logo
فوز التحالف  المسيحي المحافظ في الانتخابات الألمانية، وفق تقديرات أولية

فوز التحالف المسيحي المحافظ في الانتخابات الألمانية، وفق تقديرات أولية

BBC عربية٢٣-٠٢-٢٠٢٥

فاز التحالف المسيحي المحافظ، بزعامة فريدريش ميرتس، في الانتخابات التشريعية التي جرت الأحد في ألمانيا، متقدما على حزب "البديل من أجل ألمانيا" اليميني المتطرف الذي حقق أفضل نتيجة له في تاريخه، وذلك وفقا لاستطلاعي رأي أجراهما تلفزيونان عامان.
ويتكون التحالف المسيحي المحافظ من حزبين: الحزب المسيحي الديمقراطي، بزعامة فريدريش ميرتس وهو الحزب الأكبر، وشقيقه الحزب المسيحي الاجتماعي البافاري، بزعامة ماركوس زودر.
وكشفت التقديرات الأولية غير الرسمية أن حزب "البديل" اليميني الشعبوي حل في المركز الثاني، متقدما على الحزب الاشتراكي الديمقراطي وحزب الخضر.
وحصل التحالف على نسبة تتراوح بين 28.5 و 29 في المئة، بحسب الاستطلاعين اللذين بثتهما محطتي "إيه آر دي" و"زي دي إف"، في حين حصل حزب البديل من أجل ألمانيا على نسبة تتراوح بين 19.5 و20 في المئة، وهي نتيجة غير مسبوقة لحزب يميني متطرف في انتخابات اتحادية منذ الحرب العالمية الثانية.
وقالت زعيمة حزب البديل، أليس فايدل، من مقر حزبها في برلين: "لم نكن أبدا أقوى مما نحن عليه الآن على المستوى الوطني".
ونال الحزب، الذي تأسس عام 2013، ضعف ما حصل عليه قبل أربع سنوات.
"لا تحالف مع اليمين المتطرف"
أعلن زعيم التحالف المحافظ، فريدريش ميرتس، رغبته في تشكيل حكومة "بأسرع وقت ممكن" لتجاوز أزمات ألمانيا.
وقال ميرتس، البالغ من العمر 69 عاما، في برلين بعد الانتصار: "العالم الخارجي لن ينتظرنا، ولن ينتظر مفاوضات ائتلافية مطولة... يتعين علينا أن نصبح جاهزين للعمل بسرعة مجددا للقيام بما هو ضروري على الصعيد الداخلي، لكي نصبح حاضرين في أوروبا مرة أخرى".
واستبعد ميرتس، الذي من المرجح أن يتولى منصب المستشار خلفا للاشتراكي الديموقراطي أولاف شولتس، أي تحالف حكومي مع اليمين المتطرف.
وأكد زعيم الحزب المسيحي الاجتماعي البافاري، ماركوس زودر، رفضه القاطع للدخول في أي ائتلاف مع حزب الخضر.
وكان الخاسر الأكبر في هذه الانتخابات المستشار المنتهية ولايته، أولاف شولتس، الذي فاز حزبه الديموقراطي الاجتماعي بنسبة تتراوح بين 16 و 16.5 في المئة فقط، مقابل 25.7 في المئة في عام 2021.
وتمثل هذه النتيجة كارثة غير مسبوقة لأقدم حزب في ألمانيا منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.
وكان الخاسر الآخر في هذه الانتخابات هو حزب الخضر، المتحالف مع حكومة شولتس، بحصوله على نسبة تتراوح بين 12 و 13.5 في المئة.
وسيتعين على ميرتس البحث عن حليف أو اثنين لتشكيل ائتلاف حكومي.
"يوم عظيم لألمانيا"
قال الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، إنه "يوم عظيم لألمانيا" بعد فوز المحافظين في الانتخابات التشريعية هناك.
وقال الرئيس الجمهوري على منصته "تروث سوشيال" للتواصل الاجتماعي: "إنه يوم عظيم لألمانيا والولايات المتحدة الأمريكية".
وأضاف: "كما هي الحال في الولايات المتحدة، سئم الشعب الألماني من الأجندة غير المنطقية، خصوصا فيما يتعلق بالطاقة والهجرة".

