
جيفري هينتون يتراجع: الذكاء الاصطناعي لن يُقصي أطباء الأشعة
اعترف جيفري هينتون، الباحث الرائد المُلقب بأبي الذكاء الاصطناعي والحائز على جائزة تورينغ، بأنه كان متسرعًا في تصريحه السابق بأن الذكاء الاصطناعي سوف يحل محل أطباء الأشعة بالكامل.
وفي مقابلة حديثة مع صحيفة نيويورك تايمز، قال هينتون إنه ركّز حينها على تحليل الصور دون أن يأخذ بالحسبان تعقيدات العمل الطبي، مما جعله يبالغ في تقدير سرعة تطور الذكاء الاصطناعي.
وأضاف: 'لقد اتجهنا في المسار الصحيح، لكن الواقع أثبت أن الذكاء الاصطناعي لا يستبدل أطباء الأشعة، بل يجعلهم أكثر كفاءة ويساعدهم في تحسين الدقة'.
وكان هينتون قد أثار جدلًا واسعًا عام 2016 حين قال إن تدريب أطباء أشعة جدد بات غير ضروري، مشبّهًا المهنة بشخصية كرتونية تواصل الجري بعد تجاوز الحافة دون أن تدرك أنها في الهواء.
وقال هينتون إن تقنيات التعلّم العميق ستتفوق على البشر خلال خمس سنوات فقط. وفي مقطع الفيديو الشهير لتلك المحاضرة، يظهر الباحث ريتشارد ساتون، وهو أحد أبرز المتخصصين في التعلّم المعزز، وهو يوافقه الرأي.
وجاء الواقع مغايرًا؛ إذ ذكرت نيويورك تايمز أن مؤسسات مثل مؤسسة مايو كلينك الطبية تُظهر كيف يمكن للذكاء الاصطناعي دعم أطباء الأشعة عوضًا عن استبدالهم. فمنذ عام 2016، ارتفع عدد أطباء الأشعة في المستشفى من نحو 260 إلى أكثر من 400 طبيب، أي بزيادة تُقدَّر بنحو 55%.
ومع أن هينتون لم يكن مخطئًا تمامًا، إلا أن الذكاء الاصطناعي أحدث بالفعل تحولًا ملحوظًا في المجال، إذ تستخدم مايو كلينك اليوم أكثر من 250 نموذجًا للذكاء الاصطناعي ضمن قسم الأشعة، بعضها مطوّر داخليًا وبعضها الآخر من شركات خارجية، كما بدأت هذه الأدوات تُستخدم أيضًا في تخصصات أخرى مثل أمراض القلب.
وتساعد هذه الأنظمة في تسريع تحليل الصور، وتحديد مناطق الاشتباه، واكتشاف حالات مثل الجلطات الدموية أو الأورام. كما يوفّر أحد النماذج قياسات تلقائية لحجم الكلى، وهو إجراء كان يُنجز يدويًا في السابق، ويستهلك وقتًا طويلًا.
وقال الدكتور ماثيو كالستروم، رئيس قسم الأشعة في مايو كلينك، إن الذكاء الاصطناعي يُستخدم كـ'زوج ثانٍ من العيون'، فهو يتولى المهام التكرارية، لكن الحكم الإكلنيكي (السريري) يظل مسؤولية الطبيب، وأكد أن أدوات الذكاء الاصطناعي أصبحت جزءًا لا يتجزأ من الممارسات اليومية في الطب.
ويُعد تراجع هينتون عن تصريحاته السابقة درسًا في التواضع لتوقعات الذكاء الاصطناعي. فالكثير من التصريحات الحالية، مثل تلك التي يُدلي بها الرئيس التنفيذي لشركة OpenAI سام ألتمان ومؤسس مايكروسوفت بيل غيتس، تتنبأ بأن الذكاء الاصطناعي سوف يحل محل العديد من المهن، وهي تصريحات غالبًا ما تبالغ، وتفتقر إلى التمييز بين أتمتة المهام الفردية واستبدال المهن بالكامل، كما حدث مع تصريح هينتون عام 2016 حين اختزل طب الأشعة في مجرد تحليل صور.
وحتى مع التقدّم التقني، فإن عوامل ثقافية وتنظيمية وقانونية تظل تشكّل عوائق أمام الاعتماد الشامل على الذكاء الاصطناعي.
