أُسس النمو الاقتصادي لا تزال متينة في إندونيسيا
في نهاية العام الماضي، بدأ النشاط الاقتصادي يتباطأ، وسط حالة من عدم اليقين بعد الانتخابات الرئاسية، وتراجع أسعار السلع الأساسية، وتشديد السياسة النقدية. وفي العام الحالي، أدى إعلان الرئيس ترامب عن رسوم "يوم التحرير" إلى فرض تعريفات جمركية شاملة على الشركاء التجاريين في جميع أنحاء العالم، مما هدد بحدوث اضطرابات كبيرة في الاقتصاد العالمي. وفرضت الولايات المتحدة تعريفات جمركية بنسبة 32% على البضائع الإندونيسية، وذلك يمثل تهديداً كبيراً لقطاع التصدير الإندونيسي. ثم تم وضع تلك التعريفات تحت "الإيقاف المؤقت"، حيث تعمل إندونيسيا على اتفاق يتضمن تعريفات تفضيلية على البضائع الأمريكية ، وتسهيل الوصول إلى معادنها الحيوية، وزيادة واردات الوقود الأمريكية.
يعد مؤشر تتبع النشاط الإندونيسي (IAT) مقياساً فورياً يرصد الزخم في أداء الاقتصاد الإندونيسي، ويلخص المعلومات المأخوذة من مؤشرات النشاط الرئيسية عالية التواتر. وبعد أن بلغ النمو ذروته على أساس سنوي عند 5.3% في أكتوبر، بدأت وتيرته في الاعتدال، حتى استقرت عند متوسط معدل نمو على المدى الطويل يبلغ 5%.
وعلى الرغم من هذا الاستقرار الواضح، لا يزال هناك قدر كبير من عدم اليقين على الساحة العالمية. ونرى أن آفاق الاقتصاد الكلي لا تزال إيجابية بالنسبة لإندونيسيا، على الرغم من الرياح المعاكسة الكبيرة. وفي هذه المقالة، سنناقش العوامل الثلاثة الرئيسية التي تدعم توقعاتنا.
أولاً، سيظل الاستهلاك محركاً قوياً للنمو هذا العام. يمثل الاستهلاك 55% من الاقتصاد الإندونيسي، وبالتالي فهو عامل رئيسي يحدد معدلات النمو في البلاد. وقوة قطاع الاستهلاك مدعومة بمرونة سوق العمل، التي شهدت انتعاشاً ملحوظاً منذ جائحة كوفيد، فقد انخفض معدل البطالة من ذروة بلغت 7.1% في عام 2020، إلى 4.8% وفقاً لأحدث البيانات الصادرة لعام 2025، ليصل إلى أدنى مستوى له منذ عام 1998. ولتقديم مزيد من الدعم لإنفاق الأسر، أعلنت الحكومة الإندونيسية في الأشهر الأخيرة عن حزمة من التدابير التحفيزية، بما في ذلك تخفيضات كبيرة على رسوم الكهرباء ل 79 مليون أسرة، ومساعدات غذائية ل 18.3 مليون أسرة محدودة الدخل، وتحويلات نقدية للعمال ذوي الدخل المنخفض. وستوفر مرونة أسواق العمل، إلى جانب سياسات التحفيز الحكومية، دعماً كبيراً للاستهلاك هذا العام.
مؤشر تتبع النشاط الإندونيسي
(% التغير، على أساس سنوي)
المصادر: كابيتال إيكونوميكس، تحليلات QNB
ثانياً، أتاحت السيطرة على التضخم واستقرار الروبية الإندونيسية المجال لبنك إندونيسيا (البنك المركزي) لتطبيق إجراءات نقدية توسعية. وقد ظل معدل التضخم السنوي منخفضاً بشكل مريح هذا العام، وقريباً من الحد الأدنى ضمن النطاق المستهدف في السياسة النقدية البالغ 1.5-3.5%. بالإضافة إلى ذلك، استعادت الروبية الإندونيسية استقرارها، حيث ارتفعت بما يقارب 3.5% بعد أن بلغت أدنى مستوى لها في 9 أبريل. وسمح انخفاض التضخم واستقرار الروبية الإندونيسية لبنك إندونيسيا بخفض سعر الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في مايو إلى 5.5%، وهو التخفيض الثالث منذ سبتمبر من العام الماضي. بالإضافة إلى ذلك، نفذ البنك المركزي سلسلة من الإجراءات لتعزيز الائتمان في الاقتصاد، بما في ذلك خفض متطلبات الاحتياطي الإلزامي، وزيادة حدود التمويل الأجنبي للبنوك المحلية، والتعهد بشراء سندات حكومية بقيمة 9.3 مليار دولار أمريكي في السوق الثانوية، وتخصيص 7.9 مليار دولار أمريكي لتمويل برنامج الإسكان ميسور التكلفة الذي أطلقته الحكومة، من بين أمور أخرى. وبالتالي، من المتوقع أن تحفز الأوضاع النقدية الزخم الاقتصادي.
