logo
طوفان الخرائط بين لبنان وسوريا... هندسة بالدمّ بدل الحبر

طوفان الخرائط بين لبنان وسوريا... هندسة بالدمّ بدل الحبر

تحولّت التسريبات الصحافية، تحت مسمّى "مصادر" وتصريحات عشوائية، وربما يكون بعضها لملء "الهواء"، إلى أكثر من مادّة للتجاذب... إلى هاجس حول مصير فرضته التطورات الأخيرة في سوريا ولبنان وغزة تحديداً. فحين يخرج أحدهم ليذكّرنا بشرق أوسط "جديد" لم نتنه من فهم قديمه وتخطّي مشكلاته، فإن هذا يعني أن عقلية "سايكس - بيكو" وهندسة خرائط الدول على مقاس المصالح ما زالت تتحكم بمفاصل يومياتنا.
في التعريف العام والواضح لهذا المصطلح، الذي كانت وزيرة الخارجية الأميركية السابقة كوندوليزا رايس أول من استخدمه خلال حرب تموز/يوليو 2006، واستخدمته إسرائيل والولايات المتحدة لاحقاً وما تزالان، فإن هذا الشرق سيُعاد فيه ترسيم الحدود والنفوذ والتحالفات وفرض شروط جديدة، وسيكون فيه لإسرائيل كالمعتاد اليد العليا.
توم برّاك وبلاد الشام والحدود الوهمية
في مجرى "الشرق الأوسط الجديد"، تصبّ تصريحات حملت أكثر من دلالة: حذّر المبعوث الرئاسي الأميركي الخاص توم برّاك من سيطرة قوى إقليمية على لبنان إن لم تنجح حكومته في التغلب على إشكالية سلاح حزب الله، قائلاً لصحيفة "ذا ناشيونال" إنّ لبنان قد يواجه تهديداً وجودياً: "إسرائيل من جهة، وإيران من جهة أخرى، والآن سوريا تتجلّى بسرعة كبيرة، وإذا لم يتحرّك لبنان فسيعود إلى بلاد الشام من جديد. فالسوريون يقولون لبنان منتجعنا الساحلي".
سبق موقف برّاك هذا قوله إن الغرب فرض قبل قرن من الزمان خرائط وانتدابات وحدوداً مرسومة بالحبر، وإن اتفاقية "سايكس بيكو" قسمت سوريا والمنطقة لأهداف استعمارية وليس من أجل السلام، معبراً عن إيمانه بأن ذلك التقسيم كان خطأ مكلفاً دفعت ثمنه أجيال بأكملها، ولن يتكرّر مرة أخرى؛ وأن زمن التدخل الغربي انتهى والمستقبل سيكون لحلول تنبع من داخل المنطقة، عبر الشراكات القائمة على الاحترام المتبادل.
دخل برّاك بتصريح من هنا، وبمنشور على إكس من هناك، عمق لبنان وسوريا، بتهديدات غير معلنة تلمّح إلى احتمال رسم خرائط جديدة للمنطقة بالدمّ أو الحبر أو بالتفاهمات... لا يهمّ، فالمهمّ أنه تحدّث بلسان الرئيس الأميركي دونالد ترامب العائد إلى البيت الأبيض تحت شعار "Let's make a deal"... وإلّا! ولو كنا لا نعرف برّاك، والمهمة التي يجوب المنطقة من أجلها، لما انتابنا الشكّ بشأن تزامن تصريحاته مع تقارير إسرائيلية لم يؤكدها أي موقف رسمي سوري ولم ينفها، تدّعي بأنّ هناك سيناريوين مطروحين حالياً للتسوية السياسية المقبولة بين إسرائيل وسوريا:
السيناريو 1: تحتفظ إسرائيل بمناطق استراتيجية في مرتفعات الجولان تعادل ثلث أراضيها، وتسلّم ثلثاً لسوريا، وتستأجر الثلث الآخر من سوريا لمدة 25 عاماً.
السيناريو 2: تحتفظ إسرائيل بثلثي هضبة الجولان، وتُسلم الثلث إلى سوريا، مع إمكانية تأجيره، على أن يرافق ذلك تسليم مدينة طرابلس اللبنانية، القريبة من الحدود اللبنانية-السورية، وربما مناطق لبنانية أخرى في شمالي لبنان وسهل البقاع، إلى سوريا.
مسألة طرابلس
بحسب التبرير الإسرائيلي، تسعى سوريا إلى استعادة السيادة على طرابلس، انطلاقاً من مزاعم تفيد بأنها واحدة من خمس مناطق اقتطعها الانتداب الفرنسي من سوريا لتأسيس لبنان. يجب أيضاً أن تشمل التسوية تسليم طرابلس ومناطق لبنانية أخرى ذات أغلبية سنية إلى سوريا، بشرط السماح لإسرائيل بتمديد خط أنابيب لنقل المياه من الفرات إلى إسرائيل، وذلك في إطار اتفاق مائي يشمل تركيا وسوريا وإسرائيل.
وفي تصريح صادم، ذهب الناشط السوري كمال اللبواني أبعد من ذلك، قائلاً: "لبنان ليس دولة ولا نعترف به. وإن جرى أخذ اللاذقية وطرطوس (من منطلق تقسيم سوريا)، فنحن مضطرون لضم طرابلس وصيدا إلى سوريا بالقوّة"، واصفاً لبنان بأنه "كذبة تاريخية وخطأ جغرافي صنعته فرنسا".
يقول المؤرخ اللبناني الراحل كمال الصليبي في كتابه "بيت بمنازل كثيرة" إن الحكم العثماني في المنطقة بدأ بعد معركة مرج دابق في 1516، وأدرجت "مملكة طرابلس" السابقة -وكانت تابعة للمماليك– تحت سلطة إيالة دمشق العثمانية، التي أنشئت حديثًا آنذاكِ. وفي عام 1521، تحولت طرابلس موقتًا إلى إيالة مستقلّة، ثم أنشئت إيالة طرابلس رسميًا فى عام 1579، ممتدة على طول الساحل من المنحدرات الجنوبية لجبال الأمانوس، وشملت جبال العلويين والأجزاء الشمالية من جبل لبنان، وصولاً إلى وادى المعاملتين، وشملت -إلى جانب مدينة طرابلس- مدن اللاذقية وجبلة وطرطوس وجيبل، وأحيانًا حمص وحماة، وكانت تتمتع بتنوع سكاني يشمل السنة والعلويين والإسماعيليين والموارنة والأرثوذكس، إلى جانب أقلية يهودية صغيرة. وقد استمر هذا التعيين حتى زمن الإصلاحات العثمانية في 1864، حين تم دمج طرابلس فترة وجيزة في ولاية سوريا المنشأة حديثًا (1864-1888)، ثُم ألحقت بولاية بيروت في عام 1888. وفي عام 1920، ضُمت طرابلس ومنطقتها إلى متصرفية جبل لبنان من ولاية بيروت، وليس من ولاية سوريا، فتأسست دولة لبنان الكبير.
لا نعرف علام استند اللبواني أو التقرير الإسرائيلي، لكن التاريخ لا يُروى من وجهات نظر بل من وقائع، ومنها أن لبنان لم يُولد مع الانتداب الفرنسي، كما يظن البعض، بل كان منذ قرون كياناً قائماً في داخل النظام العثماني، يتمتع بخصوصية إدارية وسياسية، وبأنظمة ضريبيّة محليّة وبحكم ذاتي نسبيّ تحت قيادة أمراء، أبرزهم فخر الدين المعني الثاني. هذا الكيان لم يكن هامشياً، بل كان جزءاً فاعلاً من التوازنات الإقليمية داخل السلطنة.
أما نشأة الجمهورية اللبنانية الحديثة، فلم تكن نتاج "خطأ استعماري"، بل نتيجة مسار سياسي طويل، خاضته نخب من مختلف الطوائف اللبنانية —من موارنة ودروز وسنة وشيعة— فأثمر نضالهم قيام دولة لبنان الكبير في عام 1920، التي شكّلت بداية تأسيس لبنان الحديث.
أول كلام عن تغيير هذه الخريطة أتى من وزير الخارجية الأميركي الراحل هنري كيسنجر. فبحسب تقارير تسربت من الخارجية الأميركية، خطط كيسنجر لتقسيم الشرق الأوسط في عام 1974، إذ رأى أن الأفضل هو تفتيت الدول الوطنية وإقامة دويلات تمثل الأقليات العرقية والطائفية، مؤمناً بأن التقسيم الرأسي والعمودي يمكّن إسرائيل من التعامل مع دويلات الأقليات بدلاً من كونها الحالة الشاذة الوحيدة، ويسهل بناء علاقات أميركية مع الدويلات الطائفية من موقع اليد العليا.
فقد أدرك كيسنجر أن عزل مصر عن الجبهة العربية يُضعف العرب -تحديداً سوريا والأردن، إضافة إلى منظمة التحرير الفلسطينية- في مواجهة إسرائيل، فطبّق ذلك بتفكيك التحالف العربي وتشجيع التفاوض المنفصل، وعزل الدول العربية بعضها عن بعض. وبحسب الوثائق المسربة نفسها، رسم كيسنجر خطة لإعادة توطين المسيحيين اللبنانيين في الغرب للسماح للاجئين الفلسطينيين بالاستقرار في لبنان، وإلغاء ما يسمى "حق العودة".
لم يكن كيسنجر وحده من خطط لتقسيم المنطقة. فقد وضع المستشرق برنارد لويس خطة لتفتيت البلدان العربية والإسلامية إلى دويلات عرقية ودينية وطائفية، وإضعاف الوحدة الإسلامية، وتدمير الدول الكبرى في المنطقة، وخلق توازن قوى بين الدول وحتى بين الأديان. كذلك خطط المحلل الإسرائيلي عوديد ينون في عام 1982 لتحويل إسرائيل إلى قوة إمبراطورية إقليمية، بتفكيك جميع الدول العربية إلى دويلات صغيرة، وتقسيم سوريا والعراق على أسس عرقية ودينية.
أما الجنرال الأميركي المتقاعد رالف بيترز فنشر في عام 2006 خريطة "الشرق الأوسط الجديد"، بعدما أعاد رسم حدود المنطقة بناءً على الانقسامات العرقية والطائفية، فشملت خريطته دولةً درزية في جبل العرب، ودولة علوية في الساحل السوري، ودولة سنية تترامى أطرافها إلى طرابس اللبنانية التي ستكون معبراً بحرياً للدولة السنية.
ديما عبد الكريم - النهار
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

