
إيران تلغي "شرطة الآداب": استجابة شعبية أم مناورة سياسية أمام الضغوط الخارجية؟
أعلن رئيس مجلس الشورى الإسلامي في إيران، محمد باقر قاليباف، عبر منصة "إكس"، أن قانون "العفاف والحجاب" قد تم تعديله، مؤكدًا أن "دوريات الآداب" أُلغيت بالكامل.
وأضاف: "قانون الحجاب كان معمولًا به قبل إقرار التعديلات الجديدة، وبالتالي لا يوجد أي فراغ قانوني في هذا المجال. وكان من الضروري اعتماد قانون يعالج الجوانب المختلفة، سواء الإيجابية أو السلبية".
وأوضح أن التعديلات تهدف إلى تغيير آلية التعامل مع ملف الحجاب وتحقيق توافق داخلي حوله، في خطوة تسعى من خلالها الحكومة إلى إدارة الملف بحذر في ظل الأوضاع المتوترة.
وجاء هذا القرار في وقت تواجه فيه إيران تحديات متعددة، حيث تصاعدت الضغوط الخارجية مع استمرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في تشديد العقوبات الاقتصادية على طهران، وتكثيف التهديدات العسكرية، سواء بشكل مباشر أو عبر حلفائه في المنطقة.
وتسعى واشنطن إلى فرض اتفاق ملزم على إيران لمنعها من تخصيب اليورانيوم إلى مستويات عسكرية، حيث شدد ترامب مرارًا على ضرورة عدم امتلاك طهران لسلاح نووي.
وقد وقع ترامب أمرًا تنفيذيًا لإعادة تفعيل سياسة "الضغوط القصوى"، مستهدفًا خفض صادرات النفط الإيرانية إلى الصفر، مما يزيد من الأعباء الاقتصادية على طهران، ويفتح الباب أمام اضطرابات داخلية نتيجة ارتفاع الأسعار المتسارع وتنامي الشعور بعدم الاستقرار السياسي.
يُعد قانون الحجاب الإلزامي في إيران من أكثر القوانين المثيرة للجدل منذ فرضه عقب الثورة الإسلامية عام 1979. ورغم وجود محاولات سابقة لإعادة النظر في أسلوب تطبيقه، فإن الحدث الذي غيّر مسار الجدل كان مقتل الشابة مهسا أميني في أيلول/سبتمبر 2022، خلال احتجازها لدى شرطة الآداب في طهران بتهمة "عدم ارتداء الحجاب بشكل مناسب".
أدى مقتلها إلى اندلاع احتجاجات غير مسبوقة استمرت لأشهر، رافقتها مواجهات مع قوات الأمن، ومطالبات بإصلاحات سياسية واجتماعية أوسع. التحركات الاحتجاجية لم تكن معزولة عن السياق السياسي العام، بل جاءت في وقت تصاعد فيه الغضب الشعبي نتيجة الأزمات الاقتصادية والتوترات الإقليمية التي تلقي بظلالها على الداخل الإيراني.
ويُذكر أن دوريات "شرطة الآداب" أُنشئت رسميًا عام 2005 خلال حكم الرئيس محمود أحمدي نجاد، وكانت مسؤولة عن فرض قوانين الحجاب الإلزامي في الأماكن العامة، حيث كانت النساء المخالفات عرضة لعقوبات قاسية تراوحت بين السجن لفترات تصل إلى 10 سنوات، والغرامات المالية الباهظة التي تجاوزت 8500 دولار أمريكي، وحتى الجلد في بعض الحالات.
رغم أن إلغاء "دوريات الآداب" يبدو ظاهريًا استجابة لمطالب المحتجين، فإن توقيته يطرح تساؤلات حول دوافع الحكومة الإيرانية الحقيقية وراء اتخاذه. فإيران اليوم تواجه وضعًا داخليًا حساسًا مع استمرار الضغوط الاقتصادية وارتفاع تكاليف المعيشة، ما يزيد من احتمالات اندلاع اضطرابات شعبية جديدة.
ويُنظر إلى هذا القرار على أنه محاولة لاحتواء الغضب الشعبي عبر تقديم تنازلات محسوبة، دون أن يعني ذلك بالضرورة تغييرًا جوهريًا في سياسات الدولة تجاه الحريات المدنية. ويرى محللون أن هذه الخطوة تمثل تكتيكًا سياسيًا تسعى من خلاله الحكومة إلى تهدئة الداخل، مع إبقاء قبضتها على السلطة. لكن في المقابل، ينظر آخرون إلى الخطوة بإيجابية، وبأمل أن تتلوها خخطوات أخرى تعزز المسار الانفتاحي الذي تظهره السلطات في الآونة الأخيرة.
