وراء هذه التعرفات، ومن الصعب للغاية التخمين إلى أين قد تسير الأمور". وأضاف أن الصين لديها "مجموعة كبيرة من الأدوات" للرد، مثل خفض قيمة عملتها بشكل أكبر أو فرض قيود على الشركات الأمريكية. وتابع: "أعتقد أن السؤال المُلح هنا هو إلى أي مدى سيتحلى الجانبان بضبط النفس؟ هناك رد لحفظ ماء الوجه، وهناك استخدام لكل ما في الترسانة من أسلحة. ولا يتضح ما إذا كانت الصين ترغب في اتباع هذا المسار. لكنها ربما تفعل". ويرى خبراء أن الولايات المتحدة والصين قد تعقدان محادثات خاصة. ولم يتحدث ترامب مع شي منذ عودته إلى البيت الأبيض، رغم أن بكين أبدت استعدادها لإجراء محادثات مع الجانب الأمريكي في أكثر من مناسبة. لكن خبراء آخرين ليس لديهم هذا الأمل في تسوية الأمر عبر المحادثات الثنائية. وقالت إلمز: "أعتقد أن الولايات المتحدة تُبالغ في تقدير قوتها"، مشككةً فيما يعتقده ترامب من أن السوق الأمريكي مُربح لدرجة أن الصين، أو أي دولة أخرى، ستخضع في النهاية لما تمليه عليها الولايات المتحدة. وأضافت: "لكن كيف سينتهي هذا؟ لا أحد يعلم. أنا قلقة للغاية بشأن سرعة وتصاعد الأحداث، وأعتقد أن المستقبل قد ينطوي على تحديات أكبر ومخاطر أكثر بكثير".

الصين تبدي استعداداً للاستمرار في الحرب التجارية ضد ترامب، فماذا بعد؟
الصين تبدي استعداداً للاستمرار في الحرب التجارية ضد ترامب، فماذا بعد؟

