
إعلام إسرائيلي: نحن عالقون بغزة وعملية عربات جدعون نتائجها عكسية
وانتقد محللون ومعلقون عبر قنوات التلفزة الإسرائيلية تدهور الموقف العسكري والسياسي، معتبرين أن إسرائيل باتت "عاجزة" عن تحقيق مكاسب ملموسة.
وهاجم وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير خلال مقابلة مع قناة "i24″، سياسة الحكومة قائلا إن حماس "تعيد بناء قدراتها أكثر فأكثر"، بينما تسمح بإدخال المساعدات، وهو ما وصفه بـ"الخطير".
وأكد أنه سيطالب بعقد نقاش عاجل مع رئيس الوزراء بمشاركة وزير المالية بتسلئيل سموتريتش ، مضيفا أنه سبق أن استقال من الحكومة بسبب مواقفه غير المتطابقة مع القيادة.
وأعرب عن أمله في أن ينجح، مع سموتريتش، في وقف هذه السياسات، معتبرا أن "اتحادهما" قد يحدث تغييرا، خلافا لما جرى في السابق.
مواقف بائسة
لكن باراك سري، المستشار السابق لوزير الدفاع، سخر من تصريحات بن غفير وسموتريتش خلال ظهوره على القناة 12، واعتبر أن مواقفهما "بائسة" وتعكس فقط جمهورهم الانتخابي، دون أن تحمل أي واقعية سياسية أو عسكرية.
أما المذيع عوفر حداد، فقد وصف ما يجري بأنه "فشل عميق ومحبط"، متسائلا كيف لدولة تحارب عدوا أن تكون مطالبة بتزويده بالطعام، واعتبر أن هذا الوضع يعكس جوهر الإخفاق منذ بداية الحرب.
في المقابل، أوضح باراك سري أن المشكلة تكمن في التناقض بين الخطابات المتشددة التي يطلقها بن غفير وسموتريتش بشأن منع إدخال المواد والمساعدات، وبين الواقع على الأرض حيث تُنفذ الحكومة سياسات مغايرة.
وقال إن النتيجة كانت أن إسرائيل "دفعت ثمنا مضاعفا"، وتعرضت لضربات شديدة، وأصبحت "منبوذة" دبلوماسيا.
وأشار إلى أن ما وصفه بـ" التسونامي الدبلوماسي" ضد إسرائيل جاء نتيجة محاولات إدخال المساعدات جوا وبرا دون التوصل إلى أي إنجاز فعلي، لا سيما في ملف استعادة الأسرى، وهو ما أضعف موقف الحكومة في الداخل والخارج.
بدوره، أقر ألموغ بوكير، مراسل الشؤون السياسية في القناة 12، بأن إسرائيل لم يعد أمامها أي خيار سوى اتخاذ هذه الخطوات، قائلا إنه "لو لم تفعل لفرضت عليها"، مشيرا إلى أن البديل كان سيكون "أسوأ بكثير".
أبواب الجحيم
وفي سياق متصل، علّق مذيع قناة 13 على التهديدات المتكررة التي يطلقها وزير الدفاع يسرائيل كاتس بفتح " أبواب الجحيم" على غزة، وقال بسخرية إن هذه المرة الخامسة التي يُكرر فيها الوزير ذات العبارة، متسائلا عن معناها الفعلي على الأرض.
أما المراسل العسكري أور هيلر، فرأى أن الوضع "عالق" تماما، معتبرا أن عملية "عربات جدعون" فشلت في الضغط على حماس، بل أدت إلى نتائج معاكسة، حيث باتت إسرائيل مجبرة على تقديم تنازلات إنسانية دون أي مقابل.
وأوضح هيلر أن العمليات العسكرية لم تحقق أيا من الأهداف المعلنة، بينما لم تحصل إسرائيل حتى الآن على أي إشارة إيجابية بشأن نجاح المفاوضات أو قرب استعادة المخطوفين.
وفي قناة "كان 11″، عرضت المذيعة نتائج التحقيق الأولي في حادثة خان يونس ، مشيرة إلى أن مقاومين نجحوا مجددا في التسلل إلى مسافة قريبة جدا من قوات الجيش، في تكرار لما وصفته بـ"الاختراقات المقلقة".
وأعرب المراسل العسكري إيتاي بلومنتال عن استغرابه من وصف تلك الحالات بـ"الاقتراب"، موضحا أن الهجمات تتم من مسافة صفر.
وأضاف أن ما تشهده غزة هو "حرب عصابات" حقيقية، حيث يبحث المسلحون عن ثغرات في تمركزات الجيش ويهاجمونه فجأة، مشيرا إلى أن إحدى تلك العمليات أسفرت عن مقتل جنديين مؤخرا.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 32 دقائق
- الجزيرة
عن غزة التي تباد جوعًا تحت مسمى بناء المدينة الإنسانية!