هل تنقذ 'الهدنة الإنسانية' الفلسطينيين في غزة من 'المجاعة'؟
هل تنقذ 'الهدنة الإنسانية' الفلسطينيين في غزة من 'المجاعة'؟

سيدر نيوز

timeمنذ 2 ساعات

  • سيدر نيوز

هل تنقذ 'الهدنة الإنسانية' الفلسطينيين في غزة من 'المجاعة'؟

Reuters وسط حالة من الحذر، أبدى فلسطينيون في قطاع غزة تفاؤلهم حيال الهدنة الإنسانية المعلنة من جانب واحد من قِبل إسرائيل لاستئناف دخول المساعدات التي انقطعت بشكل كامل منذ مارس/ آذار الماضي. وتحدّث عدد من الفلسطينيين في القطاع لبي بي سي عن الهدنة ومدى فاعليتها في إنقاذ سكان القطاع من المجاعة وما قد تتعرض له من عراقيل في المستقبل قد تحول دون استمرار تدفق المساعدات. وقالت مصادر إعلامية من الجانب المصري لمعبر رفح لبي بي سي إن نحو 100 شاحنة محملة بالمساعدات الإنسانية دخلت صباح الأحد إلى معبر كرم أبو سالم، إذ أفرغت حمولتها هناك لفحصها تمهيداً لإدخالها إلى قطاع غزة. وأضافت المصادر أنها رصدت المزيد من الشاحنات القادمة من مدينة العريش بشمال سيناء باتجاه معبر رفح الحدودي بين مصر وقطاع غزة، فيما بدا أنه استعداد لدخولها لاحقاً إلى القطاع. وقال مراسل بي بي سي لشؤون غزة في إسطنبول رشدي أبو العوف إن سكان غزة رحبوا 'بحذر' بتقارير عن هدنة إنسانية مؤقتة للسماح بدخول المساعدات إلى القطاع المحاصر، لكن الكثيرين يقولون إن هذه الإغاثة يجب أن تكون بداية لحل أوسع نطاقاً ودائماً للأزمة المتفاقمة. وأعلن الجيش الإسرائيلي أنه سيفتح ممرات إنسانية للسماح بدخول قوافل الغذاء والدواء، بعد تحذيرات من المجاعة وأسابيع من الضغط الدولي. تفاصيل 'الهدنة' الإسرائيلية Reuters أعلن الجيش الإسرائيلي بدء 'تعليق تكتيكي محلي للأنشطة العسكرية لأغراض إنسانية' في مناطق محددة من قطاع غزة، اعتباراً من الأحد وحتى إشعار آخر. ويستمر التعليق يومياً من الساعة السابعة صباحاً حتى الخامسة مساءً بتوقيت غرينتش، ويشمل تعليق العمليات منطقة المواصي ومدينتي غزة ودير البلح، مع استمرار 'العمليات الهجومية ضد المنظمات الإرهابية'، وفق ما أعلنه المتحدث باسم الجيش أفيخاي أدرعي على منصة إكس. وأوضح أدرعي أن القرار جاء بعد مباحثات مع الأمم المتحدة ومنظمات دولية، وجرى بموجبه تحديد 'ممرات آمنة' من السادسة صباحاً حتى الحادية عشرة مساءً، لتسهيل دخول قوافل الإغاثة. وكانت هيئة البث الإسرائيلية قد ذكرت أن القرار يأتي في إطار 'هدنة إنسانية لساعات طويلة'، استجابة للانتقادات الدولية المتزايدة بشأن الوضع الإنساني في غزة. وأفادت الهيئة أن القرار اتُخذ خلال جلسة مشاورات مصغّرة عقدها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بمشاركة وزيري الدفاع يسرائيل كاتس والخارجية جدعون ساعر، دون حضور وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، الذي عبّر عن غضبه تجاه القرار. ورحّب منسّق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة، توم فليتشر، الأحد، بتوفير طرق برية آمنة لدخول القوافل الإنسانية إلى قطاع غزة، مشيراً إلى أنّ الأمم المتحدة ستحاول الوصول إلى أكبر عدد ممكن من الناس الذين يتضوّرون جوعاً. 28 دولة من بينها بريطانيا وفرنسا تطالب في بيان مشترك بوقف الحرب في غزة، وإسرائيل ترد: 'بيان منفصل عن الواقع' برنامج الأغذية يقول إن ثلث أُسَر غزة لا يأكلون لأيام 'أطعمة منتهية الصلاحية' قالت رشا الشيخ خليل، وهي أم لأربعة أطفال تبلغ من العمر 39 عاماً من مدينة غزة، لبي بي سي: 'بالطبع أشعر ببعض الأمل مجدداً، لكنني أشعر أيضاً بالقلق من استمرار المجاعة بعد انتهاء تعليق القتال'. وأضافت: 'قافلة مساعدات واحدة أو بضع طرود جوية لن تكفي. نحن بحاجة إلى حل حقيقي، لإنهاء هذا الكابوس، ونهاية للحرب'. وأعربت نيفين صالح، وهي أم لستة أطفال، عن مخاوفها حيال جودة الطعام تحديداً، قائلة: 'الأمر لا يتعلق بكمية الطعام فحسب، بل بجودته أيضاً'. وأضافت: 'لم نتناول فاكهة أو خضاراً طازجة واحدة منذ أربعة أشهر. لا يوجد دجاج، ولا لحم، ولا بيض. كل ما لدينا هو أطعمة معلبة غالباً ما تكون منتهية الصلاحية، بالإضافة إلى دقيق'. وقال رامي طه، الذي يسكن في وسط غزة لبي بي سي: 'زوجتي وأحد أطفالي الخمسة مصابان بالداء البطني (السيلياك وهو حساسية الجسم ضد الغلوتين في القمح والشعير والشوفان وحبوب أخرى)'. وأضاف: 'قبل الحرب، كنت أشتري لهم منتجات خالية من الغلوتين. الآن، لا يوجد شيء. أضطر إلى نقلهم إلى المستشفى كل بضعة أيام للحصول على محاليل وريدية'. وقال أحمد طه، صاحب متجر في شمال غزة: 'هذا ليس