
الأحدب.. التفاصيل الكاملة لأول رواية كتبها نجيب محفوظ ثم أنكرها
لم تكن هذه أول مرة ينشر فيها منير مطاوع قصة رواية الأحدب، لكنه سبق نشرها في مجلة الهلال عدد أغسطس عام 2014، وقال عن الرواية:"كتب الطالب نجيب محفوظ - وقتها – نجيب محفوظ وعمره 16 عام الرواية بخط يده في كراسة مدرسية صغيرة الحجم تعود – كما هو مكتوب على غلافها بالحبر الأحمر وبخط يد نجيب محفوظ إلى العام 1927، إنها مخطوطة رواية الأحدب، البداية المبكرة جدا لمؤلفها الذي تصفه دراسات نقدية وبحثية أكاديمية مصرية وعربية وعالمية بأنه مؤسس وباني عمارة الرواية العربية الحديثة ومجددها وراسم مجراها ومنجز أهم إنتاجاتها.
غلاف مخطوط رواية الأحدب كما نشره منير مطاوع
يكمل مطاوع:" لم يرد ذكر رواية "الأحدب" في أي من أحاديث نجيب محفوظ، التي بلغت المئات وربما الآلاف طوال الوقت، هذا عدا الكتب التي كانت أحاديث مطولة وذكريات لكاتبنا القدير فلماذا لم تأت إشارة لها من جانبه ولو على سبيل تداعي ذكريات البدايات.
يشير مطاوع إلى أن دارسي ومحققي تاريخ محفوظ الأدبي يرون أنه تعمد عدم الإشارة، بل وإنكار بعض أعماله وقصصه الأولى، حتى ما نشر منها في بعض المجلات الأدبية والثقافية، فهل جاءت "الأحدب" روايته الأولى ضمن قائمة الإبداعات التي يتعمد نسيانها أو إنكارها، حتى العدد الذي خصصه رجاء النقاش عندما كان رئيس تحرير مجلة الهلال عن نجيب محفوظ في فبراير عام 1970، والذي تناول جميع ما يمكن تناوله عنه على مدى 212 صفحة وشارك في كتابته حشد من الكتاب والنقاد والأكاديميين، لم تأت فيه أي إشارة إلى هذه الرواية التي ظلت مخطوطة إلى ان اكتشفت وجودها.
في موضع آخر يقول مطاوع :"يرى آخرون أنه إذا كان من حق نجيب محفوظ أن يسقط نحو 46 قصة منشورة فمن حق الباحثين أن ينقبوا ويظهروها في المستقبل، فمع ذلك تبقى لها القيمة التاريخية المتعلقة بتطور الأدب والأديب نفسه.
يواصل:" وعن سبب عدم كتابته مذكراته قال نجيب محفوظ في رد على سؤال وجهه له الدكتور مصطفى سويف عام 1970: إن فكرة كتابة السيرة الذاتية تراودني من حين لآخر، أحيانا تراودني كسيرة ذاتية بحتة وأخرى تراودني كسيرة ذاتية روائية، لكن الالتزام بالحقيقة مطلب خطير ومغامرة جنونية خاصة وأنني عايشت فترة انتقال طويلة تخلخلت فيها القيم وغلب الزيف وانقسم فيها كل فرد إلى اثنين أحدهما اجتماعي تليفزيوني والآخر ينفث حياة أخرى في الظلام.
ويستطرد منير مطاوع:"نشر محفوظ أول أعماله الروائية عام 1939، وكانت مستلهمة من الحياة المصرية القديمة "الفرعونية" بعد 12 عاما على كتابته لروايته المخطوطة "الأحدب" المستلهمة من الحياة الفرعونية.
ثم يعود مطاوع لبيانات المخطوطة فيقول:"مكتوب على الغلاف مؤلفات نجيب محفوظ 1، بخط الرقعة، أما عنوان الرواية فمكتوب بخط الثلث وبحروف أكبر الاحدب أو "هارماكيس"، وتحته بخط أصغر تاريخ الكتابة عام 1927، وإذا فتحت الصفحة الأولى ستقرأ بخط الرقعة وبالقلم الرصاص مقدمة المؤلف..
