logo
القرعان تكتب: "مدرسة الجراح القانونية"

القرعان تكتب: "مدرسة الجراح القانونية"

جفرا نيوز٢٩-٠٣-٢٠٢٥

جفرا نيوز -
عندما أتحدث عن قامة من القامات العلمية والأكاديمية المرموقة في وطني، والتي لها تأثير كبير في الساحة القانونية، يعجز قلمي الإبحار في الكتابة عنه؛ لأنني لا أمتلك بعض الأوصاف التي تعطيه حقه، ويقف قلمي إجلالاً واحترامًا وشموخًا لمن جعلنا ننتقد النص القانوني، ونقف عند فلسفة كل حرف وكل كلمة، وندرك من أين أتت، ولم ولن نتعلمها يومًا إلا من خلاله هو قامة تُدرّس في القانون المدني، وبات له مدرسة خاصة به تسمى "مدرسة الجراح القانونية" يتجاوزها من يعي تمامًا صعوبة هذه المدرسة. نعم هي مدرسة صعبة، ولا يستطيع أحد القفز عنها إلا بمجهوده، ومواصلة الليل بالنهار حتى يستطيع التخرج منها، ومع ذلك محظوظ من يجلس على مقاعد هذه المدرسة مدرسة الجراح الفريدة، ويتلقى العلم المميز منها. لقد أصبح له نهج وأسلوب خاص أشبه بعمالقة القانون القدامى أمثال السنهوري وغيره، بل أنه تفوق على الكثير منهم، متبعًا أسلوبًا يجعلنا نعود بالزمن القديم الذي لم نعشه يومًا، زمن الكبار والعمالقة الذي أصبح من النوادر الحصول على علمهم الآن.
عند الاستماع له ونكون جميعنا بآذان صاغية لعلمه، ونشعر وكأنه آلة موسيقية تصدر نوتات قانونية تدخل الى مسامعنا بعمق، وكأننا نستمع إلى معزوفة لعمالقة الفن الغربي القديم، ولا يستطيع أحد أن يسرح بشيء آخر إلا بعلمه وكلامه ونوتاته القانونية، وكأنه آلة جذب تجذبنا لكلامه وحركاته دون الالتفات لشيء آخر سواه. سأتحدث اليوم وكل يوم عن قامة حَلمتُ ذات يوم أن أقف أمامها واستمع إليها، كنت اتابعه من بعيد، وأتابع إنجازاته التي لا تتوقف، إلى أن جاء اليوم الذي جعلني طالبة من طالباته تجلس وتستمتع بكلامه وعلمه، أما الآن، فأنني أحاول جاهدة أن اتميز أمامه واتفوق، ومع ذلك حتى لو أخفقت، وما زلت في كل مرة أخفق أمامه، لكنني أشعر بالفخر والاعتزاز به وبنفسي؛ لأن مدرسته أصبحت ضمن سيرتي الذاتية، حيث سأدون اسمه ذات يوم أنني تباركت بهذه القامة وبهذا العلم، وأخذت من مدرسته ما يجعلني اتميز عن غيري.
وسأتخرج منها حتى لو تخرجت منهكة تعبة، لكن هذه هي لذة الوصول والنجاح. لم أكن تلك الطالبة التي يفخر بها أمام الجميع، وتلك السفيرة له ولعلمه ولجامعته، لكنني اعتبر نفسي قد تفوقت عندما وصلت إليه وتلمذت وما زلت اتملذ على يديه.
من حقي كقانونية وتلميذة له، أن أكتب عنه متباهيًا به، واشكر الله عز وجل أن جعل لي نصيبًا بالاستماع له، والتلمذ على يديه ومن علمه الفريد. عطوفة الاستاذ الدكتور جهاد الجراح، وهو مداوي وطبيب لكل الجراح القانونية التي تسبب بها البعض وممن لا يمتون للقانون بأي صلة. هو علم من أعلام وفقهاء القانون المدني في الاردن، وله بصمات علمية وبحثية واضحة ومرسومة بإتقان ويشهد لها القاصي والداني، وله آثار خصوصًا نحو تطوير المنظومة التشريعية محليًا واقليميًا، وكذلك على نطاق الدراسات الفقهية و القانونية.
أما على نطاق الدراسات القانونية والدراسات العليا فالكل يرفع له القبعات لمكانته العلمية المرموقة. أشعر بالفخر أنني أردنية ومن جنسيته، وأتباهى به عند أسافر واجلس مع بعض القانونيين العرب واقول لهم بكل فخر أننا في الأردن نمتلك السنهوري الحديث رحمه الله، بل أنه تفوق عليه في الكثير من النقاط القانونية المهمة، فهم مدرستان مدرسة الجراح ومدرسة السنهوري،
ويشهد لهما الجميع ببراعة المصطلحات القانونية والفلسفة المتبعة لديهم.
الدكتور الجراح أيقونة العمل الإداري والعلمي في جامعة العلوم الاسلامية العالمية، وهو عميد كلية الشيخ نوح القضاة للشريعة والقانون، وهو أحد أهم ركائز الجسد الاكاديمي في الأردن، وهو عملاق القانون المدني وأستاذه. لم أرغب يومًا هذا الفرع من القانون، لكن عندما تلمذت على يديه أصبح هذا الفرع هو الفرع المحبب لي، والذي أود بعونه تعالى أن أبحر به؛ لعل وعسى أن أصل ذات يوم لشاطئ مدرسة الجراح القانونية وأن أصبح لو جزء بسيط من كيانه وعلمه.. أدامك الله لنا، وأدام علمك الفريد، وأدام اخلاصك وتفانيك وحجم المسؤولية الملقاة على عاتقك، ولتبقى مدرستك هي المدرسة الرائدة في القانون المدني، والتي اتمنى من الجميع التخرج منها. تلميذتك وطالبتك دانييلا القرعان التي مهما كبرت ستبقى أمامك نقطة ببحر علمك.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