حلاً دائماً، إنه أشبه بإعطاء مسكنات الألم لمريض سرطان دون علاجه'. Reuters قال شاهد عيان من غزة لبي بي سي: 'بينما كنا نجلس، سمعنا ضوضاء هائلة فظننا أنهم يلقون علينا قنابل نووية. لكننا وجدنا أن مظلات تهوي من أعلى فأسرعنا، متجهين إليها كغيرنا وهجم الناس على مظلة منها'. وأضاف، وهو يبكي: 'حصلت على كيس سكر سبعة كيلو جرامات، لكننا نقول للعالم أننا لا نريد أي شيء إلا الخلاص فقط. لا نريد طعاماً ولا أي شيء آخر. انقذونا لوجه الله'. وتابع، وهو يجهش بالبكاء: 'أنا خسرت أهلي كلهم في الحرب، لم يعد منهم أحد، فأنقذونا'. وقال شاهد عيان آخر: 'أُلقيت المظلات وبدأ تدافع الناس نحوها. وأثناء التدافع سقط ولد تحت المظلة فتلقّى ضربة في خصره، وها هو يرقد بعد أن أُصيب بالشلل، والله وحده أعلم ماذا سيكون مصيره'. وأكد ثالث: 'فوجئنا أن هناك صوتاً غريباً في المنطقة، فتفقّدنا الأمر لنكتشف المصيبة، قد سقطت في المنطقة كلها، وهي المظلات'. وأضاف: 'وُجِد 6 مليون شخص في المنطقة في خمس دقائق. لا ندري من أين جاء هؤلاء، هل ألقوهم مع المظلات؟! لم نتمكن حتى من رؤية محتويات هذه المساعدات… هذا ذل وحرام'. من جانبها، قالت مسؤولة في مكتب برنامج الغذاء العالمي بمصر لبي بي سي: إن 'الشاحنات التي انطلقت من الجانب المصري باتجاه معبر كرم أبو سالم ما زالت موجودة في المعبر الرابط بين إسرائيل وقطاع غزة ولم تدخل القطاع بعد'. وبحسب المعلومات المتوفرة لديها حتى ظهر الأحد. وأشارت إلى أن البرنامج سيقوم بنشر مزيد من التفاصيل تباعاً. وأعلنت وزارة الصحة في قطاع غزة أن عشرات الأشخاص يموتون بسبب سوء التغذية. وقدّرت يوم الأحد عدد الوفيات الناجمة عن سوء التغذية منذ بدء الحرب بـ 133 حالة، معظمهم في الأسابيع الأخيرة. ونفت إسرائيل ما وصفته بـ'الادعاء الكاذب بالتجويع المتعمد' في غزة. 'هذه ليست هدنة' قال أحد سكان غزة لبي بي سي: 'باعتقادي أن هذه الهدنة بمثابة صورة تجميلية للاحتلال أمام العالم وأنه أصبح إنساني وأصبح يبحث عن الإنسانية بعد الجرائم التي ارتكبها بحق شعبنا بما فيها المراكز الإنسانية التي أنشأها بهدف إهانة وإذلال شعبنا'. وأضاف أن 'هذا إجراء تكتيكي لأن الهدنة لا تشمل جميع المناطق، إنما مناطق محددة لدخول المساعدات'. وأكّد أن 'هدنة ليوم واحد لا تكفي، وأعتقد الهدف هو إدخال 200 شاحنة لرسم صورة تجميلية'. وقال آخر: 'هذه أصلاً ليست هدنة لأنهم أعلنوا وقف إطلاق نار لساعات معينة، فهي ليست هدنة، إذ إن أكثر من 70 في المئة من مساحة غزة في الأساس لا تزال تحت سيطرة اليهود، وإن النازحين لن يعودوا إلى منازلهم، فما هي فائدة هذه الهدنة إذاً؟ إنها فقط ذر للرماد في العيون حتى يقولوا للعالم أدخلنا مساعدات، لكنها لم ولن تُجدي نفعاً'. وأضاف أن 'الشاحنات التي يدخلونها لو ظلوا سنة…. نحتاج إلى شهر كامل يدخل فيها 1000 شاحنة يومياً حتى يأكل الناس فقط. نريد أن تدخل المساعدات، لكن لابد أن تدخل وتُوزّع بالطريقة الصحيحة'. وأشار أحد السكان الآخرين من غزة، في تصريحات أدلى بها لبي بي سي: 'طبعاً هذه ليست هدنة ولا وقف إطلاق نار، إنما هو وقف إطلاق نار تكتيكي في بعض المناطق حيث سيسمح الاحتلال بدخول الشاحنات من ممر إنساني لقوافل المساعدات، على حد زعمه'. وأشار إلى أنه 'بالتأكيد لن يكن هذا اليوم كافياً، لكن الاحتلال أراد فصل الملف الإغاثي عن ملف العمليات العسكرية، وبالتالي سيسمح بظهور صورة إيجابية عنه مغايرة لما هو كائن على أرض الواقع تماماً'. وأكد أن هذه 'ليست هي الطريقة الصحيحة، بل ينبغي أن تدخل عبر مؤسسات أممية، مؤسسات عالمية كما كان يجري قبل وقف إطلاق النار في بداية العام'. وقالت سيدة فلسطينية من غزة لبي بي سي: 'طبعاً الوقفات والهدنة الإنسانية غير كافية لأننا نتحدث عن شعب مُجَوَّع لأكثر من عام ونصف العام. وهناك مجاعة حقيقية في شمال وجنوب ووسط القطاع منذ استئناف الحرب على قطاع غزة'. وأضافت: 'ينبغي إدخال حوالي 600 شاحنة يومياً إلى قطاع غزة ولم تكون كافية لأهل غزة الذين جاعوا منذ عدة أشهر'. وتابعت: 'نتمنى أن تكون الهدنة الإنسانية فاتحة خير على الجميع ويستمر ضخ المساعدات بمعرفة مؤسسات دولية وأن تُوزع على الناس بالشكل الصحيح'. 