نظم مهرجان "خنت" البلجيكي فعالية استثنائية تحت عنوان "J accuse" (أنا أتهم)؛ لكسر الصمت الأوروبي حول ما وصفه المشاركون بالإبادة الجماعية المستمرة في قطاع غزة، في خطوة تهدف إلى مساءلة الحكومات الأوروبية عن تواطئها في الأزمة الإنسانية المتفاقمة. واستلهمت الفعالية عنوانها من رواية الكاتب الفرنسي إميل زولا الشهيرة عام 1898، التي دافع فيها عن العدالة، ودعا إلى كسر حاجز الصمت لتحقيق الإنصاف. هذا وكانت وزارة الصحة الفلسطينية في غزة قد أعلنت، يوم الاثنين 21 يوليو/ تموز، مقتل ما لا يقل عن ألف شخص، وإصابة 6500 آخرين، أثناء محاولتهم الحصول على مساعدات في غزة، وذلك منذ أواخر مايو/ أيار الماضي. ووفقًا للأمم المتحدة، فإن معظم الإصابات وقعت أثناء توجه الفلسطينيين إلى مواقع التوزيع التي تديرها مؤسسة غزة الإنسانية (GHF) المثيرة للجدل، والمدعومة من إسرائيل والولايات المتحدة، والتي بدأت عملها في 27 من الشهر نفسه. كشفت حرب التجويع التي تقودها إسرائيل على قطاع غزة عن حالة الانفصام التي يعيشها المجتمع الأوروبي بين حكوماته ورأيه العام؛ حيث باتت تترسخ "هوة" كبيرة في الممارسات. ففي حين لم تزل الحكومات تلعب دور الشاهد الصامت، وأحيانًا المساعد لإسرائيل في استكمال عدوانها على القطاع، تشهد شوارعها تحركات شعبية منددة، تمارس طرقًا إبداعية في التعبير عن حالة رفض الخنوع لإسرائيل، والتعامي عن تلك المجاعة التي تعتبر الأسوأ في عصرنا الحالي، آخذين بنصيحة الكاتب زولا. لا خلاف أن "التجويع المتعمد"، بات سياسة إسرائيلية، تهدف إلى فرض المزيد من الضغط على حركة حماس للذهاب نحو استسلام. هذا ما أفصح عنه رئيس الحكومة الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من خلال شرطه لوقف حربه.. تسليم حركة حماس السلاح، ومغادرة القطاع. يدرك نتنياهو أن هذا المطلب بعيد المنال، لا سيما وإن حماس هي حركة مقاومة منبثقة من إرادة شعب يسعى إلى التحرير، والتحرر من ممارسة العدو الذي لم يكتف باحتلال أرضه، بل ها هو اليوم يعمل على تجويعه حتى الموت. في الشكل، هو مطلب استسلام، ولكنه في المضمون يتخطى قطاع غزة، ليشمل المشروع الأكبر الهادف إلى تهجير قسري لسكان غزة، للاستيلاء عليها وتحويلها إلى "ريفييرا الشرق"، كما صرّح الرئيس الأميركي دونالد ترامب في أكثر من مرة. إسرائيل ماضية قدمًا نحو تحقيق هذه المدينة، حيث جدد الجيش الإسرائيلي، يوم الثلاثاء 15 يوليو/ تموز، إنذاره للفلسطينيين بالإخلاء الفوري في أحياء بمحافظتي غزة والشمال، وسط مواصلته حرب الإبادة الجماعية ومخططات التهجير لا يبدو أن الأحداث في غزة تسير عن طريق الصدفة، بقدر ما تحمل في الخبايا مشروعًا مرسومة خطواته، وما حذر منه رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق، إيهود أولمرت، يصبّ في هذه الخانة. ففي حديث لصحيفة "غارديان" البريطانية، الأحد 13 يوليو/ تموز الجاري، اعتبر أولمرت أن "المدينة الإنسانية" المخطط إنشاؤها داخل غزة، والتي تهدف إلى استيعاب مئات الألاف من الفلسطينيين، ستكون "معسكر اعتقال". إعلان وكان وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، قد قال في 12 يوليو/ تموز الجاري، إنه كلف الجيش بالمضي قدمًا في خطط بشأن تلك المنطقة، التي ستضم جميع سكان غزة، وبمجرد دخول الفلسطينيين إليها، لن يسمح لهم بمغادرتها.. عندها يبدأ العمل بتنفيذ خطة لهجرة الفلسطينيين من القطاع. إسرائيل ماضية قدمًا نحو تحقيق هذه المدينة، حيث جدد الجيش الإسرائيلي، يوم الثلاثاء 15 يوليو/ تموز، إنذاره للفلسطينيين بالإخلاء الفوري في أحياء بمحافظتي غزة والشمال، وسط مواصلته حرب الإبادة الجماعية ومخططات التهجير منذ أكثر من 21 شهرًا. وها هي تسعى لتسويقه دبلوماسيًّا؛ فالتموضع الذي عرضه الوفد الإسرائيلي في المفاوضات الأخيرة على الجانب المصري هو لهذه الغاية، على أن تبقى كل مدينة رفح جنوبي قطاع غزة تحت الاحتلال. وقد أشار إلى أن الخريطة تمهّد لتطبيق خطة التهجير، بجعل رفح منطقة تركيز للنازحين، لتهجيرهم إلى مصر أو عبر البحر. وبحسب بعض المصادر، فإن الخريطة تأخذ من قطاع غزة مسافة عميقة على طول حدود القطاع، تصل في بعض المناطق إلى 3 كيلومترات، وتضم أجزاء واسعة من مدينة بيت لاهيا، وقرية أم الصر، ومعظم بيت حانون، وكل خزاعة. أعلنت مصر رسميًّا رفضها القاطع للخطة الإسرائيلية، مشددة خلال بيان رسمي صادر عن وزارة الخارجية على رفض أي تغيير ديمغرافي في الأراضي الفلسطينية، وذكرت وزارة الخارجية المصرية أن اتصالًا، جرى بين الوزير بدر عبد العاطي والمبعوث الأميركي للشرق الأوسط ستيف ويتكوف، تناول "الجهود المكثفة المبذولة حاليًّا للتوصل إلى وقف إطلاق النار في قطاع غزة، والعمل على استدامته، وبما يدفع باتجاه إطلاق سراح مجموعة من المحتجزين الأسرى، مقابل وقف إطلاق النار، وإدخال المساعدات بدون عوائق وبشكل كاف، في ظل الأوضاع الكارثية في القطاع. الرفض المصري للمخطط الإسرائيلي مطلوب، لكنه لا ينقذ الفلسطيني الذي يموت جوعًا داخل بلده؛ حيث لا استسلام فلسطيني، فهذه قضيته، وهو يقاتل لأجل البقاء والوجود، ويسعى كي لا تتكرر تجربة النكبة التي حصلت عام 1948، عندما هجّرت عصابات صهيونية- على رأسها "الهاغانا"- السكان الأصليين إلى دول الجوار. هذا ما يعمل نتنياهو اليوم على تكريسه من أجل فرض أمر واقع في القطاع، وما المدينة الإنسانية التي يتحدث عنها سوى مكان لانتظار الرحيل والتهجير القسري. لن يتوقف نتنياهو عن السير في مخطط رسمته الإدارة الأميركية، وها هو ينفذه، إذ لا مجال للتراجع؛ فالمخطط يهدف إلى رسم الممرات التجارية وتغيير في وجه المنطقة. وإن الحالة الاستغرابية التي تحدث عنها البيت الأبيض، والتي ظهرت على وجه ترامب عندما أُخبر عن الضربات الإسرائيلية في سوريا في ظلّ حرب السويداء، دليل على أن نتنياهو خرج عما هو مخطط له، وعمل لتنفيذ أجندة ترتبط بمصالح بلاده لتمرير ممر داوود. لا سبيل أمام الفلسطيني سوى المقاومة، ولكن الداعم لهذه القضية لديه الكثير من الأعمال لإسناد غزة، وإسقاط المشروع الصهيوني للمنطقة، على رأس ذلك تفعيل الاحتجاجات الشعبية، ومقاطعة الشركات الداعمة للكيان، والتأثير دبلوماسيًّا لإظهار حقيقة الكيان المجرم، ووضع حدّ لجنون نتنياهو.