جلجامش الأردني .. الإستقلال الذي يُمارس ويُحتفل به
جلجامش الأردني .. الإستقلال الذي يُمارس ويُحتفل به

الانباط اليومية

timeمنذ 2 ساعات

  • الانباط اليومية

جلجامش الأردني .. الإستقلال الذي يُمارس ويُحتفل به

الأنباط - الدكتور منذر جرادات المختص في الإعلام والفكر السياسي aljaradat@ في الذكرى التاسعة والسبعين لاستقلال المملكة الأردنية الهاشمية ،لا يبدو تمر هذه الذكرى مجرد لحظة احتفالية تعود إلى عام 1946، بل أننا نتوقف عند هذا اليوم كمسار متجدد يفرض نفسه لصياغة الذات الوطنية، ويدفعنا للشعور بالمسؤولية المتواصلة لاختبار معنى السيادة في زمن التحولات السريعة؛ فالاستقلال ليس الخروج من عباءة الانتداب فقط وإنما يمثل قدرة الدولة على صيانة قرارها الحر وتحصين هويتها من التآكل ، والتأكيد على ممارسة سياستها وفق معايير ذاتية متجذرة في الوعي لا استجابة لأي ضغوط. لقد وُلد الأردن في بيئة جيوسياسية مضطربة في عين العاصفة وفي ظروف لا ترجح بقاء الدول فيها، لكنه شق طريقه بتوازن نادر بفضل الله وحكمة من قاد الدولة من ملوك ورجال الوطن الأوفياء وضلوعهم في السياسة العقلانية والجغرافيا المليئة بالتحديات . ومنذ تأسيسه الاردن بقي متمسكا بثوابته الواضحه وواعٍ لدوره الحقيقي ، بعيدًا كل البعد عن الانفعال، ورفضه الاصطفاف الأعمى أو المغامرات غير المحسوبة وهو ما يعكس جوهر مدرسة سياسية فريدة من نوعها حافظت على بوصلة الموقف وسط متغيرات قاسية. وحين نُسقط عدسة الفكر السياسي الرمزي على هذه التجربة نستحضر جلجامش هذا الملك السومري الذي لم ينل خلوده من البطولات القتالية ،بل من رحلته نحو الحكمة حين أدرك أن المجد الحقيقي يبنى على وعي الإنسان وحدود السلطة وعلى ما يتركه من أثر في مدينته التي تستمر بالحكمة و بالعقل، لا بالقوة. وهكذا بدا الأردن في رحلته السياسية؛ إذ لم يستند في بقائه على ثقل مادي بل إلى إرادة واعية تدير التوازن وتحمي الثوابت وتبني الجسور لا الجدران في مقاربة مستقرة بين الواقعية والمبدأ بين الاستقلال السياسي والاستقلال الأخلاقي. فمنذ الملك المؤسس إلى جلالة الملك عبدالله الثاني تم الحفاظ على خيط ناظم في فلسفة الحكم يقوم على حماية الدولة من الداخل والتموضع الذكي في الخارج ، وعلى أن الكرامة هي جزء لا يتجزأ من الاستقلال، ولا عن القدرة على قول "لا" في اللحظة التي يكون فيها الصمت شكلا من أشكال التفريط ولنا شواهد في كل المحطات التي مر بها الاردن كان يتصرف بوصفه دولة لها شخصيتها وليست مجرد تابع في معادلات إقليمية مضطربة. ولأن كل دولة تُعرف بثوابتها، فإن الأردن لم يتخلى يومًا عن قناعته بأن القضية الفلسطينية ليست قضية مجاورة بل قضية وطنية ومن ثوابت الدولة الأردنية، التي لا تخضع لإعادة التقييم أو المقايضة بل ركن من أركان التوازن الداخلي والسيادة وجزء أصيل من فلسفة الموقف لا من ضرورات الخطاب السياسي الموسمي. هذه المدرسة السياسية التي صنعها الأردن ليست وصفة جاهزة لكنها تشبه الرحلة التي خاضها جلجامش نحو إدراك المعنى حيث يصبح الاستقلال الحقيقي فعلًا يمارس، لا شعارات في زمن يغيب فيه الخط الفاصل بين الهوية والمصالح العابرة،إذ يثبت الأردن مرة تلو الأخرى لاختياره الطريق الأصعب؛ طريق الدولة الأخلاقية المتزنة التي تحافظ على نفسها دون أن تفقد معناها، والتي تعرف أن السيادة ليست في اليافطات ولا في الكلمات الكبيرة بين الحان الأغاني، بل في المواقف المتزنة وفي الشجاعة الهادئة وفي البقاء الكريم وفي وجدان كل وطني حر، ولهذا فإن الاستقلال الأردني هو أحد القلائل الذين يُحتفل به… ويُمارَس في آنٍ واحد.

