
تحرير قطاعِ الكهرباء... مُفتاح الخروج من الأزمة
اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب
لا يظّنن أحد أن ساعات التغذية التي ينعم بها المواطن حاليا، هي نتاج تحسين لوضع الكهرباء المزري أصلا. فهذه الساعات لها كلفة وهي كلفة كبيرة، نظرا إلى أنها تعتمد النظام نفسه الذي عملت عليه مؤسسة كهرباء لبنان لعقود. وإذا نظرنا إلى مستحقات الحكومة العراقية على الدولة اللبنانية ثمن الفيول المستورد، لوجدنا أن الفاتورة أصبحت كبيرة على الدولة (ما يوازي ملياري دولار أميركي بالليرة اللبنانية). ولا نعلم حتى الساعة خطّة الحكومة اللبنانية لدفع هذه المستحقات، التي تتراكم يوما بعد يوم. بالطبع لن أعود بالذكر على عشرات المليارات من الدولارات (أكثر من 48 مليار دولار أميركي) المهدورة في قطاع الكهرباء، والتي لم ينتج منها قطاع على القدر والقيمة ، كفيل بتقديم الخدمات للمواطن اللبناني، في حين أن أربعة مليارات دولار أميركي كانت كافية لبناء أحدث معامل الإنتاج، التي تكفي لبنان من الكهرباء 24/7.
النموذج المعمول به هو نموذج أثبت فشله (أقلّه إذا نظرنا إلى النتائج)! وبالتالي هناك ضرورة قصوى لتحرير هذا القطاع من سلطة الدولة، وإشراك القطاع الخاص القادر على المساهمة في هذه العملية بشكل فعّال. ويُذكرنا التاريخ أن المرأة الحديدية مارغريت تاتشر قامت في ثمانينيات القرن الماضي بتحرير قطاع الكهرباء (الإنتاج، النقل، والتوزيع)، وانخفض بذلك سعر الكيلوات ساعة، ليصبح الأقل في العالم نتيجة التنافسية العالية. حتى إن سعر الكيلوات ساعة أصبح يُتداول بالبورصة في لندن.
لا يَخفى على أحد أن عملية تحرير قطاع الكهرباء في لبنان موضوع معقد ومتشابك بشكل كبير مع الأزمات الاقتصادية والسياسية المستمرة. فمؤسسة كهرباء لبنان تحتكر توليد ونقل وتوزيع الكهرباء، مما أدّى مع سوء الإدارة والفساد ونقص الإستثمار، إلى خلل هيكلي في تقديم الخدمة إلى المواطن، مع كلفة عالية جدا بلغت عشرات مليارات الدولارات بحسب تقرير «ألفاريز آند مارسال». وفشلت الشركة في توفير الخدمة بشكل منتظم وصل بعض الأحيان إلى حدّ الانقطاع الكامل.
إلى جانب مؤسسة كهرباء لبنان، ظهرت المولدات الخاصة بحكم وجود قصور لدى مؤسسة كهرباء لبنان، وفرضت نفسها خلال عقدين من الزمن، حتى عادلت في مرحلة من المراحل قدرتها الإنتاجية قدرة مؤسسة كهرباء لبنان. مشكلة هذه المولدات أنها غير منظمة ولا تعترف بها الدولة، وتخلق مصالح راسخة في بعض الأحيان.
من هنا، تأتي أهمّية تحرير قطاع الكهرباء بهدف زيادة الكفاءة التي سترتفع، مع اشتداد المنافسة التي ستجلب استثمارات وخبرات يحتاج اليها القطاع وتحسين الموثوقية، من باب تنويع مصادر الطاقة وعديد مقدّمي الخدمات، والتقليل من الاعتماد على جهة واحدة. أيضا من مبررات تحرير القطاع، الحدّ من الفساد من خلال الشفافية والمساءلة والرقابة والتنظيم عبر الهيئة الناظمة للقطاع. أضف إلى ذلك هناك حجّة قوية ألا وهي تقليل الاعتماد على الطاقة الأحفورية.
في المُقابل، هناك تحدّيات يجب العمل على تذليلها، على رأسها المصالح الراسخة القوية والصراعات السياسية. يلي هذا تحدّي إنشاء إطار تنظيمي قوي ومستقلّ، وهو شرط أساسي لضمان المنافسة العادلة وحماية المواطن وتعزيز الطاقة المستدامة. وهنا يجب الأخذ بعين الاعتبار الفئات الاجتماعية الضعيفة، التي قد تتأذى في البداية، ويمكن دعمها من خلال مساعدات عينية.
