logo
#

أحدث الأخبار مع #يحيىحقي

محفوظ في القلب.. وزارة الثقافة تحتفي بـ«أديب نوبل» منتصف أبريل.. أدباء ومفكرون ونٌقاد: صاحب الفكر العميق والأدب الرفيع عاشقًا للموسيقى
محفوظ في القلب.. وزارة الثقافة تحتفي بـ«أديب نوبل» منتصف أبريل.. أدباء ومفكرون ونٌقاد: صاحب الفكر العميق والأدب الرفيع عاشقًا للموسيقى

البوابة

time٠٨-٠٤-٢٠٢٥

  • ترفيه
  • البوابة

محفوظ في القلب.. وزارة الثقافة تحتفي بـ«أديب نوبل» منتصف أبريل.. أدباء ومفكرون ونٌقاد: صاحب الفكر العميق والأدب الرفيع عاشقًا للموسيقى

نجيب محفوظ كان يُعتبر قدوة فى تنظيم حياته اليومية رغم تنوع إبداعاته الأدبية، كان يخصص وقتًا مخصصًا لكتابة رواياته، كما كان يحافظ على روتين يوازن بين العمل والحياة الشخصية، بل إن إصراره على الالتزام بنظام دقيق كان أحد أسرار إبداعه المستمر. حكى كل شيء عن الأحياء الشعبية المصرية فى ثلاثيته الشهيرة *بين القصرين*، *قصر الشوق*، و*السكرية*، حكى لنا نجيب محفوظ عن *الأحياء الشعبية المصرية*، وعن الأجيال المتعاقبة التى شكلت هوية وطننا، ومن خلال سطور رواياته، نقل لنا ملامح الحياة المصرية فى فترات متعاقبة من تاريخ مصر، جعلنا نشعر بكل شيء، من ضجيج الشوارع إلى أحلام المصريين، حتى آمالهم فى مستقبل أفضل. ولم تكن خان الخليل مجرد رواية، بل كانت وصفًا حيًا للقاهرة القديمة بجمالها وألمها، وأظهرت كيف أن الشارع المصرى يمثل الذاكرة الحية للمجتمع المصري. بينما فى السراب، تجلى معاناة الإنسان المصرى فى مواجهة الواقع المرير، وتحولات المجتمع مع الزمان. الثقافة المصرية جزءًا من هوية الوطن لكن أبرز ما يميز نجيب محفوظ هو أنه كان يرى الثقافة المصرية جزءًا من هوية الوطن، ولم يقف فقط عند تصوير ملامحها، بل كان يحمل فى إبداعه رسالة أمل وحب تجاه مصر فى كل كلمة، فى كل سطر. إيمان نجيب محفوظ بمصر وهويتها وتميز شعبها هو ما جعل أعماله خالدة فى قلوبنا إلى الأبد، وها نحن نحتفل به ونستمتع بعطائه الذي لا يزال يعيش فينا. إحتفالية كبرى بـ أديب نوبل فى كل المحافظات لهذا السبب تستعد وزارة الثقافة، برئاسة الدكتور أحمد فؤاد هنو، للاحتفال بالأديب الكبير الراحل نجيب محفوظ، وذلك يوم ١٦ أبريل، تحت عنوان "نجيب محفوظ.. فى القلب" بالتعاون مع جهات عديدة، لعزة الهوية المصرية. وتضمنت الاستعدادات إعادة نشر مقاطع فيديو نادرة، لأديب نوبل من تراث التليفزيون المصرى، يتحدث فيها عن جوانب هامة فى حياته المهنية، كما تضمنت مقاطع نادرة لأدباء ومفكرين وفنانين يتحدثون خلالها عن مواقف تجمعهم بنجيب محفوظ. يحيى حقي: أفتخر بأنني عِشت فى زمن «محفوظ» في مقطع نادر من برنامج "سهرة مع فنان" للإعلامية القديرة أماني ناشد، من تراث التليفزيون المصري، تحدث الأديب الكبير يحيى