logo
بوتين شريك أم خصم؟ خبراء أميركيون يفككون آفاق قمة ألاسكا

بوتين شريك أم خصم؟ خبراء أميركيون يفككون آفاق قمة ألاسكا

الجزيرةمنذ 2 أيام
واشنطن- يستعد الرئيس الأميركي دونالد ترامب للقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في ولاية ألاسكا يوم غد الجمعة، في أول دعوة من رئيس أميركي لنظيره الروسي لعقد محادثات خاصة على الأراضي الأميركية منذ عام 2007.
وتأتي القمة في ظل تباين كبير بين مواقف واشنطن وموسكو حول ما يمكن أن يُقبل في أي اتفاق سلام مستقبلي، وسط توقعات بأنها قد تمثل خطوة نحو إنهاء الحرب الروسية الأوكرانية، رغم أن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لم تتم دعوته للقمة، وأعلن مسبقا رفضه التخلي عن أي أراض أوكرانية لمصلحة روسيا.
وتظهر واشنطن تفاؤلا حذرا حول المقترح الروسي لوقف إطلاق النار، الذي قد يتضمن تنازلات إقليمية كبيرة لصالح روسيا في شرق أوكرانيا ، إلى جانب الدعم الأميركي المحتمل للاعتراف الدولي بهذه المناطق كأراض روسية.
وخلال الشهرين الماضيين، مهّد ترامب الطريق للقمة عبر تصعيد الضغط على الكرملين ، شمل إقناع أعضاء الناتو بزيادة الإنفاق الدفاعي، واعتبار المساعدات العسكرية لأوكرانيا جزءا من الإجمالي، وتهديد روسيا بعقوبات جديدة، بالإضافة إلى رفع التعريفات الجمركية على الهند لضمان استمرارها في شراء النفط الروسي.
آراء خبراء
واستطلعت الجزيرة نت آراء خبيرين أميركيين متخصصين في السياسة الخارجية تجاه روسيا وأوروبا وحلف الناتو حول 5 نقاط رئيسية، تتعلق باختيار ألاسكا مكانا للقمة، والملفات المطروحة للنقاش، وسبب عدم دعوة الرئيس الأوكراني، والموقف الأوروبي، وواقع إمكانية التوصل إلى اتفاق سلام.
واعتبر ماثيو والين الرئيس التنفيذي لمشروع الأمن الأميركي (مركز بحثي يركز على الشؤون العسكرية) أن اختيار ألاسكا "ليس مصادفة"، إذ تقع قريبة من روسيا، وتؤدي إقامة الاجتماع هناك بدلا من واشنطن العاصمة أو دولة ثالثة إلى تقليل الطابع الرسمي وإضفاء شرعية أقل على الحدث، رغم أن دعوة بوتين إلى الولايات المتحدة تحمل رسالة سياسية واضحة.
موضحا أن الهدف الحقيقي لترامب هو "وقف القتل"، وليس دعم أوكرانيا بالأسلحة والمساعدات إلا إذا كان هناك عائد مباشر أو صفقات شراء.
وحدد والين أن القمة ستركز على شروط وقف إطلاق النار أو الانسحاب الروسي، مؤكدا أن الولايات المتحدة تملك نفوذا محدودا، يقتصر على زيادة العقوبات المستهدفة، وتسليح أوكرانيا، وتقديم الدعم الاستخباراتي.
وأضاف أن ترامب يعتقد أنه سيكتشف سريعا مدى جدية بوتين في المفاوضات، وإذا تحقق تقدم، فقد تُناقش مطالب موسكو مقابل وقف إطلاق النار دون توقع انسحاب كامل للقوات الروسية.
وفيما يخص غياب زيلينسكي، أشار المتحدث إلى أن ترامب ليس من المعجبين بالرئيس الأوكراني ولا يهتم بتفاصيل المظالم والدبلوماسية المعقدة، ويركز على صفقات ثنائية مع بوتين.
وأضاف أنه من هذا المنطلق يرى الأوروبيون القمة خطوة إيجابية لكنها تثير الشكوك حول قدرة ترامب على ضمان سلامة أراضي أوكرانيا ومستقبلها، خاصة أن ترامب يميل إلى احترام بوتين، وقد يصدق وعوده، في حين يسعى لإعلان نصر دبلوماسي بغض النظر عن نتائج الحرب.
نزع السلاح
ويختم ماثيو بالقول إن الوضع الميداني الحالي يعزز نفوذ موسكو التفاوضي، مع إنجازات محدودة لأوكرانيا رغم الإمدادات الغربية الكبيرة، في حين يواصل بوتين حربه مع استعداد للتضحية بالموارد البشرية والمادية.
من جهته، يقول خبير الشؤون الأوروبية ونزع السلاح بمعهد بروكينغز ستيف بايفر إن اجتماع ترامب مع بوتين قد يكون خطوة مهمة نحو إنهاء الحرب، لكنه يرى أن البيت الأبيض حاول خفض التوقعات واصفا القمة بـ"تجربة استماع".
وأوضح بايفر أن المسؤولين الروس كانوا واضحين في مطالبهم، التي تميل إلى استسلام أوكرانيا، وأن القمة ستتركز أساسا على الملف الروسي الأوكراني، حيث يسعى بوتين للتفاوض مع ترامب بعيدا عن زيلينسكي، مستفيدا من معرفة دقيقة بالملفات، مقابل محدودية معرفة ترامب بالتفاصيل.
وأشار إلى أن العلاقات الاقتصادية قد تكون على جدول الأعمال، وهي محور اهتمام ترامب، إلا أن الإمكانيات التجارية والاستثمارية بين البلدين محدودة بسبب البيئة الاستثمارية الصعبة في روسيا.
ولفت الخبير إلى أن أي تطبيع واسع للعلاقات الأميركية الروسية دون اعتدال في المطالب الروسية لأوكرانيا قد يثير انتقادات داخل الولايات المتحدة.
وبشأن غياب الرئيس الأوكراني، أكد بايفر أن ترامب يسعى للقاء بوتين بشكل مباشر، وتغيب زيلينسكي يجعل التقدم في إنهاء الحرب الروسية الأوكرانية صعبا، خاصة أن الأوكرانيين لن يقبلوا صفقات تتم دون مشاركتهم.
وأضاف أن القادة الأوروبيين حاولوا تعزيز موقف زيلينسكي قبل القمة، عبر مقترحات لوقف إطلاق النار، وسحب القوات المتبادل من بعض المناطق، وضمان أمني صارم لأوكرانيا، وهو ما قد يصعب على ترامب تبنيه.
واختتم بايفر بالقول إن التوصل إلى اتفاق سلام واقعي يبدو صعبا للغاية، إذ إن الموقف الروسي متصلب ويستند إلى مطالب تصل إلى استسلام كييف، بينما أظهرت أوكرانيا بعض المرونة التفاوضية، لكن الفجوة بين المواقف كبيرة جدا.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

