
زخم ترمب يسرع تحركات آسيا لتنظيم العملات المستقرة
تشير التطورات الأخيرة في كوريا الجنوبية وهونج كونج وماليزيا وتايلندا والفلبين إلى توسّع في إصدار العملات المستقرة المرتبطة بعملات آسيوية، رغم تصاعد قلق السلطات بشأن تدفقات رؤوس الأموال إلى الخارج.
تسعى شركات إقليمية كبرى، مثل "جيه دي دوت كوم" (JD.com) و"آنت جروب" (Ant Group)، إلى اقتناص الفرصة عبر تقديم طلبات للحصول على تراخيص لإصدار هذه العملات. كما قفز سهم شركة "كاكاوباي" (Kakaopay) وسط توقعات بأنها ستحذو نفس المسار.
وحتى الصين، التي فرضت حظراً شاملاً على العملات المشفرة لسنوات، بدأت تُظهر مرونة تجاه فكرة الرموز الرقمية التي يمكن أن تعمل كبدائل لليوان.
زخم أمريكي يحرك الأسواق الآسيوية
يعود أصل هذا الزخم إلى الولايات المتحدة، حيث أقرّ المشرّعون الأمريكيون مؤخراً تشريعاً يشجع على استخدام أوسع للعملات الرقمية، التي تحافظ على ارتباط ثابت بنسبة 1:1 بالدولار الأمريكي. وقد صنّف البيت الأبيض هذه العملات ضمن أولوياته في أمر تنفيذي صدر في يناير، بعد أيام قليلة من تنصيب ترمب.
قال بنيامين جروليموند، المدير العام لمنصة تداول العملات المشفرة "فليبستر" (Flipster) في الإمارات العربية المتحدة، إن "قانون جينيوس فتح الباب على مصراعيه أمام تبنّي العملات المستقرة. سواء كنت مؤيداً لذلك أم لا، فقد أصبحت العملات المستقرة أمراً لا مفر منه".
لكن وسط هذا الزخم، تبرز في آسيا مخاوف متزايدة من خروج رؤوس الأموال إلى الخارج. فلا تزال العملات المستقرة المرتبطة بالدولار الأمريكي تهيمن على السوق بقيمة إجمالية تبلغ 256 مليار دولار، ويُحافَظ على استقرارها عبر احتياطيات من أصول شبيهة بالنقد، مثل سندات الخزانة الأميركية.
وعلى الجانب الآخر، لا تتجاوز قيمة العملات المستقرة المرتبطة باليورو 403 ملايين دولار فقط، رغم خضوعها لإطار تنظيمي راسخ ضمن نظام تنظيم أسواق الأصول المشفرة.
كوريا الجنوبية محور التحول
تُعد كوريا الجنوبية، التي تُبدي فضولاً متزايداً تجاه العملات المشفرة، مثالاً واضحاً على هذا التوجه.
يُقبل المواطنون الكوريون بكثافة على تداول رموز "يو إس دي تي" (USDT) و"يو إس دي سي" (USDC) و"يو إس دي إس" (USDS)، وهي ثلاثة من أبرز العملات الرقمية المستقرة المرتبطة بالدولار. وبلغت قيمة هذه المعاملات على خمس منصات تداول محلية نحو 57 تريليون وون (41 مليار دولار) خلال الربع الأول من العام، وفقاً لبيانات بنك كوريا التي نقلتها وكالة "يونهاب".
في الأسابيع الأخيرة، نشب خلاف بين المشرعين المحليين والبنك المركزي حول مسألة السماح للشركات الكورية بإصدار عملات مستقرة مدعومة بالوون. وفي 10 يونيو، قدم الحزب الديمقراطي الحاكم، بقيادة الرئيس لي جاي ميونغ، مشروع قانون الأصول الرقمية الأساسية، ليفتح الباب أمام الشركات المحلية لتصبح جهات إصدار رسمية.
لكن بعد أسبوعين، حذر ريو سانغداي، النائب الأول لمحافظ بنك كوريا، من أن العملات المستقرة قد تزعزع سياسة البلاد الراسخة بشأن تحرير حركة رؤوس الأموال وتدويل عملة الوون.
