logo
عن تحقيق التنمية في أفريقيا

عن تحقيق التنمية في أفريقيا

الشرق الأوسطمنذ 6 ساعات

هناك وجود صيني وروسي متزايد في الدول الأفريقية، يثير مخاوف أوروبا والولايات المتحدة الأميركية، من مغبة توسع الدولتين الغريمتين لهما؛ خاصة أنه وفقاً للتوقعات، ستكون القارة بحلول عام 2050 موطناً لربع سكان العالم؛ وبحلول عام 2075 سيرتفع العدد إلى الثلث؛ فالكثير من صفحات تاريخ هذا القرن ستكتب في أفريقيا.
وتفهم العواصم الغربية تداعيات تعزيز روسيا لوجودها في القارة بشكل كبير... كما تفهم تداعيات إنشاء الصين لطرق حرير جديدة؛ وأصبح هذا البرنامج الاستثماري الضخم في البنية التحتية بمثابة السياسة الكبرى للدولة... وقد نجح الرئيس الصيني شي جينبينغ في إقناع العديد من دول العالم، بما في ذلك دول أفريقيا، بالنسخة الحديثة لهذا الممر الاقتصادي والتجاري؛ ويقوم العملاق الصيني بتغيير الخريطة الاقتصادية العالمية على جميع الأصعدة.
وإذا تركنا جانباً مسألة النفوذ الدولي والصراع التجاري العالمي على المنطقة، فإن التكامل الاقتصادي بين الدول الأفريقية قليل ومؤسف جداً، إذ لا تتعدى فيه حصة أفريقيا في التجارة العالمية نسبة 3 في المائة، بينما تمثل المبادلات البينية الأفريقية نسبة 16 في المائة من مجموع التجارة الأفريقية، مقارنة بـ60 في المائة بالنسبة لأوروبا، و50 في المائة بالنسبة لآسيا، علماً أن أفريقيا قارة شاسعة وتزخر بخيرات كبيرة، حيث تمتلك 40 في المائة من الاحتياطيات العالمية من المواد الأولية، و30 في المائة من المعادن الاستراتيجية، إلى جانب ما تتوفر عليه من مؤهلات كبيرة في مجال الموارد المعدنية والطاقية والمائية والفلاحية والبيولوجية.
لم تنجح أفريقيا في جني ثمار المؤهلات والثروات التي تتوفر عليها، ولم تنجح في خلق قيم مضافة، ولا مداخيل جديدة لتمويل تنميتها واكتفت بدور المصدر لثرواتها. وتغيير هاته الحقائق يظل رهيناً بعوامل عدة بما في ذلك الاستثمار في تحويل ثرواتها الطبيعية وتثمينها محلياً وقارياً، وخلق سلاسل قيمة إقليمية وتشجيع التصنيع وخلق فرص العمل، وتعزيز التكامل الإقليمي وشبه الإقليمي.
وكل هذا ممكن؛ لأن الدول الأفريقية تملك اليوم نخباً جديدة متخصصة في جميع المجالات الصناعية والاقتصادية والتنموية بل وحتى العسكرية والاستراتيجية، وهاته النخب بالمناسبة هي التي غيرت مسار التعاون الأمني مع الدول المستعمرة القديمة لتفتح أبوابها لقوى دولية جديدة. كما أن الكثير من هاته النخب درست في الخارج ومارست مهناً تنموية متعددة قبل أن ترجع إلى بلدانها الأصلية.
