
هل يمكن لكل من إيران وإسرائيل وأميركا أن تدعي النصر؟
لم يسفر رد إيران على الهجمات على منشآتها النووية عن مقتل أي أميركي، ويرى المحللون الآن فرصة لوقف إطلاق النار، حيث تمتلك كل من طهران وتل أبيب وواشنطن رواية يمكنها أن تقدمها كدليل على أنها هي المنتصر، وفقا لتحليل بصحيفة نيويورك تايمز.
وجادل التحليل بأن إيران كانت تبحث عن مخرج حتى قبل أن تطلق أي صواريخ تجاه أعدائها، مشيرا إلى أن الغارات الأميركية على 3 منشآت نووية رئيسية داخل إيران مساء السبت الماضي شكلت ضربة خطيرة أخرى لإيران بعد أسبوع من الهجمات الإسرائيلية التي ألحقت أضرارا جسيمة بالقيادة العسكرية والبنية التحتية لهذا البلد.
ونقلت فرناز فاسيحي، مديرة شؤون الأمم المتحدة في صحيفة نيويورك تايمز، عن 4 مسؤولين إيرانيين مطلعين على مجريات التخطيط للحرب أن إيران كانت بحاجة إلى حفظ ماء وجهها عندما أصدر مرشدها الأعلى آية الله علي خامنئي"من داخل مخبأ محصن" أمرا بالرد على الهجوم الأميركي.
لكن هؤلاء المسؤولين أنفسهم الذين لم يكن مصرحا لهم بالتحدث علنا عن خطط الحرب في إيران، ذكروا أن خامنئي أرسل أيضا تعليمات بأن يتم احتواء الضربات لتجنب الدخول في حرب شاملة مع الولايات المتحدة.
ونسبت الكاتبة إلى تلك المصادر القول إن إيران أرادت توجيه ضربة لهدف أميركي لكنها كانت حريصة أيضا على تلافي المزيد من الهجمات الأميركية.
وطبقا لتحليل فاسيحي، فقد اختار الحرس الثوري الإيراني قاعدة العديد الجوية لسببين، موضحة -نقلا عن عضوين في الحرس الثوري – أن السبب الأول يكمن في الاعتقاد بأن العديد التي تعد أكبر قاعدة عسكرية في المنطقة شاركت في تنسيق الغارات الأميركية التي شُنت بقاذفات قنابل من طراز "بي-2" على المنشآت النووية الإيرانية مطلع الأسبوع الحالي.
أما السبب الثاني، فهو أن المسؤولين الإيرانيين آثروا أن تكون الأضرار في حدها الأدنى نظرا لوجود القاعدة الأميركية في قطر، التي تصفها الكاتبة بأنها حليف مقرب من طهران.
وأشارت فاسيحي -وهي أميركية من أصول إيرانية- إلى أن التلفزيون الرسمي الإيراني ظل يبث أناشيد وطنية على خلفية لقطات لصواريخ باليستية كانت تضيء سماء قطر، في وقت كان فيه المذيعون يتحدثون بشكل "متكلف" عن مجد إيران وانتصارها في الحرب مع قوى الاستكبار.
غير أن المشهد خلف الكواليس كان مختلفا، حسبما ذكر المسؤولون الإيرانيون الأربعة للصحيفة، إذ قالوا إن القادة الإيرانيين كانوا يأملون أن يقنع هجومهم المحدود على القاعدة الجوية وتحذيرهم المسبق الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالتراجع لكي يتسنى لهم أن يحذو حذوه.
كما أعرب أولئك القادة عن أملهم في أن تضغط واشنطن على إسرائيل لإنهاء غاراتها الجوية على إيران، والتي بدأت قبل الهجوم الأميركي على المواقع النووية بوقت طويل، وكانت مستمرة حتى ليلة الاثنين، وفقا لسكان طهران.
وزعم أحد المسؤولين الإيرانيين الذين استقت الكاتبة المعلومات منهم، أن الخطة التي وضعتها طهران قبل أن تطلق النار على قاعدة العديد، لم تكن تهدف إلى قتل أي أميركي خشية أن يدفع ذلك الولايات المتحدة إلى الانتقام ويزيد أوار الهجمات.
وفي تقدير فاسيحي أن الخطة قد نجحت على ما يبدو؛ حيث صرح الرئيس ترامب بأن 13 من أصل 14 صاروخا إيرانيا أُطلق على قاعدة العديد لم يسفر عن قتل أو جرح أي أميركي، وأن الأضرار كانت ضئيلة.
وفي تصريح لافت -كما يصفه المقال التحليلي- شكر ترامب إيران على "إعطائنا إخطارا مبكرا، الأمر الذي لم يُتح فرصة لفقدان أي أرواح أو إصابة أي شخص". وبعد فترة وجيزة، أعلن الرئيس الأميركي أن وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل بات وشيكا.
