
نصرة لغزة .. كُردستان يرسم لوحة إنسانية عناصرها أرامل وسجناء وكبار سن يتبرعون بمدخراتهم
في وقتٍ تُخنّق فيه 'غزة' تحت وطأة التجويع والحصار ودوامة القصف المتواصل، انطلقت في 'إقليم كُردستان العراق' واحدة من أوسع حملات التبرع الشعبية لمسَّاندة الشعب الفلسطيني بالقطاع الفلسطيني؛ نقلتها الشاشات ومنصات التواصل الاجتماعي.
وتولّت منظمات خيرية محلية؛ بينها (بخشین) و(بختوري) و(الرابطة الإسلامية) تنسيّق جهود جمع التبرعات وتحويلها إلى دعم حقيقي على الأرض.
فقبل تشدّيد الحصار؛ في آذار/مارس الماضي، نجحت هذه الجمعيات في إرسال طرود غذائية ودوائية عبر مؤسسات وسيّطة في المناطق الحدودية، وهي تُقدم الدعم اليوم عبر الحوالات المالية بالتنسيّق مع جمعيات إنسانية داخل القطاع.
وفي 'أربيل'؛ يقول 'حاجي كاروان'، رئيس منظمة (بختوري) الخيرية، التي جمعت نحو: (06) ملايين دولار منذ بدء العدوان الإسرائيلي على 'غزة'، إن حجم التفاعل الشعبي فاق كل التوقعات، سواء في قيمة التبرعات أو تنوع مصادرها.
مسَّاهمات متنوعة..
ويُشير 'كاروان'؛ إلى أن المسَّاهمات جاءت من مختلف فئات المجتمع: 'فقد تبرع فلاحون بعائدات محاصيلهم، وباع شباب سياراتهم، وسجناء شاركوا بما لديهم، كما قدم البعض أقل من دولار واحد مقابل متبرع واحد قدم مئة ألف دولار، وأرملة تبرعت بخاتم زوجها المتوفى، في مشاهد إنسانية بالغة التأثير'.
ويُضيف أن التبرعات اليومية – التي تصل أحيانًا إلى: (30) ألف دولار – مكّنت المنظمة من تنفيذّ مشاريع إيواء وتوزيع وجبات غذائية في 'غزة'، بينها إنشاء مخيَّمين للنازحين باسم: (أحفاد صلاح الدين)، يضم أحدهما أكثر من: (250) خيمة، إضافة إلى مساجد مؤقتة وشبكات مياه بالتعاون مع 'بلدية غزة'.
أما المتبرع؛ 'حاجي محمد خوشناو'، فيوضح أن شعوره بالمسؤولية الأخلاقية أمام المأساة الإنسانية في 'غزة' كان دافعه الأول للتبرع، مؤكدًا أن التفاعل الشعبي جاء بدافع الضمير لا السياسة.
تجارب سابقة..
ويُضيف 'خوشناو'؛ أن تضامن الكُرد مع 'غزة' يتجاوز الدين إلى مشاعر إنسانية مرتبطة بتجاربهم السابقة مع الحصار والاضطهاد.
وردًا على انتقادات بعض الأصوات التي طالبت بتوجيه الأموال لفقراء 'كُردستان' أولًا، يقول 'خوشناو' إن التضامن مع 'غزة' لا يتعارض مع دعم الداخل، مشيرًا إلى أن هذه الحملة جمعت مكونات المجتمع الكُردي على موقفٍ موحد، مما شجعه على المساهمة.
ومن جانبه؛ أفاد 'رحيم حاجي خضر'، أحد وجهاء عشيرة (نورديني)، بأن العشيرة جمعت نحو: (100) مليون دينار عراقي؛ (الدولار الأميركي يساوي: 1405 دنانير).
ويقول إن مشاهد القصف والمعاناة حرّكت ضمائر الناس، مؤكدًا أن التبرعات نابعة من قناعة داخلية وليست استعراضًا إعلاميًا، وأن واجبهم الأخلاقي يُحتم عليهم الوقوف مع أي مظلوم، خصوصًا من لا يجد قوت يومه.
