
تقرير أممي: لا "علاقات نشطة" بين الدولة السورية و"القاعدة"
ومن المرجح أن ينشر التقرير هذا الشهر.
و"هيئة تحرير الشام" هي الذراع السابقة لتنظيم "القاعدة" في سوريا، لكنها فكت الارتباط معها عام 2016. وقادت الهيئة، التي كانت تعرف سابقاً باسم "جبهة النصرة"، التحرك الذي أطاح بالرئيس المخلوع بشار الأسد في هجوم خاطف في ديسمبر (كانون الأول)، وأصبح زعيم الهيئة أحمد الشرع رئيساً لسوريا.
عقوبات الأمم المتحدة
يأتي التقرير في وقت يتوقع فيه دبلوماسيون أن تسعى الولايات المتحدة إلى إلغاء عقوبات الأمم المتحدة المفروضة على "هيئة تحرير الشام"، وكذلك على الشرع الذي يؤكد رغبته في بناء سوريا ديمقراطية لا تستثني أحداً.
وجاء في تقرير الأمم المتحدة أن "عدداً من الأفراد على المستوى التنفيذي لديهم آراء أكثر تطرفاً من الشرع ومن وزير الداخلية أنس خطاب، اللذين ينظر إليهما بصورة عامة على أنهما يعطيان أولية للبراغماتية على الأيديولوجية".
وغطى التقرير الأشهر الستة حتى الـ22 من يونيو (حزيران)، واعتمد على مساهمات وتقييمات من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة.
تجميد الأصول
وتخضع "هيئة تحرير الشام" منذ مايو (أيار) 2014 لعقوبات من الأمم المتحدة، تشمل تجميداً للأصول وحظراً عالمياً على الأسلحة، كما يواجه عدد من أعضائها عقوبات مثل حظر السفر وتجميد الأصول، ومن بينهم الشرع المدرج على قائمة العقوبات منذ يوليو (تموز) 2013.
وكتب مراقبو الأمم المتحدة في تقريرهم لمجلس الأمن "عبرت بعض الدول الأعضاء عن مخاوف من أن عدداً من أعضاء هيئة تحرير الشام والأفراد المتحالفين معها، بخاصة أولئك الذين يشغلون مناصب تنفيذية أو جرى دمجهم في الجيش السوري الجديد، لا يزالون أيديولوجياً مرتبطين بتنظيم القاعدة".
تحول كبير
وكشف الرئيس الأميركي دونالد ترمب عن تحول كبير في السياسة الأميركية في مايو، عندما قال إنه سيرفع العقوبات الأميركية عن سوريا. ووقع أمراً تنفيذياً لتفعيل هذا الرفع في نهاية يونيو، وألغت واشنطن تصنيفها لـ"هيئة تحرير الشام" كمنظمة إرهابية أجنبية هذا الأسبوع. وذكرت الولايات المتحدة في حينه أن إلغاء التصنيف خطوة نحو تحقيق رؤية ترمب لسوريا مستقرة وموحدة.
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
تصنيفات الإرهاب
وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية إن الولايات المتحدة "تراجع تصنيفات الإرهاب المتبقية المتعلقة بهيئة تحرير الشام وسوريا، ووضعها على قائمة عقوبات الأمم المتحدة".
ويرى دبلوماسيون ومنظمات إنسانية ومحللون إقليميون أن رفع العقوبات سيساعد في إعادة بناء الاقتصاد السوري المنهار ويبعد البلاد من مسار الاستبداد، ويقلل من قدرة الجماعات المتطرفة على اجتذاب العناصر.
المصالح الأميركية
ويقول ترمب ومستشاروه إن القيام بذلك سيخدم المصالح الأميركية من خلال فتح آفاق أمام الشركات الأميركية، فضلاً عن التصدي للنفوذ الإيراني والروسي، وربما تقليص الأسباب التي تستدعي التدخل العسكري الأميركي في المنطقة.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


Independent عربية
منذ ساعة واحدة
- Independent عربية
القوة تبطل الحق
في الأشهر الأولى من عودته إلى البيت الأبيض، هدد الرئيس الأميركي دونالد ترمب باستخدام القوة العسكرية للسيطرة على جزيرة غرينلاند وقناة بنما، وأشار إلى أن الولايات المتحدة يمكن أن تستولي على غزة بعد طرد مليوني فلسطيني، وطالب أوكرانيا بالتخلي عن أراضيها لمصلحة روسيا مقابل وقف إطلاق النار. قد تبدو هذه التصرفات والتصريحات مجرد أمثلة أخرى على خطاب ترمب المعتاد، المتسم بالمبالغة والتوسع في إطلاق التصريحات، لكنها في الواقع، تشكل جزءاً من هجوم منسق على مبدأ راسخ في القانون الدولي: وهو أن على الدول الامتناع عن التهديد باستخدام القوة العسكرية أو استخدامها فعلياً ضد دول أخرى لحل النزاعات. قبل القرن العشرين، كان الفقهاء القانونيون يرون أن من حق الدول شن حرب للاستيلاء على أراضي الآخرين ومواردهم، بل وكان ينظر إليه في بعض الحالات على أنه واجب مشروع. اعتبرت الحرب قانونية ووسيلة رئيسة لفرض الحقوق الوطنية وحل النزاعات بين الدول. لكن كل ذلك تغير في عام 1928، عندما وقعت غالبية دول العالم على معاهدة كيلوغ-بريان، متفقة على أن الحروب العدوانية يجب أن تكون غير قانونية وأن غزو الأراضي يجب أن يكون محظوراً. وقد أعاد ميثاق الأمم المتحدة لعام 1945 تأكيد هذا الالتزام وتوسيعه، وجعل حظر "التهديد باستخدام القوة أو استخدامها ضد سلامة أراضي دولة أخرى أو استقلالها السياسي" مبدأ أساسياً. وبعد أن اكتشفت الدول أن مجرد الاتفاق على حظر الحرب لم يكن كافياً في حد ذاته، بذلت جهوداً استثنائية لتصميم أطر ومؤسسات لترسيخ هذه القاعدة الأساسية، مما أدى إلى إنشاء نظام قانوني جديد أعطى الأولوية للأدوات الاقتصادية على حساب القوة العسكرية لضمان السلام. ونتيجة لذلك، أصبحت الحروب بين الدول أقل شيوعاً بكثير. ففي الأعوام الـ65 التي أعقبت التسويات الأخيرة للحرب العالمية الثانية، انخفضت المساحات التي استولت عليها دول أجنبية سنوياً إلى أقل من ستة في المئة مما كانت عليه على مدى أكثر من قرن قبل تجريم الحرب لأول مرة على مستوى العالم. وتضاعف عدد الدول ثلاث مرات منذ عام 1945 وحتى اليوم، إذ لم تعد الدول تخشى أن تبتلعها جاراتها الأقوى. وتاجرت الدول بين بعضها البعض بحرية أكبر، مع إدراكها أن الثروات التي تجنيها أقل عرضة للنهب من جانب دول أخرى. وهكذا أصبح العالم أكثر سلاماً وازدهاراً. لكن تأثير حظر استخدام القوة بدأ يضعف حتى قبل عودة ترمب إلى السلطة. ففي عام 2003، غزت الولايات المتحدة العراق، مبررة الحرب