روايات النصر المتضاربة
وبحسب مقال نيويورك تايمز، التقط المحللون هذه التصريحات ليقولوا إنها أتاحت فرصة جيدة لوقف إطلاق النار. فقد قال مدير مكتب إيران في مجموعة الأزمات الدولية علي واعظ إن لكل طرف الآن روايته الخاصة التي يدعي فيها تحقيق الانتصار في حين يتجنب الانزلاق في صراع أكبر مع ما يترتب عليه من عواقب وخيمة على المنطقة وخارجها.
وأضاف أن بإمكان الولايات المتحدة أن تقول إنها أضعفت برنامج إيران النووي، وأن تؤكد إسرائيل أنها أنهكت إيران، في حين تستطيع إيران بدورها أن تقول إنها صمدت وتصدت لقوى عسكرية أقوى بكثير.
وقال رئيس حزب التنمية الوطنية في طهران صادق نوروزي إن الشيء الوحيد الذي لا تريده إيران في الوقت الحالي هو حرب متعددة الجبهات على نطاق أوسع لا تؤخذ عواقبها بعين الاعتبار.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 44 دقائق
- الجزيرة
"إف بي آي" كثف التركيز على مكافحة الإرهاب بعد ضربة إيران
أفادت رويترز -نقلا عمن وصفتهما بمصدرين مطلعين- بأن مكتب التحقيقات الفدرالي (إف بي آي) كثف جهوده لمراقبة التهديدات المحتملة من إيران بعد قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب مهاجمة منشآتها النووية. وذكر المصدران أن مسؤولين بمكتب التحقيقات الفدرالي أبلغوا بعض الموظفين الأيام الماضية بأنه سيتم إعفاؤهم من تكليف بتخصيص جزء من وقتهم لإنفاذ قوانين الهجرة، وذلك بالنظر لارتفاع مستوى التهديد من إيران. ويتعلق الأمر بالموظفين العاملين في مجالات مكافحة الإرهاب ومكافحة التجسس والأمن الإلكتروني الذين يعملون على ملفات مرتبطة بإيران. وأفاد أحد المصدرين بأن المكاتب الميدانية لمكتب التحقيقات في شيكاغو ولوس أنجلوس وسان فرانسيسكو ونيويورك وفيلادلفيا ألغت نوبات عمل الموظفين المخصصة للعمل على قضايا الهجرة. ورفض متحدث باسم مكتب التحقيقات التعليق على الأمر، لكنه قال في بيان: "إننا نقوم باستمرار بتقييم وإعادة تنظيم مواردنا للتعامل مع التهديدات الأكثر إلحاحا لأمننا القومي ولضمان سلامة الشعب الأميركي". وردّت إيران على الضربات الأميركية بشن هجوم صاروخي على قاعدة جوية بها قوات أميركية في قطر -أول أمس الاثنين- دون أن يسفر الهجوم عن وقوع إصابات. وبدا أن وقف إطلاق النار، الذي أنهى أياما من الحرب المفتوحة بين إسرائيل وإيران، قد صمد أمس الثلاثاء بضغط من ترامب. ومع ذلك، عبر مسؤولون أميركيون عن قلقهم من احتمال سعي إيران للرد على الأراضي الأميركية. وقال مصدر إن مكتب التحقيقات الفدرالي قلق بشكل خاص من إمكانية توجيه إيران لعملاء موجودين بالفعل في الولايات المتحدة لشن هجمات.


الجزيرة
منذ 44 دقائق
- الجزيرة
الخارجية الأميركية تؤكد ثقتها باستمرار وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل
أكدت الخارجية الأميركية، أمس الثلاثاء، ثقتها في استمرار وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل، والذي تم التوصل إليه بعد وساطة مباشرة من الرئيس دونالد ترامب ، عقب تصعيد عسكري غير مسبوق بين الطرفين استمر 12 يوما. وقالت المتحدثة باسم الوزارة تامي بروس -خلال المؤتمر الصحفي اليومي- إن الرئيس "كان يؤمن منذ البداية أن الدبلوماسية قادرة على إنهاء الحروب، وقد بنى إستراتيجيته على هذا الأساس". وردا على سؤال حول إمكانية رفع العقوبات عن إيران إذا ما استمرت التهدئة، أوضحت بروس أن "العملية سريعة ومتغيرة" مشددة على أن "اتخاذ القرار بهذا الشأن سيكون وفق إستراتيجية تحقق مصالح الولايات المتحدة". وفي معرض ردها على سؤال بشأن اتهامات إيرانية لواشنطن باستخدام المفاوضات النووية غطاء للهجمات الإسرائيلية، امتنعت بروس عن الرد المباشر، مكتفية بالقول "هذا سؤال لا يمكنني الإجابة عنه إطلاقا". واختتمت المتحدثة الأميركية تصريحاتها بالتشديد على أن "الرئيس ترامب يتحرك كمبعوث سلام وأن هذا النهج سيتواصل". وكانت إسرائيل شنت في 13 يونيو/حزيران عدوانا واسع النطاق على إيران استمر 12 يوما، استهدفت خلاله مواقع عسكرية ونووية ومنشآت مدنية، إضافة إلى اغتيال قادة عسكريين وعلماء نوويين. وردّت إيران بهجمات صاروخية وطائرات مُسيرة على مواقع عسكرية واستخبارية إسرائيلية، مخترقة منظومات الدفاع الجوية. وفي ذروة التصعيد، شنت الولايات المتحدة ضربات على منشآت نووية داخل إيران، مدعية أنها أنهت برنامج طهران النووي، مما دفع طهران للرد بقصف قاعدة العديد في قطر. وفي 24 يونيو/حزيران، أعلنت واشنطن التوصل إلى وقف لإطلاق النار بين إسرائيل وإيران، بموافقة الطرفين، بعد وساطة قادها ترامب شخصيا، وسط إشارات متزايدة إلى رغبة الأطراف الدولية في احتواء التصعيد.


