logo
مؤتمر حل الدولتين في مواجهة نهج "القوة هي الحق" الإسرائيلي

مؤتمر حل الدولتين في مواجهة نهج "القوة هي الحق" الإسرائيلي

الغدمنذ 4 أيام
اضافة اعلان
تناولت في مقال سابق غضب فرنسا من السلوك الإسرائيلي العدواني، ومخططاتها الرامية لتغيير قواعد القوة في المنطقة، مما قد يضعف النفوذ الفرنسي، لذلك شهدنا تحركا فرنسيا عالي السوية غايته عرقلة المشروع الإسرائيلي وإيقافه ومنعه من التمدد، أخذ التحرك الفرنسي منحيين الأول سوري برفض تقسيم سورية، والثاني فلسطيني، تجسد بإعلان النية للاعتراف بدولة فلسطين، والعودة للقرارات الدولية كان عنوان التحرك الفرنسي، هذا الزخم الفرنسي لم يواجه بمعارضة بريطانية ألمانية، مما يعني أن الثقل الأوروبي بات أقل حماسة لتبني وجهة النظر الإسرائيلية، التي ترى أن حل الدولتين فاته القطار.على الجانب الآخر كان هناك فيض من الغضب العربي، يتوسع ويتعمّق بسبب ما تقوم به إسرائيل في غزة من تدمير وتجويع وقتل، دون اكتراث بأي قانون دولي أو إنساني، هذا الغضب بدا جلياً بالنسبة للمملكة العربية السعودية والتي وضعت ثقلها الخليجي والعربي والإسلامي، باعتبارها دولة قيادية في هذا الفضاء بالإضافة إلى ثقلها الدولي، في ميزان سلام مع اسرائيل مقابل دولة فلسطينية كاملة السيادة، غير أن التغاضي الأميركي عن هذا المطلب السعودي والتفاوض دونه بكثير، والرد الإسرائيلي غير المحترم على دولة لها ثقلها ووزنها السياسي والاقتصادي، فضلاً عن جرائمها في غزة، أغضب السعودية وجعلها تخطط مع حلفائها العرب والدوليين لقلب الطاولة.لقد التقى الطموح السعودي فيما يتعلق بالدولة الفلسطينية مع الغضب من إسرائيل وسلوك الولايات المتحدة، مع غضب فرنسي من تهميش دورها الإقليمي، وتجاوز إسرائيل حدود المسموح تجاه دولة بحجم فرنسا، فضلاً عن الغضب من منح ترامب لإسرائيل عباءة القوة الأميركية، واعتبارها الوكيل الأميركي في المنطقة، كما التقت خشية الدولتين من أن تصبح إسرائيل هي التي تقرر مستقبل المنطقة، هذا التقاطع ولد رغبة قوية حركت السعودية وفرنسا للإسراع في تدارك الموقف قبل أن يذهب بعيداً، وتتمكن إسرائيل من فرض أجندتها على الجميع، ولما لفرنسا من ثقل دولي وما للسعودية من ثقل سياسي واقتصادي، تحرك الطرفان فرنسا، مدعومة بعدم معارضة بريطانية ألمانية، والسعودية مدعومة بموقف ملفت من الأردن ومصر واللذين سارا معها كتفاً بكتف.عُقد المؤتمر متكئاً على مبادئ أساسية تشاركت بها كل الأطراف، أول هذه المبادئ أن الولايات تخلت عن التزاماتها السابقة تجاه القضية الفلسطينية، وتحولت إلى شريك كامل لإسرائيل، وثانيها؛ رفض إقصاء الأطراف الإقليمية الكبرى مثل السعودية ومصر والأردن، والدولية كفرنسا المعتدة بقوتها والرافضة لاختصار دورها على هامش المبادرات الأميركية، لكن أبرز ما ميز المؤتمر هو الرفض غير المسبوق للمبدأ الإسرائيلي القائل بأن «القوة هي الحق»، ولذلك وضع المؤتمر بنداً أساسياً في مواجهة هذا التصور الإسرائيلي، وهو إعادة وضع القضية الفلسطينية في إطارها القانوني الأصلي، وكان رهان المؤتمر الأول والإستراتيجي هو تعبئة المجتمع الدولي ككتلة ضاغطة مضادة للهيمنة الأميركية.نحن إذاً بعد هذا المؤتمر، أمام صراع بين منطقين، منطق تسعى فيه الولايات المتحدة لإعادة تدوير إسرائيل برغم كل جرائمها، بلغة جديدة تستند إلى إعادة فرض الحقائق بالقوة، ومنطق آخر هو منطق الشرعية الدولية الذي يتمسك به العرب وأوروبا ودول أخرى، بالتالي فإن المؤتمر لم يكن استجابة لحالة الغضب وحدها، بل جاء كتتويج لمسار تراكم فيه الشعور الإقليمي، بأن أميركا لم تعد حليفاً ضامناً بل أصبحت خصماً لطموحات السلام الذي تنشده المنطقة، لذلك تمكنت السعودية ودول المنطقة من استثمار المخزون الدبلوماسي المتراكم لفرنسا، ودفعها لتستعيد دورها كقوة وكوسيط مستقل لا تديره أي قوة أخرى.ما جرى في نيويورك في مؤتمر حل الدولتين ليس النهاية، بل بداية لمسار دبلوماسي جديد، يعيد تعريف من هو صاحب الحق في تحديد مستقبل القضية الفلسطينية، ورفض الجميع في هذا المؤتمر أن تبقى هذه القضية رهينة للمزاج السياسي في واشنطن أو حسابات إسرائيل إستراتيجية كانت أو داخلية، كما أن التقاء الكلمة بين السعودية وحلفائها العرب مع فرنسا، على قاعدة القانون، لا القوة المجردة يمنح الأمل بإمكانية كسر الحلقة المفرغة من التفاوض العبثي، ويمنح الفلسطينيين والعالم فرصة لتصحيح البوصلة؛ من منطق التفاوض تحت قوة الرصاص والصواريخ، إلى منطق الحلول القائمة على الحق والعدالة والكرامة الإنسانية.لا شك أن هذا الزخم الإقليمي والدولي سيواجه بمعارضة أميركية في الجمعية العامة ومجلس الأمن، لكنه دون شك سيضع الولايات المتحدة وإسرائيل في مواجهة تيار دولي جارف، يحُدّ من قدرتهما على المناورة والاستئثار بالقضية الفلسطينية وحلولها، ويضع حدوداً للمدى الذي يمكنهما الذهاب إليه في تغيير واقع المنطقة وفق منهج «القوة هي الحق».
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