BBC عربية

time٠٨-٠٤-٢٠٢٥

  • أعمال
  • BBC عربية

الصين تبدي استعداداً للاستمرار في الحرب التجارية ضد ترامب، فماذا بعد؟

يبدو أن الحرب التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم لن تهدأ في وقتٍ قريبٍ، إذ تعهدت بكين "بالقتال حتى النهاية" بعد ساعات من تهديد الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب بمضاعفة الرسوم الجمركية على الصين. وقد يؤدي ذلك إلى فرض ضريبة جمركية عالية بقيمة 104 في المئة على أغلب الواردات الصينية من الولايات المتحدة، مما يُعد تصعيد شديد بين الجانبين. وتشكل الهواتف الذكية، وأجهزة الكمبيوتر، وبطاريات الليثيوم، والألعاب، وأجهزة ألعاب الفيديو القدر الأكبر من الصادرات الصينية إلى الولايات المتحدة. ولكن هناك العديد من السلع والمنتجات التي تمتد من البراغي إلى الغلايات. ومع اقتراب الموعد النهائي في واشنطن، إذ يهدد ترامب بفرض رسوم جمركية إضافية على الواردات الصينية إلى بلاده اعتباراً من الأربعاء المقبل، تُرى من سيتراجع عن موقفه أولاً؟ قال ألفريدو مونتوفار هيلو، أحد كبار المستشارين في مركز الصين في مؤسسة "كونفرنسبورد" البحثية: "من الخطأ أن نتوقع تراجع الصين وإلغائها التعريفات الجمركية من جانب واحد". وأضاف أن ذلك "لن يؤدي إلى ظهور الصين في صورة الطرف الضعف فحسب، بل يمنح الولايات المتحدة أيضا نفوذا أكبر يمكنها من طلب المزيد من التنازلات. وصلنا الآن إلى طريق مسدود، ومن المرجح أن يؤدي إلى معاناة اقتصادية طويلة الأمد". وتتراجع الأسواق العالمية منذ الأسبوع الماضي مع بدء وضع رسوم ترامب الجمركية حيز التنفيذ، والتي استهدفت جميع الدول تقريباً. أما الأسهم الآسيوية، التي شهدت أسوأ انخفاض لها منذ عقود الاثنين الماضي بعد إصرار إدارة ترامب على تطبيق هذه الإجراءات، فقد تعافت إلى حدٍ ما الثلاثاء. أسباب تدعو للتفاؤل بشأن النظام ما بعد الأمريكي - نيويورك تايمز في غضون ذلك، ردت الصين بفرض رسوم جمركية مضادة بنسبة 34 في المئة، وحذر ترامب من أنه سيرد بفرض رسوم جمركية إضافية بنسبة 50 في المئة إذا لم تتراجع بكين عن تصعيدها. وتسود حالة من انعدام اليقين، وسط توقعات بفرض رسوم جمركية إضافية تتجاوز نسبتها 40 في المئة، الأربعاء المقبل. ومن شأن ذلك أن يؤثر سلباً على الاقتصادات الآسيوية – إذ ارتفعت الرسوم الجمركية على الصين إلى 54 في المئة، كما ترتفع الرسوم الجمركية على فيتنام وكمبوديا إلى 46 في المئة و49 في المئة على التوالي. وأعرب خبراء عن قلقهم إزاء السرعة التي تتطور الأمور، مما قد لا يترك للحكومات والشركات والمستثمرين سوى القليل من الوقت للتكيف أو الاستعداد لاقتصاد عالمي مختلف إلى حدٍ كبيرٍ. كيف ترد الصين على التعريفة الجمركية لترامب؟ ردت الصين على الجولة الأولى من الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب برسوم مماثلة على بعض الواردات الأمريكية، وقيود على تصدير المعادن النادرة. كما فتحت تحقيقاً في مكافحة الاحتكار مع شركات أمريكية، بما في ذلك غوغل. كما ردت هذه المرة بالإعلان عن رسوم جمركية مضادة، لكنها تبدو أيضاً مستعدة لتحمل عواقب وخيمة باتخاذ إجراءات أكثر صرامة. فقد سمحت لعملتها اليوان بالهبوط، مما زاد من جاذبية الصادرات الصينية. كما بدأت الشركات المرتبطة بالدولة في شراء الأسهم، فيما يبدو أنه خطوة للحفاظ على استقرار السوق. ويبدو أن احتمالات عقد مفاوضات بين الولايات المتحدة واليابان عززت ثقة المستثمرين الذين كانوا يحاولون تعويض بعض الخسائر التي تكبدوها في الأيام القليلة الماضية. لكن المواجهة بين الصين والولايات المتحدة ــ أكبر مصدر في العالم وأهم سوق له ــ تظل مصدراً للكثير من القلق. وقالت ماري لوفلي، خبيرة التجارة بين الولايات المتحدة والصين في معهد بيترسون في واشنطن، لبرنامج "نيوز أور" على قناة بي بي سي: "ما نشهده هو لعبة تحمل الألم. لقد توقفنا عن الحديث عن أي شعور بالمكسب". وأضافت أنه على الرغم من تباطؤ اقتصادها، فإن الصين قد تكون "مستعدة تماماً لتحمل الألم لتجنب الاستسلام لما تعتقد أنه عدوان أمريكي". ووسط أزمة سوق العقارات التي تعاني منها بكين منذ سنوات طويلة وارتفاع معدلات البطالة، لا يرقى إنفاق المستهلكين في الصين لتحريك عجلة الاقتصاد. كما تواجه الحكومات المحلية المثقلة بالديون صعوبة بالغة في زيادة استثماراتها أو في توسيع نطاق شبكة الحماية الاجتماعية. وقال أندرو كولير، زميل مركز موسافار رحماني للأعمال والحكومة في كلية كينيدي بجامعة هارفارد: "الرسوم الجمركية تؤدي إلى تفاقم هذه المشكلة". فإذا تأثرت صادرات الصين، فسيؤثر ذلك سلباً على مصدر دخل حيوي تعتمد عليه البلاد بصفة أساسية في توفير احتياجاتها التمويلية. وكانت الصادرات من أهم محركات النمو الهائل الذي حققته الصين لعشرات السنوات. كما أنها تزال محركاً رئيسياً للنمو على الرغم من سعي البلاد إلى تنويع اقتصادها من خلال التصنيع التكنولوجي المتقدم وزيادة الاستهلاك المحلي. وأضاف كولير أنه من الصعب أن تحديد متى "ستكون الرسوم الجمركية مؤلمة ولكن من المرجح أن ذلك قد يحدث قريبا"، مؤكداً أن "[الرئيس شي] يواجه خياراً صعباً على نحو متزايد بسبب تباطؤ الاقتصاد وتضاؤل الموارد". أضرار في الاتجاهين لكن لن تكون الصين وحدها هي المتضررة من آثار التعريفة الجمركية. وبحسب مكتب الممثل التجاري الأمريكي، استوردت الولايات المتحدة بضائع بقيمة 438 مليار دولار من الصين في 2024، بينما بلغت قيمة الصادرات الأمريكية إلى الصين 143 مليار دولار، وهو ما يشير إلى عجز تجاري بقيمة 295 مليار دولار. وليس من الواضح كيف ستتمكن الولايات المتحدة من العثور على مصادر بديلة للسلع الصينية في مثل هذا الوقت القصير. وبعيداً عن الضرائب على السلع المادية، فإن البلدين "متشابكان اقتصادياً في كثير من النواحي ــ فهناك قدر هائل من الاستثمارات في الاتجاهين، والكثير من التجارة الرقمية وتدفقات البيانات"، وفقاً لديبورا إلمز، رئيسة وحدة السياسات التجارية في مؤسسة هينريش في سنغافورة. وقالت إلمز: "يمكن فرض رسوم جمركية كبيرة لفترة طويلة. لكن هناك طرق أخرى يمكن من خلالها أن تلحق كل دولة منهما أضراراً بالأخرى. ورغم أن البعض يتصور أنه من المستحيل أن تسوء الأمور أكثر من ذلك، لا يزال هناك الكثير من الطرق التي تؤدي إلى أوضاع أسوأ مما هي عليه الآن". وأضافت أن هذه المنتجات سوف ينتهي بها المطاف إلى أسواق أخرى مثل أسواق جنوب شرق آسيا، و"هذه الأماكن [تتعامل] مع تعريفاتها الجمركية الخاصة بها وتضطر إلى التفكير في أماكن أخرى يمكننا بيع منتجاتنا فيها؟" وتابعت: "لذا فنحن في عالم مختلف تماماً، عالم غامض جداً". كيف ينتهي هذا الأمر؟ على النقيض من الحرب التجارية مع الصين خلال فترة ولاية ترامب الأولى، والتي كانت تستهدف التفاوض مع بكين، يقول رولاند راغا، كبير الاقتصاديين في معهد لوي: "من غير الواضح ما هو الدافع وراء هذه التعريفات، ومن الصعب للغاية التنبؤ إلى أين قد تسير الأمور". وأضاف أن الصين ليدها "مجموعة كبيرة من الأدوات" للرد، مثل خفض قيمة عملتها بشكل أكبر أو فرض قيود على الشركات الأمريكية. وتابع: "أعتقد أن السؤال الملح هنا هو إلى أي مدى سيتحلى الجانبان بضبط النفس؟ هناك رد لحفظ ماء الوجه، وهناك استخدام لكل ما في الترسانة من أسلحة. ولا يتضح ما إذا كانت الصين ترغب في اتباع هذا المسار. لكنها ربما تفعل". ويرى خبراء أن الولايات المتحدة والصين قد تعقدان محادثات خاصة. ولم يتحدث ترامب مع شي منذ عودته إلى البيت الأبيض، رغم أن بكين أبدت استعدادها لإجراء محادثات مع الجانب الأمريكي في أكثر من مناسبة. لكن خبراء آخرين ليس لديهم هذا الأمل في تسوية الأمر عبر المحادثات الثنائية. وقالت إلمز: "أعتقد أن الولايات المتحدة تُبالغ في تقدير قوتها"، مشككةً فيما يعتقده ترامب من أن السوق الأمريكي مُربح لدرجة أن الصين، أو أي دولة أخرى، ستخضع في النهاية لما تمليه عليها الولايات المتحدة. وأضافت: "لكن كيف سينتهي هذا؟ لا أحد يعلم. أنا قلقة للغاية بشأن سرعة وتصاعد الأحداث، وأعتقد أن المستقبل قد ينطوي على تحديات أكبر ومخاطر أكثر بكثير".