بادعائها أن البلاد تمتلك أسلحة دمار شامل لم تكن موجودة؛ وعلى مدى العقد الماضي، كانت الصين تبني قواعد عسكرية في مناطق متنازع عليها في بحر الصين الجنوبي؛ أما الغزو الروسي الشامل لأوكرانيا في عام 2022، فقد تسبب في اندلاع أكبر حرب برية في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية. لكن ترمب يحطم ما تبقى من هذا المبدأ الراسخ ضد استخدام القوة. حتى الآن، لعبت الولايات المتحدة دوراً حاسماً، وإن كان غير مثالي، في الحفاظ على النظام القانوني لما بعد الحرب العالمية الثانية والدفاع عنه. ولم يكن صمود هذا النظام مرهوناً بالامتثال التام للقانون الدولي، بقدر ما كان معتمداً على وجود مجموعة من التوقعات المشتركة حول كيفية تصرف الدول الأخرى: فحتى إن لم تكن دولة ما ملتزمة بميثاق الأمم المتحدة لحظر استخدام القوة، فإنها كانت تدرك أن خرق هذا المبدأ سيقابَل غالباً بالإدانة والعقوبات وربما حتى بتدخل مشروع من الولايات المتحدة وحلفائها. أما الآن، فقد تبدد هذا التوقع. فترمب لا يكتفي بالتخلي عن الدور التقليدي للولايات المتحدة في الدفاع عن مبدأ حظر الحرب والغزو، بل يبدو أنه يطمح إلى ما هو أبعد: إعادة الحرب أو التهديد بها كوسيلة رئيسة لحل خلافات الدول والسعي إلى تحقيق مكاسب اقتصادية. وقد بدأت دول أخرى بالفعل تبدي قبولاً لفكرة تغير القواعد. فقد بدا أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يؤيد تأملات ترمب بشأن غزة، وبطريقة موازية اختارت بنما استرضاء الرئيس الأميركي عن طريق قبولها رحلات ترحيل لأشخاص غير بنميين وتوقيع اتفاق يسمح للولايات المتحدة بنشر قوات عسكرية على طول قناة بنما. وفي ظل تهديدات ترمب بالسماح للرئيس الروسي فلاديمير بوتين بضم أجزاء من أوكرانيا، وقعت كييف اتفاقية مع واشنطن تمنح الولايات المتحدة حق الوصول إلى مواردها الغنية من المعادن. في الواقع، إذا لم يوضع حد لتآكل الحظر المفروض على استخدام القوة، ستعود الجغرافيا السياسية إلى صراع بدائي يستند إلى القوة العسكرية. وستكون العواقب وخيمة: سباق تسلح عالمي، وحروب غزو متجددة، وانكماش التجارة، وانهيار في التعاون الدولي الضروري لمواجهة التهديدات العالمية المشتركة. الحرب المتجذرة على مدى عدة قرون قبل الحرب العالمية الأولى، كانت الحرب وسيلة قانونية لحل النزاعات بين الدول. لم يعد اندلاع حرب انهياراً للنظام الدولي، بل كان هو النظام نفسه. وفي ظل غياب محكمة عالمية للفصل في النزاعات الدولية، كانت الدول ذات السيادة تملك الحق في فرض حقوقها كما تشاء، أي من خلال اللجوء إلى الحرب. وكانت الدول تقدم مبرراتها القانونية لشن الحروب على دول أخرى في ما يعرف بـ"بيانات الحرب". وكان ينظر إلى أي تظلم قانوني على أنه سبب مشروع لاستخدام القوة العسكرية، سواء تعلق الأمر بأضرار مادية، كإلحاق الضرر بالسفن، أو ديون غير مسددة، أو انتهاكات للمعاهدات، أو بطبيعة الحال، الدفاع عن النفس. وكما كتب الفيلسوف والفقيه الهولندي في القرن السابع عشر، هوغو غروتيوس، الملقب غالباً بـ"أبو القانون الدولي"، في كتابه "حول قانون الغنائم": "تعد الحرب عادلة إذا كانت تنفيذاً لحق مشروع". وبما أن الحرب كانت تعد وسيلة لفرض الحقوق، فقد اعترف القانون الدولي بحق الغزو، إذ كان يسمح للدول بالاستيلاء على الأراضي والممتلكات كوسيلة لتعويض المظالم التي أدت إلى اندلاع النزاع. وقد أوضح غروتيوس أن الدول، "عند الاستيلاء على الغنائم أو الممتلكات المصادرة"، تنال "من خلال الحرب ما هو حق لها". صحيح أن القوى الكبرى كانت تطالب أحياناً بما لا يحق لها، لكن في ظل غياب سلطة عليا تحكم على شرعية الحروب، كان النظام الدولي يفترض عملياً أن كل غزو هو مشروع. فالقوة كانت تصنع الحق. فعندما شنت الولايات المتحدة حرباً على المكسيك عام 1846، كان أحد المبررات القانونية الأساسية هو الديون غير المسددة. وفي مقابل وقف الحملة العسكرية، أجبرت الولايات المتحدة المكسيك على توقيع معاهدة تنازلت بموجبها عن 525 ألف ميل مربع من أراضيها، وهي المنطقة التي أصبحت لاحقاً جنوب غربي الولايات المتحدة، مقابل 15 مليون دولار وشطب الديون. ولم يكن هذا المثال استثنائياً، إذ كثيراً ما لجأت الدول إلى ما عرف لاحقاً بـ"دبلوماسية الزوارق الحربية"، أي استخدام التهديد العسكري لفرض مطالب سياسية أو اقتصادية، لإرغام الدول الأضعف على توقيع معاهدات غير متكافئة. فإذا كان من المشروع أن تشن دولة حرباً دفاعاً عن حقوقها، فقد كان من المشروع أيضاً أن تهدد بشن حرب للغرض نفسه. وقد جسد الضابط البحري الأميركي ماثيو بيري هذا المنطق في مطلع عام 1854، حين أبحر بأسطول من السفن الحربية الأميركية إلى خليج إيدو (طوكيو حالياً) مدعياً أن للولايات المتحدة حقاً قانونياً في التجارة مع اليابان، موضحاً أنه في حال رفضت اليابان فتح موانئها، فسيفرض ذلك بالقوة العسكرية. وبالفعل أثمر هذا الضغط: ففي 31 مارس (آذار) 1854، وقعت الدولتان معاهدة كاناغاوا، التي فتحت ميناءين يابانيين أمام السفن الأميركية. على مدى قرون طويلة، اعترف القانون الدولي بحق الغزو ونظراً إلى أن الحرب كانت تعد وسيلة تسعى من خلالها الدول إلى نيل حقوقها القانونية، فلم يكن يعد خوضها جريمة، بل شكل من أشكال إنفاذ القانون. فعندما خسر نابليون حرب التحالف السادس عام 1814، لم تعامله القوى الأوروبية المنتصرة كمجرم حرب، بل نفي إلى جزيرة إلبا، حيث سمح له بالاحتفاظ بلقب الإمبراطور ومنح حق السيادة على الجزيرة. وحتى بعد عودته إلى أوروبا وهزيمته مجدداً في معركة واترلو، لم ينظر إلى نفيه إلى جزيرة سانت هيلينا في جنوب المحيط الأطلسي كعقوبة جنائية، بل كإجراء وقائي، نوع من الحجر السياسي، يهدف إلى منعه من