فالذي تحتاج إليه الدول الأفريقية هو تغيير سياساتها العمومية وتبني سياسات قائمة على قواعد رياضية دقيقة والزيادة في الاستثمار في العقول والتعليم وفي الثقافة المجتمعية واعتماد منهجي الإبداع والريادية وربطهما بالاستثمار، وبعلاقات الإنتاج وأساليب إدارتها، ومعالجة معوقات توطين التكنولوجيا. أما تغيير السياسات العمومية فيعني أولاً وقبل وكل شيء تغيير الأساليب المعتمدة في تمويل التنمية، بما في ذلك تعبئة متكاملة وذكية لموارد أفريقيا الداخلية، والقيام بإصلاحات هيكلية من أجل تقوية الإطار الماكرو - اقتصادي، وتشجيع آليات مبتكرة لتمويل التنمية، وعدم الاكتفاء بالدعم العمومي للتنمية، أو التمويلات الخارجية المنشئة للديون والمخربة للماليات العامة. إن دولاً مثل اليابان تبنت سياسات عمومية رائدة فنجحت في مجال التنمية وحققت المعجزات. فاليابان دولة مساحتها محدودة جداً ولكنها تمثل ثاني اقتصاد في العالم، ولا يخلو بيت من بيوتات العالم إلا وتجد آلة أو حاسوباً أو هاتفاً صنع في هذا البلد؛ فهاته البلدة عبارة عن مصنع كبير قائم على العلم وعلى السياسات العمومية الرائدة في مجال الصناعات المتطورة والاستثمارات الواقعية، وهي تستورد كل المواد الخام لإنتاج مواد مصنعة تصدرها لكل أقطار العالم؛ ولنأخذ دولة أوروبية وهي سويسرا. فعلى الرغم من عدم زراعتها للكاكاو الذي يأتيها من أفريقيا فإنها تنتج وتصدر أفضل شوكولاته في العالم؛ كما أنه رغم طبيعة جغرافيتها وضيق مساحتها الزراعية فإنها تنتج أهم منتجات الحليب في العالم.
كما أن الدول الأفريقية مطالبة بإحداث بيئات مؤسساتية اقتصادية واجتماعية مواتية للتنمية؛ ولا يمكن أن يتم ذلك إلا من خلال سقيها بمبادئ الحكامة الجيدة وتجويد مناخ الأعمال، وتقوية الشفافية، وحماية المستثمرين، والقضاء على الفساد وتخليق منظومة العدالة.
كما أن أفريقيا يجب أن تتحدث بصوت واحد حتى لا ينظر إليها على أنها قارة خلقت لتصدير الهجرة والمشاكل، بل هي قارة طموح لها من الموارد والإمكانات ما يمكنها من تبوُّء قدم صدق في مجال التنمية؛ وهذا الصوت الواحد يحب أن يسمع في المؤتمر الدولي الرابع حول تمويل التنمية، المزمع عقده بإشبيلية في أواخر هذا الشهر، وهو مناسبة تمكنها من الترافع من أجل تخفيض نسب الفائدة المرتفعة التي تقوض ماليات البلدان الأفريقية في الأسواق المالية الدولية، ومن أجل تحسين تمثيلية أفريقيا داخل النظام المالي الدولي، وهي مجتمعةً مطالب مشروعة ومن دونها لا يمكن تحقيق التنمية المنشودة.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

