
من لوحة مسروقة في القاهرة إلى سيرة كاذبة في لندن
السرقة
في الخفاء، بل على رؤوس الأشهاد، وموثّقة صوتاً وصورة في برنامج تلفزيوني شهير.
ولأن السارقة، التي تُقدَّم مرّة فنانة، وأخرى إعلامية، وغالباً زوجة ممثل معروف، كانت موضوع تريندات أخرى في الأسابيع الأخيرة، على خلفية طلاقها من زوجها، والذي بدوره شنّ عليها
حملات تشويه
على مواقع التواصل الاجتماعي، مقدِّماً خلافاتهما الزوجية علكة تمضغها أفواه الناس، تحوّلت سرقتها لوحة الفنانة الدنماركية إلى محل انقسام بين المتابعين، فظهرت أصوات مدافعة عنها، مستغلةً اعتذارها الذي نشرته واعترفت فيه بسرقتها اللوحة ولوحات أخرى لفنانين آخرين، مبرّرة ذلك بأنه نتيجة ظروف انفصالها عن زوجها، والخلافات التي وصلت بينهما إلى أقسام الشرطة والمحاكم!
أما في لندن، فالأمر كان مختلفاً قليلاً، إذ لا وجود للوحات هنا، بل أحد الكتب الأعلى مبيعاً بين القرّاء البريطانيّين في السنوات القليلة الأخيرة، وهو كتاب "طريق الملح" للبريطانية راينور وين، التي تُعرف بأنها "مؤلفة أكثر الكتب مبيعاً على مستوى العالم"، وهي ثلاثيتها السيرية: الصمت المتوحش، وطريق الملح، والخطوط الأرضية.
تحوّل الكتاب من "سيرة ملهمة" إلى "فضيحة أدبية" بعد أن كشفت صحيفة ذا أوبزرفر البريطانية قبل أيام أن الكثير من تفاصيل السيرة "مزورة" أو مسروقة من حياة آخرين. وتحوّلت القضية من مجرد كاتبة استلهمت حيوات الآخرين في عمل أدبي، إلى كاتبة بنت مجدها لدى القراء على سردية كاذبة، مدعية أنها "سيرة ذاتية صادقة".
تبرير سرقة الفنانين بدافع الشفقة والتواطؤ
ولنفهم الحكاية بشكل أفضل، علينا أن نعود إلى عام 2018، حين نشرت راينور وين سيرتها الذاتية التي تحكي فيها قصتها مع زوجها تحت عنوان طريق الملح، بعد فقدانهما منزلهما بسبب استثمار فاشل مع صديق، ثم اكتشاف إصابة زوجها بمرض عصبي نادر يُختصر طبياً بـCBD. وكَرَحلة استشفاء وهروب من المرض، قرّر الزوجان السير على طول الساحل الجنوبي الغربي، ويُعد أطول مسار مشاة متواصل في إنكلترا، وتحديداً من مدينة ماينهيد إلى بول، على طول ساحل ديفون وكورنوال ودورست، وهي مسافة تُقدَّر بألف كيلومتر، على أمل أن يجدا العزاء والإحساس بالحياة من جديد عبر هذه الرحلة في الطبيعة الحيّة لإنكلترا.
حققت السيرة، بأجزائها الثلاثة، مبيعات هائلة وصلت إلى رقم قياسي بلغ مليوني نسخة في بريطانيا وحدها، وتُرجمت إلى عشرات اللغات، وحُوّلت إلى فيلم سينمائي من بطولة جيليان أندرسون وجيسون إيزاك، ومن إخراج البريطانية ماريان إليوت، وعُرض في الدورة الأخيرة من مهرجان كان السينمائي الدولي في إبريل/ نيسان 2025، مصحوباً باحتفاء كبير من الجمهور والنقاد، زادت على إثره مبيعات السيرة.
لكن قصة النجاح البرّاقة لم تدم طويلاً، إذ كشفت الصحف البريطانية أنَّ الاسم الحقيقي للكاتبة هو سالي ووكر وليس راينور وين، وأنّها غيّرت اسمها بعد اتهامها بسرقة أموال من شركة عقارات كانت تعمل فيها كمحاسبة. ووفقاً لصحيفة ذا أوبزرفر، فقد سرقت أكثر من 64 ألف جنيه إسترليني، ثم هربت بعد استدعاء الشرطة.
