
وسط تباين بشأن التوسع.. دول "بريكس" تتفق على إعلان مشترك قبل قمة البرازيل
تأتي قمة هذا العام في ظل أوضاع استثنائية، مع التوترات التجارية الناتجة عن الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترمب على معظم دول العالم واقتراب انتهاء مهلة تعليقها، والنزاعات الجيوسياسية، مثل دخول حرب روسيا في أوكرانيا عامها الرابع.
وعلى الصعيد الداخلي، تنقسم آراء الدول الأعضاء بشأن ما إذا كان توسيع المجموعة سيعزز من نفوذ "بريكس" أو يضعفه في الفترة الحالية. كما توجد خلافات سياسية بين بعض الدول الأعضاء، مثل النزاع الحدودي بين الصين والهند، والخلاف بين مصر وإثيوبيا حول "سد النهضة"، أو بين الأعضاء ودول غربية، مثل الدعم الغربي لأوكرانيا في مواجهة روسيا.
كذلك هناك تفاوت اقتصادي كبير بين دول "بريكس"، ما يجعل فكرة التكامل الاقتصادي أكثر صعوبة. وتشير مجلة "ذا ديبلومات"، إلى أنه بينما تستفيد بعض الدول من العلاقات الاقتصادية القوية، تواجه أخرى حواجز كبيرة أمام دخول الأسواق.
كما تتباين مواقف الأعضاء تجاه الدول الغربية، فبعضها تربطه علاقات قوية بالولايات المتحدة، مثل الهند والبرازيل، بينما أشار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين العام الماضي إلى أن قمة "بريكس" تؤكد أنه جارٍ تشكيل عالم متعدد الأقطاب، في تحدٍ للنظام العالمي الحالي الذي تهيمن عليه الولايات المتحدة.
وتعتمد "بريكس" على إصدار القرارات بتوافق الآراء، في ظل عدم وجود هيكل مؤسسي، مثل أمانة عامة للمجموعة، ما يحد من قدرتها على اتخاذ قرارات موحدة وسريعة.
إعلان مشترك
وأفاد 3 أشخاص مطلعين على المحادثات، السبت، بأن دبلوماسيين من مجموعة دول "بريكس" اتفقوا على إعلان مشترك لقادتهم في قمة في ريو دي جانيرو هذا الأسبوع.
ويؤكد البيان المشترك، الذي لم يفلح وزراء خارجية دول المجموعة في التوصل إليه في أبريل الماضي، التزام "بريكس "بالتوافق على الرغم من توسعها السريع.
وتوسعت مجموعة الاقتصادات الناشئة الكبرى العام الماضي، لتضم دولاً بخلاف البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا، وهي مصر وإثيوبيا وإندونيسيا وإيران والسعودية والإمارات.
ويضيف ذلك ثقلاً دبلوماسياً إلى مجموعة دول "بريكس" التي تطمح إلى التحدث باسم الدول النامية في النصف الجنوبي من الكرة الأرضية، ولكنه يزيد أيضاً من تعقيدات التوصل إلى بنود مشتركة بشأن القضايا الجيوسياسية محل الخلاف.
تحديات تواجه القمة
وقال مصدران طلبا عدم الكشف عن هويتيهما إن المفاوضين الذين أعدّوا لقمة القادة خلال الأسبوع الماضي، واجهوا صعوبات في التوصل إلى صياغة موحدة بشأن الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، والصراع بين إسرائيل وإيران وممثل إفريقيا في إصلاح مقترح لمجلس الأمن الدولي.
وللتغلب على الخلافات بين الدول الإفريقية حول من ينبغي أن يمثل القارة في مجلس الأمن، قال مصدر مطلع على المفاوضات إن المجموعة اتفقت على دعم حصول البرازيل والهند على مقعد لكل منهما، مع إبقاء مسألة تحديد ممثل إفريقيا مفتوحة.
وأوضح المصدر أن المجموعة اتفقت على تشديد لهجتها بشأن الصراعات في الشرق الأوسط، واعتماد لغة أقوى من تلك المستخدمة في بيان صدر في أبريل الماضي، عبرت فيه عن "قلقها البالغ".
وبالنسبة لملف التجارة، قالت المصادر إن "بريكس" ستواصل انتقاداتها غير المباشرة للسياسات الجمركية الأميركية تحت إدارة الرئيس دونالد ترمب، وذلك استمراراً لما جاء في اجتماع وزراء المجموعة في أبريل الماضي حين حذرت من "إجراءات الحماية الأحادية غير المبررة، بما في ذلك الزيادات غير المدروسة في الرسوم الجمركية المتبادلة".