حقي عن تقديره البالغ لكاتبنا الكبير نجيب محفوظ، وأكد فخره أنه عاش في زمنه. وقال "حقى": وفى المقابل، عندما فاز نجيب محفوظ بجائزة نوبل فى الأدب عام ١٩٨٨، وضع اسم يحيى حقى فى مقدمة الأدباء الذين يستحقون الجائزة، وأهدى له هذه الجائزة باعتباره أحد الكُتاب الذين يستحقونها عن جدارة. وأضاف؛ الطريف أن أديبنا الكبير نجيب محفوظ كان قد عمل مديرًا لمكتب يحيى حقى فى مصلحة الفنون، وذكر ذلك فى مقال كتبه بنفسه كمقدمة لكتاب 'رسائل يحيى حقي إلى ابنته نهى حقي' الصادر عام ١٩٩٥، وللصحفى إبراهيم عبدالعزيز تلميذ يحيى حقي. وتابع: عندما أنشأ فتحى رضوان وزير الإرشاد من سنة ١٩٥٥ إلى ١٩٥٩ "مصلحة الفنون"، كان أستاذ يحيى حقى أول وآخر من تولاها كمدير لها. وأردف: وأقترح أن يأخذ مساعدين له، أنا وأحمد باكثير، وبدأنا نعمل معه فى مصلحة الفنون، وهناك ارتبطت به عن قرب لأننى كنت مديرا لمكتبه، وقد لمست فيه البساطة والتقدمية والإقدام والاستنارة دون أن يدعى أو يزعم هو شيئا من هذا، فقد كان سلوكه يشى به ويدل عليه" واستكمل: وإن كنت كموظف ملتزم أقوم لتحيته إذا أقبل وإن كان هو قد أنكر ذلك السلوك منى باعتبارى أديبا كبيرا كما كان يقول، ولكننى كنت كموظف أعطى الوظيفة حقها فهو مديرى يعنى مديرى رغم الصداقة والعلاقة الإنسانية، لكنه حين كان يأتي لابد من الوقوف تحية له. واختتم: لا أعرف غير ذلك سلوكا من موظف نحو رئيسه حتى لو كانت صداقتي به تبرر لى أن أعامله غير ذلك، ولكننى كنت أقوم له كنوع من التحية وأدب الوظيفة، لأننى طوال عمرى موظف تأدبت بآداب الموظفين - لا تؤاخذنى - فكيف لا أقف "ليحيى حقى ؟". الدكتور مصطفى محمود: أديب نوبل حكى كل شئ عن "الأحياء الشعبية المصرية" ومن جانبه تحدث الكاتب والمفكر الكبير الدكتور مصطفى محمود، عن أديبنا الكبير فى مقطع نادرمع الإعلامى طارق حبيب من تراث التليفزيون المصري. وقال مصطفى محمود، إن نجيب محفوظ فى كتاباته حكى لنا عن الأحياء الشعبية المصرية، وعن الأجيال المتعاقبة التى شكلت هوية وطننا، وفى سطورها نقل لنا ملامح الحياة المصرية فى فترات متعاقبة من تاريخ مصر، جعلنا نشعر بكل شيء. وأضاف، أنه من ضجيج الشوارع إلى دفء البيوت، حدثنا محفوظ عن الوطن الذى يسكن الإنسان، والذاكرة التى ترفض أن تُمحى، والحلم الذى لا يخفت نوره مهما اشتدت العتمة، كتب عنه بروح العاشق، وبصدق المؤرخ، وبحنكة الفيلسوف، كما لم يفعل كاتب قبله... حكى كل شيء. الناقد غالى شكري يكشف مدى شغف نجيب محفوظ بالموسيقى صاحب الفكر العميق والأدب الرفيع عاشقًا للموسيقى جوانب كثيرة مدهشة فى حياة أديبنا الكبير نجيب محفوظ تتجاوز إبداعاته فى مجالات: الرواية والسينما والقصة القصيرة، أبرزها حبه للموسيقى وتأثره بها ؛ فهو الطفل الذى طاف مع والده مسارح روض