كما رصدت الصحافة أنَّ القصة المالية الواردة في السيرة ملفقة؛ إذ تدّعي الكاتبة أن فقدان منزلهما كان بسبب استثمار خاسر، لكنّ الواقع أنهما فقداه بسبب ديون متراكمة بعد اقتراضهما 100 ألف جنيه إسترليني لسداد الأموال المسروقة. كما أثبتت الصحف كذب ادعائها بأنها كانت "بلا مأوى"، في الوقت الذي كانت تملك فيه بيتاً في فرنسا، وهو ما لم تذكره في سيرتها التي وصفها الناشر على الغلاف الأمامي بأنها "سيرة ذاتية صادقة".
ولم ينتهِ الأمر عند هذا الحد؛ إذ شككت الصحافة البريطانية في مصداقية مرض الزوج الوارد في السيرة من أساسه؛ تصوّر الكاتبة زوجها مصاباً بمرض عصبي عضال هو CBD، لكن أطباء متخصصين شككوا في التشخيص، قائلين إن هذا المرض لا يسمح للمصابين به بالعيش 18 عاماً دون أعراض حادّة، كما أن شفاءه بعد المشي الطويل يُعد "معجزة أدبية غير واقعية طبياً".
ردّت وين على الاتهامات عبر وكيلها الأدبي بقولها: "هذه الأقاويل مضللة، الكتاب يحكي رحلتنا الروحية والحقيقية". لكن النقاد والضحايا رأوا الأمر بشكل مختلف، وكانت أوّل المتحدثين هي روز هيمينغز، صاحبة الشركة التي سرقتها سالي واختفت، والتي قالت: "لقد جعلتنا في كتابها نبدو كالمجرمين، بينما هي من سرقتنا". ومن جانبها، قطعت جمعية مرضى CBD علاقتها نهائياً مع الكاتبة، والتي كانت متعاقدة معها كواحدة من المتحدثات الدوريات لمرضاها، بعد التشكيك في صحة القصة برمتها.
المفارقة الساخرة أن الكتاب، الذي تم تسويقه بوصفه "قصة صادقة"، كان في الحقيقة نتاج عدة جرائم متسلسلة؛ فالكاتبة لم تسرق أموالاً من الشركة التي وظّفتها فحسب، بل سرقت أيضاً سيرة حياة سيدة بريطانية أخرى هي كيت ويبر، التي سارت على الطريق نفسها قبلها بسبع سنوات، وكان هذا هو الخيط الأول الذي لاحظه القرّاء بين كتاب وين ورحلة كيت ويبر، وأدى إلى اكتشاف مزاعم الكاتبة فيه لاحقاً.
لا تُعد قضية "طريق الملح" حالة فريدة في المشهد الثقافي الأوروبي أو الغربي بشكل عام، فكل يوم لدينا كارثة هنا أو فضيحة هناك، ومن ذلك ما حدث عام 2006، حين اعترف الكاتب الأميركي جيمس فراي أن كتابه "مليون قطعة صغيرة"، الذي نُشر عام 2003 بوصفه سيرة ذاتية عن إدمانه، كان مليئاً بالأكاذيب والتلفيقات التي لم تحدث، ما اضطر الناشر البريطاني الشهير "راندوم هاوس" حينها إلى سحب الكتاب وعرض رد المال لمن اشتروه. لكن تم تسويق الكتاب لاحقاً باعتباره "رواية شبه خيالية"، خاصة بعد الغضب الذي شنه القرّاء ضد الكاتب إثر اعترافه بأن أجزاء كثيرة منه كانت ملفقة!
صنعت كتاباً لاقى نجاحاً كبيراً بوصفه "سيرة ذاتية صادقة"
حين فكّرت في الحالتين، سألت نفسي: مَن نحاسب اليوم؟ في الحالة الأولى، ثمّة سيدة غير موهوبة، تريد أن تُقدّم نفسها إلى العالم بوصفها فنانة، ولأنها لا تملك الموهبة، فقد قررت أن تسرق جهد فنانة أخرى وتنسبه إلى نفسها بشكل علني مفضوح، لا ينم إلا عن سذاجة تصل إلى حدّ الغباء، أو بالأحرى، افتراض الغباء في الناس الذين سيشاهدون حلقتها وهي تستعرض مسروقاتها الفنية وتنسبها إلى نفسها، هكذا، بعين وقحة.