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

"مارشال سورية" بتمويل خليجي
"مارشال سورية" بتمويل خليجي

العربي الجديد

timeمنذ 16 ساعات

  • العربي الجديد

"مارشال سورية" بتمويل خليجي

اكتملت شروط نجاح انتقال سورية، أو تكاد، إلى طور آخر وجديد، بوضعه وتموضعه، بعد قرار إلغاء العقوبات ولقاء الرئيس أحمد الشرع مع الرئيس الأميركي، دونالد ترامب في العاصمة السعودية الرياض، الأسبوع الماضي، وما سبقه من زيارات خارجية للشرع ضمن دول الإقليم ، قبل أن تتوّج بزيارة باريس، لتفتح ما بعدها، ربما إلى لندن أو واشنطن دي سي، ولتتبدى تباعاً ملامح ماذا تريد سورية وماذا يراد منها؟ فقبل زيارة الرئيس السوري إلى فرنسا والمؤتمر الصحافي المشترك مع الرئيس إيمانويل ماكرون، كانت "الشروط الخمسة" لتحوّل سورية وتقبّلها، إقليمياً ودولياً، معلنة وواضحة، بيد أن تكهنات كثيرة حول الذي تريده دمشق، لقاء الطلبات المتفق عليها، أوروبياً وأميركياً، أتت عبر "كشف الشرع" خلال المؤتمر، موضحاً السلة العامة التي تسعى إليها دمشق، من دون أن يعدد قطاعياً على مستوى الاقتصاد، أو يستفيض بطبيعة العلاقات مع الجوار وشكل الحكم والمشاركة بالداخل، إذ قالها بوضوح "مشروع مارشال السوري" هو الرؤية العامة لإعادة إعمار سورية، على غرار خطة مارشال الأميركية ما بعد الحرب العالمية الثانية. وعلى الأرجح، ليست باريس مكان الكشف الأول لرؤية سورية، بالإعمار والأمن والعلاقات مع الجوار، إذ تقاطعت مصادر عدة، منها "وول ستريت جورنال" على أن الرئيس السوري بعث برسالة إلى البيت الأبيض، عبر وسطاء، يعرض فيها رؤيته لإعادة الإعمار طالباً لقاء مع ترامب... وهو ما حصل، بعد الطلب السعودي والدعم التركي. يغدو المشروع الشامل (مارشال) أقرب للواقع، إثر توفر الشرط السياسي وبيئة التعاون، المضافين إلى المساعدات المالية، والمنتظر أن ترتسم ملامحهما قريباً، سواء عبر مؤتمر "إعادة إعمار سورية" تستضيفه عاصمة خليجية، أو من خلال قرار أميركي، متفق عليه وحوله، يدعو لوضع هيكلية الخطة بالتوازي مع تنفيذ دمشق الشروط الخمسة. قصارى القول: الأرجح أن الخراب الهائل الذي نتج عن حرب الأسد وحلفائه على ثورة السوريين وحلمهم، والذي بلغ كلفاً مالية بـ400 مليار دولار وملايين البشر، بين عاطل ومعوّق ومهاجر، وضرورة احتواء ما بعد السقوط تداعيات أمنية، محلية وإقليمية ودولية، يستدعي مشروعاً كبيراً وحالماً، يعيد إعمار سورية وتبديل شكل الصراع والتحالفات ويؤسس، وفق نمط تنموي تشاركي، لتوازنات جديدة بالشرق الأوسط الجديد. موقف التحديثات الحية سورية: تساؤلات بعد رفع العقوبات الأميركية وخطة مارشال المنسوبة لوزير الخارجية الأميركي، جورج مارشال، واقتراحه الشهير خلال خطابه في جامعة هارفارد في يونيو/حزيران عام 1947، قبل أن يوقّع الرئيس الأميركي، هاري ترومان، على قانون التعاون الاقتصادي وتمويل بنحو 13.3 مليار دولار، على مدى أربع سنوات، لتحفيز النمو بعد تأهيل البنى وبناء المصانع واستعادة الثقة بالبيئة والعملات الأوروبية، قبل ربط القارة العجوز بالولايات المتحدة أو، إن شئتم، تحالفها معها بنموذج رأسمالي ليبرالي يواجه المد الاشتراكي السوفييتي وقتذاك. لم تكن فكرة جديدة أو لمعت بذهن السوريين بعد هروب بشار الأسد، بل طرحتها إيران بمشروع مستوحى تماماً من الخطة الأميركية، وفق ما كشفته الوثائق بالسفارة الإيرانية بدمشق، عن دراسة رسمية "النفوذ الناعم" تحمل توقيع وحدة السياسات الاقتصادية