مقبرة تحتمس الثاني بمصر: أسرار جديدة وأسطورة قديمة تفتح الأبواب أمام أسئلة محيرة
مقبرة تحتمس الثاني بمصر: أسرار جديدة وأسطورة قديمة تفتح الأبواب أمام أسئلة محيرة

شفق نيوز

time٢١-٠٢-٢٠٢٥

  • منوعات
  • شفق نيوز

مقبرة تحتمس الثاني بمصر: أسرار جديدة وأسطورة قديمة تفتح الأبواب أمام أسئلة محيرة

في قلب صحراء الأقصر، حيث تتناثر آثار تاريخ مصر، تنكشف لنا واحدة من أعظم الاكتشافات الأثرية في العقود الأخيرة. وبعد مرور أكثر من قرن على اكتشاف مقبرة الملك توت عنخ آمون، أعلنت مصر عن العثور على مقبرة ملكية جديدة تعود للملك تحتمس الثاني، أحد ملوك الأسرة الثامنة عشرة، في موقع يبعد 2.4 كيلومتر فقط عن وادي الملوك. وبحسب وزارة السياحة والآثار المصرية، فإن مقبرة الملك تحتمس الثاني هي "آخر مقبرة مفقودة لملوك الأسرة الثامنة عشرة في مصر، جرى اكتشافها أثناء أعمال حفائر بجبل طيبة غرب مدينة الأقصر، جنوب البلاد". يؤكد الدكتور مجدي شاكر، كبير الأثريين بوزارة السياحة والآثار، أن المعلومات المتداولة حول اكتشاف مقبرة الملك تحتمس الثاني باعتبارها المقبرة الملكية الثانية بعد مقبرة توت عنخ آمون "غير دقيقة". ويشير شاكر في اتصال مع بي بي سي إلى أن هناك مقبرة قديمة تم اكتشافها بالفعل عام 1939 للملك بسونيس الأول، ثالث ملوك الأسرة الحادية والعشرين، في منطقة صان الحجر في الشرقية، أي قبل اكتشاف مقبرة توت عنخ أمون، ولكن بداية الحرب العالمية الثانية حالت دون تسليط الضوء عليها بشكل مناسب، حسب قوله. يصف محمد إسماعيل، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، هذا الاكتشاف بأنه من أهم الاكتشافات الأثرية في السنوات الأخيرة، حيث تم العثور لأول مرة على الأثاث الجنائزي للملك تحتمس الثاني، الذي لم يوجد له أي أثاث جنائزي في المتاحف العالمية. وأكد إسماعيل على أن أجزاء أواني الألبستر التي عثر عليها بالمقبرة كان عليها نقوش تحمل اسم الملك تحتمس الثاني بصفته "الملك المتوفى"، إلى جانب اسم زوجته الملكة الرئيسية حتشبسوت، مما يؤكد هوية صاحب المقبرة. وأوضح إسماعيل أنه عند عثور البعثة على مدخل المقبرة وممرها الرئيسي في أكتوبر/تشرين الأول 2022، اعتقد فريق العمل أنها قد تكون مقبرة لزوجة أحد ملوك التحامسة، نظراً لقربها من مقبرة زوجات الملك تحتمس الثالث، وقربها كذلك من مقبرة الملكة حتشبسوت، التي أعدت لها بصفتها زوجة ملكية قبل أن تتقلد مقاليد حكم البلاد كملك وتدفن في وادي الملوك. ويقول: "مع استكمال أعمال الحفائر، خلال هذا الموسم، اكتشفت البعثة أدلة أثرية جديدة حددت هوية صاحب المقبرة؛ الملك تحتمس الثاني، وأن من تولى إجراءات دفنه هي الملكة حتشبسوت بصفتها زوجته وأخته غير الشقيقة". "الشعور بالدهشة لا يوصف" يقول الدكتور بيرز ليزرلاند، مدير البعثة الأثرية، إنه تم العثور على جزء من السقف الأصلي للمقبرة الذي كان ما زال سليماً، وهو سقف مزخرف باللون الأزرق ومرصع بالنجوم الصفراء، وهو عنصر زخرفي لا يوجد إلا في مقابر الملوك. وفي حديثه لبرنامج (نيوز أور) على بي بي سي، عبر الدكتور ليزرلاند عن شعوره عند اكتشاف المقبرة قائلاً: "الإحساس الذي يصاحب العثور على شيء غير متوقع هو شعور مذهل، وأصابتني الدهشة الشديدة في تلك اللحظة". وأضاف أنه بعد اكتشاف المقبرة، لم يتمكن من التحكم في مشاعره وانفجر بالبكاء عند لقاء زوجته في الخارج. "المقبرة تحتوي على سلم ضخم وممر كبير للغاية، ما يدل على عظمة المكان. الفريق الأثري واجه صعوبة كبيرة في إزالة الأنقاض من الممرات التي كانت مليئة بالحطام نتيجة الفيضانات، واضطروا إلى الزحف عبر ممر ضيق يبلغ طوله 10 أمتار قبل أن يصلوا إلى غرفة الدفن"، بحسب لزيرلاند. ويضيف أن الفريق اكتشف في غرفة الدفن السقف الأزرق المزخرف وقطع من كتاب "أمدوات"، وهو نص ديني كان مخصصاً للملوك، وهو ما كان دليلاً إضافياً على أن المقبرة تعود لأحد الملوك. ويقول ليزرلاند لبي بي سي إن المفاجأة كانت أن المقبرة فارغة تماماً، ما يؤكد أن محتوياتها قد تم نقلها إلى مكان آخر في العصور القديمة بعد أن غمرتها الفيضانات، التي تسببت في تدميرها. ومن خلال البحث في الحطام، عثر الفريق على قطع من أواني الألباستر المنقوشة باسم الملك تحتمس الثاني وملكة حتشبسوت، وهو ما أكد هوية صاحب المقبرة. وعلق الدكتور ليزرلاند قائلاً: "لحسن الحظ، تم كسر بعض القطع خلال عملية النقل، وهذا ما ساعدنا في اكتشاف صاحب المقبرة"، مضيفاً أن الفريق لديه فكرة مبدئية عن مكان المقبرة الثانية، التي قد تحتوي على كنوز إضافية. "أسئلة محيّرة" وزارة السياحة والأثار المصرية في حديثه عن أهمية اكتشاف مقبرة تحتمس الثاني، يشير الدكتور شاكر لبي بي سي إلى أن اكتشاف مقبرة تحتمس الثاني يمثل خطوة هامة نحو فتح الأبواب لاكتشاف خمس مقابر ملكية مفقودة، من بينها مقابر الملك رمسيس الثامن، الإسكندر الأكبر، نفرتيتي، وكليوبترا، وهي مقابر لم يتم