
ما المقابل الإيراني لامتناع الأوروبيين عن تفعيل آلية «سناب باك»؟
رغم خلافاتهما العميقة، فإن ما يجمع إيران والترويكا الأوروبية «فرنسا وبريطانيا وألمانيا» هو الرغبة المشتركة في إيجاد حل سياسي ــ دبلوماسي للملف النووي الإيراني، يجنب الشرق الأوسط وأوروبا والعالم العودة إلى حرب الـ12 يوماً، التي اندلعت الشهر الماضي بمبادرة إسرائيلية، ولاحقاً بمشاركة أميركية.
ولأن عودة المفاوضات بين طهران وواشنطن ليست قريبة، ولأن الأولى تضع شروطاً لاستئنافها، فإن من الأسهل على الجانب الإيراني أن يحاور الأوروبيين، خصوصاً أن هؤلاء يمسكون بأيديهم سلاحاً ضارباً وورقة ضغط قوية على إيران، اسمها آلية «سناب باك» التي تعني إعادة تلقائية لتفعيل 6 مجموعات من العقوبات الدولية، بموجب منطوق القرار الدولي 2231، الذي ينتهي مفعوله في 18 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل. وكان العمل بهذه العقوبات «عُلق ولم يلغَ» في عام 2015 بعد توقيع الاتفاق النووي صيف ذلك العام.
يتعين، من الناحية العملية، التذكير بأمرين: الأول، تقليص المدة (حتى نهاية أغسطس/آب) التي تستطيع أطراف الترويكا، ضمنها، طلب تفعيل آلية «سناب باك»، فالموقعون على اتفاق 2015 (الثلاثي الأوروبي والولايات المتحدة وروسيا والصين) مؤهلون لطلب إعادة تفعيل هذه الآلية، باستثناء الطرف الأميركي الذي خرج منه في عام 2018، فيما يستبعَد أن تعمد موسكو وبكين (حليفتا طهران) إلى تقديم طلب من هذا النوع.
لذا، فإنّ لإيران مصلحة أساسية في التواصل مع «الترويكا»، الأمر الذي يفسر الاجتماع المرتقب يوم الجمعة المقبل في إسطنبول، وفق تصريحات المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي، الاثنين.
صورة نشرتها وزارة الخارجية الألمانية في 20 يونيو 2025 تظهر وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي (الثاني من اليسار) خلال اجتماع حول البرنامج النووي الإيراني في جنيف في 20 يونيو 2025 (أ.ب)
صورة نشرتها وزارة الخارجية الألمانية في 20 يونيو 2025 تظهر وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي (الثاني من اليسار) خلال اجتماع حول البرنامج النووي الإيراني في جنيف في 20 يونيو 2025 (أ.ب)
وبالتوازي، تُفعّل طهران دبلوماسيتها ساعيةً لتعبئة موسكو وبكين من أجل دعمها في مجلس الأمن الدولي، رغم الإحباط الذي تستشعره إزاء هاتين العاصمتين بسبب ضعف تضامنهما معها خلال حرب الـ12 يوماً. من هنا أيضاً، يمكن أن نفهم خلفية الاجتماع الثلاثي الذي سيجمع ممثلين عن العواصم الثلاث يوم الثلاثاء، وهو ما أعلنه أيضاً بقائي.
إيران ما بين الترغيب والترهيب
إذا كانت ثمة حاجة للتأكيد على القلق الإيراني من «الضغط على الزناد»، فتكفي الإشارة إلى أن اتصالات طهران الدبلوماسية وتصريحات أركان النظام تتركز في غالبيتها على هذه المسألة. لذا، فإن وزير الخارجية عباس عراقجي دأب منذ أسابيع على تنبيه الأوروبيين من الإقدام على هذه الخطوة، وقال يوم 12 الحالي: «إنهم بذلك سيخسرون أي إمكانية للعب أي دور» في الملف النووي الإيراني.
وزاد يوم الجمعة، في تغريدة على منصة «إكس»، عقب اتصال بنظرائه الأوروبيين الثلاثة وبمسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، أن الأوروبيين «فقدوا أي أساس أخلاقي أو قانوني» لإعادة تفعيل العقوبات الأممية، مضيفاً أنه إذا أرادوا المحافظة على دور لهم «فعليهم التصرف بمسؤولية والتخلي عن استخدام التهديدات والضغوط».
وشدّد عراقجي، الأحد، في رسالة موجهة إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، على هذا الجانب، وجاء بحجة إضافية مفادها أن موقفهم من الضربات الإسرائيلية والأميركية التي لم ينددوا بها، أفقدهم «صفة الطرف» في الاتفاق النووي الذي ترتبط به آلية «سناب باك».