عدد صباح الخير الذي نشر به اكتشاف رواية الأحدب
تلك الرواية عبارة عن مذكرة تشمل حياة "هارماكيس" المصري خادم إزيس "مكتوبة هكذا، وليس إيزيس كما نكتبها الآن..
ها هو "هارماكيس" يصور لكم بقلمه شكل من اشكال مصر قديما، ويعترف بجرائمه التي أدت به إلى أسفل، مكان يمكن الوصول إليه، ويذكر الأسباب التي أدت لإجرامه.
وعن فصول الرواية يقول منير:"تمضي فصول الرواية، الفصل الأول: طفولتي- الفصل الثاني: أنا وسيتو- الفصل الثالث: عنوان طويل انمحت بعض حروفه فلا تظهر منها سوى كلمات المعبد، انتصارنا، لمساعدة الأم.
الفصل الرابع: الدعوة- القسم- تتويجي- مقابلة الأم المقدسة- ضحكة أفروديت.
الفصل الخامس: على شاطئ سيحور- فدية أفروديت- نهاية سيكو.
الفصل السادس: خلاف المهد- آخر قبلة- حكم إيزيس.
الفصل السابع: أفروديت- جنايتي- انتحار مريمون- تسليمي نفسي- عبرات.
وفي الصفحة قبل الأخيرة نقرأ: نهاية الرواية وعلى الصفحة الأخيرة نقرأ: تظهر قريبًا رواية فيرونيكا "وبعدها كلمة هدية التمثيل، لكن يبدو انه محاها وبقي أثرها".. نجيب محفوظ.
ويواصل منير مطاوع:" يقتضي الأمر أن نقول إن هذه المخطوطة النادرة هي تحفة مثيرة للتساؤلات، فهل بلغ نجيب محفوظ في هذه السن اليافعة اليانعة العلم بأجواء الحياة المصرية القديمة لدرجة تأليف رواية عنها؟ وهل كان في تلك السن التي تتعدى المرحلة الابتدائية إلى البكالوريا ربما قادرًا على، ومقررا بوضوح، اختيار الأدب وكتابة
الرواية على وجه الخصوص كمسار مستقبلى؟ الاطلاع على الخط المتقن والتنوع في الكتابة بخط الرقعة فى نص روايته وخط الثلث في عنوانها يكشف عن مواهب عدة ووضع عبارة مؤلفات نجيب محفوظ كعنوان تمهيدى
يشير إلى أن هذه لن تكون روايته الأولى وفى الصفحة الأخيرة إشارة إلى رواية مقبلة هي «فيرونيكا».
رواية لا ندرى عنها شيئًا.. هل كتبها؟ وأين هي إذن؟
ومع أننا قد نرى أنه أخطأ في عبارة اللغة الهيلوغرافية، فإنه ربما كانت هذه هي التسمية الشائعة وقتها سنة 1927.
وقد أخطأ الفتى محفوظ في تهجى اسم الإلهة إيزيس فكتبه إزيس»، لكنه في متن الرواية وفى عناوين بعض فصولها يورد الاسم صحيحًا وربما كانت المرة الأولى سهوا أو مجرد زلة قلم».
هذه وغيرها أمور تقتضي توفر الباحثين المتخصصين عليها لدرس النص الروائي والتحقق من أصالته واستكشاف دلالاته، وما إذا صحت نسبته إلى محفوظ
يبقى كيف اختفت طوال هذا الزمن نحو 87 سنة؟
يكمل مطاوع:" معنى هذا أن نجيب محفوظ بدأ رحلته الإبداعية في ذلك العمر (16) سنة واستمر يبدع على مدى نحو 78 عامًا حتى رحيله عام 2006
الغريب في الأمر أن أحدًا من المعنيين بأمور الأدب والرواية والثقافة عموما لم يهتم بهذا الاكتشاف، فوزارة الثقافة التي كان يتولاها وقتها الدكتور جابر عصفور أحد أكثر المهتمين بدراسة الأدب والرواية والذي اشتهر بمقولة أننا نعيش عصر الرواية لم تبد الوزارة ومجالسها المتخصصة ولجنة القصة في المجلس الأعلى للثقافة أي اهتمام بأمر هذا الاكتشاف ووضعه موضع البحث والدراسة، وهكذا كان الحال مع اتحاد الكتاب وأيضًا الباحثين والأكاديميين المعنيين بالأدب وتاريخه ومنجزاته وأعلامه لماذا لا يتدخل اتحاد الكتاب المصريين أو اتحاد الأدباء العرب فى السعي لكشف الغموض حول هذه المخطوطة النادرة التي ستكون فاتحة عهد جديد لدراسة أدب نجيب محفوظ.. وربما تاريخ الرواية المصرية والعربية عموما.
