
غزة: صيد الجياع ، بقلم: هاني ابو عمرة
غزة: صيد الجياع ، بقلم: هاني ابو عمرة
لم تعد المأساة في غزة بحاجة إلى توثيق جديد، فالجريمة مكتملة الأركان، والقاتل يعلن فعله بلا مواربة. لكن ما كشفته صحيفة 'هآرتس' العبرية نقلا عن ضباط في جيش الاحتلال الإسرائيلي، ليس مجرد تقرير صحفي، بل شهادة دامغة من داخل ماكينة الإبادة، تعترف بوضوح أن ما يسمى بـ'توزيع المساعدات' لم يكن يوما عملا إنسانيا، بل جزء من خطة القتل، وساحة جديدة لتنفيذ سياسة التجويع والترهيب والإبادة الجماعية تحت قناع خادع من التعاطف الزائف.
الجنود يقولونها ببساطة: لم نشهد إطلاق نار من الطرف الفلسطيني خلال توزيع المساعدات. ورغم ذلك، تفتح النار على الجموع الجائعة بكل ما يمكن تخيله من أدوات الموت: رشاشات ثقيلة، قذائف هاون، قنابل يدوية. ويضيف أحدهم أن التعامل مع الحشود 'أقرب للتعامل مع قوة تشن هجوما على الجيش'. هذه الكلمات تلغي أي شك بأن ما يجري هو تطبيق عملي لاستراتيجية تحويل المساعدات إلى فخاخ دموية، تستدرج إليها الجموع بفتات الغذاء، ثم يطلق عليهم النار كما لو كانوا جنودا معادين، لا مدنيين يتضورون جوعا.
الجيش الإسرائيلي لا يكتفي بارتكاب هذه الجريمة، بل يفاخر بأنه نجح من خلالها في 'اكتساب شرعية لمواصلة القتال'. وهنا تنقلب المفاهيم رأسا على عقب، فالمساعدات التي يفترض أنها وسيلة للنجاة، تحولت إلى ذريعة لمزيد من القتل، وإلى أداة لتجميل جريمة مستمرة أمام أعين العالم. أصبحت القافلة الغذائية غطاء للقصف، وأضحى الخبز مبررا لسفك الدم.
لكن الحقيقة الأهم التي يتجاهلها كثيرون، هي أن الاحتلال لا يريد لهذه المساعدات أن تصل فعليا إلى من يحتاجها. بل هو مصمم، وعن وعي وتخطيط، على منع أي جهة قادرة على إيصالها بشكل عادل وآمن من أداء دورها. ولهذا السبب، يواصل حربه المفتوحة ضد وكالة الأونروا، الجهة الأممية الوحيدة ذات المصداقية والكفاءة والبنية اللوجستية الكاملة لتوزيع المساعدات بطريقة منظمة وكريمة. إقصاء الأونروا ليس فقط استهدافا لفلسطينيتنا التاريخية، بل هو جزء من مخطط محو القدرة على البقاء، وتدمير كل ما تبقى من أطر منظمة يمكن أن تخفف من وقع المجاعة والإبادة.
الاحتلال لا يكتفي بتجميد دور الأونروا، بل يعمد إلى تعطيل عمل كل المنظمات الدولية الإنسانية، ويهددها، ويقصف مقراتها، ويتعامل مع أي محاولة لتأمين قوافل الإغاثة كهدف عسكري مباشر. لجان الحماية المدنية، والمتطوعون الذين يحاولون تأمين نقاط التوزيع، يتعرضون للقصف والاستهداف المباشر، فيما تستخدم أذرع الاحتلال الأمنية والمسلحة لتحريك 'الطابور الخامس' الذي يعترض الشاحنات، وينهب المساعدات، ويخلق فوضى ممنهجة تسوغ التدخل العسكري ضد المدنيين.
