
متى نخوض معركة المقاومة المدنية؟
سواء قبلت حماس بتسليم سلاحها مقابل إنهاء الحرب وإتمام عملية تبادل الأسرى أم لا، فإن أفقا جديدا قد فتح بحكم الواقع أكثر منه انحيازا فكريا أو سياسيا، وهو خيار المقاومة المدنية السلمية، بعد أن انكسر خيار المقاومة المسلحة في غزة، وقبله خسر حزب الله معركة 'الإسناد' التي أطلقها من لبنان تضامنا مع غزة، وبدأ في تسليم سلاحه للجيش اللبناني، كما اختفت نظم الممانعة مع بدايات الألفية الثالثة، فسقط نظام صدام حسين، ثم القذافي، وأخيرا النظام السوري، وهي نظم رفعت شعارات الممانعة، دون أن تمثل أي تهديد حقيقي لإسرائيل، بل بعضها مثل النظام السوري، تفاهم مع تل أبيب على معظم الملفات. أما إيران 'رأس حربة' محور الممانعة، فلم يكن دعمها لفصائل المقاومة المسلحة فقط لوجه الله والقضية الفلسطينية، إنما أيضا وربما أساسا حفاظا على مصالحها وحماية لبرنامجها النووي ودورها الإقليمي، وبالتالي فأنها لن تستطيع أن تواجه إسرائيل من أجل فلسطين، إنما قد تواجه دفاعا عن مصالحها وأمنها القومي.
ومن هنا، بات من الصعب أن نتحدث عن إحياء في المدى المنظور لتجارب فصائل المقاومة المسلحة، بعد أن تم تفكيك القدرات العسكرية لحركة حماس ولحزب الله والضربات الموجعة التي تلقاها الحوثي في اليمن وانكفاء إيران على نفسها، وبات الباب مفتوحا على مصراعيه أمام 'فرصة' تبني المقاومة المدنية السلمية كأسلوب للكفاح، والضغط من أجل استعادة الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني وإنهاء الاحتلال، خاصة بعد التغيرات التي شهدها العالم، وصعود التيارات المؤيدة لفلسطين في مختلف دول العالم، شمالا وجنوبا شرقا وغربا.
والحقيقة، أن حرب غزة بقدر ما تركت آلاما وجراحا كثيرة، وخلفت شهداء ومصابين بعشرات الآلاف، إلا أنها أعادت إحياء القضية الفلسطينية من جديد في نفوس العرب والعالم، وأيقظت أصوات الضمير العالمية في مواجهة جرائم الإبادة الجماعية، كما شهدنا تحركات ملهمة لدولة غير عربية مثل، جنوب إفريقيا حين ذهبت لمحكمة العدل الدولية، تتهم إسرائيل بارتكاب جرائم إبادة جماعية، وطالبت المحكمة بإجراءات لحماية الشعب الفلسطيني، لم تحترمها إسرائيل، وعلى إثرها أصدرت المحكمة الجنائية الدولية قرارا بملاحقة نتنياهو ووزير دفاعه السابق بتهم ارتكاب جرائم حرب، كما قادت السعودية تحالفا دوليا من أجل قيام دولة فلسطينية، وأعلنت دول أوربية مهمة الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وفُتحت أبواب كثيرة للنضال السلمي والقانوني ضد دولة الاحتلال.
إن التحركات الدولية والجمعيات والمؤسسات التي تشكلت في العالم دفاعا عن حقوق الشعب الفلسطيني انتزعت مساحة مدنية للتعبير عن موقفها بنضال وضغط، ودفع كثير منها ثمنا باهظا نظير إدانته للجرائم الإسرائيلية.
