
عن غزة التي تباد جوعًا تحت مسمى بناء المدينة الإنسانية!
واستلهمت الفعالية عنوانها من رواية الكاتب الفرنسي إميل زولا الشهيرة عام 1898، التي دافع فيها عن العدالة، ودعا إلى كسر حاجز الصمت لتحقيق الإنصاف.
هذا وكانت وزارة الصحة الفلسطينية في غزة قد أعلنت، يوم الاثنين 21 يوليو/ تموز، مقتل ما لا يقل عن ألف شخص، وإصابة 6500 آخرين، أثناء محاولتهم الحصول على مساعدات في غزة، وذلك منذ أواخر مايو/ أيار الماضي.
ووفقًا للأمم المتحدة، فإن معظم الإصابات وقعت أثناء توجه الفلسطينيين إلى مواقع التوزيع التي تديرها مؤسسة غزة الإنسانية (GHF) المثيرة للجدل، والمدعومة من إسرائيل والولايات المتحدة، والتي بدأت عملها في 27 من الشهر نفسه.
كشفت حرب التجويع التي تقودها إسرائيل على قطاع غزة عن حالة الانفصام التي يعيشها المجتمع الأوروبي بين حكوماته ورأيه العام؛ حيث باتت تترسخ "هوة" كبيرة في الممارسات. ففي حين لم تزل الحكومات تلعب دور الشاهد الصامت، وأحيانًا المساعد لإسرائيل في استكمال عدوانها على القطاع، تشهد شوارعها تحركات شعبية منددة، تمارس طرقًا إبداعية في التعبير عن حالة رفض الخنوع لإسرائيل، والتعامي عن تلك المجاعة التي تعتبر الأسوأ في عصرنا الحالي، آخذين بنصيحة الكاتب زولا.
لا خلاف أن "التجويع المتعمد"، بات سياسة إسرائيلية، تهدف إلى فرض المزيد من الضغط على حركة حماس للذهاب نحو استسلام. هذا ما أفصح عنه رئيس الحكومة الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من خلال شرطه لوقف حربه.. تسليم حركة حماس السلاح، ومغادرة القطاع.
يدرك نتنياهو أن هذا المطلب بعيد المنال، لا سيما وإن حماس هي حركة مقاومة منبثقة من إرادة شعب يسعى إلى التحرير، والتحرر من ممارسة العدو الذي لم يكتف باحتلال أرضه، بل ها هو اليوم يعمل على تجويعه حتى الموت. في الشكل، هو مطلب استسلام، ولكنه في المضمون يتخطى قطاع غزة، ليشمل المشروع الأكبر الهادف إلى تهجير قسري لسكان غزة، للاستيلاء عليها وتحويلها إلى "ريفييرا الشرق"، كما صرّح الرئيس الأميركي دونالد ترامب في أكثر من مرة.
إسرائيل ماضية قدمًا نحو تحقيق هذه المدينة، حيث جدد الجيش الإسرائيلي، يوم الثلاثاء 15 يوليو/ تموز، إنذاره للفلسطينيين بالإخلاء الفوري في أحياء بمحافظتي غزة والشمال، وسط مواصلته حرب الإبادة الجماعية ومخططات التهجير
لا يبدو أن الأحداث في غزة تسير عن طريق الصدفة، بقدر ما تحمل في الخبايا مشروعًا مرسومة خطواته، وما حذر منه رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق، إيهود أولمرت، يصبّ في هذه الخانة. ففي حديث لصحيفة "غارديان" البريطانية، الأحد 13 يوليو/ تموز الجاري، اعتبر أولمرت أن "المدينة الإنسانية" المخطط إنشاؤها داخل غزة، والتي تهدف إلى استيعاب مئات الألاف من الفلسطينيين، ستكون "معسكر اعتقال".
إعلان
وكان وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، قد قال في 12 يوليو/ تموز الجاري، إنه كلف الجيش بالمضي قدمًا في خطط بشأن تلك المنطقة، التي ستضم جميع سكان غزة، وبمجرد دخول الفلسطينيين إليها، لن يسمح لهم بمغادرتها.. عندها يبدأ العمل بتنفيذ خطة لهجرة الفلسطينيين من القطاع.
