logo
في مواجهة عطش المستقبل.. الأردن وأزمة المياه في مرآة التحولات الإقليمية

في مواجهة عطش المستقبل.. الأردن وأزمة المياه في مرآة التحولات الإقليمية

رؤيا نيوزمنذ 3 أيام
في ظل مواجهة الأردن واحدا من أخطر التحديات الوجودية في تاريخه؛ أزمة مياه تتفاقم عاما بعد عام، فإن الاعتماد الذي يفوق 90 % على مصادر مياه محدودة، أغلبها جوفية ومشتركة مع دول الجوار، وتراجع معدلات الهطول، وتزايد الطلب بفعل النمو السكاني واللجوء، باتت الحاجة لحلول هيكلية مستدامة أمرا لا يحتمل التأجيل.
لكن الأردن ليس وحيدا في هذا المسار؛ فالشرق الأوسط بأكمله يعيد رسم خريطة أمنه المائي والطاقي في ظل تغيّر المناخ والتوترات الجيوسياسية.
أزمة المياه لا تدار باساليب تقليدية
ورغم أن الأردن لا يمتلك الإمكانيات المالية أو الموارد الطبيعية التي تتمتع بها دول أخرى، فإن قدرته على بناء شراكات ذكية، وتبني نماذج تمويل مرنة، والاستثمار في التكنولوجيا المستدامة، قد تجعله لاعبا فاعلا في مشهد إقليمي يتغير بسرعة.
فلم تعد أزمة المياه في الأردن قابلة للإدارة بأساليب تقليدية، وإذا لم تستثمر هذه اللحظة الإقليمية الحاسمة في خلق حلول إستراتيجية، فإن ما يبدو اليوم ندرة قد يتحول غدا إلى عجز وجودي دائم.
وفي هذا السياق، قدم تقرير صادر أخيرا عن مؤسسة 'أي إنفست'، وحصلت 'الغد' على نسخة منه، رؤية تحليلية لمرحلة مفصلية تعيشها المنطقة.
وركز التقرير الذي حمل عنوانه 'أسواق البنية التحتية للمياه الناشئة في الشرق الأوسط: الفرص الإستراتيجية في تحلية المياه والطاقة'، على مشاريع البنية التحتية الكبرى التي تربط بين تحلية المياه وإنتاج الطاقة، كخيار إستراتيجي لتحقيق الاستقرار المائي والاقتصادي.
وتعد مثل هذه المشاريع، فرصة مهمة لدول مثل الأردن، الذي لا يمتلك منفذا بحريا مباشرا إلا عبر خليج العقبة، لكنه يدرس منذ سنوات مشروعات تحلية مثل الناقل الوطني، تحلية خليج العقبة ونقل المياه إلى الشمال.
التحلية توفر كميات مياه كافية
ورغم التحديات التمويلية والتقنية، فإن التقرير أبرز نماذج إقليمية ناجحة يمكن البناء عليها، ومقابل ذلك، أكد الخبير الدولي في قطاع المياه د.دريد محاسنة، في تصريحات
لـ'الغد'، أن اللجوء إلى الطاقة المتجددة في عمليات تحلية المياه أصبح خيارا إستراتيجيا لا غنى عنه، بل ضرورة وطنية ملحّة في ظل تزايد العجز المائي في الأردن.
وقال محاسنة 'إن التحلية باتت الوسيلة الوحيدة القادرة على توفير كميات المياه الكافية لنحو 11 مليون نسمة، في وقت لا تكفي فيه الموارد المائية الحالية لتغطية احتياجات أكثر من مليوني شخص فقط'.
وأضاف 'أصبح من غير الممكن اليوم تلبية الطلب المتزايد على المياه دون التوجه نحو مشاريع التحلية، إذ لم تعد هناك بدائل تقليدية يمكن التعويل عليها لتغطية هذا النقص الحاد'.