أما محافظ البنك المركزي ري تشانغ يونغ، فقد ذهب إلى أبعد من ذلك، محذراً من أن العملات المستقرة الصادرة من كيانات غير مصرفية "ستثير فوضى عارمة شبيهة بما حدث في القرن التاسع عشر"، عندما غمرت العملات الصادرة عن القطاع الخاص الأسواق.
من جانبه، قال جون بارك، رئيس فرع كوريا في مؤسسة "أربيتريوم فاونديشن" (Arbitrum Foundation)، إن "العملات المستقرة المحلية، رغم ما توفره من وضوح تنظيمي عند الإصدار، إلا أنها تنطوي على مخاطر التحول إلى بوابات فعّالة نحو الأسواق العالمية من خلال عمليات مقايضة مباشرة بين العملات المشفرة على منصات التداول اللامركزية".
وأشار بارك إلى أن البنوك المركزية الآسيوية بحاجة إلى إيجاد سُبل لتوجيه هذا الزخم بدلاً من مقاومته، مضيفاً أن الأطر التنظيمية ينبغي أن تحافظ على السيادة دون التفريط في القدرة التنافسية.
تداول فعال مدعوم بالعملات المستقرة
يمثل تنوّع سوق العملات المستقرة خياراً بديهياً بالنسبة لشركات تداول الأصول الرقمية.
فقد قال يوان توربين، الشريك المؤسس لشركة صناعة سوق العملات المشفرة "وينترميت" (Wintermute): "القيود المفروضة على حركة رأس المال تُشكّل تحدياً، لكن العملات المستقرة يمكن أن توفّر نظاماً موثوقاً وأكثر كفاءة".
من جانبه، أوضح لي شي، المدير الإداري لشركة صناعة السوق "أوروس" (Auros) في هونغ كونغ، أن مثل هذا النظام يمكن أن يبسّط عمليات المراجحة بين منصات التداول المختلفة أو بين الأسواق المتعددة، دون التقيد بساعات عمل سوق الصرف الأجنبي.
وأضاف: "هناك استخدام واضح للعملات المستقرة المرتبطة بالعملات المحلية، خصوصاً من أجل تمكين السيولة خلال عطلات نهاية الأسبوع وتيسير حركة رؤوس الأموال بسلاسة أكبر".
كوريا تسعى لتعزيز السيولة المحلية
يمثّل نمو العملات المستقرة المحلية فرصة محتملة لدفع عجلة اقتصادات العملات المشفرة في آسيا. ففي كوريا الجنوبية، يُقدّر عدد المشاركين في سوق الأصول الرقمية بنحو 18 مليون شخص، أي ما يزيد عن ثلث إجمالي السكان. ووفقاً لسام سيو، رئيس مؤسسة "كايا دي إل تي فاونديشن" (Kaia DLT Foundation)، فإن العملة المستقرة المدعومة بالوون الكوري ستخدم احتياجات تختلف عن تلك التي تلبيها العملات المرتبطة بالدولار الأميركي.
وأوضح سيو قائلاً: "على المدى القصير، ستظل عمليات التبادل بين الوون و"يو إس دي تي" (USDT) مهيمنة، لكن على المدى الطويل، سنحتاج إلى عملات مستقرة صادرة من دول أخرى لدعم أزواج التداول المباشر وتحقيق تسوية أسرع للمعاملات".
في المقابل، سرعان ما أصبحت هونج كونج مختبراً لسوق العملات المستقرة في المنطقة.
وذكرت كلارا تشيو، مؤسسة شركة "كيو ريج أدفايزري" (QReg Advisory)، أن "سلطة النقد في هونج كونج تركز بشكل خاص على "تطبيقات عملية قابلة للتنفيد"، وليس فقط على متطلبات رأس المال.
وأشارت إلى أن غالبية المهتمين بإصدار عملات مستقرة مدعومة باليوان هم شركات تعمل في مجالي المدفوعات والتداول، وتستخدم اليوان بالفعل في التسويات عبر الحدود، مضيفة: "وهنا يكمن الطلب الحقيقي".