ثالثاً، تواصل إندونيسيا تطوير مجموعة قوية من مشاريع البنية التحتية ومشاريع الإنفاق الرأسمالي واسعة النطاق، والتي ستدعم تدفقات الاستثمار وتعزز الطاقة الإنتاجية. ومن المتوقع أن يظل الاستثمار في البنية التحتية أحد الأولويات الرئيسية للإدارة الجديدة.
الاستثمار كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي
(%، سنوياً)
المصادر: تقرير آفاق الاقتصاد العالمي الصادر عن صندوق النقد الدولي،
تحليلات QNB
ويجري تطوير مشاريع كبرى في قطاعات مثل النقل (الطرق والسكك الحديدية والمطارات والموانئ)، والطاقة (بما في ذلك الطاقة المتجددة ومصفاة رئيسية)، والمرافق اللازمة لتشغيل مصانع جديدة. بالإضافة إلى ذلك، تم تكليف صندوق الثروة السيادية "دانانتارا"، الذي أُطلق حديثاً، باستهداف مشاريع في مجال معالجة الموارد الطبيعية وتطوير الذكاء الاصطناعي. وسيؤدي الاستثمار الحكومي إلى الحفاظ على مستوى جيد للاستثمار الإجمالي، الذي سيبقى أعلى من 30% من الناتج المحلي الإجمالي، وسيساهم في وتيرة ثابتة للنمو الاقتصادي.
بشكل عام، على الرغم من أن الرياح المعاكسة الكبيرة من المتوقع أن تؤدي إلى تباطؤ ملحوظ في النمو الاقتصادي، إلا أن أُسس الاقتصاد الكلي الإندونيسي لا تزال قوية بفضل مرونة الاستهلاك، والتحفيز من خلال السياسة النقدية، ومجموعة قوية من مشاريع البنية التحتية ومشاريع الإنفاق الرأسمالي.
الأخبار

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


جوهرة FM
منذ ساعة واحدة
- جوهرة FM
نحو النظر في مشروع قرض بقيمة 70 مليون دولار لفائدة الستاغ
يستعد البرلمان للنظر والمصادقة على مشروع قانون يتعلق باتفاقية قرض ستمنح بمقتضاها المؤسسة الدولية الاسلامية لتمويل التجارة لفائدة الشركة التونسية للكهرباء و الغاز (الستاغ) قرضا بقيمة 70 مليون دولار (حوالي 217 مليون دينار) للمساهمة في تمويل استيراد الغاز الطبيعي. وتحتاج الستاغ الى هذه التمويلات التي ستحصل عليها وفق الية المرابحة لتعزيز شراءاتها من الغاز الطبيعي لتوليد الكهرباء في ظل تنامي الطلب صيفا، وفق وثيقة شرح الاسباب الصادرة عن رئاسة الجمهورية باعتبارها جهة المبادرة. وبحسب نفس الوثيقة فان القرض سيكون في شكل اتفاقية مرابحة تم ابرامها في 12 مارس 2025 بين الستاغ والمؤسسة المذكورة بضمان الدولة التونسية. وتتمثل شروط اسناد القرض في اعتماد عقد المرابحة المعتمد من المؤسسات الإسلامية للتمويل ومعدل نسبة مقايضة مع هامش بنسبة 4 بالمائة مع فترة تمويل ب 12 شهرا من تاريخ السحب الأول حسب مشروع القانون المعروض على لجنة المالية والميزانية. وقد تم ابرام اتفاقية المرابحة نظرا لأهمية تزويد الشركة بالغاز الطبيعي لإنتاج الكهرباء وضرورة توفير وتنويع مصادر التمويل الوطنية والأجنبية لتعبئة الموارد المطلوبة حتى تتمكن الشركة من الإيفاء بالتزاماتها التعاقدية تجاه مزوديها بما يساهم في تحقيق الأمن الطاقي بالبلاد التونسية، وفق وثيقة شرح الأسباب.