مباحثات "بناءة" بين ترامب وبوتين في قمة ألاسكا
مباحثات "بناءة" بين ترامب وبوتين في قمة ألاسكا

الجزيرة

timeمنذ 3 ساعات

  • الجزيرة

مباحثات "بناءة" بين ترامب وبوتين في قمة ألاسكا

أجرى الرئيسان الأميركي دونالد ترامب والروسي فلاديمير بوتين مباحثات لمدة 3 ساعات في اجتماع قمة بولاية ألاسكا الأميركية مساء الجمعة، قد يكون مفصليا في مسار الحرب في أوكرانيا التي تُشدد مع حلفائها الأوروبيين على ضرورة عدم استبعادها من أي تسوية. وفي مؤتمر صحفي مشترك عقب القمة، قال بوتين إن المحادثات كانت "مفيدة ومفصلة" وجرت في "أجواء بناءة"، مشددا على أن الحل في أوكرانيا "يجب أن يكون مستداما ويأخذ في الاعتبار مخاوف روسيا الأمنية". من جانبه، قال ترامب "حققنا بالفعل تقدما كبيرا اليوم"، لكنه أوضح أن "هناك نقاطا لم نتمكن من تجاوزها"، من دون الخوض في التفاصيل. وأشار إلى أن الشراكة الاستثمارية بين الولايات المتحدة وروسيا تحمل الكثير من الإمكانيات. من جهة أخرى، قال وزير الدفاع الروسي أندريه بيلوسوف إن "الأجواء ممتازة عقب المفاوضات في ألاسكا". وفي بداية القمة، لم يدلِ الرئيسان الأميركي والروسي بأي تصريحات ولم يتلقيا أي أسئلة أثناء جلوسهما جنبا إلى جنب أمام خلفية زرقاء مكتوب عليها السعي إلى السلام. وكان ترامب وبوتين تصافحا في مطار ألاسكا تمهيدا للقمة. وقال الكرملين إن اجتماع ترامب وبوتين بدأ بمشاركة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف والمستشار الرئاسي للسياسة الخارجية يوري أوشاكوف، ووزير الخارجية الأميركية ماركو روبيو ومبعوث الرئيس الأميركي الخاص ستيف ويتكوف. واستبق ترامب القمة بالقول إنه يريد التوصل لوقف إطلاق النار اليوم، مضيفا في تصريحات لفوكس نيوز أنه سيغادر إذا لم يكن اللقاء مع بوتين جيدا. وأضاف أنه لن يكون سعيدا إذا لم يتم التوصل لوقف إطلاق النار في أوكرانيا، مشيرا إلى أن قمة اليوم ستهيئ الظروف لاجتماع ثانٍ إذا سارت الأمور بشكل جيد "وإلا فلن نعقد اجتماعات أخرى". وتابع "أعتقد أن الأمور ستسير على ما يرام في ألاسكا وسأعود إلى واشنطن بسرعة إذا لم تكن كذلك". وقبل ذلك، قال الرئيس الأميركي إنه يريد وقفا سريعا لإطلاق النار في أوكرانيا، وأضاف -للصحفيين على متن طائرة الرئاسة المتوجهة لمكان انعقاد القمة- إنه لا يعرف ما الذي سيجعل القمة التي سيعقدها مع نظيره الروسي ناجحة. وتابع "أريد أن أرى وقفا سريعا لإطلاق النار… لن أكون سعيدا إذا لم نتوصل لذلك، هذا اليوم"، مضيفا أن أوروبا والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي سينخرطان أيضا في الأمر. كما قال للمراسلين في الطائرة الرئاسية إنّه يتقاسم مع بوتين "مستوى جيدا من الاحترام"، مضيفا "إنه رجل ذكي. كان يفعل ذلك منذ فترة طويلة… لكن أنا أيضا… نتفق، أحدنا مع الآخر. هناك مستوى جيد من الاحترام بيننا". كما كتب ترامب على منصته تروث سوشيال الجمعة قبل وقت قصير من صعوده إلى الطائرة الرئاسية أن "الكثير على المحك". الموقف الروسي من جهته، قدّر الكرملين الجمعة أن اللقاء قد يستمر "6 أو 7 ساعات على الأقل"، تشمل اجتماعهما والمؤتمر الصحفي المشترك. ومع تحقيق روسيا مكاسب ميدانية في النزاع الذي أودى بحياة عشرات الآلاف، أوضح الكرملين الخميس أن القمة ستتضمن لقاء ثنائيا بين الزعيمين، ما عزز مخاوف القادة الأوروبيين من احتمال جرّ بوتين للرئيس الأميركي إلى تسوية تُفرض