logo
الصين والحرب في أوكرانيا.. دبلوماسية الحذر في زمن الانقسام

الصين والحرب في أوكرانيا.. دبلوماسية الحذر في زمن الانقسام

الوئاممنذ 2 أيام
خاص – الوئام
منذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية في فبراير 2022، أصبحت الصين في موقع معقّد داخل المعادلة الدولية، حيث تسعى إلى الحفاظ على تحالفها الاستراتيجي مع موسكو دون أن تُقوّض مصالحها الاقتصادية الكبرى مع أوروبا والولايات المتحدة.
ومع مرور أكثر من ثلاث سنوات على الحرب، يتزايد الضغط الأوروبي والدولي على بكين لدفع روسيا نحو إنهاء القتال. إلا أن استجابة الصين تظل غامضة، وتعكس انقسامًا داخليًا واستراتيجية حذرة في إدارة علاقاتها الدولية.
العلاقات الصينية الأوروبية
وفق ما نشرت فورين أفيرز الامريكية، أثناء زيارة قادة الاتحاد الأوروبي إلى بكين مؤخرًا، شددت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين على أن الحرب في أوكرانيا تمثل نقطة تحول في العلاقات الصينية الأوروبية. وعلى الرغم من الحوار الذي دار حول التجارة والأمن، كانت الدعوة الأوروبية واضحة: على الصين استخدام نفوذها للضغط على روسيا لاحترام ميثاق الأمم المتحدة وإنهاء 'حرب العدوان' على أوكرانيا.
لكن ورغم هذه الضغوط، لا تبدو الصين مستعدة لتأدية دور قيادي في حل النزاع. فخلال سنوات الحرب، قدمت بكين بعض المبادرات الدبلوماسية، أبرزها الورقة ذات الـ12 بندًا في فبراير 2023، لكنها لم تحرز تقدمًا ملموسًا على أرض الواقع.
انقسام داخلي حول الموقف من الحرب
اللافت أن الصين لا تتعامل مع الملف الأوكراني برؤية موحدة. فالانقسام يعمّ النخب السياسية والأكاديمية والإعلامية وحتى الرأي العام. فهناك تيار صيني يرى في الحرب انتهاكًا صارخًا للسيادة الأوكرانية، وهو موقف ينسجم مع مبادئ الصين المُعلنة المتعلقة باحترام وحدة أراضي الدول ورفض التدخل الأجنبي. هذا التيار يستحضر تجارب الصين التاريخية في مواجهة الاحتلال الأجنبي ويتعاطف مع أوكرانيا انطلاقًا من مرجعيات أخلاقية وقانونية.
بالمقابل، يرى تيار آخر أن ما يحدث في أوكرانيا هو امتداد لإعادة ترتيب جيوسياسي بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، معتبرًا أن الغرب تجاهل مخاوف روسيا الأمنية وتمادى في التوسع شرقًا من خلال الناتو. ومن هذا المنطلق، يتفهم كثير من الصينيين الدوافع الروسية، بل ويعتبرون أن ما تواجهه روسيا من 'احتواء غربي' شبيه بما تواجهه الصين من قيود وضغوط استراتيجية واقتصادية.
موازنة معقدة في السياسة الخارجية
تنعكس هذه الانقسامات في سلوك الصين الدبلوماسي، الذي يمكن وصفه بأنه 'انحياز محسوب' أو 'حياد تكتيكي'. فمن ناحية، لم تعترف بكين رسميًا بضم روسيا لشبه جزيرة القرم أو بالمناطق الشرقية التي أعلنت موسكو ضمّها. ومن ناحية أخرى، تؤكد الصين أن 'المخاوف الأمنية المشروعة لجميع الدول يجب أن تُؤخذ بجدية'، وهي إشارة ضمنية لتفهم مخاوف روسيا من توسع الناتو.
فيما تسعى الصين للحفاظ على علاقات جيدة مع كلا الطرفين: فهي ما زالت الشريك التجاري الأكبر لأوكرانيا، بينما بلغ حجم التبادل التجاري مع روسيا نحو 250 مليار دولار في 2024. هذا التوازن الهش يعكس سعي بكين لحماية مصالحها دون الاصطدام الصريح بأي من الجانبين.
تعقيدات العلاقة مع روسيا
رغم الشراكة الاستراتيجية، تواجه العلاقات الصينية الروسية تحديات على أرض الواقع. العقوبات الغربية أجبرت بكين على إيجاد طرق جديدة لتسوية المدفوعات مع موسكو، وأدت إلى تباطؤ نمو التجارة بين البلدين. ورغم حديث بعض المسؤولين الغربيين عن 'شراكة بلا حدود' بين بكين وموسكو، فإن الواقع يشير إلى أن العلاقات لا تخلو من البراجماتية والحسابات الذاتية.
في الوقت نفسه، لا تغفل الصين عن أهمية علاقاتها مع أوروبا، التي تُعد شريكًا اقتصاديًا رئيسيًا. ومع تصاعد الانتقادات الأوروبية لدعم الصين غير المباشر لروسيا، باتت بكين تخشى من أن تتحول الحرب في أوكرانيا إلى نقطة صدام دائم مع الغرب، وهو ما لا تريده في ظل تباطؤ اقتصادي داخلي وحرب تجارية مستمرة مع الولايات المتحدة.
معضلة استراتيجية
الحرب في أوكرانيا وضعت الصين أمام معضلة استراتيجية، إما الوقوف بحزم إلى جانب روسيا مع ما يحمله ذلك من تبعات دولية واقتصادية، أو الحفاظ على علاقاتها مع الغرب على حساب تحالفها مع موسكو. وحتى الآن، تفضل بكين التوازن الدقيق، مُستخدمة لغة دبلوماسية مبهمة ومواقف مرنة لتجنب التصعيد مع أي طرف.
ومع استمرار الحرب دون أفق واضح للحل، سيزداد صعوبة الحفاظ على هذا التوازن، وقد تجد الصين نفسها مضطرة قريبًا لاتخاذ قرارات أوضح في هذا النزاع الدولي.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

