من التّأهيل إلى الاحتضان: ما علاقة بريطانيا بالشّرع؟
تُحاول دُولُ الإقليم والدّول المعنيّة باستقرار سوريا تقديم 'شبكة أمان' دوليّة للرّئيس السّوريّ أحمد الشّرع. هذا ما يُمكنُ ملاحظته من لقاء الشّرع مع الرّئيس الأميركيّ دونالد ترامب في العاصمة السّعوديّة الرّياض بعد جهودٍ بذلها وليّ العهد السّعوديّ الأمير محمّد بن سلمان وأمير قطر الشّيخ تميم بن حمد والرّئيس التّركيّ رجب طيّب إردوغان. لا تقف 'شبكة الأمان' عند هذا الحدّ، بل إنّ بريطانيا وتركيا تُبقيان وفديْن أمنيَّيْن في فندق 'الفورسيزون' في دمشق لدعم الحكومة السّوريّة.
كانَ الجديد ما أثاره السّفير الأميركيّ السّابق لدى سوريا روبرت فورد من أنّه قامَ بلقاء الشّرع سنة 2023 بدعوةٍ من مؤسّسة بريطانيّة غير حكوميّة مُتخصّصة في حلّ النّزاعات، وذلكَ لتحويل الشّرع من 'عالم الإرهاب إلى عالم السّياسة'. لاقى كلام فورد نفياً من مصادر رئاسيّة سوريّة نشرته وسائل إعلام عربيّة.
كلام فورد سبقه كلامٌ لوزير الخارجيّة الأميركيّ ماركو روبيو الذي كانَ يُخاطب المُؤسّسة التشريعيّة الأميركيّة عن ضرورة رفع العقوبات عن سوريا في أسرع وقتٍ مُمكن، وحذّرَ من أنّ الحكومة السّوريّة الجديدة قد تسقط خلال أسابيع في حال لم تُسارع واشنطن لتقديم الدّعم المطلوب لها. هذا يُؤكّد أنّ كلام فورد وروبيو كانَ موجّهاً إلى الدّاخل الأميركيّ وليسَ إلى الدّاخل السّوريّ. إذ تعلمُ واشنطن جيّداً ما سيكون الحال في سوريا إذا ما تعرّضت الحكومة السّوريّة لخضّة داخليّة.
لا تقتصُرُ 'شبكةُ الأمان' على الدّور الأميركي – العربيّ. فقد سارعَ الاتّحاد الأوروبي أيضاً إلى رفع العقوبات المفروضة على سوريا، وذلكَ بعد جهودٍ عربيّة – بريطانيّة. وهُنا يكمنُ سرّ الدّور البريطانيّ الذي ذكرَهُ روبرت فورد عن دعم الشّخصيّة السّياسيّة لأحمدِ الشّرع. ولا ينفصل أيضاً الدّور التّركيّ عن أيّ حراك بريطانيّ نظراً لعمق العلاقة الأمنيّة التي تربطُ جهاز الاستخبارات التّركيّ MIT بجهاز الاستخبارات الخارجيّة البريطانيّة MI6.
'أمان' بريطانيّ – تركيّ في 'الفورسيزون'
يدلّ على هذا سرّ المكوث التّركيّ – البريطانيّ في أرقى فنادِق العاصمة السّوريّة دمشق، 'الفورسيزون'، حيثُ يوجدُ فريقان، الأوّل تركيّ والثّاني بريطانيّ، للإشراف على التحوّل السّياسيّ في سوريا ودعمِ جهود الحكومة السّوريّة في بسطِ سيطرتها على كامل أراضيها، بالإضافة إلى رفدها بالمعلومات الأمنيّة والسّياسيّة.
هُنا تجدرُ الإشارة إلى أنّ المؤسّسة التي ذكرها السّفير روبرت فورد هي 'إنتر ميديت' المُتخصّصة في الوساطة والتفاوض في حلّ النّزاعات المُعقّدة. مؤسّس هذه المنظّمة هو جوناثان باور كبير الموظّفين لدى رئيس الوزراء الأسبق توني بلير، والأهمّ أنّه يشغل حاليّاً منصبَ مستشار الأمن القوميّ لحكومة كير ستارمر. وللتّذكير أنّ بريطانيا كانت في طليعة الدّول التي رفعَت العقوبات عن وزارتَيْ الدّاخليّة والدّفاع السّوريّتيْن، وذلكَ في إطار دعم بريطانيا للجهود السّوريّة في شهر نيسان الماضي.