على أوكرانيا. ورحّب بوتين الخميس بالجهود الأميركية الرامية إلى إنهاء النزاع وقال إن المحادثات قد تساعد أيضا على التوصل إلى اتفاق لضبط انتشار الأسلحة النووية. وقال أثناء اجتماع لكبار المسؤولين في موسكو إن "الإدارة الأميركية… تبذل جهودا نشطة وصادقة لإنهاء القتال". وتوجه بوتين إلى ألاسكا التي باعتها روسيا للولايات المتحدة في القرن التاسع عشر، للقاء ترامب، في أول زيارة له إلى دولة غربية منذ بدء غزو بلاده لأوكرانيا في فبراير/شباط 2022. وسبق لترامب أن أبدى إعجابه ببوتين، وواجه انتقادات شديدة عقب مؤتمرهما الصحفي المشترك بعد قمة هلسنكي 2018، حيث ساند الموقف الروسي المناقض لاستنتاجات أجهزة الاستخبارات الأميركية ، عبر قبوله نفي بوتين أي تدخل في انتخابات 2016 الرئاسية الأميركية التي أوصلته إلى السلطة. وتعهد الرئيس الأميركي عشية القمة أنه لن يبرم مع بوتين أي اتفاق ثنائي بشأن تسوية نهائية للحرب في أوكرانيا، وسيشرك نظيره الأوكراني في أي قرار من خلال قمة ثلاثية تعقد بعد لقاء الجمعة. تبدّل النبرة وتباهى ترامب خلال حملته الانتخابية بقدرته على إنهاء حرب أوكرانيا في غضون 24 ساعة من عودته إلى السلطة، وكرر القول إن الحرب التي أمر بها بوتين، لم تكن لتبدأ لو كان هو رئيسا بدلا من سلفه الديمقراطي جو بايدن. لكن دعواته لبوتين والضغوط الكبيرة التي مارسها على زيلينسكي للموافقة على تقديم تنازلات فشلت في إقناع الرئيس الروسي. وحذّر ترامب بالتالي من "عواقب وخيمة جدا" إذا واصل بوتين تجاهل مساعيه لإيقاف الحرب. من جانبه، دعا زيلينسكي الجمعة ترامب إلى إقناع روسيا بوقف الحرب، وقال على مواقع التواصل الاجتماعي "حان الوقت لإنهاء الحرب، وعلى روسيا اتخاذ الخطوات اللازمة. نحن نعتمد على أميركا" لتحقيق ذلك. والتقى زيلينسكي رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر في لندن الخميس حيث تلقى دعما متجددا من حليف غربي رئيسي، غداة محادثات أجراها الأربعاء في برلين. وأكد المستشار الألماني فريدريش ميرتس أن بوتين أمام "فرصة" للموافقة على وقف إطلاق النار في أوكرانيا. ويخشى زيلينسكي، الذي لم يُدعَ إلى المحادثات، وحلفاؤه الأوروبيون من أن ترامب قد يتخلى عن أوكرانيا بتجميد الصراع والاعتراف -ولو بشكل غير رسمي- بالسيطرة الروسية على خُمس أراضيها. لكن ترامب سعى إلى تهدئة هذه المخاوف في أثناء صعوده على متن الطائرة الرئاسية، موضحا أنه سيترك لأوكرانيا اتخاذ قرار بشأن أي تبادل محتمل للأراضي. وقال "لست هنا للتفاوض نيابة عن أوكرانيا، بل كي أجعلهم يجلسون إلى طاولة المفاوضات". دبلوماسية غير مثمرة وبُذلت العديد من الجهود الدبلوماسية منذ بدء الغزو، منها لقاءات مباشرة بين وفدين روسي وأوكراني في إسطنبول خلال الأشهر الماضية. لكن كل المحاولات فشلت في تحقيق أي تقدم ملموس باستثناء اتفاقات لتبادل الأسرى. وأعلنت موسكو وكييف الخميس أنهما تبادلتا 84 أسير حرب من كل طرف، بموجب اتفاق توسطت فيه الإمارات. ويكتسب مكان انعقاد القمة أهمية رمزية، إذ يعود تاريخ قاعدة إلمندورف ريتشاردسون الواقعة قرب أنكوريج، كبرى مدن ألاسكا، إلى مطلع الأربعينيات من القرن الماضي. وأدت القاعدة في البداية دورا حاسما في العمليات العسكرية الأميركية ضد اليابان خلال الحرب العالمية الثانية، لكن نشاطها بلغ ذروته بعد عام 1945 وحقبة الحرب الباردة بين الاتحاد السوفياتي والولايات المتحدة.

