
وداعا "سكايب"... نوستالجيا بدايات مكالمات الفيديو
كانت منصة الاتصالات المرئية "سكايب" Skype شاهدة على كل تفاصيل حياتنا، من مقابلات العمل المرهقة، إلى اللقاءات العائلية المليئة بالمواقف المحرجة عبر المحيط، مروراً بالعلاقات الغرامية عن بعد (وحتى لحظات الانفصال). كثير من الأحداث المهمة في حياتنا كانت تبدأ برنة الاتصال المميزة لـ"سكايب"، وتنتهي بصوت إنهاء المكالمة الأشبه بعطسة خفيفة. ذلك أنه عندما ظهر شعار الشركة باللون الأزرق السماوي على شاشات حواسيبنا عام 2003، فتح الباب للمرة الأولى أمام الناس العاديين لخوض تجربة غير مسبوقة تمثلت في إجراء مكالمات مرئية مجانية بين أجهزة الكمبيوتر حول العالم، نقلتنا من الهواتف الأرضية والمحمولة إلى الفضاء الرقمي. ولكن في مايو (أيار) الجاري، منصة مكالمات الفيديو التي كانت ذات يوم جزءاً لا يتجزأ من يومياتنا، ستغمض إلى الأبد عينيها التي رأت كل شيء.
"مايكروسوفت"، الشركة مالكة التطبيق، أعلنت أنها ستطوي صفحة "سكايب" في الخامس من مايو الجاري بعد ما يربو على 20 عاماً من الخدمة، في خطوة تهدف إلى تبسيط خدمات "الاتصال للمستهلكين" لمصلحة منصتها المهيمنة في أماكن العمل "تيمز" Teams (التي ستستقبل ملايين المستخدمين المتبقين على "سكايب" خلال الأيام المقبلة). وفي بيانها الوداعي، أشارت "مايكروسوفت"، التي استحوذت على "سكايب" عام 2011 في مقابل 8.5 مليار دولار (6.6 مليار جنيه إسترليني)، إلى أن المنصة كانت "جزءاً لا يتجزأ من تشكيل ملامح الاتصالات الحديثة، ورافقت عدداً لا يحصى من اللحظات المميزة في حياتنا". ولكن في الواقع، لم تكن الشركة تبقي "سكايب" على قيد الحياة سوى بالحد الأدنى من الدعم والتحديثات، وكأنها كانت ترفع عنها أجهزة الإنعاش رويداً رويداً طوال العقد الماضي.
ربما تتساءلون، كيف أن منصة محبوبة كهذه أخفقت تماماً في وقت أصبحت حياتنا برمتها تعتمد على الإنترنت بسبب جائحة "كورونا"؟ أول الأسباب أن "سكايب" عجزت ببساطة عن مجاراة المنافسة عندما اقتحمت السوق منصات منافسة أكثر بريقاً، مثل "زووم" Zoom أو "سلاك" Slack المملوكة حالياً من "سيلزفورس" Salesforce، استثمرت بذكاء في التحول العالمي نحو العمل عن بعد. أما التفسير الآخر فيرى أن هذا التراجع مرده جزئياً إلى عدم مواكبة "سكايب" متطلبات عصر الهواتف الذكية. ولكن كما الحال دائماً تختلف الآراء وتتنوع، إذ يقول بعض المراقبين إن "مايكروسوفت" تعمدت تهميش "سكايب" تكنولوجياً لمصلحة "تيمز"، وببطء أزاحت من المشهد المنصة التي وضعت الأسس لهذا النوع من الاتصالات.
عندما أُسست الشركة عام 2003 على يد مطور البرمجيات الدنماركي يانوس فريس والمطور السويدي نيكلاس زينستروم، حققت "سكايب" نجاحاً مذهلاً، إذ بلغ عدد مستخدميها النشطين 75 مليون مستخدم في نهاية 2005. في أول صفقة بيع لها، استحوذت "إيباي" eBay على "سكايب" في 2006 مقابل 2.6 مليار دولار، قبل أن تبيع حصتها الكبرى في 2006 إلى تحالف من شركات الاستثمار الخاصة ورأس المال المغامر. لاحقاً، دخلت الشركات الكبرى على الخط: تفوقت "مايكروسوفت" على "غوغل" و"فيسبوك" في عرضها للاستحواذ على ملكية "سكايب" في 2011، في وقت كانت فيه الخدمة في أوج نجاحها واستخدامها، مع نحو 150 مليون مستخدم شهرياً و663 مليون مستخدم مسجل على مستوى العالم. انتشرت "سكايب" على نطاق واسع جداً حتى أصبحت مفردة قائمة بحد ذاتها يستخدمها الناس في الإشارة إلى فعل إجراء مكالمات الفيديو، وصار اسمها بمثابة مرادف شامل لمكالمات الفيديو نفسها.