الجزيرة
منذ 4 ساعات
- الجزيرة
إيران لم تسقط وإسرائيل تجاهلت دروس التاريخ
كانت ساعةُ الفجر في بغداد يوم 17 يناير/كانون الثاني 1991 أشبه بدقّةِ ناقوسٍ لا يعلن بداية يومٍ جديد، بل نهاية عصر ماض، أو هكذا ظن الأمريكيون. استيقظت المدينة على وميضٍ متواصلٍ في السماء تُقطّعه أصواتُ صواريخ " توماهوك" وهي تشقُّ السماء فوق نهر دجلة كسهامٍ مضيئة، قبل أن تنفجر في أهدافها تحت سحابةٍ من الدخان الفوسفوري الذي عانى منه العراقيون لعقود لاحقة. على أسطح المنازل كان الناس يحدّقون مشدوهين إلى أشباح الطائرات الأميركية وهي تُنزل حمولةً لا تنتهي من القنابل "الذكية"، فيما يؤكد ممثلو النظام العراقي أن العدوّ سيندحر عن أسوار بغداد. كان المخطِّطون في البنتاغون يعتقدون أنَّ هذه "الجريمة" من الجو، والتي ستستمر 43 يومًا متواصلة وتُدمِّر شبكات الكهرباء والجسور ومقارَّ حزب البعث الحاكم ستُحدث شرخًا يخلع صدام حسين من كرسيّه أو يدفع ضباطه إلى الانقلاب عليه. بيد أن رهان القصف لإسقاط النظام فشل تمامًا. فبعد أن خمد أزيز الطائرات وأُعلن وقفُ إطلاق النار، خرج صدام من ملجأه المحصَّن ليتجوَّل في الأزقة المتربة، سيجارته بين أصابعه وابتسامةُ التحدّي على وجهه، ولسان حاله يقول أنّ السلطة لا تُنتزع من الجوّ. ظلّت صورته مُعلَّقةً على المباني المنهارة، وظل نظامه قادرًا على حكم العراق لاثني عشر عامًا أخرى. تبدو الحالة العراقية متشابهة مع ما يتمناه الإسرائيليون بشأن إيران. فمع انطلاق الحملة الجوية الإسرائيلية ضد إيران فجر الجمعة 13 يونيو/حزيران الحالي، أكدت الحكومة الإسرائيلية رسميًّا أن العملية تهدف إلى "كبح القدرات الإيرانية ومنع تهديدات مباشرة لإسرائيل"، مشيرة صراحة إلى برنامج إيران النووي، وزاعمة أن إيران كانت تقف على بعد "أمتار قليلة" من صناعة قنبلة نووية. لكن دلالات ميدانية ورمزية أثارت تساؤلات جدية حول النية الحقيقية وراء التصعيد الإسرائيلي التي من الواضح أنها تتجاوز القضية النووية. فطبيعة الأهداف التي شملت اغتيالات واسعة لمسؤولين إيرانيين، واتساع نطاق الهجمات ليشمل منشآت عسكرية لا علاقة لها بالبرنامج النووي فضلا عن منشآت إدارية ومدنية يعزز الانطباع بوجود أهداف أوسع للعملية، وهو ما يفيده أيضا اسم " الأسد الصاعد" الذي أطلقته إسرائيل على عمليتها، وهو اسم لا يستبطن أبعادا توراتية فقط، بل يستحضر أيضا علَم دولة إيران قبل الثورة الإسلامية الذي يتوسطه أسد يرمز للقوة، وكأنها دعوة ضمنية إلى استعادة ماضي إيران غير البعيد. وقد قطع رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو نفسه الشك باليقين حين وجه دعوة إلى الشعب الإيراني للثورة ضد حكومته، ولوّح باغتيال المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي ، مما يعني أن الضربة الإسرائيلية صُمّمت منذ البداية لتقويض النظام الإيراني ولو جزئيا. وقد فسر العديد من المحللين في إسرائيل وخارجها استهداف حكومة نتنياهو مراكز القيادة والسيطرة الإيرانية بأنه يهدف إلى "زعزعة الوضع الداخلي" على أمل أن يتسبب ذلك في انهيار النظام ذاتيا أو تسهيل انقلاب عليه من داخل هرم السلطة. وهي إستراتيجية تُراهن، كما في تجارب تاريخية عديدة، على فعالية الإكراه الجوي في تحقيق مكاسب سياسية كبرى دون الحاجة إلى اجتياح بري أو الدخول في مواجهة شاملة. فهل يكفي الضغط من الجو لإجبار النظام الإيراني على التراجع أو السقوط؟ وهل تعي إسرائيل دروس التاريخ، حين تعلّق هذا القدر من الطموح على أجنحة الطائرات؟ ثلاثة أوجه للقصف في كتابه "القصف من أجل الفوز: القوة الجوية والإكراه في الحرب"، والذي نُشر قبل قرابة عشرين سنة، ولم يُلتفت إليه باللغة العربية، يفكك أستاذ العلوم السياسية بجامعة شيكاغو الأميركية روبرت بيب (Robert Pape)، التصور السائد بشأن قدرة القصف الجوي وحده على إسقاط النظم المعادية أو حتى إكراه العدو على تغيير سلوكه السياسي، وهو التصور الذي ترسخ في وعي القوى الكبرى منذ الحرب العالمية الثانية. فبعد دراسته لأربعين حملة قصف جوي، في فترة ما بين الحرب العالمية الثانية (1939 – 1945) حتى حرب الخليج الأولى عام 1991، خلص بيب إلى "حقيقة" مفادها أن الغارات الجوية نادرًا ما تُحقّق أهدافًا سياسية كبرى بمفردها. فهي قد تُضعف العدو أو تؤخّر تقدّمه، لكنها لا ترغمه على الاستسلام أو تقديم تنازلات جوهرية، ما لم تقترن بضغط عسكري بري أو تهديد وجودي مباشر. ويفصل بيب في تحليله بين ثلاث إستراتيجيات رئيسية لاستخدام القوة الجوية، لكل منها منطقها وأهدافها، لكن فاعليتها تختلف باختلاف طبيعة الصراع. الأولى هي إستراتيجية العقاب (Punishment)، وفيها يستهدف القصف البنية التحتية المدنية والأفراد المدنيين بغرض رفع تكلفة الحرب على المجتمع، وإيلامه لدرجة تدفعه إلى الضغط على القيادة السياسية للتراجع أو الاستسلام. أي أن القوة المعتدية تراهن في هذا الحالة على إرهاق خصمها اجتماعيا وتحويل السخط الشعبي إلى أداة ضغط داخلي على صانع القرار. ويُفرّق بيب -داخل إستراتيجية العقاب- بين نمطين: الأول هو "العقاب الأقصى"، الذي يستهدف تدميرا شاملا ومباشرا للمناطق السكنية والتجارية، باستخدام ذخائر حارقة وهجمات ليلية مكثفة لإحداث صدمة سريعة. أما الثاني، فهو عقاب تدريجي أو "حملة مخاطر"، يتم تصعيد القصف خلالها تدريجيًّا من أهداف مدنية أقل أهمية نحو أهداف أشد إيلامًا، مع فترات توقّف لإتاحة فرص دبلوماسية. أما الإستراتيجية الثانية فهي إستراتيجية الحرمان (Denial)، وتركز على استهداف القدرات العسكرية واللوجستية للعدو، بهدف منعه من استغلال هذه القدرات لتحقيق مكاسب ميدانية أو متابعة عملياته القتالية. وبعبارة أخرى، تسعى هذه الإستراتيجية إلى إفقاد العدو القدرة "المادية" على تحقيق النصر وتقويض إستراتيجيته القتالية، وهو ما يضعف بالتبعية الإرادة اللازمة لمواصلة القتال. وأخيرا تأتي الإستراتيجية الثالثة وهي قطع الرأس (Decapitation)، وتقوم على توجيه ضربات دقيقة ومركّزة إلى مراكز القيادة والسيطرة، أو اغتيال القادة السياسيين والعسكريين، بهدف إرباك منظومة الحكم أو تعطيل سلسلة القيادة والاتصال، بما يؤدي إلى شلل في اتخاذ القرار أو انهيار مبكر للبنية القيادية. وفي الحالة الإيرانية، تُظهر الضربات الجوية الإسرائيلية ميلًا إلى المزج بين إستراتيجيات العقاب والحرمان وقطع الرأس، دون التزام واضح بإحداها. وعلى عكس ما قد يبدو ظاهريا من أن ذلك يمنح الحملة الجوية شمولية ويجعلها أقدر على تحقيق أهدافها، فإن ما يفعله هذا "التشتت" واقعيا هو إضعاف جدوى "الإكراه الجوي"، والأهم أنه يكشف عن عدم وجود إستراتيجية متماسكة للحملة الجوية من الأصل. ولا تختلف الضربات الإسرائيلية عن الضربات الأميركية من حيث التأثير وان اختلفت من حيث الشدة. فقد أظهر القصف الأميركي الذي استهدف منشآت فوردو ونطنز وإصفهان النووية، المدى الذي تستطيع القوة الجوية الأميركية