ويختتم مطاوع:"قد يسأل سائل: وما هى حكاية اكتشافك هذا؟.. كيف تيسر لك؟ فأجد أن ذلك حديث يطول ويستحق أن نتناوله لاحقا. ولعلني بعد أكثر من 11 سنة على نشر الاكتشاف، أتطلع لأن يلقى الاهتمام والبحث والفحص، وأعتقد أن قراء وعشاق أدب نجيب محفوظ يهمهم أن يتابعوا كل ما يتعلق بإبداعه منذ بداياته لأن في ذلك تعمقا في عالم هذا المبدع الكبير.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


المصري اليوم
منذ 8 ساعات
- المصري اليوم
«حضرة المحترم» و«بقايا اليوم»
فى أكتوبر ١٩٩٣ نَشرتُ دراسة موسعة بعنوان «البيروقراطية والكفاءة الاقتصادية»، تضمنت تغطية جوانب عديدة للظاهرة البيروقراطية، بخاصة الاقتصادية والإدارية والقانونية والسوسيولوجية، إلا أنها لم تتناول الأبعاد النفسية للبيروقراطى ذاته. فى فترة سابقة على ذلك، كنتُ قد قرأتُ رواية نجيب محفوظ البديعة «حضرة المحترم» عند نشرها لأول مرة مسلسلة فى «أهرام الجمعة» عام ١٩٧٥، فأشرتُ حينئذ فى دفتر قراءاتى إلى أنها «تبرز مقدرة نجيب محفوظ على التحليل النفسى والاجتماعى لشخصياته». ومؤخرًا طالعت رواية «بقايا اليوم» The remains of the day الفائزة بجائزة بوكر البريطانية لعام ١٩٨٩ للروائى البريطانى من أصل يابانى كازو إيشيجورو الذى نال جائزة نوبل فى الأدب لعام ٢٠١٩. لفت انتباهى تشابه العملين فى أمرين: أولهما الاهتمام بالتحليل النفسى للبطل، وهو موظف بيروقراطى طامح فى «حضرة المحترم» ورئيس خدم ملتزم فى «بقايا اليوم»؛ وثانيهما هو أسلوب التناول المختصر المتقن. يعتقد عثمان بيومى بطل محفوظ أن «هناك طريقًا سعيدة تبدأ من الدرجة الثامنة وتنتهى متألقة عند صاحب السعادة المدير العام.. تلك هى سدرة المنتهى حيث تتجلى الرحمة الإلهية والكبرياء البشرى.. إنها مهمة مقدسة ودينية. بها تتحقق ذاته فى خدمة الجهاز المقدس المسمى بالحكومة أو الدولة.. الوظيفة خدمة الناس وحق للكفاءة وواجب للضمير الحى وكبرياء للذات البشرية وعبادة لله خالق الكفاءة والضمير والكبرياء.. الموظف مضمون غامض لم يفهم على وجهه الصحيح بعد. الوظيفة فى تاريخ مصر مؤسسة مقدسة كالمعبد، والموظف المصرى أقدم موظف فى تاريخ الحضارة. إن يكن المثل الأعلى فى البلدان الأخرى محاربًا أو سياسيًا أو تاجرًا أو رجل صناعة أو بحارًا، فهو فى مصر الموظف». أيضًا مستر سيفنس بطل إيشيجورو شخص محترف رزين، مهمته أن يتأكد من تقديم خدمة ممتازة ومنضبطة فى قصر مخدومه. يقول: «رؤساء الخدم العظام عظام لأنهم قادرون على البقاء فى دورهم المهنى، الإقامة فيه برسوخ، الأحداث الخارجية لا تهزهم مهما كانت مزعجة أو منغصة، إنهم يرتدون مهنيتهم كما يرتدى رجل أنيق حلته». ويعتقد أن الإنجليز يمتازون عن غيرهم فى هذا المجال لانضباطهم الشديد. ويشعر