وبالتالي، ومن خلال عملية التحرير هذه يمكن تحقيق تحسينات كبيرة في هذا القطاع، لكن في المقابل هناك حاجة الى تخطيط دقيق وإرادة سياسية قوية والتزام بالشفافية والمساءلة. لكن هل من نموذج يمكن اتّباعه لتحرير قطاع الكهرباء؟
في الواقع يعتمد النهج الأمثل الواجب اعتماده على الإطار القائم في لبنان (المشهد السياسي، الظروف الاقتصادية، البنية التحتية القائمة). وبالتالي يُعتبر النموذج الهجين هو الأفضل من ناحية قدرته على الموازنة بين المنافسة والرقابة التنظيمية القوية. هناك عدّة جوانب إصلاحية في قطاع الكهرباء يفرضها نموذج التحرير هذا:
- أولاً : فك الارتباط والتحرير التدريجي في شق التوليد والنقل والتوزيع. على صعيد التوليد، ينبغي فتح المنافسة والسماح لمنتجي الطاقة المستقلين بدخول السوق، مع إعطاء الأفضلية للطاقة المتجدّدة. وعلى صعيد النقل، يجب الحفاظ على شبكة النقل كاحتكار منظم، يمكن أن يكون تحت إشراف مؤسسة منفصلة ومستقلة، ما يضمن استقرار الشبكة ويجنّب التجزئة. أمّا على صعيد التوزيع، فيجب إدخال المنافسة تدريجيا من خلال امتيازات إقليمية مثلا، وهو ما يسمح بتحسينات الخدمة المحلية.
- ثانياً : تعيين هيئة ناظمة للقطاع، تكون مستقلة قوية وذات صلاحيات واضحة وموارد كافية، وتكون مسؤولة عن تحديد التعريفات التي تعكس الكلفة الحقيقية للكهرباء، ومسؤولة أيضا عن إصدار التراخيص، وإنفاذ اللوائح، ومراقبة المنافسة في السوق، ومنع السلوكيات المناهضة للمنافسة، وضمان حماية المستهلك، وتعزيز الوصول الشامل الى الكهرباء، والإشراف على الانتقال إلى الطاقة المتجددة.
- ثالثاً : إعتماد الشرْكة بين القطاعين العام والخاص، لجذب استثمارات وخبرة القطاع الخاص على المنصّة العامّة، حيث من الضروري أن تكون هذه الشركة تحت مجهر الرقابة في ما يخصّ الشفافية والمناقصات في عقود الشرْكة، مما يعني ضرورة وضع مقاييس أداء واضحة وآليات مراقبة دقيقة.
- رابعاً : تنفيذ التحرير عبر اعتماد نهج مرحلي، يبدأ بمشاريع تجريبية في مناطق يتمّ اختيارها، وهو ما يسمح بالتعلم التدريجي والتكيف، وتقليل خطر الاضطرابات (مثلًا البدء بقطاع التوليد ثم الانتقال إلى التوزيع).
- خامسا : إعطاء الأولوية لدمج مصادر الطاقة المتجددة، مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح في الـ Mix كهرباء ، وتقديم حوافز لتطوير الطاقة المتجددة، وتحديث الشبكة لاستيعاب التوليد الموزع ومصادر الطاقة المتجددة المتقطعة.
- سادسا : أخذ الاحتياطات اللازمة لحماية الفئات الاجتماعية الضعيفة من تأثير زيادات التعرفة، والنظر في الدعم المستهدف للأسر ذات الدخل المحدود، كما وضمان الوصول الشامل إلى الكهرباء، بغض النظر عن مستوى الدخل.
- سابعا : يُعتبر تعزيز الشفافية والمساءلة في جميع جوانب عملية التحرير، بما في ذلك تحديد التعريفات والترخيص، ومنح العقود عنصرا أساسيا في نموذج التحرير المطروح، وهو ما يفرض إنشاء آليات للمشاركة وضمان مساءلة جميع الجهات الفاعلة في قطاع الكهرباء.