ممر ترامب" الجديد.. فرصة كبيرة لتركيا وفخ لروسيا وإيران
ممر ترامب" الجديد.. فرصة كبيرة لتركيا وفخ لروسيا وإيران

الجزيرة

timeمنذ 5 ساعات

  • الجزيرة

ممر ترامب" الجديد.. فرصة كبيرة لتركيا وفخ لروسيا وإيران

قبل أشهر كان الحديث متصاعدا بشأن ممر "أراس" المحتمل إنشاؤه لربط الأراضي الأذربيجانية بإقليم نخجوان عبر الأراضي الإيرانية. لكن فجأة ومثلما يحدث في مباريات الشطرنج، نجحت الولايات المتحدة في قلب الطاولة رأسا على عقب من خلال عدة تحركات مهمة قادت إلى جمع الرئيس الأذربيجاني، إلهام علييف، ورئيس الوزراء الأرميني، نيكول باشينيان، في البيت الأبيض، لتوقيع اتفاق سلام، بحضور الرئيس الأميركي، دونالد ترامب. لم تكن المفاجأة في توقيع الطرفين الاتفاق، إذ سبق أن أعلنت الدولتان نهاية 2023 عزمهما "تنظيم العلاقات وتوقيع اتفاق سلام على أساس احترام مبادئ السيادة ووحدة الأراضي". لكن الأهمية الحقيقية، تكمن في إعلان ترامب، توصل "بلاده لاتفاق مع أرمينيا قد يمتد حتى 99 عاما من أجل تطوير ممر زنغزور (الواصل بين أذربيجان، وتركيا مرورا بأرمينيا وجمهورية نخجوان ذاتية الحكم)"، مضيفا أنه "في الوقت الذي ستواصل فيه أذربيجان احترام سيادة أرمينيا، ستضمن الوصول الكامل لإقليم نخجوان (التابع لأذربيجان)". إعادة التموضع الأميركي جنوب القوقاز، أثارت العديد من التساؤلات عن الأهداف الكامنة وراء إلقاء واشنطن بثقلها فجأة في المنطقة وارتباطها بتأسيس النظام العالمي الجديد؟ وكيفية تعامل روسيا وإيران مع هذا الحضور الأميركي؟ إضافة إلى تأثير ذلك على المصالح التركية في المنطقة؟ إعادة رسم الخرائط تعد منطقة أوراسيا ببعديها الجغرافي والسياسي واحدة من أهم مناطق العالم ذات النفوذ الإستراتيجي، حتى وصفها المستشار السابق للأمن القومي الأميركي، زبغنيو بريجينسكي، بـ "قلب العالم"، و"مركز القوة العالمية الجديد". من هنا تدرك واشنطن أن سيطرة أي قوة على هذه المنطقة تقودها إلى فرض الهيمنة على العالم سواء بشكل أحادي القطبية، أو حتى متعدد الأقطاب. وفي هذه المرحلة الانتقالية التي يعيشها العالم ترقبا لولادة نظام عالمي جديد كان لا بد أن تسعى واشنطن لتعزيز وجودها في منطقة أوراسيا، ولتوجيه ضربة جيوستراتيجية لكل من روسيا وإيران. وليس هناك أفضل من السيطرة على الممرات البرية والبحرية الهامة، لتعزيز هذه المكانة، فكان القرار الأميركي بالسيطرة على ممر زنغزور من خلال اتفاق السلام بين أذربيجان وأرمينيا. ملامح الإستراتيجية الأميركية الجديدة، عبر عنها سفيرها لدى تركيا، توم باراك، في تصريحات مهمة أدلى بها لتلفزيون خبر تورك في نهاية يوليو/تموز الماضي، لكنها لم تأخذ حقها من الذيوع والتحليل حينها، وإن عادت إلى الواجهة مجددا باتفاق السلام. باراك في تصريحاته، حدد ملامح الرؤية الأميركية عبر النقاط التالية: حل قضية غزة وربطها بإعادة هيكلة حقيقية في المنطقة. ربط تركيا، ودول الخليج، وسوريا، ولبنان، والعراق، والأردن، إضافة إلى أذربيجان، وأرمينيا مع إسرائيل من خلال اتفاقية "أبراهام". التأكيد على أن المنطقة التي تمتد من المحيط الهندي جنوبا إلى القوقاز شمالا، ومن البحر المتوسط غربا، إلى آسيا الوسطى شرقا، ستكون نواة لأقوى مناطق العالم نظرا لما