تفاعل واسع..
وشهدت محافظات: 'أربيل والسليمانية ودهوك وحلبجة'، تفاعلًا واسعًا، خصوصًا بين الشباب وطلبة الجامعات الذين نظّموا حملات مستقلة وأخرى بالتعاون مع منظمات المجتمع المدني، كما شاركت المساجد في إطلاق مبادرات تبرع عقب صلاة الجمعة ركزت على الدعم النقدي.
ويؤكد الدكتور 'محمد شيخ لطيف'؛ مسؤول العلاقات في منظمة (بهخشین)، أن الحملة استقطبت مختلف شرائح المجتمع، حتى الأطفال والمرضى والفقراء، وبعضهم تبرع بممتلكاته الشخصية، في مشاهد إنسانية مؤثرة.
ورُغم هذه الجهود؛ يتفق القائمون على الحملات أن الكارثة الإنسانية في 'غزة' تتجاوز إمكانيات الأفراد والمنظمات. ويقول 'شيخ لطيف': 'نُحاول توفير وجبة يوميًا لبعض الأسر حتى لا يموتوا جوعًا، لكن المجاعة في غزة أعمق وأخطر، ولا يُمكن إنهاؤها بالمبادرات الفردية فقط. وهناك حاجة ملحة لتدخل الدول الإسلامية والمجتمع الدولي قبل أن تكون العواقب كارثية'.
ويُشير 'كاروان' إلى أن منظمته توثق كل عملية تحويل بالأرقام والفيديوهات وتنشر تقارير دورية على منصات التواصل لضمان الشفافية، لكنه يُقر بصعوبة التحديات في ظل القصف المستمر ونقص الموارد لدى الشركاء المحليين.
ويرى مراقبون أن هذه المبادرات، التي جمعت بين التبرعات الفردية والحملات العشائرية والمواقف الوجدانية، تعكس نزعة إنسانية تتجاوز حدود الجغرافيا والسياسة، وتؤكد قدرة المجتمعات المحلية على إحداث فارق حين تتحرك بدافع الضمير والمسؤولية الأخلاقية تجاه قضايا الأمة الإسلامية.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


شفق نيوز
منذ ساعة واحدة
- شفق نيوز
"العمالة الأجنبية المستهدفة".. الأنبار تتحول إلى بوابة للاتجار بالبشر
شفق نيوز- الأنبار في وقت تشهد فيه محافظة الأنبار نشاطاً تجارياً متزايداً عبر منافذها الحدودية الثلاثة، تبرز ظاهرة مقلقة تتمثل في تصاعد عمليات الاتجار بالبشر، خصوصاً بالعمالة الأجنبية القادمة من الدول الآسيوية والأفريقية، وسط غياب التشريعات الفاعلة، وتأخر العراق في التوقيع على الاتفاقيات الدولية الخاصة بحماية هذه الفئة المستضعفة. وقال عمر العلواني، رئيس مؤسسة الحق لحقوق الإنسان، لوكالة شفق نيوز، إن "هذا الملف بدأ يأخذ حيّزاً كبيراً من الاهتمام المحلي والدولي، ما دفع وزارة الداخلية إلى استحداث أقسام خاصة في مراكز الشرطة تُعنى حصرياً بملف الاتجار بالبشر، كجزء من مساعٍ للحد من هذه الظاهرة". وأضاف العلواني، أن "الاتجار بالبشر له أشكال عدة، لكن أكثرها