وشدد الخبير الدولي في قطاع المياه، على أن استخدام الطاقة المتجددة في هذه المشاريع ليس مجرد خيار بيئي، بل هو الحل الأمثل من حيث الكلفة والكفاءة.
وبيّن 'أن التحلية باستخدام الطاقة المتجددة تجعل كلفة المياه منخفضة بشكل كبير، وهو ما لا يمكن تحقيقه عبر مصادر الطاقة التقليدية'، مشيرا إلى أن هذا التوجه لا يخدم فقط الهدف الاقتصادي، بل يمثل خيارا بيئيا متقدما يحمي من تفاقم الانبعاثات وتداعيات التغير المناخي.
وتابع محاسنة، 'لا يمكن أن نقوم بتلويث الهواء والمساهمة في تسريع التغير المناخي عبر الاعتماد على الوقود الأحفوري في مشاريع يفترض بها أن تعزز الاستدامة.. ويجب أن تكون الطاقة المتجددة هي الركيزة الأساسية لأي منظومة تحلية مستدامة، كونها وسيلتنا الوحيدة لتحقيق الأمن المائي دون الإضرار بالبيئة'.
وأوضح أن جوهر التحدي يكمن في أمن الموارد، لافتا لأن 'هذا هو ما نحتاجه فعليا؛ فإذا لم نضمن أمن مواردنا المائية داخليا، فسنجد أنفسنا مضطرين للجوء إلى مصادر خارجية، سواء عبر استيراد المياه أو جلب بدائل من خارج الوطن، وهو ما يفتح الباب أمام أزمات سيادية واقتصادية محتملة'.
وأكد أهمية المضي بالتحلية عبر الطاقة المتجددة، مشيرا لأنها تمثل رافعة إستراتيجية للأمن المائي الوطني.
ولفت لضرورة أن يكون الاستثمار في هذا المسار، أولوية قصوى ضمن سياسات الدولة طويلة الأمد.
وفي التفاصيل، رأى التقرير ذاته أن ندرة المياه لم تعد قضية بيئية فقط، بل أصبحت مسألة أمن قومي واجتماعي، مسلطا الضوء على أن البنية التحتية للمياه باتت أداة دبلوماسية، حيث تستخدم بعض الدول مشاريع التحلية والسدود لبناء نفوذ إقليمي وتوسيع علاقاتها الاقتصادية.
واستعرض التقرير عددا من القطاعات الواعدة للاستثمار في البنية التحتية المائية والطاقة، والتي تشمل الشركات المطورة لتقنيات تحلية المياه مثل التناضح العكسي، ومنتجو الطاقة المتجددة 'الشمسية والرياح'، وشركات البنية التحتية ذات الخبرة في تنفيذ المشاريع المعقدة في بيئات سياسية واقتصادية متقلبة.
لكنه أوصى في الوقت ذاته، بأن تكون هذه الاستثمارات مشروطة بوجود حوكمة شفافة، وتمويل واضح، وبناء قدرات محلية، مقدما قراءة دقيقة لتحوّلات جذرية تحدث الآن في البنية التحتية للمياه والطاقة في الشرق الأوسط.
ففي وقت يصنّف فيه الأردن كأفقر دولة عالميا بالمياه، ومع تزايد الضغوط الناجمة عن تغير المناخ والنمو السكاني واستقبال موجات لجوء متكررة، تبدو الحاجة ملحّة لتبني إستراتيجيات مبتكرة ومستدامة لإدارة المياه.
أيمان الفارس – الغد.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