ينتظرها من مشاريع تنموية هائلة، وتحولها إلى ممرات آمنة للتجارة العالمية من آسيا إلى أوروبا. وذلك حسب تعبيره. هذه الرؤية الأميركية تفسر لنا جانبا من السلوك الأميركي في دعم سوريا من بعد الأسد، والإصرار على تجريد الأحزاب والتنظيمات العابرة للحدود، وخاصة المرتبطة بإيران من سلاحها مثل حزب الله في لبنان، والمليشيات العراقية. كما أن هذا التوجه الأميركي يشرح لنا رؤيتها لوضع تركيا خلال المرحلة المقبلة والتي عبر عنها باراك في ذات الحوار بقوله: " ينبغي ألا تكون تركيا شريكا دفاعيا لحلف الناتو فحسب، بل شريكا إقليميا أيضا. بفضل قدراتها الدفاعية والإنتاجية، يجب أن تكون، إلى جانب الولايات المتحدة، محور هذه الآلية الأمنية، ليس فقط للمنطقة الممتدة غربا، بل للمنطقة بأكملها الممتدة شرقا". إذن التحرك الأميركي لا يمكن عزوه للرغبات الشخصية لترامب، بالحصول على جائزة نوبل للسلام كما فسره البعض، بل يأتي ضمن حزمة متكاملة لتطويق الغريم الروسي، بوجود أميركي فعال جنوب القوقاز، لتعميق المعاناة الروسية الجيوبولتيكية، إذ من المعروف أن المنافذ التي توصل روسيا إلى المياه الدافئة غربا تخضع لسيطرة دول حليفة للولايات المتحدة، سواء من خلال البحر الأسود، أو بحر البلطيق، وصولا إلى البحر الأبيض شمال روسيا. كما أن هذه التمظهرات الأميركية في زنغزور والتي ستمتد وفق الاتفاق إلى قرابة مائة عام، ستتطور دونما شك ولن تظل مجرد "شركة" مهمتها رعاية وتشغيل الممر الإستراتيجي. رسم الخرائط وفق الإستراتيجية الأميركية، لن يقتصر تأثيره على روسيا فقط، بل سيمتد إلى إيران، التي ستفقد عمقها الإستراتيجي الشمالي في أرمينيا التي ترتبط معها بمصالح وعلاقات تاريخية، وتعد ممرا مهما إلى البحر الأسود. كما يجب الإشارة إلى أن الاتفاق ذكر صراحة إنهاء عمل مجموعة مينسك التي شكلتها منظمة الأمن والتعاون في أوروبا عام 1992، لحل النزاع بين أذربيجان وأرمينيا، وظلت رئاستها منذ ذلك الحين شراكة بين الولايات المتحدة، وروسيا، وفرنسا، لكن بإلغائها ستتفرد واشنطن بالملف على حساب الدور الروسي والأوروبي. يمكن القول إن روسيا وإيران تدفعان معا ثمن الحسابات الإستراتيجية الخاطئة، ضمن حزمة من الأخطاء ترتكبها الدولتان ليس في القوقاز وحدها بل في نقاط حيوية أخرى. فروسيا كان ينظر إليها باعتبارها صاحبة القرار في المنطقة، التي كانت ضمن أملاك الاتحاد السوفياتي المنحل، كما ارتبطت بعلاقات تحالف وثيقة وتاريخية مع أرمينيا، فيما عززت علاقتها بأذربيجان باتفاقيات مهمة. في موازاة ذلك، كانت رئيسا مشاركا لمجموعة مينسك كما أسلفنا القول، لكن تعاملها مع الأزمة على مدار عقود، كان تعاملا باردا، ربما اطمئنانا إلى النجاح العسكري الذي أحرزته أرمينيا منذ تسعينيات القرن الماضي، واستطاعت بمقتضاه السيطرة على إقليم ناغورني قره باغ. لكن ومع التطورات التي شهدها الإقليم منذ انتصار أذربيجان في حربي 2020 و2023، لم تطور موسكو من أدائها. كان يمكن لروسيا أن تلعب دورا فعالا للتوصل إلى اتفاق سلام ناجز ونهائي بين الدولتين، والاتفاق على آلية مقبولة لتشغيل ممر زنغزور، لكن تفلتت الأمور من بين أصابعها، ثم انشغلت بحربها مع أوكرانيا، وربما أصغت إلى حساسيات دول إقليمية مثل إيران، حتى فوجئت