
قلق متزايد من اختفاء شواطئ البرتغال.. ولكن لماذا؟
في الوقت الذي تعد فيه البرتغال من الوجهات السياحية الأكثر شهرة في أوروبا، بفضل شواطئها الخلابة ومناخها المعتدل، تواجه البلاد تهديدًا بيئيًا متزايدًا يتمثل في تآكل سواحلها، لاسيما في منطقة الغارف الواقعة في الجنوب. هذا التآكل لا يُعد أمرًا جديدًا على السواحل العالمية، لكنه يأخذ طابعًا مقلقًا في البرتغال، نظرًا لموقعها الجغرافي على الحافة الغربية لشبه الجزيرة الإيبيرية، حيث تتعرض بشكل مباشر للأمواج العاتية القادمة من شمال المحيط الأطلسي.
وهذه الأمواج نفسها التي جعلت من البرتغال وجهة عالمية لمحترفي ومُحبي ركوب الأمواج، باتت الآن عاملًا مساهمًا في تآكل رمال الشواطئ وتراجع الخط الساحلي. وتعد منطقة الغارف، ذات المنحدرات الصخرية والشواطئ الرملية الذهبية، من أكثر المناطق تضررًا، حيث بدأت شواطئ شهيرة تفقد مساحتها عامًا بعد عام، ما يهدد مستقبل السياحة الساحلية في البلاد.
ورغم جهود الحكومات المحلية لمجابهة هذه الظاهرة، فإن الحلول ما زالت تعتمد على وسائل "هندسة ناعمة" مثل تغذية الشواطئ بالرمال وبناء حواجز لتقليل آثار الانهيارات الأرضية. ففي مدينة أولهاو مثلًا، تمت إضافة نحو 80,000 متر مكعب من الرمال إلى شاطئ فوسيتا-مار في محاولة لاستعادة جزء من الشاطئ المفقود، وهي تقنية تُعرف بـ"تغذية الشاطئ". ومع ذلك، لا يزال الخبراء البيئيون يُبدون قلقهم حيال مدى متانة هذه الإجراءات، خاصة مع اقتراب موسم الصيف حين تزداد الضغوط على هذه المناطق السياحية.
وقد صرحت وزيرة البيئة البرتغالية، ماريا دا غراسا كارفالو، وفقًا لصحيفة ديلي جانغ: " نحن هنا بحاجة لتبرير إطلاق مسابقة طارئة حتى يكون العمل جاهزًا مع بداية موسم السباحة.. بدون تدخل طارئ، سوف يكون من الصعب تجهيز هذا لموسم الشاطئ بناءً على ما رأيناه وآراء الفنيين الذين كانوا معنا، لدينا مبرر حقيقي للمضي قدمًا".
وقد جرى التأكيد في شهر أبريل على توفر تمويل لـ 150,000 متر مكعب من الرمال، والذي من المفترض استخدامه لترميم جزء من الساحل بطول 600 متر وعرض 30 مترًا. ومع هذا لا يزال الأمر متروكًا لوكالة البيئة البرتغالية لتبرير طرح مناقصة طارئة.
وتآكل السواحل هو عملية طبيعية لتآكل الأرض بفعل البحر، يحدث هذا بطرق مختلفة إما بقوة الأمواج نفسها، أو بقوة حطام البحر، مثل الحصى، الذي يُقذف على الساحل.
ويكمن التحدي في أن عمليات تغذية الشواطئ تتطلب استمرارية وكلفة مالية عالية، كما أن تأثيرها قد لا يدوم طويلًا إذا لم تُرافقها سياسات بيئية شاملة ومستدامة. أما عمليات البناء للحد من الانهيارات الصخرية فهي ضرورية لكنها في الوقت ذاته تطرح تساؤلات حول مدى تأثيرها على المشهد الطبيعي للمنطقة.
