
ما حدود سلطة ترمب بشأن التدخل العسكري في حرب إسرائيل وإيران؟
أثار احتمال تدخل الولايات المتحدة في الحرب بين إسرائيل وإيران، نقاشاً حول سلطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، وصلاحياته الدستورية لاستخدام القوة العسكرية ضد إيران.
وتشير تقارير إعلامية غربية متطابقة إلى أن إسرائيل، ورغم قدرتها الواضحة على الوصول إلى مختلف الأهداف التي تحددها في الداخل الإيراني وشن ضربات حاسمة بعدما رسخت تفوقها الجوي فوق طهران، إلا أنها تفتقد للوسائل اللوجستية اللازمة لإنجاز المهمة الرئيسية وهي تدمير منشأة فوردو النووية، درة تاج المشروع النووي الإيراني.
وتحتاج إسرائيل إلى القاذفات الاستراتيجية والقنابل الخارقة للتحصينات، وهي أدوات تنفرد بها الولايات المتحدة، لإلحاق أضرار ذات معنى بالمنشأة المحصنة تحت الجبال، حيث تخصب إيران اليورانيوم بنسبة تصل إلى 60%، وهو ما يقترب من درجة 90% اللازمة لصنع الأسلحة.
ومن غير المرجح أن يسعى ترمب للحصول على تفويض من الكونجرس، بالنظر إلى أن ذلك قد يضيع على أي تحرك عسكري عنصر المفاجأة والسرعة اللذان يعدان حاسمين.
وأثارت هذه التطورات مخاوف داخل الكونجرس، إذ يسعى نواب ديمقراطيون لمنع ترمب من استخدام القوة العسكرية دون تفويض من المؤسسة التشريعية، ويعيد هذا التحرك تسليط الضوء على نقاش قديم متجدد حول مسألة إعلان الحرب واستخدام القوة العسكرية وحدود سلطة الرئيس في اتخاذ مثل هذا القرار.
الكونجرس والرئيس
ينص الدستور الأميركي صراحة على أن سلطة إعلان الحرب تقع ضمن اختصاص الكونجرس حصراً. ولكن عند شنّ الحرب، اتبع الدستور مقاربة تقليدية تقوم على توزيع السلط بين السلطتين التنفيذية والتشريعية.
بينما يعتبر الرئيس الأميركي هو القائد الأعلى للقوات المسلحة، فإنه يقع على عاتق الكونجرس مسؤولية حشد ودعم تلك القوات، عبر إقرار مشاريع قوانين الاعتمادات، وفرض الضرائب، وإقرار إجراءات الدين اللازمة لتمويل العمليات القتالية بناءً على أوامر الرئيس.
وطوال عقود، عملت الولايات المتحدة بناءً على هذا التفاهم، لكنها لم تدخل بشكل رسمي في حالة حرب، باستثناء بعض التدخلات المحدودة للقوات الأميركية خارج حدود البلاد، وهي حالات لم ير الكونجرس فيها ما يبرر ضرورة التدخل ومعارضتها باعتبارها لا ترقى لحالات حرب.
بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، بدأ موقف الكونجرس يتغير ويتجه نحو تحديد نطاق سلطات الرئيس في شن الأعمال العدائية، خصوصاً مع تزايد عدد الحالات التي تطلبت تدخل الجيش الأميركي خلال فترة الحرب الباردة، على رأسها حرب فييتنام.
وفي عام 1973، أقرّت الأغلبية الديمقراطية في كلا مجلسي الكونجرس قرار "صلاحيات الحرب"، الذي يُلزم الرئيس بإخطار الكونجرس خلال 48 ساعة عند إرسال القوات إلى مناطق الخطر.
كما ألزم هذا التشريع الرؤساء بإنهاء أي عمل عسكري أجنبي بعد 60 يوماً ما لم يُعلن الكونجرس الحرب أو يُصدر تفويضاً، وهو ما يُعرف الآن باسم "تفويض استخدام القوة العسكرية"، إلا أن القانون لم يُحقق هدف واضعيه، ويرجع ذلك جزئياً إلى أن الرؤساء وجدوا طرقاً للالتفاف عليه، وأيضاً لأن الكونجرس أبدى استعداده لاتباع توجيهات الرئيس في مسائل النزاعات الخارجية.
"صلاحيات الحرب"
أقر الكونجرس الأميركي قانون "صلاحيات الحرب" عام 1973 رغم معارضة الرئيس حينها ريتشارد نيكسون، وكان المشرعون يسعون إلى تبديد المخاوف بشأن الاختلال في التوزيع الدستوري لصلاحيات الحرب بين السلطتين التشريعية، والتنفيذية.