أن تبلغه. فقد حلّقت سبع قاذفات شبحية من طراز B-2 في رحلةٍ ذهابٍ وإيابٍ طولها 14 ألف ميل انطلاقاً من ولاية ميزوري، وألقت أربع عشرة قنبلة خارقة للتحصينات زنة كلٍّ منها 30 ألف رطل، بينما أطلقت غواصةٌ صواريخ توماهوك وقدّمت أكثر من 125 طائرةً أخرى الحماية الجوية والتزود بالوقود والتشويش. ومع غارة بهذا التعقيد والدقة والحجم، قد يفترض البعض خطأً أن النتائج ستكون مختلفة. إذ لم يحقق التفوّق الجوي الأميركي انتصاراتٍ حاسمة في العراق أو أفغانستان أو حتى في الحملة ضد جماعة أنصار الله الحوثيين باليمن. احتلالُ الأرض وإعادةُ بناء الدول يظلان مهمّتين أساسيتين -ومكلفتين سياسياً- لا تستطيع الضربات الجوية وحدها إنجازهما. هذا ما قاله ماكس بوت، المؤرخ والخبير في الجغرافيا السياسية في مقال نشره على موقع مركز العلاقات الخارجية الأمريكية. يرى بوت أنّ إيران، على الأرجح، لن ترضخ أو توقّع على استسلامٍ غير مشروط كما يطالب ترامب. ويؤكد أن طهران تستطيع كسب الوقت، وتنفيذ ردودٍ محدودة، ثم إصلاح منشآتها النووية أو إعادة تشغيلها. ولا معنى للتعويل على غضب شعبي يطيح بالنظام، إذ أنّ الشعوب تحت القصف تميل إلى الالتفاف حول حكوماتها أكثر من الإطاحة بها. فبحسب تحليله لعشرات من حملات القصف عبر التاريخ، يرى بيب أن "إستراتيجية الحرمان" هي الأكثر قابلية للنجاح، شريطة أن تُنفّذ بدقة شديدة، وتستهدف مفاصل القوة العسكرية للعدو، مثل مراكز القيادة، وخطوط الإمداد، أو البنية اللوجستية. أما ضرب الرموز أو المدنيين بمعزل عن عرقلة قدرة العدو الفعلية على تنفيذ إستراتيجيته، فلا يؤدي غالبًا إلى التراجع أو تقديم تنازلات، بل قد يُعزز تماسك النظام داخليًّا ويزيد من التفاف الشعب حول القادة السياسيين. ويستشهد روبرت بيب بأدبيات علم الاجتماع، التي تُشكك في فعالية إستراتيجية العقاب، خاصة تلك التي تفترض أن المعاناة الاقتصادية أو النفسية ستدفع الشعوب إلى الضغط على أنظمتها. فالدراسات تُظهر أن الحرمان قد يُولّد مشاعر إحباط فردي، لكنه لا يترجم بالضرورة إلى تمرّد جماعي أو ثورة، لأن التعبئة ضد النظام تتطلب اغترابًا سياسيًّا عميقًا، لا مجرد ألم معيشي. بل إن القصف، كما تقول الأبحاث، يُنتج في الغالب غضبًا اتجاه المهاجم أكثر من النظام، ويُحفّز استجابات تركز على النجاة وليس على المقاومة. الإكراه لا الإخضاع يبني روبرت بيب نظريته حول استخدام القوة الجوية على مبدأ بسيط لكنه حاسم، فالمسألة لا تتعلق فقط بامتلاك القدرة على توجيه الضربات، بل بكيفية توظيف هذه القدرة بما يؤدي إلى تغيير سلوك العدو. فالقصف في حد ذاته لا يضمن النجاح، إن لم يُستخدم ضمن تصور إستراتيجي يُراعي طبيعة الخصم وأهدافه، وسقف ما يمكن تحقيقه واقعيا. في هذا الإطار، يُميّز بيب بين مفهومين جوهريين في استخدام القوة، هما: الإكراه (Coercion) والإخضاع عبر القوة الغاشمة (Brute Force). ويشير الإكراه إلى استخدام القوة بهدف التأثير في سلوك الخصم دون تدميره، من خلال تعديل حساباته حول التكلفة والفائدة، أي عبر دفعه إلى إعادة النظر في أفعاله برفع تكلفة استمراره في إتيان سلوك ما أو تقليل جدوى ما يقوم به، دون حاجة إلى تجريده من قدراته كليًّا. في حالة الإكراه، يظل الخصم إذن قادرا على القتال أو المقاومة، لكنه يختار التراجع لأن تكلفة القتال أصبحت أكبر من العائد. أما الإخضاع، فيعني ببساطة تحطيم العدو تمامًا حتى يفقد قدرته على المقاومة، مثلما