بالولايات المتحدة تقتحم عليها مجالها الحيوي، وتضطلع بكل ما عجزت موسكو عن إنجازه. حتى إنه لم يعد من المعروف ما هو الدور الذي يمكن أن تضطلع به روسيا إزاء الممر بعد اتفاق البيت الأبيض، فوفق اتفاق 2020 كان من المقرر أن يتولى جهاز الأمن الفدرالي الروسي السيطرة على الممر والإشراف على تشغيله! على مقربة من روسيا، كانت إيران حاضرة بـ "اللاءات" الشهيرة، وبذلت جهدها لمنع تشغيل الممر الإستراتيجي، حتى لا تمنح منافستها التقليدية تركيا، ميزة جيوستراتيجية هائلة بربط أراضيها بالعالم التركي. كان يمكن لإيران المساومة لو أحسنت قراءة التغيرات المترتبة على انتصارات أذربيجان، لكنها راهنت على تشغيل ممر "أراس" بديلا لـ"زنغزور". الآن تضيق البدائل على الدولتين، ففيما تبدي روسيا بعض المرونة، تعكس تصريحات بعض المسؤولين الإيرانيين موقفا متصلبا، حيث هدد علي أكبر ولايتي مستشار المرشد الإيراني، علي خامنئي، بأن بلاده ستمنع "إنشاء ممر مزمع في القوقاز بموجب اتفاق إقليمي برعاية الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وذلك سواء بالتعاون مع روسيا أو بدونها".، فيما لوّح آخرون بإمكانية إغلاق مضيق هرمز ردا على الاتفاق. في تقديري أنه من الصعوبة بمكان أن تتحول هذه التهديدات إلى إجراءات تصعيدية على أرض الواقع، في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها الدولتان عسكريا واقتصاديا. المكاسب التركية انخرطت تركيا في ملف الأزمة انخراطا كبيرا وواضحا، من خلال الدعم العسكري والسياسي الذي قدمته لأذربيجان حتى حققت النصر واستعادت السيطرة على إقليم ناغورني قره باغ. منذ ذلك الحين تسعى أنقرة لجني الثمار الجيوستراتيجية لذلك الانتصار، وفي مقدمتها إعادة تشغيل ممر زنغزور. لذا من غير المستبعد أن تكون أنقرة قد لعبت دورا للتمهيد لاتفاق البيت الأبيض، حيث استقبل الرئيس، رجب طيب أردوغان، رئيس الوزراء الأرميني، في يونيو/حزيران الماضي، حيث تمحور اللقاء حول السلام وكيفية تحقيق الاستقرار في منطقة القوقاز. كما سارع أردوغان بالاتصال بزعيمي البلدين، لتهنئتهما باتفاق السلام، فيما أكد وزير الخارجية، هاكان فيدان، أن إعادة تشغيل الممر ستعيد ربط تركيا بدول العالم التركي في آسيا الوسطى. من هنا يمكننا حصر المكاسب التركية في عنوانين رئيسيين، الأول منهما يتعلق بالمكاسب الجيوستراتيجية بربط أراضيها بأذربيجان وصولا إلى دول منظمة الدول التركية، الأمر الذي سيعزز من قدراتها الإستراتيجية في مواجهة منافسيها الإقليميين وخاصة إيران، دون أن تضطر إلى الدخول في مواجهة معها. إضافة إلى أن المكاسب قد تنسحب إلى ملفات أخرى، تحتاج فيها إلى التنسيق مع الولايات المتحدة، وأهمها إنهاء وجود قوات سوريا الديمقراطية في شمال شرق سوريا. إعلان أما العنوان الثاني فيرتبط بالمكاسب الاقتصادية التركية المتوقعة من تشغيل الممر، حيث سيعزز من مكانتها ممرا حيويا للتجارة والطاقة من الصين وآسيا إلى أوروبا، الأمر الذي سيدعم، دونما شك، أهميتها الإستراتيجية داخل الكتلة الأوراسية. ختاما إن الولايات المتحدة باحتضانها الاتفاق، تكون قد خطت خطوة مهمة صوب ترسيم واقع جديد في نظام عالمي قيد التشكيل، مستغلة الفشل الروسي الإيراني في قراءة سيناريوهات المستقبل.

