
تأديب الزوجة وفق القانون العراقي: دراسة قانونية تحليلية
يختلف التطبيق العملي لمفهوم تأديب الزوجة في العراق بناءً على الاجتهادات القضائية والظروف الاجتماعية. في بعض الحالات، قد يُستخدم هذا النص لتبرير بعض أشكال العنف الخفيف، في حين أن القضاة قد يميلون إلى معاقبة الأزواج الذين يمارسون العنف الجسدي الشديد، خصوصًا إذا أدى إلى إصابة الزوجة أو شكل تهديدًا لحياتها...
يُعد تأديب الزوجة من المسائل المثيرة للجدل في القوانين العربية، حيث تتداخل فيه القيم الاجتماعية والدينية مع القواعد القانونية. وفي العراق، يُنظَّم هذا الموضوع بموجب أحكام قانون الأحوال الشخصية العراقي رقم 188 لسنة 1959 والتعديلات اللاحقة عليه، بالإضافة إلى أحكام قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969. تهدف هذه الدراسة إلى تحليل الإطار القانوني لتأديب الزوجة في القانون العراقي، ومدى تعارضه أو توافقه مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان.
أولًا: الأساس القانوني لتأديب الزوجة في القانون العراقي
لم ينص قانون الأحوال الشخصية العراقي بشكل صريح على حق الزوج في تأديب زوجته، بخلاف بعض القوانين في الدول العربية الأخرى التي تضمنت إشارات إلى هذا الموضوع. ومع ذلك، يمكن البحث في قانون العقوبات العراقي عن الأحكام ذات الصلة.
وفقًا للمادة 41 من قانون العقوبات العراقي، فإنه:
"لا جريمة إذا وقع الفعل استعمالًا لحق مقرر بمقتضى القانون، ويُعتبر استعمالًا للحق: 1- تأديب الزوج لزوجته، في حدود ما هو مقرر شرعًا أو قانونًا أو عرفًا."
يُفهم من هذا النص أن القانون العراقي يعترف بحق الزوج في تأديب زوجته ضمن حدود معينة، بشرط ألا يتجاوز ذلك الإطار الشرعي أو العرفي المقبول. ومع ذلك، فإن هذا النص يثير العديد من الإشكالات القانونية، خاصة فيما يتعلق بحماية المرأة من العنف الأسري.
ثانيًا: القيود القانونية على تأديب الزوجة
رغم اعتراف المادة 41 بحق التأديب، فإن القانون العراقي يضع قيودًا واضحة تمنع التعسف في استخدام هذا الحق، ومنها:
1. حظر الإيذاء الجسدي الشديد: إذا تجاوز التأديب الحدود المقبولة وأدى إلى إصابات أو أذى جسدي، فقد يقع الزوج تحت طائلة المسؤولية الجنائية بموجب قانون العقوبات العراقي، خاصة وفقًا للمادة 410 التي تعاقب على الإيذاء المتعمد.
2. تجريم العنف الأسري: على الرغم من عدم وجود قانون مستقل لمكافحة العنف الأسري في العراق حتى الآن، إلا أن بعض التعديلات المقترحة تسعى إلى تقنين الحماية القانونية للزوجة من التعنيف.
3. الاتفاقيات الدولية: التزمت العراق بالعديد من المعاهدات الدولية التي تحظر العنف ضد المرأة، مثل اتفاقية سيداو (CEDAW)، وهو ما يفرض التزامات قانونية تقضي بإلغاء أي نص قانوني يسمح بممارسة العنف ضد الزوجة، حتى تحت مبرر التأديب.
ثالثًا: الاجتهاد القضائي والممارسة العملية
يختلف التطبيق العملي لمفهوم تأديب الزوجة في العراق بناءً على الاجتهادات القضائية والظروف الاجتماعية. في بعض الحالات، قد يُستخدم هذا النص لتبرير بعض أشكال العنف الخفيف، في حين أن القضاة قد يميلون إلى معاقبة الأزواج الذين يمارسون العنف الجسدي الشديد، خصوصًا إذا أدى إلى إصابة الزوجة أو شكل تهديدًا لحياتها.
رابعًا: تأديب الزوجة بين الشريعة والقانون
يرى بعض الفقهاء أن التأديب في الشريعة الإسلامية يجب أن يكون مقيدًا بضوابط صارمة، مثل تجنب الإيذاء الجسدي المبرح، والاكتفاء بالنصح والهجر في المضجع قبل أي إجراء آخر. غير أن الإطار القانوني الحديث يميل إلى تقييد أي ممارسة يمكن أن تُفسَّر على أنها إساءة للمرأة، خصوصًا في ظل الجهود الحقوقية المتزايدة لمناهضة العنف الأسري.
يُعد مفهوم تأديب الزوجة وفق القانون العراقي قضية حساسة تحتاج إلى مراجعة تشريعية، بما يضمن تحقيق التوازن بين القيم الاجتماعية والالتزامات الدولية للعراق في حماية المرأة من العنف. ومن هنا، يمكن اقتراح التوصيات التالية:
1. إلغاء المادة 41 من قانون العقوبات أو تعديلها بحيث لا تتضمن أي إشارة إلى تأديب الزوجة.
