logo
«الغرب» يبحث عن صيغة جديدة تجنّبه التحوّل إلى مجرّد مفهوم جغرافي

«الغرب» يبحث عن صيغة جديدة تجنّبه التحوّل إلى مجرّد مفهوم جغرافي

الشرق الأوسطمنذ 2 أيام

ينطبع في أذهان غالبية البشر أن الحرية والرفاهية والتقدّم (إلخ...) «كنوز» موجودة بشكل أساسي في «العالم الغربي»، المعروف بأنه يشمل دول أوروبا الغربية وأميركا الشمالية وأستراليا، وثمة من يرى أن هذا المفهوم الجيوسياسي - اقتصادي - اجتماعي صار يشمل دول أوروبا الشرقية وأميركا اللاتينية.
ما هو منطبع في الأذهان أيضاً أن الغرب تغلّب سياسياً وثقافياً واقتصادياً على المعسكر الشرقي الذي سقط بسقوط الاتحاد السوفياتي في بداية العقد الأخير من القرن الماضي، الأمر الذي بشّر بفتح صفحة جديدة في التاريخ العالمي مكتوبة بحروف السلام والوئام والازدهار.
وتفاءل كُثر بانتشار القيم الغربية البرّاقة وغلبة منظومة الأسواق الحرة وتضييق الفجوة بين الأغنياء والفقراء ومحو الأمية والقضاء على الأمراض... وسوى ذلك من أحلام وردية.
كانت فرحة يستحيل أن تدوم، فالعالم يسلك منذ فجر التاريخ مساراً دائرياً يتضمن محطات منيرة، وكذلك أزمات وحروباً وخيبات. بدأ الجو السلبي يتمظهر مع علامات على اهتزاز الأحادية القطبية (التي لم تحسن التعامل مع موقعها المتسيّد) في ظل صعود الصين وروسيا والخشية من حرب باردة جديدة. وهذا كان أمراً متوقعاً في عالم معقّد تفوق فترات اضطرابه فترات الهدوء بشوط كبير. لكن ما لم يكن متوقعاً هو ما يحصل الآن بوتيرة سريعة...
دونالد ترمب وفولوديمير زيلينسكي يوم المشادة الشهيرة في البيت الأبيض... 28 فبراير 2025 (أرشيفية)
عرفت ولاية دونالد ترمب الأولى توترات بين العمودين الأساسيين للغرب، الولايات المتحدة وأوروبا. ومع خسارة ترمب ودخول جو بايدن إلى البيت الأبيض، تنفس الأوروبيون الصعداء، خصوصاً أن الرئيس الديمقراطي أعلن بالفم الملآن أن «أميركا عادت». لكنْ بعد أربع سنوات من هذا الإعلان ها هم الأوروبيون يشاهدون الآن مذهولين تخلّي أميركا عن التعاون المعهود عبر ضفّتي الأطلسي، إلى درجة أن الزعماء الأوروبيين بدأوا يبحثون عن موقف وهوية بما يعكس اقتناعاً بأن الغرب الذي عرفه العالم منذ نهاية الحرب العالمية الثانية عام 1945 في طريقه إلى الزوال، وبأن ثمة نظاماً جديداً يرتسم في الأفق ولا بد لهم من إيجاد مكان فيه.
استطراداً، لا شك في أن الغرب صار منقسماً على أسس آيديولوجية بعد تراجع أهمية القيَم المشتركة والمصالح الاستراتيجية الواحدة.
ويمكن تلخيص أسباب التباين الذي يتحول بسرعة إلى انقسام حادّ على النحو الآتي:
* خسر دونالد ترمب أمام جو بايدن في انتخابات 2020 وما لبث أن ثأر من خصمه وفاز عليه بعد أربع سنوات ليعود إلى الواجهة شعار «أميركا أولاً» الذي يعني التركيز على الشأن الداخلي والمحيط المباشر (كندا والمكسيك، ولا ننسى قناة بنما...). وهذا يعني حكماً خفض الاهتمام بأوروبا «القارة العجوز» واستتباعاً بحلف شمال الأطلسي (ناتو) حامي القارة بدرع عسكرية معظم مكوّناتها أميركية.
من هنا نفهم حماسة ترمب لإنهاء الحرب الروسية - الأوكرانية وإصراره على الظفر بتعويض مادي (عبر اتفاق المعادن) عمّا قدمته بلاده لأوكرانيا طوال أكثر من ثلاث سنوات. ولعل العودة إلى كلام نائب الرئيس جي دي فانس في مؤتمر ميونيخ للأمن وما تعرض له الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في البيت الأبيض تكفي لفهم مقاربة الإدارة الأميركية لـ«مشكلات الآخرين».
* شعار «أميركا أولاً» تحوّل إلى آلية عمل اعتمدت مواقف حمائية وفرضت رسوماً جمركية على عدة دول وبالتالي على عدة منتجات أوروبية بهدف حماية الصناعات الأميركية، ولمّا ردّ الأوروبيون بالمثل تولّد توتر في العلاقات الاقتصادية بين الجانبين، يضاف إلى التوتّر الناجم عن المقاربتين المتناقضتين لمسألة المناخ بين أوروبا التي كانت سبّاقة في اعتماد سياسات بيئية طموحة والولايات المتحدة التي لا يعترف رئيسها بالتغيّر المناخي.
* القومية والشعبوية ظاهرة تتصاعد في كل من الولايات المتحدة وأوروبا. لكن الفرق أنها في صلب فلسفة إدارة ترمب، بينما لم تنجح في الوصول إلى السلطة في غالبية الدول الأوروبية وبقيت في المعارضة. لذا تشعر القوى السياسية التقليدية في أوروبا، سواء كانت يمينية محافظة أو يسارية معتدلة، بالريبة من السياسة الأميركية وأي صعود محتمل لليمين المتطرف في هذه الدولة أو تلك.
