logo
ثمن على لبنان دفعه...

ثمن على لبنان دفعه...

العرب اليوم١٦-٠٧-٢٠٢٥
ليس في استطاعة لبنان ركوب قطار التطورات المتسارعة في المنطقة، كما يقترح المبعوث الأميركي توم برّاك الذي ركّز، غير مرّة في اثناء وجوده في بيروت، على أهمّية ما تشهده سوريا. كان يشير بوضوح إلى العلاقة التي تتحسن بين سوريا وإسرائيل وإلى الاتصالات المباشرة بين الجانبين.
في الوقت ذاته، ليس في استطاعة لبنان، بوضعه الحالي، البقاء خارج القطار، أي خارج مسيرة رسم التاريخ الجديد للمنطقة، وهي مسيرة بدأت مع «طوفان الأقصى» في السابع من أكتوبر 2023. يعطي هذا العجز عن ركوب القطار والعجز الآخر الذي يتمثل في عدم القدرة على البقاء خارجه، فكرة عن المأزق اللبناني. أدى هذا المأزق إلى تراجع أهمّية لبنان أميركياً وجعله ملحقاً بسوريا. لم يعد للبنان مبعوث أميركي خاص به، كما كانت الحال مع مورغان اورتيغوس. يتولّى توم برّاك الملفين السوري واللبناني في آن. من الواضح أن الأولوية لديه للملفّ السوري في حين يدعو اللبنانيين إلى حل مشكلة «حزب الله» داخليّاً، كما لو أن الحزب هبط على لبنان من السماء وليس من خيرات «الجمهوريّة الإسلاميّة» على البلد!
مع هجوم «طوفان الأقصى» الذي شنته «حماس» وردّ الفعل الإسرائيلي عليه، تغيّر الشرق الأوسط جذرياً، خصوصاً مع سقوط المشروع التوسعي الإيراني وانتقال الحرب إلى داخل «الجمهوريّة الإسلاميّة» التي يدافع أركانها عن النظام عبر رفع شعارات ذات طابع إيراني بحت بعيداً عن شعارات «الثورة الإسلاميّة» والرغبة في تصدير الثورة إلى دول الجوار.
من المفارقات أنّ «الجمهوريّة الإسلاميّة» باتت، في ضوء الضربات الإسرائيليّة والأميركيّة، تستنجد بجيرانها العرب، في مقدّمهم المملكة العربيّة السعوديّة، بغية حماية نظامها من جهة وإظهار حسن سلكوها في منطقة الخليج من جهة أخرى. ليست زيارة وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي للمملكة حيث التقى ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، سوى تعبير عن بداية استعادة إيران لوعيها من جهة ولضرورة مواجهة الواقع الإقليمي الجديد من جهة أخرى.
لا يدرك لبنان حجم التغيير الذي حصل في المنطقة وهو تغيير يحتاج إلى الارتقاء إلى مستواه، خصوصاً مع سقوط النظام العلوي في سوريا. مثل هذا السقوط يعني أول ما يعنيه سقوط حلف الأقليات الذي دفع حافظ الأسد إلى قيامه بسبب حقده العميق على بعض الفئات المذهبية في سوريا ولبنان... والعراق أيضاً.
ماذا يعني ذلك كلّه؟ مطلوب بكلّ بساطة، قبل أي شيء آخر، دور قيادي على مستوى الرئاسات الثلاث في لبنان بعيداً عن الرغبة في تسجيل رئيس لنقاط على الرئيس الآخر. بقي نواف سلام، رئيساً للحكومة أم لم يبق، الحاجة إلى تفاهم على سياسة عامة للدولة اللبنانية، تفاهم يأخذ في الاعتبار أن لبنان لا يمكن أن يكون في معزل عن التغييرات الإقليميّة.
توجد تجارب عدّة يمكن للبنان الاستفادة منها في هذا المجال. قد تكون التجربة الأولى تلك التي مرّ بها البلد في عهد سليمان فرنجية، الجدّ بين العامين 1970 و1976. وقتذاك، لم يستوعب سليمان الجدّ، أبعاد التغييرات التي تشهدها المنطقة بدءاً بتدفق المسلحين الفلسطينيين على لبنان وموت جمال عبدالناصر، وسيطرة حافظ الأسد، على سوريا. لم يكن الموضوع موضوع الحس الوطني لسليمان الجد، مقدار ما كان موضوع ثقافة سياسية ومعرفة بشؤون المنطقة والعالم تتجاوز السياسات الداخليّة. لم يفهم رئيس الجمهورية وقتذاك، وكان يمتلك صلاحيات مختلفة عن رئيس الجمهورية الحالي بموجب دستور ما بعد الطائف، مغزى اضطراره إلى استقبال وزير الخارجية الأميركي هنري كيسينجر في مطار رياق العسكري في البقاع. انعكس ذلك لاحقاً على لبنان بعدما فهم كيسينجر أن البلد في حاجة إلى وصيّ خارجي... وقد أتى بالوصي السوري لاحقاً بطلبه من حافظ الأسد، إدخال جيشه إلى لبنان.
يفترض بلبنان في الوقت الحاضر التصرّف كبلد يمتلك فيه الرؤساء الثلاثة صفات قيادية تستند إلى فهم لواقع مرحلة ما بعد «طوفان الأقصى». ليس كافياً الكلام عن «حصرية السلاح». الكلام، عن كيف تجاوز هذه المشكلة التي ستؤدي في حال استمرارها إلى تعميق المأزق السياسي وتهديد وجود الدولة اللبنانية.
باختصار شديد، لا مستقبل للبنان ما دام سلاح «حزب الله» موجوداً على أي بقعة من الأرض اللبنانية. لم يساهم هذا السلاح في تدمير لبنان فحسب، كان أيضا جزءاً لا يتجزّأ من الحرب التي تعرّض لها الشعب السوري منذ العام 2011، حتّى نهاية 2024.
آن أوان الإجابة لبنانياً عن الأسئلة الحقيقية بدل السقوط في لعبة الحسابات الشخصية، خصوصاً أن الوقت ليس في خدمة البلد. يبدأ طرح الأسئلة الحقيقية من الاعتراف بواقع أن لبنان خسر حربه مع إسرائيل. كانت حرباً لا علاقة له بها من قريب ولا ناقة له فيها ولا جمل. كانت حرباً شنّها «حزب الله» واسماها «حرب إسناد غزّة» بناء على طلب إيراني.
على لبنان بكلّ بساطة الاعتراف أيضاً بأن هناك ثمناً لابد من دفعه نتيجة خسارة الحرب. أكثر من ذلك، لا مفرّ من الانتهاء من سلاح «حزب الله» في حال كان مطلوباً إعادة إعمار الجنوب والتخلّص من الاحتلال الإسرائيلي الذي تسببت به «حرب إسناد غزّة».
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