ويصبح السؤال، هل تأسست في العالم العربي جمعيات توثق جرائم الاحتلال وتحصر أعداد الأسر التي مسحت من السجل المدني وتفاصيل عن 17 ألف طفل، استشهدوا في غزة، بحيث لا تجعلهم مجرد أرقام، وهل تواصل أو دعم حملة الشعارات في العالم العربي مع مؤسسة (HRF) 'هند رجب' (الطفلة الفلسطينية التي تعمد جيش الاحتلال قتلها)، والتي تأسست في بروكسل كذراع قانوني لجمعية 30 مارس من أجل عدم إفلات إسرائيل من العقاب.
هناك عشرات الجمعيات تشكلت في أوروبا وأمريكا لدعم الشعب الفلسطيني، وهناك تحركات ملهمة لدولة مثل، جنوب إفريقيا من أجل محاسبة إسرائيل على جرائمها في محكمة العدل الدولية، وهو التحرك الذي لم يجد له داعمين بين النظم العربية.
إن إعادة الاعتبار للمقاومة السلمية ليس فقط خيار فكري وسياسي، إنما هو حصيلة ما أنتجته حرب غزة التي لم تؤد إلى إضعاف القدرات العسكرية لإسرائيل، ولا صعود القدرات العسكرية لحماس أو حزب الله أو ردع إيران لإسرائيل بالقوة المسلحة، إنما كانت حصيلتها إضعاف تنظيمات المقاومة المسلحة وتفكيك قدراتها العسكرية، بالمقابل فقد أسفرت الحرب عن فتح أبواب حقيقية لصعود التيارات المدنية السلمية المناصرة للقضية الفلسطينية في العالم، وهو أمر يتطلب نخبا وقيادات فلسطينية جديدة، تتجاوز خطاب حماس والسلطة على السواء، وتكون قادرة على التفاعل مع هذه التيارات والمشاركة في الضغوط والحملات القانونية على دولة الاحتلال، حتى تنصاع لقرارات الشرعية الدولية وتتوقف عن ارتكاب جرائمها وتحاسب على ما اقترفته.
إن الأصل الذي أفرز مسار التسوية السلمية الوحيد كان انتفاضة الحجارة الشعبية في ١٩٨٧ التي فتحت الباب أمام اتفاق أوسلو للتسوية السلمية، والذي أجهضته إسرائيل بالاستيطان في الضفة الغربية وبحصار قطاع غزة، وإنه حان الوقت لإعادة الاعتبار للنضال الشعبي والمدني الذي لم يكن غريبا عن تاريخ النضال الفلسطيني.
صحيح، إنه لولا صمود المقاومة المسلحة والتضحيات الاستثنائية التي دفعها الشعب الفلسطيني، لَمَا فُتح باب المقاومة السلمية، وأن الوضع الفلسطيني الحالي لم يعد يحتمل سجال المقاومين والمعتدلين، وانقسام فتح وحماس، إنما ما يجب، استدعاء ما أنتجه الواقع، الذي يقول إن فصائل المقاومة المسلحة تفككت قدرتها العسكرية، وإن تيارات المقاومة السلمية عبر العالم تصاعد حضوره وتأثيره، وحان الوقت لكي نترجم هذه الفرصة إلى تحرك وخطة عمل، لإنهاء الاحتلال وتحقيق طموحات الشعب الفلسطيني.
سيبقي النضال المدني والشعبي هو الأصل والخيار الغالب في تجارب التحرر الوطني، وإن خيار المقاومة المسلحة هو خيار مشروع، لكنه يجب أن يكون اضطراريا واستثنائيا، وبعد فشل كل الخيارات المدنية والسلمية.