انتشاراً في العراق هو الاتجار بالعمالة الأجنبية"، مستطرداً بالقول: "نلاحظ أن ما يجري بخصوص هذه الفئة هو أشبه بعملية بيع وشراء رسمي، حيث تُدفع فقط تأمينات مالية، وبعد إتمام عملية الشراء يصبح العامل أو العاملة بمثابة ملك لمن اشتراهم ويتم التحكم بجواز سفرهم وتُفرض الهيمنة الكاملة على مصيرهم". وأشار إلى أن "أسعار بعض هؤلاء العمال تصل إلى نحو 3000 دولار، وعند انتهاء الحاجة إليهم، تتم إعادتهم إلى الشركة التي جلبتهم، ليبدأ فصل جديد من المفاوضات عليهم، فيما تستمر عملية احتجاز جوازاتهم، في خرق واضح لحقوق الإنسان". ورغم تفاقم هذه الظاهرة، إلا أن العراق لم يُوقّع حتى الآن على الاتفاقية الدولية الخاصة بحماية حقوق العاملين الأجانب، ما يجعل الضحايا بلا مظلة قانونية داخلية تحميهم من عمليات البيع والشراء أو الاتجار، وفقاً للعلواني، الذي تابع قائلاً إن "هذه الثغرة القانونية تُسهّل انتشار الظاهرة، وتُعقّد عمليات المتابعة والمحاسبة". وأوضح أن "محافظة الأنبار، بحكم موقعها الجغرافي واحتوائها على ثلاثة منافذ حدودية، تُعد من المنافذ الأساسية لهذا النوع من التجارة، حيث يتم استغلال هذه المعابر في تهريب العمالة الأجنبية بشكل غير قانوني، ومن ثم إخضاعهم لسوق غير شرعي قائم على الاستغلال". تحذيرات بشأن الملف ومن جانبه، حذّر الناشط المدني طه الجنابي، من خطورة استمرار التغاضي عن هذا الملف، قائلاً: "نحن أمام أزمة إنسانية حقيقية، ما يحدث هو استعباد صريح، وانتهاك صارخ لحقوق الإنسان". وفي حديث للوكالة، أضاف الجنابي، أن "هذه الممارسات لا تختلف كثيراً عن العبودية، وتحوّل العراق إلى محطة سوداء في خارطة الاتجار بالبشر". وأوضح الجنابي، إلى أن "منظمات المجتمع المدني تبذل جهوداً كبيرة لرفع الوعي، وتقود حملات مناصرة تهدف إلى الضغط على الحكومة لتوقيع الاتفاقية الدولية، وسنّ قوانين وطنية تتعامل بجدية مع هذه الانتهاكات، ومعاقبة المتورطين فيها". وفي خطوة أولية لمعالجة هذه الظاهرة، خصصت وزارة الداخلية رقماً ساخناً لتلقي البلاغات المرتبطة بجرائم الاتجار بالبشر، في محاولة لفتح قنوات تواصل مع المواطنين والمجتمع المدني، وتشجيع الإبلاغ عن مثل هذه الحالات. وتبقى الحاجة الماسة لتفعيل الدورين الرسمي والمدني، وإخراج هذا الملف من دائرة الصمت، قبل أن يتحوّل إلى ظاهرة يصعب تفكيكها لاحقاً، خصوصاً في محافظات حدودية كبرى مثل الأنبار، التي باتت ممراً رئيسياً في خارطة الاتجار بالبشر، بحسب المراقبين.