إذا كنت قد استخدمت "سكايب" في بداياتها، ربما يغمرك الحنين عندما تفكر في نغمة الرنين الأصلية المميزة أو الأصوات التي تنبثق عند ورود أي إشعار مغلفة هذه التجربة بطابع خاص جعل المنصة محبوبة جداً من الجميع. قاد الملحن البريطاني بيتر رايبورن الفريق الذي صمم مجموعة الأصوات التي شكلت الهوية الصوتية لـ"سكايب" وميزتها عن غيرها من التطبيقات، ولكنه ومؤسسيها عام 2003 لم يملكوا أدنى فكرة عن مدى النجاح الذي ستحققه الشركة. يقول: "لم أفهم حقاً أو أتخيل التأثير الرائد الذي سيبلغه هذا المشروع. أتذكر أنني نظرت في عيني نيكلاس زينستروم عندما كنا غارقين في العمل على المشروع، ورأيت كيف كانت الأفكار تتسابق في عقله، وكيف كان حدسه حاضراً فيما كان يتخذ قراراته بثقة ووضوح".
قال رايبورن إنه وفريقه في "ساوندتري"، الشركة المتخصصة في التصميم الصوتي الإبداعي، كانوا يعملون على ابتكار هوية صوتية "تنبض بالحياة" ومتعددة الأبعاد. وأضاف: "كنت مفتوناً بفكرة أن يخرج الصوت من الكمبيوتر، من دون أن يبدو بارداً أو آلياً". وتابع: "كنا نبحث في ابتكار شخصية رقمية. ومن هنا، بدأنا العمل على تشكيل هذا الكيان الذي يدعى "سكايب". ومن خلال منحه طابعاً إنسانياً قريباً منا، قادراً على الاستجابة والتواصل، أصبحت المكالمة المرئية تجربة ممتعة ولطيفة، كأن الصوت يقول لك ببساطة "أوه، مرحباً!".
كان صوت تسجيل الدخول إلى المنصة التصميم الصوتي المفضل لدى رايبورن من بين تصاميم الأصوات الخاصة بـ"سكايب". قال في هذا الصدد: "أتذكر فكرة النغمة الصاعدة التي استلهمتها من بعض مراجعي الموسيقية المفضلة. إنها أشبه بإشارة تفاؤلية... لحظة تحمل شعوراً بالفرح الهادئ". حتى التنبيهات التي تظهر للمستخدمين عند حدوث خطأ ما في التطبيق أو أصوات إنهاء المكالمات كانت تنبض بالمرح، على عكس التصاميم الصوتية ذات الطابع المؤسسي المستخدمة في تطبيقي "تيمز" أو "سلاك" والتي من شأنها أن تثير الضيق والانزعاج لدى أي موظف يوزع مهمات عمله بين العمل عن بعد وفي المكتب، في عام 2025. يقول رايبورن: "لقد منحنا الفريق بأكمله مساحة للمرح. عندما تتاح لك الفرصة لتكون مبدعاً، ينبض كل شيء بالحياة فجأة."
امتد تأثير تلك الحيوية والحماسة إلى تجربة المستخدم أيضاً. في منتصف العقد الأول من القرن الـ21، بدت فكرة إجراء مكالمة فيديو مع شخص ما في بلد آخر كما لو أنها ابتكار غير عادي قادم من المستقبل البعيد. أتذكر مكالمة "سكايب" مع عائلتي في فرنسا للمرة الأولى عام 2006، وكيف كان صوت بدء تشغيل البرنامج يشعرك وكأنك تنطلق في رحلة إلى الفضاء الخارجي. كانت تجربة مغلفة بالغموض آنذاك، كأنك تخرج من جسدك (فكرة مرعبة في الحقيقة، خصوصاً عندما نأخذ في الاعتبار أن مكالمات الفيديو أصبحت في عام 2025 أحد أكثر الأفعال شيوعاً بين الناس). في المساء بعد المدرسة، كنت أتصفح قائمة جهات الاتصال لأرى من اتصل بي عبر الإنترنت، ثم اتصل بصديق ما فجأة. ويا للإحراج، فقد كان الأمر كله لمجرد التسلية.