الواقع الحالي يقول إن هناك فرصة لبناء مشروع مدني عربي وفلسطيني، يعمل على إنهاء الاحتلال وبناء نموذج سياسي جديد قادر على التأثير في العالم والتواصل مع كل الحركات المدنية التي دعمت مؤخرا القضية الفلسطينية.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


بلدنا اليوم
منذ ساعة واحدة
- بلدنا اليوم
وكيل أوقاف كفر الشيخ: نتجه نحو تطوير الخطاب الدعوي
عقد الشيخ الدكتور معين رمضان يونس، وكيل وزارة الأوقاف بكفر الشيخ، اليوم الأربعاء 21 مايو 2025، لقاءً موسعًا مع مديري إدارتي أوقاف سيدي سالم شرق وغرب، بحضور لفيف من الأئمة والدعاة، وسط أجواء اتسمت بالحوار الهادف والتفاعل الإيجابي. استهل فضيلته اللقاء بكلمة ترحيبية، أعرب فيها عن تقديره للجهود الدعوية التي يبذلها الأئمة في نشر قيم الوسطية والتصدي للفكر المتطرف، مشددًا على أهمية المسجد كمركز إشعاع ديني وثقافي ومجتمعي. وتناول اللقاء عددًا من المحاور المحورية، من أبرزها: التأكيد على الالتزام بالمنهج الأزهري الوسطي ونبذ كافة مظاهر الغلو والتشدد. تجويد الخطاب الدعوي والارتقاء بإعداد الخطبة من حيث المحتوى والأسلوب. تعزيز وعي الأئمة بقضايا الوطن وربط الرسالة الدعوية بالتحديات الراهنة. تطوير أداء المساجد وتنشيط دورها التثقيفي والديني في المجتمع. الالتزام بضوابط المنبر بعدم السماح لغير المصرح لهم بالصعود، والتقيد بموضوع ووقت الخطبة. حظر جمع التبرعات أو وضع صناديق داخل المساجد تحت أي مسمى. عدم الإدلاء بتصريحات إعلامية بشأن قانون الفتوى أو قرارات الوزارة دون تصريح رسمي. متابعة دفاتر التحضير، والحفاظ على نظافة المساجد وسلامة مرافقها، والاهتمام بالمظهر اللائق للإمام. وقد لقي اللقاء ترحيبًا واسعًا من الحضور، الذين أعربوا عن سعادتهم بهذا التواصل المثمر، مؤكدين استعدادهم لمواصلة أداء رسالتهم الدعوية بكل جد وإخلاص. وفي ختام اللقاء، توجه فضيلة وكيل الوزارة بالشكر والتقدير لجميع الحاضرين، داعيًا إلى الإخلاص في العمل، سائلًا الله تعالى التوفيق والسداد في خدمة الدين والوطن.


بلدنا اليوم
منذ ساعة واحدة
- بلدنا اليوم
آي صاغة: أسعار الذهب ترتفع مجددًا بعد تراجع الدولار أمام الجنيه
عادت أسعار الذهب للارتفاع من جديد بالسوق المحلي مدفوعة بالعديد من العوامل أهمها تراجع سعر الدولار الأمريكي أمام العملات العالمية. • تصاعد التوترات السياسية داخل الولايات المتحدة بعد فشل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في تمرير قانون الضرائب الجديد في مجلس النواب الأمريكي. • زيادة الطلب العالمي على الذهب مع تصاعد المخاوف الاقتصادية والسياسية ،وذلك وفقًا للمحللين الاقتصاديين. كيف أثرت هذه العوامل في عودة أسعار الذهب؟ ليسجل قفزات جنونية بالأسعار وترتفع ارتفاعًا واضحًا في السوقين المحلي والعالمي، مسجلة أعلى مستوى لها منذ أكثر من أسبوع، وسط تراجع في قيمة الدولار الأمريكي وزيادة الإقبال على المعدن الأصفر كملاذ آمن، باعتباره حائط الصد ضد أي تقلبات، خاصة مع استمرار حالات عدم اليقين التي تشهدها معظم اقتصاديات العالم. أسباب عودة ارتفاع أسعار الذهب محليًا. قال سعيد الإمبابي المدير التنفيذي لمنصة "إي صاغة" الإلكترونية لتداول أسعار الذهب في تصريح خاص لموقع "بلدنا اليوم" إن السبب الرئيسي في ارتفاع أسعار الذهب خلال الفترة الحالية، هو تراجع أسعار الدولار حاليًا لمستويات أقل من 50 جنيهًا مقابل الجنيه، ليتراوح سعر الدولار بالسوق المصرفي بين 47 جنيهًا إلى 48 جنيهًا، ومن ثم ارتفاع سعر الذهب ليتراوح سعر العيار من جرام 21 عند مستوى 4700 جنيهًا إلى 4650 جنيهًا. وكشف الإمبابي عن احتمالية زيادة أسعار الذهب خلال الفترة القادمة، طالما لا زالت الحروب تسير على وتيرتها المستمرة، سواء الحرب في غزة والتي لم تنتهي بعد حتى بعد تسليم حماس أحد الأسرى دون مقابل، فكان من المتوقع زيادة الإمدادات لغزة ولكن ازدادت الأمور سوءًا، فضلا عن استمرار الحرب بين روسيا وأوكرانيا، فشل المفاوضات بين ترامب وبوتين لوقف الحرب بين روسيا وأوكرانيا. وتابع المدير التنفيذي لمنصة "آي صاغة" أن من المعروف تأثر أسعار الذهب المحلية، بالأسعار العالمية للذهب، وهو سعر الأوقية العالمية التي تزن 31.1 جرام من عيار 24 هو السبب في حدوث هذا الارتفاع محليًا، مؤكدًا أن الأسواق كانت على أهُبة استعداداتها للتحرك نحو الهبوط لولا استمرار الحروب، الأمر الذي يفتح مجال الشراء للمستثمرين من المناطق المنخفضة، ومن ثم العودة لارتفاع الأسعار، مع الأخذ في الاعتبار أن السوق المحلي أكثر هدوءًا مقارنة بالسوق العالمي.


أخبار اليوم المصرية
منذ ساعة واحدة
- أخبار اليوم المصرية
مدبولي: نمو الاقتصاد بـ2026 سيتجاوز 4.2%.. والدلتا الجديدة مستقبل مصر
وبدأ الدكتور مصطفى مدبولي حديثه، بالإشارة إلى احتفالية افتتاح موسم الحصاد 2025، قائلاً: كنا صباح اليوم في حدث دائماً ما يبعث السرور والأمل لنا جميعاً، وتشرفنا برفقة فخامة السيد الرئيس عبدالفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، في افتتاح موسم الحصاد في الدلتا الجديدة، وشهدنا في إطار هذه الفعالية المهمة جداً، افتتاح مجموعة من المشروعات التنموية الكبيرة جداً في منطقة الدلتا الجديدة، منطقة الصوامع التي وصلت إلى 500 ألف طن، ومنطقة صناعية كبيرة، ومنطقة لوجستية، وبحق ستكون هذه المنطقة هي مستقبل مصر القادم بمشيئة الله، لأن هذه المنطقة تعادل قوام ثلاث إلى أربع محافظات جديدة بالكامل، مثلما أشار فخامة السيد الرئيس في مداخلاته العديدة اليوم، فنحن نتحدث عن أراض زراعية يتم استصلاحها وزراعتها هناك بأكثر من 2 مليون فدان تعادل قوام ثلاث إلى أربع محافظات أو أكثر، بالإضافة إلى مشروعات تنمية صناعية ولوجستية وخدمات. وتابع رئيس الوزراء قائلاً: ومثلما أشار فخامة السيد الرئيس إلى أنه إذا تم توفير فرصة عمل واحدة فقط على كل فدان، فإننا نتحدث عن 2 مليون فرصة عمل، مما يعني 2 مليون أسرة، وبالتالي فعلاً هذه المنطقة بمشيئة الله ستكون هي