اهتمام من البر الرئيسي
في حين أن الخطوات القادمة للصين لا تزال بعيدة عن اليقين، تستعد شركات العملات المشفرة، بما في ذلك الوسطاء، لاحتمالية إصدار عملات مستقرة مرتبطة باليوان. صرّح كينيكس تشان، نائب رئيس شركة "فيكتوري سيكيوريتيز" (Victory Securities)، بأن الشركة تُجري محادثات نشطة مع مجموعة من الجهات التي قد تصدر هذه العملات في هونغ كونغ.
وأضاف تشان أن وحدة "في دي إكس" (VDX)، التابعة لشركته، تقترب من الحصول على ترخيص لتشغيل بورصة للأصول الرقمية، مما يسمح لها بتقديم أزواج تداول جديدة -مثل بتكوين مقابل عملات مستقرة مرتبطة بدولار هونج كونج- وفي نهاية المطاف، ما يُعادلها من العملات المدعومة باليوان. وقال تشان: "عندما يتم إصدار عملة مستقرة مرتبطة باليوان، سيزداد حجم السوق بشكل كبير".
على الرغم من حظرها الشامل لتداول العملات المشفرة، يبدو أن الصين تُقبل على تقنية بلوكتشين كأداة مالية. صرح بان قونغ شنغ، محافظ بنك الشعب الصيني، في يونيو الماضي، بأن العملات المستقرة قد تُحدث ثورة في النظام المالي الدولي، في ظل التوترات الجيوسياسية المتصاعدة التي تُبرز هشاشة أنظمة الدفع التقليدية.
كما أثارت ترقية الترخيص المُمنوح مؤخراً لواحدة من أكبر شركات الوساطة الصينية المملوكة للدولة للتعامل في الأصول الرقمية عبر هونغ كونغ تفاؤلًا بين اللاعبين الصينيين. وقال تشيو: "لقد منحتنا هذه الترقية أملاً بوجود سبيل".
ومع ذلك، لا يتوقع الكثيرون أن تفتح بكين أبوابها لتداول العملات المشفرة قريباً. وقالت ليلي كينغ، الرئيسة التنفيذية للعمليات في شركة "كوبو" (Cobo) لتقديم خدمات حفظ الأصول الرقمية، إن هونج كونج ستظل بمثابة ساحة اختبار للشركات الصينية التي تتطلع إلى التوسع في الخارج. وأضافت: "قد لا تشعر الصين بالحاجة إلى فتح أبوابها".
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الشرق الأوسط
منذ ثانية واحدة
- الشرق الأوسط
تايوان تسجل أسرع نمو لصادراتها منذ 15 عاماً في يوليو
شهدت صادرات تايوان في يوليو (تموز) أسرع وتيرة نمو لها خلال 15 عاماً، محققة بذلك ثالث شهر قياسي على التوالي، بدعم من الطلب القوي على منتجات الذكاء الاصطناعي والتقنيات الحديثة، وذلك في ظل حالة عدم اليقين التي سبقت تطبيق الرسوم الجمركية الأميركية الجديدة في أغسطس (آب). وأعلنت وزارة المالية أن الصادرات قفزت بنسبة 42 في المائة مقارنة بالعام الماضي لتصل إلى 56.68 مليار دولار، متجاوزة توقعات استطلاع «رويترز» التي قدرت نمواً بنسبة 28.7 في المائة، مسجلة بذلك رقماً قياسياً للشهر الثالث على التوالي. وأوضحت الوزارة أن الطلب المتزايد جاء جزئياً نتيجة تقديم العملاء لطلبات استباقية تحسباً لارتفاع الرسوم الجمركية الأميركية. وأكدت الحكومة التايوانية، الأسبوع الماضي، أن الرسوم الجمركية الأميركية البالغة 20 في المائة تعتبر «مؤقتة»، وستعمل على التفاوض لتحقيق معدلات جمركية معقولة في المرحلة النهائية من المفاوضات. وذكرت الوزارة: «لا تزال عوامل عدم اليقين مثل التوترات التجارية