إن الاحتلال لا يريد فقط أن يتضور الناس جوعا، بل يريد أن يقتلوا وهم يحاولون البقاء أحياء. المساعدات بالنسبة له ليست وسيلة نجاة، بل أداة للقتل المنظم، وجزء من خطة إبادة متكاملة تدار اليوم بالشراكة مع المؤسسة الأمريكية الاسرائبلية التي تولت ادارة افخاخ الموت التي انشأها الجيش في غزة. هذه المؤسسة، حولت المساعدات إلى غطاء ناعم للقتل الجماعي، وأداة لتسويق الجريمة بمصطلحات إنسانية زائفة. لا يخفى على أحد أن واشنطن، بدلا من أن تضغط لفتح ممرات إنسانية آمنة، تشرف على مسارات توزيع مسيسة تستخدم فيها المساعدات كأفخاخ، ويقصف من يقترب منها.
حين يقول الجنود الإسرائيليون إن 'غزة لم تعد تهم أحدا'، فهم لا يبالغون. فالقتل لم يعد بحاجة إلى تبرير، ولم تعد هناك حاجة لبيانات 'الحوادث المؤسفة'، فقد بات واضحا أن العالم، بمؤسساته ونخبه، قد اختار أن يصمت أو يتواطأ أو يدير ظهره. لم يعد الجائع الفلسطيني مرئيا، ولا الشهيد خبرا عاجلا. لقد تحولت غزة إلى ساحة موت بلا قواعد، بلا قانون، وبلا حماية.
والمفارقة الأكثر قسوة، أن العالم الذي يدعي حماية القانون الدولي، يساهم بصمته، وربما بشراكته، في شرعنة مجاعة القتل، وتحويل المساعدات إلى مصائد موت جماعي. ما نشهده اليوم ليس فقط تقصيرا دوليا، بل انهيارا أخلاقيا وإنسانيا شاملا. إنها لحظة سقوط مدو للمنظومة الدولية، التي باتت ترى في الفلسطيني جسدا زائدا، لا يستحق الحياة ولا الغذاء ولا الحماية.
غزة لا تطلب شفقة، ولا تترجى العالم. غزة تقاوم حتى وهي تتضور جوعا. أهلها الذين تسمع قرقعة امعائهم، إنما يسطرون ببطونهم الخاوية ملحمة صمود وجودية، تدوس على كل مشاريع التهجير والإبادة والإذلال. وفي وجه قذائف الموت، لا يرفع الفلسطيني سلاحا، بل يرفع كرامته.
لقد سقط القناع. كل من يصمت اليوم شريك في الجريمة. وكل من يساوي بين الضحية والجلاد، إنما يوقع على شهادة دفن جماعية لشعب لا يزال، رغم كل شيء، ينهض من تحت الركام، ويصرخ:
لن نموت جوعا بصمت.. ولن نقتل إلا واقفين.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


معا الاخبارية
منذ 11 ساعات
- معا الاخبارية
إيران إلى أين؟
في خطاب حماسي، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أن "الهدف كان شلّ قدرة إيران على تخصيب اليورانيوم ووقف التهديد النووي"، وأن الضربة نُفذت بتنسيق كامل مع رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، الذي سارع إلى التفاخر بـ"تحقيق الهدف الأساسي للعملية عبر تدمير منشآت فوردو ونطنز وأصفهان"، وكأن ثلاث ضربات جوية كفيلة بإغلاق ملف نووي شُيّد على مدى عقدين. وبعد أن أوفى ترامب بوعده، ووسط موجة من النشوة العارمة التي عمت إسرائيل وبعض دول الشرق الأوسط، بدأت تبرز أسئلة مصيرية: ماذا عن نصف طن من اليورانيوم المخصب الذي نُقل، على ما يبدو، من منشأة فوردوإلى موقع آخر؟ وكيف يمكن إنهاء هذه الحرب بعد انضمام الولايات المتحدة فعليًا، ولأول مرة في تاريخها، إلى الهجوم العسكري الإسرائيلي ضد إيران؟ في هذه الاوقات وجدت إيران نفسها بعد الضربة الأميركية في عزلة خانقة. وعلى الرغم من الإدانة من كل من روسيا والصين، فإنهما عاجزتان عن تقديم ردّ عسكري أو مظلة دبلوماسية حقيقية. في الوقت نفسه، تتسم مواقف حلفاء طهران بالتردد. فحزب الله في لبنان والفصائل الشيعية في العراق اكتفوا ببيانات الإدانة، مؤكدين قدرة "الدولة الإيرانية القوية" على مواجهة التهديد. وحدهم الحوثيون أعلنوا تعليق اتفاق وقف إطلاق النار مع الولايات المتحدة، دون تنفيذ هجمات حتى الآن. طوال السنوات الماضية، استثمرت إيران في برنامجها النووي وشبكة من الحلفاء، وما سمي محور المقاومة، ووحدة الساحات، من سوريا ولبنان وفلسطين إلى العراق واليمن. ورغم مشاركتها في مفاوضات مع القوى الكبرى، فقد تمسكت ايران بـ"ذخرها الاستراتيجي"، أي برنامجها النووي، ورفضت التخلي عنه، خاصة بعد انسحاب ترامب من الاتفاق النووي في 2018. منذ عام 2021، عادت إيران لتخصيب اليورانيوم بمستويات عالية، وزادت وتيرة التصعيد بعد سلسلة ضربات إسرائيلية طالت منشأة نطنز وقادة بارزين في محور المقاومة، كان أبرزهم حسن نصر الله. وفي النصف الثاني من 2024، ومع سقوط نظام الأسد في دمشق، ارتفع منسوب القلق الإيراني، وردت طهران بتخصيب اليورانيوم بنسبة 60% – خطوة تُعد أقرب إلى عتبة السلاح النووي، وإن لم تبلغها بعد. عملية "شعب كاللبؤة"، التي انطلقت قبل عشرة أيام، سرعان ما تحولت من ضربة استباقية إلى مسار حربي مفتوح. ووفق وسائل الإعلام الاسرائيلية، حُددت أربعة أهداف رئيسية للعملية: تدمير البرنامج النووي الإيراني، وشلّ قدراته الصاروخية البالستية، وضرب محور المقاومة، وفرض ردع سياسي طويل الأمد. بل إن بعض المسؤولين الإسرائيليين تحدثوا صراحة عن إمكانية "الإطاحة بالنظام الإيراني" أو حتى اغتيال المرشد الأعلى علي خامنئي، الذي وصفه وزير الأمن يسرائيل كاتس بـ"هتلر العصر". السؤال الجوهري اليوم هو: هل ستدفع الضربة الامريكية الكبرى الإيرانيين إلى تقديم تنازلات؟ أم أنها، على العكس، ستدفعهم إلى مزيد من التشدد؟ يرى الإيرانيون أن برنامجهم النووي كان بمثابة "مظلة حماية" تمنع القوى المعادية من إسقاط النظام. ومن وجهة نظرهم، فإن التخلي عنه يعادل الانتحار السياسي. وتنقل صحيفة هآرتس عن مصادر أمنية أن "الرهان الأميركي على تدمير المنشآت النووية كوسيلة لجرّ إيران إلى طاولة المفاوضات قد يكون خاطئًا"، وأن الإيرانيين لديهم تجربة طويلة مع الصبر، بارعون في سباقات النفس الطويل. وعلى الرغم من تراجع قدراتهم العسكرية نسبياً ، فإنهم لا يزالون يحتفظون بأدوات تهديد حقيقية: من الصواريخ والطائرات المسيرة، إلى إمكانية ضرب القواعد الأميركية أو إغلاق مضيق هرمز، وهو سيناريو سيهز الاقتصاد العالمي ويضر بالصين وحلفاء واشنطن في الخليج. منذ الثورة الايرانية في العام 1979، كان الهدف الأول للنظام الإيراني هو البقاء. وقد نجح في تخطي حربٍ مدمرة مع العراق، وموجات احتجاج متكررة، وعقوبات دولية خانقة، وظلّ أكثر صلابة. واليوم، يسعى إلى خوض معركة محسوبة تضمن بقاءه، في مشهد إقليمي ملتهب تحوّل إلى "حلقة نار" يصعب كسرها. الرهان على أن رجال الدين في طهران سيضعون مستقبلهم بيد رئيس أميركي، سواء كان ترامب أو أوباما، يبدو ساذجاً. ما لم تُجرد إيران من خيارها النووي بالكامل، فإنها ستبقى لاعباً مهدداً ومهدَّدًا في آنٍ واحد. وحتى هذه اللحظة، لا أحد يعرف كيف ستنتهي هذه الحملة الأميركية القصيرة، ولا ما إذا كان الشرق الأوسط سيتنفس فعلاً بحرية من الصراعات على المنطقة العربية المغيب أهلها، والغطرسة الامريكبة الاسرائيلية وفائض القوة، أم أنه سيشهد انفجاراً نووياً مؤجلاً.