وفي حين يُعتبر هذا القرار مكسبًا للمتظاهرين الذين طالبوا مرارًا بإلغاء "دوريات الآداب"، حيث يعكس قدرة الضغط الشعبي على تحقيق تغييرات، حتى وإن كانت تدريجية، لا يُنظر إلى هذه الخطوة بالضرورة على أنها مؤشر على نية النظام الإيراني تنفيذ إصلاحات أوسع، بل يُعتقد أنها تأتي في سياق تقديم تنازلات محدودة لمنع اندلاع اضطرابات داخلية، لا سيما في ظل الأوضاع الإقليمية المتوترة.
ويُرجح بعض المحللين أن يكون إلغاء "دوريات الآداب" جزءًا من استراتيجية حكومية لإظهار مرونة سياسية تهدف إلى احتواء أي احتجاجات جديدة، خصوصًا مع تصاعد الضغوط الأمريكية وإعادة فرض العقوبات الاقتصادية، التي تستهدف خنق الاقتصاد الإيراني.
وبالنظر إلى أن هذه التحديات تزيد من احتمالات نشوب اضطرابات داخلية، يُعتقد أن النظام يسعى إلى تفادي موجة احتجاجات أشد عنفًا مما شهدته البلاد عام 2022، عبر تقديم تعديلات اجتماعية دون المساس بجوهر بنيته السلطوية.
وعلى المستوى الدولي، يُنظر إلى هذه الخطوة على أنها قد تكون محاولة لتحسين صورة إيران، خاصة بعد الانتقادات الواسعة التي تعرضت لها بسبب ممارسات شرطة الآداب، والتي وثّقتها العديد من الصور ومقاطع الفيديو التي أظهرت العنف ضد النساء.
ورغم أهمية هذا القرار، تبقى التساؤلات قائمة حول ما إذا كان يمثل إصلاحًا جوهريًا أم مجرد تعديل في أسلوب تطبيق القوانين، إذ لا يزال قانون الحجاب الإلزامي قائمًا، وقد يتم استبدال "دوريات الآداب" بآليات أخرى لمراقبة الامتثال للقواعد المفروضة.
وبالمحصلة، يرى كثير من النشطاء أن الإصلاح الحقيقي يتطلب تغييرات أعمق في سياسات الدولة تجاه الحريات المدنية وحقوق المرأة، وليس فقط إلغاء جهاز أمني محدد. ومع استمرار الضغوط الاقتصادية والتوترات الإقليمية، يبقى مستقبل الحريات في إيران مرهونًا بمدى قدرة النظام على الموازنة بين مطالب الداخل وضغوط الخارج.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


يورو نيوز
منذ 6 ساعات
- يورو نيوز
ارتفاع تاريخي في قيمة البيتكوين بعد تقدم مشروع قانون العملات المستقرة في مجلس الشيوخ
خلال جلسة التداول الآسيوية الخميس، ارتفعت قيمة أكبر عملة رقمية في العالم إلى أكثر من 111,000 دولار عند الساعة 5:23 صباحًا بتوقيت وسط أوروبا، متجاوزة أعلى مستوى سابق لها عند 109,000 دولار، والذي سُجل خلال حفل تنصيب الرئيس ترامب في 20 يناير الماضي. ولم يكن الارتفاع الكبير مدفوعًا بالتطورات التشريعية فقط، بل عززه أيضًا تزايد إقبال المؤسسات على شراء العملات الرقمية. فقد أعلنت شركة مايكروستراتيجي، التابعة لمايكل سايلور، عن شراء بيتكوين بقيمة 765 مليون دولار يوم الإثنين، لترتفع حيازاتها الإجمالية إلى أكثر من 63 مليار دولار. بالإضافة إلى ذلك، وسعت مؤسسات مالية كبرى مثل JPMorgan Chase وMorgan Stanley وBlackRock عروضها للعملات الرقمية لتلبية