الإطار العام في لبنان يفرض الأخذ بعين الاعتبار عددا من المعطيات، مثل الاستقرار السياسي والأمني، ومكافحة الفساد، واستدامة النموذج المالي، وضمان استثمارات لإعادة تأهيل البنية التحتية للكهرباء وجعلها جاهزة لإدخال مصادر الطاقة الحديثة والمتجددة. هذه الاعتبارات تكمن في التوجّه العام الذي فرضه خطاب القسم، والذي وضع خارطة طريق واضحة للمستقبل. فهل ستكون حكومة نواف سلام قادرة على رفع التحدّي في قطاع إستنزف كل قدرات الدولة؟

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الشرق الجزائرية
منذ 44 دقائق
- الشرق الجزائرية
ستارمر: سنستثمر 15 مليار جنيه إسترليني في إنتاج رؤوس نووية كضامن لأمننا ودفاعنا
أعلن رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر أنه سيتم استثمار '15 مليار جنيه إسترليني في إنتاج رؤوس نووية سيادية كضامن أساسي لأمننا ودفاعنا'، بحسب 'روسيا اليوم'. وكشف عن خطة شاملة لإصلاح الجيش البريطاني تتضمن توسيعا مكلفا للرادع النووي للبلاد، لكنه رفض تحديد موعد تحقيق المملكة المتحدة لهدفها الرئيسي المتمثل في إنفاق 3% من الناتج المحلي الإجمالي على الدفاع. وأكد أن 'المملكة المتحدة ستنتقل إلى حالة جاهزية قتالية استجابة للتهديدات المتزايدة وتفاقم عدم الاستقرار في العالم'، وذلك في الوقت الذي أعلنت فيه حكومته عن خطط لاستثمار 15 مليار جنيه إسترليني (20 مليار دولار) في برنامجها للرؤوس الحربية النووية، وبناء ما يصل إلى 12 غواصة في إطار شراكة AUKUS التي تديرها مع الولايات المتحدة وأوستراليا.


الديار
منذ ساعة واحدة
- الديار
"عدة الشغل "لمصرف لبنان تكتمل هذا الاسبوع بتعيين النواب الاربعة
اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب بعد تعيين كريم سعيد حاكما لمصرف لبنان وجب على حكومة الرئيس نواف سلام تعيين نواب للحاكم بمناسبة مرور خمس سنوات على تعيين نواب الحاكم الحاليين وهم وسيم منصوري وسليم شاهين وبشير يقظان والكسندر موراديان وبالتالي من المفروض ان يتم تعيينهم هذا الاسبوع او التمديد لهم او استبدال بعضهم . وينص القانون اللبناني على ان تعيين نواب الحاكم بموجب مرسوم من قبل مجلس الوزراء لمدة خمس سنوات قابلة للتجديد، بالتشاور مع الحاكم وبناء على اقتراح من وزير المالية، ومهمتهم المساعدة في إدارة المصرف، وتنفيذ المهام المحددة من قبل الحاكم. وقد كان وزير المالية ياسين جابر حاسما في هذا الموضوع الذي اكد على ضرورة تعيين نواب لحاكم مصرف لبنان لانهم العدة الاساسية لاي عمل اصلاحي ولاستمرار التفاوض مع صندوق النقد الدولي فهل ستمدد ولاية الأعضاء الأربعة الحاليين أم سيعيّن أعضاء جدد، أعتقد أنه خلال الأسبوع المقبل (هذا الاسبوع ) يحسم هذا الموضوع وكذلك تعيين لجنة جديدة للرقابة على المصارف وأعتقد أن الأمر قد يحسم قبل التاسع من حزيران المقبل. وقد وضعت تعيينات نوّاب حاكم مصرف لبنان على نار حامية، حيث تشير المعطيات إلى أنّ التغيير لن يشمل نوّابه الأربعة، حيث تردد ان الشيعي وسيم منصوري والارمني الكسندر مروديان باقيان، في منصبيهما، نتيجة ضغوط دولية تمارس. في حين سيتم تبديل سليم شاهين بمازن سويد وبشير يقظان بمكرم بو نصار . الجدير ذكره ان النواب الحاكم الاربعة أدوا دورا مهما خلال ولاية وسيم منصوري حيث قدموا