'تواطؤ في ارتكاب جرائم دولية' طالب المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة فولكر تورك، الأحد، دول العالم بممارسة جميع أشكال الضغط الممكنة على إسرائيل من أجل 'إيقاف المجازر بشكل دائم في قطاع غزة'. واعتبر تورك أن 'عدم استخدام الدول لنفوذها من شأنه أن يمثل تواطأً في ارتكاب جرائم دولية'. وشدد على أن ضرورة اتخاذ خطوات ملموسة من قبل حكومات العالم لضمان امتثال إسرائيل لما يجب عليها من التزامات بتوفير الغذاء والكافي والاحتياجات الأساسية المنقذة للحياة لسكان غزة. وقال فولكر تورك: 'أصبحت غزة مشهداً بائساً للهجمات المميتة والدمار الكامل، إذ يموت الأطفال جوعاً أمام أنظار العالم'. وأشار إلى أن 'مراكز توزيع المساعدات الفوضوية والعسكرية التي توفرها مؤسسة غزة الإنسانية بدعم من الولايات المتحدة وسلطات الاحتلال الإسرائيلي تفشل تماماً في إيصال المساعدات الإنسانية بالحجم المناسب وعلى النطاق المطلوب'. وأكد أن 'إسرائيل قتلت أكثر من ألف شخصاً منذ نهاية مايو/ أيار الماضي أثناء محاولتهم الحصول على الطعام'. وأشار إلى 'ممارسات قوات الاحتلال خلّفت أكثر من 200 ألف فلسطينياً بين قتيل وجريح منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول عام 2023، وهو ما يعادل حوالي 10 في المئة من سكان القطاع'، مؤكّداً: 'لن ننسى أبداً أن 300 من زملائنا قُتلوا جراء العمليات العسكرية الإسرائيلية'. وأشار إلى أنه أدان ما حدث في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول في العديد من المناسبات، وما فعلته حماس وغيرها من الجماعات الفلسطينية. لكنه في نفس الوقت أكّد إدانته 'نطاق وحجم القتال والدمار والبؤس الذي يعيشه الفلسطينيون في غزة منذ ذلك الحين'، محذراً من 'ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية'. وأشار إلى أنه شدّد في وقتٍ سابقٍ على ضرورة اتخاذ كل ما يلزم من أجل الحيلولة دون تعرض الفلسطينيين للإبادة، بما يتوافق مع إجراءات محكمة العدل الدولية. 'المفاوضات لم تتعثر' في غضون ذلك، قال مصدر مصري مطلع على مسار المفاوضات بشأن وقف إطلاق النار في غزة بأن إدخال المساعدات من مصر إلى القطاع يجري بالتنسيق بين الجانبين المصري والإسرائيلي، عبر 'مسار تفاوضي مباشر بين البلدين'. لكنه أوضح، في تصريحات أدلى بها لبي بي سي، أن 'الهدنة الإنسانية هي فكرة أمريكية بالأساس'، واصفاً إياها بأنها 'بروفة لما هو قادم'. ورجح المصدر أن تُستأنف المفاوضات بشأن الهدنة في غزة خلال الأسبوع الجاري. وكانت القاهرة والدوحة قد أصدرتا بياناً مشتركاً أكدتا فيه أن المفاوضات لم تتعثر رغم مغادرة الوفدين الإسرائيلي والأمريكي، وأنها ستُستأنف خلال هذا الأسبوع. من جانبه، أوضح المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية السفير خلاف تميم في تصريحات لقناة 'إكسترا نيوز' المحلية، الأحد، أن 'التحركات المصرية في هذا الملف تسير على ثلاثة مسارات متوازية: المسار الأمني، ويشمل السعي إلى التوصل نحو تهدئة ووقف شامل لإطلاق النار، والمسار السياسي، ويتمثل في مواصلة حشد الدعم الدولي للاعتراف بالدولة الفلسطينية، والمسار الإنساني، ويهدف إلى ضمان تدفق المساعدات إلى قطاع غزة رغم العراقيل التي تفرضها إسرائيل'. وقالت مصادر طبية فلسطينية في مستشفييْ 'الشفاء' بمدينة غزة و'العودة' بمخيم النصيرات وسط القطاع، إن ما لا يقل عن 20 شخصاً من منتظري المساعدات، بينهم 9 أطفال، قُتلوا منذ فجر الأحد، برصاص الجيش الإسرائيلي، قرب موقع زيكيم شمال غربي غزة، وبالقرب من موقع نتساريم بوسط القطاع. وبذلك يرتفع عدد القتلى منذ فجر الأحد، في قطاع غزة إلى 41 شخصاً، وفقا لأرقام وزارة الصحة في القطاع. وذكر شاهد العيان أبو سمير حمودة (42 عاماً) لوكالة الأنباء الفرنسية أن الجيش الإسرائيلي أطلق النار 'باتجاه المواطنين عندما حاولوا الاقتراب من الحاجز العسكري' الإسرائيلي في منطقة زيكيم شمال غرب منطقة السودانية. وقال الجيش الإسرائيلي، رداً على سؤال لفرانس برس عن هذا الأمر، إنّه ينظر في المسألة. وأشار في بيان منفصل إلى أنّه يواصل عملياته في غزة، موضحاً أنّه استهدف أعضاء في 'خلية إرهابية زرعوا عبوة ناسفة لاستهداف عسكريين'، بحسب تعبيره. وأضاف الجيش الإسرائيلي أنّه خلال 24 ساعة 'ضرب سلاح الجو أكثر من 100 هدف إرهابي في قطاع غزة'. في المقابل، أعلن الجيش الإسرائيلي مقتل جنديين من كتيبة 'غولاني 51' في خان يونس جنوب قطاع غزة، الأحد، إثر انفجار استهدف مركبتهما المدرّعة. وأفادت مصادر عسكرية بأن الانفجار نجم عن عبوة ناسفة زرعها مسلح خرج من نفق، فيما فُتح تحقيق في الحادث. وأكد وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، عبر منصة إكس، مقتل الجنديين إلى جانب جندي ثالث توفي متأثراً بجروحه، قائلاً: 'فقدنا ثلاثة من خيرة شبابنا في سبيل أمن دولتنا وعودة رهائننا'.