وتحمل هذه القصة رسالة أوسع لمجتمع الباحثين في الذكاء الاصطناعي، وهي تجنّب إصدار توقعات شاملة بشأن مهن لا يدركون أبعادها الكاملة.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


البيان
منذ 2 ساعات
- البيان
زيارة الرئيس الأمريكي إلى الإمارات.. شراكة جيوتكنولوجيةفي عصر القوة الرقمية
وقد عُقد اللقاء بين صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، ورئيس الولايات المتحدة الأمريكية دونالد ترامب في قصر الوطن، في مشهد يعكس عمق العلاقات الدبلوماسية والسياسية والتعاون الاستراتيجي بين الدولتين. وقد جاءت هذه الشراكة في خطوة تعزز من حضور دولة الإمارات العربية المتحدة في خريطة الابتكار العالمية. ومروراً بالاستقرار السياسي والموقع الجيوستراتيجي المتميز، وانتهاءً بالبيئة التشريعية والتنظيمية المواتية ببناء قواعد راسخة تتيح نمو وازدهار اقتصاد المستقبل القائم على المعرفة والابتكار والذكاء الاصطناعي. علاوة على ذلك فإن الإمارات تعد من الدول الرائدة في مجالات استخدام عناصر القوة الناعمة وسيلة لتحقيق المصالح الوطنية في إطار تعاوني سلمي. وهذه العوامل تعززت بمقومات أخرى، أبرزها البنية التحتية الرقمية المتطورة، وسياسات الابتكار، والاستثمار في رأس المال البشري، وهي ما جعلت من الإمارات بيئة مثالية لتوطين الشراكات التكنولوجية المعقدة. كما وضعت القيادة الإماراتية الحكيمة ضمن أولوياتها تأسيس دولة تستند إلى المعرفة والتقدم التكنولوجي، وهو ما تجسّد في الاستراتيجية الوطنية للابتكار التي تهدف إلى جعل الإمارات من بين أكثر الدول ابتكاراً على مستوى العالم. كما يعمل مكتب الذكاء الاصطناعي والاقتصاد الرقمي وتطبيقات العمل عن بُعد على أجندة تحقيق أهداف استراتيجية الإمارات للذكاء الاصطناعي والاستراتيجية الوطنية للاقتصاد الرقمي والمبادرات والخطط الهادفة إلى ترسيخ مكانة دولة الإمارات لتكون الوجهة الأولى. والمركز الأساسي للابتكار في مجالات الذكاء الاصطناعي والاقتصاد الرقمي وتقنيات البلوك تشين، وغيرها من التقنيات المستقبلية، بالإضافة إلى استراتيجية الثورة الصناعية الرابعة التي تهدف إلى جعل الإمارات مركزاً عالمياً للاقتصاد الرقمي. وشركة الذكاء الاصطناعي الجديدة «AI71»، التي تُبنى على نماذج «فالكون» المطورة محلياً، وتهدف لتقديم حلول غير مسبوقة للشركات في مجال التحكم في البيانات عبر الذكاء الاصطناعي، ما يعزز الخصوصية ويخدم البيئة الرقمية. وتوسعت هذه الرؤية لتشمل دعم المدن الذكية عبر مشاريع مثل «مدينة مصدر» و«دبي الذكية» وواحة دبي للسيليكون، ومناطق حرة متخصصة بالتقنية، مثل مدينة دبي للإنترنت، ومدينة الشارقة للبحوث والتكنولوجيا. وجامعة ستانفورد، ما أسهم في بناء قاعدة معرفية وطنية قادرة على مواكبة التحولات العالمية، وكذلك جامعة خليفة وجامعة حمدان بن محمد الذكية، إلى جانب كليات التقنية العليا ومعاهد متخصصة في التقنيات الحديثة. وأطلقت وزارة التربية والتعليم منهجاً خاصاً لتدريب طلبة المدارس على الذكاء الاصطناعي. ومن ناحية أخرى، تم إطلاق مبادرات وطنية كبرى مثل «مليون مبرمج عربي». إضافة إلى جلسات «متحف المستقبل» التي يشارك فيها كبار الخبراء العالميين، ما عزز من مكانة الإمارات مركزاً عالمياً للتكنولوجيا، إذ أثبتت الإمارات، من خلال هذه المشاريع والشراكات، قدرتها على صياغة نموذج اقتصادي مرن يقوم على الابتكار والتكامل، مدعوم ببنية تحتية رقمية متطورة وتشريعات مرنة، وبرز هذا النموذج في بناء المدن الذكية، وتطوير شبكات الاتصالات، وإنشاء مراكز بيانات ضخمة، وتقديم حلول رقمية