الإيرانية في سورية، مؤرخة في أيار/مايو 2022، توضح عبر 33 صفحة، خطة شاملة لإعادة إعمار سورية وحصة إيران من الخراب، قبل أن تحيلها إلى منطقة نفوذ اقتصادي وسياسي، كالذي حققته الولايات المتحدة مع أوروبا الغربية بعد الحرب العالمية الثانية. بيد أن وضع إيران الاقتصادي الداخلي شبه المنهار، وتوازي خطتها مع بدء سحب الأسد من حظيرتها إلى الحضن العربي، وظروف أخرى كثيرة تتعلق بتطبيق الخطة عبر الشراء والسيطرة على حوامل دينية، حالت دون تنفيذ "الحلم الفارسي" الذي أعدوا له بعد التمدد التدريجي عبر أربعين استثماراً بسورية خلال الثورة، حتى بمؤسسة مشابهة لوكالة التنمية الأميركية (USAID) لتدير "مارشال سورية" وتتهرب من العقوبات الغربية. ليأتي الثامن من ديسمبر، فيسقط الأسد ومشروعات طهران، بعد انسحابها من سورية، تاركة الاستثمار والحلم المارشالي، حتى من دون تحصيل الديون وأموال دعم بقاء الأسد على كرسي أبيه. نهاية القول: سرب من الأسئلة بدأ يتوثب على الشفاه، بالتوازي مع عودة طرح "خطة مارشال سورية" اليوم وملاقاتها من قبول مبدئي عام، وربما البدء لإعداد مؤتمر وتحديد المانحين والداعمين والدائنين. أول الأسئلة إمكانية نقل التجربة الأميركية بأوروبا إلى سورية، مع الاختلاف السحيق بالبيئة الاقتصادية والبنية المجتمعية، والتي لا تحل بقرار أو بالدعم المالي فحسب، فالذي يشهده الداخل السوري حتى الآن، من انقسامات وتعدد رؤى وارتباطات، قد يحيل مارشال بأرض غير مهيأة، لنموذج غير قابل للحياة والاستمرار. موقف التحديثات الحية عن رسائل رفع العقوبات الاقتصادية عن سورية ولأن خطة إعمار أوروبا لم تقتصر على الحجر، بل طاولت القوانين والعلاقات التجارية والبنى المؤسسية نسأل: هل ستمتد "مارشال سورية" لإعادة بناء الدولة ومؤسساتها، وفق ما يطلبه الممول أو حسب التشكيل الجديد للمنطقة ودور سورية فيها وخلالها؟! وأيضاً، هل تنجح براغماتية الرئيس الشرع هذه المرة أيضاً، في نقل المشروع لواقع، رغم مطالب تحييد الدور التركي، وتضارب المصالح والأهداف بين المتفقين على "مارشال سورية" إن بمنطقة الخليج نفسها، أو بين أوروبا والولايات المتحدة؟! وربما الأهم، ما هي صيغة الأموال التي ستضخ في "مارشال سورية"، من الخليج أو حتى من أوروبا والولايات المتحدة؟ هل ستكون مساعدات من أجل تحقيق مصالح بعيدة وتشكيل حلف جديد، أم ديوناً تثقل كاهل سورية لعقود، إن لم نتطرق للوصفات والشروط التي سيفرضها الدائنون أو الداعمون، وأثرها على بيئة سورية وحياة أهليها الذين تبوؤوا أصلاً، المراتب الأولى عالمياً، بالفقر والبطالة؟ ولكن وعلى مشروعية تلك الأسئلة والهواجس، ولكي يستوي القول، لا بد من فتح باب الأمل على خطة مارشال العتيدة، فأن يضخ 250 مليار دولار، كما يتوقع الخبراء، بالجسد السوري، على مراحل ثلاث حتى عام 2035، توظف بالإعمار والاستثمارات، فعلى الأرجح، ستبدد الهواجس وتجيب، عملياً وعلى الأرض، على تلك الأسئلة. فأن تتحول سورية إلى قلب منظومة اقتصادية مأمولة تربط المنطقة العربية بتركيا فأوروبا، عبر جغرافية واستثمارات وموانئ ومسارات تبادل، وكل ذلك برعاية أميركية، فذلك ما يرجّح نجاح الخطة، بعيداً عن الخوض بتفاصيل ما بدأ يتسرب، من سلبيات تتعلق بالوضع الداخلي السوري أو إعاقات إقليمية، أو إيجابيات تتعلق بمعادن سورية النادرة ووادي السيليكون السوري وإحياء خطوط نقل الطاقة بالبر والبحر، أو إعادة رسم المنطقة، وفق حلف التشاركية والمصالح بدل الحرب وصراعات اقتسام النفوذ.