إسرائيل ماضية قدمًا نحو تحقيق هذه المدينة، حيث جدد الجيش الإسرائيلي، يوم الثلاثاء 15 يوليو/ تموز، إنذاره للفلسطينيين بالإخلاء الفوري في أحياء بمحافظتي غزة والشمال، وسط مواصلته حرب الإبادة الجماعية ومخططات التهجير منذ أكثر من 21 شهرًا. وها هي تسعى لتسويقه دبلوماسيًّا؛ فالتموضع الذي عرضه الوفد الإسرائيلي في المفاوضات الأخيرة على الجانب المصري هو لهذه الغاية، على أن تبقى كل مدينة رفح جنوبي قطاع غزة تحت الاحتلال.
وقد أشار إلى أن الخريطة تمهّد لتطبيق خطة التهجير، بجعل رفح منطقة تركيز للنازحين، لتهجيرهم إلى مصر أو عبر البحر. وبحسب بعض المصادر، فإن الخريطة تأخذ من قطاع غزة مسافة عميقة على طول حدود القطاع، تصل في بعض المناطق إلى 3 كيلومترات، وتضم أجزاء واسعة من مدينة بيت لاهيا، وقرية أم الصر، ومعظم بيت حانون، وكل خزاعة.
أعلنت مصر رسميًّا رفضها القاطع للخطة الإسرائيلية، مشددة خلال بيان رسمي صادر عن وزارة الخارجية على رفض أي تغيير ديمغرافي في الأراضي الفلسطينية، وذكرت وزارة الخارجية المصرية أن اتصالًا، جرى بين الوزير بدر عبد العاطي والمبعوث الأميركي للشرق الأوسط ستيف ويتكوف، تناول "الجهود المكثفة المبذولة حاليًّا للتوصل إلى وقف إطلاق النار في قطاع غزة، والعمل على استدامته، وبما يدفع باتجاه إطلاق سراح مجموعة من المحتجزين الأسرى، مقابل وقف إطلاق النار، وإدخال المساعدات بدون عوائق وبشكل كاف، في ظل الأوضاع الكارثية في القطاع.
الرفض المصري للمخطط الإسرائيلي مطلوب، لكنه لا ينقذ الفلسطيني الذي يموت جوعًا داخل بلده؛ حيث لا استسلام فلسطيني، فهذه قضيته، وهو يقاتل لأجل البقاء والوجود، ويسعى كي لا تتكرر تجربة النكبة التي حصلت عام 1948، عندما هجّرت عصابات صهيونية- على رأسها "الهاغانا"- السكان الأصليين إلى دول الجوار. هذا ما يعمل نتنياهو اليوم على تكريسه من أجل فرض أمر واقع في القطاع، وما المدينة الإنسانية التي يتحدث عنها سوى مكان لانتظار الرحيل والتهجير القسري.
لن يتوقف نتنياهو عن السير في مخطط رسمته الإدارة الأميركية، وها هو ينفذه، إذ لا مجال للتراجع؛ فالمخطط يهدف إلى رسم الممرات التجارية وتغيير في وجه المنطقة. وإن الحالة الاستغرابية التي تحدث عنها البيت الأبيض، والتي ظهرت على وجه ترامب عندما أُخبر عن الضربات الإسرائيلية في سوريا في ظلّ حرب السويداء، دليل على أن نتنياهو خرج عما هو مخطط له، وعمل لتنفيذ أجندة ترتبط بمصالح بلاده لتمرير ممر داوود.