ينص القرار الذي اعتمده الكونجرس على أنه لا يجوز للرئيس إشراك الجيش الأميركي في الأعمال العدائية، أو في حال وقوع أعمال عدائية وشيكة ضد الولايات المتحدة، إلا إذا أصدر الكونجرس إعلان حرب أو تفويضاً قانونياً محدداً، أو في حال وجود "حالة طوارئ وطنية ناجمة عن هجوم على الولايات المتحدة أو أراضيها أو ممتلكاتها أو قواتها المسلحة".
كما ينص قرار صلاحيات الحرب، على إنهاء أي أعمال عدائية، تُشن دون إعلان حرب أو تفويض قانوني محدد، في غضون 60 يوماً، ويوفر آلية للكونجرس لإصدار أمر بإنهاء أي من هذه الأعمال العدائية.
ويجب أن يندرج أي استخدام للقوة من قِبل الرئيس خلال هذه الأيام الستين، ضمن حدود صلاحيات الحرب الدفاعية الممنوحة له بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة.
وبموجب هذا القانون، فإن أي استخدام للقوة لا يندرج ضمن هذه الحدود ولم يُصرّح به الكونجرس سيكون غير دستوري.
ويجادل خبراء قانون من الحزبين بأنه "خارج نطاق صلاحيات الحرب الدفاعية هذه، يقع عبء الحصول على إذن من الكونجرس قبل استخدام القوة في الخارج على عاتق الرئيس"، وأشاروا أيضاً إلى أن "استخدام القوة لغير أغراض دفاعية محددة، يُعدّ مخالفًا للدستور ما لم يحصل الرئيس على إذن مسبق من الكونجرس".
وفي الخلاصة، لا يمنح قانون "صلاحيات الحرب" الرئيس أي سلطة لاستخدام القوة دون موافقة الكونجرس، بل إنه يحدد طريقة تقسيم صلاحيات الحرب التي أقرها الدستور، بين الكونجرس بصفته الهيئة المخولة لإعلان الحرب، والرئيس بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة، والمُكلَّفٌ بالدفاع عن الأمة في غياب موافقة الكونجرس في ظروف محدودة.
"التفويض باستخدام القوة العسكرية"
تفسر المحكمة العليا الأميركية بند إعلان الحرب على أنه لا يعني فقط أن الكونجرس يمكنه إصدار إعلان حرب رسمي، بل يعني أيضاً أنه يمكنه تفويض استخدام القوة المسلحة لعمليات أكثر محدودية، دون حرب شاملة.
وقد أقرّ الكونجرس، في مناسبات مختلفة، ما أصبح يُعرف باسم "تفويض استخدام القوة العسكرية" أو AUMF، والتي تسمح للرئيس باستخدام القوات العسكرية الأميركية لتحقيق أهداف عسكرية معينة في إطار شروط محددة.
ومنذ الحرب العالمية الثانية، لم يعلن الكونجرس الحرب رسمياً، وأصبحت تفويضات استخدام القوة العسكرية وسيلة لتفويض الأعمال الهجومية.
ومن بين الحالات التي أقر فيها الكونجرس "تفويض استخدام القوة العسكرية": حرب فيتنام، وحرب الخليج عام 1991، وغزو أفغانستان بعد أحداث 11 سبتمبر 2001، وحرب العراق عام 2003.
وبموجب القانون الدولي، تعتبر الحرب وسيلة قانونية ومشروعة لتحقيق أهداف السياسة الخارجية في ظل ظروف معينة، إلا أن ميثاق الأمم المتحدة أعاد هيكلة النظام القانوني الدولي المتعلق باستخدام القوة بشكل جذري.
ويحظر ميثاق الأمم المتحدة الحرب كاستراتيجية للشؤون الخارجية، ويمنع الدول من استخدام القوة العسكرية إلا رداً على هجوم مسلح أو بموجب تفويض من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.
ونتيجة لهذه التطورات القانونية الدولية وغيرها، أصبح إعلان الحرب بمفهومه التقليدي، أمراً نادراً في العلاقات الدولية الحديثة.
هل يمكن للرئيس تجاوز الكونجرس؟
بينما لا يزال هناك خلاف كبير بين السلطتين التنفيذية والتشريعية حول نطاق سلطات الرئيس الدفاعية، إلا أن هناك توافقاً جوهرياً على أن الرئيس يمكنه استخدام القوة العسكرية دون إذن مسبق من الكونجرس في بعض الظروف:
صد هجوم مفاجئ
أكدت المحكمة العليا في قرار يعود لعام 1863 (الحرب الأهلية)، سلطة الرئيس في استخدام القوة العسكرية دون إذن من الكونجرس لصد الهجمات المفاجئة.