هل سينهي الإنزال الجوي للمساعدات المجاعة في غزة؟
هل سينهي الإنزال الجوي للمساعدات المجاعة في غزة؟

صوت بيروت

timeمنذ 4 ساعات

  • صوت بيروت

هل سينهي الإنزال الجوي للمساعدات المجاعة في غزة؟

انتقدت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين 'الأونروا'، استخدام إسرائيل للإنزال الجوي للمساعدات في قطاع غزة، قائلة إن تلك الآلية في إيصال المساعدات 'لن تنهي' المجاعة المتفاقمة. جاء ذلك في تصريحات لجولييت توما، مديرة الإعلام والاتصال في الوكالة أدلت بها لصحيفة 'نيويورك تايمز'، ونشرتها الصفحة الرسمية للأونروا على منصة 'إكس'، الأحد. وتأتي تصريحات توما بينما تروج تل أبيب لسماحها بتنفيذ إنزالات جوية محدودة للمساعدات على القطاع الفلسطيني الذي يعاني من مجاعة مستفحلة، بينما تتكدس الشاحنات المحملة بالمساعدات والإغاثات على المعابر البرية التي تغلقها إسرائيل منذ 2 مارس/ آذار الماضي. وتساءلت المسؤولة الأممية عن جدوى إنزال المساعدات جوا، وقالت: 'لماذا نستخدم الإنزال الجوي بينما يمكننا نقل مئات الشاحنات عبر الحدود؟'. وشددت على أن إدخال المساعدات عبر المعابر البرية 'أسهل بكثير، وأكثر فعالية، وأسرع، وأقل تكلفة.' وأكدت أن الإنزال الجوي للمساعدات 'لن يُنهي المجاعة المتفاقمة في غزة'، لافتة إلى تكدس 6000 شاحنة تابعة للأونروا عند المعابر البرية 'تنتظر الضوء الأخضر' من إسرائيل من أجل الدخول إلى القطاع المحاصر. وموجهة خطابها لتل أبيب، تابعت توما: 'ارفعوا الحصار، وافتحوا المعابر، واضمنوا حركة آمنة (لقوافل المساعدات) ووصولا كريما للمحتاجين (في غزة)'. وسبق أن اعتبر المفوض العام للأونروا، فيليب لازاريني، أن طرح إسقاط المساعدات على قطاع غزة عبر الجو 'مجرد تشتيت للانتباه ودخان للتغطية على حقيقة الكارثة الإنسانية بالقطاع'. ويأتي ذلك بينما أعلن الجيش الإسرائيلي، السبت، 'سماحه' بإسقاط كميات محدودة من المساعدات على غزة، و بدء ما أسماه 'تعليق تكتيكي محلي للأنشطة العسكرية' في مناطق محددة بقطاع غزة، للسماح بمرور المساعدات الإنسانية. وتتزامن تلك الخطوة الإسرائيلية مع تصاعد الضغوط الإقليمية والدولية نتيجة استفحال المجاعة بالقطاع وتحذيرات من خطر موت جماعي يهدد أكثر من 100 ألف طفل في القطاع. ما دخل من مساعدات لغزة شكلي ودعاية إعلامية من جهته وصف المدير العام لوزارة الصحة في قطاع غزة الدكتور منير البرش ما يتم تداوله من إدخال مساعدات عبر منافذ برية أو إسقاطها جوا بـ'المهدئات البسيطة' وتندرج في سياق البروباغندا الإعلامية. وقال البرش -في تصريحات للجزيرة- إن الأطباء لا يجدون طعاما كافيا، مؤكدا أن أجسادهم تنهار بصمت في ظل تفشي المجاعة بسبب سياسة التجويع التي تنتهجها إسرائيل خلال حربها على القطاع. وأكد البرش أن الجراحين باتوا يفقدون التركيز خلال العمليات، كما بدأت الذاكرة تضعف للعاملين في القطاع الطبي. ووصف الواقع الإنساني بالمرير، إذ تضرب المجاعة في كل مكان، ويتضور الأطفال جوعا، وتنهار الأمهات على أنقاض ما تبقى من حياة في القطاع المحاصر. وكان جيش الاحتلال قد أعلن فتح ما وصفها بـ'ممرات إنسانية' لتأمين مرور قوافل المساعدات التابعة للأمم المتحدة بداية من اليوم الأحد، وتنفيذ 'وقف لإطلاق النار لأغراض إنسانية' في بعض المناطق المكتظة بالسكان، خصوصا في شمال غزة، وذلك يوميا من الساعة العاشرة صباحا وحتى الثامنة مساء بالتوقيت المحلي، وحتى إشعار آخر. وشدد البرش على أن وزارة الصحة لم تصلها أي أدوية أو مكملات غذائية عالية البروتين حتى الآن، مطالبا بإجلاء عاجل للجرحى وإدخال فوري للمستلزمات الطبية خاصة للأطفال. ووفق المسؤول الصحي، فإن الهدنة الإنسانية المؤقتة 'لن تُغنِ ما لم تتحول إلى فرصة حقيقية لإنقاذ الأرواح'، مشددا على ضرورة تدفق المساعدات الطبية والغذائية من أدوية ولحوم وحليب للأطفال وغيرها. وفي وقت سابق اليوم الأحد، قالت وزارة الصحة إن مستشفيات قطاع غزة سجلت 6 حالات وفاة جديدة خلال الـ24 ساعة الماضية نتيجة المجاعة وسوء التغذية، من بينهم طفلان أنهكهما الجوع. وأوضحت الوزارة -في بيان- أن العدد الإجمالي لوفيات المجاعة وسوء التغذية ارتفع إلى 133 حالة وفاة، من بينهم 87 طفلا. كما اتهمت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) إسرائيل بالعمل على تبييض صورتها والالتفاف على مطلب وقف سياسة التجويع، وأكدت أن الإجراءات التي أعلنها الاحتلال لن تسمح بوضع حد لأزمة الجوع التي أودت بحياة مئات الفلسطينيين. وقالت إن خطة الاحتلال للتحكم بالمساعدات عبر الإنزال الجوي والممرات الإنسانية 'تمثل إدارة للتجويع وتعرّض حياة المدنيين للخطر'. ويعيش قطاع غزة واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في تاريخه، حيث تتداخل المجاعة القاسية مع حرب إبادة جماعية تشنها إسرائيل منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023. وخلفت الإبادة الإسرائيلية, بدعم أمريكي، أكثر من 204 آلاف فلسطيني بين شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 9 آلاف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين.​​​​​​​