كانَت لندن أيضاً من الدّول الأولى التي أرسلت وفداً علنيّاً من وزارة الخارجيّة في شهر كانون الأوّل الماضي للقاء الشّرع بعد أسبوع على سقوط نظام بشّار الأسد وفراره إلى روسيا.
الشّراكة التّركيّة – البريطانيّة
عزّزَ هذا الدّعم العلاقة الودّيّة والاستراتيجيّة بين أنقرة ولندن. ويُمكنُ ملاحظة أنّ بريطانيا لم تقُم بتوجيه الانتقادات الحادّة لحكومة الرّئيس التّركيّ رجب طيّب إردوغان على عكس أكثر الحكومات الأوروبيّة مثل فرنسا.
لفهم العلاقة بين أنقرة ولندن، لا بُدّ من العودة إلى سنة 2016، يومَ لعبَت الاستخبارات البريطانيّة دوراً أساسيّاً في كشف المحاولة الانقلابيّة ضدّ إردوغان. وعلى عكس الدّول الأوروبيّة، لم تنتظر لندن أن تنجلي سُحبُ المواجهات في شوارع إسطنبول وأنقرة، بل كانت أوّل دولةٍ أوروبيّة تُعلنُ إدانتها للمحاولة الانقلابيّة.
إلى ذلك نأَت بريطانيا بنفسها طوال هذه السّنوات عن دخول السّجال التّركيّ – الأوروبيّ على الرّغم من توالي الأحداث التي أدّت إلى هزّاتٍ في العلاقة بين تركيا ودول أوروبا.
التقت مصالح البلديْن حين كفّت الحكومة التّركيّة عن محاولات الانضمام إلى الاتّحاد الأوروبيّ، في وقتٍ كانت بريطانيا أوّل دولةٍ تنسحبُ منه، فكان تلاقي المصالح بين أنقرة النّاقمة على الاتّحاد، ولندن الغاضبة من استنزاف الاتّحادِ لها. ولم يسبق لبريطانيا أن سجّلت أيّ موقفٍ يُعارض دخول تركيا الاتّحاد، وكانت من الدّول الدّاعمة لذلكَ قبل خروجها.
لا يقتصر التعاون التّركيّ – البريطانيّ على الأمن والسّياسة، بل يتجاوزهما إلى الدّفاع. إذ وقّعَ الجانبان عام 2017 صفقةً بقيمة 120 مليون دولار لتطوير طائرات حربيّة تركيّة بالشّراكة بين BAE Systems البريطانيّة، وTurkish Aerospace Industries. وذلكَ دعماً لجهود أنقرة من أجل الاكتفاء الذّاتيّ في التّصنيع الحربيّ.
كانَ من المُهمّ هذا السرد المُختصر لخلفيّة العلاقة بين لندن وأنقرة لفهمِ الدّور البريطانيّ في توفير 'شبكة الأمان' للحكومة السّوريّة والرّئيس أحمد الشّرع، الذي احتضنته أنقرة طوال وجوده في إدلب على رأس 'هيئة تحرير الشّام' قبل أن يُصبِحَ رئيس الجمهوريّة العربيّة السّوريّة.