يحدث عند اجتياح بلد وإنهاء جيشه ونظامه كليًّا. وتكمن ميزة الإكراه في قدرته على تحقيق أهداف سياسية دون الحاجة إلى نصر عسكري شامل، عبر دفع الخصم إلى تقديم تنازلات بأقل تكلفة ممكنة للطرفين (وللطرف المعتدي على وجه الخصوص). في المقابل، تمثل القوة الغاشمة نهجًا يقوم على تحطيم العدو ميدانيًّا أولًا، ثم فرض الشروط السياسية عليه وهو في حالة عجز تام. في هذا النموذج، تكون الحكومة المهزومة قد فقدت كل قدرة تنظيمية على المقاومة، ولم يعد بالإمكان الحديث عن عملية إقناع أو ضغط، لأن الخصم ببساطة لم يعد قادرًا على الرفض. وفق ذلك السيناريو لا يُعد ما يحدث في تلك الحالة إكراهًا بالمعنى الحقيقي، لأن المنتصر دفع بالفعل تكلفة الحرب كاملة من أجل الوصول إلى هذه النتيجة. فإذا لم تتحقق التنازلات إلا بعد سحق العدو تمامًا، فذلك لا يُسمى إكراهًا، بل إخضاعًا بالقوة. وفي هذا السياق ينتقد بيب ما تروّج له بعض مدارس القوة الجوية الحديثة، التي تعوّل على دقة القصف والتكنولوجيا المتقدمة كأدوات قادرة على حسم المعارك من الجو وحده، إذ يؤكد أن النجاح في الإكراه العسكري لا يُقاس بمدى القدرة على الضرب فحسب، بل بمدى فهمك لأهداف العدو، وسُبل منعه من تحقيقها بأقل تكلفة ممكنة. وهنا يبرز ما يسميه بيب "الإكراه عبر الحرمان"، وهو شكل من الضغط العسكري يهدف إلى منع العدو من تحقيق أهدافه الإستراتيجية، لا مجرد إيذائه أو رفع تكلفة صموده. فالهدف ليس إلحاق ضرر بالخصم لأجل الضرر، بل حرمانه من أي أمل في النجاح العسكري، وإظهار أن تكاليف الاستسلام أقل من تكاليف المقاومة، بما يدفعه إلى إعادة تقييم الموقف والتراجع طواعية. وعندما يدرك العدو أن استمرار القتال لن يجلب له مكاسب حقيقية، بل سيؤدي إلى خسائر فادحة أو طريق مسدود، فقد يختار التراجع حتى دون انهيار سياسي أو تدمير شامل. وهكذا تتحقق أهداف الحرب لكن بتكلفة أقل على كلا الجانبين. كما أن هذا النوع من الإكراه يمنح الخصم مخرجًا من الأزمة دون إذلال، وهو ما يجعله، في نظر بيب، أكثر قابلية للنجاح في النزاعات المعقدة من القصف العقابي أو محاولات الإخضاع المباشر. أضف إلى ذلك أن القصف الجوي، مهما بلغت دقته أو شدته، لم يؤدِّ في أي حالة موثقة إلى إسقاط نظام حكم بمفرده، من دون أن يصاحبه غزو بري أو انهيار داخلي حاسم. ففي أفضل الأحوال، قد يدفع القصف قادة العدو إلى تراجع تكتيكي أو توقيع هدنة لحماية ما بقي من مقدراتهم، لكنه نادرًا ما يُفضي إلى التخلي عن السلطة أو تغيير جذري في التوجهات السياسية. ولعل نماذج أخرى أحدث تؤكد هذه النتيجة، منها ما جرى في ليبيا عقب اندلاع الثورة الليبية ضد معمر القذافي في فبراير/شباط 2011. إذ أن الضربات الجوية لم يكن لها أن تؤدي إلى إسقاط النظام الليبي من غير النجاحات التي حققها المقاتلون المعارضون للقذافي على الأرض. يُفسّر بيب هذا النمط بتركيبة صناعة القرار داخل الدول الواقعة تحت الضغوط القصوى، موضحًا أن القادة، خاصة في الأنظمة السلطوية أو ذات الطابع التعبوي، يدركون جيدًا أن الاستسلام تحت ضغط القصف لا يعني فقط الهزيمة السياسية، بل تهديدًا مباشرًا لبقائهم الشخصي، وربما لحياتهم. من هنا، يُفضل العديد منهم المواصلة في القتال رغم التكاليف، على أمل الصمود أو قلب الموازين لاحقًا، لا سيما حين تغيب الضغوط البرية. المطرقة وحدها لا تكفي يستحضر بيب أمثلة عدة تدلل على وجهة نظره، ففي حرب فيتنام ، شنت الولايات المتحدة حملتين