"فوضى عالمية"؟... لا تنظروا بعيداً
"فوضى عالمية"؟... لا تنظروا بعيداً

العربي الجديد

timeمنذ 17 ساعات

  • العربي الجديد

"فوضى عالمية"؟... لا تنظروا بعيداً

عندما أعلنت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون ديرلاين في كلمتها في القمة السادسة للمجتمع السياسي الأوروبي في تيرانا (عاصمة ألبانيا) أن "النظام العالمي تحول اليوم إلى فوضى عالمية"، فإنها لم تكن تنعى فقط النظام الذي قام على أنقاض الحرب العالمية الثانية بهيئاته ومؤسّساته المتعدّدة التي ضمنت حدّاً أدنى من التوازن العالمي، رغم تحفظاتٍ لا تعد ولا تُحصى، بل لعلها تبشر أيضاً ببديل لم يتبلور بعد. وكان من غريب المصادفات تزامن حديثها هذا مع تعليق مهام المدّعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان "مؤقتاً" بسبب التحقيق معه في اتهامات "أخلاقية"! هذه المحكمة التي تمثل إحدى أهم مؤسّسات النظام العالمي المتداعي، والتي أصدرت مذكّرات اعتقال بحقّ رئيس الحكومة الإسرائيلية المتطرّفة بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت، بعدما تبين للمحكمة والعالم جرائم وحشية تاريخية ارتكباها في غزّة التي لا تزال تنزف. ليس هذا النظام سوى مجموعة من المبادئ والقواعد والقوانين تجسّدت في مؤسّسات تحمل أسماء وعناوين، وتصبح هذه المؤسسات مجرد بنايات بلا هيبة أو مضمون، بمجرد فقدان القوانين والقواعد صلبها، قيمتها، بعدم الامتثال لها ودَوسها، وقد بدأ هذا التعدّي في التجلي في العقود القليلة الماضية، وتطلبت الكثير من الجهد تبريراً وتزويراً للحقائق، وهي عملية مضنية كان لا بد لها أن تعلن إفلاسها في النهاية، تصديقاً لمقولة أن "حبل الكذب قصير مهما طال"... وبلغت عملية سقوط أعمدة النظام الدولي ذروتها، وبلا مبالغة، منذ اليوم الأول من الحرب على غزّة، التي شاءت الأقدار أن تكون شاهداً تاريخياً على تدمير ذاتي، يجدر التساؤل اليوم عما إن كان متعمّداً أو أن الفاعلين الرئيسيين في هذا العالم، ومن يحرّكهم، لم يكن أمامهم طريق أخرى سالكة سواه، بحرق الأشرعة حتى لا يمكنهم العودة إلى ما كان وما يتيح محاسبتهم. "يونيسف"، وكل ما ترمز إليه من أمل وبراءة وتطلع إلى المستقبل، لم يعد لصوتها صدى وسط دويّ القصف وعويل المكلومين عندما ارتفعت ملايين الشعارت في آلاف الشوارع والساحات حول العالم تحذّر من مغبة انتهاك الحقوق الإنسانية والقوانين الدولية والمبادئ التي جعلت الناس (ولو نظرياً) متساوين في الكرامة والحقّ في الحياة والدفاع عن النفس... كانت آلة القتل منشغلة في حصد ما أمكنها من الأرواح