ولكن الهوية المرحة التي تميز بها "سكايب" أخذت تتلاشى في أواخر العقد الثاني من القرن الـ21، وذلك مع صعود عشرات من منصات التواصل الاجتماعي وتطبيقات مكالمات الفيديو الأكثر جدية، مثل "زووم" (عام 2012)، و"سلاك" (عام 2013) وبرنامج "تيمز" (عام 2017) من "مايكروسوفت". وبحلول 2020 تراجع عدد المستخدمين اليوميين لـ"سكايب" إلى نحو 23 مليوناً، على رغم انتعاشة قصيرة شهدتها المنصة في غمرة جائحة "كورونا" وما رافقها من إجراءات الحجر الصحي والإغلاق. ويعزى ذلك التراجع جزئياً إلى أن التكنولوجيا التي تقوم عليها "سكايب" لم تكن مصممة لتناسب الهواتف الذكية خلافاً لتطبيق "فايس تايم" من "أبل"، الذي أصبح جزءاً مدمجاً في نظام تشغيل "آيفون" منذ عام 2010. أضف إلى ذلك أنه مع بداية الجائحة، راح المستخدمون يبحثون عن وسائل أكثر مرونة وشمولاً للتواصل مع الزملاء، من خلال منصات تتيح إرسال رسائل نصية عالية الجودة، وإجراء مكالمات فيديو، والتعاون، وإدارة المهمات... وذلك كله ضمن فضاء رقمي واحد، من دون الحاجة إلى التنقل بين منصة رقمية وأخرى.
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ومع ذلك، يقول خبراء في التكنولوجيا إن استحواذ "مايكروسوفت" على المنصة يُعتبر في نظر كثير بمثابة "قبلة الموت" بالنسبة إلى "سكايب". فعندما اجتاحت الجائحة العالم عام 2020، كان ممكناً أن تتصدر "سكايب" استجابة "مايكروسوفت" للتحول نحو العمل عن بُعد. ولكن في تلك المرحلة، كانت مايكروسوفت قد أدمجت سكايب ضمن منظومتها التقنية الواسعة [فلم تعد كياناً مستقلاً بذاته بل أصبحت جزءاً صغيراً من منظومة أكبر بأشواط]. وبدلاً من تعزيز قوة "سكايب"، شرعت في تركيز جهودها على تطبيق "تيمز" عبر دمجه بقوة مع تطبيقات "أوفيس" الأخرى بغية جذب مستخدمي قطاع الأعمال، أي السوق التي كانت "سكايب" تهيمن عليها سابقاً من خلال نسختها المخصصة "سكايب للأعمال" Skype for Business. ومنذ ذلك الحين، يرى بعض المهتمين أن مصير "سكايب" حسم فعلياً.
المدير الإداري في شركة "جابرا" لحلول برمجيات أماكن العمل، نايجل دان، لاحظ كيف أصبح "سكايب" اسماً مألوفاً في كل مكان، ولكنه يشير إلى أن حاله بدأت تتغير عندما بدأت "مايكروسوفت" تتحكم في مساره. يقول: "مع إطلاق 'تيمز' عام 2017، حولت "مايكروسوفت" تركيزها نحو تجارب أكثر تكاملاً وتعاوناً، إذ جمعت بين الاجتماعات الواسعة النطاق، والقنوات الفردية للمشاريع، والتكامل مع خدمة التخزين السحابي "ون درايف" [التي تتيح للمستخدمين حفظ ملفاتهم على الإنترنت ومزامنتها بين أجهزتهم الإلكترونية المختلفة ومشاركتها بسهولة]. وقد اتجهت الشركة بوضوح نحو سوق العمل، من خلال طرح مجموعة تطبيقات "أوفيس" الخاصة بالعمل المكتبي من قبيل "أوتلوك" Outlook، و"وورد" Word، و"باوربوينت" PowerPoint ضمن حزمة واحدة تضم أيضاً "تيمز". يقول دان: "تذكرنا نهاية 'سكايب' بأن الناس لم يعودوا يكتفون بإجراء المكالمات. بل يريدون مساحات عمل مترابطة وسهلة الاستخدام تواكب أساليب العمل الحديثة". ويضيف: "مهّد 'سكايب' الطريق أمام هذه النقلة، ولكن المستخدمين الآن يطالبون بتجربة اجتماعات أكثر تطوراً وثراءً".