هذه العوامل مجتمعة أقامت جداراً من عدم التوافق يصعب تجاوزه، وهو ما يدفع القادة الأوروبيين إلى البحث عن استقلال استراتيجي وسبل لتعزيز مكانة أوروبا في النظام العالمي الجديد.
والمؤكد أن التحالف عبر الأطلسي دخل مرحلة عصيبة للغاية، أسوأ مما كانت عليه خلال ولاية ترمب الأولى، خصوصاً أن الرئيس الأميركي لا يخفي شعوره السلبي تجاه الاتحاد الأوروبي، ويقول إن الاتحاد و«الناتو» مكّنا الدول الأوروبية من استغلال الولايات المتحدة طويلاً. وهو بذلك ينسجم مع القوى السياسية المتطرفة في أوروبا التي تطمح بشكل أو بآخر إلى التخلص من الاتحاد الأوروبي و«حكم بروكسل»، ومن هؤلاء رئيس وزراء المجر فيكتور أوربان، ونظيراه السلوفاكي روبرت فيكو والإيطالية جورجيا ميلوني، علماً أن الأخيرة ليّنت موقفها منذ توليها منصبها عام 2022.
المستشار الألماني فريدريش ميرتس (أ.ف.ب)
عموماً، لا يزال اليمين المتطرف يتقدّم في أوروبا، وإن بوَتائر مختلفة وبوجود عقبات بعضها سياسي، وبعضها الآخر قانوني (تكبيل القضاء الفرنسي ليدَي مارين لوبن مثلاً). ولم يتردد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في الكلام عن بروز «رجعية عالمية»، يحاول التصدي لها هو والمستشار الألماني فريدريش ميرتس، ورئيس الوزراء البولندي دونالد توسك، ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، وحليف من خارج الاتحاد الأوروبي هو رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر.
ميرتس قدّم من جهته نموذجاً للتحرك العملي في اتجاه إعادة بلورة، بل ابتكار، الشخصية الأوروبية المستقلة، فقد قرر نشر قوة دائمة قوامها 5 آلاف جندي في ليتوانيا، في مؤشر يدلّ على حقبة جيوسياسية جديدة. وهو بذلك، ردّ على مطالبة واشنطن لأوروبا بتولي المسؤولية الرئيسية عن أمنها. ولئن كان عديد هذه القوة غير كافٍ لصد هجوم روسي شامل، فإنه حتماً كافٍ لإثارة رد فعل واسع النطاق في أوروبا وغرس شعور بالحذر في روسيا، مع أن ليتوانيا لا تتشارك حدوداً معها بل مع لاتفيا وبولندا وبيلاروسيا، الحليف الأقرب لموسكو. والأهم أن القرار الألماني قد يكون الخطوة الأولى في سلسلة خطوات أوروبية تريح ترمب وتطمئنه إلى أن الولايات المتحدة ستتخلص من بعض «العبء الأطلسي» الذي تحمله منذ ثمانية عقود.
منطقياً، لا بد لفرنسا أن تضطلع بدور ريادي في تحقيق النقلة الاستراتيجية، فهي الأقدر عسكرياً في أوروبا الغربية. وقد أبدى ماكرون أخيراً افتخاره بتذكير الفرنسيين بأن الجيش الفرنسي هو الوحيد بين الجيوش الأوروبية الغربية المكتفي ذاتياً، أي إنه لا يحتاج إلى معدّات وقطع غيار وذخائر تأتي من الضفة الأخرى للمحيط الأطلسي.
لطريقة إنهاء الحرب في أوكرانيا دور كبير في رسم ملامح الوجه الجديد لـ«الغرب» (أ.ف.ب)
في خضمّ كل ما يجري في المسرح الجيوسياسي والجيواقتصادي، يمكن أن ينبثق نظام عالمي جديد بتعاون أوثق بين ضفتي الأطلسي، اللتين تتمتعان بسجل حافل من العمل معاً وتستطيعان القيام بدور قيادي في كل المجالات.
ومن المرجح أن يتشكل مستقبل الغرب من خلال مزيج من التحديات والفرص التي يفرضها عالم متعدد الأقطاب يشهد صعود قوى غير غربية (تكتل «بريكس»، منظمة شنغهاي للتعاون...)، مما قد يؤدي إلى تزايد التنافس والحاجة إلى تعاون فعّال في مواجهة قضايا عالمية مثل تغير المناخ. وفي الوقت نفسه، على الغرب مواجهة تحديات داخلية مثل تراجع الديمقراطية وصعود الشعبوية والقومية.
سوف يحدد الغرب مستقبله من خلال قدرته على التكيف مع المشهد العالمي الذي يشهد تحوّلات جذرية تبتعد به عن «الخريطة» التي نشأت بعد الحرب العالمية الثانية ثم بعد سقوط الاتحاد السوفياتي. ومن الحيوي في هذا السياق البدء بطيّ صفحة الحرب الروسية - الأوكرانية عبر حل واقعيّ لا يغفل الواقع الميداني ولا يُعطي في الوقت نفسه روسيا أسباباً تفتح شهيتها على التوسع ومدّ النفوذ. فهذه الحرب التي وحّدت الغرب منذ بدايتها أدت عودة دونالد ترمب إلى البيت الأبيض إلى جعلها عنصر خلاف استراتيجي بين أميركا وأوروبا. والطريقة التي ستُنهى بها هي التي ستحدّد بقاء «الغرب» مفهوماً ثقافياً يحتضن الليبرالية الديمقراطية أو تحوله إلى مجرد كيان جغرافي يشمل الولايات المتحدة وكندا ودول أوروبا الغربية.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