الجزيرة
منذ 43 دقائق
- الجزيرة
كيف يفكر "الوحش" الذي يستخدم التجويع لإخضاع الشعوب؟
يوم 11 يونيو/حزيران 2024 نشر حساب رسمي تابع لوزارة الخارجية الإسرائيلية مقطعا دعائيا على منصة إكس، زعم فيه "عدم وجود مدنيين أبرياء في غزة". وجاء هذا الادعاء ضمن منشور يتهم المدنيين الفلسطينيين بالمشاركة في هجمات السابع من أكتوبر/تشرين الأول، وإيواء أسرى احتجزتهم حركة حماس خلال الهجوم. وأورد المقطع كلمات لأسيرة إسرائيلية سابقة تدعى ميا شيم وهي تقول: "لا يوجد مدنيون أبرياء هناك"، وهو اقتباس تكرر بخط عريض في الوصف التعريفي للفيديو. سرعان ما حذف الحساب الإسرائيلي المقطع بعد أن نال تغطية ناقدة واسعة في الصحافة الغربية، ولكنه سلط الضوء على الطريقة التي تعمل بها الدعاية الإسرائيلية على تجريد الفلسطينيين من إنسانيتهم وحشد جنود الاحتلال نفسيا لممارسة أفعال الإبادة، بل ومحاولة تهيئة الرأي العام العالمي لقبولها باعتبار أن ضحاياها "ليسوا مدنيين" أو ربما "ليسوا بشرا على الإطلاق" مصداقا لوصف وزير الدفاع السابق يوآف غالانت الذي اعتبر الفلسطينيين "حيوانات بشرية". هناك عديد من الدراسات التي تؤصل لهذه الممارسة في مجال علم النفس بشكل عام، وعلم النفس الحربي على وجه الخصوص، إذ لا يكتفي الجلاد أحيانا بإنكار إنسانية ضحيته، بل يلقي عليها اللوم في مأساتها كي يبرر لنفسه العنف المفرط ويتحرر من أي صراع أخلاقي. يشكل هذا النهج حائط صد نفسيا، يسمح للقاتل بالتعايش مع أفعاله من دون شعور بالذنب، بل إنه يمنحه شعورا زائفا بالقوة والتفوق، لأنه لا ينظر إلى الضحية باعتبارها بشرا مكافئا ومساويا، بل مجرد كبش فداء لتحقيق طموحاته. وفي غزة، تتجسد أبشع صور هذه الإستراتيجية: أطفال يموتون جوعا، ونساء حوامل ومرضعات يعانين سوء التغذية، وشيوخ يسقطون في الطرقات المهدمة تحت وطأة الإعياء. وبعد نحو 660 يوما من القصف والتجويع، وجد سكان القطاع أنفسهم محاصرين بين "مصايد الموت"، المتمثلة في الجوع الذي يفتك بهم من الخلف، وآلة القتل الإسرائيلية التي تحصد أرواحهم من الأمام. حتى المساعدات الإنسانية تحولت إلى فخاخ موت، بعدما أُطلق الرصاص على الجموع الجائعة، فسقط أكثر من ألف شهيد و6 آلاف جريح، فقط لأنهم حاولوا الحصول على لقمة تسد رمقهم. غير أن هذه المأساة ليست مجرد كارثة إنسانية على هامش الحرب فحسب، بل تكشف عن سياسة ممنهجة ذات صلة بالأهداف العسكرية لجيش الاحتلال في قطاع غزة، حيث وظف الغذاء باعتباره أداة للإبادة الجماعية منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، وفق تقارير منظمة العفو الدولية، فخلق مزيجا مروعا من الجوع والمرض دفع سكان القطاع إلى الهاوية. التجويع هنا ليس أداة قتل جسدي فقط، بل وسيلة لتحطيم الإرادة. إنه سلاح نفسي مميت، يصنع صدمة جماعية تهدف إلى كسر مقاومة شعب بأكمله ودفعه نحو الاستسلام. فكيف تشرح دراسات علم النفس الحربي توظيف الجوع كسلاح؟ وكيف تفسر الأبعاد النفسية لمرتكبي الإبادة الجماعية؟ حين يتحول الخبز إلى معركة بقاء "سلطات الاحتلال الإسرائيلي تستخدم التجويع سلاحا يهدف إلى تركيع الشعب الفلسطيني". يوم 22 يوليو/تموز 2025، أصدرت وكالة الأنباء الفرنسية بيانا غير مسبوق، حذرت فيه من أن صحفييها في غزة يواجهون خطر الموت جوعا، في سابقة لم تعرفها الوكالة منذ تأسيسها عام 1944، فالجوع في غزة لا يستثني أحدا، فالأطباء، والمسعفون، والصحفيون، وعمال الإغاثة، الجميع يتساقطون تحت وطأته. أما المدنيون المحاصرون، فهم على حافة كارثة جماعية قد تفتك -حسب وزارة الصحة في غزة- بحياة 100 ألف طفل بينهم 40 ألف رضيع، جراء انعدام