مع تزايد حدة التغير المناخي، وارتفاع منسوب مياه البحار، تُطرح تساؤلات جدية: هل يمكن للبرتغال حماية شواطئها على المدى البعيد؟ وهل ستكون الحلول الحالية كافية للحفاظ على كنوزها الساحلية التي تُعد من دعائم اقتصادها السياحي؟
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


سائح
منذ يوم واحد
- سائح
رحلات نهرية في الأمازون: عالم من الغموض والسحر
في قلب أمريكا الجنوبية، وبين أحضان الغابات المطيرة الكثيفة، ينبض نهر الأمازون كواحد من أعظم أعاجيب الطبيعة وأكثرها غموضًا. لا يُعد الأمازون مجرد نهر عظيم من حيث الحجم والطول، بل هو شريان حياة يغذّي أكبر غابة استوائية على وجه الأرض، ويمتد تأثيره البيئي والثقافي على مساحات هائلة تفوق الخيال. الرحلات النهرية عبر مجراه الواسع ليست فقط مغامرات سياحية، بل هي تجارب روحية وفكرية تفتح أمام الزائر أبواب عالم لم تطأه الحداثة بالكامل، عالم تحكمه قوانين الطبيعة الخالصة وتكتنفه أسرار لا تنتهي. ومع كل انعطافة في هذا النهر المهيب، يشعر المسافر بأنه يسير في صفحة من كتاب أسطوري، يعج بالحياة، بالصمت، وبالمفاجآت. اكتشاف تنوع الحياة البرية في بيئة لا مثيل لها يمثل الأمازون موطنًا لملايين الكائنات الحية، منها ما هو معروف ومنها ما لم يُكتشف بعد، ما يجعل الرحلات النهرية فيه مغامرات حقيقية لعشّاق الطبيعة. من القوارب الصغيرة أو السفن السياحية المصممة خصيصًا للتنقل عبر الفروع الهادئة للنهر، يمكن للزوار مشاهدة طيور التوكان الملونة تحلّق فوق الأشجار، والنسور السوداء تحوم فوق التيارات، بينما يظهر قرد الساكوي فجأة من بين الأغصان، أو يسبح دولفين الأمازون الوردي بجوار القارب. وحتى الزواحف مثل التماسيح والثعابين تشكل جزءًا من هذا العرض الطبيعي المذهل. كل لحظة في الأمازون تُشكّل مشهدًا متغيرًا من الحياة البرية النادرة، ما يجعل من الرحلة تجربة تفاعلية ومليئة بالإثارة والاكتشاف. لقاء مع المجتمعات الأصلية: ثقافات تعيش في انسجام مع الغابة على ضفاف النهر، تنتشر قرى السكان الأصليين الذين عاشوا في قلب الأمازون لآلاف السنين، وتعلّموا فنون البقاء والتكيف مع بيئة يُعد التعايش معها تحديًا حقيقيًا. الرحلات المنظمة تمنح الزوار فرصة ثمينة للقاء هذه المجتمعات، مثل قبائل يانومامي وتوبي، والتعرف على عاداتهم وتقاليدهم وأساطيرهم التي تنتقل من جيل إلى جيل شفهيًا. يمكن للزائر أن يتذوق طعامهم المحلي، المصنوع من مكونات طبيعية تمامًا، ويستمع إلى أغانيهم وطقوسهم المرتبطة بالأرض والنهر والسماء. في هذه اللحظات، لا تكون الرحلة مجرد مغامرة بيئية، بل تتحول إلى لقاء ثقافي عميق يكشف عن جانب إنساني وروحي قد غاب عن الحياة العصرية. مع غروب الشمس وتلاشي الضوء بين ظلال الأشجار العملاقة، تبدأ فصول جديدة من المغامرة في الأمازون. الليل هنا ليس كغيره في أي مكان آخر؛ فالصمت العميق الذي يلفّ المكان سرعان ما تمزّقه أصوات غريبة: زقزقة حشرة لم تسمع بها من قبل، أو نداء ضفدع سام من تحت الأوراق، أو حركة طيفية لجاكوار يختبئ بين الظلال. الكثير من الرحلات النهرية في الأمازون تتضمن جولات ليلية، سواء بالقارب أو سيرًا على الأقدام مع مرشدين خبراء، ما يمنح المغامرين فرصة نادرة لمعايشة عالم آخر ينبض بالحياة في الظلام. في هذا الوقت تحديدًا، يشعر الإنسان بضعفه وجماله في آن، ويتأمل الكون من منظور مختلف تمامًا. لا تشبه رحلات الأمازون أي تجربة سياحية أخرى. إنها غوص عميق في قلب الطبيعة الأم، حيث لا تزال الحياة تسير بإيقاعها البدائي، بعيدًا عن تعقيدات العصر. إنها رحلة تعيد ربط الإنسان بجذوره الأولى، وتمنحه فرصة نادرة لرؤية العالم بعين الدهشة. وإذا ما غادرت الأمازون يومًا، فإنك لن تغادره بالكامل أبدًا، لأن جزءًا من غموضه سيبقى في قلبك إلى الأبد.