ترمب لن يسمح لإيران بأيّ تخصيب لليورانيوم... وزخم المفاوضات «يقترب من الانهيار»
ترمب لن يسمح لإيران بأيّ تخصيب لليورانيوم... وزخم المفاوضات «يقترب من الانهيار»

الشرق الأوسط

timeمنذ ساعة واحدة

  • الشرق الأوسط

ترمب لن يسمح لإيران بأيّ تخصيب لليورانيوم... وزخم المفاوضات «يقترب من الانهيار»

أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الاثنين، أنّ مشروع الاتفاق النووي الجاري التفاوض عليه بين الولايات المتحدة وإيران لن يسمح لطهران «بأيّ تخصيب لليورانيوم». وكتب الرئيس الجمهوري على منصّته «تروث سوشيال»: «بموجب اتفاقنا المحتمل، لن نسمح بأيّ تخصيب لليورانيوم!». وتأتي هذه الرسالة الجازمة من جانب الرئيس الأميركي بعدما أفاد موقع «أكسيوس» الإخباري بأنّ آخر اقتراح قدّمته واشنطن لطهران، السبت، يسمح للإيرانيين بتخصيب محدود لليورانيوم، وهو أمر لطالما رفضته إدارة ترمب. وهذه هي العقبة الرئيسية في المفاوضات الجارية بين البلدين، وفق ما ذكرته وكالة الصحافة الفرنسية. ونقلت شبكة تلفزيون «سي إن إن» الأميركية عن مسؤول إيراني كبير قوله، الاثنين، إن مقترح الاتفاق النووي الجديد الذي قُدّم إلى طهران مؤخراً عبر الوسطاء «مفكك وغير واقعي». وقال المسؤول إن النص الذي تسلمته إيران «يتعارض بوضوح مع الاتفاق الأخير الذي تم التوصل إليه خلال الجولة الخامسة من المفاوضات»، مشدداً على موقف طهران الثابت من قضية التخصيب، باعتبارها خطاً أحمر. ونقلت «سي إن إن» عن مصادر مطلعة قولها إن الزخم الذي اكتسبته المفاوضات غير المباشرة بين أميركا وإيران في الجولات الأولى والتي تستهدف التوصل إلى اتفاق نووي جديد «يقترب من الانهيار». وقال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، الاثنين، خلال زيارة إلى القاهرة إنّه «إذا كان الهدف هو حرمان إيران من أنشطتها السلمية فبالتأكيد لن يكون هناك أيّ اتفاق». وأجرت إيران والولايات المتحدة خمس جولات من المفاوضات بوساطة عُمانية على مدار الأسابيع القليلة الماضية.