هل تنقذ 'الهدنة الإنسانية' الفلسطينيين في غزة من 'المجاعة'؟ #عاجل
هل تنقذ 'الهدنة الإنسانية' الفلسطينيين في غزة من 'المجاعة'؟ #عاجل

سيدر نيوز

timeمنذ 4 ساعات

  • سيدر نيوز

هل تنقذ 'الهدنة الإنسانية' الفلسطينيين في غزة من 'المجاعة'؟ #عاجل

Reuters وسط حالة من الحذر، أبدى فلسطينيون في قطاع غزة تفاؤلهم حيال الهدنة الإنسانية المعلنة من جانب واحد من قِبل إسرائيل لاستئناف دخول المساعدات التي انقطعت بشكل كامل منذ مارس/ آذار الماضي. وتحدّث عدد من الفلسطينيين في القطاع لبي بي سي عن الهدنة ومدى فاعليتها في إنقاذ سكان القطاع من المجاعة وما قد تتعرض له من عراقيل في المستقبل قد تحول دون استمرار تدفق المساعدات. وقالت مصادر إعلامية من الجانب المصري لمعبر رفح لبي بي سي إن نحو 100 شاحنة محملة بالمساعدات الإنسانية دخلت صباح الأحد إلى معبر كرم أبو سالم، إذ أفرغت حمولتها هناك لفحصها تمهيداً لإدخالها إلى قطاع غزة. وأضافت المصادر أنها رصدت المزيد من الشاحنات القادمة من مدينة العريش بشمال سيناء باتجاه معبر رفح الحدودي بين مصر وقطاع غزة، فيما بدا أنه استعداد لدخولها لاحقاً إلى القطاع. وقال مراسل بي بي سي لشؤون غزة في إسطنبول رشدي أبو العوف إن سكان غزة رحبوا 'بحذر' بتقارير عن هدنة إنسانية مؤقتة للسماح بدخول المساعدات إلى القطاع المحاصر، لكن الكثيرين يقولون إن هذه الإغاثة يجب أن تكون بداية لحل أوسع نطاقاً ودائماً للأزمة المتفاقمة. وأعلن الجيش الإسرائيلي أنه سيفتح ممرات إنسانية للسماح بدخول قوافل الغذاء والدواء، بعد تحذيرات من المجاعة وأسابيع من الضغط الدولي. تفاصيل 'الهدنة' الإسرائيلية Reuters أعلن الجيش الإسرائيلي بدء 'تعليق تكتيكي محلي للأنشطة العسكرية لأغراض إنسانية' في مناطق محددة من قطاع غزة، اعتباراً من الأحد وحتى إشعار آخر. ويستمر التعليق يومياً من الساعة السابعة صباحاً حتى الخامسة مساءً بتوقيت غرينتش، ويشمل تعليق العمليات منطقة المواصي ومدينتي غزة ودير البلح، مع استمرار 'العمليات الهجومية ضد المنظمات الإرهابية'، وفق ما أعلنه المتحدث باسم الجيش أفيخاي أدرعي على منصة إكس. وأوضح أدرعي أن القرار جاء بعد مباحثات مع الأمم المتحدة ومنظمات دولية، وجرى بموجبه تحديد 'ممرات آمنة' من السادسة صباحاً حتى الحادية عشرة مساءً، لتسهيل دخول قوافل الإغاثة. وكانت هيئة البث الإسرائيلية قد ذكرت أن القرار يأتي في إطار 'هدنة إنسانية لساعات طويلة'، استجابة للانتقادات الدولية المتزايدة بشأن الوضع الإنساني في غزة. وأفادت الهيئة أن القرار اتُخذ خلال جلسة مشاورات مصغّرة عقدها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بمشاركة وزيري الدفاع يسرائيل كاتس والخارجية جدعون ساعر، دون حضور وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، الذي عبّر عن غضبه تجاه القرار. ورحّب منسّق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة، توم فليتشر، الأحد، بتوفير طرق برية آمنة لدخول القوافل الإنسانية إلى قطاع غزة، مشيراً إلى أنّ الأمم المتحدة ستحاول الوصول إلى أكبر عدد ممكن من الناس الذين يتضوّرون جوعاً. 28 دولة من بينها بريطانيا وفرنسا تطالب في بيان مشترك بوقف الحرب في غزة، وإسرائيل ترد: 'بيان منفصل عن الواقع' برنامج الأغذية يقول إن ثلث أُسَر غزة لا يأكلون لأيام 'أطعمة منتهية الصلاحية' قالت رشا الشيخ خليل، وهي أم لأربعة أطفال تبلغ من العمر 39 عاماً من مدينة غزة، لبي بي سي: 'بالطبع أشعر ببعض الأمل مجدداً، لكنني أشعر أيضاً بالقلق من استمرار المجاعة بعد انتهاء تعليق القتال'. وأضافت: 'قافلة مساعدات واحدة أو بضع طرود جوية لن تكفي. نحن بحاجة إلى حل حقيقي، لإنهاء هذا الكابوس، ونهاية للحرب'. وأعربت نيفين صالح، وهي أم لستة أطفال، عن مخاوفها حيال جودة الطعام تحديداً، قائلة: 'الأمر لا يتعلق بكمية الطعام فحسب، بل بجودته أيضاً'. وأضافت: 'لم نتناول فاكهة أو خضاراً طازجة واحدة منذ أربعة أشهر. لا يوجد دجاج، ولا لحم، ولا بيض. كل ما لدينا هو أطعمة معلبة غالباً ما تكون منتهية الصلاحية، بالإضافة إلى دقيق'. وقال رامي طه، الذي يسكن في وسط غزة لبي بي سي: 'زوجتي وأحد أطفالي الخمسة مصابان بالداء البطني (السيلياك وهو حساسية الجسم ضد الغلوتين في القمح والشعير والشوفان وحبوب أخرى)'. وأضاف: 'قبل الحرب، كنت أشتري لهم منتجات خالية من الغلوتين. الآن، لا يوجد شيء. أضطر إلى نقلهم إلى المستشفى كل بضعة أيام للحصول على محاليل وريدية'. وقال أحمد طه، صاحب متجر في شمال غزة: 'هذا ليس حلاً