سائح
منذ يوم واحد
- سائح
اكتشف لشبونة: جوهرة أوروبا المخفية
بين سبعة تلالٍ تغمرها أشعة الأطلسي الذهبية ونسائم نهر التاجة العليلة، تقف لشبونة كمدينةٍ تجمع نقيضين يندر اجتماعهما: حداثةٌ لا تكفّ عن التطور، وتاريخٌ ينساب في أزقتها المرصوفة بالحجر كالموسيقى التي يصدح بها فادو المساء. رغم أنها إحدى أقدم العواصم الغربية، ظلّت لشبونة طويلًا تختبئ خلف ستار مدنٍ أوروبية أكثر صخبًا وشهرة. لكن في السنوات الأخيرة، بدأ السائحون-والفنانون وروّاد الأعمال على حدّ سواء-يكتشفون سحرها الدافئ: شمس مشرقة طوال العام، مطبخ متوسطي بنكهةٍ مميّزة من الأسماك الطازجة والتوابل الشرقية، وفنّ معماري يروي قصص البحّارين والمستكشفين الذين أبحروا من هنا ليغيّروا خريطة العالم. إذا كنت تبحث عن وجهةٍ أوروبية تُرضي شغفك بالترحال والثقافة والطمأنينة في آنٍ معًا، فلشبونة كفيلة بأن تمنحك عطلة لا تُنسى. الأزقة القديمة… حين يمشي التاريخ بجوار البحر أوّل ما يأسر الزائر في لشبونة هو عبق التاريخ المتدفق من أحيائها المتعرّجة. في حي ألفاما، الأقدم في المدينة، تتشابك الأزقة الضيقة صعودًا وهبوطًا، وبينها تتردد أصوات الفادو عبر النوافذ والأبواب الخشبية القديمة. يجلس السكان المحليون على العتبات يتبادلون الأحاديث، بينما تدلّي البيوت ملاءاتها الملوّنة في مشهدٍ يُشبه لوحات الرسّام البرتغالي خوليو بومار. الوصول إلى قلعة ساو جورج أعلى التل يكافئك بإطلالة بانورامية لا تُقدّر بثمن: أسطح حمراء متموّجة، دومُو كاتدرائية سي، وجسر 25 أبريل الذي يشبه توأم البوابة الذهبية في سان فرانسيسكو. وعلى بُعد خطواتٍ من هناك، يكشف حي بايرو ألتو عن وجهٍ مختلف للمدينة؛ حيث تتلاصق الحانات الحديثة مع القصور الفينيسية القديمة، وتتحول الشوارع ليلًا إلى ملتقى عالمي يعبق بالموسيقى الحيّة والضحكات. رحيق الأطلسي في المطبخ والألوان لا تكتمل زيارة لشبونة من دون تذوّق مطبخها البحري؛ فمأكولاتها تُشبه جغرافيتها: بسيطة وصادقة، لكن مفعمة بالنكهات. سمك القدّ المملّح (باكالاو) هو سيّد المائدة، يليه الأخطبوط المشوي وسرطان البحر الطازج، بينما تضيف الحلويات رشةَ سكرٍ لا تُقاوم في شكل "باستيل دي ناتا" الساخن برائحة القرفة. وعلى الضفة الأخرى من نهر التاجة، في منطقة بيليم، يقف دير جيرونيموس البرتغالي القوطي متوَّجًا بواجهته المانوالية المزخرفة كنقشٍ متقن على قالب من السكر. هنا، ينبض الماضي الاستكشافي: برج بيليم الذي شهد انطلاق قوافل فاسكو دي غاما، والنصب التذكاري للمستكشفين بوجوههم المحدّقة نحو الأفق، ما يذكّر الزائر بأن لشبونة كانت ذات يوم بوّابة العالم. حداثة متأنّية وروح مبدعة رغم إرثها العتيق، لم تتجمّد لشبونة في زمانٍ مضى؛ بل تبنّت إيقاع القرن الحادي والعشرين بروحٍ مريحة لا تعرف العجلة. حي باركي داس ناسويز (منتزه الأمم)، الذي أُعيد تأهيله بعد معرض إكسبو 1998، يعرض الجانب العصري للمدينة بواجهات زجاجية لامعة، وأحواض سمك عملاقة في محيط لشبونة، وممشى نهري مثالي لركوب الدراجات. وفي الوقت نفسه، تحوّلت المصانع المهجورة في حي مارفيل إلى ورش للفنانين، ومقاهٍ تقدّم القهوة المختصّة بجوار معارض فنون رقمية. هذا التوازن الأخّاذ بين الأصالة والتجديد، بين صوت قطار الترام العتيق الهادر فوق القضبان وأجنحة الشركات الناشئة التي تحلّق في اقتصاد التكنولوجيا، هو ما يجعل لشبونة جوهرةً أوروبية مخفية تنتظر من يلمعها بنظرة إعجاب. تغريك المدينة بأن تطيل البقاء: جلسة قهوة تطل على ميرادورو ساو بيدرو دي ألكانتارا، جولة سريعة إلى شواطئ كاشكايش القريبة لركوب الأمواج، أو رحلة بالقطار إلى قصر بينا في سينترا حيث الألوان الزاهية تلتهم الضباب.


