logo
لوكا.. وسط رماد الدمار بُعث الأمير

لوكا.. وسط رماد الدمار بُعث الأمير

الرياضيةمنذ 3 ساعات

من شوارع كرواتيا التي مزقتها الحرب إلى الأضواء المبهرة لأعظم أندية كرة القدم في العالم، تُعد رحلة الكرواتي لوكا مودريتش شهادةً على قوة الصمود والعزيمة التي لا تتزعزع.
فوق أرض جبلية، صلبة ومغبرة، وبين أشجار عارية، سوداء ومتفحمة بسبب حرائق الغابات التي دمرتها الحرب، لا شيء يتوقع أن يزدهر هنا، لا توجد الكثير من الفرص في هذه المنطقة الخطرة، فرصة الموت بقذيفة طائشة أكبر من الحصول على وجبة ساخنة.
بالقرب من ساحل دالماتيا، الذي كان جميلًا بشكل صارخ قبل بضعة أعوام، في قرية مودريتشي الصغيرة، عاش لوكا مودريش، الطفل الصغير الذي تعلم أن يقول: «ابتعد، قد تكون هناك ألغام أرضية في المنطقة»، قبل أن يقول «لقد عدت من المدرسة».
في منزل قديم، عاصر ثلاثة أجيال من العائلة، ترعرع لوكا الابن، تحت سقف لم يعد موجودًا وبلا نوافذ، وسط حطام متناثر في كل مكان، لا أحد يتوقع أن هذا المكان المخيف يحوي بين جدرانه طموحًا لا حدود له.
في ديسمبر 1991، شاهد لوكا مودريتش الجد القوات الصربية وهي تحتل بلدة ياسينيتسه، التي تُشكّل مودريتشي والتلال جزءًا منها، فيما كانت عصابات شيتنيك أوبروفاك يقودون سياراتهم على طريق فيليبيت، ويُغنّون أغانيهم الشعبية، التي تمجد انتصارات سلوبودان ميلوسيفيتش، مجرم الحرب، الذي كان سبب دمار كرواتيا، وقف لوكا مودريتش العجوز وهو يقود قطيعًا من الماعز الجائعة، دفعوه، وهاجموه بعنف، قبل أن يطلقوا عليه الرصاص بلا رحمة أمام أعين الطفل الصغير الذي يحمل الاسم ذاته.
كان لوكا الابن في السادسة من عمره آنذاك، ولم يعِ كثيرًا مقدار المأساة التي حلت بالأسرة التعيسة.
أصبح الآن لاجئًا، مع والديه وأخته، غادروا ولم يعودوا أبدًا إلى منزلهم الذي يتوسط حقلًا للألغام، لم يعد مكانًا صالحًا للسكن.
لم يعرف لوكا طعم السكن في منزل خاص منذ ذلك الحين، بل فنادق مزدحمة باللاجئين، لهذا كان أول قرار له بعد تسلم أول راتب احترافي له شراء منزل جديد للعائلة، مكان يمكنهم أن يطلقوا عليه اسم المنزل مرة أخرى.
أين كان يلعب؟ سؤال يتردد كثيرًا عند الحديث عن طفولة لوكا الذي عاش لأكثر من سبعة أعوام في فندق كولوفاري من فئة أربع نجوم، والمطل على البحر الأدرياتيكي.
الجواب، في موقف سيارات الفندق، مكان مسطح وجميل، هناك بدأ لوكا مودريتش الشاب في صقل مهاراته الكروية بشغف، لم يكن حريصًا على إكمال واجباته المدرسية بقدر إكمال اللعبة.
لكن عندما رآه ألبرت رادوڤنيكوفيتش، معلم التربية البدنية، للمرة الأولى بكرة قدم، اندهش، كان يحاول تحديه، بجعله يلعب ضد لاعبين أكبر منه سنًا، أو بوضعه في المرمى، في كل مرة كان مودريتش كان يتغلب على كل هذه التحديات ويفوز.
حسنًا، لا يوجد لاعب لم يضطر إلى التغلب على عقبة أو أكثر، ولكن العقبات التي واجهت لوكا كانت أكثر من الفقر والجوع، كان يواجه خطر الموت في كل مرة يخرج ليلعب كرة القدم مع رفاقه.
كانت زادار لا تزال منطقة حرب، حيث تتساقط قذائف المدفعية بانتظام، كان لوكا وزملاؤه يضطرون إلى الاختباء تحت طاولاتهم عند سماع صفارات الإنذار، وأحيانًا يختبئون لفترة طويلة لدرجة أن كل ما يفعلونه هو الضحك، وعندما ينتهي كل شيء يعودون إلى الملعب.
وُلد لوكا في زمن كانت فيه الرياضة والهوايات تُمارس جنبًا إلى جنب مع السعي وراء البقاء، كل هذا لم يهمه، ولكن مشكلته الحقيقية كما يراها أنه ولد أصغر وأنحف.
لهذا السبب رفضه نادي طفولته، هايدوك سبليت، لأنه كان ضئيلًا جدًّا، ولكنه تعلم كيف يستفيد من ذلك لصالحه، ويشق طريقه في عالم الكرة، كان سريعًا في الملعب أيضًا ويمكنه الفوز بسهولة في أي نوع من التحدي، بفضل مركز ثقله المنخفض، كان بإمكانه الالتفاف والدوران بسهولة أكبر من نظرائه الأطول قامةً، لم يتغير أسلوب لعبه كثيرًا.
عندما انضم إلى دينامو زغرب بعد تجربته في البوسنة، كان يعود إلى المنزل في وقت متأخر من الليل، أحيانًا حتى الـ 03:00 فجرًا، ثم يجلس حتى الفجر وهو يشاهد لقطات المباراة التي لعبها للتو، حتى مع ريال مدريد استمر في فعل ذلك.
لم يكن لوكا من اللاعبين الذين يغيرون عاداتهم، عندما احتفلت كرواتيا في حافلة فريقها في كأس العالم الصيف الماضي بأغنية «المال ليس كل شيء»، كانت الأغنية نفسها التي كان يغنيها مع فريق الشباب في زادار قبل 20 عامًا.