العثور عليها حتى الآن. ويضيف: "عثرنا على مقبرة تحتمس الثاني في موقع يبعد 2.4 كيلومتر عن وادي الملوك، وهو اكتشاف يفتح الأبواب أمام إمكانية وجود مقابر أخرى بعيدة عن الوادي، ما يدفعنا إلى توسيع نطاق البحث والتنقيب في مناطق جديدة". ويوضح شاكر أن السبب وراء اختفاء بعض الآثار الجنائزية المفقودة هو عُرف بسرقات المقابر أيام الأسرة الفرعونية الحادية والعشرين. ويؤكد أن الكهنة، على إثر تلك السرقات، قاموا بنقل مومياوات وكنوز الملوك إلى مقبرة الدير البحري - التي لم تكتشف إلا عام 1881 - لحمايتها من السرقة، معتبراً أن بقايا تلك الآثار قد يتم العثور عليها في أماكن أخرى وتساعد في إيجاد قبور الملوك الآخرين. ورغم أن الاكتشاف قد يبدو بسيطاً ظاهرياً، إلا أن الدكتور شاكر يؤكد أنه يعزز من احتمال اكتشاف وادي جديد مليء بالمقابر الملكية التي قد تضيف تفاصيل غنية عن تاريخ مصر القديمة. ويضف: "تعرضت مصر في العصور القديمة لسيول دمرت أجزاء كبيرة من وادي الملوك، ونحن نعمل على إعادة اكتشاف هذه الأجزاء المفقودة. ومن المتوقع أن تستغرق البعثة الإنجليزية وقتاً أطول لإجراء دراسات تفصيلية، مما سيُسهم في إثراء التاريخ المصري في الأعوام القادمة". تواصلت بي بي سي مع الدكتور زاهي حواس، عالم الآثار المصري ووزير الدولة السابق لشؤون الآثار، الذي أكد مغادرته المقبرة المكتشفة لحظة تلقيه اتصالنا. ويقول إن المقبرة تم اكتشافها في عام 2022، ولكنها دمرت تماماً بفعل الفيضانات، مؤكداً أن الشكل العام للمقبرة يدل على أنها كانت مقبرة ملكية. ويضيف حواس أن البعثة الأثرية تمكنت هذا الشهر من العثور داخل المقبرة على اسم الملك تحتمس الثاني واسم الملكة حتشبسوت، بالإضافة إلى نص يؤكد أن الملكة حتشبسوت هي من أمرت ببناء المقبرة في الوادي الغربي ودفنت تحتمس الثاني فيها. وتابع: "المقبرة تعرضت للنهب والتدمير بشكل كامل، ولا تحتوي على أي قطع يمكن تصويرها، لكن من الإيجابي أن يتم الكشف عن مقبرة ملكية حتى وإن كانت مدمرة". يقول حواس لبي بي سي إن هذا الاكتشاف يطرح أسئلة عديدة "محيّرة" لا تزال دون إجابات واضحة، منها: "لماذا دُفن تحتمس الثاني وحده في هذا المكان بينما دُفنت حتشبسوت في وادي الملوك؟ ولماذا هذه المقبرة هي المقبرة الملكية الوحيدة في الوادي الغربي؟". وأضاف أن هذه الأسئلة تثير الحيرة والدهشة في أذهان العلماء والباحثين، ولا يوجد حتى الآن جواب شافٍ يمكن أن يفسر أسبابها، كما تشكل تحدياً كبيراً في فهمنا الكامل للتاريخ الفرعوني وأسرار تلك الحقبة الزمنية، بحسب حواس. من هو تحتمس الثاني؟ تحتمس الثاني هو الفرعون الرابع من الأسرة الثامنة عشرة من مصر القديمة خلال عصر الدولة الحديثة، يعود إليها أصل العديد من الفراعنة الأشهر في تاريخ مصر، إذ حكمت من الفترة من حوالي 1549/1550 إلى 1292 قبل الميلاد. تُعرف هذه الأسرة أيضاً باسم الأسرة التحتمسية تيمناً بالفراعنة الأربعة الذين سُمّوا تحتمس. اعتلى تحتمس الثاني العرش عام 1493 قبل الميلاد بعد موت والده، وتزوج من أخته غير الشقيقة حتشبسوت، وحدث أن مرض تحتمس الثاني بمجرد اعتلائه للعرش، ولما لم يكن لهُ ابن في ذلك الوقت فقد قامت زوجته وأخته حتشبسوت بالحكم من وراء الستار. أصبحت حتشبسوت الفرعون الحاكم وحكمت لأكثر من عشرين عاماً وذلك بعد وفاة زوجها وانتهاء فترة وصايتها على ربيبها القاصر، الذي أصبح لاحقاً فرعوناً باسم تحتمس الثالث، والمعروف بنابليون الشرق. وتشير بعض المصادر التاريخية إلى أن تحتمس الثاني شيّد أثاراً طفيفة وقام بحملتين طفيفتين لكنه لم يفعل شيئاً آخر خلال فترة حكمه. ونجح تحتمس الثاني في إخماد التمردات في النوبة والشام وهزم مجموعة من البدو الرحل، إلا أن هذه الحملات نُفِّذت على وجه التحديد من قبل جنرالات الملك، وليس من قبل تحتمس الثاني نفسه، وفق ما يذكر متحف الآثار المصري على موقعه الرسمي. ويفيد المتحف المصري، الذي نُقلت إليه مومياء الملك تحتمس الثاني من مقبرة الدير البحري، بأن تحليل الأشعة السينية للمومياء أظهر أن تحتمس الثاني توفي في أوائل الثلاثينيات من عمره، إذ تشير الأدلة إلى أنه كان ضعيف البنية، وربما كان يعاني من مرض مزمن استنزف حيويته. ويصف المتحف شكل المومياء بأنه مثل الملوك الآخرين يضع يديه متقاطعتين على صدره، بينما ساقه اليمنى مكسورة تماماً بعيداً عن الجسم. وعلى عكس المومياوات الملكية الأخرى، كانت أظافر أصابعه وقدميه مقلمة ونظيفة، ما يدل على أنه ملك يهتم بنفسه وبنظافته الشخصية. لربما يكون اكتشاف مقبرة الملك تحتمس الثاني هو بداية لفصل جديد في فهم تاريخ مصر القديمة، ما يعيد تسليط الضوء على أهمية وادي الملوك والأماكن المحيطة به في كتابة تاريخ الفراعنة. ومع استمرار الحفريات ودراسات المقبرة، قد نكتشف المزيد من القصص التي ستساعد في إعادة رسم صورة أكثر اكتمالًا للملوك الذين حكموا مصر القديمة، ليدهشنا الماضي العريق بالكثير من أسراره.