حليب الأطفال بعد منع الاحتلال دخول المساعدات الإنسانية بالكامل. منذ مارس/آذار الماضي، شددت إسرائيل حصارها إلى أقصى درجات القسوة، مانعة حتى الكميات الضئيلة من الغذاء التي كانت تبقي السكان على قيد الحياة. أعلنت وكالات الإغاثة نفاد مخزوناتها، والأسواق خلت من السلع، والأسعار الأساسية ارتفعت بنسبة 1400% أو أكثر. وفي توصيف لحجم الكارثة، كشف مؤشر التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي (IPC) التابع للأمم المتحدة عن أن محافظات شمال غزة دخلت إلى الدرجة الخامسة والأخطر في سلم المجاعة، في حين انزلقت المحافظات الجنوبية إلى المرحلة الرابعة. بينما وصل انهيار المنظومة الغذائية إلى حدّ يستلزم تدخلا إنسانيا عاجلا لإنقاذ ملايين الأرواح. بيد أن ما يجري اليوم ليس وليد الحرب الأخيرة فحسب، إذ إن سياسة التجويع الإسرائيلية ممتدة منذ فرض الحصار على القطاع عام 2007، حين قلص الاحتلال عدد الشاحنات الغذائية إلى غزة من 400 إلى 106 فقط. ووفقا لتقرير نشرته صحيفة غارديان عام 2012، فقد أجرت إسرائيل حسابات دقيقة لكمية السعرات الحرارية المسموح بها لمجمل سكان القطاع، لإبقائهم واقفين على حافة الانهيار، بل أعدت "قائمة طعام" تحدد ما يُسمح بدخوله وما يُحظر، في ممارسة وُصفت حينها بـ"حِمية غزة" (Gaza Diet)، وهي عقاب جماعي مقنن يختصر جوهر سياسات الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني. الجوع سلاحا على نطاق أوسع، يُستخدم التجويع والحصار في الحروب باعتبارهما أدوات قاسية لتمزيق قابلية الشعوب للمقاومة وإجبارها على الاستسلام. هذا ما أكده أستاذ القانون الدولي، توم دانينباوم، في مقالته المنشورة بمجلة شيكاغو للقانون الدولي، حيث وصف الحصار الخانق الذي تفرضه بعض القوى المتحاربة بـ"التعذيب الجماعي". عقد دانينباوم مقارنة بين التعذيب الجسدي والتجويع الجماعي، معتبرا أن كليهما يسلب إرادة الضحية ويدمر قدرتها على المقاومة. ففي حالة الحصار، لا تُستهدف الأجساد بالقنابل، بل يُفتك بها عبر أساليب أخرى تشبه ما يمارس في المعتقلات، حيث يصبح الألم أداة إخضاع. إن التجويع في عمقه هو دفع للجسد كي ينقلب على نفسه، مادة وروحا، مما يقوض إحدى ركائز إنسانيتنا، وهي القدرة على التمسك بالتزاماتنا الأخلاقية العليا، وكل ذلك يسببه الحرمان المتعمد من الطعام. وبناء على ذلك، يرى دانينباوم أن التجويع الجماعي هو النظير المجتمعي للتعذيب الفردي. فرغم أن الضحية لا يخضع في حالة الجوع للسيطرة المباشرة للجلاد كما في المعتقل، فإن الهدف يبقى واحدا، وهو محاولة إخضاع الضحية وكسر مقاومته، بشكل مباشر أو غير مباشر. الأخطر أن تلك الآثار المدمرة لا تستهدف الأفراد بشخوصهم، ولكنها تضرب نسيج المجتمع ذاته. في كتابيه "المجاعة القاتلة" و"جرائم المجاعة"، يقوم أليكس دو وال، المدير التنفيذي لمؤسسة السلام العالمي في كلية فليتشر للقانون والدبلوماسية بجامعة تافتس في الولايات المتحدة، والخبير في شؤون المجاعة والأزمات الإنسانية، بتسليط الضوء على كيفية استخدام الجوع كأداة للإكراه السياسي، وأنه ليس مجرد نتيجة لوجستية جانبية للحروب. يُستخدم الجوع لقمع المقاومة، وتفكيك هوية الجماعات مع مرور الوقت. إنه سلاح مزدوج: قاتل ولكنه محدود بما يكفي لتجنب مشهد ضحايا العنف المباشر، بينما يُقوّض التماسك الاجتماعي والقدرة على الحكم، وهو كذلك شكل من أشكال الإبادة الجماعية الطويلة الأمد من خلال التحكم في الغذاء، إذ يتم توفير ما يكفي من السعرات الحرارية لمنع الموت الجماعي، مع الحفاظ على الجوع الشديد الذي يدمر حياة الجماعة، من حيث كونها اجتماع الناس القادرين على التنظيم في إطار واحد. يهدف هذا النهج الوحشي، ببساطة، إلى تسليح البيولوجيا في مواجهة الإنسان، وفق تعبير دانينباوم. ويسعى لإعادة هندسة المجتمع على نطاق واسع من كونه كتلة مقاومة متمسكة بقيمها العليا والتزاماتها، إلى أفراد مبعثرين غارقين في صراعات فردية من أجل البقاء. بعبارة أخرى، يزعزع الجوع النظام الاجتماعي، ويختزل الفعل السياسي والاجتماعي إلى قضية واحدة: من يستطيع إطعام الناس؟ وفي غياب الطعام، تغيب أي قدرة على المقاومة أو ممارسة الفعل السياسي أو حتى التعبير عن المشتركات الأساسية للمجتمع. لا يرونهم بشرا في أحد مراكز توزيع المساعدات، جثا رجل فلسطيني من غزة على ركبتيه، يلتقط حبات المعكرونة المتناثرة من الأرض. لم يكن مسلحا ولا يشكل تهديدا على الإطلاق، لقد كان مجرد جائع يبحث عن لقمة. رغم ذلك، فإن موظف الأمن الأميركي رشّ في وجهه علبة كاملة من رذاذ الفلفل! هذه الصورة الصادمة وردت ضمن شهادة محارب أميركي سابق عمل في "مؤسسة غزة الإنسانية" سيئة السمعة المكلفة بتوزيع المساعدات في القطاع المنكوب. لم يحتمل رؤية الوحشية التي تُمارس تحت قناع المساعدات، فترك المؤسسة التي وصفها بـ"اللاإنسانية". في شهادته، تحدث عن مقتل سيدة فلسطينية بقنبلة صوت أطلقها موظفو الأمن، وعن إطلاق نار عشوائي على مدنيين جوعى لإبعادهم عن مركز توزيع المساعدات. يقول: "خدمت جنديا لأكثر من 25 عاما، وشاركت في 4 حروب، لكن لم أطالَب يوما بأن أطلق النار على مدنيين عزّل كما حدث في غزة". تحت اسم مخادع، أُسست مراكز "مؤسسة غزة الإنسانية" في فبراير/شباط 2025، تحمل شعارات براقة مثل "تخفيف حدة الجوع"، بينما وظيفتها الفعلية عسكرة المساعدات وتحويلها إلى أداة للسيطرة، مع منع المنظمات الإنسانية من أداء واجبها. ودانت منظمة العفو الدولية -في تقريرها الصادر في الثالث من يوليو/تموز الجاري- هذه الخطة المميتة التي صاغتها إسرائيل بعناية ودعمتها أميركا، لتستخدم المساعدات سلاحا آخر في حرب التجويع. حسب "هيومن رايتس ووتش"، فإن تدمير البنى التحتية، واستهداف المستشفيات، ومنع وصول الغذاء والماء تعبّر عن سياسات مقصودة روج لها وزراء إسرائيليون بارزون مثل يوآف غالانت (وزير الدفاع السابق) وإيتمار بن غفير، مما يجعلها جريمة حرب مكتملة الأركان وفق ما يقتضيه القرار الأممي 2417 الصادر في 2018، الذي يجرّم استخدام التجويع سلاحا. إعلان مع إطلاق "مؤسسة غزة الإنسانية"، أصبحت هي المتحكم الوحيد في مسار الجوع والموت، وصار الطريق إلى كيس الطحين مفروشا بالدماء. تحت غطاء "المعونة"، نصبت كمائن الموت للفلسطينيين. هذا الاستخدام الوحشي للسلطة يدفع إلى سؤال مرير: كيف يغمض جفن منفذي الإبادة مطمئنين وقد حاصروا مليوني إنسان حتى تلوت بطونهم وسقط أطفالهم من الجوع؟ والجواب -كما تشير الدراسات النفسية- هو أن السيطرة على الضحية تمنح الجلاد شعورا زائفا بالتفوق، حيث لا يراها بشرا، بل كبش فداء. ومثل هذا التجريد من الإنسانية، المقترن بخطاب كراهية عنصري، يتغلغل في خطاب الاحتلال منذ بداية الحرب، منذ أن صرح وزير الدفاع السابق، يوآف غالانت، واصفا سكان غزة بأنهم "حيوانات بشرية"، في حين استدعى نتنياهو روايات توراتية تحث على إبادة "العماليق"! الجوع… سلاح لغزو الجسد والعقل معا في نوفمبر/تشرين الثاني 1944، كانت أوروبا ترزح تحت وطأة المجاعة الناتجة عن أهوال الحرب العالمية الثانية، مما استدعى البحث عن حلول لإعادة التأهيل بعد الكارثة. وقتها، أطلق عالم الأحياء الأميركي أنسيل كيز تجربة جريئة عُرفت باسم تجربة مينيسوتا للتجويع، أجريت في غرف سكنية تابعة لجامعة مينيسوتا، بمشاركة 