الفرج فى أشهر الصيف ليشاهد الفرق المسرحية الصغيرة واستمع فى بيته إلى الفونوغراف وهو يصدح بأصوات الشيوخ: يوسف المنيلاوى وسلامة حجازى وسيد الصفتى وصالح عبد الحى، وعلى محمود والذى وصف صوته بأنه «موازيًّا للوطن». وبلغ حبه للغناء أن التحق بمعهد فؤاد الأول للموسيقى العربية عام ١٩٣٣ حينما كان طالبًا بالفرقة الثالثة فى كلية الآداب قسم الفلسفة ليتعلم العزف على آلة القانون لكنّه لم يكمل دراسته. والمتتبع لأعماله الأدبية بداية من "خان الخليلي" مرورا "بالثلاثية" و"المرايا" وصولا إلى "صباح الورد" و"حديث الصباح والمساء" يمكن ببساطة ملاحظة ذلك الاحتفاء السمعى بأحوال أهل الغناء وطبيعة العازفين والفروق الدقيقة بين القوالب الغنائية المختلفة من الطقطوقة والدور والموشح والليالى والمواويل والبشارف والسماعيات التى تعلمها أثناء دراسته. بات شغف أديب نوبل بالموسيقى، أحد الأسرار التى باح للناقد الكبير غالى شكرى فى كتابه «نجيب محفوظ من الجمالية إلى نوبل» بقوله: « إننى أحببت الفنون التشكيلية والموسيقى لدرجة أن شغفى بالموسيقى يكاد يفوق شغفى بالأدب". وفى أحد حواراته مع الناقد المسرحى فؤاد دوارة فى كتابه «نجيب محفوظ من القومية إلى العالمية» نرى بوضوح شخصية الناقد والمؤرخ الموسيقي لدى محفوظ فقد دار نقاش حول الدور الخطير الذى لعبه كل من سيد درويش ومحمد عبدالوهاب فى تطوير الموسيقى العربية. وأثنى على «عبدالوهاب»، ووصفه بأنه مر بطورين أساسيين ــ من وجهة نظره ــ فكأن بداياته تشبه المنفلوطى وصعوده يشبه توفيق الحكيم، أى أنه جمع بين الأصالة والمعاصرة مع استيعاب للتراث الموسيقى وهضمه واقتباس نغمات غربية تجعل من أعماله فى النهاية غاية فى الإبداع والرقى. الأديب العالمى: حسن الإمام يعرف كيف يخاطب وجدان الناس كان المخرج الكبير حسن الإمام شديد الإعجاب بأديبنا العظيم نجيب محفوظ، واشتركا معًا فى الكثير من الأفلام من أبرزها "بين القصرين" ١٩٦٢، "زقاق المدق" ١٩٦٣، "قصر الشوق" ١٩٦٦، "السكرية" ١٩٧٣، وكان آخر أفلامهما معا "عصر الحب".، وتعد أعمالهما الفنية المشتركة أحد أبرز صور التعاون بين الأدب والسينما فى مصر والعالم العربي؛ فقد قام حسن الإمام بتحويل ثلاثية نجيب محفوظ الشهيرة (زقاق المدق) ١٩٦٣، (قصر الشوق) ١٩٦٦، (السكرية) ١٩٧٣، إلى أعمال سينمائية خالدة، استطاع من خلالها أن ينقل روح الرواية إلى الشاشة بصدق، مع لمسته الإخراجية التى تميزت بالدراما الوجدانية والواقعية الاجتماعية. ورغم اختلاف الأسلوب الفنى بين الكاتب والمخرج، فإن نجيب محفوظ أعرب عن تقديره لأعمال حسن الإمام، مؤكدًا فى أحد تصريحاته: "حسن الإمام يعرف كيف يخاطب وجدان الناس، حتى إن غيّر أو أضاف، لم يشوّه الجوهر". 488581687_4102100606732820_6862608225189799315_n