الزمان
منذ ساعة واحدة
- الزمان
إدارة ترامب تشن هجوما غير مسبوق على الجامعات الاميركية
واشنطن (أ ف ب) – أنهت تسوية مالية بين جامعة كولومبيا في نيويورك والحكومة الأميركية اشهرا من المواجهة، لكن خبراء يرون في الهجوم الذي تشنه إدارة دونالد ترامب ضد الجامعات 'سابقة كارثية'. وقال ديفيد بوزن، أستاذ القانون في هذه الجامعة المرموقة بشمال مانهاتن، لوكالة فرانس برس 'ما حدث مع جامعة كولومبيا يندرج ضمن هجوم استبدادي أوسع على المجتمع المدني'، مشيرا إلى ضغوط مماثلة على الاعلام والمحامين. في نهاية تموز/يوليو، أعلنت كولومبيا أنّها ستدفع 221 مليون دولار 'لإغلاق تحقيقات متعدّدة' أطلقتها إدارة ترامب في إطار استهدافها للعديد من الجامعات الأميركية التي تتهمها بالتقصير في التصدّي لمعاداة السامية في الحرم الجامعي، ولا سيّما خلال الاحتجاجات المؤيّدة للفلسطينيين العام الماضي. منذ عودته إلى البيت الأبيض في 20 كانون الثاني/يناير، كثف الرئيس الأميركي، الحليف القوي لإسرائيل، الضغط على الجامعات من خلال تجميد منح فدرالية بمئات ملايين الدولارات، كما هي الحال مع كولومبيا. لكن العديد من الخبراء، مثل رئيس المجلس الأميركي للتعليم تيد ميتشل، ينددون بالتسوية المالية التي اضطرت كولومبيا إلى إبرامها مع الحكومة المحافظة. – ابتزاز – ويرى بوزن أن الاتفاق 'بُني منذ البداية على نحو غير قانوني وقسري' معتبرا أنه بمثابة 'ابتزاز' مُقنّع 'بشكل قانوني'. وتنفي جامعة كولومبيا، بالاضافة إلى جامعة هارفرد، أعرق جامعة أميركية حرمها في بوسطن، غضّ الطرف عن أي شكل من معاداة السامية، وأكدتا اتخاذهما تدابير لضمان عدم شعور طلابهما وموظفيهما اليهود بالترهيب. وأكدت جامعة كولومبيا ان اتفاقها مع إدارة ترامب 'يصون استقلاليتها وصلاحيتها في توظيف أعضاء هيئة التدريس والالتحاق والقرارات الأكاديمية'. لكن الأكاديمي بوزن، على العكس من ذلك، ينتقد بشدة 'التدخل الكبير في استقلالية جامعة كولومبيا'. والأسوأ من ذلك، فإن التسوية التي تزيد قيمتها عن 220 مليون دولار تدل برأيه 'على بروز نظام تحكم جديد تُعطل من خلاله إدارة ترامب نظام التعليم بانتظام وبشكل غير متوقع، وتطالبه بتقديم تنازلات'. وبالتالي يتوقع بوزن أن تتم ممارسة 'ضغط هائل على جامعة هارفرد وجامعات أخرى' في الأسابيع المقبلة. وتحدثت صحيفة نيويورك تايمز عن اعداد تسوية بقيمة 500 مليون دولار بين إدارة ترامب وجامعة هارفرد. وأوقفت الحكومة الفدرالية ضمن هذه المواجهة منحا تزيد عن 2,6 مليار دولار، وألغت الترخيص الذي يتيح استقبال الطلاب الأجانب لمتابعة تحصيلهم العلمي في الولايات المتحدة. – مواجهة – ولكن على عكس جامعة كولومبيا، طعنت جامعة هارفرد في هذه الإجراءات أمام القضاء في مواجهة تشكل أيضا اختبارا لمؤسسات التعليم العالي الأخرى التي تستهدفها إدارة ترامب. غير أن ستيفن ليفيتسكي، أستاذ السياسات العامة والحكم في هارفرد، يخشى من أن 'تكون سابقة جامعة كولومبيا كارثية على الحرية الأكاديمية وعلى الديموقراطية'. واوضح الاكاديمي 'أولئك الذين يمارسون الابتزاز لا يتوقفون عند التنازل الأول … هناك احتمال كبير أن يكون هذا مجرد خطوة أولى'. كما أنه ندد 'بهجوم غير مسبوق' على التعليم العالي، داعيا الجامعات إلى رص صفوفها 'لمحاربة نظام استبدادي'. في الواقع، يرى بريندان كانتويل، الباحث في جامعة ولاية ميشيغان، أن تدخل إدارة ترامب في عمل الجامعات 'لم يصل قط إلى هذا المستوى، ربما في تاريخ الولايات المتحدة'. من جانبها، دعت وزيرة التعليم ليندا مكماهون إلى أن يكون الاتفاق مع كولومبيا 'نموذجا للجامعات الأخرى في البلاد'. كما أعلنت الأربعاء عن تسوية لإعادة بعض التمويل الفدرالي لجامعة براون في ولاية رود آيلاند (شمال شرق) مقابل التخلي عن سياستها المتعلقة بالتنوع. كما قدمت مؤسسات أخرى تنازلات، مثل جامعة بنسلفانيا التي منعت النساء المتحولات جنسيا من المشاركة في ألعاب القوى النسائية.