طلب العملاء المتزايد. وفي هذا السياق، يقول جوش جيلبرت، المحلل المختص بالأسواق لدى eToro أستراليا، إن اللافت هذه المرة هو أن الارتفاع الكبير، جاء نتيجة اهتمام المؤسسات المتزايد بالعملات الرقمية. يربط قانون العملات المستقرة، البيتكوين بأصول مرجعية مثل الدولار الأمريكي أو اليورو أو الذهب. وقد حقق النقاش حول المشروع تقدمًا في مجلس الشيوخ، بعدما تراجعت مجموعة من الأعضاء الديمقراطيين عن معارضتها السابقة عليه، ما زاد من احتمال إقراره في وقت قريب. ومن المتوقع أن يتضمن مشروع القانون بنودًا من شأنها حماية حاملي العملات المستقرة وتنظيم إساءة الاستخدام المحتملة للتمويل الإجرامي أو تمويل الإرهاب. وكان هذا التشريع قد تعثر في السابق بسبب المخاوف بشأن تضارب المصالح المحتمل، الناجم عن استثمار الرئيس ترامب وعائلته في العملة الرقمية. في يناير الماضي، أطلق الزعيم الجمهوري عملة الميم الخاصة به، كما دعمت شركته العائلية إطلاق عملة مستقرة جديدة، تسمى USD1 في مارس. وترتبط تلك العملة بودائع الدولار وهي مدعومة بسندات الخزانة الأمريكية قصيرة الأجل. وفي مقابلة مع شبكة CNBC، أوضح ديفيد ساكس مسؤول العملات الرقمية في البيت الأبيض، وكبير مستشاري ترامب في مجال الذكاء الاصطناعي، أن تمرير مشروع القانون سيعزز الطلب على سندات الخزينة الأمريكية. وقال: "إذا نجحنا في توفير إطار قانوني وتنظيمي واضح، أعتقد أننا سنتمكن من خلق تريليونات الدولارات من الطلب على سندات الخزانة الأمريكية في وقت قياسي، وربما بين عشية وضحاها." وتعد العملات المشفّرة واحدة من أكثر الأصول تذبذبًا في العالم، لكنها ارتفعت منذ بداية العام الحالي، بنسبة 20% تقريبًا. في المقابل، تراجع مؤشر S&P 500، الذي يعكس أداء أكبر 500 شركة أمريكية، بنسبة 0.48%، بينما ارتفع مؤشر ناسداك الذي يعكس أداء شركات التكنولوجيا بنسبة 2.7%. وفي الوقت نفسه، ارتفع الذهب، وهو أحد أصول الملاذ الآمن التقليدية، بنحو 21% خلال الفترة نفسها. وكان مزاد السندات الحكومية الأمريكية لأجل 20 عامًا، الذي أقيم يوم الأربعاء، قد شهد تراجعًا في الطلب على السندات، مما أدى إلى ارتفاع حاد في أرباحها. يُذكر أن عوائد السندات تتحرك بشكل عكسي مع قيمتها، أي أن ارتفاع العوائد يعني انخفاض قيمة السندات، والعكس صحيح. ويعكس انخفاض الطلب على السندات مخاوف المستثمرين من تفاقم حجم ديون الحكومة الأمريكية، خاصة مع وجود مشروع قانون الضرائب المقترح من ترامب. إلى جانب ذلك، أدى قرار وكالة موديز بخفض التقييم الائتماني للولايات المتحدة يوم الجمعة الماضي إلى ارتفاع عائدات السندات، مما زاد من ضغوط البيع على الأصول الأمريكية، وتسبب في انخفاض قيم الأسهم والدولار وسندات الخزانة يوم الأربعاء. وعلى الرغم من الارتفاع الكبير في سعر البيتكوين، إلا أنها تبقى أصلًا ماليًا شديد التقلب، يتأثر بعدة عوامل.