وفي الحالة الثانية، ثمّة كاتبة استغلّت فرصها في النشر ونجاحها ككاتبة، وصنعت كتاباً لاقى نجاحاً كبيراً بوصفه "سيرة ذاتية صادقة"، ثم تكشّفت أمور أثبتت أن هذه السيرة ليست إلا أكاذيب وافتراءات، وأن كاتبتها مجرمة وسارقة ومدّعية.
صعب أن نساوي بين الحالتين، وصعب أن نغضّ الطرف عمّا فيهما من دروس يمكن للباحث عن موطئ قدمٍ في أرض المواهب أن يستفيد منها، لكن يبقى السؤال هو نفسه، لم يتغيّر: مَن نُحاسب اليوم؟
* شاعر ومترجم مصري مقيم في بلجيكا
آداب
التحديثات الحية
رحلة يوسا إلى بغداد.. لماذا لم تترجم يومياته إلى العربية؟
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العربي الجديد
منذ 7 ساعات
- العربي الجديد
مايك تايسون ينتزع مليون دولار من جيك بول.. والسبب نزال مُلاكمة
نجح أسطورة المُلاكمة، الأميركي مايك تايسون (59 عاماً)، في انتزاع مليون دولار من مواطنه جيك بول (28 عاماً)، الذي لم يستطع تحمّل الخسارة المالية التي تعرّض لها، بسبب نزال مُلاكمة جمع بين كاتي تايلور وأماندا سيرانو. وذكرت صحيفة ذا صن البريطانية، اليوم الأحد، أن مايك تايسون لم يستطع نسيان الهزيمة التي تجرعها أمام جيك بول، في المواجهة الاستعراضية التي جمعت بينهما في شهر نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، وخطفت أنظار أكثر من 100 مليون شخص حول العالم، الأمر الذي جعل أسطورة رياضة "الفن النبيل" لا يفوّت أي مناسبة حتى يتحدى جيك بول. وأوضحت أن مايك تايسون حصل على اتفاق من جيك بول، من خلال مكالمة فيديو بينهما، بعدما راهن أسطورة المُلاكمة على فوز كاتي تايلور، فيما أصرّ جيك بول على دعم صديقته وشريكته التجارية، أماندا سيرانو، مؤكداً في حديثه: "أنا موافق على المضيّ قدماً ضدك، وإذا فازت مرشحتك، فإنني أتعهد بدفع مليون دولار، لكن إن خسرت، فإنك ستدفع لي هذا المبلغ نفسه". رياضات أخرى التحديثات الحية فيوري يتلقى عرضاً للعودة إلى الملاكمة.. 300 مليون جنيه إسترليني وتابعت أن كاتي تايلور نجحت في تحقيق فوزها الثالث على التوالي، على منافستها القوية، أماندا سيرانو، بعدما حصلت على قرار الحُكام، بنتيجة (95-95 و97-93)، لتحتفظ بلقب وزن فوق الخفيف في الملاكمة، الأمر الذي دفع مايك تايسون إلى تقديم التهنئة لمرشحته، مذكّراً جيك بول بأن عليه دفع الأموال التي وعده بها، لكن الأخير عاد إلى تذكير الأسطورة بما حدث في شهر نوفمبر الماضي، مؤكداً أن نزال السيدات كان أقوى مما شهدته المواجهة الاستعراضية بينهما. وختمت الصحيفة تقريرها بأن النزال بين كاتي تايلور ومنافستها أماندا سيرانو يُعد أكبر معركة رياضية في المُلاكمة النسائية، لأنهما أول امرأتين تتصدران قتالاً في القاعة، بعدما انتصرت الأولى بقرارات الحُكام في لقاءيهما السابقين، بما في ذلك المواجهة المثيرة للجدل في شهر نوفمبر الماضي، إذ حذف الحكم نقطة من تيلور بسبب "نطحات الرأس".