شفق نيوز
منذ 4 ساعات
- شفق نيوز
تحقيق.. 1.4 تريليون دولار في الهواء: عقدان من الموازنات المتفجرة في العراق
شفق نيوز- بغداد/ تحقيق خاص. منذ عام 2003، حين أطاح الاجتياح الأمريكي بنظام صدام حسين، ودُشّن ما يعرف بالنظام الديمقراطي الجديد، دخل العراق مرحلة مختلفة كلياً وتأسس أول مجلس حكم وبعدها برلمان منتخب قبل أن تنطلق عملية كتابة الدستور، لكن خلف هذا الغلاف الرسمي، كانت آلية واحدة تحكم سير البلاد وهي الموازنة العامة، التي أثارت الجدل كثيراً. كانت الغاية من الموازنة الاتحادية تمويل النفقات التشغيلية ومشاريع الإعمار العاجلة في بلد أنهكته الحروب والعقوبات. الكهرباء، المياه، التعليم، الصحة، الأمن، والخدمات؛ كلها كانت على الطاولة. لكن بعد قرابة 20 عاماً، لا تزال هذه الملفات أولوية لـ"لنظام الجديد"، ويبحث العراق عن حلول لإحتوائها. في بلدٍ غنيّ مثل العراق، لم يكن من المفترض أن تعاني المدن من العطش، أو أن تغرق الشوارع مع أول زخّة مطر، أو أن يُطفأ النور كل ساعة لعدم وجود كهرباء. لكن كل هذه المشاهد ما زالت مألوفة في يوميات العراقيين. وبينما كانت الشعارات الرسمية تَعد بالإعمار والنهوض، كانت الأموال تُسحب، والمشاريع تُعلّق، والفساد يُقنَّن. فهل يمكن أن تفشل دولة تمتلك هذا الحجم من الموارد بهذه الطريقة؟ الإجابة، كما تكشفها مراجعة خاصة لوكالة شفق نيوز. 1.396 ترليون دولار: هل بُنيت الدولة؟ قامت وكالة شفق نيوز بجردٍ دقيق لكل الموازنات العراقية من عام 2006 حتى 2024، وهي الفترة التي توفرت فيها بيانات حكومية علنية. النتيجة كانت: 1 تريليون و396.6 مليار دولار: - 2006: بلغت الموازنة 34 مليار دولار، وكانت بسيطة، تفتقر للتفصيلات المعقدة. -2007-2009: استقرت الموازنات بين 41 و43 مليار دولار، مع غياب أي تحولات نوعية. -2010: قفزت الموازنة إلى 72.5 مليار دولار، وظهرت على الورق مشاريع إعمار لم تُنفذ حتى اليوم، مثل إعادة بناء مدينة الصدر في بغداد أو مشاريع إعمار البصرة ونينوى وميسان. -2011–2013: تضخمت الموازنات إلى أن بلغت 115 مليار دولار في 2013. -2014: غابت الموازنة بالكامل بسبب اجتياح تنظيم داعش ومحاولة تمرير النفقات وفق قاعدة 1/12. -2015–2019: تراوحت بين 66 و112 مليار دولار، مع صعود وهبوط وفقاً لأسعار النفط والاضطرابات السياسية. -2020: لا موازنة مجدداً، بسبب اضطرابات تشرين واستقالة حكومة عبد المهدي. -2021: أُقرّت موازنة بـ89.6 مليار دولار. -2022: غابت الموازنة للمرة الثالثة نتيجة الانسداد السياسي. -2023: شهد العراق أعلى رقمين في تاريخه المالي، حيث بلغت الموازنة العامة لعام 2023 نحو 153 مليار دولار، وتبعها عام 2024 بموازنة بلغت 155 ملياراً، ضمن ما يُعرف بالموازنة الثلاثية التي أُقرت لتغطي الأعوام 