مستقبل مصر الواعد، بالإضافة إلى المناطق الأخرى التي تركز عليها الدولة فيما يخص ملف التنمية الزراعية وما يرتبط بها من صناعات ومشروعات خدمية ولوجستية مختلفة. وقال الدكتور مصطفى مدبولي: شاهدنا جميعاً اليوم في العرض التقديمي بالاحتفالية مشروعات كبيرة جداً وبمشيئة الله الخير قادم لمصر في مجال الاستصلاح الزراعي وما يرتبط به من صناعات مختلفة، بقوام أكثر من 4 ملايين فدان خلال السنوات الثلاث القادمة. وانتقل رئيس الوزراء بحديثه عن الأنشطة والفعاليات الدولية خلال هذا الأسبوع، قائلاً: كان أهم الفعاليات الدولية خلال هذا الأسبوع، حضور فخامة السيد الرئيس للقمة العربية في العاصمة العراقية بغداد، وكلمة سيادته التاريخية بالغة الأهمية، التي يحدد فيها فخامة السيد الرئيس موقف مصر الثابت في كل قضايا الصراع الموجودة، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، والتي أكد خلالها سيادته أنه مهما حدث من تطبيع مع إسرائيل فلن يحدث سلام أو استقرار في المنطقة بدون قيام الدولة الفلسطينية وحق الشعب الفلسطينى في قيام دولته المستقلة. وشدد الدكتور مصطفي مدبولي في هذا الصدد، على أن مبدأ مصر ثابت على مدار العصور، مٌضيفاً أنه في جميع ومختلف الأزمات لم تتراجع مصر عن موقفها الراسخ والذي سيظل دائمًا داعما للقضية الفلسطينية في مختلف المجالات. كما أشار رئيس الوزراء إلى زيارة السيد/ جوزيف عون، رئيس لبنان لمصر، والذي أثنى على العلاقات الثنائية الكبيرة بين الدولتين الشقيقتين، ودعم مصر لدولة لبنان في جميع المجالات، مُضيفاً أنه تمت مُناقشة أوجه الدعم التي ستقدمها مصر لدولة لبنان خلال الفترة القادمة مع التغير السياسي الجديد. وعن الشأن الداخلي وبالأخص الملف الاقتصادي، أوضح الدكتور مصطفى مدبولي أن بعثه صندوق النقد الدولي متواجدة هذا الأسبوع في مصر للمراجعة الخامسة، مُشيرًا للمؤتمر الصحفي المشترك السابق الذي أجراه رئيس الوزراء مع السيد/ نايجل كلارك، نائب المدير العام لصندوق النقد الدولي، المسئول من مجلس إدارة الصندوق عن الملف المصري، لافتاً إلى كلمته التي تضمنت الإشادة بما تحقق في مصر والتقدم الكبير في مسار الإصلاح الاقتصادي المصري وفي تنفيذ برنامجها الوطني، قائلاً: وهو أمر هام جدًا أود دائماً التأكيد عليه. وأضاف رئيس الوزراء، أنه خلال المناقشة التي أجراها مع السيد نائب المدير العام التنفيذي لصندوق النقد الدولي، أن هذا البرنامج تعمل الحكومة المصرية على تنفيذه سواء بالتعاون مع الصندوق أو بدونه، لما نمتلكه من قناعة تامه بأن هذا هو مسار الإصلاح الاقتصادي المناسب الذي يجب أن تنتهجه مصر في خضم الظروف المحيطة والأحداث الجارية التي مررنا وما زلنا نمر بها، وأن هذه الإصلاحات والخطوات الجادة بدأت تؤتي ثمارها، وهو ما تؤكده جميع أرقام النسب التي تخص البطالة، والتضخم، بالإضافة إلى نسب النمو. وأشار الدكتور مصطفى مدبولي خلال حديثه إلى تقارير سابقة من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي بمراجعه أرقام نمو الاقتصاد المصري بالإيجاب والزيادة خلال الأيام القليلة الماضية، وهو ما أكده البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية بأن نسب نمو الاقتصاد المصري خلال العام القادم ستتجاوز 4.2%، وهو ما يتوافق مع تقديراتنا المبدئية في هذا الملف بحوالي 4.5 % نمو للاقتصاد المصري في خلال الفترة القادمة، وكذا انخفاض مؤشرات الدين، وحجم الدين بالنسبة للناتج المحلي، وانخفاض للعجز الكلي في الموازنة، وارتفاع الاستثمار الأجنبي المباشر، وزيادة نصيب القطاع الخاص في إجمالي الاستثمارات الكلية التى تتجاوز نسبة 60%، مع استهداف الوصول إلى أكثر من 65% في الموازنة القادمة، بالإضافة إلى ثبات وزيادة تحويلات المصريين العاملين بالخارج، وهو ما سينعكس على الاقتصاد بصورة كبيرة جداً. وأشار رئيس الوزراء إلى تشرفه والسيد محافظ البنك المركزي بلقاء فخامة السيد الرئيس عبدالفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، أمس، حيث عرض السيد المحافظ عددا من المؤشرات الخاصة بالسياسة النقدية، لافتًا في هذا الصدد، إلى أننا دائمًا كنا نتحدث أن التحدي هو تدبير العملة الصعبة وتحقيق التوازن في هذا الامر؛ ومن خلال ما عرضه السيد المحافظ أثناء لقاء أمس، أشار إلى أنه خلال الشهرين الماضيين، وتحديداً خلال الشهر الماضي، فقد شهدنا قدرة مصر على تغطية استخداماتها بالكامل بما فيما الاستخدامات البترولية، وذلك من خلال ما تم اتاحته من موارد محلية للعملة الأجنبية من مختلف الأنشطة، وهو ما يُعد شيئا مهما جداً بالنظر لحجم الاستخدامات البترولية الذي يصل إلى 2 مليار دولار شهرياً، لتلبية احتياجات الدولة للقطاع الاستهلاكي لحركة السيارات وخلافه، وكذا المواد البترولية اللازمة لإنتاج الكهرباء، واحتياجات قطاع الصناعة، والأنشطة الأخرى. وجدد الدكتور مصطفى مدبولي الإشارة إلى أن موارد الدولة المحلية من العملة الصعبة من مختلف الأنشطة كانت لديها القدرة على تغطية الاستخدامات ومتطلبات الدولة، من غير تقييد للنشاط الصناعي والإنتاجي، مؤكداً أنه لا يوجد أي طلبات متأخرة، أو قوائم انتظار للإفراج عن أي سلع أو بضائع أو مستلزمات أساسية لعمليات الإنتاج، لافتا إلى أن الأمور مستقرة، وهو ما ينعكس بشكل واضح على النمو المحقق للقطاع الخاص في مصر. وعن ملف الصناعة ودعمه وتطويره، أشار رئيس الوزراء في هذا الصدد إلى الاهتمام الذي يحظى به قطاع صناعة السيارات، لافتًا إلى مُشاركته في افتتاح مصنع من أهم المصانع الجديدة لشركة لـ "سوميتومو" العالمية لإنتاج الضفائر الكهربائية، والذي يُعد المصنع الثامن للشركة في مصر، والرابع خلال السنوات الخمس الأخيرة، مُوضحاً أن هذا المصنع يُعد أكبر مصنع للشركة خارج اليابان، فضلا عن أنه يعتبر من أكبر المصانع على مستوى منطقة الشرق الأوسط، بل والعالم، مُضيفاً: شهدت فعاليات الافتتاح كلمات من رئيس مجلس إدارة شركة "سوميتومو" العالمية، وأيضا ممثل شركة "تويوتا" العالمية، الذي أوضح أنه سيتم الاعتماد