مقبرة تحتمس الثاني بمصر: أسرار جديدة وأسطورة قديمة تفتح الأبواب أمام أسئلة محيرة
مقبرة تحتمس الثاني بمصر: أسرار جديدة وأسطورة قديمة تفتح الأبواب أمام أسئلة محيرة

الوسط

time٢٠-٠٢-٢٠٢٥

  • منوعات
  • الوسط

مقبرة تحتمس الثاني بمصر: أسرار جديدة وأسطورة قديمة تفتح الأبواب أمام أسئلة محيرة

في قلب صحراء الأقصر، حيث تتناثر آثار تاريخ مصر، تنكشف لنا واحدة من أعظم الاكتشافات الأثرية في العقود الأخيرة. وبعد مرور أكثر من قرن على اكتشاف مقبرة الملك توت عنخ آمون، أعلنت مصر عن العثور على مقبرة ملكية جديدة تعود للملك تحتمس الثاني، أحد ملوك الأسرة الثامنة عشرة، في موقع يبعد 2.4 كيلومتر فقط عن وادي الملوك. وبحسب وزارة السياحة والآثار المصرية، فإن مقبرة الملك تحتمس الثاني هي "آخر مقبرة مفقودة لملوك الأسرة الثامنة عشرة في مصر، جرى اكتشافها أثناء أعمال حفائر بجبل طيبة غرب مدينة الأقصر، جنوب البلاد". يؤكد الدكتور مجدي شاكر، كبير الأثريين بوزارة السياحة والآثار، أن المعلومات المتداولة حول اكتشاف مقبرة الملك تحتمس الثاني باعتبارها المقبرة الملكية الثانية بعد مقبرة توت عنخ آمون "غير دقيقة". ويشير شاكر في اتصال مع بي بي سي إلى أن هناك مقبرة قديمة تم اكتشافها بالفعل عام 1939 للملك بسونيس الأول، ثالث ملوك الأسرة الحادية والعشرين، في منطقة صان الحجر في الشرقية، أي قبل اكتشاف مقبرة توت عنخ أمون، ولكن بداية الحرب العالمية الثانية حالت دون تسليط الضوء عليها بشكل مناسب، حسب قوله. يصف محمد إسماعيل، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، هذا الاكتشاف بأنه من أهم الاكتشافات الأثرية في السنوات الأخيرة، حيث تم العثور لأول مرة على الأثاث الجنائزي للملك تحتمس الثاني، الذي لم يوجد له أي أثاث جنائزي في المتاحف العالمية. وأكد إسماعيل على أن أجزاء أواني الألبستر التي عثر عليها بالمقبرة كان عليها نقوش تحمل اسم الملك تحتمس الثاني بصفته "الملك المتوفى"، إلى جانب اسم زوجته الملكة الرئيسية حتشبسوت، مما يؤكد هوية صاحب المقبرة. وأوضح إسماعيل أنه عند عثور البعثة على مدخل المقبرة وممرها الرئيسي في أكتوبر/تشرين الأول 2022، اعتقد فريق العمل أنها قد تكون مقبرة لزوجة أحد ملوك التحامسة، نظراً لقربها من مقبرة زوجات الملك تحتمس الثالث، وقربها كذلك من مقبرة الملكة حتشبسوت، التي أعدت لها بصفتها زوجة ملكية قبل أن تتقلد مقاليد حكم البلاد كملك وتدفن في وادي الملوك. ويقول: "مع استكمال أعمال الحفائر، خلال هذا الموسم، اكتشفت البعثة أدلة أثرية جديدة حددت هوية صاحب المقبرة؛ الملك تحتمس الثاني، وأن من تولى إجراءات دفنه هي الملكة حتشبسوت بصفتها زوجته وأخته غير الشقيقة". "الشعور بالدهشة لا يوصف" New Kingdom Research Foundation الفريق الذي عثر على المقبرة من مؤسسة أبحاث المملكة الحديثة ووزارة الآثار المصرية يقول الدكتور بيرز ليزرلاند، مدير البعثة الأثرية، إنه تم العثور على جزء من السقف الأصلي للمقبرة الذي كان ما زال سليماً، وهو سقف مزخرف باللون الأزرق ومرصع بالنجوم الصفراء، وهو عنصر زخرفي لا يوجد إلا في مقابر الملوك. وفي حديثه لبرنامج (نيوز أور) على بي بي سي، عبر الدكتور ليزرلاند عن شعوره عند اكتشاف المقبرة قائلاً: "الإحساس الذي يصاحب العثور على شيء غير متوقع هو شعور مذهل، وأصابتني الدهشة الشديدة في تلك اللحظة". وأضاف أنه بعد اكتشاف المقبرة، لم يتمكن من التحكم في مشاعره وانفجر بالبكاء عند لقاء زوجته في الخارج. "المقبرة تحتوي على سلم ضخم وممر كبير للغاية، ما يدل على عظمة المكان. الفريق الأثري واجه صعوبة كبيرة في إزالة الأنقاض من الممرات التي كانت مليئة بالحطام نتيجة الفيضانات، واضطروا إلى الزحف عبر ممر ضيق يبلغ طوله 10 أمتار قبل أن يصلوا إلى غرفة الدفن"، بحسب لزيرلاند. ويضيف أن الفريق اكتشف في غرفة الدفن السقف الأزرق المزخرف وقطع من كتاب "أمدوات"، وهو نص ديني كان مخصصاً للملوك، وهو ما كان دليلاً إضافياً على أن المقبرة تعود لأحد الملوك. ويقول ليزرلاند لبي بي سي إن المفاجأة كانت أن المقبرة فارغة تماماً، ما يؤكد أن محتوياتها قد تم نقلها إلى مكان آخر في العصور القديمة بعد أن غمرتها الفيضانات، التي تسببت في تدميرها. ومن خلال البحث في الحطام، عثر الفريق على قطع من أواني الألباستر المنقوشة باسم الملك تحتمس الثاني وملكة حتشبسوت، وهو ما أكد هوية صاحب المقبرة. وعلق الدكتور ليزرلاند قائلاً: "لحسن الحظ، تم كسر بعض القطع خلال عملية النقل، وهذا ما ساعدنا في اكتشاف صاحب المقبرة"، مضيفاً أن الفريق لديه فكرة مبدئية عن مكان المقبرة الثانية، التي قد تحتوي على كنوز إضافية. "أسئلة محيّرة" وزارة السياحة والأثار المصرية جزء من المقبرة المكتشفة في حديثه عن أهمية اكتشاف مقبرة تحتمس الثاني، يشير الدكتور شاكر لبي بي سي إلى أن اكتشاف مقبرة تحتمس الثاني يمثل خطوة هامة نحو فتح الأبواب لاكتشاف خمس مقابر ملكية مفقودة، من بينها مقابر الملك رمسيس الثامن، الإسكندر الأكبر، نفرتيتي، وكليوبترا، وهي مقابر لم يتم العثور عليها حتى الآن. ويضيف: "عثرنا على مقبرة تحتمس الثاني في موقع يبعد 2.4 كيلومتر عن وادي الملوك، وهو اكتشاف يفتح الأبواب أمام إمكانية وجود مقابر أخرى بعيدة عن الوادي، ما يدفعنا إلى توسيع نطاق البحث والتنقيب في مناطق جديدة". ويوضح شاكر أن السبب وراء اختفاء بعض الآثار الجنائزية المفقودة هو عُرف بسرقات المقابر أيام الأسرة الفرعونية الحادية والعشرين. ويؤكد أن الكهنة، على إثر تلك السرقات، قاموا بنقل مومياوات وكنوز الملوك إلى مقبرة الدير البحري - التي لم تكتشف إلا عام 1881 - لحمايتها من السرقة، معتبراً أن بقايا تلك الآثار قد يتم العثور عليها في أماكن أخرى وتساعد في إيجاد قبور الملوك الآخرين. ورغم أن الاكتشاف قد يبدو بسيطاً ظاهرياً، إلا أن الدكتور شاكر يؤكد أنه يعزز من احتمال اكتشاف وادي جديد مليء بالمقابر الملكية التي قد تضيف تفاصيل غنية عن تاريخ مصر القديمة. ويضف: "تعرضت مصر في العصور القديمة لسيول دمرت أجزاء كبيرة من وادي الملوك، ونحن نعمل على إعادة اكتشاف هذه الأجزاء المفقودة. ومن المتوقع أن تستغرق البعثة الإنجليزية وقتاً أطول لإجراء دراسات تفصيلية، مما سيُسهم في إثراء التاريخ المصري في الأعوام القادمة". وزارة السياحة والأثار المصرية قطع جرى العثور عليها في مقبرة تحتمس الثاني، أحد ملوك الأسرة المصرية الثامنة عشرة تواصلت بي بي سي مع الدكتور زاهي حواس، عالم الآثار المصري ووزير الدولة السابق لشؤون الآثار، الذي أكد مغادرته المقبرة المكتشفة لحظة تلقيه اتصالنا. ويقول إن المقبرة تم اكتشافها في عام 2022، ولكنها دمرت تماماً بفعل الفيضانات، مؤكداً أن الشكل العام للمقبرة يدل على أنها كانت مقبرة ملكية. ويضيف حواس أن البعثة الأثرية تمكنت هذا الشهر من العثور داخل المقبرة على اسم الملك تحتمس الثاني واسم الملكة حتشبسوت، بالإضافة إلى نص يؤكد أن الملكة حتشبسوت هي من أمرت ببناء المقبرة في الوادي الغربي ودفنت تحتمس الثاني فيها. وتابع: "المقبرة تعرضت للنهب والتدمير بشكل كامل، ولا تحتوي على أي قطع يمكن تصويرها، لكن من الإيجابي أن يتم الكشف عن مقبرة ملكية حتى وإن كانت مدمرة". يقول حواس لبي بي سي إن هذا الاكتشاف يطرح أسئلة عديدة "محيّرة" لا تزال دون إجابات واضحة، منها: "لماذا دُفن تحتمس الثاني وحده في هذا المكان بينما دُفنت حتشبسوت في وادي الملوك؟ ولماذا هذه المقبرة هي المقبرة الملكية الوحيدة في الوادي الغربي؟". وأضاف أن هذه الأسئلة تثير الحيرة والدهشة في أذهان العلماء والباحثين، ولا يوجد حتى الآن جواب شافٍ يمكن أن يفسر أسبابها، كما تشكل تحدياً كبيراً في فهمنا الكامل للتاريخ الفرعوني وأسرار تلك الحقبة الزمنية، بحسب حواس. من هو تحتمس الثاني؟ تحتمس الثاني هو الفرعون الرابع من الأسرة الثامنة عشرة من مصر القديمة خلال عصر الدولة الحديثة، يعود إليها أصل العديد من الفراعنة الأشهر في تاريخ مصر، إذ حكمت من الفترة من حوالي 1549/1550 إلى 1292 قبل الميلاد. تُعرف هذه الأسرة أيضاً باسم الأسرة التحتمسية تيمناً بالفراعنة الأربعة الذين سُمّوا تحتمس. اعتلى تحتمس الثاني العرش عام 1493 قبل الميلاد بعد موت والده، وتزوج من أخته غير الشقيقة حتشبسوت، وحدث أن مرض تحتمس الثاني بمجرد اعتلائه للعرش، ولما لم يكن لهُ ابن في ذلك الوقت فقد قامت زوجته وأخته حتشبسوت بالحكم من وراء الستار. أصبحت حتشبسوت الفرعون الحاكم وحكمت لأكثر من عشرين عاماً وذلك بعد وفاة زوجها وانتهاء فترة وصايتها على ربيبها القاصر، الذي أصبح لاحقاً فرعوناً باسم تحتمس الثالث، والمعروف بنابليون الشرق. وتشير بعض المصادر التاريخية إلى أن تحتمس الثاني شيّد أثاراً طفيفة وقام بحملتين طفيفتين لكنه لم يفعل شيئاً آخر خلال فترة حكمه. متحف الآثار المصري مومياء الملك تحتمس الثاني في متحف الآثار المصري ونجح تحتمس الثاني في إخماد التمردات في النوبة والشام وهزم مجموعة من البدو الرحل، إلا أن هذه الحملات نُفِّذت على وجه التحديد من قبل جنرالات الملك، وليس من قبل تحتمس الثاني نفسه، وفق ما يذكر متحف الآثار المصري على موقعه الرسمي. ويفيد المتحف المصري، الذي نُقلت إليه مومياء الملك تحتمس الثاني من مقبرة الدير البحري، بأن تحليل الأشعة السينية للمومياء أظهر أن تحتمس الثاني توفي في أوائل الثلاثينيات من عمره، إذ تشير الأدلة إلى أنه كان ضعيف البنية، وربما كان يعاني من مرض مزمن استنزف حيويته. ويصف المتحف شكل المومياء بأنه مثل الملوك الآخرين يضع يديه متقاطعتين على صدره، بينما ساقه اليمنى مكسورة تماماً بعيداً عن الجسم. وعلى عكس المومياوات الملكية الأخرى، كانت أظافر أصابعه وقدميه مقلمة ونظيفة، ما يدل على أنه ملك يهتم بنفسه وبنظافته الشخصية. لربما يكون اكتشاف مقبرة الملك تحتمس الثاني هو بداية لفصل جديد في فهم تاريخ مصر القديمة، ما يعيد تسليط الضوء على أهمية وادي الملوك والأماكن المحيطة به في كتابة تاريخ الفراعنة. ومع استمرار الحفريات ودراسات المقبرة، قد نكتشف المزيد من القصص التي ستساعد في إعادة رسم صورة أكثر اكتمالًا للملوك الذين حكموا مصر القديمة، ليدهشنا الماضي العريق بالكثير من أسراره.