'عزم النيابية' تزور محافظة إربد للاطلاع على أبرز المشاريع التنموية
'عزم النيابية' تزور محافظة إربد للاطلاع على أبرز المشاريع التنموية

رؤيا نيوز

timeمنذ 25 دقائق

  • رؤيا نيوز

'عزم النيابية' تزور محافظة إربد للاطلاع على أبرز المشاريع التنموية

زارت كتلة 'عزم' النيابية، برئاسة النائب الدكتور أيمن أبو هنية، اليوم الاثنين، محافظة إربد، لمتابعة مستوى تنفيذ المشاريع الحكومية بالمحافظة، حيث التقت بمحافظ إربد رضوان العتوم، ومدراء الأجهزة التنفيذية. وأكد أبو هنية خلال اللقاء أن هذه الزيارة جاءت في إطار جهود الكتلة المستمرة للاطلاع ومتابعة المشاريع التنموية والاقتصادية في مختلف المحافظات الأردنية، وفي سياق اهتمام الكتلة بتحقيق التنمية المستدامة وتعزيز الاقتصاد المحلي ودعمه وتوفير فرص عمل والحد من البطالة، إضافة إلى دعم المجتمعات المحلية. وأشار إلى أن الزيارة ليست سوى بداية لسلسلة من الجولات الميدانية التي ستقوم بها في جميع المحافظات، بهدف التواصل مع المواطنين والمسؤولين، وفهم احتياجات كل محافظة بشكل دقيق، من أجل صياغة خطط عمل شاملة تسهم في التنمية المستدامة على المستوى الوطني. ​وأكد أعضاء الكتلة أن ميزانية محافظة إربد الحالية، والبالغة 14 مليون دينار، لا تلبي احتياجات المحافظة، مطالبين بضرورة زيادتها لتنفيذ مشاريع أكبر وأكثر فاعلية. وفي إطار تعزيز القطاع السياحي، زارت الكتلة لواء الطيبة الذي يتمتع بمقومات أثرية وسياحية وطبيعية وتاريخية مميزة، داعية إلى جذب الاستثمارات لهذا اللواء لتوفير المزيد من فرص العمل للشباب المحلي، وضرورة إنشاء برامج سياحية متكاملة لجذب الزوار وزيادة الوعي بالمعالم السياحية في المحافظة. بدوره، بين العتوم أن المحافظة شهدت تنفيذ 22 مشروعا أنجزت بنسبة 100 بالمئة، وهناك 9 مشاريع أخرى قيد التنفيذ فضلا عن مشروع بيئي قيد الطرح، مؤكدا المتابعة المستمرة مع الجهات الحكومية لضمان التنفيذ ضمن الجداول الزمنية المحددة. وأشار إلى أن المحافظة تشهد نشاطا عمرانيا واقتصاديا وصناعيا وتجاريا كبيرا، ما يتطلب مزيدا من الدعم لتحسين الخدمات. وأكد أن الحاكمية الإدارية تتابع مع مختلف الدوائر الحكومية ومجلس المحافظة والبلديات، تنفيذ كل المشاريع التي أعلنت عنها الحكومة وتعمل على تذليل العقبات لضمان ان تسير بيسر وسهولة؛ انسجاما مع مع رؤية التحديث الاقتصادي. وتضم كتلة عزم النيابية النواب، رئيس الكتلة الدكتور أيمن أبو هنية، والدكتور مؤيد العلاونة، ومحمد بني ملحم، والدكتور إياد جبرين، والدكتور وصفي حداد، ومي السردية. كما حضر عدد من نواب المحافظة اللقاء وهم، فراس القبلان، وشاهر شطناوي، وهالة الجراح.

محافظ جرش ورئيس البلدية يتفقدان الوسط التجاري
محافظ جرش ورئيس البلدية يتفقدان الوسط التجاري

رؤيا نيوز

timeمنذ 25 دقائق

  • رؤيا نيوز

محافظ جرش ورئيس البلدية يتفقدان الوسط التجاري

تفقد محافظ جرش الدكتور مالك خريسات، اليوم الاثنين، يرافقه رئيس بلدية جرش محمد بني ياسين، وسط المدينة التجاري، للاطلاع على حركة النشاط التجاري والاستماع إلى احتياجات المواطنين والملاحظات الميدانية. وأكد محافظ جرش خلال الجولة على أهمية تعزيز التنسيق بين الجهات الرسمية والبلدية للارتقاء بمستوى الخدمات، بما يسهم في دعم النشاط الاقتصادي والسياحي وتنشيط الحركة التجارية في جرش، لا سيما خلال المواسم السياحية. من جهته، أشار بني ياسين إلى التزام البلدية بالتعاون مع مختلف المؤسسات لتوفير بيئة خدمية متكاملة تليق بمكانة المدينة وتلبي احتياجات سكانها وزوارها.