إشعال حرب جديدة في أوروبا. ولم تقتصر امتيازات الدول على حقها في غزو أراضي دول أخرى، وممارسة دبلوماسية الزوارق الحربية، والتمتع بالحصانة من الملاحقة الجنائية بسبب شن الحروب، بل كانت أيضاً ملزمة بواجب حياد صارم تجاه الأطراف المتحاربة. فلم يكن يسمح للدول المحايدة بفرض عقوبات على المتحاربين، إذ كان يعد ذلك تدخلاً في مساعي كل طرف لانتزاع حقوقه القانونية. وإذا انتهكت دولة ما هذا الحياد، عد ذلك سبباً مشروعاً لإعلان الحرب عليها. لقد كان الغزو مشروعاً، أما فرض العقوبات الاقتصادية على المتحاربين فكان محظوراً. في ظل ذلك النظام القانوني، الذي استمر حتى أوائل القرن الـ20، كانت الدول القوية تلجأ بحرية إلى الحرب لفرض مطالبها، فيما لم يكن أمام الدول الضعيفة سوى الخضوع أو مواجهة خطر الفناء. وكانت النتيجة حالة شبه دائمة من الصراعات. ومع غياب أي حظر على الغزو، كانت الحدود الوطنية تتبدل باستمرار بفعل العنف، وكانت الإمبراطوريات تتوسع بالقوة، مما رسخ انعدام المساواة على المستوى العالمي. أما طرق التجارة، فكانت تفتح بالقوة وتفرض السيطرة عليها بالمدافع، في حين كانت المستعمرات تكتسب وتفقد كما لو كانت تعويضات في دعاوى قضائية. وفي ظل هذا الواقع، ظل الاقتصاد العالمي مكبلاً بسبب التهديد الدائم بالحرب. من الحرب إلى السلام أدخلت الحرب العالمية الأولى تقنيات جديدة مدمرة إلى ساحة المعركة، وفاقت أهوالها ما شهدته الحروب السابقة. شاركت أكثر من 20 دولة في القتال، وقدر عدد القتلى بنحو 20 مليون شخص، نصفهم تقريباً من المدنيين. وبمجرد أن هدأت وتيرة القتل، بدأ البحث بشكل يائس عن وسيلة تحول دون تكرار كارثة مماثلة. مثلت عصبة الأمم، التي تأسست عام 1920 للحفاظ على السلام من خلال الأمن الجماعي، أحد الحلول المطروحة. لكن مجلس الشيوخ الأميركي، الذي كان يتحسب من الانجرار مجدداً إلى الحروب الأوروبية، رفض انضمام الولايات المتحدة إليها، الأمر الذي قوض قدرة المنظمة الدولية على تنفيذ قراراتها. في الفترة نفسها تقريباً، برزت فكرة أكثر جرأة: حظر الحرب نهائياً. في أواخر عام 1927، اقترح وزير الخارجية الأميركي فرانك كيلوغ على رئيس الوزراء الفرنسي أريستيد بريان إبرام معاهدة عالمية تضفي الطابع الرسمي على هذا المفهوم. وفي أقل من عام، حصدت معاهدة كيلوغ، بريان لعام 1928، التي عرفت رسمياً باسم "المعاهدة العامة لنبذ الحرب كأداة للسياسة الوطنية"، توقيع 58 دولة، وهي الغالبية العظمى من الدول في ذلك الوقت. وقد رسخت هذه المعاهدة مبدأ أن الحرب العدوانية أصبحت غير قانونية، إذ اتفقت الدول الموقعة على "إدانة اللجوء إلى الحرب لحل النزاعات الدولية، والتخلي عنها كأداة للسياسة الوطنية في علاقاتها المتبادلة"، وتعهدت تسوية أي خلافات "بالوسائل السلمية". وبسبب فشل المعاهدة في منع اندلاع الحرب العالمية الثانية، أصبحت محط سخرية واسعة ووصفت بأنها ساذجة وعديمة الجدوى. لكن الحقيقة أنها أطلقت مساراً قاد إلى نشوء النظام القانوني الدولي الحديث. لم يدرك واضعو المعاهدة، على رغم من طموحهم، حجم التحول الذي أطلقوه. فبمجرد أن أصبحت الحرب محظورة، بات من الضروري إعادة تصور كل جانب تقريباً من جوانب القانون الدولي. فعندما غزت اليابان منشوريا عام 1931، استغرق الأمر من وزير الخارجية الأميركي هنري ستيمسون عاماً كاملاً لصياغة رد يتماشى مع مبادئ المعاهدة. قرر ستيمسون أن الولايات المتحدة سترفض الاعتراف بحق اليابان في الأراضي التي استولت عليها بشكل غير قانوني، وسرعان ما حذت دول عصبة الأمم حذوها. هذا المبدأ الجديد لعدم الاعتراف، الذي أصبح يعرف لاحقاً بـ"عقيدة ستيمسون"، شكل نقطة تحول تاريخية. فالغزو، الذي كان يوماً ما قانونياً، لم يعد يعترف به. وحتى لو أجبرت اليابان الصين على توقيع معاهدة تتنازل بموجبها عن الأراضي المغتصبة، لم يكن ليعترف بتلك الاتفاقية كاتفاق قانوني. ولم تعد دبلوماسية الزوارق الحربية تنتج التزامات قانونية معترفاً بها. بعد الحرب العالمية الأولى، ظهرت فكرة جريئة: حظر الحرب تماماً وعلى رغم من أن ألمانيا واليابان، وهما من الدول الموقعة على ميثاق كيلوغ-بريان، انتهكتا المعاهدة بشنهما الحرب العالمية الثانية، إلا أنهما دفعتا ثمناً باهظاً: فقد خسرتا كل الأراضي التي احتلتاها بالقوة، وخضع قادتهما للمحاكمة أمام محاكم جرائم الحرب. وكانت أولى التهم في لائحة الاتهام خلال محاكمات نورمبرغ تنص على أن 'الحرب العدوانية التي خطط لها المتآمرون النازيون مسبقاً... جرت في انتهاك لمعاهدة كيلوغ-بريان لعام 1928. كما أعادت مبادئ المعاهدة تعريف مجالات أخرى من القانون الدولي. فقد دافع المدعي العام الأميركي روبرت جاكسون عن قانون الإعارة والتأجير لعام 1941، الذي مكن الولايات المتحدة من تزويد الدول المحاربة لألمانيا النازية بالأسلحة من دون إعلان حرب رسمي، مستنداً إلى أن معاهدة كيلوغ-بريان غيرت القوانين التي تنظم مبدأ الحياد. وبما أن الدول الموقعة كانت قد "نبذت الحرب كأداة للسياسة"، أوضح جاكسون أن "الدولة التي تلجأ إلى الحرب في انتهاك لالتزاماتها لا يحق لها المطالبة بالمساواة في المعاملة من قبل الدول الأخرى". أي إنه لم يعد الحياد يتطلب من الدول أن تظل محايدة تماماً في مواجهة العدوان. بعبارة أخرى، بدأت المعايير بالتغير في عام 1928. لكن زعماء العالم أدركوا أن المثل وحدها لا تكفي، وأنهم بحاجة إلى قواعد قانونية ومؤسسات جديدة تمنح هذه المبادئ قوة إلزامية. بعد الحرب العالمية الثانية، أسست الدول المنتصرة منظمة الأمم المتحدة لتكريس التحول الذي أطلقته معاهدة كيلوغ-بريان. فقد نص ميثاق الأمم المتحدة على حظر "التهديد باستخدام القوة أو استخدامها ضد السلامة الإقليمية أو