«تيك ات داون» وإلا
«تيك ات داون» وإلا

الدستور

timeمنذ 3 ساعات

  • الدستور

«تيك ات داون» وإلا

استهل الرئيس الأمريكي دونالد ترمب عمله في البيت الأبيض بعد جولته الخليجية بتوقيعه قرارا مرره الكونغرس فيه إنقاذ للأرواح والأعراض والكرامة والسمعة الخاصة.«تيك ات داون آكت» الممكن ترجمتها باللهجة المحكية «شيلها أو اشطبها»، صار قانونا في بلاد العم سام بعد تبنيه من الحزبين الجمهوري والديموقراطي، استجابة لتبني السيدة الأولى ميلانيا حملة قادها ناشطات وناشطون لشطب الصور ذات الطبيعة الخاصة أو الحميمة لغايات الانتقام أو تشويه السمعة، بصرف النظر إن كانت تلك الصور أو الفيديوهات حقيقية أم مختلقة أم مزيفة عبر الذكاء الاصطناعي وتطبيقات أخرى تستطيع تزييف أي شيء.الأمر بدأ بممارسات انتقامية فردية هنا وهناك حتى صارت بثقافة القطيع «ترندا» لدى بعض مرضى الضمائر والنفوس. فقام بتلك الأفعال المشينة أحد طرفي علاقة زواج أو خارج إطار العلاقات التي يقرها القانون والعرف، جراء الطلاق أو الهجر أو الخصام أو التنازع على حضانة الأطفال أو حيازة الممتلكات، أو فسخ خطوبة أو إنهاء مشروع ارتباط، وما يعرف في بعض الدول ب «المساكنة» والتي يتم الترويج لها للأسف «ثقافيا» بطرق مباشرة وغير مباشرة بحيث بدأت منذ بضع سنوات تتسرب حتى للمجتمعات المحافظة! هذا لا يعني فقط المجتمعات الشرقية، ففي المجتمعات الغربية أيضا قيم تقليدية محافظة سواء انطلاقا من الإيمان الديني أو الالتزام الأخلاقي، أو الوعي والتحوط الصحي بالمفهوم الشامل للصحة الروحية والنفسية والعقلية وليس الجسدية فقط، فالصحة والعفة والطهارة -كما تحضّ الأديان كافة- لا تنحصر في الجسم، وإن كان مستودع الروح أو «هيكلها»، حيث هبة الحياة التي استودعها الله في كلّ واحد منا كبشر. ثارت الضجة والاهتمام حول هذا الموضوع لتسببه بحالات انتحار، وجرائم قتل، ونزاعات أسرية ومجتمعية، فضلا عن الأثار النفسية والاجتماعية المدمرة المترتبة على الابتزاز أو الانتقام، بصور من هذا النوع أو أي شكل من أشكال التنمر الاجتماعي الذي يبدأ سيبرانيا وينتهي حقيقيا جنائيا للأسف.الواعد في القانون أن يحاسب ليس فقط مقترف تلك الجريمة الإلكترونية، بل والمنصة التي لا تقوم بشطب ذلك المحتوى وحظر حساب صاحبه في مدة أقصاها يومان من تبليغ الضحية أو من ينوب عنها. المسؤولية تطال الجميع بما في ذلك من يساهم بالترويج، فكثير من الضحايا من فئتي اليافعين وحتى أطفال في المرحلة الإبتدائية.. من هنا يتطلب الأمر تربية وتعليما توعويا يبدأ من البيت ولا ينتهي بالمدرسة فللمؤسسات الدينية والاجتماعية والثقافية والإعلامية أمانة ورسالة..