
غزّة بين مطرقة الإبادة وسندان التجويع
روتينًا دامغًا يفتتح الصباح بقصف، ويختم الليل بجنازة.
في كل زاوية قصةُ فَقْد، وفي كل شارع جنازة..!
حتى الخبز. إن وجد صار مشبوهاً… وربما مفخخًا.
شِراكُ المساعدات التي نصبتها أمريكا، تحمل في الظاهر شارة الإنقاذ، والتي لا تعدو كونها كمائن موت ومصائد لقتل من لم تصل إليه حمم الطائرات الصهيونية وقنابلها المحرمة دولياً.
نحن لا نتحدث عن حرب تقليدية… بل عن إبادةٍ منظمة، ترتدي أقنعة إنسانية، وتبثّ موتها على مرأى ومسمع من العالم بأسره.
650 يومًا من المجازر، والعالم يطالع تقارير الطقس
منذ السابع من أكتوبر 2023 وحتى اليوم في يوليو 2025، تحوّلت غزة إلى محرقة حيّة..بحسب الإحصائيات الرسمية لحكومة غزة، تجاوز عدد الشهداء 58,300 شهيد، بينهم حوالي 19,000 طفل وأكثر من 13,000 امرأة.
الكارثة الحقيقية ليست في الأرقام وحدها.. بل في تحوّل المجازر إلى أرقام معتادة.
العالم يتناول أخبار المجازر كما يتناول حالة الطقس: اليوم قُصف حيّ الشجاعية… وغدًا ربما رفح… ونهاية الأسبوع، هدنة مؤقتة على الورق.
المساعدات… تقطف رؤوس المنتظرين
هل رأيت من قبل معونات تقدم الموت لا الحياة؟
هذا ما يحدث في غزة.
بحسب الإحصائيات الرسمية لحكومة غزة ارتفع عدد ضحايا المساعدات قرب مصائد الموت إلى 995 شهيداً و6,011 إصابةً و45 مفقوداً، بينهم أطفال ونساء، استشهدوا وهم يمدّون أيديهم للغذاء.
الغرب لا يرسل خبزًا… بل يرسل شهادة وفاة بطعم بسكويت مغلف بعلم إنساني.
أمريكا تدعم... والبقية تُصفّق
بينما يتضوّر أهل غزة جوعًا، تضخّ الولايات المتحدة مليارات الدولارات لدعم آلة القتل الإسرائيلية.
21.7 مليار دولار دعماً عسكريًا مباشرًا منذ بداية الحرب.
72 ألف طن من الذخائر خلال 20 شهرًا.
17 صفقة تسليح عام 2024 فقط، شملت قنابل عنقودية وصواريخ متطوّرة.
أما ألمانيا فقد خصصت 4.8 مليار يورو دعمًا لوجستيًا وعسكريًا، بينما فرنسا تطلّ عبر مناشداتٍ ناعمة، وهي ترسل بارجاتها لحماية السفن الإسرائيلية.
هذا ليس تواطؤًا... بل شراكة موثقة بالدم.
التخاذل العربي.. صمتٌ يُجهز على من بقي حيًّا
الصورة العربية أكثر بؤسًا، لأن الجرح هنا من الداخل.
المساعدات العربية الشهرية لم تتجاوز 1.8% من الحاجة الفعلية، رغم أنها متعثرة ويمنع العدو دخولها إلى قطاع غزة.
الإعلام الرسمي يُشيطن المقاومة، ويغضّ الطرف عن المحارق اليومية.
ولعلّ الكارثة الأدهى، أن مصادر من الداخل كشفت عن تسريبات استخباراتية وصلت للاحتلال عبر أطراف عربية، وأن جداول شحنات الوقود يتم تحديدها من دول عربية لا من غزة ولا من تل أبيب.
لقد صار العرب، للأسف، جزءًا من معادلة الحصار… ومن معادلة القتل.
المجاعة.. سلاح من نوع آخر
لم يعد الجوع عرضًا جانبيًّا للحرب… بل صار سلاح إبادة صامت.
2.3 مليون فلسطيني تحت خط الجوع الحاد.
92% من السكان لا يحصلون على وجبتين يوميًا.