أخذت قصة لوكا مسارًا تصاعديًّا، انتقالاتٌ كبيرة وجوائزٌ أكثر، ما حصل عليه اليوم هو تتويجٌ منطقيٌ لأعوام من العمل الشاق، وتذليل جميع العقبات التي واجهته على طول الطريق.
يستطيع لوكا مودريتش أن يتذكر مسيرةً حافلةً بالنجاحات بفخر لا مثيل له، كلٌّ من يعرف قصته يفرح بكل نجاح يحققه، وكلٌّ مَن يشاهده يلعب يُفتن بأناقته وهدوئه في التعامل مع الكرة، لاعب خط الوسط، الذي يمتلك مهاراتٍ بقدمه اليمنى الخارجية تفوق ما يحلم به معظم لاعبي كرة القدم.
بحلول عام 2008، انتقل إلى توتنام هوتسبير في الدوري الإنجليزي الممتاز، ما مهد الطريق بعد أربعة مواسم لانتقاله إلى ريال مدريد، وفي فريق العاصمة تجسدت العبقرية الفذة لأمير الكرة الكرواتية.
لم يكن يعتبر من أفضل لاعبي خط الوسط في العالم لكن ريال مدريد راهن عليه، وكسب الرهان. اليوم سيغادر لوكا ريال مدريد بكونه اللاعب الأكثر تتويجًا بالألقاب بعد 590 مباراة سجَّل خلالها 43 هدفًا و95 تمريرة حاسمة، وفاز مع الملكي بستة ألقاب في دوري أبطال أوروبا، وستة ألقاب في كأس العالم للأندية، وخمسة ألقاب في كأس السوبر الأوروبي، وأربعة ألقاب في الدوري الإسباني، وانتصارين في كأس ملك إسبانيا، وخمسة ألقاب في كأس السوبر الإسباني خلال مواسمه الـ13 مع ريال مدريد.
اليوم وهو يقارب الـ40 عامًا، يظل أحد أهم لاعبي الملكي، فاز معه بالعديد من الألقاب، وتُوِّج بالكرة الذهبية 2018.
علاوة لهذا تم اختياره كأفضل لاعب كرواتي في العام 11 مرة، وهو رقم قياسي، ويحمل الرقم القياسي لأكبر عدد من المشاركات مع المنتخب الوطني.
بلا شك يعد لوكا مودريتش أحد أفضل صانعي الألعاب في ذلك الوقت، ومع ذلك رفضه برشلونة وبايرن ميونيخ، بسبب بنيته الجسدية النحيلة، فعلًا هذا ما حدث، رفض مسؤولو برشلونة التعاقد مع لوكا، الذي كان مشجعًا مجنونًا لفخر كاتالونيا، غير أن القدر حوَّله إلى الغريم التقليدي، بعد كل كلاسيكو كان لوكا يتبادل القمصان مع صديقه إيفان راكيتيتش الذي كان يمازحه: «الآن لديك القميص الذي كنت تتمنى حقًا أن تأخذه معك إلى المنزل».
يعترف موكا أن سلسلة الرفض التي عانى منها بسبب جسده النحيف كانت سببًا في تألقه، يقول في كتاب «لوكا مودريتش: سيرتي الذاتية»، الصادر عن دار بلومزبري سبورت: «رفضتني العديد من الأندية بسبب جسدي النحيف وقصر قامتي، لكن هذا منحني حافزًا للتحسن وإثبات خطأهم».
بالتأكيد، الخلفية الصعبة أسهمت في شخصية قائد كرواتيا وقوته العقلية، كانت أحد العوامل التي أسهمت في دفعه ليصبح واحدًا من الأفضل في العالم.
«تخيّل نفسك تركض في شوارع تُطلق فيها القنابل باستمرار، وتُعد طلقات الرصاص مجرد موسيقى مرعبة، يبدو الأمر أشبه بالركض في ساحة معركة، أليس كذلك؟ ما اعتدنا فعله في ألعاب الفيديو كان لدى ذلك الشاب الجرأة ليفعله في الواقع»، هكذا وصف لوكا طفولته، قبل أن يضيف: «عشت الكثير من الخوف في حياتي. خوف القصف شيءٌ أتخلص منه تدريجيًّا. قتل الشتنيك جدي، أحببته كثيرًا. بكى الجميع، كنت أتساءل إن كان من فعلوا هذا وأجبرونا على الفرار من ديارنا يُسمّون بشرًا».
من يدري كيف كان سيصبح لوكا مودريتش لو لم تكن هناك حرب؟ هل كان سيترك مودريتشي لأي شيء آخر غير الدراسة؟ هل كان سيلحق بوالده إلى مصنع الغزل المحلي بدلًا من ذلك؟ هل كان ليُغرم يومًا بتلك الكرة الصغيرة التي كانت تلوح في الأفق عند قدميه؟
الأكيد أن لوكا الصغير الذي لعب في ساحة انتظار السيارات في أحد الفنادق وسط الحرب، والذي رأى جده يموت، والذي تم رفضه بسبب لياقته البدنية، أخيرًا، تم الاعتراف به كأفضل لاعب في العالم، لم يفقد ابتسامته أو وهمه أبدًا، وسيتذكر عالم كرة القدم اسمه وقصته الجميلة في الغالب.
كلاعب نحيل معدم، لم تكن لديه الكثير من الخيارات، ولكنه كان يتصرف كما يتصرف والداه قدر استطاعتهما، الشيء الوحيد الذي كان بإمكانه التحكم فيه هو كرة القدم، عندما تعود إلى الفندق المحترق والذي شهد انبعاث موهبته، لا تزال هناك بعض الرسائل المكتوبة على جدرانه الهرمة، واحدة تقول «شكرًا لك»، وأخرى تقول «قائدنا لوكا»، في نظر أمير الكرة الكرواتية، هذا هو إرثه الحقيقي.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