كتابا الى اعضاء الحكومة التي كانت موجودة وهي حكومة نجيب ميقاتي والمجلس النيابي ويطالب فيه بتصحيح السياسة النقدية والبدء بعملية التعافي وهدفها الرئيسي تعويم سعر الصرف بطريقة مضبوطة على منصة صرف جديدة معترف بها دوليا بما يعكس القيمة الحقيقة لليرة اللبنانية من المتوقع ان تنفذ هذه الخطة خلال ستة اشهر مع تأمين الاستقرار الاجتماعي وحماية القدرة الشرائية لموظفي القطاع العام والفئة الاكثر هشاشة خلال هذه المدة . في المقابل تلتزم كل من الحكومة والمجلس النيابي بالموافقة على القوانين لاعادة الثقة وتأمين الايرادات من داخل اذار الموازنة . وقد عدد الكتاب الخطوات التي يجب القيام بها لخطة النهوض الاقتصادي لكن الحكومة والمجلس النيابي لم يتجاوبا مع هذاالكتاب فقام منصوري مع نوابه بما قدر لهم لتحسين الوضع النقدي لكن عدم تمكنهم من اطلاق خطة لاعادة الودائع كان السبب الرئيسي لاحباطهم ،ويبدو ان الحكومة الحالية برئاسة نواف سلام قد سارعت الى التجاوب مع متطلبات المجتمع الدولي وها هو اليوم الحاكم الجديد كريم سعيد يستعد لاطلاق خطة لاعادة الودائع والتصويب على الدور الفعال لمصرف لبنان . ويبدو ان "عدة الشغل "لمصرف لبنان ستكتمل مع تعيين نواب جدد لحاكم مصرف لبنان ويبقى السؤال هل سيكون تعيين هؤلاء للتنسيق والتعاون او ستظل الخلافات فيما بينهم في ظل استمرارية التضييق على حاكم مصرق لبنان الجديد؟


الديار
منذ ساعة واحدة
- الديار
الصراع السعودي - التركي – "الإسرائيلي" حول سوريا
اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب اذاً، رجب طيب اردوغان فوجئ بتكثيف الأمير محمد بن سلمان حضور بلاده الجيوسياسي في سوريا، دون أي تنسيق بين الرياض وأنقرة، التي اذ تعتبر نفسها الوصية على النظام السوري بل وعلى الدولة السورية، كانت تراهن على دور مالي فقط للمملكة، ما يعني الآن الحد من الـتأثير التركي على أحمد الشرع، بالصورة التي قد تحمل اردوغان على التخلص منه بطريقة ما، وهو الذي اذ تتواجد الاستخبارات التركية تحت ثيابه، تولت تصنيعه ليكون الوالي العثماني على سوريا. المسألة الفائقة الحساسية هنا، أن الرئيس التركي تعهد لبنيامين نتياهو، واثناء الاجتماعات التركية ـ "الاسرائيلية" في أذربيجان، بأن الشرع سيكون جاهزاً في غضون اشهر قليلة، للقيام بخطوات عملانية في اتجاه التطبيع، ما يستتبع اقدام لبنان على خطوات مماثلة، لتكتمل "الحلقة الرخوة" حول الدولة العبرية. واذ توجه الشرع مباشرة، وبرسالة "أخوية" الى "الاسرائيليين" يعلن فيها ألاّ عداء معهم، أشار على ذلك النحو الساذج، الى أن "عدونا مشترك"، اي ايران وحزب الله، ليقول في الوقت نفسه أن التطبيع غير وارد الآن، ما يعكس مدى تأثير السعودية عليه، بعدما ربطت مسألة الانضمام الى "اتفاقات ابراهام"، باقامة الدولة الفلسطينية، وهي التي انزعجت كثيراً من الضغط الذي مارسته المؤسسة اليهودية للحيلولة دون دونالد ترامب، والموافقة على انشاء مفاعل نووي في المملكة، الأمر الذي يعني كثيراً ولي العهد السعودي، برهانه على تحويل بلاده الى دولة أشد فاعلية في المحيط، ان على المستوى الجيوسياسي أو على المستوى الجيوستراتيجي. جهات أوروبية رفيعة المستوى بدأت تتحدث عن "صراع الرؤوس" في سوريا وعلى سوريا. ووفقاً لمصدر خليجي، دعت السعودية الشرع