خلال 24 ساعة فقط، توفي 18 شخصًا جوعًا، ليصل العدد الإجمالي للوفيات بسبب المجاعة إلى 86 شخصًا، بينهم 76 طفلًا..
هذه ليست أرقام تقارير… هذه أسماء كتبت على أجساد هزيلة تُكابد الرمق الأخير.
لا سلام في ظل التجويع… ولا كرامة لمن يُبرّر الصمت.
غزة ليست مجرّد جرح… بل امتحان أخلاقي للعالم.
فيها تنكشف الأقنعة: من يدّعي الإنسانية، من يبيع المقاومة، من يتآمر بعباءة الشفقة.
الغرب موغِل في دم الأطفال، بينما العرب – إلا من رحم ربي – يتقنون فنّ الحياد في زمن لا يرحم المتفرجين.
لكن رغم كل شيء… غزة لم تنكسر، ولن تنكسر
الجائع هناك لا يستسلم، بل يربّي في أمعائه ثورة.
والشهيد لا يموت، بل يُعاقب العالم بحياته.
غزة… ستبقى تُشعل ضوء الضمير، مهما غطّاه رمادُ التواطؤ.
وستُعلِمنا دائمًا أن الخبز قد يكون قنبلة، وأن الصمت خيانة… وأن العروبة، حين تخذل، تصبح عورة.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


اليمن الآن
منذ ساعة واحدة
- اليمن الآن
مناخ الخوف الحوثي يفرغ صنعاء من الصحافيين والكتاب المستقلين
اتخذت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، خطوات جديدة من الضغطوات التي تمارسها على إدارة البنك الاحتياطي الفيدرالي ممثلة في رئيسه جيروم باول. ووفق شبكة "سي إن بي سي"، اقترح وزير الخزانة سكوت بيسنت يوم الإثنين مراجعة شاملةً للاحتياطي الفيدرالي تتجاوز الجدل الدائر حول تجديد المباني، وتنظر في دور البنك ووظيفته بشكل عام. وقال بيسنت خلال مقابلة مع برنامج "Squawk Box" على قناة CNBC، "ما نحتاج إلى القيام به هو فحص مؤسسة الاحتياطي الفيدرالي بأكملها، والتحقق من مدى نجاحها"، وأضاف، "هل نجحت المؤسسة في مهمتها؟" وتأتي هذه التعليقات في ظل صراع محتدم بين البيت الأبيض والبنك المركزي، ولم يتضح بعد شكل المراجعة أو الجهة التي ستجريها. وشهد الأسبوع الماضي تقارير متضاربة حول ما إذا كان الرئيس دونالد ترامب يستعد لإقالة رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول. وأشارت التقارير الواردة من البيت الأبيض إلى أن هذه الخطوة وشيكة، لكن ترامب نفى بعد ذلك بوقت قصير استعداده لما قد يكون مناورة مشكوكًا فيها قانونيًا. وكان بيسنت محور الجدل، سواءً كخليفة محتمل في مجلس الاحتياطي الفيدرالي، أو عبر تقارير تشير إلى أن وزير الخزانة هو الوسيط الذي يسعى لثني ترامب عن إقالة باول. وعندما سُئل بيسنت عن تقرير لصحيفة وول ستريت جورنال يفيد بأنه ساعد ترامب في إقناعه بالتخلي عن باول، قال: "يطلب الرئيس ترامب آراءً متنوعة، ثم يتخذ قراره، لذا، فهو يأخذ الكثير من الآراء، وفي النهاية القرار يعود له". وطالب ترامب مجلس الاحتياطي الفيدرالي بخفض سعر الفائدة القياسي على القروض لليلة واحدة بشكل كبير، وهو أمر يبدو مستبعدًا بغض النظر عن قرار الرئيس. وبالإضافة إلى ذلك، انتقدت الإدارة الاحتياطي الفيدرالي في الأيام الأخيرة لتجاوزه تكاليف مشروع تجديد بقيمة 2.5 مليار دولار لاثنين من مبانيه في واشنطن. ووفقًا للتقارير، يخطط مسؤولو الإدارة قريبًا لمعاينة المشروع شخصيًا. مطالبات بالتحقيق