الدولية، والتغيرات في السياسات، والمخاطر الجيوسياسية تؤثر بشكل كبير على سلاسل التوريد العالمية». وأضافت: «التوقعات الاقتصادية والتجارية لا تزال غير مستقرة وتتطلب متابعة دقيقة للتطورات المستقبلية». وأشارت إلى أن زخم الصادرات سيستمر مدعوماً بالطلب المتزايد على تقنيات الذكاء الاصطناعي وتطبيقات جديدة أخرى، لا سيما من شركات تايوانية رائدة مثل «تي إس إم سي»، أكبر مصنع للرقائق الإلكترونية في العالم، والمورد الرئيسي لشركات كبرى مثل «أبل» و «إنفيديا». وتتوقع الوزارة نمو صادرات تايوان في أغسطس بنسبة تتراوح بين 17 في المائة و22 في المائة على أساس سنوي. وفي يوليو (تموز)، ارتفعت الصادرات إلى الولايات المتحدة بنسبة 62.8 في المائة لتصل إلى 18.65 مليار دولار، بينما شهدت الصادرات إلى الصين، الشريك التجاري الأكبر، ارتفاعاً بنسبة 23.9 في المائة. كما قفزت صادرات المكونات الإلكترونية بنسبة 34.1 في المائة لتصل إلى مستوى قياسي عند 18.42 مليار دولار، مع زيادة صادرات أشباه الموصلات بنسبة 35.9 في المائة. وارتفعت الواردات بنسبة 20.8 في المائة لتصل إلى 42.34 مليار دولار، متجاوزة توقعات الاقتصاديين التي قدرت النمو بـ 17.1 في المائة.


الاقتصادية
منذ ثانية واحدة
- الاقتصادية
هل واردات الصين من السلع الأساسية .. قوية أم ضعيفة؟
غالبًا ما تعتمد الأسواق على بيانات مثل واردات الصين من السلع الأساسية الرئيسية لتمييز اتجاهات واضحة حول وضع ثاني أكبر اقتصاد في العالم . لكن بيانات التجارة لشهر يوليو لا توفر كثيرا من الوضوح، بل تُعزز كلاً من القول إن الاقتصاد يتمتع بالمرونة والتعافي، والقول إن الاقتصاد يُكافح من أجل استعادة زخمه . وخير مثال على ذلك النفط الخام . تعد الصين، أكبر مستورد في العالم، استقبلت واردات بلغت 11.11 مليون برميل يوميًا في يوليو، وفقًا لحسابات تستند إلى بيانات رسمية صدرت يوم أمس الخميس . على الجانب الإيجابي من البيانات، ارتفع هذا الرقم بنسبة 11.5%، أو 1.14 مليون برميل يوميًا، مقارنةً بـ9.97 مليون برميل يوميًا في يوليو من العام الماضي . لكن إذا نظرنا إلى التوقعات السلبية، فقد انخفضت واردات يوليو بنسبة 5.4%، أو 1.03 مليون برميل يوميًا، مقارنة بـ12.14 مليون برميل يوميًا في يونيو، وكانت أيضًا الأضعف منذ يناير . ما يُتجاهل غالبًا في النقاشات حول القوة أو الضعف النسبي لواردات السلع الأساسية هو دور الأسعار . لقد تحولت الصين في السنوات الأخيرة إلى مشترٍ أكثر حساسية للأسعار، حيث اعتمدت تكتيك زيادة الواردات وزيادة المخزونات عندما تُعتبر الأسعار منخفضة، وتقليص المشتريات عندما ترتفع بشكل مفرط أو مبكر جدًا. كانت واردات الصين من النفط الخام ضعيفة في الربع الأول من هذا العام، حيث كان من المفترض أن يتم ترتيب وصول الشحنات عندما كانت الأسعار في اتجاه تصاعدي، حيث بلغت العقود الآجلة لخام برنت أعلى مستوى لها حتى الآن هذا العام عند 82.63 دولار للبرميل في 15 يناير . لكن واردات النفط ارتفعت في الربع الثاني مع اتجاه الأسعار نحو الانخفاض، حيث انخفض خام