لوكا.. وسط رماد الدمار بُعث الأمير
لوكا.. وسط رماد الدمار بُعث الأمير

الرياضية

timeمنذ 3 ساعات

  • الرياضية

لوكا.. وسط رماد الدمار بُعث الأمير

من شوارع كرواتيا التي مزقتها الحرب إلى الأضواء المبهرة لأعظم أندية كرة القدم في العالم، تُعد رحلة الكرواتي لوكا مودريتش شهادةً على قوة الصمود والعزيمة التي لا تتزعزع. فوق أرض جبلية، صلبة ومغبرة، وبين أشجار عارية، سوداء ومتفحمة بسبب حرائق الغابات التي دمرتها الحرب، لا شيء يتوقع أن يزدهر هنا، لا توجد الكثير من الفرص في هذه المنطقة الخطرة، فرصة الموت بقذيفة طائشة أكبر من الحصول على وجبة ساخنة. بالقرب من ساحل دالماتيا، الذي كان جميلًا بشكل صارخ قبل بضعة أعوام، في قرية مودريتشي الصغيرة، عاش لوكا مودريش، الطفل الصغير الذي تعلم أن يقول: «ابتعد، قد تكون هناك ألغام أرضية في المنطقة»، قبل أن يقول «لقد عدت من المدرسة». في منزل قديم، عاصر ثلاثة أجيال من العائلة، ترعرع لوكا الابن، تحت سقف لم يعد موجودًا وبلا نوافذ، وسط حطام متناثر في كل مكان، لا أحد يتوقع أن هذا المكان المخيف يحوي بين جدرانه طموحًا لا حدود له. في ديسمبر 1991، شاهد لوكا مودريتش الجد القوات الصربية وهي تحتل بلدة ياسينيتسه، التي تُشكّل مودريتشي والتلال جزءًا منها، فيما كانت عصابات شيتنيك أوبروفاك يقودون سياراتهم على طريق فيليبيت، ويُغنّون أغانيهم الشعبية، التي تمجد انتصارات سلوبودان ميلوسيفيتش، مجرم الحرب، الذي كان سبب دمار كرواتيا، وقف لوكا مودريتش العجوز وهو يقود قطيعًا من الماعز الجائعة، دفعوه، وهاجموه بعنف، قبل أن يطلقوا عليه الرصاص بلا رحمة أمام أعين الطفل الصغير الذي يحمل الاسم ذاته. كان لوكا الابن في السادسة من عمره آنذاك، ولم يعِ كثيرًا مقدار المأساة التي حلت بالأسرة التعيسة. أصبح الآن لاجئًا، مع والديه وأخته، غادروا ولم يعودوا أبدًا إلى منزلهم الذي يتوسط حقلًا للألغام، لم يعد مكانًا صالحًا للسكن. لم يعرف لوكا طعم السكن في منزل خاص منذ ذلك الحين، بل فنادق مزدحمة باللاجئين، لهذا كان أول قرار له بعد تسلم أول راتب احترافي له شراء منزل جديد للعائلة، مكان يمكنهم أن يطلقوا عليه اسم المنزل مرة أخرى. أين كان يلعب؟ سؤال يتردد كثيرًا عند الحديث عن طفولة لوكا الذي عاش لأكثر من سبعة أعوام في فندق كولوفاري من فئة أربع نجوم، والمطل على البحر الأدرياتيكي. الجواب، في موقف سيارات الفندق، مكان مسطح وجميل، هناك بدأ لوكا مودريتش الشاب في صقل مهاراته الكروية بشغف، لم يكن حريصًا على إكمال واجباته المدرسية بقدر إكمال اللعبة. لكن عندما رآه ألبرت رادوڤنيكوفيتش، معلم التربية البدنية، للمرة الأولى بكرة قدم، اندهش، كان يحاول تحديه، بجعله يلعب ضد لاعبين أكبر منه سنًا، أو بوضعه في المرمى، في كل مرة كان مودريتش كان يتغلب على كل هذه التحديات