الجنائي وفي تطور متصل، طلبت النائبة آنا بولينا لونا يوم السبت من وزارة العدل التحقيق مع باول جنائيًا بتهمة الكذب على الكونغرس. وصف باول التغييرات التي طرأت على المنتج خلال جلسات استماع في الكونغرس في فبراير/شباط بطريقة زعم مسؤولو الإدارة أنها مضللة. وفيما يتعلق بمسألة أسعار الفائدة، أيّد بيسنت فكرة أن الاحتياطي الفيدرالي ربما ينبغي أن يخفف أسعار الفائدة مع اعتدال التضخم في الغالب. وقال بيسنت، "كانوا يُثيرون المخاوف بشأن الرسوم الجمركية، وحتى الآن لم نشهد سوى القليل جدًا من التضخم، إن وُجد". وأضاف، "لقد شهدنا أرقام تضخم رائعة"، لذا، كما تعلمون، أعتقد أن هذه الفكرة هي أنهم غير قادرين على الخروج من عقلية معينة، كل هؤلاء الحاصلين على درجة الدكتوراه هناك، لا أعرف ما يفعلونه". سكوت بيسنت خفض الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة آخر مرة في ديسمبر/كانون الأول، مُكملًا بذلك دورة تخفيف قصيرة أدت إلى انخفاض سعر الفائدة على الأموال الفيدرالية بمقدار نقطة مئوية كاملة. ومع ذلك، مع تخفيف الاحتياطي الفيدرالي، ارتفعت أسعار الرهن العقاري وعوائد سندات الخزانة. وتشير أسعار السوق إلى أن الاحتياطي الفيدرالي سيخفض أسعار الفائدة مرة أخرى على الأرجح في سبتمبر/أيلول. تقييمات في ظل الحرب التجارية وبعد خفض أسعار الفائدة بمقدار نقطة مئوية واحدة خلال الفترة من سبتمبر/أيلول إلى ديسمبر/كانون الأول، يرغب معظم واضعي أسعار الفائدة في إبقاء تكاليف الاقتراض ثابتة عند 4.25 إلى 4.5%، في ظل تقييمهم لتأثير الحرب التجارية التي شنها الرئيس الأمريكي على التضخم. وأظهر مؤشر أسعار المستهلك لشهر يونيو/حزيران ارتفاع الأسعار بأسرع وتيرة لها منذ فبراير/شباط، حيث بلغ معدل التضخم الرئيسي 2.7%. وواجه محافظو البنوك المركزية صعوبة في الوصول إلى هدفهم البالغ 2% منذ الجائحة، عندما أدى نقص الإمدادات والتحفيز المالي القياسي من إدارة بايدن إلى أسوأ موجة تضخم منذ جيل. ويتوقع الاقتصاديون المزيد من الارتفاع في ضغوط الأسعار خلال الأشهر المقبلة، لكن ترامب يريد خفض أسعار الفائدة إلى 1%، حيث يزعم الرئيس أن سياسات الاحتياطي الفيدرالي ترفع تكاليف إعادة تمويل الحكومة بمئات المليارات من الدولارات. وفي حين لا يتوقع معظم المستثمرين أن يخفض الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة حتى سبتمبر/أيلول على الأقل، فمن المرجح أن يدعم بعض مسؤولي البنك المركزي خفض تكاليف الاقتراض اعتبارًا من الأسبوع المقبل. وصرح كريستوفر والر، أحد محافظي الاحتياطي الفيدرالي والمرشح لخلافة باول في رئاسة البنك، بأن ضعف سوق العمل الأمريكي يبرر خفض تكاليف الاقتراض بمقدار 25 نقطة أساس. ومن المقرر أن يتنحى باول عن منصبه كرئيس لأقوى بنك مركزي في العالم في مايو/أيار 2026. كان يُنظر إلى بيسنت كأحد أبرز المرشحين في سباق قيادة الاحتياطي الفيدرالي. ولكن ترامب صرّح هذا الشهر بأنه سعيد بمكانة وزير الخزانة الأمريكي، قبل أن يُشير إلى أن رئيس المجلس الاقتصادي الوطني كيفن هاسيت من بين أبرز المرشحين لمنصب باول.