شبكة أنباء شفا
منذ يوم واحد
- شبكة أنباء شفا
غزة: صيد الجياع ، بقلم: هاني ابو عمرة
غزة: صيد الجياع ، بقلم: هاني ابو عمرة لم تعد المأساة في غزة بحاجة إلى توثيق جديد، فالجريمة مكتملة الأركان، والقاتل يعلن فعله بلا مواربة. لكن ما كشفته صحيفة 'هآرتس' العبرية نقلا عن ضباط في جيش الاحتلال الإسرائيلي، ليس مجرد تقرير صحفي، بل شهادة دامغة من داخل ماكينة الإبادة، تعترف بوضوح أن ما يسمى بـ'توزيع المساعدات' لم يكن يوما عملا إنسانيا، بل جزء من خطة القتل، وساحة جديدة لتنفيذ سياسة التجويع والترهيب والإبادة الجماعية تحت قناع خادع من التعاطف الزائف. الجنود يقولونها ببساطة: لم نشهد إطلاق نار من الطرف الفلسطيني خلال توزيع المساعدات. ورغم ذلك، تفتح النار على الجموع الجائعة بكل ما يمكن تخيله من أدوات الموت: رشاشات ثقيلة، قذائف هاون، قنابل يدوية. ويضيف أحدهم أن التعامل مع الحشود 'أقرب للتعامل مع قوة تشن هجوما على الجيش'. هذه الكلمات تلغي أي شك بأن ما يجري هو تطبيق عملي لاستراتيجية تحويل المساعدات إلى فخاخ دموية، تستدرج إليها الجموع بفتات الغذاء، ثم يطلق عليهم النار كما لو كانوا جنودا معادين، لا مدنيين يتضورون جوعا. الجيش الإسرائيلي لا يكتفي بارتكاب هذه الجريمة، بل يفاخر بأنه نجح من خلالها في 'اكتساب شرعية لمواصلة القتال'. وهنا تنقلب المفاهيم رأسا على عقب، فالمساعدات التي يفترض أنها وسيلة للنجاة، تحولت إلى ذريعة لمزيد من القتل، وإلى أداة لتجميل جريمة مستمرة أمام أعين العالم. أصبحت القافلة الغذائية غطاء للقصف، وأضحى الخبز مبررا لسفك الدم. لكن الحقيقة الأهم التي يتجاهلها كثيرون، هي أن الاحتلال لا يريد لهذه المساعدات أن تصل فعليا إلى من يحتاجها. بل هو مصمم، وعن وعي وتخطيط، على منع أي جهة قادرة على إيصالها بشكل عادل وآمن من أداء دورها. ولهذا السبب، يواصل حربه المفتوحة ضد وكالة الأونروا، الجهة الأممية الوحيدة ذات المصداقية والكفاءة والبنية اللوجستية الكاملة لتوزيع المساعدات بطريقة منظمة وكريمة. إقصاء الأونروا ليس فقط استهدافا لفلسطينيتنا التاريخية، بل هو جزء من مخطط محو القدرة على البقاء، وتدمير كل ما تبقى من أطر منظمة يمكن أن تخفف من وقع المجاعة والإبادة. الاحتلال لا يكتفي بتجميد دور الأونروا، بل يعمد إلى تعطيل عمل كل المنظمات الدولية الإنسانية، ويهددها، ويقصف مقراتها، ويتعامل