ويُسمح للرئيس بصد الهجمات الفعلية والوشيكة "عندما لا يكون هناك وقت، من الناحية العملية، للكونجرس لاتخاذ قرار".
ويتوافق هذا الحق أيضاً مع حق الدول بموجب المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة في استخدام القوة دفاعاً عن النفس ضد هجوم مسلح فعلي أو وشيك.
حماية وإنقاذ الأميركيين في الخارج
يقول خبراء في القانون من الحزبين، إن الكونجرس دأب على الموافقة على "استخدام الرئيس للقوة العسكرية المحدودة في الخارج، دون إذن مسبق محدد من الكونجرس، لحماية وإنقاذ الأميركيين عندما لا تستطيع السلطات المحلية حمايتهم".
وفي رأي صادر عام 1980 عن مكتب المستشار القانوني بوزارة العدل الأميركية بشأن قانونية عملية الإنقاذ المقترحة لخمسين مواطناً أميركياً محتجزين كرهائن في إيران، أشار مكتب المستشار القانوني إلى أن الرئيس استخدم القوة العسكرية دون إذن من الكونجرس لحماية وإنقاذ الأميركيين في الخارج في حالات عديدة، بما في ذلك عمليات الإجلاء من بنوم بنه، وسايجون (1975)، ولبنان (1976).
وأشارت المذكرة أيضاً إلى قضية "دوراند ضد هولينز" الصادرة عن المحكمة العليا عام 1868، والتي قضت بأن سلطة الرئيس كقائد أعلى للقوات المسلحة تسمح باستخدام الجيش للرد على هجوم على مواطنين أميركيين أو ممتلكات أميركية في الخارج.
وخلصت إلى أن سلطة القائد الأعلى للقوات المسلحة تُخول الرئيس سلطة "إنقاذ الرهائن الأميركيين المحتجزين في إيران" أو الرد على إيران في حال تعرضهم للأذى.
وأصدر الكونجرس تشريعاً يُلزم الرئيس "باستخدام الوسائل التي لا تُعتبر أعمال حرب ولا يحظرها القانون، والتي يراها ضرورية ومناسبة لضمان أو تنفيذ إطلاق سراح الرهائن الأميركيين المحتجزين في الخارج لدى حكومة أجنبية".
سحب القوات
حتى إذا كان الكونجرس، من خلال سلطته في تخصيص الاعتمادات المالية، قد أنهى استخدام القوة في الخارج، فإن ذلك لا يُمكن أن يؤثر على سلطة الرئيس في سحب القوات الأميركية بأمان.
عمليات انتشار في أوقات السلم
بصفته القائد العام، يُسمح للرئيس بنشر القوات المسلحة الأميركية لأغراض سلمية بحتة، وسمح الكونجرس بالفعل بالعديد من عمليات النشر السلمية هذه، بما في ذلك لأغراض الإغاثة الإنسانية، والمساعدة في حالات الكوارث الخارجية (توفير موارد إضافية)، وتوفير قوات "بصفة غير قتالية" إلى الأمم المتحدة.
مع ذلك، يشير الباحثون إلى أنه حتى في الحالات التي لم يأذن فيها الكونجرس صراحةً بمثل هذه الأنشطة، "فإن الكونجرس قد وافق على مثل هذه الاستخدامات من قبل الرئيس للقوات المسلحة من خلال اعتماد تشريعات لتخصيص الأموال لهذه الاستخدامات بعد وقوعها، وعدم الاعتراض عليها عندما أتيحت له الفرصة للقيام بذلك".