بأقصى سرعة ممكنة في غفلة من الزمن، ومن حالة تضامن إنساني كوني نادر... ولما اصطدمت الآلة بمقاومة لم تتحسّب لها، كان رهان القضاء على عنفوانها، من العمى بحيث لم تكن تلك الشعارات تعني له شيئاً آخر غير الرعب من الإهانة والمحاسبة معاً، فتضاعفت الشهية لحصد المزيد وبأبشع الوسائل، ومع هذا التحوّل تغير مضمون الشعارات الأولى إلى ما يحاكي الازدراء والتمرّد والتحريم على متصدّري منصّات السياسة الدولية الحديث، بعد الذي حدث ويحدث، عن "الحقوق" و"الحريات" واحترام "القانون" و"القواعد"، والتوقف عن ممارسة نفاق يورّطهم ويكشف تواطؤاً وعجزاً أحياناً... حتى باتت خطبهم وتصريحاتهم تكاد تخلو تماماً من أي إحالة على مرجعية قانونية أو أخلاقية/ مبدئية، بعدما أدركوا حجم الورطة التي وقعوا فيها، ففاقد الشيء لا يعطيه، وناكره لا يستشهد به. تشهد أروقة مجلس الأمن على حجم الضغوط والمساومات، وحتى التهديدات قبل وفي أثناء وبعد الجلسات التي دعت إليها دول لا تزال تتشبث بتلابيب القانون الدولي الممزّقة، لإدانة إسرائيل أو محاولة ردعها، ولم ترتدع، بل عكست الهجوم وانخرطت في حملة تشويه للهيئة الأممية الأهم واتهامها بتسرّب "غير الحضاريين" إليها، وبدا، في لحظة عبثية، أن منظمة الأمم المتحدة باتت تقاتل من أجل بقائها أكثر من أي شيء آخر. وسرت على المنظمات الإنسانية المنضوية تحت هيئة الأمم المتحدة، وخصوصاً التي لا تزال تعمل بشقّ الأنفس في الأراضي الفلسطينية وقطاع غزّة تحديداً، ما سرى على مجلس الأمن وأجهزته، فقد حوصرت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) في الحيّز الضيق الذي تتحرّك فيه، قبل أن تتهم بالضلوع في مساعدة حركة حماس وإبقائها على قيد الحياة ومدّها بالأوكسجين، لتستمر في مواجهة قوات الاحتلال التي قلبت تربة القطاع بحثاً ومطاردة وتخريباً... ثم مرّت إلى استهداف ما بقي من مدارسها وملاجئ الإيواء التي توفرها، بالقصف والتدمير تحت أنظار الجميع، ومن دون أدنى قدر من الحياء أو الاعتبار لمموّليها، ومنهم حلفاء لإسرائيل نفسها... "يونيسف"، وكل ما ترمز إليه من أمل وبراءة وتطلع إلى المستقبل، لم يعد لصوتها صدى وسط دويّ القصف وعويل المكلومين، وصخب الفوضى التي تحيط بهم، حتى بات مجرّد دعوتها إلى تلقيح الأطفال الناجين، ضد الأوبئة التي بدأت بالانتشار، أمراً يدعو إلى الشفقة في مربع كل ما فيه يحيل على موتٍ قادم أو مؤجّل. كل طرق الفوضى التي يشهدها العالم بالفعل، تفرعت بوتيرة متسارعة عن فوهة بركان غزّة الذي أثارته إسرائيل لم تنجُ الصحافة بترسانة القوانين التي تحمي