ابراهيم ريحان -اساس
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

القناة الثالثة والعشرون
منذ 6 ساعات
- القناة الثالثة والعشرون
من التّأهيل إلى الاحتضان: ما علاقة بريطانيا بالشّرع؟
تُحاول دُولُ الإقليم والدّول المعنيّة باستقرار سوريا تقديم 'شبكة أمان' دوليّة للرّئيس السّوريّ أحمد الشّرع. هذا ما يُمكنُ ملاحظته من لقاء الشّرع مع الرّئيس الأميركيّ دونالد ترامب في العاصمة السّعوديّة الرّياض بعد جهودٍ بذلها وليّ العهد السّعوديّ الأمير محمّد بن سلمان وأمير قطر الشّيخ تميم بن حمد والرّئيس التّركيّ رجب طيّب إردوغان. لا تقف 'شبكة الأمان' عند هذا الحدّ، بل إنّ بريطانيا وتركيا تُبقيان وفديْن أمنيَّيْن في فندق 'الفورسيزون' في دمشق لدعم الحكومة السّوريّة. كانَ الجديد ما أثاره السّفير الأميركيّ السّابق لدى سوريا روبرت فورد من أنّه قامَ بلقاء الشّرع سنة 2023 بدعوةٍ من مؤسّسة بريطانيّة غير حكوميّة مُتخصّصة في حلّ النّزاعات، وذلكَ لتحويل الشّرع من 'عالم الإرهاب إلى عالم السّياسة'. لاقى كلام فورد نفياً من مصادر رئاسيّة سوريّة نشرته وسائل إعلام عربيّة. كلام فورد سبقه كلامٌ لوزير الخارجيّة الأميركيّ ماركو روبيو الذي كانَ يُخاطب المُؤسّسة التشريعيّة الأميركيّة عن ضرورة رفع العقوبات عن سوريا في أسرع وقتٍ مُمكن، وحذّرَ من أنّ الحكومة السّوريّة الجديدة قد تسقط خلال أسابيع في حال لم تُسارع واشنطن لتقديم الدّعم المطلوب لها. هذا يُؤكّد أنّ كلام فورد وروبيو كانَ موجّهاً إلى الدّاخل الأميركيّ وليسَ إلى الدّاخل السّوريّ. إذ تعلمُ واشنطن جيّداً ما سيكون الحال في سوريا إذا ما تعرّضت الحكومة السّوريّة لخضّة داخليّة. لا تقتصُرُ 'شبكةُ الأمان' على الدّور الأميركي – العربيّ. فقد سارعَ الاتّحاد الأوروبي أيضاً إلى رفع العقوبات المفروضة على سوريا، وذلكَ بعد جهودٍ عربيّة – بريطانيّة. وهُنا يكمنُ سرّ الدّور البريطانيّ الذي ذكرَهُ روبرت فورد عن دعم الشّخصيّة السّياسيّة لأحمدِ الشّرع. ولا ينفصل أيضاً الدّور التّركيّ عن أيّ حراك بريطانيّ نظراً لعمق العلاقة الأمنيّة التي تربطُ جهاز الاستخبارات التّركيّ MIT بجهاز الاستخبارات الخارجيّة البريطانيّة MI6. 'أمان' بريطانيّ – تركيّ في 'الفورسيزون' يدلّ على هذا سرّ المكوث التّركيّ – البريطانيّ في أرقى فنادِق العاصمة السّوريّة دمشق، 'الفورسيزون'، حيثُ يوجدُ فريقان، الأوّل تركيّ والثّاني بريطانيّ، للإشراف على التحوّل السّياسيّ في سوريا ودعمِ جهود الحكومة السّوريّة في بسطِ سيطرتها على كامل أراضيها، بالإضافة إلى رفدها بالمعلومات الأمنيّة والسّياسيّة. هُنا تجدرُ الإشارة إلى أنّ المؤسّسة التي ذكرها السّفير روبرت فورد هي 'إنتر ميديت' المُتخصّصة في الوساطة والتفاوض في حلّ النّزاعات المُعقّدة. مؤسّس هذه المنظّمة هو جوناثان باور كبير الموظّفين لدى رئيس الوزراء الأسبق توني بلير، والأهمّ أنّه يشغل حاليّاً منصبَ مستشار الأمن القوميّ لحكومة كير ستارمر. وللتّذكير أنّ بريطانيا كانت في طليعة الدّول التي رفعَت العقوبات عن وزارتَيْ الدّاخليّة والدّفاع