الصحراء
منذ 2 ساعات
- الصحراء
نهاية المواجهة أم هي استراحة؟
كلُّ طرفٍ في الحرب أعلن انتصاره. ترمب تولَّى الإعلان عن الهجوم بـ14 قنبلة خارقة وتدميرِ ثلاث منشآت نووية، ودعا لصفقة سلام. وإسرائيل وصفت «عم كلافي»، وهو اسم عمليتها، بالتاريخيّة. اغتالت قياداتٍ وخبراء ودمرت نصفَ ترسانة خصمها الباليستي. إيران، التي أطلقت على عمليتها «الوعد الصادق 3»، ألحقت بتلِّ أبيب الكبرى وبئر السبع دماراً غير مسبوق وكتَبَ المرشدُ الأعلى خامنئي: «كانت صفعة قوية إلى أميركا». ما حدث في الأسبوعين الماضيين لم يكن مجردَ اشتباك، بل تطور عسكري فريد وخطير، أولُّ حربٍ مباشرة بين الولايات المتحدة وإسرائيل من جهة، وإيران من جهة أخرى، توقفت، والتوقف الحالي لا يعدو أن يكونَ استراحة، ما لم نرَ اتفاقاً بين الأطراف الثلاثة، هكذا تُوقَف الحروب. مع ادعاء الانتصارات، مَن سيقدم تنازلات من الأطراف الثلاثة؟ الأميركيون وحدهم عرضوا على عجل مشروع سلام، افتضح بعد غضب الرئيس ترمب من لغة المرشد الأعلى. قال ترمب إنَّه منع إسرائيل من مشروع اغتياله، وإنَّه وافق على إعطاء إيران ستة مليارات دولار، وهي أموال محتجَزة. وسمح برفع فوري لبعض العقوبات. ويقال إنها هدايا لترطيب الأجواء مع إيران للتفاوض، ويُشاع أن واشنطن عرضت على إيران مساعدتها على إعادة بناء برنامجها النووي ليكون مدنياً فقط. رئيس الأركان الإسرائيلي زامير قال إن الحرب لم تنتهِ، وقائمة الأهداف المتبقية طويلة. مهما قال، نعرف أن قرار تل أبيب مرتبط بالبيت الأبيض. وقد وقعت حادثة مهمة، فقد سارع ترمب لإنقاذ نتنياهو الذي كان على وشك السقوط، وأنقذه من حبل مشنقة المحاكمة. أعلن تضامنه مع «بيبي»، وأن على الإسرائيليين ألا يعزلوه أو يحاكموه. لهذا التدخل ثمن على رئيس الوزراء أن يسدده لترمب الذي يتطلع إلى اتفاق سلام كبير يحيكه بين العدوين. على أي حال، مفتاح هذه الأزمة في يد طهران لا في واشنطن أو تل أبيب. بيدها أن تقول لا وتستمر النزاعات، ولها أن تقول نعم. حتى تنهي المواجهة المستمرة منذ عام 1980 عليها أن تقبل بمبدأ التعايش الإقليمي، وتلتحق بقطار دول المنطقة. جميعها أصبحت إما دولاً منخرطة في اتفاقات ثنائية مع إسرائيل أو دولاً بلا مشروع مواجهة. سوريا كانت آخر الركاب، وبذلك انتهت دول الممانعة. ومع تدمير قدرات «حزب الله» و«حماس» وسقوط نظام بشار، خارت جبهة التصدي وبقيت إيران وحيدة في وجه إسرائيل. التراجع عن سياسة 45 عاماً من المواجهة لن يكون بالأمر الهين على النظام الإيراني، وقد تسرع نتائج حرب الاثني عشر يوماً مع إسرائيل وتزيد من الضغوط على طهران. بعيداً عن حساب الخسائر لا تزال إيران تحتفظ ببعض عناصر القوة. فهي تمتلك اليورانيوم المخصب المهمّ سواء لبناء سلاح نووي، ولو بدائياً، أو للتفاوض عليه. واستطاعت سريعاً تعويض قادتها الذين فقدتهم، وكذلك تمكَّنت من السيطرة على الوضع الداخلي. مكاسب إسرائيل أنها استمالت ترمب، ونفَّذ ما كانت إسرائيل تعجز عنه وحدها؛ تدمير المنشآت النووية الرئيسية. فإذا كان في يد طهران مفتاح السلام فإن اليد العليا في الحرب لتل أبيب، فقد نجحت في القضاء على التهديدات الإقليمية الموالية لإيران. ومن يدري، فإن هذه المواجهة ربما هي خاتمة الحروب. نقلا عن الشرق الأوسط