2023–2025. خبراء اقتصاد تحدثت معهم وكالة شفق نيوز قالوا إن هذه الأرقام كانت كافية لبناء شبكة سدود وطنية، وإعادة تأهيل شبكة الكهرباء، وإنشاء مجارٍ حديثة لجميع المدن، وتطوير قطاع النقل، بل وربما تأسيس صندوق سيادي للأجيال، "لكن الوضع ما زال يراوح مكانه". جفاف ومياه آسنة اليوم، يعاني العراق من أشد موجات الجفاف في تاريخه الحديث. مدن بأكملها مثل العمارة والناصرية والبصرة، تعاني من انقطاعات المياه وتصحّر الأراضي، مع انخفاض حاد في الإنتاج الزراعي وانهيار الثروات الحيوانية والسمكية. لكن المفارقة تكمن في أن تكلفة بناء سدّي البصرة ومكحول لا تتجاوز 4 مليارات دولار، بحسب مسؤول في وزارة الموارد المائية، بينما أنفقت البلاد مئات أضعاف ذلك خلال 18 سنة. - سد البصرة: تم الحديث عنه عشرات المرات، وتبلغ كلفته التقديرية 1.1 مليار دولار، ولم يُنجز. - سد مكحول: أعلن عنه وزير الموارد المائية عام 2022، وكلفته التقديرية 3 مليارات دولار، ولا يزال عالقاً بين الدراسات والتخصيصات. وقد حذرت دراسات بيئية محلية وأممية من أن العراق سيدخل خلال 5 سنوات "المرحلة الحرجة من الفقر المائي"، دون أن يقابل ذلك بخطط تنفيذية حقيقية. بالمقابل، ومع أول موجة أمطار، تتحول بغداد العاصمة مثلاً، بالإضافة إلى مدن رئيسية أخرى إلى بحيرات آسنة، تكشف عن غياب شبكات صرف فعالة. مشاريع المجاري، التي تعتبر من أسهل البنى التحتية تنفيذاً، تحولت إلى مراكز للهدر والفساد: -مشروع مجاري الحلة الكبير: توقف لعشر سنوات، ثم أُحيل مجدداً عام 2019، بكلفة 380 مليار دينار (نحو 290 مليون دولار). -مشروع مجاري قضاء السنية (الديوانية): أحيل بكلفة 34 مليار دينار (نحو 26 مليون دولار). يقول الخبراء الاقتصاديون إن "هذه المشاريع وحدها توضح أن المليارات لا تذهب إلى بناء حقيقي، بل إلى عقود تتوقف في منتصف الطريق، أو تتحول إلى واجهات فساد، دون رقابة فعالة". في بلد يُعد من أكبر منتجي النفط عالمياً، لا تزال الكهرباء مقطوعة لعدة ساعات يومياً في معظم المناطق. بعد 2003، اشترى العراق محطات تعمل بالغاز دون امتلاكه البنى التحتية اللازمة لتوفير الغاز، ليضطر لاحقاً إلى استيراده من إيران، في صفقة منذ 2017 بلغت تكلفتها 17 مليار دولار. ومن النماذج على الإنفاق: - موازنة 2021: تضمنت قروضاً بقيمة 145 مليون دولار، و100 مليون أخرى لصيانة محطات كهربائية. - محطة الدورة في بغداد: رُصد لها مبلغ 301 مليون دولار للصيانة فقط، دون تحسن في الإنتاج الفعلي. يكشف تتبع المشاريع والعقود أن قسماً كبيراً من الموازنات لم يُنفق فعلياً على ما كُتب فيها. ومن أبرز فضائح الفساد: - صفقة التسليح الروسية (2012): أُلغيَت لاحقاً وسط اتهامات بعمولات ورشى بقيمة 4.2 مليار دولار. - سرقة القرن (2022): سُرقت 