نتنياهو يدعو إلى إرسال مزيد من المساعدات إلى قطاع غزة
نتنياهو يدعو إلى إرسال مزيد من المساعدات إلى قطاع غزة

رؤيا

timeمنذ 2 ساعات

  • رؤيا

نتنياهو يدعو إلى إرسال مزيد من المساعدات إلى قطاع غزة

مكتب نتنياهو: أمنّا عمليات إسقاط المساعدات في قطاع غزة دعا مكتب رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الأربعاء إلى إرسال المزيد من المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، حيث تم الإعلان عن إسقاط مساعدات جوية من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي في وقت سابق. واتهم مكتب نتنياهو في تغريدة عبر منصة "إكس" حماس "بسرقة الطعام من شعبها"، مضيفاً أن تل أبيب تحركت لتوفير المساعدات ودعت دولاً أخرى للانضمام إليها في هذه الجهود. وأشار مكتب نتنياهو إلى أن تل أبيب قد أمنت عمليات إسقاط المساعدات في قطاع غزة وتأكدت من وصول الغذاء إلى المدنيين، مؤكداً استعداد تل أبيب لاستقبال أي دولة ترغب في تقديم المساعدة. تأتي هذه الدعوة بعد أن كان الاحتلال قد فرض حظراً شاملاً على المساعدات في قطاع غزة في مارس الماضي، إثر فشل المفاوضات بشأن تمديد وقف إطلاق النار. فيما استأنفت تل أبيب إدخال المساعدات بشكل محدود في مايو، وسط تحذيرات من خطر المجاعة التي يواجهها أكثر من مليوني فلسطيني في غزة. هذا الأسبوع، أعلنت تل أبيب عن فترات توقف يومية لعملياتها العسكرية في أجزاء من القطاع، مع فتح طرق آمنة لتمكين وكالات الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية من توزيع المساعدات في المناطق المتضررة.