ترمب يتحرك ضد 'التمييز المصرفي' بالبنوك
ترمب يتحرك ضد 'التمييز المصرفي' بالبنوك

الوئام

timeمنذ ساعة واحدة

  • الوئام

ترمب يتحرك ضد 'التمييز المصرفي' بالبنوك

يعتزم الرئيس الأمريكي دونالد ترمب توقيع أمر تنفيذي اليوم الخميس يهدف إلى القضاء على بعض ممارسات البنوك والجهات التنظيمية للقطاع المصرفي، التي تؤدي إلى حرمان بعض العملاء من الوصول إلى الخدمات المالية لأسباب أيديولوجية. ونقلت وكالة بلومبرج للأنباء عن مسؤول كبير في البيت الأبيض رفض الكشف عن هويته القول إن الأمر يوجه الجهات التنظيمية المصرفية الاتحادية إلى إلغاء معايير مخاطر السمعة من إرشاداتها وموادها التدريبية، وتحديد المؤسسات المالية التي مارست عمليات 'إلغاء التعامل المصرفي' غير القانونية في الماضي. كما يوجه الأمر السلطات الاتحادية بفرض غرامات أو اتخاذ أي تدابير تصحيحية أخرى تراها مناسبة بحق المؤسسات التي يثبت اتباعها لهذه السياسات. كما يطلب من الجهات التنظيمية مراجعة بيانات الشكاوى، وإحالة حالات إلغاء المعاملات المصرفية غير القانونية القائمة على أساس ديني إلى وزارة العدل. كما يطالب المؤسسات المالية الخاضعة لسلطة إدارة المشروعات الصغيرة بذل جهود معقولة لإعادة العملاء الذين حُرموا من الخدمات بشكل غير قانوني. وتتهم إدارة ترمب بعض أكبر البنوك في الولايات المتحدة بإغلاق حسابات عملاء لأسباب سياسية أو دينية. وقد اشتكى العديد من الأمريكيين المحافظين من أن شركات وول ستريت الكبرى قد أوقفت التعاملات المصرفية لشركات صناعة الأسلحة، وشركات الوقود الأحفوري، والجماعات الدينية، وشركات العملات المشفرة على أسس أيديولوجية من المتوقع أن يوقع ترمب على الأمر التنفيذي، إلى جانب إجراء يهدف إلى تشجيع تداول والاستثمار في الأصول البديلة، مثل الأسهم الخاصة، والعقارات، والعملات المشفرة، في حسابات التقاعد. وقد نشرت قناة فوكس بيزنس تفاصيل الأمر التنفيذي بشأن التعاملات المصرفية في وقت سابق. وفي وقت سابق من الأسبوع الحالي، قال ترمب إن البنوك مارست التمييز ضده في الماضي. وقال في مقابلة مع قناة سي.إن.بي.سي أول أمس الثلاثاء إن بنك جيه بي مورجان تشيس طلب منه إغلاق حسابات احتفظ بها لعقود في غضون 20 يومًا، كما رفض بنك أوف أمريكا محاولته إيداع أكثر من مليار دولار. وأضاف الرئيس أن الجهات التنظيمية في إدارة الرئيس السابق جو بايدن أُمرت 'بتدمير ترمب'. ونفى بنكا جيه.بي مورجان وبنك أوف أمريكا اتخاذ أي قرارات بشأن أنشطتهما على أسس أيديولوجية.