انطلاق قمة ألاسكا بين ترامب وبوتين على وقع مخاوف أوكرانية أوروبية
انطلاق قمة ألاسكا بين ترامب وبوتين على وقع مخاوف أوكرانية أوروبية

الجزيرة

timeمنذ 8 ساعات

  • الجزيرة

انطلاق قمة ألاسكا بين ترامب وبوتين على وقع مخاوف أوكرانية أوروبية

انطلقت في جزيرة ألاسكا – مساء اليوم الجمعة – قمة الرئيسين الأميركي دونالد ترامب والروسي فلاديمير بوتين ، ، وهي قمة قد تكون مفصلية في مسار الحرب في أوكرانيا التي تشدد مع حلفائها الأوروبيين على ضرورة عدم استبعادها من أي تسوية. وتصافح ترامب وبوتين في مطار ألاسكا تمهيدا للقمة التي ستجمعهما. وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولاين ليفيت إن وزير الخارجية ماركو روبيو ومبعوث الرئيس الخاص ستيف ويتكوف، سينضمان إلى ترامب في اجتماعه مع بوتين. وأضافت ليفيت أن اجتماعا لاحقا سيضم أيضا وزير الخزانة سكوت بيسنت، ووزير التجارة هوارد لوتنيك، ووزير الدفاع بيت هيجسيث، وكبيرة موظفي البيت الأبيض سوزي وايلز. واستبق ترامب القمة بالقول إنه يريد التوصل لوقف إطلاق النار اليوم، مضيفا في تصريحات لفوكس نيوز أنه سيغادر إذا لم يكن اللقاء مع بوتين جيدا. وأضاف أنه لن يكون سعيدا إذا لم نتوصل لوقف إطلاق النار في أوكرانيا، مشيرا إلى أن قمة اليوم ستهيئ الظروف لاجتماع ثان إذا سارت الأمور بشكل جيد وإلا فلن نعقد اجتماعات أخرى وتابع " أعتقد أن الأمور ستسير على ما يرام في ألاسكا وسأعود إلى واشنطن بسرعة إذا لم تكن كذلك". وقبل ذلك قال الرئيس الأميركي إنه يريد وقفا سريعا لإطلاق النار في أوكرانيا، وأضاف- للصحفيين على متن طائرة الرئاسة المتوجهة لمكان انعقاد القمة- إنه لا يعرف ما الذي سيجعل القمة التي سيعقدها مع نظيره الروسي ناجحة. وتابع "أريد أن أرى وقفا سريعا لإطلاق النار… لن أكون سعيدا إذا لم نتوصل لذلك اليوم"، مضيفا أن أوروبا والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي سينخرطان أيضا في الأمر. كما قال للمراسلين في الطائرة الرئاسية إنّه يتقاسم مع بوتين "مستوى جيدا من الاحترام"، مضيفا "إنّه رجل ذكي. كان يفعل ذلك منذ فترة طويلة… لكن أنا أيضا… نتفق واحدنا مع الآخر. هناك مستوى جيد من الاحترام بيننا". كما كتب ترامب على منصته تروث سوشال الجمعة قبل وقت قصير من صعوده إلى الطائرة الرئاسية أن "الكثير على المحك". الموقف الروسي من جهته، قدّر الكرملين الجمعة أن اللقاء قد يستمر "ست أو سبع ساعات على الأقل"، تشمل اجتماعهما والمؤتمر الصحافي المشترك. ومع تحقيق روسيا مكاسب ميدانية في النزاع الذي أودى بحياة عشرات الآلاف، أوضح الكرملين الخميس أن القمة ستتضمن لقاء ثنائيا بين الزعيمين، ما عزز مخاوف القادة الأوروبيين من احتمال جرّ بوتين للرئيس الأميركي إلى تسوية تُفرض على أوكرانيا. ورحّب بوتين الخميس بالجهود الأميركية الرامية إلى إنهاء النزاع وقال إن المحادثات قد تساعد أيضا على التوصل إلى اتفاق لضبط انتشار الأسلحة النووية. وقال أثناء اجتماع لكبار المسؤولين في موسكو إن "الإدارة الأميركية… تبذل جهودا نشطة وصادقة لإنهاء القتال". وتوجه بوتين الى ألاسكا التي