تحدث في هذا الشان أيضاً كبير مسؤولي قسم التكنولوجيا في شركة "هاب ستاف" المتخصصة في إدارة فرق العمل، أليكس ياروتسكي، فقال إن "سكايب" واجهت صعوبة في مجاراة منافسيها من الناحية التكنولوجية. ويتابع: "لقد تعثرت بسبب عدم قدرتها على التكيّف بسرعة وإضافة ميزات ووظائف جديدة كانت شركات أخرى تستخدمها مثل "زووم". ومن بين أوجه القصور التكنولوجية البحتة التي أضعفت أداء "سكايب"، عدم تحديث "الشيفرة المصدرية" (source code) بالسرعة المطلوبة على عكس منافسيها، مما أدى إلى نفور المستخدمين بسبب الأعطال المتكررة والمكالمات المتقطعة وبطء الاتصال. ويوضح ياروتسكي: "أخفقت 'سكايب' فعلاً في توفير خدمة موثوقة للمستخدمين"، مضيفاً أن هذه الثغرات فتحت الباب أمام شركات منافسة أخرى لفرض مكانتها بقوة في السوق.
في رأي ياروتسكي، كانت "مايكروسوفت" قد حسمت أمرها منذ فترة طويلة في شأن عدم تطوير "سكايب". ويقول: "أدركت 'مايكروسوفت' أن 'سكايب' لم يعد الحل الأمثل، خصوصاً للشركات الكبيرة، لذا ركزت اهتمامها على تطوير 'تيمز'، الذي يمكن دمجه في حزمتها الخاصة '365' من تطبيقات الإنتاجية التي تقدمها لعملائها، ولتتنافس بصورة فضلى مع 'غوغل وورك سبيس' Google Workspace، التي قدمت لاحقاً تطبيق 'غوغل ميت' Google Meet [الذي يتيح عقد الاجتماعات ومكالمات الفيديو عبر الإنترنت]".
لا ريب أن معظمنا لم يستخدم "سكايب" منذ ما يربو على عقد من الزمن. ولكن حتى لحظة كتابة هذه السطور، ما زال ملايين المستخدمين المخلصين يعتمدون على خدمة المكالمات الدولية المنخفضة الكلفة التي يوفرها التطبيق. وعلى رغم أن "مايكروسوفت" لم تفصح عن أرقام دقيقة تبين عدد المستخدمين الحاليين، بيد أن جولة واحدة سريعة في منتديات "سكايب" على الإنترنت تكشف عن آلاف من الرسائل التي كتبها مستخدمون مستاؤون يعبرون فيها عن قلقهم من أمور كثيرة، بدءاً من مصير سجل مكالماتهم أو أرقام الاتصال الفريدة الخاصة بهم، وصولاً إلى كيفية تدريب جدهم المسن الذي يعيش على بعد آلاف الأميال على استخدام "تيمز" بعد عقدين من التواصل عبر "سكايب". (كانت "مايكروسوفت" أعلنت أن بيانات سجل المكالمات ستنقل إلى "تيمز" ضمن إطار عملية الترحيل الرقمي بين المنصتين).
يقول رايبورن إن إغلاق "سكايب" يبعث في نفسه الحزن، ولكنه مع ذلك يقر بأن المنصة لم تعد كما كانت. ويضيف: "لقد فقد الكيان الأساس الذي ابتكرناه كثيراً من نبضه الجميل وإيقاعه الفريد. من الأفضل أن نودعه الآن على أن نبقيه حياً بصورة لا تليق برونق البدايات".
أما عن الحنين، فيرى رايبورن أن "سكايب" ستظل تحتل مكانة دافئة في قلوب الناس. يقول: "لقد جمعت المنصة بين الناس. أعرف أشخاصاً يعيشون علاقات بعيدة المدى، وقد استمر حبهم بفضل 'سكايب'". وأظنه محقاً حين يقول إننا لا نرى اليوم الارتباط العاطفي نفسه مع المنصات المشابهة اليوم... متى كانت آخر مرة سمعت فيها شخصاً يعبر عن شعور إيجابي تجاه "تيمز" أو "زووم"؟ يقول رايبورن: "كل شيء اليوم بات عملياً بحتاً [موجهاً نحو الأداء الوظيفي وحسب]، ويفتقر إلى تلك الصلة الوجدانية التي ربطتنا جميعاً بـ'سكايب' في الماضي".