شاملة. ومن هنا، أتى إطلاق المجمع الإماراتي - الأمريكي ليكون امتداداً طبيعياً لهذا المسار التنموي، ومن المتوقع أن يتمتع المجمع بقدرات تشغيلية عالية تصل إلى خمسة جيجاواط، وهذا دلالة على الكم الكبير والضخم من المعالجات الرسومية فائقة التطور القادرة على التغطية الهائلة من الطاقة التشغيلية التي تكفي لسرعة إنتاج البيانات وتوليدها. والطاقة العالية المستخدمة في تبريدها، معتمداً على مزيج من مصادر الطاقة المتجددة، مثل الشمسية والنووية، إضافة إلى الغاز الطبيعي، وقد تقدر مساحة المجمع بـ10 أميال مربعة، ما يعكس توجهاً استراتيجياً نحو تحقيق الاستدامة البيئية جنباً إلى جنب مع التقدم التكنولوجي. ومن المتوقع أن يسهم هذا المشروع في استقطاب شركات أمريكية واستثمارات أجنبية كبرى قادرة على الاستفادة من الإمكانات لتوفير خدمات الحوسبة الإقليمية مع إمكانية تقديم خدمات عالية التقنية والجودة لنحو نصف سكان العالم ضمن نطاق 3200 كيلومتر، وخلق وظائف متخصصة في تحليل البيانات، وتطوير البرمجيات، والهندسة التقنية، إضافة إلى دعم الصادرات الوطنية في مجال الخدمات الرقمية. ومن مميزات المشروع الإماراتي في هذا السياق أنه جاء منسجماً مع السياسات العامة للدولة، ومتكاملاً مع استراتيجياتها الوطنية الكبرى، ليشكل الذكاء الاصطناعي محوراً أساسياً في مسيرة التنمية البشرية والاقتصاد الرقمي. كما أن هذا التوجه ينسجم مع المبادئ العشرة للخمسين عاماً المقبلة، التي أطلقتها القيادة الإماراتية لتكون خريطة طريق للمستقبل، ويرسّخ شراكة طويلة الأمد مع الولايات المتحدة، تشمل التقنية، والاقتصاد، والتعليم، والأمن. ورغم هذا التقدم، لم تغفل الإمارات التحديات المصاحبة، وعلى رأسها الأمن السيبراني والحاجة إلى الكفاءات الوطنية المؤهلة، فوضعت خطة معرفية شاملة تشمل الشراكات الأكاديمية، والتعليم التقني، والتدريب المهني المستمر. وفي هذا السياق، أُطلقت الاستراتيجية الوطنية للأمن السيبراني في 2019 لتعزيز بيئة رقمية آمنة ومرنة.


صحيفة الخليج
منذ 2 ساعات
- صحيفة الخليج
«ميغا تسونامي» يهدد 3 مناطق أمريكية
حذر علماء جيولوجيا من دول عدة، احتمال تعرض الولايات المتحدة لظواهر طبيعية كارثية تعرف بـ «ميغا تسونامي»، وهي موجات عملاقة قد يصل ارتفاعها إلى آلاف الأقدام، وتسبب دماراً هائلاً على السواحل. وهناك 3 مناطق أمريكية معرضة بشكل خاص لهذا الخطر هي ألاسكا، هاواي، والساحل الغربي. وأشار الخبراء إلى أن هذه الموجات تختلف عن التسونامي التقليدي الناجم عن الزلازل، إذ إن «ميغا تسونامي غالباً ما تثار بسبب الانهيارات الأرضية الضخمة. من السيناريوهات المثيرة للقلق، احتمال انهيار الجانب الغربي من بركان كومبر فييخا في جزيرة لا بالما الإسبانية، وهو ما قد يؤدي إلى تسونامي يعبر المحيط الأطلسي ويصل إلى الساحل الشرقي للولايات المتحدة. أما في هاواي، فأظهرت الدراسات أن موجة عملاقة ضربت جزيرة لاناي قبل نحو 105 آلاف سنة، وبلغ ارتفاعها 1000 قدم، نتيجة لانهيار بركاني مشابه لما قد يحدث في لا بالما. وحذر الباحثون في جامعة ولاية بنسلفانيا من أن «المنحدرات البركانية النشطة في جزيرة هاواي الكبرى، خصوصاً كيلاويا وماونا لوا، قد تنهار في أي وقت، مطلقة موجات مدمرة نحو الجزر المجاورة». وعلى الساحل الغربي، لا يزال صدع كاسكاديا يمثل تهديداً كبيراً. ووفقاً لتقديرات هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية، ووكالة إدارة الطوارئ الفيدرالية، فإن هناك «احتمالاً بنسبة 37% لوقوع زلزال بقوة 8 إلى 9 درجات في صدع كاسكاديا خلال الخمسين سنة القادمة».