توماس جورجيسيان: جمعت بين الطبطبة الأرمنية والفضفضة المصرية.. وقابلت عظماء الأدب
توماس جورجيسيان: جمعت بين الطبطبة الأرمنية والفضفضة المصرية.. وقابلت عظماء الأدب

الدستور

time١٠-٠٢-٢٠٢٥

  • ترفيه
  • الدستور

توماس جورجيسيان: جمعت بين الطبطبة الأرمنية والفضفضة المصرية.. وقابلت عظماء الأدب

قال تحدث الكاتب توماس جورجيسيان عن روايته "إنها مشربية حياتي"، مشيرًا إلى أنها انعكاس لأحلامه وذكرياته، بشكل أو بآخر هي علاقته مع مصر وأسرته وحياته. وأضاف '' جورجيسيان'' خلال ندوة مناقشة كتابه الصادر عن دار الشروق ''إنها مشربية حياتي'' وذلك بمبنى قنصلية بوسط القاهرة: 'لا أعرف كيف فعلت هذا ولكنك يمكن أن تفتح أي صفحة في الكتاب وتقرأ، أنا استمعت بكتابة كتابي هذا، والفكرة أن متعة الكتابة تنعكس على متعة القراءة'. وتابع: 'الكتاب فصوله كثيرة، وكتبت مقدمة قلت فيها ما الذي أريده من الكتاب، أنا لدي حكايات وكلها ليست حكاياتي فقط ولكنها حكايات أمي وحكايات أخرى، ولأنني أرمني فقد جمعت بين الطبطبة الأجنبية والفضفضة المصرية، وهناك مقولة صوفية تقول 'من ذاق عرف' وهذا حدث بين الطبطبة الأرمنية والفضفضة المصرية'. وواصل: 'بدأت الكتابة بالمكان الذي أعتبره المسرح، وأسميته بـ'قاهرتي التي تعيش معي'، وهي قاهرة نهاية السبعينيات وبداية الثمانينيات، المدرسة التي تعلمت بها، رائحة التقلية التي كانت تدهمني، وغيرها'. ويستطرد: 'قديما حين كنت أرجع إلى بيتي كنت أمثل الشخصيات التي قابلتها، وفي كتابي حاولت تسجيل أسرتي، حكاية والدي مع مصر، ولكن كنت أقول لوالدي: احكي، فيقول أنا عشت تجربة فهل ستعيشها معي حين أحكيها، وحكاية والدي أننا كنا في شبرا، أسرة من خمسة أفراد، فقال والدي جملة لا يمكن أنساها، يبدو أنكم لا تعرفون قيمة السقف الذي يظلل رؤوسكم'. وأكمل: 'تجربة العائلة في الحفاظ على هويتها، كنت أتحدث بالأرمنية، وفي الشارع أتكلم بالمصرية وليس العربية، وهناك مثال أحبه بطله الكاتب الكبير يحيى حقي الذي كان يقول 'الحجرة محندقة' تماما مثل هذه الاختيارات'. وتابع: حين اقترحوا علي في العنوان أن يكون 'سبرة أرمني مصري' رفضت، أنا أراها مشربية حياتي، وبعد الأسرة تحدثت عن والدتي التي لعبت دورا كبيرا في حياتي، كانت عظيمة جدا، بالنسبة لي حتى في الإهداء أقول إلى امي، التي علمتني كيف أعرف قيمة ومعنى ما عندي والا يشغلني كثيرا ما ليس عندي وكيف أحكي ما عندي بكل فخر واعتزاز لأنها حكاياتي ولأنها حياتي". وواصل: "أهديت الكتاب لوالدي أيضا بقولي الصمت ليس معناه أن ليس لديك ما تقوله، إلى آخر الإهداء، وبعد والدتي ووالدي تحدثت عن ابنتي وكنت حريصا أن يجمع العنوان بين لغتي العربية والأرمنية. وواصل: في كتابي هناك حكايات مع الكتاب، وحواديت مع القلم، وفصل عن أجزاخانة كنت فيها صيدليا بشارع عماد الدين في الثمانينيات، وكنت سعيد الحظ أنني تعرفت في عشرينياتي على إحسان عبد القدوس، ونجيب محفوظ، ويوسف السباعي، وتوفيق الحكيم، وأذكر أن توفيق الحكيم قال لي لا تسجل حوارا ولكن اجلس معنا، فقلت له: هل أنا حمار؟، فقال لي اكتب، فكانت فرصة أن أظل قريبا منه، وقابلت صحفيين كبار وكتاب كبار منهم يحيى حقي وغيره". واستطرد: 'يحيى حقي كان أحد الحريصين على حضور حفل زواجي'. واختتم: 'الفنان بيكار هو من علمني قراءة وشوش البشر، وكنت الحقيقة مستمتعا بأن أكون في حضرة الكبار وقلت هذا لأحمد بهاء الدين، وأذكر أنني أخذت العدد من الأول من صباح الخير وذهبت به لإحسان عبد القدوس لأعرف رأيه بعد ثلاثين عاما من صدور العدد، وبعد انتقالي لواشنطن لم أكن أتعامل هناك كان واشنطن صراف آلي، فكتبت عن واشنطن فصلا كاملا نقلت فيها ذهنية المكان، وكنت أراها حائط مبكى الشعوب، وكيف أنني أرى أنني ذهبت إلى أمريكا بعد 500 عام من زيارة كريستوفر كولمبوس عام 1491، وكتبت فصلا أيضا عن أناس تعلمت منهم، خلاصة ما عرفته من أديان وكتاب كبار، خلاصة تجربتي الحياتية، وختمت كتابي كأنني مشيت على خطى محمود درويش، لا أريد لهذا الحكي أن أنتهي'.

