
النووي.. فرنسا وبريطانيا تلوحان بـ'الخيار الأخير' ضد روسيا
وبينما تتصاعد تهديدات موسكو، وتغيب الضمانات الأميركية التقليدية في ظل عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، يبدو أن أوروبا بدأت مرحلة جديدة من التفكير الاستراتيجي، قوامها الاعتماد على الذات وتعزيز منظومة الردع الجماعي.
الإعلان الفرنسي البريطاني لا يعكس فقط قلقا وجوديا من تداعيات الحرب في أوكرانيا، بل يشير إلى بداية مسار طويل نحو ما قد يعرف مستقبلا بـ"الاستقلال النووي الأوروبي".
إعلان غير مسبوق
أعلنت كل من فرنسا وبريطانيا استعدادهما لتنسيق ردعهما النووي لحماية أوروبا من أي تهديد محتمل، في سابقة هي الأولى من نوعها منذ عقود، ووفق ما صرحت به الدولتان فإن التنسيق سيتوج بتوقيع اتفاق مشترك بين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، في لندن.
ويهدف هذا الإعلان إلى تطوير آلية رد مشترك في حال تعرض أمن أوروبا لأي تهديد نووي، وتحديدا من الجانب الروسي.
ويأتي هذا التطور في سياق أزمة أوكرانيا المستمرة، التي دفعت المخاوف الأمنية الأوروبية إلى ذروتها، لا سيما مع تراجع الالتزام الأميركي التقليدي بالدفاع عن القارة، في ظل عودة ترامب إلى سدة الحكم.
مظلة نووية رمزية وبداية مسار طويل
وصف الكاتب والباحث السياسي محمد قواص، خلال حديثه إلى برنامج التاسعة على "سكاي نيوز عربية"، التنسيق الفرنسي البريطاني بأنه "إعلان تاريخي"، يجمع قوتين نوويتين لطالما كانت بينهما تباينات تاريخية، لكنهما اليوم توحدان قرارهما تحت مظلة ردع مشترك.
وأشار قواص إلى أن الإعلان يشكل "بداية لمسار طويل، وليس نهاية له، فرغم رمزية الخطوة، ما زالت أوروبا بعيدة عن تحقيق استقلالية استراتيجية كاملة عن الولايات المتحدة، إذ لا تملك حتى الآن القوة التقنية والردعية الكافية لمواجهة تهديد نووي بحجم الترسانة الروسية التي تتجاوز ألفي رأس نووي، مقارنة بما تملكه فرنسا وبريطانيا مجتمعتين (600 إلى 700 رأس نووي تقريبا)".
تهديد روسي وجودي
منذ بداية الغزو الروسي لأوكرانيا، باتت أوروبا تنظر إلى الحرب على أنها لا تستهدف كييف وحدها، بل تمثل تهديدا مباشرا لأوروبا نفسها.
ويعلق قواص على ذلك بالقول إن أوروبا رأت منذ اللحظة الأولى أن "ما بعد كييف قد يكون وارسو أو بوخارست"، مشيرا إلى أن الخطاب الروسي – من التلويح بالمجد السوفييتي إلى الحنين للإمبراطورية الأوراسية – لم يكن إلا تمهيدا لهجوم يمتد إلى عمق أوروبا.
هذا الشعور بالتهديد الوجودي، بحسب قواص، كان المحرك الرئيسي خلف تسليح أوكرانيا والدفاع عنها، باعتبار ذلك دفاعًا غير مباشر عن الحدود الأوروبية.
ترامب والفراغ الاستراتيجي الأميركي
في ظل رئاسة ترامب تغيرت ملامح الالتزام الأميركي تجاه الحلفاء الأوروبيين، لا سيما حلف شمال الأطلسي، فتصريحات ترامب السابقة، التي لمح فيها إلى إمكانية تقليص التزامات الولايات المتحدة تجاه الناتو، دفعت القادة الأوروبيين لإعادة النظر في مفهوم "الضمانة الأمنية الأميركية".
ويرى قواص أن "ما دفع باريس ولندن للإعلان عن التعاون النووي هو أن ترامب لوح بترك أوروبا وحيدة"، وهو ما أثار مخاوف عميقة في الأوساط السياسية والعسكرية الأوروبية، وأعاد فتح النقاش حول ضرورة تحمل أوروبا مسؤولية أمنها القومي.
ورغم أن ترامب لم يعلن رسميا عن سحب "المظلة النووية الأميركية"، فإنه طالب الأوروبيين بتحمل جزء أكبر من التكاليف الدفاعية، خصوصا من خلال رفع مساهماتهم المالية، وقد دفع ذلك أوروبا إلى خطوات أولية على درب الاستقلال الدفاعي، ولو على استحياء.