Babnet
منذ 3 ساعات
- Babnet
مجلس الشيوخ الأمريكي يوافق على مشروع قانون ترامب الضريبي
وكالات - أقر مجلس الشيوخ، الذي يقوده الجمهوريون، مساء السبت حزمة سياسات داخلية شاملة تناسب أجندة الرئيس دونالد ترامب، بعد تصويت مثير استمر لساعات، مما يقربه خطوة أخرى من إقرارها. كانت نتيجة التصويت 51 صوتا مقابل 49، مع انضمام عضوين جمهوريين - السيناتور توم تيليس من ولاية كارولينا الشمالية والسيناتور راند بول من ولاية كنتاكي - إلى جميع الديمقراطيين في المعارضة. وتأخر التصويت الإجرائي يوم السبت لساعات، في ظل سعي قادة الحزب جاهدين لحل الخلافات الداخلية، كما سافر نائب الرئيس، جيه دي فانس، إلى مبنى الكابيتول مساء السبت تحسبا لضرورة تصويته لكسر التعادل (50-50). إلا أن السيناتور رون جونسون (جمهوري من ويسكونسن)، الذي عارض مشروع القانون في البداية، غير تصويته في النهاية. ويتضمن مشروع القانون المكون من 940 صفحة، تخفيضات ضريبية، وزيادة في تمويل إنفاذ قوانين الهجرة، وتخفيضات في برنامج Medicaid، من بين بنود أخرى. سيمدد هذا التشريع التخفيضات الضريبية التي وقعها ترامب عام 2017، ويخفض الضرائب على الإكراميات وأجور العمل الإضافي. ويشمل زيادة قدرها 150 مليار دولار للإنفاق العسكري هذا العام، إلى جانب زيادة كبيرة في الأموال الفيدرالية لتنفيذ أجندة ترامب المتعلقة بالترحيل الجماعي وإنفاذ قوانين الهجرة. ويغطي هذا التشريع جزئيا ذلك من خلال تخفيضات في تمويل برنامجي ميديكيد وبرنامج المساعدة التكميلية للتغذية (SNAP) وتمويل الطاقة النظيفة. كما سيضيف مشروع القانون هذا، حوالي 4 تريليونات دولار إلى الدين الوطني عند احتساب مدفوعات الفائدة المرتفعة، وفقا لتحليل نشرته يوم السبت لجنة الميزانية الفيدرالية المسؤولة، وهي مؤسسة بحثية تدعم خفض العجز. في غضون ذلك، انتقد السيناتور الجمهوري راند بول التشريع لزيادته في الدين، واصفا إياه بأنه "مشروع قانون إنفاق أكثر منه مشروع قانون يعالج مشكلة الدين". أما السيناتور الجمهوري توم تيليس، الذي يواجه معركة إعادة انتخاب صعبة العام المقبل، فقد انتقد بشدة أيضا تخفيضات برنامج "ميديكيد" ووصفها بأنها تضر بولايته، قائلا إنه "لا يستطيع دعم هذا القانون بصيغته الحالية". وقد هاجم ترامب تيليس على موقع "تروث سوشيال" بعد تصويته، قائلا إنه يخطط للقاء منافسيه المحتملين في الانتخابات التمهيدية. وكتب ترامب: "يرتكب توم تيليس خطأ فادحا في حق أمريكا، وحق شعب كارولينا الشمالية الرائع!".