2.5 مليار دولار من أموال هيئة الضرائب، واتُهم فيها رجال أعمال وأجنحة سياسية نور زهير، الذي أُفرج عنه لاحقاً بكفالة واستعاد ممتلكاته. تهريب العملة: قبل تدخل واشنطن عام 2022، كانت عمليات التحويل والتهريب المالي تتم عبر مصارف مرتبطة بسياسيين نافذين، ما اضطر الولايات المتحدة إلى فرض نظام رقابة دولي على النظام المصرفي العراقي. دولة الموظفين أحد أبرز تحديات الموازنات هو حجم النفقات التشغيلية، والتي تتضمن الرواتب والتقاعد والحمايات والمخصصات الخاصة. يبلغ عدد الموظفين أكثر من 4 ملايين موظف حكومي، مع نحو 2 مليون متقاعد، بحسب أرقام رسمية متضاربة. وقد كشف رئيس الوزراء محمد شياع السوداني أن الرواتب وحدها بلغت العام الماضي 64 تريليون دينار، أي ما يعادل 49 مليار دولار. أما مجلس النواب، فكشف تحقيق سابق لشفق نيوز أن كلفته التراكمية منذ 2006 بلغت نحو 426 مليار دينار (أكثر من 325 مليون دولار)، بين رواتب وبدلات وحمايات. على مدى 18 عاماً، أنفق العراق قرابة 1.4 تريليون دولار في موازناته العامة، وهو رقم ضخم بالمعايير الإقليمية، بل ويتجاوز مجموع موازنات بعض دول الجوار في الفترة نفسها. بينما تمكنت دول مثل السعودية وتركيا وإيران من بناء قطاعات إنتاجية، وتوسيع شبكات البنية التحتية، وتحسين قطاعات التعليم والصحة، لا تزال مدن العراق غارقة في المياه الآسنة، والمزارع مشلولة، والكهرباء مقطوعة، والسدود على الورق. عند مقارنة مجموع الموازنات التي أنفقتها دول المنطقة بين عامي 2006 و2024، يظهر أن العراق أنفق ما يفوق دولاً ذات تعداد سكاني أكبر واقتصادات أكثر تنوعًا. فقد بلغت موازنات العراق خلال هذه الفترة ما يقارب 1.396 تريليون دولار، في وقت لم يتجاوز فيه عدد سكانه 44 مليون نسمة. ومع ذلك، لا تزال البلاد تعاني من بنى تحتية متهالكة، وانقطاعات مزمنة في الكهرباء، وأزمة مائية خانقة، واقتصاد ريعي غير منتج. في المقابل، أنفقت تركيا التي تعاني من مشكلات اقتصادية حوالي 1.2 تريليون دولار على مدى المدة نفسها، رغم أن عدد سكانها يفوق 85 مليون نسمة، أي ما يقارب ضعف العراق. إلا أن هذه الأموال تُرجمت إلى شبكة طرق وسكك حديدية متطورة، واكتفاء غذائي، وقاعدة صناعية واسعة. أما إيران المكبلة بالعقوبات الدولية، فأنفقت ما يقارب 1.1 تريليون دولار وبنسمة تفوق ال90 مليوناً، ومع ذلك تمكنت من تحقيق اكتفاء دوائي وزراعي، وبناء صناعة دفاعية محلية، وزيادة إنتاجها من الغاز والنفط دون الاعتماد الخارجي الكامل. وتأتي السعودية في مقدمة الدول إنفاقًا، بمجموع موازنات يصل إلى 2.2 تريليون دولار، لكنها أيضًا حققت نتائج ميدانية واضحة: بنية تحتية حديثة، إطلاق مشاريع عملاقة مثل مدينة نيوم، وتأسيس صندوق استثمارات سيادية تُقدَّر قيمته بنحو 800 مليار دولار.