مقبرة تحتمس الثاني بمصر: أسرار جديدة وأسطورة قديمة تفتح الأبواب أمام أسئلة محيرة
مقبرة تحتمس الثاني بمصر: أسرار جديدة وأسطورة قديمة تفتح الأبواب أمام أسئلة محيرة

BBC عربية

time٢٠-٠٢-٢٠٢٥

  • منوعات
  • BBC عربية

مقبرة تحتمس الثاني بمصر: أسرار جديدة وأسطورة قديمة تفتح الأبواب أمام أسئلة محيرة

في قلب صحراء الأقصر، حيث تتناثر آثار تاريخ مصر، تنكشف لنا واحدة من أعظم الاكتشافات الأثرية في العقود الأخيرة. وبعد مرور أكثر من قرن على اكتشاف مقبرة الملك توت عنخ آمون، أعلنت مصر عن العثور على مقبرة ملكية جديدة تعود للملك تحتمس الثاني، أحد ملوك الأسرة الثامنة عشرة، في موقع يبعد 2.4 كيلومتر فقط عن وادي الملوك. وبحسب وزارة السياحة والآثار المصرية، فإن مقبرة الملك تحتمس الثاني هي "آخر مقبرة مفقودة لملوك الأسرة الثامنة عشرة في مصر، جرى اكتشافها أثناء أعمال حفائر بجبل طيبة غرب مدينة الأقصر، جنوب البلاد". يؤكد الدكتور مجدي شاكر، كبير الأثريين بوزارة السياحة والآثار، أن المعلومات المتداولة حول اكتشاف مقبرة الملك تحتمس الثاني باعتبارها المقبرة الملكية الثانية بعد مقبرة توت عنخ آمون "غير دقيقة". ويشير شاكر في اتصال مع بي بي سي إلى أن هناك مقبرة قديمة تم اكتشافها بالفعل عام 1939 للملك بسونيس الأول، ثالث ملوك الأسرة الحادية والعشرين، في منطقة صان الحجر في الشرقية، أي قبل اكتشاف مقبرة توت عنخ أمون، ولكن بداية الحرب العالمية الثانية حالت دون تسليط الضوء عليها بشكل مناسب، حسب قوله. يصف محمد إسماعيل، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، هذا الاكتشاف بأنه من أهم الاكتشافات الأثرية في السنوات الأخيرة، حيث تم العثور لأول مرة على الأثاث الجنائزي للملك تحتمس الثاني، الذي لم يوجد له أي أثاث جنائزي في المتاحف العالمية. وأكد إسماعيل على أن أجزاء أواني الألبستر التي عثر عليها بالمقبرة كان عليها نقوش تحمل اسم الملك تحتمس الثاني بصفته "الملك المتوفى"، إلى جانب اسم زوجته الملكة الرئيسية حتشبسوت، مما يؤكد هوية صاحب المقبرة. وأوضح إسماعيل أنه عند عثور البعثة على مدخل المقبرة وممرها الرئيسي في أكتوبر/تشرين الأول 2022، اعتقد فريق العمل أنها قد تكون مقبرة لزوجة أحد ملوك التحامسة، نظراً لقربها من مقبرة زوجات الملك تحتمس الثالث، وقربها كذلك من مقبرة الملكة حتشبسوت، التي أعدت لها بصفتها زوجة ملكية قبل أن تتقلد مقاليد حكم البلاد كملك وتدفن في وادي الملوك. ويقول: "مع استكمال أعمال الحفائر، خلال هذا الموسم، اكتشفت البعثة أدلة أثرية جديدة حددت هوية صاحب المقبرة؛ الملك تحتمس الثاني، وأن من تولى إجراءات دفنه هي الملكة حتشبسوت بصفتها زوجته وأخته غير الشقيقة". "الشعور بالدهشة لا يوصف" يقول الدكتور بيرز ليزرلاند، مدير البعثة الأثرية، إنه تم العثور على جزء من السقف الأصلي للمقبرة الذي كان ما زال سليماً، وهو سقف مزخرف باللون الأزرق ومرصع بالنجوم الصفراء، وهو عنصر زخرفي لا يوجد إلا في مقابر الملوك. وفي حديثه لبرنامج (نيوز أور) على بي بي سي، عبر الدكتور ليزرلاند عن شعوره عند اكتشاف المقبرة قائلاً: "الإحساس الذي يصاحب العثور على شيء غير متوقع هو شعور مذهل، وأصابتني الدهشة الشديدة في تلك اللحظة". وأضاف أنه بعد اكتشاف المقبرة، لم يتمكن من التحكم في مشاعره وانفجر بالبكاء عند لقاء زوجته في الخارج. "المقبرة تحتوي على سلم ضخم وممر كبير للغاية، ما يدل على عظمة المكان. الفريق الأثري واجه صعوبة كبيرة في إزالة الأنقاض من الممرات التي كانت مليئة بالحطام نتيجة الفيضانات، واضطروا إلى الزحف عبر ممر ضيق يبلغ طوله 10 أمتار قبل أن يصلوا إلى غرفة الدفن"، بحسب لزيرلاند. ويضيف أن الفريق اكتشف في غرفة الدفن السقف الأزرق المزخرف وقطع من كتاب "أمدوات"، وهو نص ديني كان مخصصاً للملوك، وهو ما كان دليلاً إضافياً على أن المقبرة تعود لأحد الملوك. ويقول ليزرلاند لبي بي سي إن المفاجأة كانت أن المقبرة فارغة تماماً، ما يؤكد أن محتوياتها قد تم نقلها إلى مكان آخر في العصور القديمة بعد أن غمرتها الفيضانات، التي تسببت في تدميرها. ومن خلال البحث في الحطام، عثر الفريق على قطع من أواني الألباستر المنقوشة باسم الملك تحتمس الثاني وملكة حتشبسوت، وهو ما أكد هوية صاحب المقبرة. وعلق الدكتور ليزرلاند قائلاً: "لحسن الحظ، تم كسر بعض القطع خلال عملية النقل، وهذا ما ساعدنا في اكتشاف صاحب المقبرة"، مضيفاً أن الفريق لديه فكرة مبدئية عن مكان المقبرة الثانية، التي قد تحتوي على كنوز إضافية. "أسئلة محيّرة" في حديثه عن أهمية اكتشاف مقبرة تحتمس الثاني، يشير الدكتور شاكر لبي بي سي إلى أن اكتشاف مقبرة تحتمس الثاني يمثل خطوة هامة نحو فتح الأبواب لاكتشاف خمس مقابر ملكية مفقودة، من بينها مقابر الملك رمسيس الثامن، الإسكندر الأكبر، نفرتيتي، وكليوبترا، وهي مقابر لم يتم العثور عليها حتى الآن. ويضيف: "عثرنا على مقبرة