المنتسبين إليها، خصوصاً في أثناء الصراعات وفي زمن الحرب، من أجندة خفية لدى حكومة إسرائيل المتطرفة بتمييع مفهوم "الخطوط الحمراء" أو "غير المعتاد" و"غير المقبول" أخلاقياً وقانونياً، أمام كل ما من شأنه عرقلة خطتها الجهنمية التي تمضي فيها، وكان العالم كله لم يعد له وجود، فقتلت ما لا يقل عن 107 صحافيين بين 2023 و2025... وكانت الاتهامات لأغلبهم جاهزة، وتبرير "الموت كاحتمال ضمن مخاطر المهنة"، جاهزاً لبعضهم الآخر. وامتدّت أيدي إسرائيل الطويلة إلى ما هو أبعد، إلى نواب أوروبيين هاجموا من منابر برلمانات دولهم وحشية إسرائيل وحذروا من الخطر الذي تشكله ممارساتها المنفلتة، على استقرار مجتمعاتهم أولاً، وعلى العالم بأسره والنظم التي لا تزال تحول دون انهياره، فطاردت بعضهم، وأخرجت لآخرين من جعبتها اتهامات بالفساد ومعاداة السامية وتهماً أخرى معلبة، متجاهلة حقّ مواطنيهم في معرفة الحقيقة، كما تتيحها ديمقراطية دولهم، أو الحصانة التي يتمتّعون بها في ظروف معينة، وأمعنت في ذلك أملاً في إخراس ما تبقى من أصوات حرّة وشجاعة... وعبر أذرعها الأطول وبعد موسم عاصف من المظاهرات والفعاليات الأكاديمية والطلابية احتضنتها رحاب جامعات أوروبية وأميركية عريقة، انتظرت إسرائيل قليلاً حتى ذهبت إدارة جو بايدن، وسرعان ما بدأ موسم قطف الرؤوس: عمداء جامعات وطلاب فُصلوا أو رُحِّلوا أو هُدّدوا بذلك إلى أن "يعدلوا سلوكهم" ثم يصمتوا... في انتهاك غير مسبوق لحقّ التظاهر والتجمّع والتعبير عن الرأي، وهو حقّ مكتسب عند تلك الأمم، مجرّد النقاش حوله يبدو أمراً عجيباً ومستهجناً... وبعد ما جرى، تدفع فئات فيها خطوة إلى الوراء. على الأرض في قطاع غزّة، لم يعد هناك هامش في لائحة انتهاكات إسرائيل القانون الدولي لإضافة مزيد مما تقدّم عليه كل يوم، لتجعل من القواعد الأهم التي تهدف إلى الحد من همجية الحروب، مجرّد نصوص نظرية تلوكها تقارير حقوقية وقانونية للتوثيق فحسب... وبين قنابل بزنة ألفي رطل في مساحات عالية الكثافة السكانية، قتلت بواسطتها من الغزّيين ما يزيد على أربعة أضعاف من قتلتهم في 23 عاماً، وبين تدمير للممتلكات والمنشآت العامة جعل أكثر من 70% من القطاع غير صالح للعيش، وصولاً إلى التهجير القسري، وابتزاز الدول المجاورة ودول أبعد بهذه الملف الحارق، تجد إسرائيل حيّزاً في استراتيجيتها المعقدة، لاستخدام الجوار مظهراً آخر من مظاهر القوة والعربدة التي تستعرضها، فيصبح اختراق الحدود مع لبنان تارة وسورية تارة أخرى، أمراً معتاداً، تجد له مبرّرات وعناوين لا تنضب، تنضوي تحت "استباق تحرّكات