أمريكا تطبق تعريفات جمركية جديدة على 90 دولة.. ضغوط اقتصادية وتداعيات عالمية
أمريكا تطبق تعريفات جمركية جديدة على 90 دولة.. ضغوط اقتصادية وتداعيات عالمية

الوئام

timeمنذ ساعة واحدة

  • الوئام

أمريكا تطبق تعريفات جمركية جديدة على 90 دولة.. ضغوط اقتصادية وتداعيات عالمية

بدأت الولايات المتحدة رسميًا تطبيق رسوم جمركية واسعة النطاق على واردات قادمة من أكثر من 90 دولة، في خطوة مثيرة أثارت جدلًا عالميًا وتحركات دبلوماسية عاجلة من دول عدة. القرار الذي أعلنه الرئيس الأميركي دونالد ترامب دخل حيز التنفيذ بعد منتصف الليل، ويهدف وفق البيت الأبيض إلى تعزيز التصنيع المحلي وتقليل الاعتماد على المنتجات الأجنبية، خاصة من الدول التي لا تلتزم بالسياسات الأميركية في التجارة والطاقة. تشمل الرسوم الجديدة فرض ضرائب تصل إلى 50% على واردات من دول مثل الهند وسويسرا والمكسيك، فيما حافظت دول حليفة مثل الاتحاد الأوروبي وكوريا الجنوبية على تعريفات منخفضة نسبيًا لا تتجاوز 15%. اللافت أن الصين، رغم التوترات القائمة، ما زالت مستثناة مؤقتًا من الزيادات الأخيرة بفضل اتفاقيات هدنة سابقة، إلا أن مسؤولين أميركيين ألمحوا إلى إمكانية فرض تعريفات عليها لاحقًا بسبب استمرار علاقاتها الاقتصادية مع روسيا. سويسرا كانت من أكثر الدول تضررًا، بعد إخفاقها في التوصل إلى اتفاق مع الولايات المتحدة، ما أدى إلى فرض رسوم بنسبة 39% على صادراتها، وسط مخاوف متزايدة في البلاد من انعكاسات اقتصادية على الصناعات الوطنية. في الهند، التي تواجه رسومًا تصل إلى 50% على منتجات رئيسية، دافعت الحكومة عن سياساتها التجارية، مؤكدة أن الاستمرار في شراء النفط الروسي ضرورة لحماية الاقتصاد المحلي، وخاصة مصالح صغار المزارعين. وفي الولايات المتحدة، أبدت الأسواق رد فعل حذر، حيث ارتفع مؤشر S&P 500 بنسبة طفيفة، فيما سادت حالة من الترقب بين الشركات التي تعتمد على المواد المستوردة، لا سيما في قطاعات مثل التوابل والإلكترونيات. وزارة التجارة الأميركية أعلنت أن الشركات الأميركية التي تسعى للإعفاء من الرسوم الجديدة عليها إثبات نيتها توطين الصناعة داخل الولايات المتحدة، وتقديم خطط تشغيل واضحة تخضع لرقابة الجهات الفيدرالية. التأثير الفوري للرسوم على أسعار المستهلكين لن يظهر على الفور، إذ تتوقع المتاجر الكبرى أن تغطي المخزونات الحالية الفجوة مؤقتًا، قبل أن تبدأ الأسعار في الارتفاع التدريجي خلال الأشهر المقبلة. سياسيون في سويسرا أعادوا فتح النقاش حول إمكانية الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي كخطوة استراتيجية لحماية الاقتصاد السويسري من تقلبات القرارات الأميركية المفاجئة، وسط انقسام داخلي حول هذا التوجه.