لا صحة أبدا في هذا السياق لمقولة «ناقل الكفر ليس بكافر». الكل مشارك في الجريمة إن تهاون في الرقابة والمحاسبة. من قام بوضع أي إشارة كانت خاصة الإعجاب و»الأضحكني» على تلك المواد المسيئة، وكذلك إعادة النشر مع أو دون تعليق. وبصرف النظر حتى وإن كان التعليق «حميدا» تبدو منه الغيرة أو الفزعة والنخوة، كالشجب والاستنكار والوعيد وحتى الدعاء، يساهم للأسف بسبب البرمجيات، في نشر الجريمة ودعم حساب المجرم. التجاهل التام فالحظر ومن ثم التبليغ للمعنيين في مكافحة الجرائم الإلكترونية ومن بعد المنصة بالتشاور مع السلطات المحلية المختصة، هو الحل المناسب.الأمل معقود أن يسهم هذا القانون بمحاسبة عمالقة التقنية «بِغ تِك»، وكبار وسائل الإعلام «ميغا ميديا» وحتى الصحافة التقليدية والجديدة، والمؤثرين أنفسهم، بأن لا أحد أبدا فوق القانون، وأن حياة الناس وأعراضها وكراماتها ليست «سداحا مداحا»، ولا هي سلعة للأشقياء وإن تسموا بأسماء براقة كصيادي الصور والفيديوهات والأخبار الحصرية أو المثيرة من شاكلة «بباراتزي» من مهووسي ملاحقة المشاهير، ولا بمن يضفون على أنفسهم هالة «الصحفيين التحقيقيين» وكأنهم على فضلهم الكبير، «على راسهم ريشة»! هم جميعا، كأي سلطة أو مهنة أخرى، عرضة للإفراط وللتفريط، وللفساد بكل أشكاله، فكثير من تلك الصورة أو مقاطع الفيديو ما كانت إلا مواد ابتزاز، الترويج لها أو حجبها قَلَبَ نتائج كثير من الانتخابات في العالم، فصناعة المزاج العام أخطر من الرأي العام، حيث اتضح بعد فوات الأوان و»خراب بصرة»، أن من كان يزعم «إقامة الدين في مالطا» ما هو إلا «ديّان بالأجرة»!لعلها فرصة أمريكية، تشد من عزم النشامى والأحرار الغيارى المتصدين بعزم وحزم لفوضى الفضاء الأزرق، «السايبر» منه و»الهايبر» ذلك الصنف الذي يجمع بين البهورة والهبورة في التباكي على حق بعض المتحذلقين أو بالأحرى المجرمين في إيذاء الناس في أعز ما يملكون باسم حرية التعبير وإن كان ابتزازا، انتقاما أو افتراء أو ما هو أقل ولا يخطر على بال، مجرد شعور بفراغ قاتل!

عمة الزميل سعد العوايشة في ذمة الله
عمة الزميل سعد العوايشة في ذمة الله

الانباط اليومية

timeمنذ 3 ساعات

  • الانباط اليومية

عمة الزميل سعد العوايشة في ذمة الله

الأنباط - تتقدم أسرة صحيفة الأنباط ممثلة بالمدير العام حسين الجغبير وكافة العاملين فيها ، بخالص مشاعر التعزية والمواساة من الزميل سعد العوايشة لوفاة عمته نسأل الله أن يلهم ذويها الصبر والسلوان ، وأن يتغمدها بواسع رحمته ، إنا لله وإن اليه لراجعون

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store