36 متطوعا وافقوا على الخضوع للتجويع المتعمد لمدة عام كامل تحت إشراف طبي. خلال التجربة، قُسمت السنة إلى 3 مراحل: حمية طبيعية (3200 سعرة حرارية يوميا)، تليها 6 أشهر من التجويع بخفض السعرات إلى 1570 سعرة تعتمد على وجبتين فقيرتين من الخضراوات والخبز والمعكرونة، ثم 3 أشهر لإعادة التغذية. وخلال هذه الفترة، خضع المشاركون لمهام بدنية شاقة لساعات طويلة يوميا. النتائج كانت صادمة، فقدان 25% من أوزان المشاركين، وانخفاض الكتلة العضلية بنسبة 40%، مع ضعف جسدي وانخفاض درجة الحرارة وبطء معدل ضربات القلب. لكن الأثر النفسي كان الأشد وطأة، من اكتئاب، وقلق، وهوس بالطعام، وبحث عن بقاياه في القمامة، وأحلام دائمة عن الأكل. ومع مرور الوقت، ظهرت حالة من اللامبالاة والتبلد العاطفي وصفها الأطباء بـ"الاستسلام الخالص"، وجوه بلا تعابير، وأجساد تسير إلى مصيرها بلا غضب ولا مقاومة. تركت هذه التجربة القاسية، رغم أنها جرت تحت إشراف طبي كامل وبصورة طوعية، آثارا مروّعة على من مروا بها. أما ضحايا الحروب (ومنهم سكان غزة اليوم)، فهم يخضعون لتجويع عمدي أشد ضراوة وقسوة، لدرجة أن أحدهم يمكن أن يمكث أياما بلا طعام يذكر، والمحظوظ منهم من يحصل على رغيف من الخبز أو صحن صغير من المعكرونة أو العدس. يدفع هذا الجوع الشديد المتواصل الإنسان إلى حافة اليأس والانهيار النفسي، وهذا بالضبط ما يريده الاحتلال! غالبا ما يتم تبرير هذه الممارسات الوحشية – بحسب ما يرى بعض الباحثين – بالأيديولوجيا المتطرفة، سواء كانت قومية عنصرية، أو عقيدة دينية منحرفة، أو سياسة استبدادية جامحة. هذه الأيديولوجيات جميعا تمنح "الوحش" راحة زائفة، ومبررا يجعل من سلاح التجويع فعلا ضروريا مبررا، لإنجاز نصر حاسم. وعندما يتحول لبن الأطفال وقطرة الماء إلى سلاح، اعرف جيدا أنك أمام انسان قرر تخلية نفسه من أي معنى إنساني. في هذا النموذج، كما يرى خبراء علم النفس لا تكون الوحشية أو السادية مجرد انحراف فردي، لكنها بنية مؤسسية تُصنع عبر الأيديولوجيا وتُغذى من خلال نزع الإنسانية عن الضحايا وتبرير الأفعال الوحشية كضرورة أمنية أو عقوبة مبررة. غالبا ما يغيب فيها الشعور بالذنب، ويُستبدَل بمشاعر التفوق والسلطة والتمتع الخفي أو العلني برؤية آلام الضحايا ومعاناتهم الطويلة. وتؤكد بعض الدراسات أنه يمكن نصف ذلك السلوك بأنه نوع من "السادية المؤسسية"، حيث تمارس جهة ما، سواء كانت دولة أو جماعة دون الدولة، العنف والقسوة بشكل جماعي لتدمير إرادة مجتمع كامل لا كحالات فردية أو شذوذ، بل كسلوك مبرمج وسياسة رسمية. في حالة غزة، ظهرت هذه "السادية المؤسسية" في ممارسات، مثل فرض الحصار الشامل لعقود، وتجويع المدنيين حتى الموت، ومنع الغذاء والدواء والماء، واستهداف المناطق المأهولة بالقصف والتهجير المتكرر، بحيث يُجبَر السكان على النزوح عشرات المرات إلى أماكن معدومة الأمان أو الموارد، فضلا عن التعامل مع توزيع المساعدات الإنسانية بأساليب إذلال وإهانة جماعية، حتى وصف مقرر أممي طرق إدخال المساعدات إلى غزة بأنها نوع من "السادية"، بحسب ما ترى تلك الدراسات. ويترافق مع سلاح التجويع في غزة حملة أخرى قاسية، توضحها الصحفية الأميركية بيلين فرنانديز، في مقال لها بعنوان "الحرب النفسية الإسرائيلية في غزة"، حيث تقول إن إسرائيل تستهدف بتخطيط ممنهج تدمير الحالة النفسية لكل من يعيش في القطاع، مستخدمة أساليب "العمليات النفسية" (Psychological Operations) بغية كسر إرادة الضحايا. تتعدد وسائل هذه الحرب النفسية، بين تسجيلات لصرخات أطفال ونساء تبثها طائرات مسيرة في منتصف الليل لجذب المدنيين إلى