لا سبيل أمام الفلسطيني سوى المقاومة، ولكن الداعم لهذه القضية لديه الكثير من الأعمال لإسناد غزة، وإسقاط المشروع الصهيوني للمنطقة، على رأس ذلك تفعيل الاحتجاجات الشعبية، ومقاطعة الشركات الداعمة للكيان، والتأثير دبلوماسيًّا لإظهار حقيقة الكيان المجرم، ووضع حدّ لجنون نتنياهو.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 2 دقائق
- الجزيرة
"ارتكبتَ جريمة قتل وأتيت للترفيه".. ملصقات ضد سياح إسرائيل باليونان
تتجه الأنظار الأحد المقبل إلى مظاهرات "يوم الغضب" المؤيدة للفلسطينيين في اليونان، التي تعتبر الوجهة السياحية الأولى للإسرائيليين، في ظل استمرار الحرب على قطاع غزة وإحكام الحصار المفروض عليه وتجويع سكانه. وتترقب إسرائيل بقلق بالغ المظاهرات التي تتوزع خريطتها على جزر رودس وميكونوس وسانتوريني وليسبوس وكوس وكريت وصولا إلى العاصمة أثينا. وقال مراسل القناة الـ13 الإسرائيلية، إن شوارع اليونان تبدو مختلفة رغم تأهب الشرطة بقوات كبيرة، مشيرا إلى أنه انتزع ملصقا صغيرا من على أحد الجدران، كُتب عليه "ارتكبتَ جريمة قتل وأتيت للترفيه؟! نراك في محكمة لاهاي". وأوضحت القناة الإسرائيلية -نقلا عن مراسلها- أن هذا الملصق لم يرَه من قبل، فقد كتُب ضد السياح الإسرائيليين باللغة العبرية، مشيرا إلى رصده سابقا كثيرا من الشعارات ضد إسرائيل وجيشها في الأسابيع والشهور القليلة. وحسب قناة "كان 11″، فإن اليونان تعد من أكثر الوجهات المحببة للسياح الإسرائيليين، وسافر إليها واحد من كل 5 مسافرين عبر مطار بن غوريون في تل أبيب، كاشفة أنه خلال شهر يوليو/تموز الماضي سافر إلى اليونان أكثر من 160 ألف مسافر بمعدل 5 آلاف راكب يوميا. ورغم أن مجلس الأمن القومي الإسرائيلي لم يصدر تعليمات جديدة للسياح الإسرائيليين، فإن وسائل إعلام محلية شددت على ضرورة توخي الحيطة والحذر، خاصة أن اليونان تشهد "أعمال عنف وتخريب مطاعم إسرائيلية ومواقع يهودية فيها". وترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 إبادة جماعية بغزة، تشمل القتل والتجويع والتدمير والتهجير القسري، متجاهلة النداءات الدولية كافة وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها. وخلفت الإبادة 61 ألفا و258 شهيدا و152 ألفا و45 مصابا من الفلسطينيين وما يزيد على 9 آلاف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين، منهم عشرات الأطفال.


الجزيرة
منذ 2 دقائق
- الجزيرة
حماس: قرار احتلال غزة يؤكد أن المجرم نتنياهو وحكومته لا يكترثون بمصير أسراهم
عاجل | حماس: قرار احتلال غزة يؤكد أن المجرم نتنياهو وحكومته لا يكترثون بمصير أسراهم عاجل | حماس: قرار احتلال غزة يؤكد أن المجرم نتنياهو وحكومته لا يكترثون بمصير أسراهم عاجل | حماس: قدمنا كل ما يلزم لإنجاح جهود وقف إطلاق النار ولن نألو جهدا في اتخاذ خطوات تمهد الطريق للتوصل إلى اتفاق عاجل | حماس: إقرار المجلس الوزاري الصهيوني خططا لاحتلال غزة وإجلاء سكانها جريمة حرب جديدة عاجل | حماس: نحمل الإدارة الأميركية المسؤولية عن جرائم الاحتلال بسبب دعمها السياسي والعسكري له عاجل | حماس: ندعو الأمم المتحدة والجنائية الدولية للتحرك العاجل ووقف المخطط ومحاسبة قادة الاحتلال التفاصيل بعد قليل..