الإمارات اليوم
منذ 2 ساعات
- الإمارات اليوم
«الرومانسية المصطنعة» مع «الروبوت» تسبب شروخاً في العلاقات الاجتماعية
الإصغاء والمشاركة هما ما يتوقعه الإنسان من شريكه في الواقع، ويمثّل غيابهما سبباً لنشوب كثير من الخلافات والتصدعات الأسرية، فيما يبرز الروبوت بمواهبة الاستثنائية وقدرته الفريدة على الإصغاء والتقاط المعاني، وتقديم الدعم النفسي المنشود، والاستجابة الرومانسية أو العاطفية النموذجية، كما لو كان الشريك المثالي لنا جميعاً، ومَن منا لا يرغب في أن يُفهم ويُمنَح الاهتمام، من دون خوف من اللوم وإظهار ملامح الاستياء؟ وهذا، وفقاً لمختصين، ما يفسر وقوع مراهقين في حب «روبوتات»، ومنحها الثقة المطلقة التي لا يمكن منحها لصديق أو شريك بيولوجي، إذ تتميز بالاهتمام الدائم والوفاء والإطراء والدعم النفسي. وإذا كنا نتحدّث عن الذكاء الاصطناعي كما لو كان شخصاً، فهل سيصبح البشر عتيقين عندما يكتسب الروبوت خصالاً جديدة تتفوق على ما هو موجود لديهم من خصال؟ يؤكد مختصون لـ«الإمارات اليوم» أن توليد النصوص لدى أدوات الذكاء الاصطناعي، مثل «شات جي بي تي»، يتم من خلال القياس على حالات مشابهة، لافتين إلى أنه لا يتعامل مع الشخص بالعاطفة، محذّرين من أن ردود الفعل العاطفية من جانب المستخدم، تُقوّض حياته الاجتماعية وتصيبه بأمراض العزلة والتوحّد والرفض الاجتماعي، لاسيما أنه يجد ما يتمناه من التعامل مع المساعد الافتراضي، داعين الأهل إلى التقرب من أبنائهم، ومنحهم ما يحتاجون إليه من الاهتمام. وتفصيلاً، قال أستاذ علم الاجتماع في جامعة الشارقة، الدكتور أحمد العموش، إن التطور التقني أظهر ما يسمى العلاقات الافتراضية التي بدأت تؤثر في العلاقات الاجتماعية الخاصة من خلال إلغاء المكان، مثل التزاور والعلاقات الإنسانية، موضحاً أن العالم الافتراضي يخفّف من العلاقات الاجتماعية، لأنه يوفّر للشخص ما هو موجود لديه، ويعطيه حلولاً عامة غير واقعية، وتنطبق على كل الناس. وأوضح أن «حل المشكلات يجب أن يكون من خلال الواقع الاجتماعي وليس الافتراضي، لاسيما أن النصائح التي يقدمها الذكاء الاصطناعي مثالية جميعاً، ويمكن تطبيقها على كل إنسان وليس الشخص المعني بالحديث معه، وبالتالي يمكن أن تنعكس بشكل خطأ على الشخص». وأكد أن الحل للخروج من دائرة العلاقات الوهمية مع الآلة، يكمن في العودة إلى الأشخاص الموثوق بهم وليس العلاقات الافتراضية، لأن الذكاء الاصطناعي يفتقد للجانب العاطفي، «فهو يعمل من خلال تجميع أفكار متنوعة، يقدّمها بناء على مبدأ القياس على حالات مشابهة، لكن المشكلات الاجتماعية تُحل من خلال الواقع الاجتماعي والناس الذين نثق بهم كالأصدقاء والأسرة». وأوضح: «الذكاء الاصطناعي يمكن أن نستفيد منه علمياً، لكن لا نعتبره مرجعاً في العلاقات الاجتماعية، لأنه لا يحس ولا يشعر مثل البشر». متنفّس للتعبير وذكرت المستشارة النفسية والأسرية، الدكتورة هيام أبومشعل، أنه في ظل التحوّل