ويفوز. حسنًا، لا يوجد لاعب لم يضطر إلى التغلب على عقبة أو أكثر، ولكن العقبات التي واجهت لوكا كانت أكثر من الفقر والجوع، كان يواجه خطر الموت في كل مرة يخرج ليلعب كرة القدم مع رفاقه. كانت زادار لا تزال منطقة حرب، حيث تتساقط قذائف المدفعية بانتظام، كان لوكا وزملاؤه يضطرون إلى الاختباء تحت طاولاتهم عند سماع صفارات الإنذار، وأحيانًا يختبئون لفترة طويلة لدرجة أن كل ما يفعلونه هو الضحك، وعندما ينتهي كل شيء يعودون إلى الملعب. وُلد لوكا في زمن كانت فيه الرياضة والهوايات تُمارس جنبًا إلى جنب مع السعي وراء البقاء، كل هذا لم يهمه، ولكن مشكلته الحقيقية كما يراها أنه ولد أصغر وأنحف. لهذا السبب رفضه نادي طفولته، هايدوك سبليت، لأنه كان ضئيلًا جدًّا، ولكنه تعلم كيف يستفيد من ذلك لصالحه، ويشق طريقه في عالم الكرة، كان سريعًا في الملعب أيضًا ويمكنه الفوز بسهولة في أي نوع من التحدي، بفضل مركز ثقله المنخفض، كان بإمكانه الالتفاف والدوران بسهولة أكبر من نظرائه الأطول قامةً، لم يتغير أسلوب لعبه كثيرًا. عندما انضم إلى دينامو زغرب بعد تجربته في البوسنة، كان يعود إلى المنزل في وقت متأخر من الليل، أحيانًا حتى الـ 03:00 فجرًا، ثم يجلس حتى الفجر وهو يشاهد لقطات المباراة التي لعبها للتو، حتى مع ريال مدريد استمر في فعل ذلك. لم يكن لوكا من اللاعبين الذين يغيرون عاداتهم، عندما احتفلت كرواتيا في حافلة فريقها في كأس العالم الصيف الماضي بأغنية «المال ليس كل شيء»، كانت الأغنية نفسها التي كان يغنيها مع فريق الشباب في زادار قبل 20 عامًا. أخذت قصة لوكا مسارًا تصاعديًّا، انتقالاتٌ كبيرة وجوائزٌ أكثر، ما حصل عليه اليوم هو تتويجٌ منطقيٌ لأعوام من العمل الشاق، وتذليل جميع العقبات التي واجهته على طول الطريق. يستطيع لوكا مودريتش أن يتذكر مسيرةً حافلةً بالنجاحات بفخر لا مثيل له، كلٌّ من يعرف قصته يفرح بكل نجاح يحققه، وكلٌّ مَن يشاهده يلعب يُفتن بأناقته وهدوئه في التعامل مع الكرة، لاعب خط الوسط، الذي يمتلك مهاراتٍ بقدمه اليمنى الخارجية تفوق ما يحلم به معظم لاعبي كرة القدم. بحلول عام 2008، انتقل إلى توتنام هوتسبير في الدوري الإنجليزي الممتاز، ما مهد الطريق بعد أربعة مواسم لانتقاله إلى ريال مدريد، وفي فريق العاصمة تجسدت العبقرية الفذة لأمير الكرة الكرواتية. لم يكن يعتبر من أفضل لاعبي خط الوسط في العالم لكن ريال مدريد راهن عليه، وكسب الرهان. اليوم سيغادر لوكا ريال مدريد بكونه اللاعب الأكثر تتويجًا بالألقاب بعد 590 مباراة سجَّل خلالها 43 هدفًا و95 تمريرة حاسمة، وفاز مع الملكي بستة ألقاب في دوري أبطال أوروبا، وستة ألقاب في كأس العالم للأندية، وخمسة ألقاب في كأس السوبر الأوروبي، وأربعة ألقاب في الدوري الإسباني، وانتصارين في كأس ملك إسبانيا، وخمسة ألقاب في كأس السوبر الإسباني خلال مواسمه