بالرضا عن نفسه لأن «جهوده تمثل إسهامًا فى مسيرة التاريخ، مهما كانت تلك الجهود متواضعة». وهو يفسر أهمية دوره على هذا النحو: «رؤساء الخدم من جيل والدى كانوا ينظرون إلى العالم كأنه سلم. فى أعلى السلم توجد بيوت النبلاء وذوى المناصب واللوردات من العائلات القديمة. بعد ذلك يأتى «محدثو الثروة»، ثم يهبط السلم ويهبط، حيث تتحدد الدرجة بامتلاك الثروة من عدمه. رئيس الخدم الطموح كان يبذل قصارى جهده لكى يتسلق هذا السلم بأقصى ما يستطيع.. وبالنسبة لجيلنا، أظن أن من الدقة القول إنه لم يكن ينظر إلى العالم كسلم، وإنما كعجلة تدور..! وتلك القصور هى صرة العالم، تنطلق منها القرارات الكبرى وتتوزع على الآخرين، أغنياء وفقراء، ممن يدورون حولها. وكان كل أمل من لديه طموح مهنى منا هو أن يشق طريقه لكى يقترب من صرة تلك العجلة». رغم طموح البطلين الوظيفى إلا أنهما يسلمان بوجود سقف لا يمكن تجاوزه، فمنتهى أمل عثمان أن يصير مديرًا عامًا: «ها هو يقف فى حضرة المدير العام، فى متناول أنفاسه، فى مجال رائحته الذكية، يكاد يسمع نبضه، ويقرأ أفكاره، ويستلهم رغائبه، ويُنفذ – قبل البوح – أوامره، ويقرأ المستقبل على ضوء ابتساماته، وقرة عين حلمه الأبدى أن يجلس ذات يوم مكانه». أما وظيفة وكيل وزارة أو وزير فهى خارج حساباته، وإن وصف نفسه بأنه «إنسان تلخص فى خبرة مؤيدة بالعلم والعمل، وفتاواه الرائدة فى الإدارة والمخازن والمشتريات لو جمعت فى كتاب لكانت دائرة معارف فى الشئون الحكومية؟». ويقر ستيفنز بأن «وظيفة رئيس الخدم هى أن يقدم خدمة جيدة، وليس أن يتدخل فى الشؤون العليا للدولة، ذلك أنها ستكون فوق مستوى فهم أمثالك وأمثالى. ومن يريد أن يترك أثرًا مفيدًا لابد من أن يدرك أن أفضل ما يمكن أن يقدمه لذلك، هو التركيز على ما هو فى مجالنا. أى بتكريس كل الجهد والاهتمام من أجل تقديم أفضل خدمة ممكنة لأولئك السادة الذين يملكون تقرير مصير الحضارة بالفعل.. ما العيب فى ذلك؟ المرء يقبل حقيقة لا مفر منها، وهى أن أمثالك وأمثالى لن يكون بإمكانهم أن يفهموا الأمور الكبرى فى العالم، ومسارنا الأفضل هو أن نضع ثقتنا دائمًا فى مخدوم نراه عاقلًا وشريفًا، وأن نكرس كل جهدنا لخدمته بقدر الاستطاعة». تأتى النهاية متشابهة فى الروايتين، فيعترف عثمان، بعدما تسربت منه حياته فى انتظار المنصب المأمول: «ماذا فعلت بنفسى؟ أجل، ما معنى حياة زوجية بدائية بلا حب حقيقى أو علاقة روحية أو أمل فى ذرية أو مجرد زمالة إنسانية؟!»، وبالنسبة لستيفنز انعكس انضباطه الصارم على حياته الشخصية، فأخفت مشاعره الحقيقية وتركته إلى حد ما أجوف خاويًا ووحيدًا، وهو ما شاهدناه فى أداء أنتونى هوبكنز الرائع فى الفيلم الذى عرض عن الرواية فى عام ١٩٩٣ ورشح لثمانى جوائز أوسكار.