موازين الردع
من حيث الأرقام، تظل الترسانة النووية الروسية أكبر وأكثر تنوعا مقارنة بنظيرتيها الفرنسية والبريطانية، ومع ذلك يرى قواص أن الإعلان الفرنسي البريطاني لا يهدف إلى "معادلة الكم"، بل يسعى إلى تعزيز عنصر الردع النفسي والسياسي في العلاقة مع موسكو.
فالنووي، كما يوضح، "لم يستخدم منذ هيروشيما وناغازاكي، وظل أداة للردع، لا للهجوم"، مشيرا إلى أن تكرار التهديدات النووية من قبل الكرملين لم يكن بغرض الاستخدام الفعلي، بل للضغط على الغرب وإرهابه سياسيا، وفي هذا السياق يأتي الردع الأوروبي المشترك ليقول لموسكو: "لسنا بلا خيارات".

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


اليوم 24
منذ 3 ساعات
- اليوم 24
إدارة ترامب تدافع عن أساليبها العنيفة في توقيف المهاجرين غير النظاميين
دافعت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب الأحد، عن استخدام أساليب عنيفة في توقيف للمهاجرين غير النظاميين على أيدي عناصر فدراليين ملثمين ومسلحين، بعد أيام من حكم لقاضية فدرالية جاء فيه أن التوقيفات تتم « على أساس العرق فقط ». وشرح مسؤول الحدود توم هومان ووزيرة الأمن الداخلي كريستي نويم وجهة نظر الإدارة في البرامج الحوارية الأحد، غداة وفاة عامل مزرعة في كاليفورنيا بعد إصابته في عملية دهم لمزرعة قانونية للقنب. وأمرت القاضية مامي إيووسي مينساه فريمبونغ الجمعة بوقف « الدوريات المتجولة » التي تستهدف المهاجرين غير المسجلين في لوس أنجليس، قائلة إن عرق الشخص أو لغته أو مكان عمله لا يشكل مبررا كافيا. وقال هومان في برنامج « حال الاتحاد » على « سي إن إن » إن « الوصف الجسدي لا يمكن أن يكون السبب الوحيد لاحتجاز شخص ما واستجوابه » بل يعتمد الأمر على « مجموعة واسعة من العوامل ». لكنه أقر بأن المظهر كان أحد هذه العوامل، وقال إن هناك في بعض الأحيان « توقيفات جانبية » لأشخاص أبرياء في عمليات دهم مستهدفة. وقال إن الإدارة ستلتزم قرار القاضية لكنها ستستأنفه. ووصفت نويم قرار القاضية بأنه « سخيف » وانتقدت طبيعته « السياسية ». وأضافت الوزيرة في برنامج « فوكس نيوز صنداي »، « نبني عملياتنا وتحقيقاتنا دائما على أبحاث في القضايا، وعلى معلومات بشأن الأفراد الذين نستهدفهم لأنهم مجرمون ». وتعهد ترامب خلال حملته الانتخابية ترحيل ملايين المهاجرين غير النظاميين، واتخذ منذ توليه الرئاسة عددا من الإجراءات التي تهدف إلى تسريع عمليات الترحيل والحد من عبور الحدود. وباعتبارها « مدينة ملاذا » تضم مئات الآلاف من المهاجرين غير النظاميين، أصبحت لوس أنجليس في مرمى نيران إدارة ترامب منذ عودته إلى السلطة في كانون الثاني/يناير. وبعدما أثارت عمليات الدهم التي شنتها إدارة الهجرة والجمارك (آيس) احتجاجات الشهر الماضي، أرسل ترامب الحرس الوطني ومشاة البحرية لاحتواء الاضطرابات. واعتبر حاكم ولاية كاليفورنيا الديموقراطي غافين نيوسوم أن تلك القوات ليست ضرورية للتعامل مع الاحتجاجات السلمية في معظمها، لكن جهوده القانونية لسحبها باءت بالفشل حتى الآن.