الـ13 مع ريال مدريد. اليوم وهو يقارب الـ40 عامًا، يظل أحد أهم لاعبي الملكي، فاز معه بالعديد من الألقاب، وتُوِّج بالكرة الذهبية 2018. علاوة لهذا تم اختياره كأفضل لاعب كرواتي في العام 11 مرة، وهو رقم قياسي، ويحمل الرقم القياسي لأكبر عدد من المشاركات مع المنتخب الوطني. بلا شك يعد لوكا مودريتش أحد أفضل صانعي الألعاب في ذلك الوقت، ومع ذلك رفضه برشلونة وبايرن ميونيخ، بسبب بنيته الجسدية النحيلة، فعلًا هذا ما حدث، رفض مسؤولو برشلونة التعاقد مع لوكا، الذي كان مشجعًا مجنونًا لفخر كاتالونيا، غير أن القدر حوَّله إلى الغريم التقليدي، بعد كل كلاسيكو كان لوكا يتبادل القمصان مع صديقه إيفان راكيتيتش الذي كان يمازحه: «الآن لديك القميص الذي كنت تتمنى حقًا أن تأخذه معك إلى المنزل». يعترف موكا أن سلسلة الرفض التي عانى منها بسبب جسده النحيف كانت سببًا في تألقه، يقول في كتاب «لوكا مودريتش: سيرتي الذاتية»، الصادر عن دار بلومزبري سبورت: «رفضتني العديد من الأندية بسبب جسدي النحيف وقصر قامتي، لكن هذا منحني حافزًا للتحسن وإثبات خطأهم». بالتأكيد، الخلفية الصعبة أسهمت في شخصية قائد كرواتيا وقوته العقلية، كانت أحد العوامل التي أسهمت في دفعه ليصبح واحدًا من الأفضل في العالم. «تخيّل نفسك تركض في شوارع تُطلق فيها القنابل باستمرار، وتُعد طلقات الرصاص مجرد موسيقى مرعبة، يبدو الأمر أشبه بالركض في ساحة معركة، أليس كذلك؟ ما اعتدنا فعله في ألعاب الفيديو كان لدى ذلك الشاب الجرأة ليفعله في الواقع»، هكذا وصف لوكا طفولته، قبل أن يضيف: «عشت الكثير من الخوف في حياتي. خوف القصف شيءٌ أتخلص منه تدريجيًّا. قتل الشتنيك جدي، أحببته كثيرًا. بكى الجميع، كنت أتساءل إن كان من فعلوا هذا وأجبرونا على الفرار من ديارنا يُسمّون بشرًا». من يدري كيف كان سيصبح لوكا مودريتش لو لم تكن هناك حرب؟ هل كان سيترك مودريتشي لأي شيء آخر غير الدراسة؟ هل كان سيلحق بوالده إلى مصنع الغزل المحلي بدلًا من ذلك؟ هل كان ليُغرم يومًا بتلك الكرة الصغيرة التي كانت تلوح في الأفق عند قدميه؟ الأكيد أن لوكا الصغير الذي لعب في ساحة انتظار السيارات في أحد الفنادق وسط الحرب، والذي رأى جده يموت، والذي تم رفضه بسبب لياقته البدنية، أخيرًا، تم الاعتراف به كأفضل لاعب في العالم، لم يفقد ابتسامته أو وهمه أبدًا، وسيتذكر عالم كرة القدم اسمه وقصته الجميلة في الغالب. كلاعب نحيل معدم، لم تكن لديه الكثير من الخيارات، ولكنه كان يتصرف كما يتصرف والداه قدر استطاعتهما، الشيء الوحيد الذي كان بإمكانه التحكم فيه هو كرة القدم، عندما تعود إلى الفندق المحترق والذي شهد انبعاث موهبته، لا تزال هناك بعض الرسائل المكتوبة على جدرانه الهرمة، واحدة تقول «شكرًا لك»، وأخرى تقول «قائدنا لوكا»، في نظر أمير الكرة الكرواتية، هذا هو إرثه الحقيقي.