تريد أطراف «الترويكا» استخدام ورقة «سناب باك» للضغط على إيران لدفعها نحو انتهاج الليونة. وأفادت وزارة الخارجية الفرنسية بأن الأوروبيين أبلغوا عراقجي «تصميمهم على استخدام آلية (سناب باك) في حال عدم إحراز تقدم ملموس» نحو اتفاق جديد حول البرنامج النووي «بحلول نهاية الصيف».
لا تكتفي إيران بتوجيه اللوم الأخلاقي أو القانوني. ذلك أن نواباً ومسؤولين هددوا بالانسحاب من معاهدة منع انتشار السلاح النووي أو بطرد مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية. ونُقل الاثنين عن النائب عباس مقتدائي، عضو لجنة الأمن القومي في البرلمان الإيراني، قوله: «إن لدينا العديد من الأدوات تحت تصرفنا: يمكننا الامتناع عن تنفيذ التزامنا بالأمن في المنطقة، والخليج (...)، ومضيق هرمز، وكذلك في مناطق بحرية أخرى»، في إشارة واضحة إلى البحر الأحمر الاستراتيجي.
ولمزيد من الإيضاح، قال مقتدائي في مقابلة مع وكالة «برنا» شبه الرسمية: «أوروبا ليست في وضع يسمح لها بتعريض نفسها للخطر في... مضيق هرمز، في وقت تعاني فيه من صراعات سياسية واقتصادية وثقافية مع روسيا والصين وحتى الولايات المتحدة». وسبق لإيران كذلك أن لوّحت بوضع حد لجهودها في محاربة المخدرات المتجهة لأوروبا.
حظوظ النجاح أو الفشل
ويمثل التحاق الأوروبيين بالموقف الأميركي ــ الإسرائيلي الرافض جذرياً لتمكين إيران من الحفاظ على إمكانية تخصيب اليورانيوم على أراضيها، الصعوبة الرئيسية في اجتماع إسطنبول المقبل. وبرزت هذه الصعوبة في اجتماع جنيف الشهر الماضي، الذي لم يفضِ إلى أي نتيجة.
والحال أن السلطات الإيرانية جعلت من التخصيب مسألة حياة أو موت، وكان السبب الأول في فشل 5 جولات من المفاوضات «غير المباشرة» بين طهران وواشنطن.
وتفيد مصادر أوروبية في باريس بأن القراءة الغربية تركز على أن «إيران ما بعد الضربات الإسرائيلية والأميركية غير إيران ما قبلها»، بمعنى أن الضغوط على طهران يمكن أن تدفعها، من أجل تجنب استهدافها عسكرياً مجدداً، إلى الرضوخ للمطالب الغربية والقبول بأحد المخارج المتداولة من هذه المشكلة، كتشكيل «كونسورتيوم» للتخصيب تكون طهران جزءاً منه، مع احتمال لحظ دور لروسيا.
بيد أن النووي ليس العقبة الوحيدة التي تحول دون إحراز تقدم، رغم كونه العقبة المركزية. فالأوروبيون يريدون كذلك طرح ملف البرنامج الصاروخي ــ الباليستي الإيراني، وسياسة طهران «المزعزعة لاستقرار الإقليم» وفق التوصيف الغربي، بسبب دعمها «لأذرعها» المتعددة في المنطقة ومعاودتها تسليحها. فضلاً عن ذلك، يرى كثير من المراقبين أن الأوروبيين حريصون بالدرجة الأولى على تجنب المواجهة مع إدارة الرئيس دونالد ترمب، بسبب حربها التجارية عليهم من جهة، وبسبب حرب أوكرانيا من جهة ثانية، التي لا يريدون أن تقع كامل أعبائها العسكرية والمالية على كاهلهم. وفي كل الأحوال، فإن المصادر المشار إليها ترى أن إيران اليوم هي «الطرف الأضعف»، وبالتالي «يتوجب عليها أن تدفع الثمن» حتى يقتنع الأوروبيون بعدم نقل ملفها مجدداً إلى مجلس الأمن. من هنا، أهمية النظر فيما يمكن لطهران أن تقدمه مقابل ذلك.
محدودية الدور الروسي ــ الصيني
تسعى طهران إلى استنهاض روسيا والصين حتى لا تكون «عارية» في مواجهة الغربيين، وإيجاد السبل لمنع هؤلاء من تنفيذ تهديداتهم. والحال أن القراءة القانونية للقرار 2231 بخصوص آلية «سناب باك» تُبين أن موسكو وبكين غير قادرتين على حماية إيران، لأن البت بها سيكون من خلال التصويت على مشروع قرار ينص على مواصلة العمل بـ«تعليق» أو «تجميد» العقوبات الدولية. لذا، يكفي أن تصوّت إحدى الدول المتمتعة بحق النقض (الفيتو) ضد المشروع حتى يُعاد العمل بها، ما يوضّح الحديث عن «تلقائيتها».