مع أي محاولة لتأمين قوافل الإغاثة كهدف عسكري مباشر. لجان الحماية المدنية، والمتطوعون الذين يحاولون تأمين نقاط التوزيع، يتعرضون للقصف والاستهداف المباشر، فيما تستخدم أذرع الاحتلال الأمنية والمسلحة لتحريك 'الطابور الخامس' الذي يعترض الشاحنات، وينهب المساعدات، ويخلق فوضى ممنهجة تسوغ التدخل العسكري ضد المدنيين. إن الاحتلال لا يريد فقط أن يتضور الناس جوعا، بل يريد أن يقتلوا وهم يحاولون البقاء أحياء. المساعدات بالنسبة له ليست وسيلة نجاة، بل أداة للقتل المنظم، وجزء من خطة إبادة متكاملة تدار اليوم بالشراكة مع المؤسسة الأمريكية الاسرائبلية التي تولت ادارة افخاخ الموت التي انشأها الجيش في غزة. هذه المؤسسة، حولت المساعدات إلى غطاء ناعم للقتل الجماعي، وأداة لتسويق الجريمة بمصطلحات إنسانية زائفة. لا يخفى على أحد أن واشنطن، بدلا من أن تضغط لفتح ممرات إنسانية آمنة، تشرف على مسارات توزيع مسيسة تستخدم فيها المساعدات كأفخاخ، ويقصف من يقترب منها. حين يقول الجنود الإسرائيليون إن 'غزة لم تعد تهم أحدا'، فهم لا يبالغون. فالقتل لم يعد بحاجة إلى تبرير، ولم تعد هناك حاجة لبيانات 'الحوادث المؤسفة'، فقد بات واضحا أن العالم، بمؤسساته ونخبه، قد اختار أن يصمت أو يتواطأ أو يدير ظهره. لم يعد الجائع الفلسطيني مرئيا، ولا الشهيد خبرا عاجلا. لقد تحولت غزة إلى ساحة موت بلا قواعد، بلا قانون، وبلا حماية. والمفارقة الأكثر قسوة، أن العالم الذي يدعي حماية القانون الدولي، يساهم بصمته، وربما بشراكته، في شرعنة مجاعة القتل، وتحويل المساعدات إلى مصائد موت جماعي. ما نشهده اليوم ليس فقط تقصيرا دوليا، بل انهيارا أخلاقيا وإنسانيا شاملا. إنها لحظة سقوط مدو للمنظومة الدولية، التي باتت ترى في الفلسطيني جسدا زائدا، لا يستحق الحياة ولا الغذاء ولا الحماية. غزة لا تطلب شفقة، ولا تترجى العالم. غزة تقاوم حتى وهي تتضور جوعا. أهلها الذين تسمع قرقعة امعائهم، إنما يسطرون ببطونهم الخاوية ملحمة صمود وجودية، تدوس على كل مشاريع التهجير والإبادة والإذلال. وفي وجه قذائف الموت، لا يرفع الفلسطيني سلاحا، بل يرفع كرامته. لقد سقط القناع. كل من يصمت اليوم شريك في الجريمة. وكل من يساوي بين الضحية والجلاد، إنما يوقع على شهادة دفن جماعية لشعب لا يزال، رغم كل شيء، ينهض من تحت الركام، ويصرخ: لن نموت جوعا بصمت.. ولن نقتل إلا واقفين.