كاف يكشف عن التصميم الجديد لـ كأس الكونفدرالية.. فيديو
كاف يكشف عن التصميم الجديد لـ كأس الكونفدرالية.. فيديو

حضرموت نت

timeمنذ 5 ساعات

  • حضرموت نت

كاف يكشف عن التصميم الجديد لـ كأس الكونفدرالية.. فيديو

كشف الاتحاد الإفريقي لكرة القدم 'كاف'، اليوم الأحد، عن التصميم الجديد لـ شكل كأس الكونفدرالية الإفريقية، وذلك قبل مباراة النهائي مساء الأحد. وأوضح الاتحاد الإفريقي، أنه تم إعادة تصميم كأس بطولة الأندية الأفريقية لكرة القدم 'كاف'، بتصميم جديد مذهل يتناسب مع التاريخ الغني للبطولة المرموقة. وكجزء من استراتيجية الاتحاد الإفريقي لكرة القدم الأوسع نطاقاً لإعادة تسمية مسابقاته والارتقاء بها، تم تصميم التصميم الجديد لتعزيز التأثير البصري لفخر كرة القدم الأفريقية. ويرمز الكأس الجديد إلى الطموح والوحدة والتميز في كرة القدم القارية، في أعلاه، كرة ذهبية غير لامعة تحمل خريطة ذهبية مصقولة لأفريقيا، ترمز إلى الفخر القاري، يحمل الكرة ذراعان ذهبيتان غير لامعتان، رمزًا للوحدة والقوة. كأس جديدة لعصر جديد! 🏆 نكشف لكم عن التصميم الجديد لكأس الكونفدرالية. 🤩# — دوري أبطال إفريقيا وكأس الكونفدرالية 🏆 (@CAFCLCC_ar) May 25, 2025

ملعب الأحلام.. كرة القدم تبث الحياة في مخيمات النازحين باليمن
ملعب الأحلام.. كرة القدم تبث الحياة في مخيمات النازحين باليمن