السّوريّتيْن، وذلكَ في إطار دعم بريطانيا للجهود السّوريّة في شهر نيسان الماضي. كانَت لندن أيضاً من الدّول الأولى التي أرسلت وفداً علنيّاً من وزارة الخارجيّة في شهر كانون الأوّل الماضي للقاء الشّرع بعد أسبوع على سقوط نظام بشّار الأسد وفراره إلى روسيا. الشّراكة التّركيّة – البريطانيّة عزّزَ هذا الدّعم العلاقة الودّيّة والاستراتيجيّة بين أنقرة ولندن. ويُمكنُ ملاحظة أنّ بريطانيا لم تقُم بتوجيه الانتقادات الحادّة لحكومة الرّئيس التّركيّ رجب طيّب إردوغان على عكس أكثر الحكومات الأوروبيّة مثل فرنسا. لفهم العلاقة بين أنقرة ولندن، لا بُدّ من العودة إلى سنة 2016، يومَ لعبَت الاستخبارات البريطانيّة دوراً أساسيّاً في كشف المحاولة الانقلابيّة ضدّ إردوغان. وعلى عكس الدّول الأوروبيّة، لم تنتظر لندن أن تنجلي سُحبُ المواجهات في شوارع إسطنبول وأنقرة، بل كانت أوّل دولةٍ أوروبيّة تُعلنُ إدانتها للمحاولة الانقلابيّة. إلى ذلك نأَت بريطانيا بنفسها طوال هذه السّنوات عن دخول السّجال التّركيّ – الأوروبيّ على الرّغم من توالي الأحداث التي أدّت إلى هزّاتٍ في العلاقة بين تركيا ودول أوروبا. التقت مصالح البلديْن حين كفّت الحكومة التّركيّة عن محاولات الانضمام إلى الاتّحاد الأوروبيّ، في وقتٍ كانت بريطانيا أوّل دولةٍ تنسحبُ منه، فكان تلاقي المصالح بين أنقرة النّاقمة على الاتّحاد، ولندن الغاضبة من استنزاف الاتّحادِ لها. ولم يسبق لبريطانيا أن سجّلت أيّ موقفٍ يُعارض دخول تركيا الاتّحاد، وكانت من الدّول الدّاعمة لذلكَ قبل خروجها. لا يقتصر التعاون التّركيّ – البريطانيّ على الأمن والسّياسة، بل يتجاوزهما إلى الدّفاع. إذ وقّعَ الجانبان عام 2017 صفقةً بقيمة 120 مليون دولار لتطوير طائرات حربيّة تركيّة بالشّراكة بين BAE Systems البريطانيّة، وTurkish Aerospace Industries. وذلكَ دعماً لجهود أنقرة من أجل الاكتفاء الذّاتيّ في التّصنيع الحربيّ. كانَ من المُهمّ هذا السرد المُختصر لخلفيّة العلاقة بين لندن وأنقرة لفهمِ الدّور البريطانيّ في توفير 'شبكة الأمان' للحكومة السّوريّة والرّئيس أحمد الشّرع، الذي احتضنته أنقرة طوال وجوده في إدلب على رأس 'هيئة تحرير الشّام' قبل أن يُصبِحَ رئيس الجمهوريّة العربيّة السّوريّة. ابراهيم ريحان -اساس انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة. انضم الآن شاركنا رأيك في التعليقات تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News


النهار
منذ يوم واحد
- النهار
تفاصيل القنبلة السياسية التي فجّرها روبرت فورد... ألغاز أحمد الشرع وتحوّلاته
عاد "لغز" أحمد الشرع إلى الواجهة بعد القنبلة السياسية التي فجرها السفير الأميركي السابق في سوريا روبرت فورد خلال تقديمه محاضرة في مجلس العلاقات الخارجية في بالتيمور الذي يرأسه الصحافي روي غوتمان، الحائز جائزة "بوليتزر". فورد كشف أنه التقى الرئيس الشرع مرات عدة في إدلب، في إطار محاولة غير معلنة لتحويله من عالم الجهاد إلى عالم السياسة، موضحاً أن مؤسسة بريطانية غير حكومية متخصصة في حل الصراعات دعته عام 2023 إلى المساعدة في