"التعاون الخليجي" : احتلال قطاع غزة يمثل تحديًا صارخًا لإرادة المجتمع الدولي
"التعاون الخليجي" : احتلال قطاع غزة يمثل تحديًا صارخًا لإرادة المجتمع الدولي

الرأي

timeمنذ 17 دقائق

  • الرأي

"التعاون الخليجي" : احتلال قطاع غزة يمثل تحديًا صارخًا لإرادة المجتمع الدولي

أكد الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية جاسم محمد البديوي، اليوم الجمعة، أن قرار قوات الاحتلال الإسرائيلية احتلال قطاع غزة، يمثل تحديًا صارخًا لإرادة المجتمع الدولي، وانتهاكًا فاضحًا للقرارات الأممية والقوانين الدولية، مشددًا على أن هذا التصعيد الخطير يقوض كل الجهود الرامية لتحقيق السلام العادل والشامل. وشدد البديوي، على أن هذا النهج العدواني الذي تنتهجه قوات الاحتلال الإسرائيلية يؤكد مضيها قدمًا في تهديد الأمن والاستقرار في المنطقة، وزيادة حدة التوتر والعنف، داعيًا المجتمع الدولي إلى تكثيف جهوده واتخاذ إجراءات عاجلة وفاعلة للضغط على قوات الاحتلال الإسرائيلية لوقف انتهاكاتها الخطيرة والممنهجة، وتوفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني، وفق ما نقلت وكالة الأنباء السعودية (واس). وجدد الموقف الثابت لمجلس التعاون في دعم القضية الفلسطينية، ووقوفه الكامل إلى جانب الشعب الفلسطيني في نضاله المشروع لاستعادة حقوقه غير القابلة للتصرف، وفي مقدمتها إقامة دولته المستقلة على حدود الرابع من حزيران 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، وفق قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية.

صفعة أوروبية جديدة: ألمانيا تصدم الاحتلال الإسرائيلي بقرار مفاجئ
صفعة أوروبية جديدة: ألمانيا تصدم الاحتلال الإسرائيلي بقرار مفاجئ