جويتين رئيسيتين ضد الشمال، بهدف إجباره على وقف تسلل المقاتلين والإمدادات إلى الجنوب وإجبار هانوي على التفاوض على تسوية سلمية. إعلان سُمِّيت الحملة الأولى "الرعد المتدحرج" (Rolling Thunder) وكانت في عهد الرئيس جونسون. وركّزت خلالها الولايات المتحدة على التصعيد التدريجي للضربات الجوية، بما يشمل استهداف البنية الصناعية وأحيانًا منشآت مدنية. تنقّلت هذه الحملة بين ثلاث إستراتيجيات دون التزام واضح بإحداها، هي: العقاب من خلال ضرب أهداف مدنية، والحرمان عبر استهداف البنية العسكرية واللوجستية، والتصعيد الرمزي لإيصال رسائل ضغط سياسي. غير أن الحملة فشلت في تحقيق أهدافها، إذ كانت فيتنام الشمالية ترى في دعم الجنوب قضية وطنية لا يمكن التنازل عنها، كما أظهرت قدرة لافتة على التكيف مع القصف بفضل بساطة بنيتها التحتية وتدفق الدعم العسكري والاقتصادي من الصين والاتحاد السوفياتي. أما الحملة الجوية الثانية "لاينباكر" (Linebacker)، فكانت أكثر تركيزًا على إضعاف القدرات الميدانية من خلال هجوم تقليدي واسع، وحققت نجاحًا نسبيًّا لأنها جاءت متزامنة مع ضغط بري جنوبي، وتطور في شكل الصراع. ويؤكد بيب أن النجاح النسبي لهذه الحملة لم يكن نتيجة دقة الضربات فحسب، بل بسبب تطابق الإستراتيجية الأميركية مع نقاط الضعف الحقيقية للعدو، على عكس حملة الرعد التي استهدفت المدنيين والبنى الهشة، دون التأثير فعليًّا في قدرة العدو على القتال. والدرس الأساسي المستفاد من فيتنام، كما يراه بيب، هو أن القصف الجوي وحده، حتى وإن كان مكثفًا، لا يكفي لتغيير القرار السياسي للخصم، ما لم يُدمج ضمن إستراتيجية متعددة الأبعاد تُضعف قدرة العدو على القتال وتعرضه لخسائر حقيقية في ميدان المعركة. أما في حرب الخليج الثانية (1991)، فقد اعتمدت الولايات المتحدة على حملة جوية ضخمة استمرت ستة أسابيع تحت اسم عملية "الرعد الفوري"، لجأت في بدايتها إلى إستراتيجية قطع الرؤوس التي راهنت بها على حسم الصراع جوًّا فقط، عبر استهداف القيادة العراقية ومراكز الاتصال والأمن الداخلي والبنية التحتية الحيوية. ورغم الأضرار الفادحة التي لحقت بشبكات الطاقة والنفط والاتصالات، فشلت هذه الحملة في تحقيق أهدافها، كما لم تفضِ إلى تمرد داخلي أو انهيار للنظام. ومع تعثر المرحلة الأولى انتقل التحالف إلى إستراتيجية "الحرمان"، التي انطلقت فعليًّا في الأسبوع الثاني. وركزت هذه الحملة على تقويض قدرة العراق، عبر تدمير خطوط الإمداد ومهاجمة القوات والمعدات بدقة. ورغم نجاح هذه الإستراتيجية في تفكيك بنية الجيش العراقي، فإنها لم تُجبر صدام حسين على الانسحاب إلا بعد تهديد حقيقي باجتياح بري واسع. وبحسب بيب، فإن هذه التجربة تُظهر بوضوح أن إستراتيجية الحرمان هي الأكثر فاعلية في الإكراه الجوي، مقارنة بالعقاب أو حتى قطع الرأس. كما تُظهر أهمية الجمع بين "المطرقة الجوية" و"السندان البري"، حيث تؤدي القوة الجوية دورًا حاسمًا فقط عندما تُساندها قوة برية تضيق الخناق على العدو وتضعه أمام خيارات محدودة. وكذلك يشير بيب إلى الحملة الجوية الواسعة على ألمانيا النازية بين عامي 1942 و1945، فرغم القصف الكارثي لمدن مثل هامبورغ ودريسدن، وما أسفر عنه من مئات الآلاف من القتلى ودمار واسع للبنية التحتية، فإن النظام النازي لم ينهَر، بل واصل القتال حتى اجتاحت القوات السوفياتية برلين في الأيام الأخيرة للحرب. المشهد نفسه تكرر في اليابان، حيث نفذت القوات