من هنا، ثمة أنباء متداولة، إيرانياً، تفيد بأن طهران قد تسعى لإقناع روسيا والصين بالانسحاب من اتفاق عام 2015، ما يجعله منتهي الصلاحية، وبالتالي يُجهِض جهود الغربيين. بيد أن حصول أمر كهذا دونه حسابات سياسية روسية ــ صينية معقدة، وقد لا ترى الدولتان أن مصلحتهما تكمن في الاستجابة لمطلب طهران. من هنا، فإن الأمور مفتوحة على عدة احتمالات ومخارج.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الصحوة
منذ 3 ساعات
- الصحوة
الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي يتوصلان إلى اتفاق تجاري
وقال الرئيس الأميركي، الأحد، إن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي توصلا إلى اتفاق تجاري يتضمن فرض رسوم جمركية 15% على السلع الأوروبية التي تدخل السوق الأميركية، إلى جانب مشتريات أوروبية كبيرة من الطاقة والعتاد العسكري الأميركي. وأضاف أن الرسوم البالغة 15% على الاتحاد الأوروبي تشمل السيارات، منوهاً بفتح أسواق جميع دول التكتل أمام المنتجات الأميركية. وأضاف ترامب للصحفيين أن الاتفاق يشمل أيضاً استثمارات أوروبية بقيمة 600 مليار دولار داخل الولايات المتحدة. وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين إن الاتفاق يتضمن فرض رسوم جمركية 15%، مشيرة إلى أن الخطوة تهدف إلى إعادة التوازن في العلاقات التجارية بين الطرفين. ويأتي الاتفاق قبل الموعد النهائي المحدد يوم الجمعة المقبل لدخول الرسوم الجمركية المرتفعة التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، حيز التنفيذ. وكان ترامب هدد في مايو بفرض رسوم جمركية بنسبة 50% على جميع سلع الاتحاد الأوروبي تقريباً، ما زاد من الضغط الذي عجّل في المفاوضات. وفي السياق ذاته، تتجه الانظار اليوم الاثنين إلى ستوكهولهم حيث يجتمع كبار المفاوضين الأميركيين والصينيين لمعالجة خلافات اقتصادية قائمة منذ فترة طويلة وتتمحور حولها الحرب التجارية بين البلدين، في مسعى لتمديد هدنة أوقفت تطبيق رسوم جمركية مرتفعة. وتواجه موعداً نهائياً في 12 أغسطس للتوصل إلى اتفاق دائم بشأن الرسوم الجمركية مع إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، بعد أن توصل البلدان في يونيو إلى اتفاق مبدئي أوقف تصعيداً على مدى أسابيع لحرب الرسوم الجمركية بينهما. وإذا لم يتم التوصل إلى اتفاق، ستتجدد على الأرجح اضطرابات سلاسل التوريد العالمية بسبب تجاوز الرسوم الجمركية 100 في المئة.


اليمن الآن
منذ 3 ساعات
- اليمن الآن
تحذير أوروبي صارخ: اليمن على حافة مجاعة كبرى والمجتمع الدولي مطالب بالتحرك العاجل
حذر الاتحاد الأوروبي، الاثنين، من تفاقم خطر المجاعة في اليمن، مؤكدًا أن الوضع الإنساني بلغ مستوىً حرجًا يستدعي تدخلًا دوليًا فوريًا لتفادي كارثة إنسانية. وقالت مفوضة الشؤون الإنسانية الأوروبية، حاجة لحبيب، عبر منصة "إكس"، إن خطر المجاعة حقيقي، ما لم يتم توجيه مساعدات إنسانية عاجلة وفقًا للاحتياج، محملة المجتمع الدولي مسؤولية التحرك. وأكدت أن الاتحاد الأوروبي خصص 9 ملايين يورو إضافية لدعم برنامج الأغذية العالمي، أحد أبرز الجهات التي ما زالت تنفذ عمليات إغاثة ميدانية في اليمن.