دائماً، إنه أشبه بإعطاء مسكنات الألم لمريض سرطان دون علاجه'. Reuters قال شاهد عيان من غزة لبي بي سي: 'بينما كنا نجلس، سمعنا ضوضاء هائلة فظننا أنهم يلقون علينا قنابل نووية. لكننا وجدنا أن مظلات تهوي من أعلى فأسرعنا، متجهين إليها كغيرنا وهجم الناس على مظلة منها'. وأضاف، وهو يبكي: 'حصلت على كيس سكر سبعة كيلو جرامات، لكننا نقول للعالم أننا لا نريد أي شيء إلا الخلاص فقط. لا نريد طعاماً ولا أي شيء آخر. انقذونا لوجه الله'. وتابع، وهو يجهش بالبكاء: 'أنا خسرت أهلي كلهم في الحرب، لم يعد منهم أحد، فأنقذونا'. وقال شاهد عيان آخر: 'أُلقيت المظلات وبدأ تدافع الناس نحوها. وأثناء التدافع سقط ولد تحت المظلة فتلقّى ضربة في خصره، وها هو يرقد بعد أن أُصيب بالشلل، والله وحده أعلم ماذا سيكون مصيره'. وأكد ثالث: 'فوجئنا أن هناك صوتاً غريباً في المنطقة، فتفقّدنا الأمر لنكتشف المصيبة، قد سقطت في المنطقة كلها، وهي المظلات'. وأضاف: 'وُجِد 6 مليون شخص في المنطقة في خمس دقائق. لا ندري من أين جاء هؤلاء، هل ألقوهم مع المظلات؟! لم نتمكن حتى من رؤية محتويات هذه المساعدات… هذا ذل وحرام'. من جانبها، قالت مسؤولة في مكتب برنامج الغذاء العالمي بمصر لبي بي سي: إن 'الشاحنات التي انطلقت من الجانب المصري باتجاه معبر كرم أبو سالم ما زالت موجودة في المعبر الرابط بين إسرائيل وقطاع غزة ولم تدخل القطاع بعد'. وبحسب المعلومات المتوفرة لديها حتى ظهر الأحد. وأشارت إلى أن البرنامج سيقوم بنشر مزيد من التفاصيل تباعاً. وأعلنت وزارة الصحة في قطاع غزة أن عشرات الأشخاص يموتون بسبب سوء التغذية. وقدّرت يوم الأحد عدد الوفيات الناجمة عن سوء التغذية منذ بدء الحرب بـ 133 حالة، معظمهم في الأسابيع الأخيرة. ونفت إسرائيل ما وصفته بـ'الادعاء الكاذب بالتجويع المتعمد' في غزة. 'هذه ليست هدنة' قال أحد سكان غزة لبي بي سي: 'باعتقادي أن هذه الهدنة بمثابة صورة تجميلية للاحتلال أمام العالم وأنه أصبح إنساني وأصبح يبحث عن الإنسانية بعد الجرائم التي ارتكبها بحق شعبنا بما فيها المراكز الإنسانية التي أنشأها بهدف إهانة وإذلال شعبنا'. وأضاف أن 'هذا إجراء تكتيكي لأن الهدنة لا تشمل جميع المناطق، إنما مناطق محددة لدخول المساعدات'. وأكّد أن 'هدنة ليوم واحد لا تكفي، وأعتقد الهدف هو إدخال 200 شاحنة لرسم صورة تجميلية'. وقال آخر: 'هذه أصلاً ليست هدنة لأنهم أعلنوا وقف إطلاق نار لساعات معينة، فهي ليست هدنة، إذ إن أكثر من 70 في المئة من مساحة غزة في الأساس لا تزال تحت سيطرة اليهود، وإن النازحين لن يعودوا إلى منازلهم، فما هي فائدة هذه الهدنة إذاً؟ إنها فقط ذر للرماد في العيون حتى يقولوا للعالم أدخلنا مساعدات، لكنها لم ولن تُجدي نفعاً'. وأضاف أن 'الشاحنات التي يدخلونها لو ظلوا سنة…. نحتاج إلى شهر كامل يدخل فيها 1000 شاحنة يومياً حتى يأكل الناس فقط. نريد أن تدخل المساعدات، لكن لابد أن تدخل وتُوزّع بالطريقة الصحيحة'. وأشار أحد السكان الآخرين من غزة، في تصريحات أدلى بها لبي بي سي: 'طبعاً هذه ليست هدنة ولا وقف إطلاق نار، إنما هو وقف إطلاق نار تكتيكي في بعض المناطق حيث سيسمح الاحتلال بدخول الشاحنات من ممر إنساني لقوافل المساعدات، على حد زعمه'. وأشار إلى أنه 'بالتأكيد لن يكن هذا اليوم كافياً، لكن الاحتلال أراد فصل الملف الإغاثي عن ملف العمليات العسكرية، وبالتالي سيسمح بظهور صورة إيجابية عنه مغايرة لما هو كائن على أرض الواقع تماماً'. وأكد أن هذه 'ليست هي الطريقة الصحيحة، بل ينبغي أن تدخل عبر مؤسسات أممية، مؤسسات عالمية كما كان يجري قبل وقف إطلاق النار في بداية العام'. وقالت سيدة فلسطينية من غزة لبي بي سي: 'طبعاً الوقفات والهدنة الإنسانية غير كافية لأننا نتحدث عن شعب مُجَوَّع لأكثر من عام ونصف العام. وهناك مجاعة حقيقية في شمال وجنوب ووسط القطاع منذ استئناف الحرب على قطاع غزة'. وأضافت: 'ينبغي إدخال حوالي 600 شاحنة يومياً إلى قطاع غزة ولم تكون كافية لأهل غزة الذين جاعوا منذ عدة أشهر'. وتابعت: 'نتمنى أن تكون الهدنة الإنسانية فاتحة خير على الجميع ويستمر ضخ المساعدات بمعرفة مؤسسات دولية وأن تُوزع على الناس بالشكل الصحيح'. 