الموقع بوست

timeمنذ 8 ساعات

  • الموقع بوست

ملعب الأحلام.. كرة القدم تبث الحياة في مخيمات النازحين باليمن

في كل صيف بمأرب، يحدث شيء استثنائي تحت شمس الصحراء الحارقة. في مكانٍ يطغى عليه الفقد وعدم اليقين، تمنح بطولة كرة القدم أملا نادرا. بالنسبة لمئات الشباب النازحين الذين يعيشون في أكثر من اثني عشر موقعا مختلفا، تشكل هذه البطولة فرصة للاتحاد، والشعور بالانتماء، والحلم. تٌنظّم البطولة بواسطة المنظمة الدولية للهجرة، لكنها أكثر من مجرد حدث رياضي – هي شريان حياة. وفي محافظة مأرب، حيث استقر أكثر من 2.3 مليون نازح، تعيش العائلات في مآوي مؤقتة، غالبا بعد أن اضطرت للنزوح أكثر من مرة. المياه شحيحة، والحرارة قاسية، والحصول على خدمات التعليم والرعاية الصحية محدود للغاية. في ظل هذه الظروف، تقل فرص عيش طفولة 'طبيعية، ناهيك عن فرص اللعب والاستمتاع. ومع ذلك، حين يُطلق الحكم صفارته وتبدأ الكرة في التدحرج، يتغير كل شيء. على أرض الملعب، لا يُعرّف الأطفال والشباب من خلال قصص الحرب، بل يصبحون زملاء، ومتنافسين، ورياضيين عازمين، تتركز أنظارهم على اللعبة فقط، لا غير. جمعت بطولة هذا العام شبابا من أكثر من اثني عشر موقع نزوح، من بينها مواقع: سلوى، والرمسة، والسويداء. في أماكن تسودها العُزلة والثقل اليومي، خلقت المباريات شعورا بالترابط والانتماء المجتمعي. سجّل المئات من اللاعبين وشاركوا في المباريات، رغم قلة المعدات والموارد. من بين هؤلاء اللاعبين بشير، الشاب البالغ من العمر 26 عاما، الذي نزح من منزله ويعيش اليوم في قلب موقع سلوى للنزوح. يقف بجوار خيمته التي أحرقتها الشمس وضربتها الرياح، ويقول: "هذا هو منزلي الآن، هنا، في وسط مخيم سلوى". وكغيره من الشباب في مواقع النزوح بمأرب، يتحمّل بشير أكثر من مجرد مسؤولية مستقبله. فهو السادس بين سبعة إخوة، والوحيد الذي لديه دخل ثابت. يعمل يوميا على حافلة صغيرة، ينقل الناس ذهابا وإيابا في أنحاء المدينة من الصباح الباكر حتى بعد الظهيرة. وفي أفضل الأحوال، يعود إلى البيت بمبلغ 20,000 ريال يمني وهو مبلغ بالكاد يكفي لتأمين الطعام. تعتمد العائلة بأكملها عليه. إخوته بلا عمل. الأخ الأكبر تمكن من الوصول إلى المملكة العربية السعودية ويرسل المال عندما يستطيع، لكن بشكل غير منتظم. وفي معظم الأيام، يقتاتون على ما يتمكن بشير من جلبه إلى المنزل. تأجلت خططه الشخصية إلى أجل غير مسمى. فقد خطب ليتزوج منذ ثلاث سنوات، لكنه لم يتخذ أي خطوة نحو الزواج. يقول:" ببساطة لا يوجد لدي المال". حيث يذهب كل ما يكسبه إلى أسرته. ومع ذلك، لا يغيب عن المباريات. بالنسبة لبشير، كرة القدم ليست مجرد وسيلة للنسيان، بل هي ملاذ. ولحظة نادرة من التركيز والفرح في حياة يطغى عليها الواجب والكفاح من أجل البقاء. يقول بشير: "كرة القدم تأخذني إلى عالم آخر. عندما ألعب، أنسى كل شيء". انتهت بطولة هذا العام بمباراة نهائية مشحونة بين فريقي مخيم سلوى ومخيم الرمسة. خسر فريق بشير، لكن الوصول إلى النهائي كان بمثابة النصر له. يشرح قائلا: "قد يظن الناس أننا شعرنا بالإحباط، لكننا لم نشعر به، بذلنا قصارى جهدنا؛ كثيرون لم يتوقعوا أصلا أن نصل إلى هذه المرحلة". ما بقي في ذاكرته أكثر بكثير من نتائج المباريات هو الشعور بالترابط. فقد خلقت