الجزيرة
منذ 30 دقائق
- الجزيرة
صحف عالمية: معاقبة الغزيين بقسوة لم تؤدِ لنجاح إستراتيجي إسرائيلي
ركّزت صحف إسرائيلية وعالمية اهتمامها على قرار حكومة بنيامين نتنياهو توسيع العمليات العسكرية بما يشمل احتلال مدينة غزة ، وكذلك نتائج دراسة معمقة، تظهر فشلا للحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في إحداث تغيير إستراتيجي. وفي التفاصيل، اهتمت مجلة فورين أفيرز الأميركية بنتائج دراسة معمقة لحرب إسرائيل على غزة، إذ خرج معدوها بقناعة راسخة تفيد بأن معاقبة الغزيين بقسوة لم تؤدِ إلى نجاح إستراتيجي. وخلَصت الدراسة إلى أن الدول قامت تاريخيا مرارا بمعاقبة السكان المدنيين بقسوة لإجبارهم على الانقلاب ضد الجماعات المسلحة، لكن هذا العقاب نادرا ما حقق أهدافه، بل جاء بنتائج عكسية. ووفق الدراسة، فإن على قادة إسرائيل أن يقرروا ما إذا كانت أفعالهم غير الأخلاقية تستحق ما تجرّه من كوارث على مستقبلهم. وترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 إبادة جماعية بغزة، تشمل القتل والتجويع والتدمير والتهجير القسري، متجاهلة النداءات الدولية كافة وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها. وخلفت الإبادة 61 ألفا و258 شهيدا و152 ألفا و45 مصابا من الفلسطينيين وما يزيد على 9 آلاف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين بينهم عشرات الأطفال. احتلال غزة بدوره، ذكر مقال في صحيفة هآرتس أن معظم الإسرائيليين يعارضون الهجوم الجديد على غزة، ومن ضمنهم بعض مؤيدي نتنياهو، إذ قد تقضي خطته على الأسرى الإسرائيليين الذين لا يزالون على قيد الحياة. ووفق المقال، فإن نتنياهو لن يصغي على الأرجح لعائلات الأسرى ولا قيادات جيشه ولا حتى الإعلام المقرب منه، مشيرا إلى أن ضغوطات قوية وحدها من واشنطن والعواصم الغربية قد تُنقذ المحتجزين في هذه المرحلة. واعتبرت صحيفة يسرائيل هيوم تصريحات نتنياهو الأخيرة التي نفى فيها رغبته في ضم قطاع غزة لإسرائيل موجهة بشكل مباشر إلى إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب التي تعارض هذه الخطوة. وترمي تصريحات نتنياهو -التي تتعارض مع توجهات اليمين المتطرف- إلى طمأنة الدول الراغبة في صياغة مستقبل غزة بعد حركة " حماس". كما يهدف نتنياهو -حسب الصحيفة- إلى تهدئة الانتقادات الموجهة لإسرائيل بشأن قرارها السيطرة العسكرية الكاملة على القطاع. وسلطت صحيفة غارديان البريطانية الضوء على عريضة وقع عليها أكثر من 200 كاتب بريطاني تدعو إلى مقاطعة فورية وكاملة لإسرائيل، حتى توفر الغذاء والماء والمساعدات الكافية لشعب غزة. ويقول هؤلاء الكتاب في العريضة إن كلمات ومشاعر ملايين الناس وآلاف السياسيين حول العالم فشلت في توفير الغذاء لشعب غزة. وبناء عليه، "نقترح بأن تستمر هذه المقاطعة حتى تعلن الأمم المتحدة أن المدنيين في القطاع آمنون ويتلقون الغذاء والمساعدات الكافية"، كما جاء في العريضة. من جانبها، كشفت صحيفة واشنطن بوست مضمون مسودة للتقرير المقبل لوزارة الخارجية الأميركية بشأن انتهاكات حقوق الإنسان، إذ تظهر تخفيفا واضحا لحدة الانتقادات إزاء 3 دول بينها إسرائيل. وتظهر المسودة إزالة أي إشارة بشأن مراقبة إسرائيل للفلسطينيين والقيود المفروضة على حركتهم، وكذلك قضية محاكمة نتنياهو بتهم تتعلق بالفساد، ومحاولته تغيير النظام القضائي، والتي يقول منتقدوه إنها تهدد استقلاليته.