شواطئ.. الاغتراب في أدب يحيى حقي (1)
شواطئ.. الاغتراب في أدب يحيى حقي (1)

مصرس

time٠٤-٠٢-٢٠٢٥

  • ترفيه
  • مصرس

شواطئ.. الاغتراب في أدب يحيى حقي (1)

ولد يحيى حقي في السابع من يناير سنة 1905 بحي السيدة زينب بمدينة القاهرة، حيث استقى ثقافته الأولى في ظل أسرته، وبعد التحاقه بكلية الحقوق، بدأ يكتب القصة للمرة الأولى في حياته، وقد تزامن ذلك مع ثورة 1919 حيث كانت الظروف قد تهيأت لازدهار فن القصة والرواية على السواء، فالصحف الحزبية قد أتاحت مجالا واسعًا لنشر القصة، بالإضافة إلى عوامل اجتماعية دفعت بالكتاب لكتابه القصة، والاتجاه بها نحو المنحى الواقعي معبرين عن واقعهم الجديد. وفى ظل ذلك النشاط الأدبي نشأت المدرسة الحديثة التي انضم إليها يحيى حقي واعتنق مبادئها، وازدادت على مر السنوات صلته بفن القصة، بخاصة بعد عمله بالسلك الدبلوماسي وتنقله بين بلدان عديدة زادت من خبراته وثقافته، فهو من أشهر رواد فن القصة القصيرة في مصر. وتطرح الباحثة عطيات أبو السعود في كتاب بعنوان "الاغتراب في أدب يحيى حقي.. دراسة أدبية من منظور نفسي" والصادر مؤخرا عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، لظاهرة الاغتراب في الإبداع القصصي والروائي عند يحيى حقي. فتعرف الباحثة مفهوم الاغتراب بأنه انفصال الإنسان عن وجوده الإنساني، ويمثل هذا الانفصال جملة من الأعراض التي يمكن ذكر بعضها مثل العزلة الاجتماعية، والتشيؤ، واللا معيارية والعجز، واللا معنى والتمرد. فتمثل رواية " قنديل أم هاشم " نوعًا من التماهي بين رؤية فكرية تتبلور في واقع متغير، وسياق درامي تتجاذب أبطاله صراعات شتى، تصل ذروتها مع شخصية إسماعيل بطل الرواية، ذلك الشاب الذى نشا في بيئة شعبية (حي السيدة زينب)، وأصر أبوه على إرساله إلى أوروبا لدراسة الطب، فيسافر إسماعيل محملًا بتراث الشرق وعاداته، ومتأثرًا بحياته البسيطة التي لم تكن تخرج عن الحى والميدان، أقصى نزهته أن يخرج إلى النيل ليسير بجانب النهر أو يقف على الكوبرى، وفى محيط يعيش أجواء الأساطير، ويحلق في فضاءات عوالم مفارقة من الروحانيات، حيث يؤمن الناس بالخرافة، ويجاورون أرواح الأولياء، ويستأنسون بها، ففي " ليله الحضرة يجئ سيدنا الحسين والإمام الشافعي يحفون بالسيدة فاطمة النبوية والسيدة عائشة. ورواية "قنديل أم هاشم" للكاتب الكبير يحيى حقي توضح حال البلاد، من فقر وجهل ومرض، تكشف النقاب عن شخصيات القصة، لتعكس أوجه الاغتراب ومظاهره من خلال بطل القصة "إسماعيل"، الذي عاش في رحاب حي السيدة زينب، والذى كان يعيش في كنف أبية وأمة، ويحاول كل منهما توفير احتياجاته، ولو على حساب نفسه، كما تعيش معه في البيت ابنة عمه اليتيمة "فاطمة النبوية" كانت دائما تسهر معه حين يذاكر، وتتطلع إليه بعينين مريضتين محمرتين الجفان، وكانت ترى فيه أنه كبير في نظرها، لأنه يعرف أكثر لأنه يتحدث لغة الغرب، بينما هو لا يرى في هؤلاء الفتيات سوى رؤوس خاوية.