ضغوط ترمب على "بريكس"
وبعد أسابيع من فوزه بالانتخابات الأميركية وتوليه الولاية الثانية في يناير 2025، حذّر ترمب دول المجموعة، وكتب في منشور على منصة "تروث سوشيال" (Truth Social): "نطلب التزاماً من هذه الدول بأنها لن تدشن عملة جديدة لمجموعة (بريكس)، ولن تدعم أي عملة أخرى لتحل محل الدولار الأميركي القوي، وإلا ستواجه رسوماً جمركية بنسبة 100%، ويجب أن تتوقع أن تودِّع البيع في الولايات المتحدة الرائعة"، وقد يُطرح هذا الموضوع على طاولة المجموعة خلال القمة.
وناقش ترمب ومستشاروه الاقتصاديون، سبل معاقبة الخصوم والدول الأخرى التي تسعى إلى الانخراط في التجارة الثنائية بعملات أخرى غير الدولار، وتشمل هذه التدابير النظر في خيارات مثل قيود التصدير ورسوم التلاعب بالعملة والرسوم على التجارة، وفق أشخاص مطلعين على الأمر.
ورداً على تهديدات ترمب، نفت حكومة جنوب إفريقيا في أوائل ديسمبر الماضي أي خطط لإصدار ما يُطلق عليها "عملة بريكس الموحدة"، وأفاد بيان صادر آنذاك عن وزارة العلاقات والتعاون الدوليين بأنه: "شاعت تقارير غير دقيقة في الآونة الأخيرة أن مجموعة (بريكس) تخطط لإصدار عملة جديدة، وهذا عارٍ من الصحة".
أبرز الملفات التي تناقشها قمة "بريكس 2025"
خلال رئاستها المتناوبة لمجموعة "بريكس" هذا العام، تعطي البرازيل الأولوية لموضوعين: التعاون بين دول الجنوب العالمي، والشراكات بين دول المجموعة للتنمية الاجتماعية والاقتصادية والبيئية. وتقترح البرازيل تركيز الاهتمام السياسي في إطار هذين الموضوعين على 6 مجالات رئيسية: التعاون الصحي العالمي: تشجيع مشروعات التعاون الحقيقية بين دول "بريكس" لدعم التنمية المستدامة والشاملة في عدة قطاعات، لا سيما الصحة، وضمان إمكانية الحصول على الأدوية واللقاحات، وإطلاق شراكة دول "بريكس" للقضاء على الأمراض المرتبطة بالعوامل الاجتماعية والأمراض المدارية المهملة.
التجارة والاستثمار والتمويل: دراسة حوكمة وإصلاح الأسواق المالية، والعملات المحلية، وأدوات الدفع ومنصاته باعتبارها وسائل لزيادة وتنويع تدفقات التجارة والتمويل والاستثمار، وتنفيذ الشراكة للثورة الصناعية الجديدة، وتبني استراتيجية 2030 للشراكة الاقتصادية بين دول "بريكس".
تغير المناخ: تبني أجندة "بريكس" لريادة العمل المناخي، بما يشمل إعلان إطار عمل القادة بشأن التمويل المناخي الذي يهدف إلى إدارة التغيير الهيكلي في القطاع المالي.
حوكمة الذكاء الاصطناعي: دعم الحوكمة الدولية الشاملة والمسؤولة للذكاء الاصطناعي لتسخير إمكانات هذه التكنولوجيا في التنمية الاجتماعية والاقتصادية والبيئية.
هيكل متعدد الأطراف للسلام والأمن: دعم إصلاح عالمي لهيكل نظام السلام والأمن متعدد الأطراف لضمان اتخاذ إجراءات فعالة في التعامل مع الصراعات، ومنع الكوارث الإنسانية، وتجنب اندلاع أزمات جديدة، فضلاً عن إعادة بناء الثقة والتفاهم المتبادلين، واستئناف الجهود الدبلوماسية، ودعم الحلول السلمية للصراعات والخلافات.
التطوير المؤسسي: تحسين هيكل "بريكس" وتعزيز تماسكها.