الأميركية حملة جوية قاسية شملت قصف طوكيو وتدمير المدن الكبرى، وصولًا إلى إسقاط القنبلتين النوويتين على هيروشيما وناغازاكي. ومع ذلك، لم تقرر القيادة اليابانية الاستسلام إلا بعد أن أصبح الغزو البري وشيكًا، وعقب إعلان الاتحاد السوفياتي دخول الحرب ضدها، مما أجهض أي أمل في إمكانية الصمود أو التفاوض من موقع قوة. تدعم هذه النماذج الفرضية المركزية لبيب، وهي أن القصف الجوي مهما بلغ عنفه وتدميره، لا يفضي وحده إلى إسقاط الأنظمة السياسية أو إرغامها على التراجع، ما لم يقترن بضغط بري مكثف أو تهديد وجودي شامل، وغياب هذا "السندان البري"، في عدد من النزاعات السابقة، أدى إلى تحويل الحملات الجوية إلى مجرد أدوات استنزاف بلا أثر إستراتيجي حاسم. استعراض بلا نتيجة انطلاقًا من هذا الدرس، قام بيب في مقال تحليلي منشور عام 2022، بتطوير نموذج جديد يُعرف بـ"إستراتيجية المطرقة والسندان"، مثّلت القوات الجوية خلاله "المطرقة" التي تسدد ضربات دقيقة مكثفة إلى النقاط الحساسة، في حين تعمل القوات البرية كـ"سندان"، يقيّد حركة العدو ويجبره على التمركز في مواقع مكشوفة تُسهّل استهدافه. يرى بيب أن تطور الأسلحة الدقيقة يضاعف من فعالية القصف، حين يُستخدم في سياق إستراتيجية "الحرمان"، إذ تُتيح هذه الأسلحة استهداف المفاصل الحيوية في بنية العدو العسكرية بدقة، دون الحاجة إلى تدمير شامل أو استنزاف طويل. لكن هذه التقنيات، مهما بلغت دقتها، لن تجعل من القوة الجوية أداة قسرية كافية بحد ذاتها، ما لم ترتكز على بيئة سياسية وعسكرية ملائمة تُمكّنها من تحقيق أهدافها. فالقصف لن يُنتج "الإكراه" بمعزل عن أدوات الضغط الأخرى. ويُحذّر الكاتب من الإفراط في التعويل على القصف وحده خصوصا ضد الجماعات المتمردة أو الفاعلين غير الدوليين. ففي حالات نادرة، قد تُفلح إستراتيجية "قطع الرأس" في تفكيك تنظيمات تعتمد على قيادة مركزية كاريزمية لكن هذه الإستراتيجية تُصبح محدودة الجدوى في مواجهة جماعات ذات امتداد اجتماعي قوي حيث تُستمد الشرعية من القاعدة الشعبية وليس من القادة وحدهم. بل قد يؤدي استهداف المناطق المدنية المحيطة بتلك الجماعات إلى نتائج عكسية، تُعزز من تماسك الحاضنة الاجتماعية، وتُقوّي من شرعية الخصم بدل تقويضها. أما في مواجهة دول نووية، مثل روسيا أو الصين أو كوريا الشمالية، فإن رهانات القصف الجوي ترتفع إلى مستوى خطر إستراتيجي. إذ حتى الضربات "المحدودة" قد تُفهم على أنها تمهيد لهجوم شامل، مما قد يدفع هذه الدول إلى التصعيد النووي. وفي هذا السياق تحديدا، يؤكد بيب أن الإكراه عبر القصف لا يُقاس فقط بفعالية الضربة، بل بقدرة الدولة المُهاجِمة على إرسال إشارات مدروسة، تُحدث التأثير المطلوب دون تجاوز الخطوط الحمراء النفسية والعسكرية لدى الخصم. والخلاصة، كما يطرحها الكتاب، أن القصف الجوي، مهما بلغ من دقة أو كثافة، لن يُنتج أثرًا حاسمًا، وسيتحول إلى مجرد استعراض للقوة دون تأثير فعلي، ما لم يُدرَج ضمن إستراتيجية أوسع تشمل ضغطًا بريًّا ودعمًا دبلوماسيًّا متزامنَين. وفي حالة إسرائيل، فإن حملتها الجوية على إيران ربما تظل عاجزة عن إحداث تغيير جذري في توجهات النظام الإيراني (فضلا عن إسقاطه)، دون عناصر ضغط إضافية. فالقصف وحده قد يؤخّر طهران عن أهدافها، لكنه غالبًا لن يردعها، فضلًا عن أن إسقاط نظام عبر الجو وحده لم يتحقق تاريخيًّا، دون عوامل مساعدة حاسمة يبدو أنها لا تتوفر في الحالة الإيرانية.