بوابة ماسبيرو
منذ 15 ساعات
- بوابة ماسبيرو
نجيب محفوظ.. أيقونة الأدب المصري الذي خلدته الكلمة والصورة
وُلد الأديب العالمي نجيب محفوظ في 11 أغسطس عام 1911 بحي الجمالية العريق في قلب القاهرة، وتخرّج في كلية الآداب، جامعة القاهرة، قسم الفلسفة، قبل أن يبدأ مسيرته الإبداعية في عالم الأدب ويصنع مجده كواحد من أعظم الروائيين في التاريخ العربي والعالمي. إلى جانب مشواره الأدبي، شغل محفوظ عددًا من المناصب الحكومية، أبرزها مدير الرقابة على المصنفات الفنية بوزارة الثقافة، ثم مدير عام مؤسسة الدعم السينمائي عام 1960، وأخيرًا رئيس مجلس إدارة المؤسسة العربية للسينما. بدأ محفوظ الكتابة في منتصف ثلاثينيات القرن الماضي، ونشر العديد من القصص القصيرة والروايات التي صارت علامات فارقة في الأدب العربي، من بينها: بداية ونهاية، واللص والكلاب، والسمان والخريف، وثرثرة فوق النيل، وميرامار، والحرافيش، وغيرها. تحوّلت الكثير من رواياته إلى أفلام سينمائية خالدة، منها: بين القصرين، وقصر الشوق، والسكرية، والسمان والخريف، بداية ونهاية، واللص والكلاب، والحرافيش". وفي لفتة تكريمية خاصة، استقبل الكاتب الصحفي أحمد المسلماني، رئيس الهيئة الوطنية للإعلام، السيدة هدى نجيب محفوظ (أم كلثوم)، كريمة الأديب الراحل، حيث شاركت في إزاحة الستار عن لوحة تحمل اسمه في الطابق السابع والعشرين بمبنى الإذاعة والتلفزيون بماسبيرو. نال نجيب محفوظ جائزة نوبل في الأدب، إلى جانب قلادة النيل، أرفع وسام مصري. توفي نجيب محفوظ في 30 أغسطس 2006، عن عمر ناهز 95 عامًا. جاء ذلك خلال برنامج ( ذاكرة الأيام) الذي يذاع عبر أثير إذاعة عربي آسيا على شبكة الإذاعات الدولية، من إعداد عاصم عبد الفتاح، تقديم إيمان فؤاد.


الدستور
منذ 2 أيام
- الدستور
الأحدب.. التفاصيل الكاملة لأول رواية كتبها نجيب محفوظ ثم أنكرها
نشر الكاتب الصحفي الكبير منير مطاوع اكتشاف مهم جدا، وهو رواية "الأحدب"، الرواية الأولى لعميد الرواية العربية نجيب محفوظ وهى التي كتبها أديب نوبل 1927 ثم أنكرها، وذلك في مقال له في آخر عدد صدر من مجلة صباح الخير بتاريخ 29 يوليو 2025. لم تكن هذه أول مرة ينشر فيها منير مطاوع قصة رواية الأحدب، لكنه سبق نشرها في مجلة الهلال عدد أغسطس عام 2014، وقال عن الرواية:"كتب الطالب نجيب محفوظ - وقتها – نجيب محفوظ وعمره 16 عام الرواية بخط يده في كراسة مدرسية صغيرة الحجم تعود – كما هو مكتوب على غلافها بالحبر الأحمر وبخط يد نجيب محفوظ إلى العام 1927، إنها مخطوطة رواية الأحدب، البداية المبكرة جدا لمؤلفها الذي تصفه دراسات نقدية وبحثية أكاديمية مصرية وعربية وعالمية بأنه مؤسس وباني عمارة الرواية العربية الحديثة ومجددها وراسم مجراها ومنجز أهم إنتاجاتها. غلاف مخطوط رواية الأحدب كما نشره منير مطاوع يكمل مطاوع:" لم يرد ذكر رواية "الأحدب" في أي من أحاديث نجيب محفوظ، التي بلغت المئات وربما