برنت إلى ما دون 60 دولارًا للبرميل لفترة وجيزة في كل من أبريل ومايو . ومنذ ذلك الحين، بدأت الأسعار في الارتفاع، مع تزايد التقلبات الناجمة عن الأحداث الجيوسياسية مثل صراع إسرائيل مع إيران في يونيو، والتهديدات التي وجهها الرئيس الأمريكي دونالد ترمب والاتحاد الأوروبي للإمدادات الروسية . ومن المرجح أن تدفع الأسعار المرتفعة مصافي التكرير الصينية إلى توخي الحذر، ومن المرجح حدوث بعض التخفيف في الواردات . ولعل أفضل مؤشر على حالة طلب الصين على النفط الخام هو الواردات منذ بداية العام، التي ارتفعت بنسبة متواضعة بلغت 2.8%، لتصل إلى ما يعادل 11.25 مليون برميل يوميًا. تجدر الإشارة أيضًا إلى أن إنتاج الصين المحلي من النفط الخام ارتفع بنسبة 1.3% في النصف الأول من العام، وأن زيادة كهربة أسطول المركبات تُقلل الطلب على البنزين . يبدو أن الصورة العامة للطلب على النفط الخام في الصين لا تتسم بالقوة ولا بالضعف . خام الحديد والنحاس ينطبق الأمر نفسه على عديد من السلع الرئيسية الأخرى . فقد انخفضت واردات خام الحديد، البالغة 104.62 مليون طن متري في يوليو بنسبة 1.3% عن يونيو، لكنها ارتفعت بنسبة 1.8% عن يوليو من العام الماضي . خلال الأشهر السبعة الأولى، انخفضت واردات المادة الخام الرئيسية لصناعة الصلب بنسبة 2.3% لتصل إلى 696.57 مليون طن، وهو رقم يتناسب مع الانخفاض الطفيف في إنتاج الصلب الذي شهدناه في النصف الأول . وانتعشت واردات النحاس الخام في يوليو لتصل إلى 480 ألف طن، بزيادة 3.5% عن يونيو و9.6% عن يوليو 2024، لكنها لا تزال منخفضة بنسبة 2.6% خلال الأشهر السبعة الأولى من العام . يعكس هذا إلى حد كبير تأثير حالة عدم اليقين بشأن الرسوم الجمركية الأمريكية في واردات النحاس، والتي أدت إلى ابتعاد النحاس عن الصين إلى الولايات المتحدة في النصف الأول . ولكن من المرجح أن ينعكس هذا الاتجاه مع تراجع ترمب عن فرض رسوم جمركية بنسبة 50% على واردات النحاس المكرر، وقصرها على أنواع معينة فقط من منتجات النحاس . ومع احتمال انخفاض الواردات الأمريكية في النصف الثاني مع نفاد المخزونات، ستتاح الفرصة لمشتري النحاس الصينيين لاستيراد المزيد . وحققت واردات الفحم زيادة طفيفة في يوليو، حيث وصلت الكميات إلى 35.61 مليون طن، بزيادة طفيفة عن 33.04 مليون طن في يونيو، لكنها انخفضت بنسبة 23% عن يوليو من العام الماضي . خلال الأشهر السبعة الأولى من العام، انخفضت واردات الصين من الفحم بنسبة 13%، حيث أدى ارتفاع الإنتاج المحلي وانخفاض توليد الكهرباء بالفحم إلى تقليل الحاجة إلى الواردات . كاتب اقتصادي ومحلل مالي في وكالة رويترز


الشرق الأوسط
منذ 30 دقائق
- الشرق الأوسط
رسوم ترمب تفرض واقعاً قاسياً... والاقتصاد الأميركي يدخل مرحلة اللايقين