كما سيجري بالطبع مناقشة توسع المجموعة، إذ أشار بوتين خلال القمة الماضية التي أُقيمت في مدينة قازان في روسيا إلى أن أكثر من 30 دولة، من بينها الجزائر وتركيا، أبدت اهتمامها بالانضمام إلى "بريكس"، رغم انقسام آراء الأعضاء الحاليين حول جدوى التوسع الكبير في الفترة الحالية.
أبرز الغائبين والحاضرين
لأول مرة ستشارك 20 دولة عضوة وشريكة في "قمة بريكس"؛ البرازيل وروسيا والهند والصين، الدول الأربع المُؤسسة قبل انضمام جنوب إفريقيا في 2010، ومصر والإمارات وإثيوبيا وإيران التي انضمت في يناير 2024، وإندونيسيا بعد انضمامها رسمياً إلى المجموعة في يناير الماضي. إلى جانب 10 دول شريكة: بيلاروس، وبوليفيا، وكوبا، وكازاخستان، وماليزيا، ونيجيريا، وتايلندا، وأوغندا، وأوزبكستان، وفيتنام، التي أُعلن انضمامها كدولة شريكة الشهر الماضي.
يتغيب عن هذه القمة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بعد أن أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرة توقيف بحقه في مارس 2023 بتهم ارتكاب "جريمة حرب"، على خلفية "ترحيل أطفال أوكرانيين بشكل غير قانوني" من أراضي أوكرانيا إلى روسيا. مع ذلك، سيشارك بوتين في القمة عبر اتصال بالفيديو، ويمثله في الحضور وزير الخارجية سيرجي لافروف، بحسب وكالة "تاس".
وللمرة الأولى، سيتغيب الرئيس الصيني شي جين بينج عن قمة قادة "بريكس". ونقلت صحيفة "ساوث تشاينا مورنينج ستار" التي تصدر في هونج كونج، أول من أورد الخبر، عن أشخاص مطلعين على الأمر، أن بكين عزت تغيب شي إلى تضارب في جدول المواعيد، وأضافوا أن الاجتماعات المتكررة بين شي والرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا خلال العام الماضي، كانت ضمن العوامل المؤثرة أيضاً. وسيمثل رئيس الوزراء لي تشيانج الرئيس الصيني في القمة. ثم يقوم بزيارة رسمية إلى مصر تلبيةً لدعوة نظيره المصري مصطفى مدبولي، بحسب وكالة "شينخوا".
بخلاف لافروف ولي تشيانج، يُتوقع أن يحضر القمة كل من: رئيس البرازيل لولا دا سيلفا، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ورئيس دولة الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ورئيس وزراء الهند ناريندرا مودي، ورئيس جنوب إفريقيا سيريل رامفوزا، والرئيس الإيراني مسعود بيزشكيان، ورئيس وزراء إثيوبيا آبي أحمد، ورئيس إندونيسيا برابوو سوبيانتو، فضلاً عن قادة وزعماء الدول الشريكة في المجموعة، ومن تُوجّه إليهم الدعوة لحضور القمة.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الشرق الأوسط
منذ 27 دقائق
- الشرق الأوسط
بيسنت يلمح لمرونة في مهلة التعريفات مع الصين
أوضح وزير الخزانة الأميركي، سكوت بيسنت، أن المحادثات بين الولايات المتحدة والصين تمضي في «مسار جيد جداً»، مؤكّداً أن الموعد النهائي لهدنة التعريفات، المقرّر انتهاؤها في مطلع أغسطس (آب) المقبل، «قابل للتأجيل إذا استمرت المفاوضات الجادة»، داعياً الأسواق إلى عدم القلق. وفي الوقت نفسه، أعلنت الصين تعديلات جديدة على ضوابط التصدير تشمل تقنيات تصنيع البطاريات ومعالجة الليثيوم والغاليوم، بالتزامن مع دعوة الرئيس شي جينبينغ «منظمة شنغهاي للتعاون» إلى تعزيز الأمن والاستجابة للتهديدات، في جزء من تعاون أوسع مع «مبادرة الحزام والطريق»، وفق وكالة «شينخوا» الصينية. التصريحات الأخيرة من بيسنت تُظهر مرونة أميركية جديدة تجاه الصين، بينما تُعزز الصين إجراءاتها التصديرية وتدفع بمؤسسات إقليمية مثل «منظمة شنغهاي» لتشكيل عمق استراتيجي متعدد