العراء ليصبحوا أهدافا للقناصة، وأوامر إخلاء تصدر في اللحظات الأخيرة قبل القصف لتزيد من الفوضى، وقرارات نزوح تجبر السكان على الفرار الدائم دون وجهة، بينما تتقلص مساحات الأمان يوما بعد يوم. وصفت منظمة "أطباء بلا حدود" هذه السياسات في تقرير لها في مايو/أيار 2025 بأنها محاولة متعمدة لتحويل غزة إلى جحيم حي، سلسلة من الصدمات النفسية المتواصلة تدفع الناس إلى الانهيار. تحت هذا الضغط المستمر، يتوقف بعض الفلسطينيين عن النزوح ويفضلون البقاء وسط أنقاض منازلهم، رغم إدراكهم أن الموت قد يلحق بهم في أي لحظة. فرنانديز تؤكد أن إسقاط منشورات الإخلاء ثم قصف من يمتثل لها جعل الإخلاء ذاته جزءا من الحرب النفسية، إذ لم يعد يعني النجاة بل الخضوع لابتزاز الموت. إنها حرب أخرى بخلاف حرب القنابل والطائرات، سجن نفسي مفتوح، سجانه الخوف والصدمة والجوع. هذه الإستراتيجيات تهدف إلى شل الضحايا نفسيا، ليغدوا أسرى في أجسادهم، محاصرين داخل عقولهم، في مواجهة سلاح أخطر من القنابل، الجوع الذي يغزو الجسد والعقل معا. لكن دائما ما تكشف الأحداث في المقابل عن قدرات هائلة لدى الإنسان للمقاومة والإصرار على الحياة بكرامة رغم كل تلك المعاناة. وهذا ما عبرت عنه بجلاء الورقة التي نشرتها يوم 11 نوفمبر/تشرين الثاني 2024 الأستاذة الأسترالية ميشيل بيس في المعهد الأسترالي للشؤون الدولية بعنوان "الغزيون: شعبٌ يتمتع بشجاعةٍ لا تُقاوم، وإيمان، ولطف" ، وأشارت فيها إلى نمط حياة شعب غزة في فترة ما قبل الحرب، وكيف أنهم "رغم الحصار والتضييق الخانق من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي، كانوا يجدون وسائل للتكيف مع واقعهم المُعاش ووسائل بناء شبكات تضامن اجتماعية تسيّر حياة المجتمع"، وأن هذه الديناميات والقدرات أسهمتا بصورة أو بأخرى في رفد المجتمع بأساليب وأدوات للبقاء والصمود، وقد زادهم صلابة تتالي الحروب وتنوع وسائل القتل والتدمير التي لم تتخلف عن القطاع طوال الفترة الماضية.


الجزيرة
منذ ساعة واحدة
- الجزيرة
لوتان: كفى وعودا فارغة ولا بد من مواجهة مسرح الموت في غزة
قالت "لوتان" إن المجاعة -التي تفاقمت بسبب الدمار وتشريد السكان (في غزة)- لم تمنع إسرائيل من مواصلة الدفاع عما لا يمكن الدفاع عنه، مشيرة إلى أن عدم التحرك الغربي لمواجهة مسرح الموت في غزة أمر لا يطاق. وأوضحت الصحيفة السويسرية -في افتتاحية بقلم لويس ليما- أن إطلاق المحتجزين الإسرائيليين في غزة، وتصور قطاع غزة خاليا من حركة حماس كانا في المتناول لو لم تعرقل إسرائيل المفاوضات، وساهم قادتها ولو بشكل طفيف في وضع خطة بديلة. وأشارت إلى أن التخفيف الطفيف للحصار على غزة -الذي قررته إسرائيل الساعات القليلة الماضية- لن يغير شيئا، وكأن ما يحدث لا يهم، حيث يسارع قادة إسرائيل عسكريون ومدنيون إلى مهاجمة أي بادرة انتقاد بشراسة لا تصدق، دون أن يكون لديهم حساب مع أحد. وأشارت لوتان إلى أن غياب التحرك الغربي سوف يظل أمرا لا يطاق، ما دامت دولة ما تهنئ نفسها على مجرد توقيعها على رسالة محكمة الصياغة، ولكنها لا تلزم أحدا، وما دام يقدم رئيس دولة أخرى بعد سنوات من المماطلة وعدا بالاعتراف بأن أنقاض غزة غير الصالحة للسكن تنتمي إلى دولة تدعى فلسطين، مؤكدة أنه قد آن أن يتولى زمن التحذيرات والوعود الفارغة. ونبهت إلى أن أحدا لن يفكر حقيقة في إمكانية اتخاذ أي إجراء ما دامت الكلمات تبث الخوف في النفوس، عندما تكون انتقادية وموجهة إلى إسرائيل. وشبهت الواقع بساعة رملية كبيرة تتحدر من داخلها حبات الإنسانية تدريجيا، إنسانية الضحايا أولا، ثم إنسانية المعتدين والشهود غير الفاعلين.