ويتكوف يتوجه إلى "تل أبيب" لبحث وقف إطلاق النار في غزة
ويتكوف يتوجه إلى "تل أبيب" لبحث وقف إطلاق النار في غزة

سرايا الإخبارية

timeمنذ 5 ساعات

  • سرايا الإخبارية

ويتكوف يتوجه إلى "تل أبيب" لبحث وقف إطلاق النار في غزة

سرايا - يعتزم المبعوث الرئاسي الأميركي ستيف ويتكوف التوجه إلى "إسرائيل" يوم الأربعاء، في زيارة رسمية تهدف إلى بحث تطورات الأزمة الإنسانية المتفاقمة في قطاع غزة ووقف إطلاق النار، بحسب ما أفاد به مسؤولان أميركيان مطلعان لموقع اكسيوس. وتُعد هذه الزيارة الأولى لويتكوف إلى "إسرائيل" منذ ما يقارب ثلاثة أشهر، وتأتي في وقت حساس تشهد فيه مفاوضات وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى بين حركة "حماس" وإسرائيل حالة من الجمود، وسط أوضاع إنسانية متدهورة في القطاع. وكشف أحد المسؤولين أن ويتكوف قد يشمل زيارته قطاع غزة، حيث يتوقع أن يتفقد مراكز المساعدات التابعة لمؤسسة غزة الإنسانية (Gaza Humanitarian Foundation - GHF)، في إطار تقييم مباشر للاحتياجات على الأرض. وقال مسؤول في الإدارة الأميركية: "الرئيس ترامب يريد أن يطّلع بشكل مباشر على الوضع الإنساني في غزة، لفهم أفضل لطرق إيصال المزيد من المساعدات للمدنيين هناك". تأتي هذه التحركات في وقت تتصاعد فيه الضغوط الدولية على واشنطن لتكثيف جهودها في تخفيف الكارثة الإنسانية التي يعيشها سكان غزة، والتي تفاقمت نتيجة النزاع المستمر والحصار المستمر منذ أشهر.

ويتكوف يتوجه إلى تل أبيب لبحث وقف إطلاق النار في غزة
ويتكوف يتوجه إلى تل أبيب لبحث وقف إطلاق النار في غزة

الغد

timeمنذ 5 ساعات

  • الغد

ويتكوف يتوجه إلى تل أبيب لبحث وقف إطلاق النار في غزة

يعتزم المبعوث الرئاسي الأميركي ستيف ويتكوف التوجه إلى إسرائيل يوم الأربعاء، في زيارة رسمية تهدف إلى بحث تطورات الأزمة الإنسانية المتفاقمة في قطاع غزة ووقف إطلاق النار، بحسب ما أفاد به مسؤولان أميركيان مطلعان لموقع اكسيوس. اضافة اعلان وتُعد هذه الزيارة الأولى لويتكوف إلى إسرائيل منذ ما يقارب ثلاثة أشهر، وتأتي في وقت حساس تشهد فيه مفاوضات وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى بين حركة "حماس" وإسرائيل حالة من الجمود، وسط أوضاع إنسانية متدهورة في القطاع. وكشف أحد المسؤولين أن ويتكوف قد يشمل زيارته قطاع غزة، حيث يتوقع أن يتفقد مراكز المساعدات التابعة لمؤسسة غزة الإنسانية (Gaza Humanitarian Foundation - GHF)، في إطار تقييم مباشر للاحتياجات على الأرض. وقال مسؤول في الإدارة الأميركية: "الرئيس ترامب يريد أن يطّلع بشكل مباشر على الوضع الإنساني في غزة، لفهم أفضل لطرق إيصال المزيد من المساعدات للمدنيين هناك". تأتي هذه التحركات في وقت تتصاعد فيه الضغوط الدولية على واشنطن لتكثيف جهودها في تخفيف الكارثة الإنسانية التي يعيشها سكان غزة، والتي تفاقمت نتيجة النزاع المستمر والحصار المستمر منذ أشهر.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store