بطريقة ما، بدا وكأن "سكايب" كان يقدم لنا خدمات قيّمة. لقد منحنا فرصة التواصل مع أحبائنا البعيدين، وفتح لنا أبواب فرص العمل في الخارج، وساعدنا في الحفاظ على علاقاتنا. أما بالنسبة إلى منصات اليوم، ففي عصر التكنولوجيا الشاملة والحاضرة في كل زاوية من حياتنا، لا منصة اليوم تضاهي في مكانتها وتأثيرها الأثر العميق الذي تركته تجربة "سكايب" في حياتنا.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


ياسمينا
منذ ساعة واحدة
- ياسمينا
المسلسل التركي العشق الممنوع يعود إلى الواجهة من بوابة قصره!
يعتبر المسلسل التركي العشق الممنوع، من أبرز الأعمال التي لاقت رواجًا كبيرًا عند المشاهد التركي والعربي أيضًا، وهو ما يفسّر وجوده ضمن أبرز 4 مسلسلات تركية قديمة يمكن مشاهدتها أكثر من مرّة! عاد المسلسل الشهير غلى الواجهة مجددًا اليوم، ليس عبر أبطاله وإنما عبر قصره التاريخي الشهير الذي تم تصوير العمل فيه، فما القصة؟ الخبر ليس لأصحاب القلوب الضعيفة! طُرح للبيع مؤخرًا القصر الذي صوّرت فيه مشاهد المسلسل الشهير، وتحديدًا مزرعة السيدة 'أرسين' في منطقة تشاتالجا، مقابل مبلغ خيالي. هذا الخبر كان كفيل باشعال مواقع التواصل الاجتماعي وعودة المسلسل الشهير إلى الواجهة مرة اخرى، بعد أكثر من 15 عامًا على تصويره. وفي تفاصيل الخبر، يقع القصر، الذي احتضن مشاهد الحب والصراع في مسلسل 'العشق الممنوع' الذي عرض بين عامي 2008 و2010، ضمن مزرعة فاخرة في منطقة 'تشاتالجا' بإسطنبول، ويُعرف بين الجمهور باسم 'منزل السيدة أرسين'، تتميز المزرعة بمساحة طبيعية واسعة وتصميم معماري كلاسيكي من الحجر الطبيعي، يمنح المكان طابعًا دراميًا استثنائيًا. ولا تنسي أن تتابعي معنا هل هذه نهال من المسلسل التركي 'العشق الممنوع'؟ يضم القصر ما لا يقل عن 23 غرفة، مما يجعله واحدًا من أضخم العقارات المرتبطة بالإنتاجات الدرامية التركية. ووفقًا لما ذكرته الصحف التركية، فقد طُرح القصر للبيع بسعر مذهل يصل إلى 135 مليون ليرة تركية، وهو ما يعادل نحو 4.2 مليون دولار أمريكي، ما يعكس القيمة الفنية والتاريخية والاستثنائية للقصر إلى جانب فخامته المعمارية. ووصفت وسائل الإعلام المحلية هذا السعر بأنه 'ليس لأصحاب القلوب الضعيفة'، في إشارة إلى ضخامة قيمة القصر. 🏰💰Aşk-ı Memnu'da Arsen Hanım'ın Çatalca'daki çiftlik evi 135 milyon TL'ye satılıyor! — TGRT HABER (@tgrthabertv) May 22, 2025 القصر لم يُعرف فقط بفخامته العمرانية، بل تحوّل إلى رمز بصري مؤثر لخاص بالدراما التركية، حيث أصبح القصر وجهة سياحية محببة لعشاق المسلسل، إلى جانب اهتمام متزايد من قبل مستثمرين يسعون لامتلاك جزء من ذاكرة التلفزيون التركي، سواء لتحويله إلى مزار أو لإعادة توظيفه كموقع إنتاج درامي جديد. ومن هنا، كنا قد أخبرناكِ عن مقارنة بين المسلسلات التركية والعربية المنسوخة، من برأيك سيفوز؟


الوئام
منذ 2 ساعات
- الوئام
أبل تقدم خصومات إضافية على استبدال هواتف أيفون الجديدة بالصين