يورو نيوز
منذ 8 ساعات
- يورو نيوز
ترامب يكرّر مزاعم "الإبادة الجماعية ضد البيض" بجنوب إفريقيا ويروّج لخمس روايات مضللة
وخلال لقائه مع رئيس جنوب أفريقيا، سيريل رامافوزا، قاطع ترامب ضيفه مرارًا، مصرًّا على تكرار مزاعمه، رغم محاولات رامافوزا دحضها. وقد طلب الرئيس الأمريكي من فريقه عرض تسجيل مصوّر يتضمن مقتطفات من خطابات قديمة لسياسيين جنوب أفريقيين، سبق تداولها على وسائل التواصل الاجتماعي، معتبرًا أنها تؤكد اتهاماته. فما مدى صحة ادعاءات ترامب بشأن اضطهاد البيض في جنوب أفريقيا؟ إليكم ما تكشفه الأدلة الرسمية والميدانية التي تفنّد خمس مزاعم رئيسية روّج لها خلال الاجتماع. ادّعى ترامب وجود حملة تطهير عرقي ممنهجة تستهدف المزارعين البيض في جنوب أفريقيا، في ما اعتُبر تبنّيًا لنظرية مؤامرة روجت لها مجموعات يمينية متطرفة منذ نهاية نظام الفصل العنصري عام 1994، ولاقت دعمًا علنيًا من إيلون ماسك، المولود في جنوب أفريقيا. وتستند هذه النظرية إلى وقائع جرائم قتل طالت مزارعين بيض في مناطق ريفية، إذ يعتبر مؤيدوها أن الحكومة التي تسيطر عليها الأغلبية السوداء إمّا متواطئة أو تغضّ الطرف عن هذه الجرائم. إلا أن الحكومة تنفي ذلك تمامًا، وتشير إلى أن العنف يطال الجميع في بلد يشهد أحد أعلى معدلات القتل في العالم، بمعدل 72 جريمة قتل يوميًا. وقد سجّلت الشرطة عام 2024 نحو 26,232 جريمة قتل، منها 44 فقط مرتبطة بالمجتمعات الزراعية، قُتل فيها ثمانية مزارعين. في سياق إحدى القضايا القانونية، قضت المحكمة العليا في مقاطعة ويسترن كيب مطلع هذا العالم بأن مزاعم "الإبادة الجماعية للبيض" لا تعدو كونها "أوهامًا لا أساس لها من الصحة"، وقررت بناءً على ذلك منع تقديم التبرع لجماعة عنصرية بيضاء. اتهم ترامب حكومة جنوب أفريقيا بمصادرة أراضٍ يملكها البيض بالقوة ومن دون تعويض، بغرض توزيعها على السكان السود. غير أن الوقائع تشير إلى أن الدولة تتبع سياسة ترمي إلى تصحيح الاختلالات التاريخية في ملكية الأراضي الناتجة عن الفصل العنصري، من خلال تشجيع المزارعين البيض على البيع الطوعي، أي يقوم المالك ببيع ممتلكاته دون إكراه. لكن هذه الجهود لم تنجح حتى الآن. فبينما يشكل البيض أقل من 8% من السكان، لا يزالون يملكون قرابة 75% من الأراضي الزراعية الخاصة. بالمقابل، يمتلك السود، الذين يمثلون 80% من السكان، 4% فقط من تلك الأراضي. وفي محاولة لتسريع الإصلاح، وقع الرئيس رامافوزا قانونًا في كانون الثاني/ يناير 2024 يتيح للدولة، في ظروف استثنائية، مصادرة أراضٍ "للمصلحة العامة" حتى من دون تعويض، شرط أن تُبذل جهود للتوصل إلى اتفاق مسبق مع المالك. وحتى اليوم، لم يُفعّل هذا القانون في أي حالة. عرض ترامب مقطعًا يظهر زعيم حزب "مقاتلي الحرية الاقتصادية" اليساري، جوليوس ماليما، وهو يؤدي أغنية "أقتلوا البوير"، معتبرًا أنها تحريض مباشر على قتل الأفريكانيين، وهم البيض من أصول أوروبية الذين يملكون غالبية الأراضي الزراعية. لكن الأغنية تعود إلى فترة مقاومة نظام الفصل العنصري، وقد قضت ثلاث محاكم في جنوب أفريقيا بعدم اعتبارها خطاب كراهية، بل تراثًا نضاليًا مرتبطًا بكفاح التحرر. وأكد حزب EFF في بيان أعقب اللقاء أن الأغنية تعبّر عن رفض نظام سيطرة الأقلية البيضاء، وتشكل "جزءًا من التراث الأفريقي" من بين المقاطع التي عرضها ترامب أيضًا مشهد لطابور طويل من الصلبان البيضاء على جانب طريق سريع، زاعمًا أنها تشير إلى "مواقع دفن" لضحايا من المزارعين البيض. لكن الواقع أن هذا الفيديو صُوّر في أيلول/ سبتمبر 2020 خلال احتجاج على جريمة قتل مزعومة، واستخدمت فيه الصلبان الخشبية بشكل رمزي لإحياء ذكرى مزارعين قُتلوا على مدى سنوات، دون أن تكون تلك الصلبان قبورًا فعلية، بحسب تصريح منظم التظاهرة لهيئة الإذاعة الجنوب أفريقية SABC. في مشهد افتتاحي لفيديو عُرض في البيت الأبيض، يظهر ماليما وهو يصرّح داخل البرلمان بأن "الناس ذاهبون لاحتلال الأراضي" دون طلب إذن من الرئيس، كما يتعهد في مشاهد أخرى بمصادرة تلك الأراضي. رغم أن بعض عمليات الاستيلاء غير القانوني على الأراضي وقعت فعلًا، فإنها غالبًا ما كانت بدوافع اجتماعية من قبل فقراء لا يملكون ملاذًا آخر، وليس بناءً على خطط ممنهجة. وغالبًا ما استهدفت هذه العمليات أراضٍ غير مستخدمة. ولم تُقدَّم أي أدلة على أن حزب EFF نظّم مثل هذه التحركات بشكل مباشر.