باعتها روسيا للولايات المتحدة في القرن التاسع عشر، للقاء ترامب، في أول زيارة له الى دولة غربية منذ بدء غزو بلاده لأوكرانيا في فبراير/ شباط 2022. وسبق لترامب أن أبدى إعجابه ببوتين، وواجه انتقادات شديدة عقب مؤتمرهما الصحافي المشترك بعد قمة هلسنكي 2018، حيث ساند الموقف الروسي المناقض لاستنتاجات أجهزة الاستخبارات الأميركية ، عبر قبوله نفي بوتين أي تدخل في انتخابات 2016 الرئاسية الأميركية التي أوصلته إلى السلطة. وتعهد الرئيس الأميركي عشية القمة أنه لن يبرم مع بوتين أي اتفاق ثنائي بشأن تسوية نهائية للحرب في أوكرانيا، وسيشرك نظيره الأوكراني في أي قرار من خلال قمة ثلاثية تعقد بعد لقاء الجمعة. وتباهى ترامب خلال حملته الانتخابية بقدرته على إنهاء حرب أوكرانيا في غضون 24 ساعة من عودته إلى السلطة، وكرر القول إن الحرب التي أمر بها بوتين، لم تكن لتبدأ لو كان هو رئيسا بدلا من سلفه الديموقراطي جو بايدن. لكن دعواته لبوتين والضغوط الكبيرة التي مارسها على زيلينسكي للموافقة على تقديم تنازلات فشلت في إقناع الرئيس الروسي. وحذّر ترامب بالتالي من "عواقب وخيمة جدا" إذا واصل بوتين تجاهل مساعيه لإيقاف الحرب. من جانبه، دعا زيلينسكي الجمعة ترامب إلى إقناع روسيا بوقف الحرب، وقال على مواقع التواصل الاجتماعي "حان الوقت لإنهاء الحرب، وعلى روسيا اتخاذ الخطوات اللازمة. نحن نعتمد على أميركا" لتحقيق ذلك. والتقى زيلينسكي رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر في لندن الخميس حيث تلقى دعما متجددا من حليف غربي رئيسي، غداة محادثات أجراها الأربعاء في برلين. وأكد المستشار الألماني فريدريش ميرتس أن بوتين أمام "فرصة" للموافقة على وقف إطلاق النار في أوكرانيا. ويخشى زيلينسكي، الذي لم يُدعَ إلى المحادثات، وحلفاؤه الأوروبيون من أن ترامب قد يتخلى عن أوكرانيا بتجميد الصراع والاعتراف -ولو بشكل غير رسمي- بالسيطرة الروسية على خُمس أراضيها. لكن ترامب سعى إلى تهدئة هذه المخاوف في أثناء صعوده على متن الطائرة الرئاسية، موضحا أنه سيترك لأوكرانيا اتخاذ قرار بشأن أي تبادل محتمل للأراضي. وقال "لست هنا للتفاوض نيابة عن أوكرانيا، بل كي أجعلهم يجلسون إلى طاولة المفاوضات". دبلوماسية غير مثمرة وبُذلت العديد من الجهود الدبلوماسية منذ بدء الغزو، منها لقاءات مباشرة بين وفدين روسي وأوكراني في اسطنبول خلال الأشهر الماضية. لكن كل المحاولات فشلت في تحقيق أي تقدم ملموس باستثناء اتفاقات لتبادل الأسرى. إعلان وأعلنت موسكو وكييف الخميس أنهما تبادلتا 84 أسير حرب من كل طرف، بموجب اتفاق توسطت فيه الامارات. ويكتسب مكان انعقاد القمة أهمية رمزية، إذ يعود تاريخ قاعدة إلمندورف ريتشاردسون الواقعة قرب أنكوريج، كبرى مدن ألاسكا، إلى مطلع الأربعينات من القرن الماضي. وأدت القاعدة في البداية دورا حاسما في العمليات العسكرية الأميركية ضد اليابان خلال الحرب العالمية الثانية، لكن نشاطها بلغ ذروته بعد العام 1945 وحقبة الحرب الباردة بين الاتحاد السوفياتي والولايات المتحدة.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store