أعلنت شركة أبل مؤخراً عن تقديم خصومات إضافية على استبدال هواتف آيفون الجديدة في السوق الصينية، على أن تستمر هذه العروض حتى 18 يونيو الجاري، في خطوة تهدف إلى دعم مبيعاتها وسط تحديات اقتصادية وضغوط الرسوم الجمركية الأمريكية على واردات أجهزتها. وتأتي هذه المبادرة في وقت تدرس فيه أبل زيادة أسعار هواتف آيفون المقبلة، وسط محاولات لتعويض التكاليف الإضافية التي تفرضها الرسوم الجمركية، والتي قد تصل إلى 900 مليون دولار خلال الربع المالي الممتد من أبريل إلى يونيو. وأوضحت الشركة أنها تعمل على نقل غالبية إنتاج هواتفها إلى الهند لتقليل الاعتماد على الصين. ويُتوقع أن تترافق زيادة الأسعار مع تحسينات ملحوظة في التصميم، مثل تقديم هواتف ذات شكل فائق النحافة، بالإضافة إلى ربط الأسعار الجديدة بميزات مبتكرة لتعزيز القيمة المقدمة للمستهلكين. وأشار محللون إلى أن رفع الأسعار قد يؤثر على حصة أبل في السوق، خاصة في مواجهة المنافسة القوية من شركات مثل سامسونغ التي تعزز أجهزتها بميزات الذكاء الاصطناعي. في نفس السياق، تستعد أبل لإطلاق منصة جديدة تسمح للمطورين الخارجيين باستخدام نماذج الذكاء الاصطناعي الخاصة بها لبناء تطبيقات وميزات متقدمة، خلال مؤتمر المطورين العالمي المقرر في 9 يونيو. وتعد هذه الخطوة محاولة لتعزيز قدرات الذكاء الاصطناعي في أجهزة أبل، والتي سبق وأطلقتها تحت اسم «أبل إنتليجنس» العام الماضي، وتتضمن ميزات مثل إعادة صياغة الرسائل وتلخيص الإشعارات وتحرير الصور. من خلال إتاحة نماذج الذكاء الاصطناعي هذه للمطورين، تأمل أبل في تعزيز تنافسيتها مع الشركات التي تتقدم في مجال الذكاء الاصطناعي، مثل غوغل وسامسونغ، وكذلك توسيع قاعدة مستخدميها بفضل التقنيات الذكية التي أصبحت مطلباً رئيسياً في سوق الهواتف الذكية.


Independent عربية
منذ 3 ساعات
- Independent عربية
الذكاء الاصطناعي يعيد رسم عقولنا وحياتنا... فما الذي يستحق تعلمه؟
أكبر كذبة سمعتها من مدرس طوال سنوات دراستي هي ضرورة أن أتقن خطوات القسمة المطولة، في الواقع نشأ جيل كامل من التلاميذ على هذا الاعتقاد الخاطئ، انطلاقاً من فكرة مغلوطة مفادها بأننا حينما نكبر لن نجد في متناولنا آلات حاسبة. آنذاك، كان ضرباً من خيال أن نتصور أننا جميعاً سنحمل في جيوبنا يوماً ما جهازاً ليس آلة حاسبة إلكترونية فحسب، بل يكتنز في قلبه كل المعرفة التي بلغها الإنسان. هكذا، عند ظهور الهواتف الذكية المحمولة وضعت معظم الرياضيات التي تعلمتها أيام الدراسة في تسعينيات القرن الـ20 وأوائل الألفية الثانية في زاوية منسية من ذاكرتي، التي لم أعد أفتش فيها أيضاً عن تواريخ الأحداث الكبرى ولا الظواهر الجغرافية والمعادلات العلمية، من دون أن يطرح ذلك أدنى ثأثير في مجريات حياتي اليومية. ولكننا اليوم أمام تكنولوجيا جديدة لا تكتفي بتحديد ما ينبغي لنا اكتسابه من معارف ومهارات، بل تتجاوز هذه الحدود إلى إعادة تشكيل الطريقة التي نتعلم بها في حد ذاتها. الجيل الأحدث من تطبيقات الذكاء الاصطناعي، من قبيل "تشات جي بي تي" ChatGPT و"جيميناي"Gemini وروبوت الدردشة الصيني "ديب سيك" DeepSeek، يزيح عن كاهلنا عبء إتمام الواجبات المنزلية التقليدية، إذ يسعه أن يكتب مواضيع جديدة تماماً، أو أن ينجز أوراق العمل في غضون ثوان معدودة. في إعلان حديث لتطبيق الكتابة والتحرير الذكي "غرامرلي" Grammarly، ظهر تلميذ يتخبط في أداء واجباته المدرسية، ولكن ما إن يكتشف الأداة الجديدة المدعومة بالذكاء الاصطناعي، حتى يعلق بدهشة: "يا إلهي، إنها تشبهني، ولكنها أفضل". وفيما يسارع المعلمون إلى دمج أدوات الذكاء الاصطناعي في فصولهم الدراسية، ووضع