اليمن الآن
منذ 3 ساعات
- اليمن الآن
5 أرصفة بـ«الحديدة» خارج الخدمة
ضربات إسرائيلية جديدة شلت ميناء الحديدة الخاضع للحوثيين، بعد تدمير آليات ومعدات كانت تعمل في تأهيل الميناء الحيوي. وقال مصدر محلي لـ"العين الإخبارية" إن "البوارج الإسرائيلية استهدفت القدرة التشغيلية لميناء الحديدة بهدف إيقاف استمرار عمل الميناء بشكل نهائي". وأكد المصدر أن الضربات العنيفة استهدفت "يختا بحريا وجرافة وخزانات ومعدات إصلاح في الأرصفة". تدمير 5 أرصفة ومنذ يوليو/ تموز 2024، ظل ميناء الحديدة الخاضع للحوثيين هدفا متكررا للضربات الاسرائيلية، حيث استهدفت معظم المرافق الحيوية داخل الميناء مما أدى لخروجه جزئيا عن الخدمة. وقالت مصادر عاملة في ميناء الحديدة لـ"العين الإخبارية"، إن الغارات الاسرائيلية الأخيرة دمرت 5 أرصفة من أصل 8 أرصفة يبلغ طولها 1461متر إضافة إلى رصيفين بطول 250 متر في حوض الميناء مخصصة لتفريغ ناقلات البترول والمشتقات النفطية الأخرى. ووفقا للمصادر، فقد دمر القصف الإسرائيلي تواليا أرصفة '2' و'3' و'4' و'5' و'6' وهي أرصفة يبلغ غاطسها 10 متر في حالة الجزر الأدنى. وكانت أعنف غارات تعرض لها ميناء الحديدة يوم 6 يوليو/تموز، حيث دمرت بوارج وطائرات حربية بشكل كلي أرصفة تفريغ البضائع، كما تسببت انفجارات الأرصفة الإسمنتية بأضرار كبيرة في مرافق وهناجر الميناء، وفقا للمصادر. من جهته، أكّد مسؤول أمني حوثي لـ«فرانس برس» الإثنين أن الضربات الإسرائيلية على ميناء الحديدة أدّت إلى تدمير رصيف أعيد بناؤه بعدما تضرر جراء قصف سابق. لماذا ميناء الحديدة؟ في 20 يوليو/حزيران 2024، تعرض ميناء الحديدة لأول جولة من الضربات الاسرائيلية، حيث دمرت -آنذاك- منشآت تخزين الوقود التي تتسع لـ150 ألف طنا وخلفت أكثر من 107 ضحية بينهم 14 قتيلا. يأتي القصف على ميناء الحديدة باعتباره الشريان الرئيسي لمليشيات الحوثي لاستقبال الأسلحة والوقود المجاني القادم من إيران، فضلا عن كونه مصدرا ماليا مهما للجماعة، وخاصة منذ افتتاحه بالكامل بموجب الهدنة في أبريل/ نيسان 2022. ويفرض الحوثيون رسوماً جمركية مضاعفة وغير قانونية على الواردات من المشتقات النفطية والسلع التجارية القادمة من ميناء الحديدة، حيث تجبي ملايين الدولارات يوميا من السفن والتجار تحت غطاء "الجمارك والضرائب"، ما يرفع أسعار السلع الأساسية في السوق، ويتسبب بأزمة معيشية خانقة لليمنيين. ووفقا لتقرير صادر عن مبادرة استعادة اليمنية (Regain yemen) فإن المليشيات الحوثية جمعت (789.9 مليون دولار) من الضرائب والرسوم الجمركية المفروضة على الواردات عبر ميناء الحديدة، خلال الفترة الممتدة من مايو/أيار 2023 حتى يونيو/حزيران 2024 فقط. ميناء الحديدة يقع في منتصف الساحل الغربي لليمن على بعد 226 كلم غرب العاصمة صنعاء شيد عام 1961 بالتعاون مع الاتحاد السوفياتي سابقاً تبلغ مساحته البرية الداخلية والمحددة بسور داخلي حوالي 3 ملايين متر مربع، وفقا لوزارة النقل اليمنية.