26 سبتمبر نيت
منذ 11 ساعات
- 26 سبتمبر نيت
بعد قرار الكنيست بضم الضفة الغربية وغور الأردن.. لا خيار أمام المقاومة إلا تصعيد عملياتها
يجب أن لا ننسى أن "إسرائيل" ادعاء توراتي بالأساس ووفقًا لهذه الخرافة يستمر كيان الاحتلال الصهيوني في التوسع والسيطرة على المزيد من الأراضي الفلسطينية والعربية، سواء في لبنان أو سوريا، وصولًا إلى إنشاء ما يسمى بـ"إسرائيل الكبرى" التي يدّعون أن التلمود قد حدد مساحتها وحدودها في أرض العرب، من الفرات إلى النيل وحتى شمال المملكة العربية السعودية. محمد أحمد الزعكري ولذلك، فإن قرار الكنيست الإسرائيلي الذي صدر نهاية الأسبوع الماضي، والقاضي بضم الضفة الغربية وغور الأردن ليكونا تحت سيادة العدو الصهيوني، لم يكن مفاجئًا، بل كان متوقعًا، لأن العصابات الصهيونية المدعومة أمريكيًا تواصل أعمال الاستيطان والسيطرة على الأراضي العربية، مستندة إلى قرارات البيت الأبيض ودول الغرب، التي تلوّح بعضها بإصدار قرارات بالاعتراف بالدولة الفلسطينية، مثل فرنسا، إلا أن هذه التصريحات لا تعدو كونها مهدئات أو وهمًا لا يقدم ولا يؤخر مادام كيان العدو الصهيوني مستمرًا في قتل وتجويع أبناء فلسطين ولم تؤثر عليه أي من قرارات مجلس الأمن الدولي أو الجمعية العامة للأمم المتحدة. سلطة بلا أرض في الضفة الغربية، حيث تقبع السلطة الفلسطينية، فإنها تبدو مشلولة وعاجزة تمامًا عن اتخاذ أي موقف تجاه جرائم كيان العدو الصهيوني، ولا حتى الرد العملي على قرار الكنيست القاضي بضم الضفة الغربية. وبهذا، تصبح السلطة الشكلية لا تمثل أي رقم في نظر العدو، الذي تجاهلها تمامًا ورمى باتفاقية أوسلو عرض الحائط، وكذلك اتفاقية وادي عربة مع الأردن. وعلى الرغم من أن سلطة محمود عباس في الضفة أصدرت بيانًا يدين قرار الكنيست الأخير، ومعها عدد من الدول العربية، إلا أن الشجب والتنديد لا يجدي نفعًا مع كيان دموي يرى في فلسطين وعدد من الدول العربية "هبة من الرب" لمن يُسمى بـ"الشعب المختار"، ولا يأبه لبيانات منظمة التعاون الإسلامي ولا حتى لجامعة الدول العربية التي قال عنها الملك عبدالله الأول ملك الأردن: "لا الجامعة جامعة ولا قراراتها قرارات. يدرك الاحتلال أن القرارات والإدانات لا تمثّل شيئًا لديه، بل يتحدى ويتوسّع في أعمال البطش والحصار ومصادرة الأراضي الفلسطينية، غير آبه بقرارات مجلس الأمن الدولي التي نصت على انسحاب الاحتلال من الأراضي الفلسطينية التي احتلها في الضفة الغربية والتي تبلغ أكثر من 41%. من اجمالي مساحة الضفة . فكرة دينية توراتية وفيما يتعلق بقرار الكنيست حول مخطط الضم، يرى الكاتب الفلسطيني الدكتور فايز أبو شمالة أن: "مشروع قرار الكنيست ينص على أن 'يهودا والسامرا' أي الضفة الغربية، جزء لا يتجزأ من الوطن التاريخي والثقافي والروحي للشعب اليهودي، وأن مدنًا مثل الخليل ونابلس ومستوطَنات شيلو وبيت إيل تعبّر عن الاستمرارية التاريخية للوجود اليهودي في أرض إسرائيل. وأضاف: "ذلك يؤكد أن فكرة ضم الضفة الغربية هي فكرة دينية توراتية وليست سياسية فحسب، وهذا الضم الروحي والسياسي والعملي للضفة الغربية يؤكد أن الحديث الكاذب والساخر عن حل الدولتين، وعن وجود سلطة فلسطينية وهمية في الضفة، ليس إلا ضحكًا على ذقون العرب وخداعًا ماكرًا للشعب الفلسطيني. غور الأردن ضم غور الأردن تحت سيادة الاحتلال ينذر باقتراب خطر داهم من الحدود الأردنية، التي باتت في دائرة الاستهداف بعد مخطط العدو بتهجير قسري لأكثر من 4 ملايين فلسطيني من الضفة الغربية باتجاه