توجيه التهم لـ3 أشخاص بدعم منظمة "فلسطين أكشن" المحظورة في بريطانيا
توجيه التهم لـ3 أشخاص بدعم منظمة "فلسطين أكشن" المحظورة في بريطانيا

Independent عربية

timeمنذ 2 ساعات

  • Independent عربية

توجيه التهم لـ3 أشخاص بدعم منظمة "فلسطين أكشن" المحظورة في بريطانيا

وجهت اتهامات لثلاثة أشخاص في بريطانيا لدعمهم منظمة "فلسطين أكشن" المصنفة "إرهابية" منذ مطلع يوليو (تموز) الماضي، قبل تظاهرة مقررة بعد غدٍ السبت في لندن احتجاجاً على حظر المنظمة، بحسب ما أعلنت الشرطة البريطانية اليوم الخميس. وأكدت الشرطة أن هذه أول اتهامات مماثلة توجه في إنجلترا وويلز. وأوقف جيريمي شيبام (71 سنة) وجوديت موراي (71 سنة) وفيونا ماكلين (53 سنة) في الخامس من يوليو الماضي خلال تظاهرة في لندن دعماً للمنظمة المحظورة. ومن المقرر أن يمثل الثلاثة أمام محكمة وستمنستر في العاصمة البريطانية في الـ16 من سبتمبر (أيلول) المقبل. ويواجه المتهمون عقوبة قصوى بالسجن ستة أشهر و/أو غرامة تصل إلى 5000 جنيه استرليني (6700 دولار). وأعلنت الشرطة أنها تعتزم إحالة ملفات 26 شخصاً آخرين أوقفوا في اليوم نفسه على هيئة الادعاء. وقال قائد وحدة مكافحة الإرهاب في شرطة لندن دومينيك مورفي إن "أي شخص يظهر علناً دعمه لـ'فلسطين أكشن'، المنظمة المحظورة، يرتكب انتهاكاً بموجب قانون الإرهاب، ويعرض نفسه للتوقيف، وكما توضح هذه الاتهامات، للتحقيق". اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) احتجاجات مستمرة وأدرجت الحكومة البريطانية منظمة "فلسطين أكشن" ضمن قائمة المنظمات "الإرهابية" في البلاد مطلع يوليو الماضي، عقب أعمال تخريب ارتكبها نشطاؤها، ولا سيما داخل قاعدة جوية في إنجلترا. ورفعت هدى عموري، المشاركة في تأسيس هذه المنظمة عام 2020، دعوى قضائية ضد هذا الحظر. وتقدم المنظمة نفسها على أنها "شبكة عمل مباشر" تهدف إلى إدانة "التواطؤ البريطاني" مع دولة إسرائيل، ولا سيما على صعيد بيع الأسلحة. وتنظم مجموعة "ديفند أور جوريز" تظاهرات في البلاد احتجاجاً على حظر المنظمة الذي اعتبرته الأمم المتحدة "غير متناسب". وأوقف أكثر من 200 شخص لمشاركتهم في تجمعات مماثلة، بحسب تيم كروسلاند من "ديفند أور جوريز". ومن المقرر تنظيم تظاهرة جديدة بعد غدٍ في لندن يتوقع المنظمون أن تضم 500 شخص في الأقل. وحذرت الشرطة المشاركين من احتمال تعرضهم للتوقيف، وقال دومينيك مورفي "أوصي بشدة أي شخص يخطط للتوجه إلى لندن نهاية هذا الأسبوع لإظهار دعمه لـ'فلسطين أكشن' بأن يفكر في العواقب الجنائية المحتملة لأفعاله". ويعاقب حمل علامة تشير إلى دعم منظمة محظورة في بريطانيا بالسجن حتى ستة أشهر، ولكن العضوية في مثل هذه المنظمة أو التحريض على دعمها يمكن أن يعاقب عليه بالسجن حتى 14 عاماً. ووقّع نحو 50 شخصية عامة وأستاذاً جامعياً بينهم نعومي كلاين وأنجيلا ديفيس، رسالة نشرت اليوم في صحيفة "ذا غارديان" تدعو الحكومة البريطانية إلى إلغاء حظر "فلسطين أكشن".

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store