شرع الرئيس دونالد ترمب، يوم الخميس، في فرض رسوم استيراد مرتفعة على واردات من عشرات الدول، في وقت بدأت فيه التداعيات الاقتصادية لتهديداته الجمركية المتواصلة منذ شهور تظهر آثارها السلبية على الاقتصاد الأميركي. وبعد منتصف الليل بقليلٍ، أصبحت البضائع القادمة من أكثر من 60 دولة والاتحاد الأوروبي تخضع لرسوم جمركية تصل إلى 10 في المائة أو أكثر. وتُفرض رسومٌ بنسبة 15 في المائة على منتجات الاتحاد الأوروبي واليابان وكوريا الجنوبية، في حين تصل إلى 20 في المائة على واردات تايوان وفيتنام وبنغلاديش. ويتوقع ترمب أن تستثمر دول الاتحاد الأوروبي واليابان وكوريا الجنوبية مئات المليارات من الدولارات في الولايات المتحدة، وفق وكالة «أسوشييتد برس». وقال ترمب يوم الأربعاء: «أتوقع أن يكون النمو غير مسبوق»، وأضاف أن الولايات المتحدة «تحصل على مئات المليارات من الدولارات رسوماً جمركية»، لكنه لم يحدد رقماً دقيقاً للإيرادات لأنه «لا نعرف حتى الرقم النهائي» للرسوم المفروضة. وعلى الرغم من حالة عدم اليقين، يثق البيت الأبيض في أن بدء تطبيق هذه الرسوم سيوفر وضوحاً حول مسار أكبر اقتصاد في العالم. والآن، بعدما فهمت الشركات الاتجاه الذي تسير إليه الولايات المتحدة، ترى الإدارة الجمهورية إمكانية تعزيز الاستثمارات الجديدة وتحفيز التوظيف بطرق تعيد لأميركا مكانتها كقوة صناعية. مع ذلك، تظهر حتى الآن بوادر أضرار داخلية تلحق بالاقتصاد الأميركي مع استعداد الشركات والمستهلكين لمواجهة تأثير الضرائب الجديدة. مخاطر تآكل اقتصادي شهد التوظيف بداية تراجع، وارتفعت الضغوط التضخمية، وبدأت قيم المنازل في الأسواق الرئيسية تنخفض عقب تطبيق أول دفعة من الرسوم الجمركية في أبريل (نيسان) الماضي، حسب جون سيلفيا، الرئيس التنفيذي لشركة «ديناميكيك إيكونومي سترايتي». وقال سيلفيا: «اقتصاد أقل إنتاجية يحتاج إلى عدد أقل من العمال. وهناك أمر إضافي، إذ إن ارتفاع الأسعار نتيجة الرسوم الجمركية يخفض الأجور الحقيقية للعمال. أصبح الاقتصاد أقل إنتاجية، ولم تعد الشركات قادرةً على دفع الأجور الحقيقية التي كانت تدفعها سابقاً. للأفعال عواقب». ويرى كثيرٌ من الاقتصاديين أن الخطر يكمن في استمرار تآكل الاقتصاد الأميركي بوتيرة متسارعة. وقال براد جنسن، أستاذ في جامعة جورجتاون: «سيكون الأمر أشبه بوجود رمل ناعم في التروس يبطئ الحركة». وروج ترمب لهذه الرسوم وسيلةً لتقليص العجز التجاري الأميركي المستمر. لكن المستوردين سارعوا إلى استيراد المزيد من السلع قبل دخول الرسوم حيز التنفيذ، ما أدى إلى ارتفاع العجز التجاري إلى 582.7 مليار دولار للنصف الأول من العام، بزيادة قدرها 38 في المائة عن العام السابق. كما انخفض الإنفاق الكلي على قطاع البناء بنسبة 2.9 في المائة خلال العام الماضي. الألم الاقتصادي لا يقتصر على أميركا شهدت ألمانيا، التي توجه 10 في المائة من صادراتها إلى السوق الأميركية، تراجعاً في الإنتاج الصناعي بنسبة 1.9 في المائة في يونيو (حزيران) الماضي، مع استمرار تأثير جولات الرسوم الجمركية السابقة التي فرضها ترمب. وقال كارستن بريزسكي، كبير الاقتصاديين لدى بنك «آي إن جي»: «الرسوم الجمركية الجديدة ستؤثر بشكل واضح على النمو الاقتصادي». الاستياء في الهند وسويسرا جسد يوم الخميس الطبيعة المتقلبة لرسوم ترمب الجمركية، التي تم