الأردن، وهذا ما يراه محللون سياسيون قائمًا في ظل سياسة العدو القائمة على اقتلاع شعب فلسطين وتهجيرهم قسرًا وتهويد كافة الأراضي الفلسطينية في ما يسمونه "يهودا والسامراء. موافقة أمريكية بالنظر إلى عدد الاعتراضات الأمريكية في مجلس الأمن الدولي "فيتو" ضد القضية الفلسطينية منذ احتلال العدو الصهيوني عام 1948، فقد بلغت 46 اعتراضا معظمها لحماية الاحتلال من الإدانة أو لمنع الاعتراف الكامل بدولة فلسطين. ومنذ السابع من أكتوبر 2023م، استخدمت الولايات المتحدة حق النقض "الفيتو" خمس مرات في مجلس الأمن الدولي تتعلق بالقضية الفلسطينية، منها واحدة تحديدًا لمنع الاعتراف الكامل بدولة فلسطين كعضو في الأمم المتحدة. لذا، فإن الانحياز الأمريكي الكامل لمجرمي الحرب الصهاينة يوضح مدى سيطرة اللوبي الصهيوني على قرارات البيت الأبيض، وتحكمه بقادته منذ ما بعد حكم الرئيس الأمريكي الأسبق بنيامين فرانكلين، الذي كان قد حذر من خطر اليهود على أمريكا قبل أكثر من قرنين من الزمن. وبالرجوع إلى القرارات التي صدرت في عهد إدارة الرئيس الأمريكي ترامب في ولايته السابقة والحالية، فإنها لم تكن وسيطًا نزيهًا، بل شريكًا في تثبيت واقع مغاير لقرارات الشرعية الدولية، وتعد تعدّيًا سافرًا على القانون الدولي الذي تتغنى به أمريكا عندما يكون في صالحها. وقد اعترف ترامب خلال رئاسته السابقة في عام 2017م بأن القدس عاصمة أبدية لما يسمى بـ"إسرائيل"، بالإضافة إلى اعترافه بسيادة الاحتلال على هضبة الجولان السوري المحتل عام 2019م، ثم عرقلة مؤتمر باريس للسلام، وكلّها خطوات تشير إلى دعم أمريكي كامل للمشروع الصهيوني في المنطقة. ويرى الكاتب الفلسطيني أبو شمالة أن أمريكا قد أعطت الضوء الأخضر للاحتلال لضم الضفة الغربية، لأن الكنيست الإسرائيلي لم يكن ليجرؤ على ذلك إلا بموافقة أمريكية، فهذا القرار المرّ لا يتم إلا برضا أمريكا. واعتبر أن ضم الضفة الغربية جاء كرشوة أمريكية للعدو الإسرائيلي مقابل وقف إطلاق النار في غزة وصفقة تبادل الأسرى، حيث تُعد الضفة الغربية أهم للعقيدة اليهودية من أرض غزة التي تُعتبر "ملعونة" وفقًا للتوراة اليهودية. تصعيد المقاومة في الضفة "وليسوا بِغَيْرِ صليلِ السيوفِ.. يُجيبونَ صوتًا لنا أو صدى فجرِّدْ حسامَكَ من غمدِهِ.. فليس لهُ، بعدُ، أن يُغمـدا" بهذا البيت الشعري لخّص الشاعر المصري علي محمود طه الكثير مما يمكن قوله حيال وهم المفاوضات وعملية السلام المزعومة مع كيان العدو الصهيوني الغاصب. فالمشروع الصهيوني مستمر في سياسته العدوانية الرامية إلى اقتلاع الشعب الفلسطيني من جذوره في غزة والضفة الغربية، وتحويله إلى معسكر للإمبريالية الأمريكية. لا خيار أمام الشعب الفلسطيني إلا تصعيد المقاومة في الضفة الغربية للرد العملي على قرار الكنيست الأخير، القاضي بضم الضفة الغربية وغور الأردن لتخضع بشكل مباشر للاحتلال. الدعم للقضية الفلسطينية إن دعم المقاومة الفلسطينية يمثل أهمية كبيرة وبعدًا هامًا لحماية الأمن القومي العربي وصد خطر الاحتلال الصهيوني على الشعوب العربية. وفي هذا السياق، يوضح الكاتب والشاعر والأديب عبد الله البردوني في مقال له نُشر عام 1983م أهمية النضال ودعم القضية الفلسطينية بقوله: "إن احتياجات القضية الفلسطينية إلى الأعوان المخلصين أشد من احتياجها إلى الدعم المالي والدعاية الإعلامية، فقد أثبتت التجارب أن الالتزام بالمبدأ النضالي هو الطريق إلى النصر، لأن السلام الذي تدعو إليه بعض الأنظمة لا يتبناه الصهاينة ولا حلفاؤهم في البيت الأبيض.