اليمن الآن
منذ 3 ساعات
- اليمن الآن
هل فقدت اليمن جاذبيتها الاستثمارية؟ هجرة الرساميل تكشف المشهد
يعيش اليمن على وقع تصاعد كارثيّ في الصراع المصرفي والمالي، وسط انهيار حاد للعملة الوطنية وتدهور اقتصادي متسارع، ما دفع رؤوس الأموال المحلية إلى النزوح خارج البلاد، في هجرة تهدّد بمفاقمة الانهيار الاقتصادي وتوسيع رقعة الفقر والبطالة. وبينما قدر خبراء حجم رؤوس الأموال اليمنية الخارجة منذ بدء الحرب بأكثر من 33 مليار دولار، فإنّ الأردن برز مؤخراً وجهةً استثماريةً رئيسيةً إلى جانب مصر، ودول الخليج، وإثيوبيا، ودول من القرن الأفريقي، في ظل عجز السلطات اليمنية عن توفير بيئة آمنة أو ضمانات كافية لطمأنة المستثمرين. وكشف البرلماني اليمني والسفير السابق في الأردن، علي العمراني، لـ"العربي الجديد"، أن العديد من رجال الأعمال اليمنيين اتّخذوا من العاصمة الأردنية عمّان مقراً لإقامتهم واستثماراتهم منذ اندلاع الحرب، وافتتحوا مشاريع متعدّدة تشمل محلات تجارية ومطاعم، ومؤسسات صناعية كبرى، من بينها مجموعة الكبوس وشركة التبغ والكبريت اليمنية. وتظهر بيانات وزارة الاستثمار الأردنية أن حجم الاستثمارات اليمنية المستفيدة من قانون الاستثمار بلغ نحو 12 مليون دولار حتّى عام 2023، موزعة على قطاعات متنوعة، كما افتتح ملك الأردن عبدالله الثاني، في مايو/أيار 2025، مصانع مجموعة الكبوس في الأردن، التي تنتج شاياً يوزع في أكثر من 35 دولة. وأكد رجل الأعمال حسن الكبوس، رئيس المجموعة، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن توسّعهم في الأردن جاء بعد دراسة متأنية للبيئة الاستثمارية المشجعة التي وفرتها عمّان، مضيفاً أن المجموعة تواصل العمل داخل اليمن رغم الظروف الصعبة، وتوفر فرص عمل حيوية لليمنيين. وتشير بيانات شركة المدن الصناعية الأردنية إلى أن خمسة استثمارات يمنية تعمل حالياً في مدن الموقر والحسن والسلط الصناعية، بحجم استثمار يبلغ نحو 60 مليون دولار، بحسب ما أفادت به وكالة الأنباء الأردنية "بترا". لكن العمراني يلفت إلى أنّ هذه الهجرة لم تكن لتحدث لولا غياب الترحيب والاستقرار في عدن ومناطق الحكومة المعترف بها دولياً، مشيراً إلى أن مشاريع الانفصال المدعومة خارجياً أسهمت في طرد رؤوس الأموال، التي كانت تتوق إلى العودة منذ 2011 لتمويل نهضة اقتصادية، لكنّها اصطدمت بواقع منفّر. من جانبهم، يُرجع خبراء اقتصاد تسارع وتيرة الهجرة الاستثمارية في السنوات الأخيرة إلى الانقسام الحاد في القطاع المصرفي، وتعدد السلطات النقدية، وتدهور الثقة بالعملة المحلية. ويؤكد الخبير المالي أحمد شماخ، أن استمرار الصراع المصرفي تسبب في فقدان الثقة بالاقتصاد اليمني، وتسارع خروج رؤوس الأموال، التي بلغت وفق تقديراته أكثر من 33 مليار دولار بين عامَي 2010 و2025. كما أشار شماخ إلى أن توسّع الاستهداف للمصارف الخاصة، وانهيار التداول النقدي، وفقدان الثقة بالعملة، دفعت حتّى رؤوس الأموال التي كانت تقاوم للبقاء، إلى الهروب، ولفت إلى أن هذا النزيف ساهم مباشرةً في تعميق الأزمة المعيشية، وانتشار الفقر، وتفشي البطالة، في ظل توقف الإنتاج، وتآكل ما تبقى من خطوط الأعمال داخل البلاد.