الاستقلال السياسي لأي دولة". وبهذا، أصبحت المعاهدات المبرمة بالإكراه باطلة قانونياً، ولم يعد الحياد يعني الحياد التام، كما أصبح من الممكن محاسبة قادة الدول الذين يرتكبون أعمالاً عدوانية جنائياً. شكل هذا التحول، الذي قادته الولايات المتحدة، واحداً من أعمق التحولات القانونية في التاريخ العالمي. فمنذ دخول ميثاق الأمم المتحدة حيز التنفيذ قبل نحو ثمانية عقود، أصبحت الحروب بين الدول، والغزوات الإقليمية التي كانت تعيد رسم الحدود الوطنية على مدى قرون، أحداثاً نادرة. لم تخض القوى الكبرى حرباً مباشرة ضد بعضها البعض منذ عام 1945، ولم تختف أي دولة عضو في الأمم المتحدة نهائياً نتيجةً للغزو. الصراعات لم تختف بطبيعة الحال، لكنها باتت أقل شيوعاً بكثير. ففي القرن الذي سبق الحرب العالمية الثانية، وقع أكثر من 150 غزواً إقليمياً ناجحاً؛ أما في العقود التالية، فلم يتجاوز العدد 10. يرى بعض المحللين أن السلام الذي أعقب الحرب يعزى إلى الردع النووي، فيما يرجعه آخرون إلى انتشار الديمقراطية أو ازدهار التجارة العالمية. لكن هذه التفسيرات تغفل أهمية القرار بحظر الحرب. فعندما غزا الرئيس العراقي صدام حسين الكويت في أغسطس (آب) 1990، في انتهاك لميثاق الأمم المتحدة، طالب مجلس الأمن بانسحاب فوري للقوات العراقية. وعندما لم تلب المطالبة، أجاز المجلس للدول الأخرى "استخدام جميع الوسائل الضرورية" لـ"استعادة السلام والأمن الدوليين". عندها قادت الولايات المتحدة تحالفاً عسكرياً دولياً لطرد القوات العراقية من الكويت. وقد أدركت الدول المراقبة أن خرق الحظر المفروض على استخدام القوة سيقابَل بعواقب. لم تشكل القوانين سلوك الدول لأنها اعتنقتها أخلاقياً بالضرورة، بل لأنها غيرت من توقعاتها إزاء ردود أفعال الدول الأخرى، لا سيما الولايات المتحدة. حلت العقوبات الاقتصادية مكان الحرب كأداة رئيسة لإنفاذ القانون الدولي علاوة على ذلك، غير حظر الغزو الإقليمي الطرق التي يمكن للدول من خلالها اكتساب الثروة. فقبل ترسيخ هذه القاعدة، كانت قدرة الدول على تكديس الثروات تعتمد في الغالب على مدى ما يمكنها انتزاعه من أراض وموارد وتنازلات من دول أخرى. وكانت الحرب والغزو مسارين معترفاً بهما لتحقيق الازدهار. وبإلغاء حق الغزو، أجبر النظام القانوني الذي نشأ بعد الحرب الدول على السعي لتحقيق النمو الاقتصادي بوسائل سلمية، وعلى رأسها التجارة. وارتبط توسع التجارة ارتباطاً وثيقاً بحظر الحرب، إذ لم يعد بمقدور الدول إثراء نفسها من خلال الغزو. وبدلاً من ذلك، بات عليها الاعتماد على التعاون الاقتصادي، والتنافس في الأسواق، والتدفق الحر للسلع ورؤوس الأموال. في المقابل، اضطرت القوى العظمى، التي كانت تعتمد على "دبلوماسية الزوارق الحربية" لفرض إرادتها، إلى استبدالها بـ"دبلوماسية دفتر الشيكات". فقد حلت العقوبات الاقتصادية والدبلوماسية محل الحرب كأداة رئيسة لإنفاذ القانون الدولي. ومع تعاظم الاعتماد الاقتصادي المتبادل بين الدول، طورت هذه الأخيرة أساليب متزايدة الدقة والتعقيد لـ"الإقصاء"، أي حرمان الدول من مزايا التعاون الدولي. وأصبحت العقوبات التجارية إحدى الأدوات الرئيسة التي تلجأ إليها الدول للرد على طيف واسع من الأفعال غير القانونية، مثل انتهاكات حقوق الإنسان، أو دعم الإرهاب، أو شن حروب عدوانية. ففي عام 1945، كانت التجارة الدولية (الواردات والصادرات) تمثل نحو 10 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي؛ أما بحلول عام 2023، فقد بلغت نسبتها 58 في المئة. وإلى جانب ذلك، ظهرت عشرات الآلاف من المنظمات الدولية، وأبرمت أكثر من 250 ألف معاهدة للمساعدة في تنظيم هذا المستوى غير المسبوق من الترابط. وأصبح خطر الاستبعاد من هذا التعاون الدولي مكلفاً للغاية. وبفضل حصتها الكبيرة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، ومكانة الدولار الأميركي كعملة احتياط عالمية، اكتسبت الولايات المتحدة قدرة استثنائية على فرض القواعد. وبالنسبة إلى معظم الدول، كان الحفاظ على علاقات جيدة مع واشنطن ضرورة مالية لا يمكن تجاهلها. مع ذلك، لم يكن دور الولايات المتحدة في الحفاظ على النظام القانوني لما بعد الحرب مثالياً: من حرب فيتنام، إلى غزو العراق عام 2003، إلى حملات مكافحة الإرهاب التي امتدت لعقود في الشرق الأوسط، اعتمدت هذه العمليات على تبريرات فضفاضة للغاية لمبدأ الدفاع عن النفس. لكنها، في الوقت نفسه، لم تنتهك الحظر الجوهري على الغزو الإقليمي، ولعبت دوراً محورياً في دعم النظام، متعهدة بالدفاع عن الدول الأوروبية المنضوية تحت مظلة حلف شمال الأطلسي، والدول الأميركية المشمولة بمعاهدة "ريو" [التي تربط بين دول الأميركيتين في اتفاق دفاع مشترك]، إضافة إلى أستراليا، واليابان، ونيوزيلندا، والفيليبين، وكوريا الجنوبية، وتايلاند، إذا ما تعرض أي منها لهجوم غير قانوني. وقد أوضح قرار واشنطن بقيادة التدخل العسكري ضد غزو العراق للكويت أن إي دولة تحاول غزو دولة أخرى قد تواجه مقاومة تقودها الولايات المتحدة، حتى وإن لم تكن واشنطن مرتبطة بالتزام تعاهدي بالرد. هذا النظام، العملي وإن لم يكن مثالياً، ساعد في تجنب نشوب صراعات كبرى، وضمان ألا ينحدر العالم، على رغم توتراته، نحو عنف منفلت لا رادع له. وبات بإمكان الدول بناء اقتصادات مزدهرة من دون الخوف من أن تغزوها قوة عسكرية أكبر، أو ترغمها على توقيع معاهدات غير متكافئة تتخلى بموجبها عن مكاسبها. أخطار قانونية قد يكون كل ذلك على وشك أن يتغير. يمكن انتقاد الإدارات الأميركية السابقة على نفاقها، لكن استعداد إدارة ترمب للتخلي كلياً عن مبدأ حظر الحرب يعد أكثر خطورة بكثير. فمجرد طرح فكرة أن الولايات المتحدة قد تستولي