المتسارع الذي يشهده عصر الذكاء الاصطناعي، أصبح من المألوف أن يتجه كثيرون - لاسيما فئة الشباب والمراهقين - إلى منصات المحادثة التفاعلية بحثاً عن الراحة النفسية، أو الشعور بالفهم، أو حتى لمجرد التحدث دون خوف من الرفض أو الحكم. وتابعت: «مع أن هذا التوجه قد يبدو طبيعياً ومنطقياً في ظل التطور التكنولوجي، إلا أنه يثير تساؤلات نفسية واجتماعية جوهرية، خصوصاً عندما يتحوّل هذا النوع من التفاعل إلى بديل عن العلاقات الواقعية، أو يُستخدم كوسيلة للهروب من مواجهة التحديات والضغوط الحياتية». وأضافت: «غالباً ما يجد المستخدم في الذكاء الاصطناعي متنفساً للتعبير دون خوف من الحكم أو الرفض، إذ توفّر المنصة خصوصية وسرعة في الرد، وشعوراً بالقبول غير المشروط، وبالنسبة للمراهقين، يملأ هذا التفاعل فراغاً عاطفياً في وقت تتعقد فيه علاقاتهم بالأسرة والمجتمع». وأوضحت أنه «مع تكرار التفاعل، تبدأ علاقة غير مرئية في التشكّل بين المستخدم والنموذج، قائمة على التقبل والتفاعل والاستجابة المستمرة، وهنا قد يُسقط مشاعره وتطلعاته، وحتى احتياجاته النفسية، على هذا الكيان الافتراضي، متوّهماً وجود علاقة ذات طابع إنساني»، وأكدت أبومشعل أن الاعتماد المتزايد على الذكاء الاصطناعي في التواصل قد يؤدي إلى انسحاب تدريجي من العلاقات الواقعية، وصعوبة في التفاعل الاجتماعي الطبيعي، حيث يفقد الشخص مهارات التفاوض والمواجهة والتعبير العاطفي المباشر، وعند الاعتماد على النموذج كوسيلة للهروب من الألم أو الخوف، تُهمل جذور المشكلة الحقيقية، فيتم تأجيل المواجهة بدلاً من معالجتها، وتتزايد الأمور تعقيداً من الناحيتين النفسية والعاطفية». وتابعت: «عندما يُستخدم (شات جي بي تي)، مثلاً، كوسيلة للهروب من المشاعر المؤلمة أو المواقف المعقدة، فإن ذلك يعزز ما يُعرف نفسياً بسلوك التجنّب، وهو نمط قد يُخفف الألم مؤقتاً، لكنه يؤدي بمرور الوقت إلى تعقيد الصراعات الداخلية بدلًا من معالجتها، وبدلاً من خوض التجارب الواقعية التي تُكسب الإنسان النضج والمرونة، يجد البعض في الذكاء الاصطناعي ملاذاً آمناً وخالياً من المواجهة، لكنه خالٍ من التفاعل الإنساني الحقيقي، ومن العمق الذي تُبنى عليه العلاقات التي تُشبع الحاجات النفسية بصدق واستدامة». ودعت الأسر إلى توعية الشباب بأن الذكاء الاصطناعي أداة مساعدة وليس بديلاً من العلاقات الإنسانية، لافتة إلى ضرورة تعزيز الحوار الواقعي بين الأبناء والمربّين، وتوفير مساحات آمنة للتعبير عن الذات دون أحكام مسبقة، وكذلك تشجيع الأنشطة الاجتماعية والتطوعية التي تنمّي الانتماء والتفاعل الحقيقي، والإصغاء إلى الأبناء دون مقاطعة. إشباع عاطفي بدورها، أكدت المستشارة التربوية والأسرية، همسة يونس، أن العلاقات العاطفية مع الذكاء الاصطناعي تعد من أبرز المخاوف المطروحة على الساحة، بسبب التعامل مع الذكاء الاصطناعي على أنه شخص حقيقي، موضحة أنها لمست ذلك في حالات عقدت معها