فرضها، وسحبها، وتأجيلها، وزيادتها، وفرضها عبر رسائل، وإعادة التفاوض عليها. وأعلن ترمب يوم الأربعاء فرض رسوم إضافية بنسبة 25 في المائة على الهند بسبب مشترياتها من النفط الروسي، ليصل إجمالي الرسوم على واردات الهند إلى 50 في المائة. وقالت مجموعة بارزة من المصدرين الهنود إن القرار سيؤثر على نحو 55 في المائة من صادرات البلاد إلى الولايات المتحدة، مما سيجبر المصدرين على خسارة عملاء لهم منذ فترة طويلة. وقال إس. سي. راهلان، رئيس اتحاد منظمات التصدير الهندية: «امتصاص هذا الارتفاع المفاجئ في التكاليف أمر غير ممكن ببساطة، والهامش الربحي ضعيف جداً أصلاً». وكان من المتوقع أن يعقد المجلس الفيدرالي السويسري اجتماعاً يوم الخميس بعد عودة الرئيسة كارين كيلر-سوتر ومسؤولين سويسريين آخرين من زيارة مرتجلة إلى واشنطن في محاولة فاشلة لمنع فرض رسوم جمركية أميركية بنسبة 39 في المائة على السلع السويسرية. كما ستطول الرسوم الجمركية أيضاً الأدوية، وأعلن ترمب فرض رسوم بنسبة 100 في المائة على شرائح الكمبيوتر، مما قد يترك الاقتصاد الأميركي في حالة توقف مؤقت أثناء انتظار تداعيات ذلك. سوق الأسهم يظل متماسكاً يواجه استخدام الرئيس لقانون عام 1977 لإعلان حالة طوارئ اقتصادية لفرض الرسوم الجمركية طعوناً قضائية. حتى بعض الذين عملوا مع ترمب خلال ولايته الأولى، مثل بول رايان، الجمهوري من ويسكونسن ورئيس مجلس النواب السابق، أعربوا عن تشككهم. وقال رايان في مقابلة مع شبكة «ي إن بي سي» يوم الأربعاء: «لا يوجد أي مبرر سوى رغبة الرئيس في رفع الرسوم الجمركية بناءً على نزواته وآرائه الشخصية». يدرك ترمب جيداً المخاطر التي قد تؤدي إلى إلغاء محاكم الرسوم الجمركية، وغرد على حسابه في «سوشيال تروث» قائلاً: «الشيء الوحيد القادر على وقف عظمة أميركا هو محكمة يسارية متطرفة تسعى لرؤية بلادنا تفشل!». وظل سوق الأسهم قوياً وسط دراما الرسوم الجمركية، وارتفع مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» أكثر من 25 في المائة منذ أدنى مستوياته في أبريل (نيسان) الماضي. وأعطى انتعاش السوق وخفض ضرائب الدخل ضمن قانون الضرائب والإنفاق الذي وقع عليه ترمب في الرابع من يوليو (تموز) للبيت الأبيض ثقة بأن النمو الاقتصادي سيتسارع في الأشهر المقبلة. وفي الأسواق المالية العالمية، ارتفعت المؤشرات في معظم أوروبا وآسيا، بينما تراجعت الأسهم في «وول ستريت». لكن بريزسكي حذر قائلاً: «بينما يبدو أن الأسواق المالية قد تعودت على إعلانات الرسوم الجمركية، لا ينبغي أن ننسى أن تأثيراتها السلبية على الاقتصادات ستتكشف تدريجياً مع مرور الوقت». ويرى ترمب بوضوح مستقبلاً اقتصادياً مزدهراً، بينما يترقب الناخبون الأميركيون وبقية العالم هذا المستقبل بقلق وترقب. وقالت راشيل ويست، الباحثة البارزة في مؤسسة «ذا سنتشري»، التي عملت في إدارة بايدن على سياسة العمل: «هناك شخص واحد فقط يمكنه أن يتعامل بخشونة مع هذا اللايقين الذي يخلقه، وهو دونالد ترمب. أما بقية الأميركيين، فهم يدفعون بالفعل ثمن هذا اللايقين».