عاش "إسماعيل" في رحاب السيدة الطاهرة تربى على القيم والمبادئ، وبيت يقرأ فيه القرآن وتردد فيه الأوراد، ويرى قنديل أم هاشم المعلق على المقام الذي لا يمكن للجدران أن تحجب نوره أبدًا. عاش "إسماعيل" وسط نداءات الباعة بنغمها الحزين، وبائع الدقة الأعمى والشحاذ والطرشجى، مع الفئات المطحونة من عامة الشعب، التي تعيش الواقع المر. تفانت أسرة " إسماعيل " البسيطة الكادحة، لتوفير له نفقات التعليم في الخارج، ليتعلم الطب الذي لم يؤهله مجموعه لدراسته في بلده، جمع الأب كل ما أستطاع من مال، وباعت الأم حليها، واشترت تذاكر السفر والملابس الثقيلة، التي تفيه من برد أوروبا واقترب موعد السفر، وحل الوداع وودعته الأسرة بقلوب حزينة واعين دامعة، ولم ينس الأب أن يوصيه وصيتي لك أن تعيش بره كما عشت هنا حريصا على دينك وفرائضك، وإن تساهلت مرة لا تدري إلى أين يقودك تساهلك، واعلم أن أمك وأنا قد اتفقنا على أن تنتظرك " فاطمة النبوية " ولم يستطع أن يتخلص من الموقف فقرأ الفاتحة مع أبيه، وخرج إسماعيل من القرية الصغيرة بقيم آبائه وأجداده وتعاليم دينه إلى عالم كبير، وفضاء واسع من حولة قضى سبع سنوات في الغربة، في بلاد غير بلاده، وبالتأكيد كان لا بد أن تطرأ عليه بعض التغيرات، فخرج من قريته " عفا فغوى وصاحيا فسكر، كما أنه راقص الفتيات وفسق، هذا الهبوط بمكافئة صعود لا يقل عنه جده وطرافة، ذلك على حد تعبير الكاتب". ونجد أن (ماري) زميلته في الدراسة ساعدته على أن يتعرف على عالمها، فوهبته نفسها في أول فرصة، وهنا الكاتب يصف سذاجة وعدم خبرة " إسماعيل " بأنه (عندما وهبتة نفسها، كانت هي التي فضت براءته العذراء) فجعلته يكفر بالقيم والمبادئ ولا يقيم وزنا لتعاليم دينه. فقد بهرته الحياة الجميلة المريحة التي يدفع ثمنها الأبوان من صحتهما وقوتهما والتعامل السهل البسيط في كل شيء مع الفتاة يأخذ كل شيء دون تعقيدات ودون أن تطلب منه شيئا مقابل ذلك لا حدود.. لا قيم. لقد بهرته الفتاة بأفكارها وجدالها المستمر كانت تحدثه في الفن في الموسيقى في الطبيعة، بل في الروح الإنسانية عندما كان يحدثها عن الزواج، تحدثه عن الحب عندما يحدثها عن المستقبل تحدثه عن اللحظة الراهنة، كان قبلها يبحث عن شيء خارج نفسه يتمسك به ويستند إليه ألا وهو دينه وعبادته، تربيته وأصولها، لكنها جعلته ينظر إلى كل هذه الأشياء بل أصبح يرى فيها قيودًا كنظرة "ماري" لتلك القيم والمبادئ، بل كانت تعتبرها مشجب لو علق عليه معطفه سيظل أسيرًا لتلك القيم والمبادئ، فكانت أكثر ما تخشاه "ماري" القيود وأكثر ما يخشاه "إسماعيل" الحرية وكانت حيرته محل سخريتها، كانت روحه تتأوه وتتلوى تحت ضربات معولها إلى أن استيقظ في يوم فوجد روحه خراب، لم يبق فيها حجر على حجر، وأين " فاطمة النبوية " ابنة عمه وخطيبته من "ماري" ففاطمة مريضة لا تتكلم وإذا تكلمت لا تجيد فن الكلام، ولا تعرف سوى أن تنظر إلى "إسماعيل" نظرة إكبار واحترام، دون حتى أن تعبر عن هذا الرأي، أما "ماري " فهي تعرف كل شيء بل ربما أكثر منه وتجيد فن الحديث وتحدثه في كل شيء.هنا اغترب "إسماعيل" عن مجتمعه، عن مبادئه عن قيمه بل اغترب عن ذاته حيث بدا له الدين خرافة، لم تخترع إلا لحكم الجماهير والنفس البشرية، لا تجد قوتها ومن ثم سعادتها إلا إذا انفصلت عن الجموع وواجهتها، أما الاندماج ضعف ونقمة ونجد أنه طبقًا للنظرية النفسية لستوكلز Stokols عن الاغتراب والتي توضح أن الاغتراب يضمن بعض الأعراض مثل العزلة وغيرها من الأعراض ينطبق الاغتراب على "إسماعيل" لشعوره بالعزلة، سواء عن قيمه أو مبادئه أو وطنه، عندما كان غائبا عن الوطن، أو عندما عاد إلى الوطن بجسده فقط، ولكن "إسماعيل" عاد شخصا آخر بمعتقدات وأفكار جديدة، يحملها من ثقافة غريبة عنه ودين مختلف، لقد اندمج "إسماعيل" في مجتمع مختلف وانعزل عن أفكاره وقيمه ودينه وثقافته.