صياغة جديدة للمناهج الدراسية بما يتلاءم مع هذا التحول الجذري، يرتفع صوت بعض الفلاسفة وعلماء المستقبليات مطالبين بإعادة كتابة المناهج الدراسية من أساسها. وفق عدد متزايد من مؤيدي المقترح القائل بإعادة تعريف التعليم في عصر الذكاء الاصطناعي، من الأجدر أن يتحول التركيز إلى تعزيز التفكير النقدي والمنطق والاستدلال. فمن دون هذه المهارات، يلوح في الأفق خطر الاعتماد المفرط على الذكاء الاصطناعي. إذا كانت أدوات مثل "تشات جي بي تي" تتولى جميع المهمات التي تتطلب الاستدلال والتفكير، وتحتفظ بالحقائق التي كنا نضطر إلى حفظها عن ظهر قلب في الماضي، فإننا نواجه خطر إصابة أدمغتنا بالضمور نتيجة قلة الاستخدام. في وقت سابق من العام الحالي، وجد باحثون في "مايكروسوفت" و"جامعة كارنيغي ميلون" في الولايات المتحدة أن الاعتماد المكثف على تقنيات "الذكاء الاصطناعي التوليدي" generative AI الذي يتميز بقدرته على إنشاء محتوى بناء على البيانات التي تدرب عليها مثل "تشات جي بي تي" يتسبب في فقدان العمال مهارات أساسية من قبيل الإبداع، والحكم السليم، وحل المشكلات. وذكر الباحثون في دراسة عرضت تفاصيل نتائجهم: "استخدام هذه الأشكال من التكنولوجيا بشكل غير سليم، يقود، بل إنه يقود فعلاً، إلى تدهور القدرات المعرفية والإدراكية [من تفكير وتحليل واستدلال...] التي ينبغي الحفاظ عليها من أي اندثار". وجدت دراسة نهضت بها "مايكروسوفت" و"جامعة كارنيغي ميلون" أن استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي سيقود إلى "تدهور القدرات المعرفية" (حنا بركات صندوق كامبريدج للتنوع / صور أفضل بالذكاء الاصطناعي ) في الحقيقة، تتلخص إحدى أبرز مفارقات الأتمتة الذكية في أن إيكال المهمات الروتينية إلى الآلات، وترك معالجة الحالات الاستثنائية أو غير المعتادة للمستخدم البشري، يحرم الأخير من فرص يومية تسهم عادة في تنمية مهارات التقدير السليم لديه، وتعزيز اتخاذ القرارات الصائبة، إضافة إلى تطور قدراته الإدراكية. حتى أن أثر الذكاء الاصطناعي بات ينعكس في طريقة استخدام الناس له على وسائل التواصل الاجتماعي. مثلاً، اجتاح هذه المنصات أخيراً "ترند" يظهر المستخدمون فيه وقد وقفوا أمام مرآة وأمسكوا غرضاً ما [جهاز تحكم بالتلفزيون مثلاً] بعدما وضعوا قبالتها ورقة أو قطعة قماش تحول دون انعكاس صورة الغرض في المرآة، ثم يصورون المشهد من زواية محددة مرفقين الفيديو بتعليق ساخر يقول: "كيف للمرآة أن تكشف عن الغرض المخفي؟" [المغزى من هذا هو تسليط الضوء على كيفية تفاعل الناس مع التكنولوجيا والفيزياء في حياتهم اليومية، وكيف يمكن أن تؤدي المفاهيم الخاطئة أو عدم الفهم الكامل إلى تفسيرات خاطئة أو مدهشة للظواهر البسيطة]. وفي عشرات التعليقات على مقطع فيديو نشر أخيراً على منصة "إكس" (تويتر سابقاً)، أشار المستخدمون إلى "غروك" Grok، علماً أن الأخير روبوت محادثة مدعوم بالذكاء الاصطناعي أنشأته شركة "إكس أي آي" (xAI) التابعة لإيلون ماسك، وسألوه كيف أمكن للمرآة أن تكشف عن الغرض المخفي. قدم الروبوت الإجابات المطلوبة، من دون أن يضطر المستخدمون إلى شحذ أدمغتهم أو استدعاء أي معارف أساسية. وفي المستقبل الأبعد، ربما تحملنا أنظمة الذكاء الاصطناعي المتقدمة على أن نتعلم من جديد كيف نعيش في عالم تنتفي فيه معظم المهمات الموكلة