يورو نيوز
منذ 10 ساعات
- يورو نيوز
سيناتور أمريكي: تكلفة احتجاز المهاجر الواحد في غوانتانامو تصل إلى 100 ألف دولار يوميًا
وطالب السيناتور الديمقراطي غاري بيترز، خلال جلسة استماع أمام الكونغرس وزيرة الأمن الداخلي كريستي نويم بتقديم تفسير واضح لهذه المسألة. وتساءل عن أسباب إرسال المهاجرين إلى القاعدة البحرية المستأجرة في كوبا، ثم إعادتهم إلى الولايات المتحدة على نفقة دافعي الضرائب، علمًا أنهم لو احتُجزوا في مراكز الهجرة المخصصة داخل الولايات المتحدة لما تجاوزت تكلفة المهاجر الواحد 165 دولارًا يوميًا. وقال بيترز: "نحن ننفق 100 ألف دولار يوميًا لاحتجاز شخص واحد في غوانتانامو. نبقيهم هناك لفترة، ثم ننقلهم جوًا إلى الولايات المتحدة، في حين يمكننا احتجازهم هنا بتكلفة 165 دولارًا يوميًا فقط. أعتقد أن هذا أمر مبالغ فيه للغاية." وشارك بيترز مقطعًا من كلمته على منصة "إكس" معلقًا على القضية: "إنه أمر فظيع بالنسبة لرئيس يزعم أنه قلق بشأن إهدار المال العام". من جهتها، أوضحت نويم أنها لا تعرف التكلفة اليومية لاحتجاز المهاجرين في قاعدة غوانتانامو البحرية. وكان البيت الأبيض قد طلب من الكونغرس حزمة ضخمة لتمويل إنفاذ قوانين الهجرة، كما طالب هذا الشهر بـ 44 مليار دولار كمبلغ إضافي لصالح وزارة الأمن الداخلي للسنة المالية 2026، التي تبدأ في الأول من أكتوبر. ويُعتقد أنه يوجد في القاعدة البحرية حاليا 70 مهاجرًا، وفقًا لما أفاد به مصدر لوكالة "رويترز". وإذا كان كلام بيترز دقيقًا، فإن ذلك يعني أن مجموع تكلفة الاعتقال اليومية تصل إلى 7 ملايين دولار. وتضاف مسألة التكلفة العالية وغير المبررة إلى الأصوات المعارضة للاعتقال في غوانتانامو، إذ سبق أن رفعت منظمة الاتحاد الأمريكي للحريات المدنية (ACLU) دعوى قضائية في مارس الماضي لمنع نقل 10 مهاجرين إلى القاعدة الواقعة على الأراضي الكوبية. وادعت المنظمة أن المهاجرين المحتجزين في غوانتانامو قد أُبقوا في غرف بلا نوافذ لمدة لا تقل عن 23 ساعة يوميًا، وخضعوا لتفتيش جسدي مهين، ولم يتمكنوا من التواصل مع أفراد عائلاتهم. وأشارت إلى أن بعضهم حاول الانتحار. إلى جانب ذلك، تنفق واشنطن، ضمن مساعي الرئيس دونالد ترامب للحد من الهجرة، على حواجز إضافية تنصبها على حدودها مع المكسيك، كما يعمل مجلس النواب على مشروع لبناء جدار حدودي قد يكلف 46.5 مليار دولار. من جهته، أعرب السيناتور راند بول عن قلقه بشأن الإنفاق على تلك الحواجز الإضافية، قائلًا: "لا أقول إن المسألة لا تستدعي إنفاقًا إضافيا"، وتابع: "أعتقد أنه يلزمنا المزيد من عناصر حرس الحدود، ولكن الإنفاق يجب أن يكون ضمن المعقول".