المغرب اليوم
منذ 7 ساعات
- المغرب اليوم
البيت الأبيض يحقق في تكاليف تطوير مبنى «الاحتياطي الفيدرالي»
قال المستشار الاقتصادي للبيت الأبيض، كيفن هاسيت، الأحد، إن الرئيس الأميركي، دونالد ترمب ، لديه السلطة لإقالة جيروم باول، رئيس «مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأميركي)»، إقالة مسببة إذا كانت هناك أدلة تدعم ذلك.وأضاف أن «(مجلس الاحتياطي) أمامه كثير من الأسئلة للإجابة عنها» بشأن تجاوز تكاليف تجديد مقره في واشنطن. وقال هاسيت لبرنامج «ذيس ويك» على شبكة «إيه بي سي»، إن أي قرار يتخذه ترمب لمحاولة إقالة باول بسبب ما تصفه الإدارة الأميركية بأنه تجاوز للتكاليف بمبلغ 700 مليون دولار، «سيعتمد كثيراً على الإجابات التي نتلقاها عن الأسئلة التي أرسلها روس فوت إلى (مجلس الاحتياطي الاتحادي)». ويشغل فوت منصب مدير الموازنة في البيت الأبيض، وانتقد باول الأسبوع الماضي بسبب «الإصلاحات الباهظة» التي أجراها على مبنى «مجلس الاحتياطي الاتحادي» وإجاباته عن سلسلة من الأسئلة.وقال ترمب مراراً إن على باول الاستقالة لأنه لم يخفض أسعار الفائدة. قد يهمك أيضــــــــــــــا


عبّر
منذ 8 ساعات
- عبّر
قرار ترامب بفرض رسوم جمركية يثير أزمة تجارية جديدة مع أوروبا والمكسيك
أشعل إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب فرض رسوم جمركية بنسبة 30% على واردات من الاتحاد الأوروبي والمكسيك ابتداءً من 1 أغسطس 2025، أزمة تجارية جديدة بين ضفتي الأطلسي، في خطوة أثارت موجة من الإدانات الأوروبية والمكسيكية. وبرر ترامب هذا القرار بما وصفه بـ'الاختلال الكبير في الميزان التجاري'، مشيرًا إلى أن الولايات المتحدة سجلت عجزًا تجاريًا مع الاتحاد الأوروبي بلغ 236 مليار دولار خلال عام 2024، بزيادة 13% عن العام السابق، حيث بلغت قيمة الواردات الأوروبية نحو 606 مليارات دولار. ردود أوروبية غاضبة على الرسوم الجمركية الجديدة وتحذير من التصعيد جاء الرد الأوروبي سريعًا. فقد أكدت أورسولا فون دير لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية، أن الاتحاد 'ملتزم بالحوار والشراكة البناءة'، لكنه 'لن يتردد في اتخاذ تدابير مضادة متناسبة عند الضرورة'. وأشارت فون دير لاين إلى أن الاتحاد يسعى للتوصل إلى اتفاق مع واشنطن قبل حلول الموعد النهائي، لكنها شددت في الوقت ذاته على أن أمن المصالح الأوروبية خط أحمر. أما الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، فدعا المفوضية الأوروبية إلى تسريع التحضير لإجراءات مضادة ذات صدقية، مؤكدًا عبر منصة 'إكس' أن 'وحدة أوروبا اليوم تفرض على مؤسساتها الدفاع بقوة عن مصالحها الاقتصادية'. وقال ماكرون إن المحادثات الجارية مع الولايات المتحدة كانت على أساس 'عرض صلب وصادق النية'، مشيرًا إلى أن الأمر الآن بات يتطلب موقفًا أوروبيًا موحدًا وحازمًا. تصريحات أوروبية صارمة جورجيا ميلوني، رئيسة وزراء إيطاليا، عبرت عن رفضها القاطع لتصعيد التوتر التجاري، ووصفت القرار الأميركي بأنه 'لا معنى له'. وزير الخارجية الدنماركي لارس لوكا راسموسن اعتبر أن 'ترامب يتبنى نهجًا قصير النظر وعديم الجدوى'. أولف كريسترسون، رئيس الوزراء السويدي، حذر من أن 'الجميع سيخسرون في حال تصعيد النزاع التجاري'، مضيفًا أن 'المستهلك الأميركي سيكون الأكثر تضررًا'. رئيس الوزراء الهولندي ديك شوف وصف القرار بأنه 'مقلق'، داعيًا إلى تمسك الاتحاد الأوروبي بالوحدة والحزم في مواجهة التحدي. اجتماع أوروبي مرتقب وموقف موحد من المقرر أن يجتمع وزراء التجارة في دول الاتحاد الأوروبي يوم الإثنين المقبل، لبحث تداعيات القرار الأميركي وتنسيق رد موحد يشمل العلاقات التجارية مع كل من الولايات المتحدة والصين. وفي السياق ذاته، أكدت الحكومة المكسيكية رفضها للقرار الأميركي، ووصفته بـ'المعاملة غير العادلة'، وذلك خلال محادثات رفيعة المستوى عقدت الجمعة مع مسؤولين أميركيين في وزارة الخارجية. وقالت المكسيك إنها أبلغت واشنطن برفضها الكامل للقرار، وأكدت أنها ستدرس الخيارات المتاحة لحماية صادراتها. تصعيد تجاري جديد في الأفق؟ بينما تصر واشنطن على أن هذه الإجراءات 'رسوم جمركية' تهدف لإعادة التوازن التجاري، ترى بروكسل والمكسيك في القرار خطوة عدائية قد تُشعل حربًا تجارية جديدة، تعيد إلى الأذهان توترات مشابهة شهدها العالم في عهد ترامب خلال ولايته الأولى. ومع اقتراب موعد تنفيذ القرار في 1 أغسطس، تتجه الأنظار إلى مدى قدرة الطرفين على التوصل إلى حل دبلوماسي، يُجنّب الاقتصاد العالمي أزمة جديدة.