وزير الصناعة: الرسوم الجمركية الأميركية تعزز جاذبية الأردن الاستثمارية
وزير الصناعة: الرسوم الجمركية الأميركية تعزز جاذبية الأردن الاستثمارية

رؤيا نيوز

timeمنذ 25 دقائق

  • رؤيا نيوز

وزير الصناعة: الرسوم الجمركية الأميركية تعزز جاذبية الأردن الاستثمارية

قال وزير الصناعة والتجارة والتموين، المهندس يعرب القضاة، إن حصول الأردن على أدنى نسبة ارتفاع في الرسوم الجمركية للصناعات المتجهة إلى السوق الأميركي، يعزز فرص التصدير إلى هذا السوق ويزيد من جاذبية المملكة الاستثمارية. جاء ذلك خلال زيارة القضاة، ولجنة الاقتصاد والاستثمار النيابية، وعدد من نواب محافظة إربد، اليوم الاثنين، إلى مدينة الحسن الصناعية، حيث اجتمعوا بمستثمرين في مصانع ألبسة وقطاعات مختلفة داخل المدينة، واستمعوا إلى مقترحاتهم ومطالبهم. وأكد القضاة أن مدينة الحسن الصناعية تمثل قصة نجاح كبيرة، وامتدت استثماراتها إلى باقي المحافظات، مشيرا إلى أن صادراتها بلغت العام الماضي 1.2 مليار دولار. وأشار إلى وجود فرص عديدة أمام القطاع الصناعي لتعظيم الاستفادة من الأسواق الإقليمية، بما يسهم في تعزيز الاقتصاد الوطني، مؤكدا أن القطاع الصناعي موضع اعتزاز وتقدير، وأن 'واجبنا تقديم الدعم الممكن للصناعة الوطنية'. وبين أن الزيارة تؤكد أهمية القطاع الصناعي، وصناعة الألبسة تحديدا، في زيادة الصادرات الوطنية وتوفير فرص العمل، كما تعكس حرص الحكومة على التعاون مع مجلس النواب في مختلف القطاعات، بما يخدم الاقتصاد الوطني، ويرتقي بالأداء العام، ويسهم في تحفيز المشاريع الاستثمارية القائمة واستقطاب المزيد منها. بدوره، تحدث رئيس لجنة الاقتصاد النيابية، خالد أبو حسان، وعدد من النواب، عن أهمية التعاون بين مجلس النواب والحكومة في تجويد التشريعات، وجعلها أكثر تحفيزا للاستثمارات، وتذليل العقبات، لا سيما الإجرائية منها. وعرض ممثلو القطاع الصناعي والمستثمرون التحديات والصعوبات التي تواجههم، وواقع الاستثمار داخل المدينة الصناعية. وقال رئيس مجلس إدارة شركة المدن الصناعية، الدكتور لؤي سحويل، إن مدينة الحسن تعد ثاني أكبر المدن الصناعية في المملكة، وهي شاهدة على مسيرة تطور ونماء المدن الصناعية وإسهاماتها في رفعة الاقتصاد الوطني. وأضاف أن صادرات مدينة الحسن تشكل نحو 90 بالمئة من صادرات محافظة إربد الصناعية، مشيرا إلى أنها تضم أكثر من 138 شركة، بحجم استثمار يقارب 432 مليون دينار، وفرت أكثر من 34 ألف فرصة عمل. من جهته، أكد مدير عام شركة المدن الصناعية، عمر جويعد، أن الشركة ماضية في مسيرة التحديث والتطوير لجذب المزيد من الاستثمارات إلى جميع المدن الصناعية، وفي مقدمتها مدينة الحسن التي تحتضن استثمارات صناعية متميزة. وشملت الزيارة لقاءات مع مستثمري قطاع الألبسة، واجتماعا موسعا مع المستثمرين داخل المدينة، بحضور رئيس مجلس إدارة غرفة صناعة الأردن، المهندس فتحي الجغبير، ورئيس غرفة صناعة إربد، هاني أبو حسان.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store