البطولة روابط بين شباب عاشوا بجانب بعضهم لسنوات، دون أن يتعرفوا حقا إلى بعضهم. لأسابيع قليلة، لم يكونوا مجرد جيران في أزمة – بل زملاء في فريق، ومتنافسين، وأصدقاء. رغم شعبيتها، واجهت بطولة هذا العام تحديا كبيرا وهو نقص التمويل. في السنوات السابقة، تمكنت المنظمة الدولية للهجرة من تجهيز الفريق بالكامل. كان اللاعبون يحصلون على أحذية، وجوارب، وملابس رياضية، وحتى قوائم أهداف مناسبة. أما هذا العام، فلم تتمكن فرق إدارة المخيمات وتنسيق أنشطتها في المنظمة من تقديم سوى قمصان لعب أساسية. جمال الشامي، مساعد ميداني في المنظمة وأحد منظمي البطولة منذ ثلاث سنوات، يقول إن الفريق كان في السابق يزوّد مئات اللاعبين بأطقم كاملة. لكن هذا العام، وبسبب قلة الموارد، خشي من أن يؤثر ذلك على الحضور. كان قلقا من أن يفقد اللاعبون حماسهم أو يشعروا بالإحباط. لكن حدث العكس تماما. انضم عدد أكبر من اللاعبين مقارنة بالعام الماضي،" كما يقول جمال. "جاء بعضهم حفاة الأقدام، ولعبوا طوال اليوم تحت الشمس الحارقة. كانوا سعداء فقط لوجودهم هناك". بعيدا عن الحماس، كان للبطولة أثر أعمق. فمن خلال مجموعات النقاش التي أجرتها فرق المنظمة في مواقع النزوح، تكرر سماع الرسالة ذاتها من الآباء والشباب: النزوح يؤثر سلبا على الصحة النفسية. الحياة في المخيمات مليئة بالتوتر والعزلة. لكن الرياضة – وكرة القدم خصوصا – تمنح الشباب وسيلة لإعادة الاتصال بأنفسهم وببعضهم البعض. يقول جمال: "عندما يُجبَر الناس على النزوح، يتركون خلفهم كل شيء، بما في ذلك الأشياء التي كانوا يحبونها. لهذا السبب، هذه الأنشطة مُهمة. إنها تساعد الناس على الاسترخاء، واستعادة العلاقة مع ما يحبونه". وقد امتدت هذه الفرحة إلى أبعد من اللاعبين. حيث تَجَمَع المشجعون على جوانب الملعب، يهتفون مع كل هدف. والمعلّقون أضفوا الحماس على المباريات بتعليقاتهم القوية. حتى مدراء المخيمات أوقفوا أعمالهم لمتابعة المباريات. ولساعات قليلة يوميا، بدت المخيمات وكأنها مكان مختلف – أعلى صوتا، أخفّ وطأة، وأقرب إلى الحياة. يُعدّ نجاح هذه البطولة تذكيرا باحتياجات مجتمعات النزوح. فهي لا تحتاج فقط إلى الطعام والماء والمأوى فقط، بل أيضا إلى حفظ الكرامة، وإلى شيء يهدف الناس إليه ويطمحون إلى تحقيقه. ومع استمرار موجات النزوح إلى مأرب، تعمل المنظمة الدولية للهجرة على تعزيز دعم الصحة النفسية والدعم الاجتماعي على الأرض. ويشمل ذلك أنشطة رياضية، وأندية شبابية، وفعاليات ثقافية. في هذا السياق، كرة القدم ليست مجرد لعبة. إنها تذكير بالهوية، ووسيلة للتعافي، ولمحة من الحياة الطبيعية في مكان نادرا ما يمنح الناس شعورا بأنه مكانهم طبيعي. بالنسبة لبشير، فالأمر شخصي. هي فرحة صامتة تبقيه متماسكا وسط حالة من عدم اليقين. تذكره بأن السعادة ما تزال ممكنة. وأن الترابط لا يزال حقيقيا. وأن هناك أشياء تستحق أن نتمسك بها – حتى لو تطلّب الأمر اللعب حافي القدمين في الصحراء. أُقيمت بطولة كرة القدم في مأرب بدعم من الاتحاد الأوروبي للمساعدات الإنسانية والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، ضمن أنشطة المنظمة الدولية للهجرة الأوسع في مجال إدارة المخيمات وتنسيق أنشطتها.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store