العربي الجديد
منذ 2 أيام
- العربي الجديد
من لوحة مسروقة في القاهرة إلى سيرة كاذبة في لندن
استيقظ المصريون قبل أيام على تريند جديد: زوجة ممثل مصري متهمة بسرقة لوحة لفنانة دنماركية. قامت الدنيا ولم تقعد، إذ لم تتم السرقة في الخفاء، بل على رؤوس الأشهاد، وموثّقة صوتاً وصورة في برنامج تلفزيوني شهير. ولأن السارقة، التي تُقدَّم مرّة فنانة، وأخرى إعلامية، وغالباً زوجة ممثل معروف، كانت موضوع تريندات أخرى في الأسابيع الأخيرة، على خلفية طلاقها من زوجها، والذي بدوره شنّ عليها حملات تشويه على مواقع التواصل الاجتماعي، مقدِّماً خلافاتهما الزوجية علكة تمضغها أفواه الناس، تحوّلت سرقتها لوحة الفنانة الدنماركية إلى محل انقسام بين المتابعين، فظهرت أصوات مدافعة عنها، مستغلةً اعتذارها الذي نشرته واعترفت فيه بسرقتها اللوحة ولوحات أخرى لفنانين آخرين، مبرّرة ذلك بأنه نتيجة ظروف انفصالها عن زوجها، والخلافات التي وصلت بينهما إلى أقسام الشرطة والمحاكم! أما في لندن، فالأمر كان مختلفاً قليلاً، إذ لا وجود للوحات هنا، بل أحد الكتب الأعلى مبيعاً بين القرّاء البريطانيّين في السنوات القليلة الأخيرة، وهو كتاب "طريق الملح" للبريطانية راينور وين، التي تُعرف بأنها "مؤلفة أكثر الكتب مبيعاً على مستوى العالم"، وهي ثلاثيتها السيرية: الصمت المتوحش، وطريق الملح، والخطوط الأرضية. تحوّل الكتاب من "سيرة ملهمة" إلى "فضيحة أدبية" بعد أن كشفت صحيفة ذا أوبزرفر البريطانية قبل أيام أن الكثير من تفاصيل السيرة "مزورة" أو مسروقة من حياة آخرين. وتحوّلت القضية من مجرد كاتبة استلهمت حيوات الآخرين في عمل أدبي، إلى كاتبة بنت مجدها لدى القراء على سردية كاذبة، مدعية أنها "سيرة ذاتية صادقة". تبرير سرقة الفنانين بدافع الشفقة والتواطؤ ولنفهم الحكاية بشكل أفضل، علينا أن نعود إلى عام 2018، حين نشرت راينور وين سيرتها الذاتية التي تحكي فيها قصتها مع زوجها تحت عنوان طريق الملح، بعد فقدانهما منزلهما بسبب استثمار فاشل مع صديق، ثم اكتشاف إصابة زوجها بمرض عصبي نادر يُختصر طبياً بـCBD. وكَرَحلة استشفاء وهروب من المرض، قرّر الزوجان السير على طول الساحل الجنوبي الغربي، ويُعد أطول مسار مشاة متواصل في إنكلترا، وتحديداً من مدينة ماينهيد إلى بول، على طول ساحل ديفون وكورنوال ودورست، وهي مسافة تُقدَّر بألف كيلومتر، على أمل أن يجدا العزاء والإحساس بالحياة من جديد عبر هذه الرحلة في الطبيعة الحيّة لإنكلترا. حققت السيرة، بأجزائها الثلاثة، مبيعات هائلة وصلت إلى رقم قياسي بلغ مليوني نسخة في بريطانيا وحدها، وتُرجمت إلى عشرات اللغات، وحُوّلت إلى فيلم سينمائي من بطولة جيليان أندرسون وجيسون إيزاك، ومن إخراج البريطانية ماريان إليوت، وعُرض في الدورة الأخيرة من مهرجان كان السينمائي الدولي في إبريل/ نيسان 2025، مصحوباً باحتفاء كبير من الجمهور والنقاد، زادت على إثره مبيعات السيرة. لكن قصة النجاح البرّاقة لم تدم طويلاً، إذ كشفت الصحف البريطانية أنَّ الاسم الحقيقي للكاتبة هو سالي ووكر وليس راينور وين، وأنّها غيّرت اسمها بعد اتهامها بسرقة أموال من شركة