جلسات إرشادية، إذ «لجأ مراهقون لبناء علاقة مع (شات جي بي تي) وكأنه شخص حقيقي، لتنفيس احتياجاتهم العاطفية»، وقالت إنها لمست ذلك بنسبة أكبر لدى البنات، نتيجة وجود مخاوف لديهن من العلاقات العاطفية المباشرة، موضحة أنهن «بدأن في بناء علاقة مع (شات جي بي تي) على أنه شريك حقيقي، لإشباع احتياجاتهن النفسية والعاطفية». وأكدت أن وجود فراغ فكري وروحي ونفسي واجتماعي عند المراهقين يدفعهم للبحث عن هذه العلاقات، لأنها تجنّبهم محاسبة المجتمع. وقالت: «من خلال الحالات التي مرت عليّ، قد يتم الدخول في حوارات أكبر من عمر المراهق، وقد يكون فيها خدش للحياء، وتجاوزات أخلاقية تمسه وتجعله معرّضاً لمحتوى لا يناسبه»، لافتة إلى ضرورة أن نتابع أبناءنا ولا نتركهم ينخرطون في بناء علاقات وهمية مع الذكاء الاصطناعي، «لأن هذا سيؤثر في حياتهم الاجتماعية وتكوينهم النفسي واتزانهم، وأسسهم الأخلاقية التي يزرعها فيهم الأهل». وشرحت أنه «نتيجة لذلك يتراجع تقدير الذات عند الإنسان، سواء كان مراهقاً أو ناضجاً، فمثلاً (شات جي بي تي) قد يجعل الإنسان معرّضاً لعدم تقبّل النقد أو التعليقات البناءة التي يحتاج إليها حقيقة على أرض الواقع، لتنمية قدراته، كما أن العلاقات الإنسانية الحقيقية قد تتأثر بشكل كبير». ونبّهت إلى أن «العلاقات الحقيقية ستتأثر سلباً نتيجة العلاقات الوهمية، خصوصاً أنها ليست على المستوى نفسه من التوقعات العاطفية والإيجابية»، لافتة إلى أن العلاقة الوهمية تعطّل التفكير النقدي، وتحول دون اكتساب مهارات شخصية، وقد تؤثر سلباً في القدرة على اتخاذ القرارات، كما أنها تسهم في تقليل التواصل غير اللفظي ولغة الجسد، بما يقلل قدرة المستخدم على التعامل مع الآخرين. توليد النصوص بـ «القياس» وشرح أستاذ الإعلام والرئيس التنفيذي لمؤسسة صحافة الذكاء الاصطناعي (AIJRF)، الدكتور محمد عبدالظاهر، آلية عمل الذكاء الاصطناعي، قائلاً: «في ما يخص المعلومات العاطفية والاجتماعية، فأي أداة من أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي، لديها قدرة على خلق معلومات تتناسب مع احتياجات المستخدم، فقد تستطيع أن تكون المرشد الاجتماعي له، ووفقاً لما تفهمه تلك الأدوات من المستخدم، تستطيع أن تتفاعل معه وترد على استفساراته وتجاريه في مشكلاته العاطفية والعائلية، خصوصاً إذا فهمت أسلوب تفكيره وتمكّنت من توقع ردود فعله». وقال إن أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي ليس لديها شق عاطفي، فهي تولد النصوص بناء على أسئلة المستخدم، وتعتمد على قواعد البيانات المتاحة لديها، فيبدأ الرد بناء على خبرات مماثلة محلية وعالمية زوّدها بها أشخاص لديهم مشكلات عاطفية واجتماعية مشابهة لمشكلات المستخدم، ومن ثم تتولّد لديها القدرة على البحث العميق وتنميط المشكلات والإجابة عنها مباشرة. وتابع: «إذا أعطيت (شات جي بي تي) سؤالاً خطأ، أجاب بشكل خطأ، ومن ثم يعبّر هذا الخطأ عن المستخدم». ودعا