أسعار الذهب تواصل الصعود في ظل توترات سياسية وتجارية
أسعار الذهب تواصل الصعود في ظل توترات سياسية وتجارية

الشرق للأعمال

timeمنذ ساعة واحدة

  • الشرق للأعمال

أسعار الذهب تواصل الصعود في ظل توترات سياسية وتجارية

سجّل الذهب ارتفاعاً طفيفاً، بعد أن حقق أكبر مكاسب يومية له في أربعة أسابيع، مدعوماً بتراجع الدولار وازدياد الإقبال على الملاذات الآمنة في ظل تصاعد المخاطر التجارية والجيوسياسية. استقر سعر الذهب قرب 3,390 دولاراً للأونصة، بعدما قفز بنسبة 2.8% يوم الإثنين، مع تدهور العلاقات بين واشنطن وبكين، وتصاعد الحرب الروسية الأوكرانية. وكانت الصين قد اتهمت الولايات المتحدة بانتهاك الاتفاق التجاري الأخير بين البلدين، وتوعّدت باتخاذ إجراءات لحماية مصالحها، رغم تأكيد البيت الأبيض لاحقاً أن الرئيس الأميركي دونالد ترمب ونظيره الصيني شي جين بينغ قد يتحدثا هذا الأسبوع. وفي الوقت نفسه، أصدرت المفوضية الأوروبية تحذيراً جديداً من إجراءات مضادة، إذا مضى الرئيس الأميركي قدماً في تهديداته بفرض رسوم جمركية. تفاؤل الأسواق يتلاشى وسط تراجع الدولار وسط غياب مؤشرات على إحراز تقدّم في المفاوضات، بدّدت التطورات الأخيرة التفاؤل بشأن احتمال توصل الولايات المتحدة إلى اتفاق مع اثنين من أكبر شركائها التجاريين. وتراجع الدولار إلى أدنى مستوياته منذ عام 2023، في انعكاس لمخاوف متزايدة من سياسات ترمب وتأثيرها على الاقتصاد. كل ذلك عزّز جاذبية الذهب كملاذ آمن، بعد أن خفتت هذه الصفة منذ أن بلغ المعدن النفيس مستوى قياسياً تجاوز 3,500 دولار للأونصة في أبريل. ومع ذلك، لا يزال الذهب مرتفعاً بأكثر من 25% منذ بداية العام، فيما قالت "غولدمان ساكس" الأسبوع الماضي إنه سيبقى وسيلة تحوّط ضد التضخم ضمن المحافظ الاستثمارية طويلة الأجل، إلى جانب النفط. وارتفع سعر الذهب الفوري بنسبة 0.2% ليصل إلى 3,389.61 دولاراً للأونصة عند الساعة 7:23 صباحاً في سنغافورة. فيما استقر مؤشر "بلومبرغ" للدولار بعد خسارة بنسبة 0.6% يوم الإثنين. أما الفضة، فقد استقرت بعد أن لامست أعلى مستوى لها منذ أكتوبر، بينما سجّل البلاتين ارتفاعاً طفيفاً، وبقي البلاديوم من دون تغيير يُذكر. تترقب الأسواق هذا الأسبوع صدور مجموعة من مؤشرات سوق العمل في الولايات المتحدة، بما في ذلك تقرير الوظائف لشهر مايو، والتي من شأنها أن توجه سياسة مجلس الاحتياطي الفيدرالي النقدية. ويُعدّ خفض أسعار الفائدة عاملاً إيجابياً عادةً بالنسبة للذهب، كونه لا يدرّ عائداً.