معا الاخبارية
منذ يوم واحد
- معا الاخبارية
العثور على أقراص مخدرات داخل اكياس الدقيق بغزة
غزة- معا -قال المكتب الإعلامي الحكومي انه تم العثور على أقراص مُخدّرة داخل أكياس الطحين القادمة من مصائد الموت "مراكز المساعدات الأمريكية-الإسرائيلية" جريمة بشعة تستهدف صحة المدنيين والنسيج المجتمعي* وأعرب المكتب في بيان له عن بالغ القلق والاستنكار إزاء العثور على أقراص مُخدّرة من نوع "Oxycodone" داخل أكياس الطحين التي وصلت إلى المواطنين مما تُسمى "مراكز المساعدات الأمريكية-الإسرائيلية"، المعروفة باسم "مصائد الموت". وقال :"وقد وثّقنا حتى الآن 4 إفادات من مواطنين عثروا على هذه الأقراص داخل أكياس الطحين. الأخطر من ذلك هو احتمال أن تكون بعض هذه المواد المخدرة قد طُحنت أو أُذيبت متعمّداً في الطحين ذاته، ما يرفع من حجم الجريمة ويُحولها إلى اعتداء خطير يستهدف الصحة العامة بشكل مباشر". وحمّل الاحتلال الإسرائيلي المسؤولية الكاملة عن هذه الجريمة البشعة لنشر الإدمان وتدمير النسيج المجتمعي الفلسطيني من الداخل، ضمن سياسة ممنهجة تشكل امتداداً لجريمة الإبادة الجماعية التي ينفذها الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني. وأكد إن استخدام الاحتلال الإسرائيلي المخدرات كوسيلة ناعمة في حرب قذرة ضد المدنيين، واستغلال الحصار لإدخال هذه المواد ضمن "مساعدات ومعونات"، يُعدّ جريمة حرب وانتهاكاً خطيراً للقانون الدولي الإنساني. وحذّر أبناء الشعب الفلسطيني من هذه الجريمة ونكرر تحذيرنا من الذهاب لهذه المراكز الخطيرة التي هي عبارة عن مصائد للموت وللاستدراج الجماعي، داعيا المواطنين إلى الحذر وتفتيش المواد الغذائية القادمة من هذه المراكز المشبوهة، والتبليغ الفوري عن أي مواد غريبة، وحث العائلات على توعية أبنائها بخطورة الذهاب لهذه المراكز والمواد المخدرة، مؤكدا أن اليقظة المجتمعية هي خط الدفاع الأول في مواجهة هذه المحاولات الخبيثة. وطالب المجتمع الدولي وهيئات الأمم المتحدة، خاصة مجلس حقوق الإنسان والمحكمة الجنائية الدولية، بوقف عمل مراكز "مصائد الموت" التي تحوّلت إلى أدوات يومية للقتل والاستدراج والإبادة الجماعية المتعمّدة، داعيا لكسر الحصار على قطاع غزة، وإدخال المساعدات من خلال المؤسسات الأممية والدولية الرسمية فقط، وعدم السماح للاحتلال أو الجهات المرتبطة به بتقويض دور المنظمات الدولية، وعلى رأسها وكالة الأونروا. واضاف:"لقد أدّت هذه المراكز (مصائد الموت)، خلال شهر واحد فقط منذ إنشائها، إلى استشهاد 549 مواطناً، وإصابة 4,066 آخرين، وفقدان 39 من المُجوّعين المدنيين، في مشهد دموي غير مسبوق في تاريخ العمل الإنساني". ورأى إن حماية المدنيين وشعبنا الفلسطيني الكريم، هي أولوية وطنية عليا، وسنواصل فضح هذه الجرائم والدعوة إلى ملاحقة كل المتورطين بها من الاحتلال "الإسرائيلي" ومن يتعاون مع الاحتلال.