بشكل رئيسي على هذا المصنع في توفير مستلزمات الإنتاج لسيارات تويوتا، هذا بالإضافة إلى العديد من الماركات العالمية الأخرى. وفى ذات السياق، أعرب رئيس الوزراء عن سعادته بالمشاركة في افتتاح هذا المصنع العملاق، الذي يضم نحو 2000 عامل مصري يتم تدريبهم وتأهليهم على أعلى مستوى، وأنه متوقع زيادة العدد إلى 3000 عامل بنهاية العام الحالي، مُشيراً إلى أن هذه النوعية من الصناعات هى التي تستهدفها الدولة المصرية. وتابع الدكتور مصطفى مدبولي قائلاً: هذا المشروع المثير للإعجاب حصل على الرخصة الذهبية في سبتمبر 2023، وبعدها في ديسمبر 2023 بدأ التنفيذ، وخلال عام كان قد بدأ التشغيل التجريبي، مُشيرًا إلى أن هذه النوعية من الشركات العملاقة نقدم لها كل الدعم الممكن، والتي من بينها الرخصة الذهبية، وتسهيل الحصول على تراخيص الأراضي، كما نقدم لها كل التسهيلات والدعم حتى نساعدها على الانطلاق في هذا المجال. وفي سياق متصل، أشار رئيس مجلس الوزراء إلى أنه على مدار الأسبوع الماضي كان لدينا عدد من الجولات الميدانية بالمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، في شرق وغرب بورسعيد، أو في منطقة السخنة، كما شهدنا افتتاح عدد كبير من المشروعات الكبيرة هناك، وخص بالذكر افتتاح مصنع "شين شينج- Xin Xing" الصيني لإنتاج المواسير المصنوعة من حديد الدكتايل، لافتًا إلى أننا كنا نقوم باستيراد هذه المواسير بقيمة 600 مليون دولار سنويًا، واليوم هذا المصنع يغطي احتياجات الدولة المحلية، كما يقوم بتصدير إنتاجه لمختلف دول العالم، مُشيرًا في الوقت نفسه إلى أن قيمة العقود التي أبرمها المصنع على مدار يومين فقط، منهما اليوم الذي تمت فيه زيارة المصنع واليوم التالي بلغت قيمتها اكثر من 34 مليار جنيه، سواء مع الدولة في مصر، أو في الخارج، وهو ما يؤكد لنا أن دعم مثل هذه النوعية من الصناعة الكبيرة يعمل على تقليل فاتورة الاستيراد، مع إتاحة فرص عمل لشبابنا المصري. وفي السياق نفسه، أضاف الدكتور مصطفى مدبولي أن كل يوم يشهد دخول مصانع جديدة الخدمة، كما أن هناك عقودًا نهائية يتم توقيعها، لافتًا في ضوء ذلك إلى أن الدولة قامت بإنفاق وضخ استثمارات هائلة في المنطقة الاقتصادية، وبدأنا هذا العام نشعر أننا نحصد ثمار تلك الاستثمارات والتنمية، مُعربًا عن ثقته في أن الفترة القادمة ستشهد مزيدًا من الاستثمارات في مناطق أخرى على غرار المنطقة الاقتصادية، مُشيرًا إلى أن السيد وزير الاستثمار زار روسيا مُؤخرًا لحضور اللجنة الروسية المصرية المُشتركة، حيث شهد توقيع عقد حق انتفاع للأرض الخاصة بالمنطقة الروسية في منطقة قناة السويس، وبالتالي فهذه المنطقة بالفعل تجتذب استثمارات أجنبية من كل بقاع العالم، وهذا ما نعمل على تشجيعه، وجذب جميع الشركات العالمية للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس. وخلال المؤتمر الصحفي، أشار رئيس الوزراء إلى أن مجلس الشيوخ قد وافق على خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية التي قدمتها الحكومة لعام ٢٠٢٥-٢٠٢٦، لافتًا الى أن هذه الخطة هي خطة تعاف من الأزمة الاقتصادية التي ألمت بمصر على مدار العامين الماضيين. وأوضح الدكتور مصطفى مدبولي أن الخطة تضمنت زيادة في حجم الاستثمارات الكلية إلى ٣.