مدفيديف: كييف لا تتسلم جثث جنودها لكي لا تدفع تعويضات للأرامل
مدفيديف: كييف لا تتسلم جثث جنودها لكي لا تدفع تعويضات للأرامل

العربية

timeمنذ 41 دقائق

  • العربية

مدفيديف: كييف لا تتسلم جثث جنودها لكي لا تدفع تعويضات للأرامل

أعلن نائب رئيس مجلس الأمن الروسي دميتري مدفيديف، الأحد، أن كييف لا تتسلم جثث جنودها لأنها تخشى الاعتراف بأن هناك 6 آلاف جثة ولا تريد دفع تعويضات لأرامل الجنود. وكتب مدفيديف على منصة "إكس": "لا يريد الأوغاد في كييف استلام جثث جنودهم لسببين: من المخيف الاعتراف بوجود ستة آلاف منهم، ولا يريدون دفع تعويضات للأرامل"، بحسب تعبيره. يأتي ذلك فيما أكد ممثل مجموعة التفاوض الروسية ألكسندر زورين أن أوكرانيا لم تتواصل مع الجانب الروسي، وبالتالي فإن عملية تسليم جثث جنود القوات الأوكرانية القتلى وتبادل الأسرى لم تتم. وأفاد رئيس الوفد الروسي في المفاوضات مع أوكرانيا فلاديمير ميدينسكي في تصريح سابق أمس السبت بأن فريق التواصل التابع لوزارة الدفاع الروسية موجود على الحدود مع أوكرانيا، لكن الجانب الأوكراني أجل العملية من دون إبداء أسباب واضحة. وأضاف أن فريق المفاوضين الأوكراني لم يصل إلى موقع التبادل، واصفا الأعذار المقدمة من كييف بأنها "متباينة وغريبة إلى حد ما". ودعا رئيس الوفد الروسي إلى مفاوضات إسطنبول الجانب الأوكراني إلى تسلّم جثث 6000 من عسكرييه لتمكين ذويهم من دفنها بشكل لائق. ووفقا لاتفاق جولة المفاوضات الأخيرة في إسطنبول، كان من المقرر أن تبدأ عملية إنسانية اعتبارا من 6 يونيو الجاري، تشمل نقل جثث أكثر من 6 آلاف عنصر من القوات الأوكرانية، بالإضافة إلى تبادل الأسرى الجرحى والمصابين بأمراض خطيرة، جميع الأسرى ممن هم دون سن الـ25 عاما. وطالب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي السبت في كلمته المسائية الدول الغربية الداعمة لكييف بممارسة مزيد من الضغوط على روسيا وقال "الروس يستعدون لمواصلة الحرب، متجاهلين كل مقترحات السلام. يجب محاسبتهم على ذلك". وأضاف أن "الضغوط أجبرت روسيا على الدخول في عملية التفاوض. الضغوط قادرة على إجبار روسيا على أن تكون واقعية في عملية التفاوض". وباتت روسيا تسيطر على حوالي 20% من أراضي أوكرانيا، من بينها شبه جزيرة القرم التي ضمتها في العام 2014.

مؤسس «تيك توك» أثرى أثرياء الصين
مؤسس «تيك توك» أثرى أثرياء الصين

عكاظ

timeمنذ 41 دقائق

  • عكاظ

مؤسس «تيك توك» أثرى أثرياء الصين

أخبار ذات صلة تصدّر مؤسس تطبيق «تيك توك» تشانغ يى مينغ قائمة أثرياء الصين لعام 2025، رغم التحديات التي تواجهها الشركة، بما في ذلك تهديدات الحظر في بعض الدول. وبلغت ثروته 43 مليار دولار، متفوقاً على مؤسس «تينسنت» ما هواتينغ. ويُعزى هذا النجاح إلى النمو المستمر لتطبيق «تيك توك» وتوسّعه في الأسواق العالمية. وعلى الرغم من الضغوط السياسية، تمكّنت الشركة من الحفاظ على مكانتها في السوق. يُذكر أن «تيك توك» يواجه تدقيقاً متزايداً في بعض الدول بسبب مخاوف تتعلق بالخصوصية والأمن القومي.

عناصر من الجيش الأوكراني بجبهة القتال - مايو 2025
عناصر من الجيش الأوكراني بجبهة القتال - مايو 2025