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الشرق للأعمال
منذ 20 دقائق
- الشرق للأعمال
النفط ينخفض مع ترقب لقرار ترمب بشأن الانخراط بالحرب على إيران
انخفضت أسعار النفط بعد أسبوع من التداولات المتقلبة، إذ ركّزت الأسواق على ما إذا كان الرئيس دونالد ترمب سيُقحم الولايات المتحدة في الصراع بين إسرائيل وإيران. وتراجع خام "برنت" باتجاه مستوى 76 دولاراً للبرميل، بعدما أغلق على ارتفاع طفيف يوم الأربعاء، في حين تم تداول خام "غرب تكساس" الوسيط عند 75 دولاراً. تأرجحت الأسعار هذا الأسبوع ضمن نطاق يبلغ نحو 8 دولارات، وسط ارتفاع في التقلبات، وتحول خيارات التداول نحو الاتجاه الصعودي، واتساع ملحوظ في فروق الأسعار الرئيسية ضمن هيكل "باكورديشن" . وعقد ترمب اجتماعاً الأربعاء مع كبار مستشاريه، لكن البيت الأبيض لم يُفصح عن الكثير بشأن ما إذا كان قد قرر إدخال أميركا في الهجوم الهادف إلى تدمير البرنامج النووي الإيراني. من جانبه، قال وزير الخارجية الإيراني إن بلاده، وهي عضو في منظمة "الدول المصدرة للنفط" (أوبك)، لا تزال ملتزمة بالمسار الدبلوماسي. ورداً على سؤال خلال اليوم نفسه عمّا إذا كان يقترب من قصف إيران، قال ترمب: "قد أفعل، وقد لا أفعل". وكانت صحيفة "وول ستريت جورنال" قد ذكرت، أن الرئيس وافق في وقت سابق من الأسبوع على خطة للهجوم العسكري، لكنه امتنع عن إعطاء الإذن النهائي، بينما كان يُقيّم ما إذا كانت طهران ستلبي مطالبه. السوق قلقة من إغلاق "مضيق هرمز" يتمثل أكبر مصدر قلق لأسواق النفط في "مضيق هرمز"، لكن حتى الآن، لا توجد مؤشرات على أن إيران تسعى إلى تعطيل حركة الشحن في هذا الممر البحري الضيق عند مدخل الخليج العربي. إذ يمر عبر المضيق حوالي خُمس إنتاج النفط العالمي. وقال مايك سومرز، رئيس "معهد البترول الأميركي"، في مقابلة مع تلفزيون "بلومبرغ": "لا نرى أن هذا السيناريو مرجّح في الوقت الحالي، لكن نظراً للوضع المضطرب الذي تعيشه إيران حالياً، أعتقد أن على الجميع مراقبة مضيق هرمز عن كثب". وتوقّع محللو بنك "غولدمان ساكس"، بمن فيهم دان سترويڤن، وجود علاوة مخاطر جيوسياسية تُقدّر بنحو 10 دولارات للبرميل في أسعار خام "برنت" بسبب الصراع. إلا أن البنك قال إن السيناريو الأساسي بالنسبة له هو انخفاض سعر النفط إلى 60 دولاراً في الربع الرابع من العام، بافتراض عدم حدوث أي تعطّل في الإمدادات. وقال جاو جيان، محلل في شركة "كيشنغ فيوتشرز" بمقاطعة شاندونغ: "الوضع الجيوسياسي لا يزال شديد التوتر، من دون أي مؤشرات على التهدئة. السوق تنتقل تدريجياً إلى مرحلة تثبيت الأسعار عند مستويات مرتفعة، بانتظار مزيد من التطورات في الشرق الأوسط". في غضون ذلك، تراجعت مخزونات النفط الخام الأميركية بمقدار 11.5 مليون برميل الأسبوع الماضي، وهو أكبر سحب للمخزون خلال نحو عام. كما انخفضت المخزونات في مركز التخزين بمدينة كوشينغ في ولاية أوكلاهوما، في حين ارتفعت إمدادات البنزين.


العربية
منذ 20 دقائق
- العربية
أميركا تنقل أصولا عسكرية في الشرق الأوسط معرضة لهجوم إيراني محتمل
قال مسؤولان أميركيان لرويترز يوم الأربعاء إن الجيش الأميركي نقل بعض الطائرات والسفن من قواعد في الشرق الأوسط قد تكون عرضة لأي هجوم إيراني محتمل. وأضاف المسؤولان أن هذه الخطوة جزء من مخطط لحماية القوات الأميركية. ورفض المسؤولان الإفصاح عن عدد الطائرات والسفن التي تم تحريكها ووجهتها. وقال أحد المسؤولين إنه تم نقل سفن للبحرية الأميركية من ميناء في البحرين حيث يوجد الأسطول الخامس للجيش الأميركي، بينما نُقلت طائرات لم تكن في ملاجئ محصنة من قاعدة العديد الجوية في قطر. وأضاف "هذه ليست ممارسة غير مألوفة. حماية القوات هي الأولوية". كانت رويترز أوردت هذا الأسبوع نبأ نقل عدد كبير من طائرات التزويد بالوقود إلى أوروبا وأصول عسكرية أخرى إلى الشرق الأوسط، بما في ذلك نشر المزيد من الطائرات المقاتلة. كما تتجه حاملة طائرات من منطقة المحيطين الهندي والهادي إلى الشرق الأوسط. يأتي ذلك في الوقت الذي يبقي فيه الرئيس دونالد ترامب العالم في حيرة من أمره حول ما إذا كانت الولايات المتحدة ستنضم إلى إسرائيل في قصف المواقع النووية والصاروخية الإيرانية، بينما ينزح سكان طهران من منازلهم في اليوم السادس من بدء الهجوم الجوي. وتشن إسرائيل حملة قصف جوي منذ يوم الجمعة الماضي بعد أن قالت إنها خلصت إلى أن إيران على وشك تطوير سلاح نووي. وتنفي إيران سعيها لامتلاك أسلحة نووية. وقال السفير الإيراني لدى الأمم المتحدة في جنيف يوم الأربعاء إن إيران أبلغت واشنطن بأنها سترد بحزم على الولايات المتحدة إذا شاركت بشكل مباشر في الحملة العسكرية الإسرائيلية.