عقود الألومنيوم والصلب الأميركية تقفز مع تعهد ترمب بمضاعفة الرسوم
عقود الألومنيوم والصلب الأميركية تقفز مع تعهد ترمب بمضاعفة الرسوم

الشرق للأعمال

timeمنذ ساعة واحدة

  • الشرق للأعمال

عقود الألومنيوم والصلب الأميركية تقفز مع تعهد ترمب بمضاعفة الرسوم

قفزت العقود الآجلة للألومنيوم والصلب في الولايات المتحدة، بعدما قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب إنه سيضاعف الرسوم الجمركية على هذه المعادن هذا الأسبوع. ارتفعت عقود الألومنيوم المسلّم إلى منطقة الغرب الأوسط الأميركي بنسبة 54%، لتسجل أعلى مستوى لها منذ عام 2013 في بورصة "كومكس" في نيويورك يوم الإثنين، ما يعطي لمحة أولية عن التكاليف المرتفعة التي ستواجهها المصانع الأميركية، في ظل رفع الرسوم الجمركية إلى 50% اعتباراً من يوم الأربعاء. يُستخدم الألومنيوم في مجموعة واسعة من المنتجات، من علب الجعة إلى محركات السيارات وإطارات النوافذ. وقد بلغ سعره في الغرب الأوسط الأميركي علاوة قدرها 58 سنتاً للرطل، أو نحو 1,280 دولاراً للطن، مقارنة بعقود لندن القياسية. وهذا يشير إلى أن المشترين في أميركا قد ينتهي بهم الأمر إلى دفع نحو 50% أكثر من منافسيهم الدوليين، للحصول على المعدن. تحذيرات من ارتفاع أسعار مواد البناء يأمل ترمب أن يؤدي رفع الرسوم إلى حماية هوامش أرباح المصانع المحلية، وتحفيز الاستثمارات في قدرات إنتاج جديدة، وقد قفزت أسهم شركات الصلب والألومنيوم الأميركية في التداولات اللاحقة لإغلاق الجمعة، بعد إعلان القرار. لكن شركات البناء حذّرت من أن فرض رسوم إضافية على الصلب والألومنيوم، والتي كان ترمب قد رفعها سابقاً من 10% إلى 25%، سيزيد من كلفة مواد البناء الأساسية. وارتفعت عقود الصلب الآجلة في بورصة "كومكس" بأكثر من 8% قبل أن تتراجع جزئياً يوم الإثنين. على الرغم من أن العقود المستقبلية لكلا المعدنين تُعد منخفضة السيولة نسبياً، إلا أن التحركات تشير إلى أن العبء التجاري للرسوم سيقع بشكل أساسي على سوق الألومنيوم الأميركية. ويُذكر أن أكثر من 80% من الألومنيوم المستخدم في الولايات المتحدة يتم استيراده، مقابل أقل من 20% بالنسبة للصلب، بحسب "مورغان ستانلي". كتب محللو "سيتي غروب" في مذكرة: "نتوقع ارتفاع الأسعار، فالولايات المتحدة لا تملك طاقة إنتاج محلية كافية لأي من المعدنين". وأضافوا أن الرسوم المفروضة على الألومنيوم، على وجه الخصوص، ""كانت في الغالب بمثابة ضريبة على المستهلكين حتى الآن". الأسواق العالمية تترقب رسوم النحاس تداولت عقود الألومنيوم القياسية في بورصة لندن للمعادن بارتفاع نسبته 0.9% لتستقر عند 2,466 دولاراً للطن عند الساعة 5:50 مساءً بالتوقيت المحلي. كما ارتفع النحاس بنسبة 1.2% في لندن، وسجل مكاسب تقارب 4% في بورصة "كومكس"، إذ قال محللون إن تشديد الرسوم الجمركية يزيد من احتمالات أن ينفذ ترمب خططه لفرض رسوم على هذا المعدن أيضاً. وكتب محللون في "مورغان ستانلي" بقيادة آيمي غاور: "يبدو أن السوق تسعّر الآن احتمالات أعلى لفرض رسوم على النحاس، مع تفوق أداء كومكس على بورصة لندن للمعادن". وأضافت أن المشترين الأميركيين قاموا بتكثيف الواردات قبل فرض الرسوم المحتملة. وتابعت: "في الوقت الراهن، من المرجح أن تستمر علاوة كومكس في جذب الإمدادات إلى السوق الأميركية، مما يقلص المخزونات خارج أميركا ويُبقي الأسواق الخارجية في حالة شح".

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store