بالقوة على كندا أو غرينلاند أو قناة بنما، أو تطالب بملكية غزة، لا يعكس براغماتية واقعية أو شكلاً جديداً من السياسات التبادلية القائمة على عقد الصفقات، بل هو ارتداد إلى حقبة سابقة كانت فيها القوة تشرعن المطالب. إن خطابات ترمب وأفعاله تعيد إحياء الفكرة التي سبقت معاهدة كيلوغ-بريان، والتي مفادها أن التهديد بالحرب أو السعي لغزو أراض هو وسيلة مشروعة لحل النزاعات وإرغام الدول الأخرى على تقديم التنازلات. وإلى جانب التهديد بشن غزوات خاصة به، يبدو أن ترمب مستعد أيضاً للتخلي عن الدفاع عن حق الدول الأخرى في عدم التعرض للغزو. ففي أبريل (نيسان)، وبعد أن هدد بسحب المساعدة العسكرية الأميركية من أوكرانيا، حذر ترمب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي من أنه إذا لم يقبل بخطة سلام بوساطة أميركية، قد تتضمن، بحسب صحيفة "فايننشال تايمز"، التنازل عن 20 في المئة من أراضي أوكرانيا لصالح روسيا، فإنه قد يواجه خطر "خسارة بلاده بأكملها". وقد أعاد ترمب بالفعل إحياء دبلوماسية الزوارق الحربية، مستخدماً التهديد بالقوة لإجبار دول أخرى على توقيع معاهدات بشروطه؛ وكان للتهديدات العسكرية دور في انتزاع تنازلات من كندا والمكسيك. وعلاوة على ذلك، تقوض سياسة الرسوم الجمركية التي اتبعها ترمب مبدأ حظر الغزو، لأنها تضعف فاعلية العقوبات الاقتصادية كوسيلة لإنفاذ القانون الدولي. فالعقوبات لا تؤتي ثمارها إلا إذا استخدمت بشكل محدود وفي مواجهة انتهاكات واضحة للقانون الدولي. أما فرض رسوم جمركية بنسبة 25 في المئة على دول أخرى بشكل اعتباطي، كما فعل ترمب مع كندا والمكسيك، فيفرغ العقوبات الاقتصادية من قوتها الرادعة ويقوض قدرتها على التصدي للسلوكيات غير القانونية الحقيقية. في الواقع، شن ترمب هجوماً مباشراً على قوة العقوبات كآلية إنفاذ عندما وقع أمراً تنفيذياً يهدد بفرض عقوبات على القضاة والمحامين المرتبطين بالمحكمة الجنائية الدولية. هذه الخطوة حولت أداةً لإنفاذ القانون الدولي إلى سلاح لتقويضه. وعلى نطاق أوسع، فإن السياسات الاقتصادية الانعزالية التي ينتهجها ترمب، من خلال تقويضها لترابط الدول واعتمادها المتبادل، تضعف قدرة تلك الدول على "إقصاء" المخالفين للقانون، مما يتركها أمام خيار ضيق: إما اللجوء إلى القوة العسكرية، أو التغاضي عن الانتهاكات من دون محاسبة. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) قد تبدو تصريحات ترمب النارية وتحولاته السياسية عشوائية، لكنها في جوهرها تمثل جزءاً من محاولة منهجية أوسع لتفكيك النظام القانوني العالمي الذي تشكل بعد الحرب العالمية الثانية. وتكمن خطورة هذا الهجوم في كونه صادراً عن الدولة التي أنشأت ذلك النظام، والتي على رغم إدارتها غير المثالية له، ظلت الضامن الأبرز لاستمراره على مدى عقود. وربما لا يمضي ترمب في تنفيذ جميع تهديداته، إذ قد تعترضها المحاكم أو تواجه معارضة سياسية داخلية، وقد يتردد قادة آخرون في اتباع خطاه. لكن مجرد إطلاق هذه التهديدات يقوض على نحو خطر منظومة الافتراضات التي تنظم سلوك الدول، وتكرس الالتزام بالقواعد، وتشكل رادعاً للتجاوزات، وهي المنظومة التي يقوم عليها مبدأ حظر الغزو. هذه الافتراضات التي تستند إلى الإيمان بأن معظم الدول، في معظم الأحيان، ستتصرف كما لو أن احترام القواعد أمر جدي وملزم، هي ما يتيح للدول الأضعف وضع خطط طويلة الأمد، ويمكن المستثمرين من ضخ رؤوس أموالهم عبر الحدود، ويوفر للحكومات القدرة على الاستجابة الجماعية لانتهاكات القانون. فإذا استطاعت الدولة الأقوى في العالم أن تنتهك هذه التوقعات المستقرة من دون أن تواجَه بعواقب، فمن المرجح أن تغري دولاً أخرى بأن تحذو حذوها. وحين تتلاشى توقعات التزام الدول بالقواعد، يبدأ النظام الذي يقوم على تلك التوقعات في التفكك، لا دفعة واحدة، بل تدريجياً إلى أن ينهار تماماً. المعركة العادلة إذا انهار الحظر المفروض على استخدام القوة، فقد يتفق بوتين وترمب والرئيس الصيني شي جينبينغ ببساطة على تقاسم العالم إلى مناطق نفوذ. ستكون بلدانهم حينئذ حرة في ترهيب الدول الواقعة ضمن مجالات نفوذها، وانتزاع تنازلات من الدول الأضعف مقابل توفير الحماية. وعلى رغم من أن مثل هذا العالم قد يبدو هادئاً نسبياً بشكل مؤقت، فإنه سيكون أيضاً أقل حرية بكثير. والأرجح أن تعود الصراعات المستمرة التي منعها مبدأ حظر الحرب، مما يفضي إلى عالم يسود فيه منطق كلمات ثيوسيديدس الشهيرة: "الأقوياء يفعلون ما يستطيعون، ويتحمل الضعفاء ما لا خيار لهم فيه" [بينما ينتزع الأقوياء ما في وسعهم، يذعن الضعفاء لما يملى عليهم]. هناك مسار بديل ممكن، لكنه يتطلب شجاعة وتحركاً سريعاً. ففي عام 2022، انضمت 142 دولة إلى الولايات المتحدة في دعم قرار صادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة يدين محاولة روسيا ضم الأراضي الأوكرانية بوصفها غير قانونية. ويمكن لتلك الدول أن توحد جهودها لإعادة تأكيد الحظر على الغزو الإقليمي، من دون الاعتماد على الولايات المتحدة كجهة إنفاذ رئيسة. وقد ظهرت بعض المؤشرات إلى أن أوروبا تعتزم سد الفراغ الذي خلفته واشنطن. فبعد اجتماع كارثي في البيت الأبيض في مارس (آذار)، بدا فيه ترمب ونائبه جي دي فانس وكأنهما يهددان بالتخلي عن أوكرانيا ويستخفان بزيلينسكي، تحركت أوروبا دعماً لحق أوكرانيا في السيادة. وتعهد رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر أن تزيد الدول الأوروبية إنفاقها العسكري، وأن تشكل "تحالفاً من الراغبين" للدفاع عن أوكرانيا، فيما أكدت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، أن الاتحاد الأوروبي سيطرح خطة دعم لأوكرانيا. لكن أوروبا غير قادرة على أن تحل محل الولايات