شواطئ.. الاغتراب في أدب يحيى حقي (1)
شواطئ.. الاغتراب في أدب يحيى حقي (1)

البوابة

time٠٤-٠٢-٢٠٢٥

  • ترفيه
  • البوابة

شواطئ.. الاغتراب في أدب يحيى حقي (1)

ولد يحيى حقي في السابع من يناير سنة 1905 بحي السيدة زينب بمدينة القاهرة، حيث استقى ثقافته الأولى في ظل أسرته، وبعد التحاقه بكلية الحقوق، بدأ يكتب القصة للمرة الأولى في حياته، وقد تزامن ذلك مع ثورة 1919 حيث كانت الظروف قد تهيأت لازدهار فن القصة والرواية على السواء، فالصحف الحزبية قد أتاحت مجالا واسعًا لنشر القصة، بالإضافة إلى عوامل اجتماعية دفعت بالكتاب لكتابه القصة، والاتجاه بها نحو المنحى الواقعي معبرين عن واقعهم الجديد. وفى ظل ذلك النشاط الأدبي نشأت المدرسة الحديثة التي انضم إليها يحيى حقي واعتنق مبادئها، وازدادت على مر السنوات صلته بفن القصة، بخاصة بعد عمله بالسلك الدبلوماسي وتنقله بين بلدان عديدة زادت من خبراته وثقافته، فهو من أشهر رواد فن القصة القصيرة في مصر. وتطرح الباحثة عطيات أبو السعود في كتاب بعنوان "الاغتراب في أدب يحيى حقي.. دراسة أدبية من منظور نفسي" والصادر مؤخرا عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، لظاهرة الاغتراب في الإبداع القصصي والروائي عند يحيى حقي. فتعرف الباحثة مفهوم الاغتراب بأنه انفصال الإنسان عن وجوده الإنساني، ويمثل هذا الانفصال جملة من الأعراض التي يمكن ذكر بعضها مثل العزلة الاجتماعية، والتشيؤ، واللا معيارية والعجز، واللا معنى والتمرد. فتمثل رواية " قنديل أم هاشم " نوعًا من التماهي بين رؤية فكرية تتبلور في واقع متغير، وسياق درامي تتجاذب أبطاله صراعات شتى، تصل ذروتها مع شخصية إسماعيل بطل الرواية، ذلك الشاب الذى نشا في بيئة شعبية (حي السيدة زينب)، وأصر أبوه على إرساله إلى أوروبا لدراسة الطب، فيسافر إسماعيل محملًا بتراث الشرق وعاداته، ومتأثرًا بحياته البسيطة التي لم تكن تخرج عن الحى والميدان، أقصى نزهته أن يخرج إلى النيل ليسير بجانب النهر أو يقف على الكوبرى، وفى محيط يعيش أجواء الأساطير، ويحلق في فضاءات عوالم مفارقة من الروحانيات، حيث يؤمن الناس بالخرافة، ويجاورون أرواح الأولياء، ويستأنسون بها، ففي " ليله الحضرة يجئ سيدنا الحسين والإمام الشافعي يحفون بالسيدة فاطمة النبوية والسيدة عائشة. ورواية "قنديل أم هاشم" للكاتب الكبير يحيى حقي توضح حال البلاد، من فقر وجهل ومرض، تكشف النقاب عن شخصيات القصة، لتعكس أوجه الاغتراب ومظاهره من خلال بطل القصة "إسماعيل"، الذي عاش في رحاب حي السيدة زينب، والذى كان يعيش في كنف أبية وأمة، ويحاول كل منهما توفير احتياجاته، ولو على حساب نفسه، كما تعيش معه في البيت ابنة عمه اليتيمة "فاطمة النبوية" كانت دائما تسهر معه حين يذاكر، وتتطلع إليه بعينين مريضتين محمرتين الجفان، وكانت ترى فيه أنه كبير في نظرها، لأنه يعرف أكثر لأنه يتحدث لغة الغرب، بينما هو لا يرى في هؤلاء الفتيات سوى رؤوس خاوية. عاش "إسماعيل" في رحاب السيدة الطاهرة تربى على القيم والمبادئ، وبيت يقرأ فيه القرآن وتردد فيه الأوراد، ويرى قنديل أم هاشم المعلق على المقام الذي لا يمكن للجدران أن تحجب نوره أبدًا. عاش "إسماعيل" وسط نداءات الباعة بنغمها الحزين، وبائع الدقة الأعمى والشحاذ والطرشجى، مع الفئات المطحونة من عامة الشعب، التي تعيش الواقع المر. تفانت أسرة " إسماعيل " البسيطة الكادحة، لتوفير له نفقات التعليم في