عدائية" أو بتعلة عجز إحدى الدولتين عن توفير الأمن في تلك المناطق، فتقوم إسرائيل بـ"الواجب" نيابة عنها... وفي الأثناء، تفقد الحدود والسيادة والاتفاقيات معناها وتصبح هلامية مطّاطة كأشياء كثيرة أخرى آلت إلى المصير نفسه في ثنايا هذه الحرب... وهكذا، لم يعد مستغرباً تصاعد أصوات تعبّر عن شهية مفتوحة للاستيلاء على مدن وجزر وأراضٍ هنا وهناك. أطلقت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فان ديرلاين تصريحها اللافت عن تحوّل النظام العالمي اليوم إلى فوضى عالمية، ودقت ناقوس الخطر عندما أطلقت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فان ديرلاين تصريحها اللافت عن تحوّل النظام العالمي اليوم إلى فوضى عالمية، ودقت ناقوس الخطر، هل استحضرت بعضاً من هذه الصور غير المسبوقة، التي سقطت خلالها أعمدة كثيرة كانت لا تزال تبقي النظام العالمي ثابتاً نسبياً؟ أم أن زاوية النظر لديها لم تتجاوز حرب أوكرانيا، والحرب الهندية ــ الباكستانية الخاطفة، التي تجاوز الذعر الذي أثارته حدود قارة آسيا الشاسعة إلى أنحاء العالم بأكمله؟ الثابت أن كل طرق الفوضى التي يشهدها العالم بالفعل، تفرعت بوتيرة متسارعة عن فوهة بركان غزّة الذي أثارته إسرائيل، ولا أحد غيرها. الخوف الناجم عن فكرة أن القوانين وقواعد العلاقات الدولية وضوابط الحرب لم تعد تحمي من يستظل بها، يدفع الدول والمجموعات البشرية والأفراد إلى تخيل أسوأ السيناريوهات والاستعداد لها واستعداء الجميع للجميع. لا يزال بإمكان إسرائيل أن تعتمد بعض الوقت على دعم حلفائها الغربيين، وهي تسقط يومياً حجراً آخر في نظام دولي تشبثوا به إلى آخر رمق، فيما يتجه قادة أوروبا إلى إيجاد بديل تدريجي لحلف الناتو، استرشاداً بمؤشرات صادرة عن إدارة ترامب الجديدة، ويتحدثون عن خطط إعادة تسليح الاتحاد الأوروبي بحجم إنفاق يتوقع مراقبون أن يؤدّي إلى عدم استقرار اجتماعي، ويجاهر كثيرون اليوم بالحاجة الملحّة إلى طيّ صفحة هيئة الأمم المتحدة التي أسقطت حرب غزة بقايا ورقة التوت التي غطت عجزها، وإنشاء هيكل على أنقاضها يمثل فقط من ستنطبق عليه شروط الفرز، ولا ينبئ المشهد برمته بأن البديل سيكون أفضل تمثيلاً أو أكثر عدالة... وحتى لا يجد العرب أنفسهم على الهامش في حركة التحوّل هذه، وبعدما تأكدت قدرة بعضهم منهم على التأثير في صياغة القرار الإقليمي والدولي، عليهم أن يحجزوا مقعداً لهم وبشكل مبكّر واستباقي، حتى لا يبكوا يوماً على أطلال الأمم المتحدة ونظام عالمي آفل، ويؤكّدوا مقولة عشق العرب للبكاء على الماضي كيفما كان هذا الماضي.