العربية
منذ 20 دقائق
- العربية
ترمب... يمتطي حصان الحرب
من الظاهر أننا أمام أيامٍ حاسمة في هذه الحرب الكبرى بين إسرائيل وإيران، بعدما نفدت قدرات إيران وتلاشت مناوراتها في تأجيل لحظة الحقيقة، إمّا البرنامج النووي، أو بقاء النظام نفسه. منذ قطع الرئيس الأميركي دونالد ترمب زيارته لكندا من أجل حضور قمّة السبع وهو يطلق التصريحات المثيرة عن نوعية الخطوات المُقبلة من أميركا في هذه الحرب، وآخرها قوله على حسابه بمنصة «تروث سوشيال»، بأن صبره نفد تجاه إيران، وأن عليها الاستسلام بلا شروط. الآن تطّورت المطالبُ، من خضوع البرنامج النووي للرقابة الدولية، ومنع إيران من تخصيب اليورانيوم داخل أراضيها، إلى ما هو أبعد من ذلك، وهو القضاء على البرنامج النووي، وبرنامج الصواريخ البالستية، والسياسات الإيرانية التخريبية في المنطقة، فماذا سيبقى بعد ذلك من شرعية النظام الثوري الأصولي والقومي أيضاً؟! مسؤولون أميركيون قالوا بالأمس لـ«أكسيوس»، إن ترمب يفكّر جدّياً في الانضمام للحرب ضد إيران، بخاصة ضرب منشآت إيران النووية، بالذات «فوردو» شديد التحصين. ووفق المصدر نفسه، فإن بعض المسؤولين الإسرائيليين قالوا نقلاً عن نتنياهو إنه من المرجّح دخول أميركا الحرب خلال أيام! فهل حان الفصل الأخطر والأصعب من هذه الحرب؟! هل كل هذا التدرّج في موقف الرئيس الأميركي ترمب، من موقف «الناصح» الصريح لإيران، إلى المفاوض الشرس والحاسم، إلى الداعم القوي لإسرائيل في حربها ضد إيران، إلى الانخراط في الحرب مباشرة... هل كل هذا كان نتاج خطّة موضوعة من قبل، بهذا التدرج، أم أن تطورات هذه الحرب، وخشية ترمب من طولها وقدرة إيران على استيعاب الضربات الإسرائيلية، هي التي «أحدثت» لديه هذا الموقف الجديد؟! لا ندري، الآن، ربما لاحقاً تتكشف طبيعة تخلّق موقف ترمب ونمّوه في هذه الحرب. لكن الظاهر والراجح قرب دخول العملاق الأميركي هذه المنازلة، وهنا ننتقل من حالٍ إلى حال. ماذا يفعل المرشد خامنئي، وصاحب القرار الأخير في إيران في أصعب لحظة يمرّ بها النظام الذي صنعه أستاذ خامنئي، المرشد السابق روح الله الخميني؟! من يشير على المرشد؟ في تقرير لـ«رويترز»، قال أليكس فاتانكا مدير برنامج إيران في معهد الشرق الأوسط للأبحاث في واشنطن: «هناك أمران يمكن قولهما عن خامنئي: إنه عنيد للغاية لكنه حذر للغاية أيضاً... وهذا هو سبب بقائه في السلطة كل هذه المدة الطويلة». وأضاف: «خامنئي قادر تماماً على أداء التحليل الأساسي للتكاليف مقابل الفوائد، الذي يتعلق بشكل أساسي بقضية واحدة أهم من أي شيء آخر: بقاء النظام». بقاء النظام إذًا هو جوهر الموضوع لدى قادة إيران، وليس النووي أو تصدير الثورة أو استمرار مصانع الصواريخ والمُسيّرات، وشعارات الموت لإسرائيل أو أميركا. إنها لحظة كاشفة نادرة من لحظات الشرق الأوسط... المنكوب.