الخارج، ليتعلم الطب الذي لم يؤهله مجموعه لدراسته في بلده، جمع الأب كل ما أستطاع من مال، وباعت الأم حليها، واشترت تذاكر السفر والملابس الثقيلة، التي تفيه من برد أوروبا واقترب موعد السفر، وحل الوداع وودعته الأسرة بقلوب حزينة واعين دامعة، ولم ينس الأب أن يوصيه وصيتي لك أن تعيش بره كما عشت هنا حريصا على دينك وفرائضك، وإن تساهلت مرة لا تدري إلى أين يقودك تساهلك، واعلم أن أمك وأنا قد اتفقنا على أن تنتظرك " فاطمة النبوية " ولم يستطع أن يتخلص من الموقف فقرأ الفاتحة مع أبيه، وخرج إسماعيل من القرية الصغيرة بقيم آبائه وأجداده وتعاليم دينه إلى عالم كبير، وفضاء واسع من حولة قضى سبع سنوات في الغربة، في بلاد غير بلاده، وبالتأكيد كان لا بد أن تطرأ عليه بعض التغيرات، فخرج من قريته " عفا فغوى وصاحيا فسكر، كما أنه راقص الفتيات وفسق، هذا الهبوط بمكافئة صعود لا يقل عنه جده وطرافة، ذلك على حد تعبير الكاتب". ونجد أن (ماري) زميلته في الدراسة ساعدته على أن يتعرف على عالمها، فوهبته نفسها في أول فرصة، وهنا الكاتب يصف سذاجة وعدم خبرة " إسماعيل " بأنه (عندما وهبتة نفسها، كانت هي التي فضت براءته العذراء) فجعلته يكفر بالقيم والمبادئ ولا يقيم وزنا لتعاليم دينه. فقد بهرته الحياة الجميلة المريحة التي يدفع ثمنها الأبوان من صحتهما وقوتهما والتعامل السهل البسيط في كل شيء مع الفتاة يأخذ كل شيء دون تعقيدات ودون أن تطلب منه شيئا مقابل ذلك لا حدود.. لا قيم. لقد بهرته الفتاة بأفكارها وجدالها المستمر كانت تحدثه في الفن في الموسيقى في الطبيعة، بل في الروح الإنسانية عندما كان يحدثها عن الزواج، تحدثه عن الحب عندما يحدثها عن المستقبل تحدثه عن اللحظة الراهنة، كان قبلها يبحث عن شيء خارج نفسه يتمسك به ويستند إليه ألا وهو دينه وعبادته، تربيته وأصولها، لكنها جعلته ينظر إلى كل هذه الأشياء بل أصبح يرى فيها قيودًا كنظرة "ماري" لتلك القيم والمبادئ، بل كانت تعتبرها مشجب لو علق عليه معطفه سيظل أسيرًا لتلك القيم والمبادئ، فكانت أكثر ما تخشاه "ماري" القيود وأكثر ما يخشاه "إسماعيل" الحرية وكانت حيرته محل سخريتها، كانت روحه تتأوه وتتلوى تحت ضربات معولها إلى أن استيقظ في يوم فوجد روحه خراب، لم يبق فيها حجر على حجر، وأين " فاطمة النبوية " ابنة عمه وخطيبته من "ماري" ففاطمة مريضة لا تتكلم وإذا تكلمت لا تجيد فن الكلام، ولا تعرف سوى أن تنظر إلى "إسماعيل" نظرة إكبار واحترام، دون حتى أن تعبر عن هذا الرأي، أما "ماري " فهي تعرف كل شيء بل ربما أكثر منه وتجيد فن الحديث وتحدثه في كل شيء. هنا اغترب "إسماعيل" عن مجتمعه، عن مبادئه عن قيمه بل اغترب عن ذاته حيث بدا له الدين خرافة، لم تخترع إلا لحكم الجماهير والنفس البشرية، لا تجد قوتها ومن ثم سعادتها إلا إذا انفصلت عن الجموع وواجهتها، أما الاندماج ضعف ونقمة ونجد أنه طبقًا للنظرية النفسية لستوكلز Stokols عن الاغتراب والتي توضح أن الاغتراب يضمن بعض الأعراض مثل العزلة وغيرها من الأعراض ينطبق الاغتراب على "إسماعيل" لشعوره بالعزلة، سواء عن قيمه أو مبادئه أو وطنه، عندما كان غائبا عن الوطن، أو عندما عاد إلى الوطن بجسده فقط، ولكن "إسماعيل" عاد شخصا آخر بمعتقدات وأفكار جديدة، يحملها من ثقافة غريبة عنه ودين مختلف، لقد اندمج "إسماعيل" في مجتمع مختلف وانعزل عن أفكاره وقيمه ودينه وثقافته.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store