عقارات كانت تعمل فيها كمحاسبة. ووفقاً لصحيفة ذا أوبزرفر، فقد سرقت أكثر من 64 ألف جنيه إسترليني، ثم هربت بعد استدعاء الشرطة. كما رصدت الصحافة أنَّ القصة المالية الواردة في السيرة ملفقة؛ إذ تدّعي الكاتبة أن فقدان منزلهما كان بسبب استثمار خاسر، لكنّ الواقع أنهما فقداه بسبب ديون متراكمة بعد اقتراضهما 100 ألف جنيه إسترليني لسداد الأموال المسروقة. كما أثبتت الصحف كذب ادعائها بأنها كانت "بلا مأوى"، في الوقت الذي كانت تملك فيه بيتاً في فرنسا، وهو ما لم تذكره في سيرتها التي وصفها الناشر على الغلاف الأمامي بأنها "سيرة ذاتية صادقة". ولم ينتهِ الأمر عند هذا الحد؛ إذ شككت الصحافة البريطانية في مصداقية مرض الزوج الوارد في السيرة من أساسه؛ تصوّر الكاتبة زوجها مصاباً بمرض عصبي عضال هو CBD، لكن أطباء متخصصين شككوا في التشخيص، قائلين إن هذا المرض لا يسمح للمصابين به بالعيش 18 عاماً دون أعراض حادّة، كما أن شفاءه بعد المشي الطويل يُعد "معجزة أدبية غير واقعية طبياً". ردّت وين على الاتهامات عبر وكيلها الأدبي بقولها: "هذه الأقاويل مضللة، الكتاب يحكي رحلتنا الروحية والحقيقية". لكن النقاد والضحايا رأوا الأمر بشكل مختلف، وكانت أوّل المتحدثين هي روز هيمينغز، صاحبة الشركة التي سرقتها سالي واختفت، والتي قالت: "لقد جعلتنا في كتابها نبدو كالمجرمين، بينما هي من سرقتنا". ومن جانبها، قطعت جمعية مرضى CBD علاقتها نهائياً مع الكاتبة، والتي كانت متعاقدة معها كواحدة من المتحدثات الدوريات لمرضاها، بعد التشكيك في صحة القصة برمتها. المفارقة الساخرة أن الكتاب، الذي تم تسويقه بوصفه "قصة صادقة"، كان في الحقيقة نتاج عدة جرائم متسلسلة؛ فالكاتبة لم تسرق أموالاً من الشركة التي وظّفتها فحسب، بل سرقت أيضاً سيرة حياة سيدة بريطانية أخرى هي كيت ويبر، التي سارت على الطريق نفسها قبلها بسبع سنوات، وكان هذا هو الخيط الأول الذي لاحظه القرّاء بين كتاب وين ورحلة كيت ويبر، وأدى إلى اكتشاف مزاعم الكاتبة فيه لاحقاً. لا تُعد قضية "طريق الملح" حالة فريدة في المشهد الثقافي الأوروبي أو الغربي بشكل عام، فكل يوم لدينا كارثة هنا أو فضيحة هناك، ومن ذلك ما حدث عام 2006، حين اعترف الكاتب الأميركي جيمس فراي أن كتابه "مليون قطعة صغيرة"، الذي نُشر عام 2003 بوصفه سيرة ذاتية عن إدمانه، كان مليئاً بالأكاذيب والتلفيقات التي لم تحدث، ما اضطر الناشر البريطاني الشهير "راندوم هاوس" حينها إلى سحب الكتاب وعرض رد المال لمن اشتروه. لكن تم تسويق الكتاب لاحقاً باعتباره "رواية شبه خيالية"، خاصة بعد الغضب الذي شنه القرّاء ضد الكاتب إثر اعترافه بأن أجزاء كثيرة منه كانت ملفقة! صنعت كتاباً لاقى نجاحاً كبيراً بوصفه "سيرة ذاتية صادقة" حين فكّرت في الحالتين، سألت نفسي: مَن نحاسب اليوم؟ في الحالة الأولى، ثمّة سيدة غير موهوبة، تريد أن تُقدّم نفسها إلى العالم بوصفها فنانة، ولأنها لا تملك الموهبة، فقد قررت أن تسرق جهد فنانة أخرى وتنسبه إلى نفسها بشكل علني مفضوح، لا ينم إلا عن سذاجة تصل إلى حدّ الغباء، أو بالأحرى، افتراض الغباء في الناس الذين سيشاهدون حلقتها وهي تستعرض مسروقاتها الفنية وتنسبها إلى نفسها، هكذا، بعين وقحة. وفي الحالة الثانية، ثمّة كاتبة استغلّت فرصها في النشر ونجاحها ككاتبة، وصنعت كتاباً لاقى نجاحاً كبيراً بوصفه "سيرة ذاتية صادقة"، ثم تكشّفت أمور أثبتت أن هذه السيرة ليست إلا أكاذيب وافتراءات، وأن كاتبتها مجرمة وسارقة ومدّعية. صعب أن نساوي بين الحالتين، وصعب أن نغضّ الطرف عمّا فيهما من دروس يمكن للباحث عن موطئ قدمٍ في أرض المواهب أن يستفيد منها، لكن يبقى السؤال هو نفسه، لم يتغيّر: مَن نُحاسب اليوم؟ * شاعر ومترجم مصري مقيم في بلجيكا آداب التحديثات الحية رحلة يوسا إلى بغداد.. لماذا لم تترجم يومياته إلى العربية؟


العربي الجديد
منذ 4 أيام
- العربي الجديد
الشرطة البريطانية تبحث عن سارق عجلات قيادة سيارات فورمولا 1
وجّهت الشرطة البريطانية في مقاطعة نورثهامبتونشاير دعوة عامة إلى المواطنين، من أجل المساعدة في إلقاء القبض على أحد اللصوص، الذين اختصوا بسرقة عجلات السيارات، لكن هذه المرة قام بعملية سطو أثناء إقامة سباق جائزة بريطانيا الكبرى لـ " فورمولا 1 "، من أجل سرقة عجلات قيادة يصل سعرها إلى مئات الآلاف من الجنيهات الإسترلينية. وذكرت صحيفة ديلي ميل البريطانية أن الشرطة نشرj الصور، في الرابع من شهر يوليو/ تموز الحالي، لكنها حتى الآن ما زالت تحث المواطنين على تقديم المعلومات. وسارع العديد إلى المساعدة عبر إعادة نشر الصور الجديدة، التي تظهر السارق وهو يدخل إلى معرض سيارات كلاسيكية قديمة شاركت في سباقات "فورمولا 1"، ليسرق عجلات القيادة، التي تبلغ قيمتها المالية أكثر من 700 ألف جنيه إسترليني. وأوضحت أن المعرض الخاص بحلبة سيلفرستون، الذي يُقام على هامش سباق جائزة بريطانيا الكبرى لـ "فورمولا 1"، عرض عدداً من السيارات الكلاسيكية الفاخرة، التي لديها تاريخ طويل في هذه الرياضة، ويبلغ سعر الواحدة منها عدة ملايين، لكن طريقة اللص في سرقة عجلات القيادة فاجأت القائمين على المعرض، الذين طلبوا مساعدة الشرطة، التي فتحت تحقيقاً عاجلاً، ونشرت صوره، دون تمكنها حتى الآن من معرفة اسمه، لذلك نشرت أرقام هواتف ووضعت خطاً ساخناً، حتى يتم القبض عليه بسرعة. رياضات أخرى التحديثات الحية صراع هاميلتون وروسبيرغ يتكرر بين بياستري ونوريس وختمت "ديلي ميل" تقريرها بأن الشرطة البريطانية في مقاطعة نورثهامبتونشاير حصلت على جميع التسجيلات المصورة للمعرض، أثناء افتتاحه على هامش سباق الجائزة الكبرى لـ "فورمولا 1"، ونشرت عدة صور تظهر اللص وهو يقوم بفك إحدى عجلات القيادة من سيارة كلاسيكية فاخرة، سبق لها المشاركة في السباقات خلال القرن الماضي، لكنها طلبت مساعدة الناس في تحديد هوية السارق، والقبض عليه وتقديمه إلى المحاكمة، قبل تمكنه من بيع ما أخذه. Imagine spending years on restoring a Formula 1 car, to then then get robbed Everyone at @SilverstoneUK please keep an eye out for, he's stolen the Leyton House steering wheel at the @F1 Historic display at 1:35pm Any information please report to Silverstone staff & security🙏 — Matt (@mattamys) July 4, 2025