تحتمس الثاني في موقع يبعد 2.4 كيلومتر عن وادي الملوك، وهو اكتشاف يفتح الأبواب أمام إمكانية وجود مقابر أخرى بعيدة عن الوادي، ما يدفعنا إلى توسيع نطاق البحث والتنقيب في مناطق جديدة". ويوضح شاكر أن السبب وراء اختفاء بعض الآثار الجنائزية المفقودة هو عُرف بسرقات المقابر أيام الأسرة الفرعونية الحادية والعشرين. ويؤكد أن الكهنة، على إثر تلك السرقات، قاموا بنقل مومياوات وكنوز الملوك إلى مقبرة الدير البحري - التي لم تكتشف إلا عام 1881 - لحمايتها من السرقة، معتبراً أن بقايا تلك الآثار قد يتم العثور عليها في أماكن أخرى وتساعد في إيجاد قبور الملوك الآخرين. ورغم أن الاكتشاف قد يبدو بسيطاً ظاهرياً، إلا أن الدكتور شاكر يؤكد أنه يعزز من احتمال اكتشاف وادي جديد مليء بالمقابر الملكية التي قد تضيف تفاصيل غنية عن تاريخ مصر القديمة. ويضف: "تعرضت مصر في العصور القديمة لسيول دمرت أجزاء كبيرة من وادي الملوك، ونحن نعمل على إعادة اكتشاف هذه الأجزاء المفقودة. ومن المتوقع أن تستغرق البعثة الإنجليزية وقتاً أطول لإجراء دراسات تفصيلية، مما سيُسهم في إثراء التاريخ المصري في الأعوام القادمة". تواصلت بي بي سي مع الدكتور زاهي حواس، عالم الآثار المصري ووزير الدولة السابق لشؤون الآثار، الذي أكد مغادرته المقبرة المكتشفة لحظة تلقيه اتصالنا. ويقول إن المقبرة تم اكتشافها في عام 2022، ولكنها دمرت تماماً بفعل الفيضانات، مؤكداً أن الشكل العام للمقبرة يدل على أنها كانت مقبرة ملكية. ويضيف حواس أن البعثة الأثرية تمكنت هذا الشهر من العثور داخل المقبرة على اسم الملك تحتمس الثاني واسم الملكة حتشبسوت، بالإضافة إلى نص يؤكد أن الملكة حتشبسوت هي من أمرت ببناء المقبرة في الوادي الغربي ودفنت تحتمس الثاني فيها. وتابع: "المقبرة تعرضت للنهب والتدمير بشكل كامل، ولا تحتوي على أي قطع يمكن تصويرها، لكن من الإيجابي أن يتم الكشف عن مقبرة ملكية حتى وإن كانت مدمرة". يقول حواس لبي بي سي إن هذا الاكتشاف يطرح أسئلة عديدة "محيّرة" لا تزال دون إجابات واضحة، منها: "لماذا دُفن تحتمس الثاني وحده في هذا المكان بينما دُفنت حتشبسوت في وادي الملوك؟ ولماذا هذه المقبرة هي المقبرة الملكية الوحيدة في الوادي الغربي؟". وأضاف أن هذه الأسئلة تثير الحيرة والدهشة في أذهان العلماء والباحثين، ولا يوجد حتى الآن جواب شافٍ يمكن أن يفسر أسبابها، كما تشكل تحدياً كبيراً في فهمنا الكامل للتاريخ الفرعوني وأسرار تلك الحقبة الزمنية، بحسب حواس. من هو تحتمس الثاني؟ تحتمس الثاني هو الفرعون الرابع من الأسرة الثامنة عشرة من مصر القديمة خلال عصر الدولة الحديثة، يعود إليها أصل العديد من الفراعنة الأشهر في تاريخ مصر، إذ حكمت من الفترة من حوالي 1549/1550 إلى 1292 قبل الميلاد. تُعرف هذه الأسرة أيضاً باسم الأسرة التحتمسية تيمناً بالفراعنة الأربعة الذين سُمّوا تحتمس. اعتلى تحتمس الثاني العرش عام 1493 قبل الميلاد بعد موت والده، وتزوج من أخته غير الشقيقة حتشبسوت، وحدث أن مرض تحتمس الثاني بمجرد اعتلائه للعرش، ولما لم يكن لهُ ابن في ذلك الوقت فقد قامت زوجته وأخته حتشبسوت بالحكم من وراء الستار. أصبحت حتشبسوت الفرعون الحاكم وحكمت لأكثر من عشرين عاماً وذلك بعد وفاة زوجها وانتهاء فترة وصايتها على ربيبها القاصر، الذي أصبح لاحقاً فرعوناً باسم تحتمس الثالث، والمعروف بنابليون الشرق. وتشير بعض المصادر التاريخية إلى أن تحتمس الثاني شيّد أثاراً طفيفة وقام بحملتين طفيفتين لكنه لم يفعل شيئاً آخر خلال فترة حكمه. ونجح تحتمس الثاني في إخماد التمردات في النوبة والشام وهزم مجموعة من البدو الرحل، إلا أن هذه الحملات نُفِّذت على وجه التحديد من قبل جنرالات الملك، وليس من قبل تحتمس الثاني نفسه، وفق ما يذكر متحف الآثار المصري على موقعه الرسمي. ويفيد المتحف المصري، الذي نُقلت إليه مومياء الملك تحتمس الثاني من مقبرة الدير البحري، بأن تحليل الأشعة السينية للمومياء أظهر أن تحتمس الثاني توفي في أوائل الثلاثينيات من عمره، إذ تشير الأدلة إلى أنه كان ضعيف البنية، وربما كان يعاني من مرض مزمن استنزف حيويته. ويصف المتحف شكل المومياء بأنه مثل الملوك الآخرين يضع يديه متقاطعتين على صدره، بينما ساقه اليمنى مكسورة تماماً بعيداً عن الجسم. وعلى عكس المومياوات الملكية الأخرى، كانت أظافر أصابعه وقدميه مقلمة ونظيفة، ما يدل على أنه ملك يهتم بنفسه وبنظافته الشخصية. لربما يكون اكتشاف مقبرة الملك تحتمس الثاني هو بداية لفصل جديد في فهم تاريخ مصر القديمة، ما يعيد تسليط الضوء على أهمية وادي الملوك والأماكن المحيطة به في كتابة تاريخ الفراعنة. ومع استمرار الحفريات ودراسات المقبرة، قد نكتشف المزيد من القصص التي ستساعد في إعادة رسم صورة أكثر اكتمالًا للملوك الذين حكموا مصر القديمة، ليدهشنا الماضي العريق بالكثير من أسراره.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store