المتحدة بوصفها القوة الضامنة للنظام الدولي. فهي لا تملك القدر الكافي من القوة العسكرية، ولا النفوذ الاقتصادي، ولا التماسك السياسي الضروري للاضطلاع بهذا الدور. وحتى لو أمكنها ذلك، فإن الركون إلى قوة بديلة واحدة سيكون خطأ في حد ذاته. فأي جهد جاد للحفاظ على مبدأ حظر استخدام القوة لا بد أن ينطلق من الاعتراف بنواقص النظام الذي أرساه. فعند تأسيس الأمم المتحدة، منحت خمس قوى كبرى، الصين، وفرنسا، والاتحاد السوفياتي، والمملكة المتحدة، والولايات المتحدة، نفسها موقعاً مميزاً كأعضاء دائمين في مجلس الأمن يتمتعون بحق النقض ضد أي إجراء إنفاذ. وإضافة إلى ذلك، فإن الهيمنة الأميركية على النظام جعلت من غير الممكن عملياً مساءلتها عند خرق القواعد، كما حدث في غزوها للعراق عام 2003. وقد قوضت هذه الثغرات شرعية النظام القانوني الذي يحظر استخدام القوة، لا سيما في أعين الدول المنتمية إلى الجنوب العالمي. وهذا الشك العميق قد يدفع بعض الدول إلى تجاهل أهمية ما ستخسره إذا قام ترمب بتفكيك ذلك الحظر. إن الاعتراف العلني بعيوب النظام القانوني لما بعد الحرب العالمية الثانية، وبفشل حماته المتكرر في الوفاء بمثلهم الخاصة، هو خطوة أولى ضرورية نحو بناء نظام أكثر صلابة. فالحفاظ على الحظر المفروض على استخدام القوة يتطلب تفكيراً جديداً بشأن المؤسسات الدولية: إذ ينبغي لأي نظام متجدد لضمان السلام والأمن الدوليين أن يوسع دائرة الدول المساهمة في حماية القواعد القانونية، بما يعزز شرعيتها ويزيد قدرتها على الصمود في وجه التحولات السياسية داخل أي دولة بمفردها. علاوة على ذلك، تحتاج الدول المتوسطة والصغيرة إلى بناء تحالفات واسعة للدفاع عن حظر استخدام القوة. ويفترض كثير من المحللين أن السلام النسبي الذي استمر طوال ثمانية عقود ما كان ليصمد من دون وجود دولة ضامنة قوية تتولى القيادة. لكن هذا التصور يقلل من حجم القوة التي تستطيع الدول حشدها عندما تعمل بشكل منسق. ويعد الاتحاد الأوروبي مثالاً على ذلك: فلا تمتلك أي من دوله الـ27 نفوذاً عظيماً بمفردها، لكن مجتمعة تشكل قوة لا يستهان بها. ويجب أن تضطلع الجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث تملك كل دولة من الدول الأعضاء الـ193 صوتاً متساوياً، بدور قيادي. فعلى رغم أنها لا تتمتع بصلاحيات التنفيذ التي يتمتع بها مجلس الأمن، فإنه يمكنها، بصفتها هيئة معنية بصون السلم والأمن الدوليين، أن تفرض مزيداً من النفوذ لتفعيل الحظر الوارد في ميثاق الأمم المتحدة على استخدام القوة. وقد أظهرت مبادرة إصلاحية حديثة تعرف بـ"مبادرة الفيتو" قدرة الجمعية العامة على توسيع هذا الدور. فبعد غزو روسيا لأوكرانيا، باتت أي قرارات يستخدم فيها الفيتو داخل مجلس الأمن تحال إلى الجمعية العامة للنقاش. وقد مكنت القرارات التي اعتمدت في ظل هذه الآلية الدول من تنسيق العقوبات ضد روسيا، وتقديم الأسلحة والدعم المالي لأوكرانيا، وأدت أيضاً إلى إنشاء سجل دولي للأضرار تمهيداً لتسوية تعويضات ما بعد الحرب. كما ينبغي للدول أن تنسق جهودها من خلال تحالفات إقليمية أو موضوعية لتحقيق أهداف مشتركة. وقد بدأت مثل هذه التحالفات بالتبلور. فقد أعلن مجلس أوروبا عزمه إنشاء محكمة لجمع الأدلة ضد بوتين ومسؤولين روس آخرين تمهيداً لمحاكمتهم بتهمة العدوان على أوكرانيا، فيما تعمل دول "مجموعة لاهاي"، وهي بوليفيا وكولومبيا وكوبا وهندوراس وماليزيا وناميبيا والسنغال وجنوب أفريقيا، على تنفيذ قرارات محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية بشأن الحرب في غزة. وفي مايو (أيار)، تعهد وزراء خارجية الاتحادين الأفريقي والأوروبي تعزيز شراكتهما في مجالات السلام والأمن والاقتصاد، مما يفتح الباب أمام تحالف من أجل السلام لا يعتمد على الولايات المتحدة. يحطم ترمب ما تبقى من الأعراف التي تحظر استخدام القوة من الناحية الرسمية، يعد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة حالياً الجهة الوحيدة المخولة بالسماح للدول باستخدام القوة العسكرية من أجل إنفاذ القانون. لكن لا شيء يمنع الدول من إنشاء "مجلس للنبذ" [الإقصاء]، أي هيئة جماعية تجيز فرض عقوبات مشتركة على الدول التي تنتهك حظر استخدام القوة أو تخل بقواعد أساسية من القانون الدولي. صحيح أن العقوبات لم تنجح دائماً في كبح السلوك غير المشروع، ويعود ذلك جزئياً إلى بطء التنسيق بين الدول وافتقاره للاتساق. لكن إذا اتفقت الدول على استجابات آلية ومنسقة تجاه أفعال محددة تعد انتهاكاً للقانون، فقد تصبح هذه الأداة أكثر فاعلية بكثير. وقبل كل شيء، فإن الحفاظ على مبدأ حظر استخدام القوة رهن بوعي الدول بحجم المكاسب التي أتاحها هذا المبدأ، ومدى الصعوبة التي اكتنفت ترسيخه، وما قد يترتب على انهياره من فوضى عارمة. وإذا اختارت الدول الرد على انسحاب الولايات المتحدة من دورها التنفيذي في هذا المجال عبر إنشاء مؤسسات بديلة تضطلع بمسؤولية الإنفاذ، فإنها بذلك توجه رسالة سياسية قوية. وقد يروج بعض القادة الأميركيين لفكرة أن "القوة تصنع الحق"، لكنهم سيكونون عندئذ في موقع الأقلية، وسينظر إلى موقفهم كخروج عن الإجماع الدولي. وإذا مضت واشنطن، على سبيل المثال، في تهديدها بالاستيلاء على قناة بنما، فإن بمقدور الدول الأخرى أن تتكاتف لعزلها، سواء من خلال فرض عقوبات اقتصادية ودبلوماسية، أو حتى بسحب التصاريح التي تتيح وجود قواعد عسكرية أميركية على أراضيها. إن إثبات أن دولاً متعددة قادرة ومستعدة لتوحيد جهودها من أجل تحميل الولايات المتحدة كلفة قانونية وسياسية عند انتهاكها للقواعد، من شأنه أن يخفف من الأضرار العميقة التي ألحقتها إدارة ترمب بالنظام الدولي، ويؤكد أن مزيداً من الدول بات بوسعه