إعادة تأهيل الشرع. كلام فورد أثار ضجة كبيرة وتساؤلات عما إذا كانت واشنطن ولندن عملتا على إعداد الشرع لقيادة سوريا، بعد تكهنات أولية في هذا الشأن أثارتها الاطلالات الأولى للرئيس السوري عقب وصوله الى قصر الشعب بدمشق في كانون الأول (ديسمبر) الماضي. في حينه، بدت تصريحاته العلنية مدروسة لطمأنة الجمهور الغربي وبعيدة من نمط الخطابات الجهادية، واستبدل زيه العسكري ببدلة وربطة عنق. ووجّه كلامه إلى "سوريين وسوريات". ونال الشرع أخيراً دصة من الإطراءات التي وزعها الرئيس الأميركي دونالد ترامب في جولته الخليجية، إذ قال عنه بعد لقائهما في الرياض إنه "رجل قوي". لم يعلق فورد على التكهنات التي أثارها كلامه. ورد على رسالة من"النهار" بأنه في إجازة. ولكن غوتمان أوضح في مكالمة عبر الفيديو خلفية كلام فورد والسياق الذي جاء فيه. وهنا بعض مما جاء في الحديث: * عملت مع قوى المعارضة السورية السابقة التي وصلت إلى السلطة. هل يمكنك أن تطلعنا تحديداً على ما قاله السفير روبرت فورد بخصوص تدريب شخصيات مثل أحمد الشرع؟ -بصفتي رئيس مجلس بالتيمور للشؤون الخارجية، دعوتُ روبرت فورد لإلقاء كلمة في مجلس بالتيمور، وقد قدّم عرضًا روى فيه علاقته الطويلة بسوريا ولقاءاته القصيرة مع الشرع. أشاد به فورد واصفًا إياه بالبراغماتي المنفتح على وجهات النظر الخارجية، أي الغربية، والذي بدا أنه يتقبّلها. والأهم من ذلك كله، طرح فورد قضية رفع العقوبات الاقتصادية عن سوريا الجديدة. قدّم جميع الأسباب بأسلوب مُقتضب وبشغف. ويبدو أنه أقنع معظم أعضاء المجلس الحاضرين والذين شاهدوا عبر زوم (أكثر من 150 شخصًا). كان قد كتب آراءه في مجلة الشؤون الخارجية قبل شهرين، لكنها لم تستقطب الكثير من الاهتمام. بطريقة ما، بدا حديثه في ذلك المساء (1 مايو/أيار) بمثابة حجة قوية حقًا. وبعد أسبوعين، اتبع الرئيس ترامب نصيحته. شعرنا جميعًا أننا في طليعة صناعة السياسة الخارجية الأميركية. لذا، عندما حُرر الفيديو ونشرناه على موقعنا على يوتيوب بعد حوالي أسبوع، انتشر على نطاق واسع على وسائل التواصل الاجتماعي. كان شرحًا أكثر تفصيلًا ووضوحًا لما يجب فعله مما عرضته الإدارة نفسها عندما اتخذ ترامب القرار. View this post on Instagram A post shared by Annahar Al Arabi (@annaharar) * لكن يبدو أن الولايات المتحدة كانت تعمل منذ زمن طويل على الشرع، وحتى قائد القيادة المركزية الأميركية الأسبق ديفيد بترايوس تحدث عن ذلك أخيراً؟ - احتُجز الشرع لمدة خمس سنوات لدى الأميركيين أو العراقيين. هذه فترة طويلة في السجن. فماذا فعل بالضبط ليُسجن خمس سنوات؟ أحاول معرفة ذلك. أكتب كتاباً عن سوريا وصعود "داعش"، وما زلتُ لا أفهم تماماً ما فعله ليستحق خمس سنوات في السجن. -اتهم بزرع عبوة ناسفة بدائية تحت مركبة جندي أميركي. لكن تم القبض عليه متلبساً ولم تنفجر العبوة. ولكن السؤال هو، ماذا فعل أيضاً؟ هل قتل أميركيين؟ لست متأكداً من أنه كان نشطاً إلى هذا الحد في الحرب. * هل تقول إنه أمضى خمس سنوات في السجن بلا ذنب؟ - هذا هو السؤال. هذا هو جانب الغموض في الرجل. كما قلت، خلال الحرب، كانت محاولة اكتشاف ذلك شبه مستحيلة لأنه لم يكن يتحدث كثيراً. كنا نعرف فقط تحركات قواته ومواقعها والمناطق التي كان يسيطر عليها، ولكن ليس أكثر من ذلك. لذا، هناك الكثير من الغموض حوله، ومن المهم أن نعرف كل ما في وسعنا. *أخبرنا المزيد عما قاله السفير فورد عنه. - وصفه بأنه براغماتي، وقال: إذا كان هذا جهادياً، فهو جهادي غير عادي، لأنه عرّف عن زوجته وعائلته. يتحدث عن منح الجميع حقوقهم واحترامهم، بغض النظر عن انتماءاتهم العرقية أو الطائفية. وقد حظي بإشادة كبيرة. أشاد به كثيراً باعتباره رجلاً عدّل مواقفه بشكل كبير. لكن هذا يثير سؤالًا في حد ذاته. متى تحوّل؟ كيف تحوّل؟ من أين اكتسب هذه الكاريزما التي يتمتع بها الآن؟ أين طوّر مهاراته القيادية؟ كيف حدد نوع الحكومة التي سيُشكّلها؟ إذا نظرنا إلى إدلب، على سبيل المثال، فهي منطقة سورية تُدار بشكل جيد نسبياً، واقتصادها فعّال. * ألم يقدم السفير فورد إجابة عن هذه الأسئلة؟ - لا أعتقد ذلك، لأن فورد، التقاه مرات، ولكن في السنوات الأخيرة. أعتقد أن التحول حدث قبل ذلك. أظن أنه حدث في إدلب. * أو ربما منذ أبو غريب؟ أو هل أُخرج من سوريا؟ -ربما حدث ذلك في أبو غريب ومعسكر بوكا. الأمر مثير للاهتمام للغاية. أُطلق سراحه من السجون الأميركية أو العراقية، في أوائل آذار /مارس2011، على ما أعتقد. وكان ذلك قبل أيام قليلة من اندلاع الثورة السورية. لم يأتِ مباشرةً، بل نظّم خلال ثلاثة أشهر مجموعة صغيرة من الرجال للعبور إلى سوريا والجهاد هناك. حسنًا، أين اكتسب هذه المهارة القيادية؟ لا أعتقد أنها كانت خلال قتاله ضد الأميركيين على الأرض، لأنني لست متأكداً من أنه كان يقاتلهم لفترة طويلة. هل اكتسبها في معسكر بوكا؟ حسناً، بالطبع، التقى الكثيرين وصُنّف هناك كعراقي، ووُضع مع عناصر "القاعدة" العراقيين. هل علّموه مهارات القيادة؟ سيكون من المثير معرفة ذلك، فهو يمتلك سيرة ذاتية فريدة. وسيكون من المفيد جداً معرفة مصدر هذه القدرة القيادية. لأنه إذا نظرت إلى الحرب السورية بأكملها، وجميع القادة الذين كانوا هناك، لم يضاهي أحد الجولاني في الإدارة، وفي إدارة قواته، وفي تطوير منطقة مثل إدلب، ثم العمل مع الجهاديين، والعمل مع المعتدلين، ومع فصائل أخرى في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي وفي كانون الأول/ ديسمبر ووضع خطة للسيطرة على حلب. أعني، حلب كانت مدينة كبيرة، كانت واحدة من أكثر العمليات سلاسة التي سمعت عنها في حياتي. لا أعتقد أننا نعرف حتى كل تفاصيل نجاحها. عقوبات * كيف تقرأ قرار الرئيس دونالد ترامب رفع العقوبات عن سوريا وهل تعتبره متسرّعاً؟ -إنه قرار تاريخي. موقف ترامب كان غريباً حتى الآن. كان يريد السيطرة على غرينلاند وضم كندا ويرى أن سوريا تتخبط في الفوضى ولا يريد التدخل فيها، لذا ما حصل الأسبوع الماضي شكل عودة إلى الواقع. مدّ يده إلى الشرع، وتمنى له بشكل أساسي أن تزدهر سوريا. هذا رائع، إنه تحوّل كبير. * هناك من اعتبر القرار متسرعاً كون السلطات الجديدة في سوريا لم تُطبّق بعد بعض الإصلاحات التي طالب بها الغرب. -لا يُمكن إصلاح