'تواطؤ في ارتكاب جرائم دولية' طالب المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة فولكر تورك، الأحد، دول العالم بممارسة جميع أشكال الضغط الممكنة على إسرائيل من أجل 'إيقاف المجازر بشكل دائم في قطاع غزة'. واعتبر تورك أن 'عدم استخدام الدول لنفوذها من شأنه أن يمثل تواطأً في ارتكاب جرائم دولية'. وشدد على أن ضرورة اتخاذ خطوات ملموسة من قبل حكومات العالم لضمان امتثال إسرائيل لما يجب عليها من التزامات بتوفير الغذاء والكافي والاحتياجات الأساسية المنقذة للحياة لسكان غزة. وقال فولكر تورك: 'أصبحت غزة مشهداً بائساً للهجمات المميتة والدمار الكامل، إذ يموت الأطفال جوعاً أمام أنظار العالم'. وأشار إلى أن 'مراكز توزيع المساعدات الفوضوية والعسكرية التي توفرها مؤسسة غزة الإنسانية بدعم من الولايات المتحدة وسلطات الاحتلال الإسرائيلي تفشل تماماً في إيصال المساعدات الإنسانية بالحجم المناسب وعلى النطاق المطلوب'. وأكد أن 'إسرائيل قتلت أكثر من ألف شخصاً منذ نهاية مايو/ أيار الماضي أثناء محاولتهم الحصول على الطعام'. وأشار إلى 'ممارسات قوات الاحتلال خلّفت أكثر من 200 ألف فلسطينياً بين قتيل وجريح منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول عام 2023، وهو ما يعادل حوالي 10 في المئة من سكان القطاع'، مؤكّداً: 'لن ننسى أبداً أن 300 من زملائنا قُتلوا جراء العمليات العسكرية الإسرائيلية'. وأشار إلى أنه أدان ما حدث في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول في العديد من المناسبات، وما فعلته حماس وغيرها من الجماعات الفلسطينية. لكنه في نفس الوقت أكّد إدانته 'نطاق وحجم القتال والدمار والبؤس الذي يعيشه الفلسطينيون في غزة منذ ذلك الحين'، محذراً من 'ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية'. وأشار إلى أنه شدّد في وقتٍ سابقٍ على ضرورة اتخاذ كل ما يلزم من أجل الحيلولة دون تعرض الفلسطينيين للإبادة، بما يتوافق مع إجراءات محكمة العدل الدولية. 'المفاوضات لم تتعثر' في غضون ذلك، قال مصدر مصري مطلع على مسار المفاوضات بشأن وقف إطلاق النار في غزة بأن إدخال المساعدات من مصر إلى القطاع يجري بالتنسيق بين الجانبين المصري والإسرائيلي، عبر 'مسار تفاوضي مباشر بين البلدين'. لكنه أوضح، في تصريحات أدلى بها لبي بي سي، أن 'الهدنة الإنسانية هي فكرة أمريكية بالأساس'، واصفاً إياها بأنها 'بروفة لما هو قادم'. ورجح المصدر أن تُستأنف المفاوضات بشأن الهدنة في غزة خلال الأسبوع الجاري. وكانت القاهرة والدوحة قد أصدرتا بياناً مشتركاً أكدتا فيه أن المفاوضات لم تتعثر رغم مغادرة الوفدين الإسرائيلي والأمريكي، وأنها ستُستأنف خلال هذا الأسبوع. من جانبه، أوضح المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية السفير خلاف تميم في تصريحات لقناة 'إكسترا نيوز' المحلية، الأحد، أن 'التحركات المصرية في هذا الملف تسير على ثلاثة مسارات متوازية: المسار الأمني، ويشمل السعي إلى التوصل نحو تهدئة ووقف شامل لإطلاق النار، والمسار السياسي، ويتمثل في مواصلة حشد الدعم الدولي للاعتراف بالدولة الفلسطينية، والمسار الإنساني، ويهدف إلى ضمان تدفق المساعدات إلى قطاع غزة رغم العراقيل التي تفرضها إسرائيل'. وقالت مصادر طبية فلسطينية في مستشفييْ 'الشفاء' بمدينة غزة و'العودة' بمخيم النصيرات وسط القطاع، إن ما لا يقل عن 20 شخصاً من منتظري المساعدات، بينهم 9 أطفال، قُتلوا منذ فجر الأحد، برصاص الجيش الإسرائيلي، قرب موقع زيكيم شمال غربي غزة، وبالقرب من موقع نتساريم بوسط القطاع. وبذلك يرتفع عدد القتلى منذ فجر الأحد، في قطاع غزة إلى 41 شخصاً، وفقا لأرقام وزارة الصحة في القطاع. وذكر شاهد العيان أبو سمير حمودة (42 عاماً) لوكالة الأنباء الفرنسية أن الجيش الإسرائيلي أطلق النار 'باتجاه المواطنين عندما حاولوا الاقتراب من الحاجز العسكري' الإسرائيلي في منطقة زيكيم شمال غرب منطقة السودانية. وقال الجيش الإسرائيلي، رداً على سؤال لفرانس برس عن هذا الأمر، إنّه ينظر في المسألة. وأشار في بيان منفصل إلى أنّه يواصل عملياته في غزة، موضحاً أنّه استهدف أعضاء في 'خلية إرهابية زرعوا عبوة ناسفة لاستهداف عسكريين'، بحسب تعبيره. وأضاف الجيش الإسرائيلي أنّه خلال 24 ساعة 'ضرب سلاح الجو أكثر من 100 هدف إرهابي في قطاع غزة'. في المقابل، أعلن الجيش الإسرائيلي مقتل جنديين من كتيبة 'غولاني 51' في خان يونس جنوب قطاع غزة، الأحد، إثر انفجار استهدف مركبتهما المدرّعة. وأفادت مصادر عسكرية بأن الانفجار نجم عن عبوة ناسفة زرعها مسلح خرج من نفق، فيما فُتح تحقيق في الحادث. وأكد وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، عبر منصة إكس، مقتل الجنديين إلى جانب جندي ثالث توفي متأثراً بجروحه، قائلاً: 'فقدنا ثلاثة من خيرة شبابنا في سبيل أمن دولتنا وعودة رهائننا'.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store