أداء دور أكثر توازناً في صياغة القانون الدولي وتطبيقه. لكن تهديد ترمب ليس الخطر الوحيد الذي يواجه مبدأ حظر استخدام القوة؛ فالصين وروسيا تسعيان بدورهما إلى إعادة تشكيل المعايير الدولية بما يتماشى مع مصالحهما. ومع ذلك، إذا تولت مزيداً من الدول مسؤولية جماعية في إنفاذ القواعد الجوهرية للنظام الدولي، فسيضطر هذان البلدان أيضاً إلى التعامل مع واقع جديد. لا يزال من غير الواضح ما إذا كانت دول مثل فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة، التي لطالما احتكرت تحديد شروط المشاركة في النظام الدولي، مستعدة لتقاسم هذه السلطة. كما لا يعرف بعد ما إذا كانت الدول التي طالما استبعدت من صنع القرار العالمي قادرة على وضع ثقتها في نظام قانوني دولي يقوم على حظر استخدام القوة. ومع ذلك، فإن دعم هذا النظام يبقى ذا أهمية حاسمة. قد يبدو استغلال التنافس بين الصين وروسيا والولايات المتحدة خياراً مغرياً لتحقيق مكاسب قصيرة الأجل في نظر الدول النامية، لكن على المدى البعيد، تخاطر هذه الدول بأن تتحول إلى مجرد غنائم في صراعات القوى الكبرى، مع هامش محدود لتقرير مصيرها أو توجيه مستقبلها. في الحقيقة، إن النظام الذي حافظ على سلام وازدهار نسبيين لما يقرب من ثمانية عقود ليس قادراً على الاستمرار من تلقاء نفسه، بل يجب الدفاع عنه بقوة. فعندما اندلعت الحرب العالمية الثانية، أدرك صناع القرار في الولايات المتحدة أن فشلهم في إنشاء نظام دائم لما بعد الحرب العالمية الأولى قد زرع بذور الفوضى المستقبلية. إن الدرس المستفاد من التاريخ هو أن انتظار مرور الأزمة قبل البدء في التخطيط للمستقبل هو وصفة للفشل المؤكد. وكما سعى صانعو السياسات في أربعينيات القرن الماضي إلى بناء سلام دائم من قلب الفوضى، على قادة اليوم أن يصوغوا مؤسسات وتحالفات واستراتيجيات جديدة تحفظ السلام، لا أن يقفوا مكتوفي الأيدي يشاهدون ترمب وهو يعيد عقارب الساعة إلى الوراء. مترجم عن "فورين أفيرز" 24 يونيو 2025 أونا أ. هاثاواي هي أستاذة القانون في كلية الحقوق بجامعة ييل، وباحثة غير مقيمة في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، والرئيسة المنتخبة للجمعية الأميركية للقانون الدولي. سكوت ج. شابيرو هو أستاذ القانون في كلية الحقوق بجامعة ييل وأستاذ الفلسفة في جامعة ييل. وهما مؤلفا كتاب "الأمميون: كيف أدت خطة جذرية لحظر الحرب إلى إعادة تشكيل العالم".


الشرق الأوسط
منذ 2 ساعات
- الشرق الأوسط
تمدد الإرهاب غرب مالي يثير مخاوف بشأن حدود السنغال وموريتانيا
تتصاعد نُذر الخطر في قلب الساحل الأفريقي مع تمدّد الجماعات الإرهابية غرب مالي، واقترابها من الحدود المشتركة مع السنغال وموريتانيا، مستغلة «هشاشة الأوضاع الأمنية وتراجع الدعم الدولي عقب الانسحاب الفرنسي». وحذّر خبير في الشؤون الأفريقية من «تهديد أمني متزايد سيواجه موريتانيا والسنغال في ظل تراجع الحضور الدولي الفاعل، وانسحاب قوى كبرى مثل فرنسا، وغياب بدائل إقليمية قوية قادرة على فرض الاستقرار»، مؤكداً أنه «إذا لم يُواكب هذا التمدد الإرهابي برد فعل إقليمي سريع وحازم، فإن حدود السنغال وموريتانيا قد تشهد تحولات درامية، ليس فقط على المستوى الأمني، بل على مستوى التوازنات الاجتماعية والسياسية». بينما قلّل محلل سياسي نيجري من تأثير الإرهاب على السنغال وموريتانيا، مؤكداً «تركيز الجماعات المتطرفة حالياً وبشكل أساسي على دول تحالف الساحل الثلاث، مالي وبوركينا فاسو والنيجر، ولن تضطر إلى فتح جبهات جديدة». واستهدفت جماعة «نصرة الإسلام» الموالية لـ«القاعدة»، عبر هجمات متزامنة، منشآت عسكرية في 7 بلدات غرب مالي، حسب بيان للجيش المالي أخيراً، حيث تم الاستيلاء على «ترسانة حرب حقيقية»، وفق ما نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية»، في حين أعلنت الجماعة وقتها مسؤوليتها عن الهجمات و«سيطرتها الكاملة على ثلاث ثكنات وعشرات نقاط التفتيش العسكرية في هجمات منسّقة» في نيونو وديبولو وساندري وغوغي وكاييس ونيورو، بالإضافة إلى «قصف مدفعي على ثكنة» مولودو. وأفادت «إذاعة فرنسا الدولية» أيضاً بأن البلدات التي استُهدفت بشكل متزامن تقع على طول الحدود مع السنغال وموريتانيا، البلدَيْن الأفريقييْن اللذَيْن تسعى جماعة «نصرة الإسلام»، من موقعها في مالي، إلى التوسع فيهما، حسب دراسة نقلتها «وكالة الصحافة الفرنسية» عن معهد تمبكتو، وهو مركز أبحاث يتخذ من دكار مقراً له. وتأتي هذه الهجمات بعد نحو شهر من هجومَيْن كبيرَيْن ضد الجيش المالي، أولهما في 2 يونيو (حزيران) الماضي، على معسكر في مدينة تمبكتو التاريخية شمال مالي، بالإضافة إلى مطار المدينة، وذلك بعد يوم من غارة دموية أودت بحياة ما لا يقل عن 30 جندياً في وسط البلاد. وبعد سلسلة من الهجمات المنسقة على الحدود مع السنغال وموريتانيا، أعلنت الجماعة الإرهابية فرض حصار على مدينة ونيورو دو الساحل، وكذلك مدينة كايس التي تُعد عصباً تجارياً بين مالي والسنغال وموريتانيا، وحال «نجاح الإرهابيين في تنفيذ ذلك يعني خنق التجارة الإقليمية وقطع الإمدادات الغذائية والوقود، وتعطيل الاقتصاد المحلي»، حسب «إذاعة فرنسا الدولية». المحلل السياسي التشادي، الخبير في الشؤون الأفريقية، صالح إسحاق عيسى، يرى أن «تمدّد الجماعة في غرب مالي يهدّد بتقويض المنجزات الأمنية التي حقّقتها دول مثل موريتانيا، ويضع السنغال في اختبار لم تواجهه منذ أكثر من عقد، في ظل تراجع الحضور الدولي الفعّال، وانسحاب قوى كبرى مثل فرنسا، وغياب بدائل إقليمية قوية قادرة على فرض الاستقرار». وأوضح عيسى لـ«الشرق الأوسط» أن «السنغال رغم استقرارها النسبي تعاني من تهميش بعض المناطق الحدودية مثل كيدوغو