إلى البشر بعد أن تتولاها الآلات المؤتمتة. البروفيسور السويدي في "جامعة أكسفورد"، نيك بوستروم، المعروف بتحذيره العالم من الذكاء الاصطناعي المنفلت العقال في كتابه الصادر عام 2014 بعنوان "الذكاء الخارق" Superintelligence، تناول هذه القضية من زاوية جديدة في أحدث مؤلفاته بعنوان "اليوتوبيا العميقة: الحياة والمعنى في عالم اكتملت فيه الحلول" Deep Utopia: Life and Meaning in a Solved World. وفيه، تخيل مستقبلاً قريباً تنجز فيه أنظمة الذكاء الاصطناعي والروبوتات مختلف المهمات بكفاءة تضاهي أداء البشر. وكتب بوستروم: "بدلاً من تأهيل الأطفال كي يغدوا في المستقبل عمالاً منتجين اقتصادياً، علينا تنشئتهم على أن ينعموا بعيش ملؤه والرضا والتطور الذاتي. أشخاصاً يمتلكون مهارات عالية في فن الاستمتاع بالحياة". اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) وأضاف: "ربما يشمل ذلك إتقان فن الحوار، وتنمية الذائقة تجاه الأدب والفن والموسيقى والدراما والسينما، والتأمل في جمال الطبيعة وعفوية البرية، وتعزيز روح المنافسة الرياضية. ومن المجدي أيضاً أن نتعلم تقنيات التأمل واليقظة الذهنية، وأن نفسح المجال أمام ممارسة الهوايات والإبداع وروح اللعب والمقالب الذكية والألعاب، لا بوصفها مجرد تسلية بل كمجال للإبداع والتجريب والمشاركة. كذلك علينا ألا نغفل عن تنمية متعة التذوق وتهذيبها، وترسيخ الحس الجمالي الرفيع، وأخيراً أن نقدر رابطة الصداقة ونحتفي بها". في حديثه لـ"اندبندنت" العام الماضي، وصف البروفيسور بوستروم هذه الاحتمالات بأنها "احتمالات مستقبلية جذرية"، وذلك عندما نصل إلى مرحلة تكتمل فيها الحلول لكل مشكلات اليوم، وتحال فيها مسؤولية التقدم المستقبلي إلى أجسام وأدمغة اصطناعية. "عندها، ربما يبتعد المجتمع عن التركيز على الكفاءة والفائدة والربح، ويتجه نحو "التقدير والامتنان والنشاط الذاتي واللعب"، يقول البروفيسور بوستروم. هكذا، سينصب تركيزنا على تعلم مهارات بدنية، أو حتى ألعاب استكشفها الذكاء الاصطناعي منذ زمن بعيد. فقد أتقنت هذه الأنظمة الشطرنج منذ 30 عاماً، ومع ذلك ما زلنا نرغب في ممارسة هذه اللعبة. تتفوق أجهزة الكمبيوتر على أبطال البشر في الشطرنج منذ أن ألحق حاسوب "ديب بلو" من تصميم شركة "آي بي أم" الهزيمة بمنافسه البطل الروسي غاري كاسباروف، واقتنص النصر قبل نحو 30 عاماً، ولكن حتى الآن ما زال الناس يستمتعون بلعب الشطرنج ومشاهدته. وعلى نحو مماثل، إذا صار الذكاء الاصطناعي متفوقاً في المعرفة، فسنظل نستمتع باكتسابها. مفاد ذلك بأنه حتى في هذا السيناريو المستقبلي، يظل للتعلم مكانته الخاصة ومقامه الأصيل. كتب البروفيسور بوستروم في كتابه "اليوتوبيا العميقة": "أعتقد أن الشغف بالتعلم يضفي عمقاً ومعنى كبيرين على حياة تغلب عليها ثقافة الترفيه. إنه انفتاح العقل على ميادين العلوم والتاريخ والفلسفة، من أجل الكشف عن السياق الأوسع للأنماط والمعاني التي تتجسد في نسيج حياتنا". يعيد هذا الكلام صدى مشاعر مماثلة عبرت عنها السيدة الأولى السابقة للولايات المتحدة والناشطة إليانور روزفلت قبل نحو قرن من الزمن، التي شددت على القيمة الجوهرية للتعلم، مؤكدة أنه ليس مجرد وسيلة لبلوغ غاية، بل غاية في حد ذاته. وقالت مشيرة إلى أنه لا شيء يفوقه أهمية: "التعلم هو الأساس، التعلم والعيش".