الآلاف طوال الوقت، هذا عدا الكتب التي كانت أحاديث مطولة وذكريات لكاتبنا القدير فلماذا لم تأت إشارة لها من جانبه ولو على سبيل تداعي ذكريات البدايات. يشير مطاوع إلى أن دارسي ومحققي تاريخ محفوظ الأدبي يرون أنه تعمد عدم الإشارة، بل وإنكار بعض أعماله وقصصه الأولى، حتى ما نشر منها في بعض المجلات الأدبية والثقافية، فهل جاءت "الأحدب" روايته الأولى ضمن قائمة الإبداعات التي يتعمد نسيانها أو إنكارها، حتى العدد الذي خصصه رجاء النقاش عندما كان رئيس تحرير مجلة الهلال عن نجيب محفوظ في فبراير عام 1970، والذي تناول جميع ما يمكن تناوله عنه على مدى 212 صفحة وشارك في كتابته حشد من الكتاب والنقاد والأكاديميين، لم تأت فيه أي إشارة إلى هذه الرواية التي ظلت مخطوطة إلى ان اكتشفت وجودها. في موضع آخر يقول مطاوع :"يرى آخرون أنه إذا كان من حق نجيب محفوظ أن يسقط نحو 46 قصة منشورة فمن حق الباحثين أن ينقبوا ويظهروها في المستقبل، فمع ذلك تبقى لها القيمة التاريخية المتعلقة بتطور الأدب والأديب نفسه. يواصل:" وعن سبب عدم كتابته مذكراته قال نجيب محفوظ في رد على سؤال وجهه له الدكتور مصطفى سويف عام 1970: إن فكرة كتابة السيرة الذاتية تراودني من حين لآخر، أحيانا تراودني كسيرة ذاتية بحتة وأخرى تراودني كسيرة ذاتية روائية، لكن الالتزام بالحقيقة مطلب خطير ومغامرة جنونية خاصة وأنني عايشت فترة انتقال طويلة تخلخلت فيها القيم وغلب الزيف وانقسم فيها كل فرد إلى اثنين أحدهما اجتماعي تليفزيوني والآخر ينفث حياة أخرى في الظلام. ويستطرد منير مطاوع:"نشر محفوظ أول أعماله الروائية عام 1939، وكانت مستلهمة من الحياة المصرية القديمة "الفرعونية" بعد 12 عاما على كتابته لروايته المخطوطة "الأحدب" المستلهمة من الحياة الفرعونية. ثم يعود مطاوع لبيانات المخطوطة فيقول:"مكتوب على الغلاف مؤلفات نجيب محفوظ 1، بخط الرقعة، أما عنوان الرواية فمكتوب بخط الثلث وبحروف أكبر الاحدب أو "هارماكيس"، وتحته بخط أصغر تاريخ الكتابة عام 1927، وإذا فتحت الصفحة الأولى ستقرأ بخط الرقعة وبالقلم الرصاص مقدمة المؤلف.. عدد صباح الخير الذي نشر به اكتشاف رواية الأحدب تلك الرواية عبارة عن مذكرة تشمل حياة "هارماكيس" المصري خادم إزيس "مكتوبة هكذا، وليس إيزيس كما نكتبها الآن.. ها هو "هارماكيس" يصور لكم بقلمه شكل من اشكال مصر قديما، ويعترف بجرائمه التي أدت به إلى أسفل، مكان يمكن الوصول إليه، ويذكر الأسباب التي أدت لإجرامه. وعن فصول الرواية يقول منير:"تمضي فصول الرواية، الفصل الأول: طفولتي- الفصل الثاني: أنا وسيتو- الفصل الثالث: عنوان طويل انمحت بعض حروفه فلا تظهر منها سوى كلمات المعبد، انتصارنا، لمساعدة الأم. الفصل الرابع: الدعوة- القسم- تتويجي- مقابلة الأم المقدسة- ضحكة أفروديت. الفصل الخامس: على شاطئ سيحور- فدية أفروديت- نهاية سيكو. الفصل السادس: خلاف المهد- آخر قبلة- حكم إيزيس. الفصل السابع: أفروديت- جنايتي- انتحار مريمون- تسليمي نفسي- عبرات. وفي الصفحة قبل الأخيرة نقرأ: نهاية الرواية وعلى الصفحة الأخيرة نقرأ: تظهر قريبًا رواية فيرونيكا "وبعدها كلمة هدية التمثيل، لكن يبدو انه محاها وبقي أثرها".. نجيب محفوظ. ويواصل منير مطاوع:" يقتضي الأمر أن نقول إن هذه المخطوطة النادرة هي تحفة مثيرة للتساؤلات، فهل بلغ نجيب محفوظ في هذه السن اليافعة اليانعة العلم بأجواء الحياة المصرية القديمة لدرجة تأليف رواية عنها؟ وهل كان في تلك السن التي تتعدى المرحلة الابتدائية إلى البكالوريا ربما قادرًا على، ومقررا بوضوح، اختيار الأدب وكتابة الرواية على وجه الخصوص كمسار مستقبلى؟ الاطلاع على الخط المتقن والتنوع في الكتابة بخط الرقعة فى نص روايته وخط الثلث في عنوانها يكشف عن مواهب عدة ووضع عبارة مؤلفات نجيب محفوظ كعنوان تمهيدى يشير إلى أن هذه لن تكون روايته الأولى وفى الصفحة الأخيرة إشارة إلى رواية مقبلة هي «فيرونيكا». رواية لا ندرى عنها شيئًا.. هل كتبها؟ وأين هي إذن؟ ومع أننا قد نرى أنه أخطأ في عبارة اللغة الهيلوغرافية، فإنه ربما كانت هذه هي التسمية الشائعة وقتها سنة 1927. وقد أخطأ الفتى محفوظ في تهجى اسم الإلهة إيزيس فكتبه إزيس»، لكنه في متن الرواية وفى عناوين بعض فصولها يورد الاسم صحيحًا وربما كانت المرة الأولى سهوا أو مجرد زلة قلم». هذه وغيرها أمور تقتضي توفر الباحثين المتخصصين عليها لدرس النص الروائي والتحقق من أصالته واستكشاف دلالاته، وما إذا صحت نسبته إلى محفوظ يبقى كيف اختفت طوال هذا الزمن نحو 87 سنة؟ يكمل مطاوع:" معنى هذا أن نجيب محفوظ بدأ رحلته الإبداعية في ذلك العمر (16) سنة واستمر يبدع على مدى نحو 78 عامًا حتى رحيله عام 2006 الغريب في الأمر أن أحدًا من المعنيين بأمور الأدب والرواية والثقافة عموما لم يهتم بهذا الاكتشاف، فوزارة الثقافة التي كان يتولاها وقتها الدكتور جابر عصفور أحد أكثر المهتمين بدراسة الأدب والرواية والذي اشتهر بمقولة أننا نعيش عصر الرواية لم تبد الوزارة ومجالسها المتخصصة ولجنة القصة في المجلس الأعلى للثقافة أي اهتمام بأمر هذا الاكتشاف ووضعه موضع البحث والدراسة، وهكذا كان الحال مع اتحاد الكتاب وأيضًا الباحثين والأكاديميين المعنيين بالأدب وتاريخه ومنجزاته وأعلامه لماذا لا يتدخل اتحاد الكتاب المصريين أو اتحاد الأدباء العرب فى السعي لكشف الغموض حول هذه المخطوطة النادرة التي ستكون فاتحة عهد جديد لدراسة أدب نجيب محفوظ.. وربما تاريخ الرواية المصرية والعربية عموما. ويختتم مطاوع:"قد يسأل سائل: وما هى حكاية اكتشافك هذا؟.. كيف تيسر لك؟ فأجد أن ذلك حديث يطول ويستحق أن نتناوله لاحقا. ولعلني بعد أكثر من 11 سنة على نشر الاكتشاف، أتطلع لأن يلقى الاهتمام والبحث والفحص، وأعتقد أن قراء وعشاق أدب نجيب محفوظ يهمهم أن يتابعوا كل ما يتعلق بإبداعه منذ بداياته لأن في ذلك تعمقا في عالم هذا المبدع الكبير.