وكولدا، وهو ما يشكّل ثغرة يمكن أن تُستغل بسهولة من قِبل عناصر متسللة، وموريتانيا، التي راكمت خبرة أمنية معتبرة في مكافحة الإرهاب، قد تواجه تحدياً من نوع جديد إذا ما اتجهت الجماعات الإرهابية إلى استثمار النزعات العرقية أو القبلية لبناء حاضنة محلية ولو محدودة». ولم يعد مجرد الإرهاب في الساحل مشكلة محلية، بل صار أزمة إقليمية ذات انعكاسات استراتيجية عميقة، وفق عيسى، الذي أكد أنه إذا لم يُواكَب هذا التمدد الإرهابي برد فعل إقليمي سريع وحازم، فإن حدود السنغال وموريتانيا قد تشهد تحولات درامية، ليس فقط على المستوى الأمني، بل على مستوى التوازنات الاجتماعية والسياسية، خصوصاً في المناطق الحدودية التي لطالما ظلّت مهمّشة، مما يُنذر بمرحلة جديدة من عدم الاستقرار في غرب أفريقيا. جنود ماليون في أثناء دورية بالقرب من حدود النيجر (رويترز) وكثّفت «نصرة الإسلام» كذلك هجماتها في منطقة الساحل الكبرى خلال الأسابيع الأخيرة، مستهدفة ليس فقط مالي، بل أيضاً بوركينا فاسو والنيجر، المجاورتَيْن، اللتيْن تحكمهما أنظمة عسكرية قطعت تحالفها القديم مع فرنسا، القوة المهيمنة السابقة، منذ 2020، والتفتت عسكرياً وسياسياً إلى روسيا، وشكّلت تحالف دول الساحل في نوفمبر (تشرين الثاني)، وأعلنت انسحابها من المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا. وتتفرع جماعة «نصرة الإسلام» الموالية «لتنظيم (القاعدة)، التي تعدّ الأقوى نفوذاً وأكبر تهديد لمنطقة الساحل» حسب الأمم المتحدة، إلى استراتيجيات عسكرية وسياسية لتقويض مصداقية حكومات المنطقة، وتقديم نفسها على أنها بديل موثوق، وليس في مقدور الجماعة إرساء حكمها في المدن الكبرى مثل العواصم، لكنها تحكم البلدات بطريقة غير مباشرة عبر اتفاقات محلية تسمح لها بفرض الشريعة الإسلامية على السكان ومنعهم من التعاون مع الجيش وجباية إتاوات، حسب تقرير مطلع الشهر الحالي نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية». وفي يونيو (حزيران) الماضي، أصدرت الجماعة بياناً دعت فيه إلى «إقامة حكومة شرعية» يتولّى تشكيلها الماليون أنفسهم بعيداً عن الجيش وروسيا. بينما يرى المحلل السياسي النيجري، السنوسي حامد، أن تركيز الجماعات الإرهابية منصب بشكل أساسي على دول الساحل الثلاث، ولا سيما في السنوات الثلاث الأخيرة، فهذه الدول قد أخلت قرى كاملة من سكانها وانعدمت فيها الحياة بسبب الإرهاب، ورأينا في الأيام الماضية اشتداد العمليات الإرهابية في وسط وغرب مالي. ولن تتأثر الحدود الموريتانية والسنغالية بهذه التداعيات؛ إلا إذا أثارت حفيظة الإرهابيين عبر مساندة عسكرية لمالي أو غيرها، فعندئذ قد تدخل في مواجهة مع الإرهاب بشكل مباشر، وفق حامد، الذي لفت إلى أن السنغال وموريتانيا تعدّان من الدول الخالية من الجماعات الإرهابية. عودة إلى صالح إسحاق عيسى الذي يرى أن «هناك ارتباطاً وثيقاً بين الخروج الفرنسي من مالي وتنامي نفوذ الجماعات الإرهابية في المنطقة، وإعادة ترتيب صفوفها وتنظيم عملياتها وظهور خلايا نائمة، خصوصاً أن باريس كانت تشكل القوة الرئيسية التي تحارب الجماعات الإرهابية في منطقة الساحل على مدار عقود، ونجحت في ذلك. وحالياً الوجود الروسي يواجه تحديات أدت إلى اتساع نطاق الهجمات». ويرجح عيسى أن «يكون هناك تدخل ضروري من دول الجوار» لمواجهة هذه الأزمة، خصوصاً أن التهديدات الإرهابية تتجاوز حدود مالي لتصل إلى دول مثل موريتانيا، والسنغال، والنيجر، وبوركينا فاسو، مقترحاً أنه «يمكن تشكيل قوات مشتركة» تقوم بمراقبة الحدود بشكل مكثف، وتنسّق العمليات العسكرية والاستخباراتية لمواجهة التنظيمات الإرهابية، لكن هذا التعاون يجب ألا يقتصر فقط على الجانب العسكري، بل يجب أن يتضمّن أيضاً الجوانب التنموية والاجتماعية لمكافحة الأسباب التي تؤدي إلى انتشار التطرف وفق نهج شامل. ويتفق معه السنوسي حامد في أن من يستقرئ الماضي والأحداث فسوف يستنتج أن الحل العسكري لن يكون كافياً لدحر الإرهاب، في «ظل انتشار الفقر والجهل والفساد»، فهذه العوامل كفيلة بتنامي الإرهاب؛ حيث إن «المنظمات والجماعات المتطرفة تستغل تلك العوامل لتجنيد الشباب، مستخدمة في ذلك العواطف الدينية ومشاعر الغضب لدى الشباب والأحوال الاقتصادية السيئة».


الرياض
منذ 3 ساعات
- الرياض
أذربيجان تعلن أنها ستصدر الغاز إلى سوريا عبر تركيا
أعلنت أذربيجان السبت أنها ستصدر غازها قريبا عبر تركيا إلى سوريا التي تعاني صعوبات كبيرة في مجال الطاقة، وذلك خلال زيارة للرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع لباكو. وأكد البلدان أن الشرع الذي تولى السلطة في ديسمبر 2024 بعد سقوط نظام بشار الأسد، التقى الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف. وأورد بيان صادر عن الرئاسة الأذربيجانية أنه خلال لقاء الزعيمين "أُشير إلى أن سوريا تواجه حاليا مشكلة طاقة خطيرة". وأضاف أنه "في هذا السياق، تم تأكيد تنفيذ مشروع لتصدير الغاز الأذربيجاني إلى سوريا عبر الأراضي التركية في المستقبل القريب، ما سيساهم في أمن الطاقة في البلاد". وتسعى الإدارة السورية الجديدة إلى إعادة إعمار البلاد المدمرة بعد نحو 14 عاما من الحرب الأهلية. وألحقت الحرب أضرارا بالغة بالبنى التحتية للكهرباء في البلاد، حيث ينقطع التيار الكهربائي لفترة قد تستمر أكثر من 20 ساعة يوميا. وأعلن وزير الطاقة السوري محمد البشير مطلع أيار/مايو توصل دمشق وأنقرة إلى اتفاق يقضي بتوريد تركيا الغاز الطبيعي إلى سوريا عبر خط أنابيب في شمال البلاد. وأذربيجان حليفة لتركيا التي تربطها علاقات وثيقة بالحكومة الانتقالية السورية. ويؤيد علييف مواقف تركيا في القضايا الدولية، بما في ذلك بشأن سوريا.