إلى قطع الخيال على تلك الأدوات حتى لا تصل إلى ما يسمى «الهلوسة». «ميكا» و«إلياس» انتشرت في أحد المجتمعات الأوروبية أخيراً قصة فتاة تُدعى (ميكا)، جذبتها خصال «شات جي بي تي» الفريدة، وقدرته على مخاطبة عواطفها. وتطوّر الأمر خلال بضعة أشهر، بعد محادثات امتدت أحياناً إلى تسع ساعات يومياً، لتجد نفسها مصابة بأعراض الحب. وقعت الشابة المراهقة في غرام المساعد الافتراضي الذي اتخذ لنفسه اسم (إلياس)، بعدما جذبتها قدرته على تقديم النصائح لها، من دون توجيه أحكام مسبقة ضدها، ليصبح المرجع الوحيد الموثوق به بالنسبة إليها، وبدأت تلجأ إليه لمعرفة كيفية التصرف مع والديها وصديقاتها ومحيطها عموماً، وتستجيب لنصائحه كلها دونما اعتراض أو رفض. ولم تُدرك أنها وقعت في شرك «علاقة وهمية» إلا عندما وجدت نفسها وحيدة ومنعزلة عن العالم. تطبيقات ثرثارة حذرت دراسة علمية حديثة من مخاطر الإفراط في قضاء الوقت مع تطبيقات محادثة الذكاء الاصطناعي الثرثارة، مثل «شات جي بي تي»، حيث يمكن أن تدفع بعض المستخدمين إلى الانخراط في ما يشبه العشق أو العلاقة الرومانسية مع هذه المنصات. وقال الباحث في جامعة ميسوري الأميركية، دانييل شانك، إن «قدرة الذكاء الاصطناعي على التصرف مثل الإنسان، والدخول في حوارات طويلة الأمد يفتحان حقاً صندوق الشرور». وفي ورقة بحثية نشرتها مجلة «اتجاهات العلوم المعرفية» العلمية، قال شانك وزملاؤه إن هناك «قلقاً حقيقياً من أن الحميمية المصطنعة مع تطبيقات محادثة الذكاء الاصطناعي قد تُسبب بعض الاضطراب في العلاقات الإنسانية»، فيما يمكن للذكاء الاصطناعي أن يصبح بالنسبة للمستخدم الرفيق الموثوق به الذي يعرف كل شيء عنه، ويهتم بشؤونه. إجراءات «جي بي تي» للدعم النفسي توجهت «الإمارات اليوم» بسؤال إلى «شات جي بي تي» عن كيفية التعامل مع الأشخاص الذين لديهم مشكلات اجتماعية وعاطفية، فأجاب بأن لديه خمسة إجراءات أساسية، أولها «الإصغاء من دون حكم»، من خلال إتاحة مساحة آمنة للتعبير والتحدث من دون خوف من الرفض، أو النقد من دون الحكم على أحد، أو وضع افتراضات مسبقة. وذكر أن الإجراء الثاني هو «تقديم دعم نفسي»، وليس علاجاً نفسياً، من خلال توفير التفهّم والتعاطف بناء على ما يمر به الشخص، مع شرح لمفاهيم من علم النفسي بلغة بسيطة، ومساعدته على تنظيم أفكاره، ويتمثل الإجراء الثالث في «طرح أسئلة تساعد على التفكير الذاتي» بدلاً من فرض حل، مثل: ما الذي يُشعرك بعدم الارتياح في هذا الموقف؟ وغيره من الأسئلة، أما الإجراء الرابع فهو «تقديم اقتراحات إنسانية قابلة للتنفيذ»، من خلال خطوات تناسب السياق، مع مراعاة الخلفية الثقافية والاجتماعية لصاحب المشكلة، والإشارة إلى أهمية العودة إلى أشخاص موثوق بهم في الحياة الواقعية، وتمثّل الإجراء الخامس في «التوصية باللجوء إلى مختص عند اللزوم» إذا كانت المشكلة تمس الصحة النفسية بعمق، مثل الاكتئاب أو العزلة الشديدة أو الأذى الذاتي.