الأبعاد. ومنذ أبريل (نيسان) الماضي، فرضت إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، تعريفة تصل إلى 145 في المائة على الواردات الصينية، تلتها هدنة مدتها 90 يوماً حتى أغسطس المقبل قُبيل الاجتماعات الرفيعة بين البلدين، التي هدفت لتخفيف الحدة. ومن جانب الصين، أعلنت بكين، الثلاثاء، عن تعديلات على دليل ضوابط التصدير، بما في ذلك فرض قيود على بعض التقنيات المستخدمة في تصنيع مكونات البطاريات ومعالجة معادن الليثيوم والغاليوم الأساسية. وتتوافق هذه التعديلات مع وثيقة أصدرتها وزارة التجارة الصينية سابقاً في يناير (كانون الثاني) الماضي. وفي سياق منفصل، دعا الرئيس الصيني، شي جينبينغ، «منظمة شنغهاي للتعاون» إلى تحسين آليات الاستجابة للتهديدات والتحديات الأمنية، وذلك خلال اجتماعه مع وزراء الخارجية ورؤساء الوفود في الصين لحضور اجتماع المنظمة يوم الثلاثاء. ووفقاً لـ«وكالة أنباء الصين الرسمية (شينخوا)»، فقد قال شي إنه ينبغي على «منظمة شنغهاي للتعاون» مواءمة استراتيجياتها التنموية مع الدول الأعضاء، ومع مبادرات التعاون مثل «مبادرة الحزام والطريق». ومن بين من التقى بهم، وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، الذي أكد له ضرورة دعم البلدين أحدهما الآخر، وتحقيق تقدم جيد في تعزيز «منظمة شنغهاي للتعاون» بوصفها منصة استراتيجية، وفقاً لوكالة أنباء «شينخوا».


الشرق الأوسط
منذ 28 دقائق
- الشرق الأوسط
«أوبك» تتوقع نمواً أفضل للاقتصاد العالمي في النصف الثاني من العام
أعلنت منظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبك) أنها تتوقع نمواً أفضل للاقتصاد العالمي في النصف الثاني من العام الحالي، على الرغم من تحديات التجارة. وأبقت «أوبك» في تقريرها الشهري، الثلاثاء، على توقعاتها لنمو الطلب العالمي على النفط في عامي 2025 و2026 دون تغيير، وذلك بعد خفضها في أبريل (نيسان) الماضي، وعزت ذلك إلى توقعات اقتصادية قوية. وقالت: «استهلاك المصافي عالمياً، خصوصاً في أميركا، من المتوقع أن يظل مرتفعاً لتلبية الارتفاع الموسمي في الطلب على الوقود لوسائل النقل». لمواكبة الارتفاع في حركة السفر خلال الصيف؛ ما يسهم في دعم توقعات الطلب. وأوضحت أن متوسط إنتاج «أوبك بلس» من النفط الخام بلغ 41.56 مليون برميل يومياً في يونيو (حزيران) بزيادة 349 ألف برميل يومياً على مايو (أيار). وهذا أقل بقليل من الزيادة البالغة 411 ألف برميل يوميا التي أعلنتها المجموعة لشهر يونيو (حزيران). وقالت أوبك في التقرير "أداء الهند والصين والبرازيل يفوق التوقعات حتى الآن، بينما تشهد الولايات المتحدة ومنطقة اليورو انتعاشا متواصلاً منذ العام الماضي ... بناء على ذلك، فإن النمو الاقتصادي في النصف الثاني من 2025 قد يصبح أفضل من المتوقع حالياً". وترفع مجموعة أوبك بلس، التي تضم 12 دولة في أوبك، بالإضافة إلى دول أخرى منها روسيا، بهدف تلبية زيادة الطلب العالمي على النفط.


أرقام
منذ 38 دقائق
- أرقام
سهم إنفيديا يُلامس مستوىٍ قياسياً جديداً بعد تخفيف قيود تصدير الرقائق للصين
وأعلنت "إنفيديا" في منشور عبر مدونتها مساء الإثنين، أنها تتأهب لاستئناف تصدير رقائق "إتش 20" إلى الصين قريباً، بعدما أكدت الحكومة الأمريكية للشركة على أنها ستمنحها التراخيص اللازمة. صُممت رقائق "إتش 20" خصيصاً للتصدير إلى الصين بما يتماشى مع الضوابط الأمريكية، لكن إدارة الرئيس "دونالد ترامب" حظرت بيعها إلى بكين في أبريل الماضي على خلفية التوترات التجارية بين البلدين.