العربية

timeمنذ 2 ساعات

  • العربية

عناصر من الجيش الأوكراني بجبهة القتال - مايو 2025

قال عمدة موسكو سيرغي سوبيانين، اليوم الأحد، إن أنظمة الدفاع الجوي الروسية أسقطت مسيرة رابعة كانت تهاجم منطقة موسكو منذ بزوغ الفجر، وفقا لما ذكرته تقارير إخبارية. وكتب سوبيانين في قناته الرسمية على "تليغرام": "أسقطت أنظمة الدفاع الجوي الروسية مسيرة كانت تهاجم منطقة موسكو. ويعمل المستجيبون الأوائل في موقع الحطام"، بحسب وكالة أنباء "تاس" الروسية. وكانت أنظمة الدفاع الجوي الروسية قد صدت في وقت سابق هجمات ثلاث مسيرات كانت تتجه نحو موسكو. وكانت وزارة الدفاع الروسية قد أكدت قبلها أن منظومات الدفاع الجوي دمرت 32 طائرة مسيرة أوكرانية فوق مقاطعتي كورسك وأوريول خلال ثلاث ساعات، أمس السبت. وقالت الوزارة: دمرت منظومات الدفاع الجوي المناوبة 32 طائرة مسيرة أوكرانية: 27 طائرة مسيرة فوق أراضي مقاطعة كورسك وخمس طائرات مسيرة فوق أراضي مقاطعة أوريول". وصباح السبت، أعلنت الوزارة إسقاط أربع مسيرات أوكرانية في أجواء مقاطعة بيلغورود، وتدمير 36 مسيرة أوكرانية في أجواء 5 مقاطعات روسية خلال الليلة السابقة. الرد الروسي "لم يأتِ بعد" يأتي ذلك فيما ذكر مسؤولون أميركيون لـ"رويترز" أن الولايات المتحدة تعتقد أن التهديد الذي وجهه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالانتقام من أوكرانيا ردا على هجومها بالطائرات المسيرة في مطلع الأسبوع الماضي لم ينفذ بعد، ورجحوا أن يكون الرد كبيرا ومتعدد الجوانب. وذكر أحد المصادر أن توقيت الرد الروسي لا يزال غير واضح، لكنه متوقع خلال أيام. وأوضح مسؤول أميركي ثانٍ أن الضربة الروسية المرتقبة من المتوقع أن تشمل استخدام وسائل هجومية مختلفة مثل الصواريخ والطائرات المسيرة. وتحدث المسؤولون شريطة عدم الكشف عن هوياتهم، ولم يذكروا تفاصيل عن أهداف الهجوم الروسي المحتمل أو الجوانب المخابراتية للأمر. وقال المسؤول الأول إن الضربة الروسية ستكون "غير متماثلة"، أي أن طبيعتها وأهدافها ستختلف عن الهجوم الأوكراني الذي استهدف مقاتلات روسية في الأسبوع الماضي. أطلقت روسيا وابلا مكثفا من الصواريخ والطائرات المسيرة على العاصمة الأوكرانية كييف يوم الجمعة، وقالت وزارة الدفاع الروسية إن الهجوم على أهداف عسكرية وأخرى لها صلة بالجيش كان ردا على ما وصفته بأنه "أعمال إرهابية" أوكرانية ضد روسيا. لكن المسؤولين الأميركيين يعتقدان أن الرد الروسي الكامل لم يأت بعد. عملية "شبكة العنكبوت" وتقول كييف إن الهجوم الجريء الذي وقع يوم الأحد الماضي استخدمت فيه 117 طائرة مسيرة تم إطلاقها من عمق الأراضي الروسية في عملية أطلق عليها اسم "شبكة العنكبوت". وتشير تقديرات الولايات المتحدة إلى أن ما يصل إلى 20 طائرة حربية أصيبت، أي حوالي نصف العدد الذي قدره الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، وتم تدمير حوالي 10 طائرات. ونفت الحكومة الروسية يوم الخميس تدمير أي طائرات وقالت إن الأضرار سيتم إصلاحها، لكن المدونين العسكريين الروس تحدثوا عن خسائر أو أضرار جسيمة لحقت بحوالي 12 طائرة، بما في ذلك تلك القادرة على حمل أسلحة نووية. ووجهت الضربات، التي تم إعدادها على مدى 18 شهرا ونفذتها طائرات مسيرة تم تهريبها بالقرب من القواعد في شاحنات، ضربة رمزية قوية لروسيا التي دأبت طوال الحرب الأوكرانية على تذكير العالم بقوتها النووية. وأبلغ بوتين نظيره الأميركي دونالد ترامب في اتصال هاتفي يوم الأربعاء أن موسكو ستضطر للرد على الهجوم، حسبما قال ترامب في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store