كل شيء دفعةً واحدة. أعني، سوريا في وضع كارثي، وعزلتها عن العالم وعن النظام المصرفي العالمي تعقد الوضع. لكن أعتقد أن هناك أملًا الآن. أحد المطالب إبعاد المقاتلين الأجانب عن حكومته وجيشه. إنها مهمةٌ كبيرةٌ جداً، ويجب القيام بها بحذرٍ شديد، وإلا قد تحدث ثورةٌ وعنفاً وفوضى. وأعتقد أن الشرع أظهر أن ما يريده هو التفاوض على النتائج بدلًا من فرضها بالقوة. لذا سيستغرق الأمر وقتاً. *هل كان وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو يحاول أمس إقناع الكونغرس برفع العقوبات عندما قال إن سوريا على وشك الانهيار؟ -معظم العقوبات تفرضها السلطة التنفيذية، لا الكونغرس. وأعتقد أن القضايا المتعلقة بالقطاع المصرفي تقع في المقام الأول على عاتق السلطة التنفيذية. أعتقد أن روبيو كان يقول الأمور بصراحة شديدة للفت انتباه الكونغرس، لأن هناك جدلاً بين المسؤولين الكبار في الإدارة حول مكان مثل سوريا يتزعمها شخص كان عضواً في تنظيم "القاعدة" في مرحلة ما. * بناء على متابعتك للسياسة الخارجية، ما هي الآلية التي يجب أن يتم بموجبها رفع العقوبات من دون فقدان أدة الضغط لتحقيق اكتمال الانتقال السياسي في سوريا؟ -من الممكن رفعها شرط الوفاء بشروط معينة خلال فترة زمنية محددة. كما تعلمون، تختلف الصياغة باختلاف كل مجموعة من العقوبات، لكنها في الواقع أداة قاسية للغاية. وقد حققت غرضها. سوريا شهدت ثورة، وتحولًا، وما حصل هو أفضل ما حدث في المنطقة منذ فترة طويلة جداً. لذا يجب الاعتراف بذلك، وقبوله، ودعمه، ثم العمل بكل الوسائل الديبلوماسية المتاحة لتحقيق الأهداف.


بيروت نيوز
منذ يوم واحد
- بيروت نيوز
بعد القرار الاوروبي مراجعة اتفاقية الشراكة المبرمة مع اسرائيل.. ردّ عنيف من تل ابيب
ردّت إسرائيل بعنف، مساء الثلاثاء، على الانتقادات الشديدة التي وجّهها إليها الاتّحاد الأوروبي بسبب الوضع في غزة وقراره مراجعة اتفاقية الشراكة المبرمة بين الطرفين، معتبرة أنّ الأوروبيين يعانون من 'سوء فهم تامّ للواقع المعقّد الذي تواجهه'. وقالت وزارة الخارجية الإسرائيلية في بيان نشره المتحدّث باسمها أورين مارمورشتاين على منصة إكس: 'نحن نرفض تماما توجّه' مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس 'الذي يعكس سوء فهم تامّا للواقع المعقّد الذي تواجهه إسرائيل (..) ويشجّع حماس على التمسّك بمواقفها'. وفي وقت سابق، قررت مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، إصدار أمر بمراجعة اتفاق الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل، وهو اتفاقية للتجارة الحرة بين الطرفين، وذلك على خلفية حظر تل أبيب دخول المساعدات إلى غزة. ونقلت وكالة الأنباء الهولندية (إيه.إن.بي) عن وزير الخارجية الهولندي كاسبار فيلدكامب قوله إن هذا الأمر جاء في أعقاب قرار إسرائيل حظر دخول المساعدات إلى غزة. يأتي ذلك بعد أن حشدت هولندا ما يكفي من الدعم لمقترحها بمراجعة اتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل بسبب استمرار الأخيرة في توسيع عملياتها العسكرية في قطاع غزة ومنع إدخال المساعدات. (سكاي نيوز)