الى التريث في مسألة التطبيع في ظل الأجواء الضبابية الراهنة، ما قد يعرّضه للخطر، بوجود فئات سورية واسعة ترفض اي خطوة تجاه "اسرائيل"، ليس فقط قبل الانسحاب "الاسرائيلي" من المناطق التي احتلتها في الآونة التي أعقبت سقوط نظام بشار الأسد، وانما أيضاً قبل الانسحاب من مرتفعات الجولان، أو على الأقل التوصل الى ترتيب ما لهذه المرتفعات ينزع السيادة "الاسرائيلية" عنها، بعدما كان "الكنيست" قد اصدر في 14 كانون الأول 1981، "قانون الجولان" الذي يقضي بـ "فرض القانون والقضاء والادارة "الاسرائيلية" على هضبة الجولان". في هذا السياق، من هو الرأس الذي يمكن أن يسقط، بعدما سبق للرئيس دونالد ترامب وأطلق في ولايته الأولى "صفقة القرن"، لتأخذ مسارها العملاني بـ"اتفاقات أبراهام"، مع التوقف هنا عند التسمية التي تضفي بعداً ايديولوجياً على العلاقات العربية ـ "الاسرائيلية"، الأمر الذي راهنت عليه المؤسسة اليهودية لتكريسه الأساس التوراتي، الذي يتعدى الوجه الاستراتيجي للدولة العبرية. كما أن ترامب كان قد وعد "تل أبيب" بأنه سيضغط على المملكة للانضواء في دومينو التطبيع، حتى اذا تحقق ذلك تغيّر الشرق الأوسط. بطبيعة الحال، "الاسرائيليون" ضد سيطرة تركيا على سوريا وعلى لبنان، لأن ذلك يعني وصولها كدولة كبرى في المنطقة، ويحكمها الهاجس الخاص باعادة احياء السلطنة العثمانية. من هنا، الانذار "الاسرائيلي" بعدم السماح لأي جندي تركي والدخول الى دمشق، التي باتت عملياً في القبضة "الاسرائيلية"، والى حد الاغارة على محيط قصر الشعب، وان كان ترامب قد أعلن عن رضاه على الدور التركي في سوريا. هكذا عبرت "اسرائيل" عن غضبها من الأمير محمد بن سلمان، بعدم سماحها لوفد توجه وفد من وزراء الخارجية العرب، برئاسة الأمير فيصل بن فرحان الى رام الله للبحث في خارطة الطريق الخاصة باقامة الدولة الفلسطينية، ليبرر مسؤول "اسرائيلي" ذلك الموقف برفض أي شكل من أشكال وجود "دولة الارهاب"، وهي التي كانت تنتظر من الرئيس الأميركي موافقته على أي قرار تتخذه "اسرائيل" بالحاق الضفة بها. وتبعاً لمعلومات خليجية، فان المملكة لم تكن لتقدم على تلك الخطوة من دون الضوء الأخضر الأميركي، تزامناً مع اطلاق سلسلة من الأسئلة "الاسرائيلية" حول ما حدث في قصر اليمامية بين الرئيس دونالد ترامب والأمير محمد بن سلمان حول الموضوع، الذي يواجه بمعارضة "اسرائيلية" عاصفة، لاعتبار القادة السياسيين والعسكريين أن دولة فلسطينية في الضفة والقطاع تعني بداية النهاية للدولة العبرية، خصوصاً وأن هناك توجساً من المؤسسة اليهودية لرغبة الرئيس الأميركي في احلال الدور السعودي محل الدور "الاسرائيلي"، في حماية المصالح الأميركية في الشرق الأوسط، وبوسائل بعيدة عن الوسائل العسكرية التي تزيد في مستوى العداء للولايات المتحدة. سوريا، بوضعها الجغرافي الذي يؤثر بشكل مباشر على الوضع المستقبلي للمنطقة، لا بد أن تكون مركزاً للصراع، سواء بخلفيات ايديولوجية أو تاريخية، لتبدو الصورة هكذا: السعودية في مواجهة التمدد التركي والتمدد "الاسرائيلي". في هذه الحال، أين يقف دونالد ترامب الذي يضطلع بدور "المايسترو" وسط الحلبة؟ وهو الذي يعلم أن سوريا التي تعاني من الخراب الاقتصادي ومن الارتباك السياسي، بحاجة الى المال أكثر من حاجتها الى اي شيء آخر.