البوابة

timeمنذ 17 دقائق

  • البوابة

صفعة أوروبية جديدة: ألمانيا تصدم الاحتلال الإسرائيلي بقرار مفاجئ

أعلن المستشار الألماني فريدريش ميرتس، أن بلاده قررت وقف تصدير المعدات العسكرية التي قد تُستخدم في الحرب الجارية على غزة، إلى إسرائيل، "حتى إشعار آخر"، في خطوة غير مسبوقة من أحد أبرز حلفاء الاحتلال الإسرائيلي في أوروبا. وقال ميرتس، في بيان رسمي، إن الحكومة الألمانية "تشعر بقلق بالغ إزاء استمرار معاناة السكان المدنيين في قطاع غزة"، مؤكدًا أن إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين والتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار يشكلان "أولوية قصوى" لبرلين. وأشار المستشار الألماني إلى أن "فهم كيف يمكن للعملية العسكرية المخطط لها أن تخدم أهدافًا مشروعة، بات يزداد صعوبة"، في إشارة إلى خطة الاحتلال الإسرائيلي للسيطرة الكاملة على مدينة غزة. وأضاف أن حكومة الاحتلال تتحمّل "مسؤولية متزايدة" لتأمين المساعدات الإنسانية لسكان القطاع، داعيًا إلى تمكين منظمات الأمم المتحدة والمؤسسات الإنسانية الأخرى من الوصول الكامل إلى جميع المناطق في غزة. ويُعد هذا القرار بمثابة تحوّل كبير في موقف ألمانيا، التي كانت من أبرز الداعمين الدوليين للكيان الإسرائيلي على مدى العقود الماضية، خاصة في ما يتعلق بالتعاون العسكري. وفي هذا السياق، ذكّر ميرتس بأن بلاده "تحضّ الحكومة الإسرائيلية على عدم اتخاذ أي خطوات إضافية نحو ضم الضفة الغربية"، في إشارة إلى تصعيد الاستيطان والانتهاكات بحق الأراضي الفلسطينية المحتلة. وكان البرلمان الألماني قد أفاد في يونيو/حزيران الماضي بأن تراخيص تصدير عتاد عسكري إلى الاحتلال، قد بلغت قيمتها نحو 485 مليون يورو (564 مليون دولار)، خلال الفترة الممتدة من 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 حتى 13 مايو/أيار 2025. يأتي الموقف الألماني في وقت تتصاعد فيه الانتقادات الدولية للعدوان الإسرائيلي المستمر على غزة، حيث حذرت الأمم المتحدة ومنظمات دولية من تفاقم الأوضاع الإنسانية، خاصة مع تفشي المجاعة في عدة مناطق من القطاع. وكان مجلس الوزراء الأمني في حكومة الاحتلال قد صادق اليوم على خطة للسيطرة الكاملة على مدينة غزة، رغم الاحتجاجات الدولية، وتواصل الحرب المدمرة منذ قرابة عامين.

كوستا يحذّر من "عواقب" لخطة إسرائيل حول غزة على العلاقات مع الاتحاد الأوروبي
كوستا يحذّر من "عواقب" لخطة إسرائيل حول غزة على العلاقات مع الاتحاد الأوروبي

الرأي

timeمنذ 17 دقائق

  • الرأي

كوستا يحذّر من "عواقب" لخطة إسرائيل حول غزة على العلاقات مع الاتحاد الأوروبي

انتقد رئيس المجلس الأوروبي أنتونيو كوستا بشدة الجمعة خطة إسرائيل للسيطرة على غزة، قائلا إن "مثل هذا القرار" يجب أن تكون له "عواقب" على علاقات الاتحاد الأوروبي مع الدولة العبرية. وقال رئيس الهيئة التي تضم رؤساء دول وحكومات الاتحاد الأوروبي، في منشور على منصة إكس، "إن الوضع في غزة يظل مأسويا، وقرار الحكومة الإسرائيلية لن يؤدي إلا إلى مفاقمته". وأضاف كوستا أن "مثل هذا القرار يجب أن تكون له عواقب على العلاقات بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل". بدورها، دعت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين إسرائيل الجمعة إلى إعادة النظر في خطتها لتوسيع سيطرة جيشها على قطاع غزة. وقالت على منصة اكس إنه "يجب إعادة النظر في قرار الحكومة الإسرائيلية توسيع عمليتها العسكرية في غزة". كما حضت على إطلاق سراح جميع الرهائن، وإتاحة "الوصول الفوري وغير المقيد" للمساعدات الإنسانية إلى غزة. وأضافت "وقف إطلاق النار ضروري الآن". في نهاية حزيران/يونيو، اعتبرت المفوضية الأوروبية أن إسرائيل تنتهك مادة من اتفاقية الشراكة التي تربطها بالاتحاد الأوروبي، في ما يتعلق باحترام حقوق الإنسان. واقترحت تعليق قسم من التمويل الأوروبي للشركات الناشئة الإسرائيلية، لكن هذا القرار لم يحظ بعد بالضوء الأخضر من الدول الأعضاء السبع والعشرين المنقسمة حول موقفها تجاه إسرائيل منذ بداية حربها في غزة ضد حماس، ردا على الهجوم غير المسبوق الذي نفذته الحركة الفلسطينية في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023. تشدد عدة دول أعضاء، من بينها ألمانيا، منذ فترة طويلة على حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها في إطار القانون الدولي، في حين تدين دول أخرى مثل إسبانيا "الإبادة الجماعية" بحق الفلسطينيين في غزة. لكن برلين أظهرت تغييرا كبيرا في موقفها الجمعة، عندما أعلنت أنها ستعلق صادرات الأسلحة التي يمكن لإسرائيل استخدامها في حربها. من جانبها، أعلنت بلجيكا استدعاء السفيرة الإسرائيلية. وحتى داخل المفوضية الأوروبية نفسها بدأت المواقف تتغير أيضا. ففي مقابلة مع منصة "بوليتيكو" هذا الأسبوع، قالت نائبة رئيسة المفوضية تيريزا ريبيرا إن الوضع في غزة "يشبه إلى حد كبير... الإبادة الجماعية".

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store