بروكسل ترصد مساعدة مالية لإذاعة أوروبا الحرة بعدما جمدت واشنطن تمويلها
بروكسل ترصد مساعدة مالية لإذاعة أوروبا الحرة بعدما جمدت واشنطن تمويلها

العربي الجديد

timeمنذ 18 ساعات

  • العربي الجديد

بروكسل ترصد مساعدة مالية لإذاعة أوروبا الحرة بعدما جمدت واشنطن تمويلها

أعلنت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، يوم الثلاثاء، أنّ بروكسل ستمنح إذاعة "أوروبا الحرة/راديو الحرية" Radio Free Europe/Radio Liberty مساعدة مالية قدرها 5.5 ملايين يورو، لتمكينها من مواصلة عملها بعد أن جمّدت الولايات المتحدة تمويلها. وقالت كالاس للصحافيين، عقب اجتماع وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي في بروكسل: "هذا المبلغ سيدعم العمل الحيوي الذي تقوم به إذاعة أوروبا الحرة". وأضافت: "هذا تمويل طارئ قصير الأمد، مصمّم ليكون بمثابة شبكة أمان للصحافة المستقلة". وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب قد جمّد في مارس/آذار تمويل إذاعة "أوروبا الحرة/راديو الحرية" وهيئات بث أميركية أخرى، من بينها "صوت أميركا"، ضمن مساعيه لخفض الإنفاق الحكومي. لكن إذاعة "أوروبا الحرة/راديو الحرية"، التي توظف أكثر من 1700 شخص، طعنت بقرار ترامب أمام القضاء، وقد حصلت الأسبوع الماضي على أمر قضائي يتيح لها مؤقتًا مواصلة الحصول على التمويل. غير أن "الوكالة الأميركية للإعلام العالمي"، التي تشرف على عمليات الإذاعة، لم تفرج حتى الآن عن الأموال المخصّصة لها. إعلام وحريات التحديثات الحية حكم قضائي يلزم إدارة ترامب بإعادة تمويل إذاعة أوروبا الحرة وفي تصريحها، شدّدت كالاس على أن المساعدة المالية التي رصدها الاتحاد الأوروبي لن تكون كافية لتغطية عمل الإذاعة في جميع أنحاء العالم، بل ستركّز على بلدان في مناطق مثل القوقاز وآسيا الوسطى. وأقرّت المسؤولة الأوروبية بأنّ "من الواضح أن أوروبا لا تستطيع توفير كل التمويل اللازم" لعمل الإذاعة. تجدر الإشارة إلى أنّ إذاعة أوروبا الحرة دشنت خلال الحرب الباردة، وتبث برامجها حالياً بـ27 لغة في 23 دولة في أوروبا الشرقية وآسيا الوسطى والشرق الأوسط. ويقع مقرها الرئيسي في واشنطن، بينما يتمركز مكتبها الصحافي في جمهورية التشيك. وسبق أن حاولت إدارة ترامب تقليص التمويل المخصّص ل وسائل إعلام حكومية أميركية أخرى مؤيدة للديمقراطية، بما في ذلك إذاعة صوت أميركا. وفي 22 إبريل/ نيسان، صدر حكم يمنع الإدارة من تفكيك إذاعة صوت أميركا، معتبراً أنّها أجبرتها على وقف عملياتها بشكل غير قانوني، للمرة الأولى منذ تأسيسها في حقبة الحرب العالمية الثانية. (فرانس برس، العربي الجديد)

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store