سائح
منذ 6 أيام
- سائح
استكشاف مدينة لشبونة بين التلال والمحيط
تقع مدينة لشبونة، عاصمة البرتغال، على سبعة تلال تطل على المحيط الأطلسي، وتتمتع بجاذبية خاصة تجعلها واحدة من أجمل مدن أوروبا وأكثرها شاعرية. مزيج من الأزقة المتعرجة، والمباني المزينة بالقرميد الأزرق التقليدي، والتلال التي توفر مناظر بانورامية أخّاذة، والهواء المحمل برائحة المأكولات البحرية – كل ذلك يمنح الزائر شعورًا بأن الزمن هنا يسير ببطء، يتيح لك استيعاب الجمال بالتفصيل. مدينة لشبونة ليست فقط وجهة سياحية، بل تجربة حية للتراث والثقافة والطبيعة، تنقلك بين قرون من التاريخ ونبض يومي حديث مفعم بالحياة. التجول في الأزقة القديمة: ألفاما وبايرو ألتو أحد أكثر الجوانب سحرًا في لشبونة هو التوهان المتعمد في أحيائها القديمة مثل "ألفاما" و"بايرو ألتو". حي ألفاما، الأقدم في المدينة، يُعد قلب التراث الثقافي، حيث يمكنك التجول بين أزقته الضيقة المرصوفة بالحجارة، والاستماع إلى نغمات موسيقى "الفادو" التي تخرج من النوافذ أو الحانات الصغيرة. تتزين الجدران بالبلاط التقليدي (الأزوليجو)، وتفوح رائحة القهوة و"باكالاو" من المقاهي المحلية. أما حي بايرو ألتو، فيتحول مع حلول المساء إلى مركز للحياة الليلية، حيث تلتقي التقاليد العريقة بالعصرية من خلال المقاهي الصغيرة والحانات التي تمتلئ بالضحك والموسيقى. المشي في هذه الأحياء يمنحك شعورًا بأنك تعيش داخل لوحة فنية تمزج الماضي بالحاضر. وجهات التلال والمشاهد البانورامية تمنح تلال لشبونة السبعة للزوار فرصة لاكتشاف المدينة من زوايا متعددة. هناك عدد من "الميرادوريس" أو منصات المشاهدة التي توفر مناظر خلابة للمدينة والمحيط، مثل "ميرادورو دي ساو بيدرو دي ألكانتارا" و"ميرادورو دا غراسا"، حيث يمكنك التقاط صور رائعة أو ببساطة الجلوس وتأمل الغروب. ويمكنك ركوب الترام الشهير رقم 28 الذي يشق طريقه بصعوبة بين التلال، في رحلة ساحرة تمر بأحياء عدة وتمنحك نظرة سريعة على روح المدينة. لا يمكن إغفال قلعة "ساو جورج" التي تقع على أحد أعلى التلال وتوفر إطلالة بانورامية ساحرة على النهر والمدينة، ما يجعل زيارتها تجربة لا تُنسى. الحياة على ضفاف نهر تاجوس وأجواء المحيط يحتل نهر تاجوس مكانة مركزية في هوية لشبونة، إذ يشكل جسرًا طبيعيًا يربط بين المدينة والمحيط. منطقة "بيليم" القريبة من ضفة النهر تُعد من أبرز وجهات الاستكشاف، فهي تحتضن معالم شهيرة مثل برج بيليم ودير جيرونيموس، إلى جانب متاحف فنية معاصرة ومخابز تقدم "باستيل دي ناتا" الأصلي الشهير. ويمكنك قضاء وقت ممتع في التجول على الكورنيش أو ركوب الدراجة الهوائية على طول النهر، أو حتى حجز رحلة بحرية قصيرة لمشاهدة المدينة من منظور مختلف. وعلى مقربة من لشبونة، ستجد شواطئ رائعة مثل "كاشكايش" و"كوستا دا كاباريكا"، ما يمنحك فرصة لمزج السياحة الثقافية بالاسترخاء أمام أمواج الأطلسي. في المجمل، تمنحك لشبونة فرصة للعيش في عالم يوازن بين صخب الحياة اليومية وهدوء التأمل في مشاهد الطبيعة والعمارة. إنها مدينة تضج بالتاريخ وتزدهر بالإبداع، وتظل دائمًا مستعدة لاستقبال زوارها بأذرع مفتوحة وتلالها السبع التي تروي قصصًا لا تُمل.