٥ تريليون جنيه بالمقارنة بـ٢.٦ تريليون خلال العام الماضي، كما تضمنت استمرار تصاعد معدل الاستثمار ونسبته من الناتج المحلي الإجمالي، حيث ستتجاوز نسبة الزيادة ١٧٪ العام المقبل، مُقارنة بـ١٥٪ خلال العام الجاري، فضلاً عن تزايد الاستثمارات الخاصة، التي قدرنا أنها لن تقل عن ٦٣٪ ونأمل أن تصل إلى ٦٥٪. وأضاف: لدينا سقف للاستثمارات العامة بمقدار ١.١٦ تريليون جنيه مُقارنة بـ تريليون جنيه خلال العام المالي الجاري، كما أن هذه الموازنة يوجد بها ٧٠٠ مليار جنيه مُخصصة لجميع قطاعات التنمية البشرية وعلى الأخص التعليم والصحة مُقارنة بـ٤٤٧ مليار جنيه في موازنة العام المالي الجاري، أي زيادة بحوالي ٥٦٪ في مُخصصات قطاعات التنمية البشرية. وتطرق الدكتور مصطفى مدبولي إلى زيارته لمنجم السكري، قائلاً: سمعنا جميعًا عن منجم السكري، لكن خلال زيارتي للمنجم، رأيت بعيني حجم وضخامة الاستثمارات في هذا القطاع الواعد والكبير للغاية في مصر، وكما أعلن رئيس الشركة فإن هذا المنجم يعد واحدا من أكبر ٢٠ أو ٢٥ منجم ذهب على مستوى العالم، مُشيرًا إلى أن الشركة بعد العديد من الاستكشافات على هذا المنجم أكدت أن به احتياطيات ستكفي ١٠ سنوات إضافية، ومع وجود هذه الشركة العملاقة من المتوقع أن حجم إنتاج الذهب الذي سيخرج من هذا المنجم خلال السنوات الثماني المقبلة سيكون أضعاف ما تم استخراجه خلال السنوات الـ ١٥ السابقة. وأوضح رئيس الوزراء أنه دائماً ما يثار مسألة أننا كدولة هل نستطيع تنفيذ التعدين في مجال الذهب بمفردنا، مُجيباً أن الخبرة الفنية الكبيرة التي تتمتع بها هذه الشركات ليست من السهولة بمكان أن تتوافر في أي مكان مع فرض أن التمويل والاستثمار المطلوب متاح، لافتاً إلى أنه حتى يبدأ الإنتاج التجاري في منجم السكري أنفقت الشركة أكثر من 2 مليار دولار للوصول لحجم الإنتاج الموجود اليوم، مُضيفاً أن التعدين في مجال الذهب يتطلب استثمارات ضخمة، وبالتالي الدولة ترحب بالتعاون مع الشركات العالمية في هذا المجال، وبالتالي بالتأكيد نحن كدولة نحتاج هذه النوعية من الشراكة مع الشراكات العالمية. واختتم رئيس مجلس الوزراء حديثه، قائلاً: وفي هذا الصدد، تابعتم اليوم إعلان احدى الشركات التي أخذت حق امتياز استكشاف في مصر، وهي شركة "آتون ريسورسز"، شريك الهيئة العامة للثروة المعدنية، أعلنت عن كشف تجاري كبير للذهب في منطقة مناجم ذهب "أبو مروات"، ونشرت الشركة هذا الإعلان على موقعها الإلكتروني، نظراً لأنها شركة مسجلة بالبورصة العالمية ويجب أن تفصح عن هذا الأمر، وتقديراتهم لهذا المنجم من الذهب المكتشف في مصر أنه سيكون كبيرا وضخما، وهذه كلها أخبار مُبشرة للاقتصاد المصري، وبمشيئة الله ستحمل الفترة القادمة كل الخير.