2. إقرار قانون لمناهضة العنف الأسري يحدد العقوبات بوضوح ويعزز الحماية القانونية للزوجة.
3. تعزيز الوعي القانوني من خلال حملات توعية تسلط الضوء على حقوق المرأة وضرورة حماية الأسرة من العنف.
4. دعم مراكز الحماية والإرشاد لتوفير حلول غير قضائية لحالات النزاع الأسري.
بهذه الطريقة، يمكن تحقيق حماية أفضل للزوجة مع الحفاظ على التوازن الاجتماعي والقانوني في المجتمع العراقي.
وفي الختام هل سيكون تعديل قانون الأحوال الشخصية العراقي خطوة نحو إباحة تأديب الزوجة وإضفاء الشرعية عليه، أم أنه سيسعى إلى تقييده وحظره بشكل نهائي لضمان حماية حقوق المرأة ومنع أي شكل من أشكال العنف الأسري؟

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


شبكة النبأ
٠٦-٠٤-٢٠٢٥
- شبكة النبأ
تأديب الزوجة وفق القانون العراقي: دراسة قانونية تحليلية
يختلف التطبيق العملي لمفهوم تأديب الزوجة في العراق بناءً على الاجتهادات القضائية والظروف الاجتماعية. في بعض الحالات، قد يُستخدم هذا النص لتبرير بعض أشكال العنف الخفيف، في حين أن القضاة قد يميلون إلى معاقبة الأزواج الذين يمارسون العنف الجسدي الشديد، خصوصًا إذا أدى إلى إصابة الزوجة أو شكل تهديدًا لحياتها... يُعد تأديب الزوجة من المسائل المثيرة للجدل في القوانين العربية، حيث تتداخل فيه القيم الاجتماعية والدينية مع القواعد القانونية. وفي العراق، يُنظَّم هذا الموضوع بموجب أحكام قانون الأحوال الشخصية العراقي رقم 188 لسنة 1959 والتعديلات اللاحقة عليه، بالإضافة إلى أحكام قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969. تهدف هذه الدراسة إلى تحليل الإطار القانوني لتأديب الزوجة في القانون العراقي، ومدى تعارضه أو توافقه مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان. أولًا: الأساس القانوني لتأديب الزوجة في القانون العراقي لم ينص قانون الأحوال الشخصية العراقي بشكل صريح على حق الزوج في تأديب زوجته، بخلاف بعض القوانين في الدول العربية الأخرى التي تضمنت إشارات إلى هذا الموضوع. ومع ذلك، يمكن البحث في قانون العقوبات العراقي عن الأحكام ذات الصلة. وفقًا للمادة 41 من قانون العقوبات العراقي، فإنه: "لا جريمة إذا وقع الفعل استعمالًا لحق مقرر بمقتضى القانون، ويُعتبر استعمالًا للحق: 1- تأديب الزوج لزوجته، في حدود ما هو مقرر شرعًا أو قانونًا أو عرفًا." يُفهم من هذا النص أن القانون العراقي يعترف بحق الزوج في تأديب زوجته ضمن حدود معينة، بشرط ألا يتجاوز ذلك الإطار الشرعي أو العرفي المقبول. ومع ذلك، فإن هذا النص يثير العديد من الإشكالات القانونية، خاصة فيما يتعلق بحماية المرأة من العنف الأسري. ثانيًا: القيود القانونية على تأديب الزوجة رغم اعتراف المادة 41 بحق التأديب، فإن القانون العراقي يضع قيودًا واضحة تمنع التعسف في استخدام هذا الحق، ومنها: 1. حظر الإيذاء الجسدي الشديد: إذا تجاوز التأديب الحدود المقبولة وأدى إلى إصابات أو أذى جسدي، فقد يقع الزوج تحت طائلة المسؤولية الجنائية بموجب قانون العقوبات العراقي، خاصة وفقًا للمادة 410 التي تعاقب على الإيذاء المتعمد. 2. تجريم العنف الأسري: على الرغم من عدم وجود قانون مستقل لمكافحة العنف الأسري في العراق حتى الآن، إلا أن بعض التعديلات المقترحة تسعى إلى تقنين الحماية القانونية للزوجة من التعنيف. 3. الاتفاقيات الدولية: التزمت العراق بالعديد من المعاهدات الدولية التي تحظر العنف ضد المرأة، مثل اتفاقية سيداو (CEDAW)، وهو ما يفرض التزامات قانونية تقضي بإلغاء أي نص قانوني يسمح بممارسة العنف ضد الزوجة، حتى تحت مبرر التأديب. ثالثًا: الاجتهاد القضائي والممارسة العملية يختلف التطبيق العملي لمفهوم تأديب الزوجة في العراق بناءً على الاجتهادات القضائية والظروف الاجتماعية. في بعض الحالات، قد يُستخدم هذا النص لتبرير بعض أشكال العنف الخفيف، في حين أن القضاة قد يميلون إلى معاقبة الأزواج الذين يمارسون العنف الجسدي الشديد، خصوصًا إذا أدى إلى إصابة الزوجة أو شكل تهديدًا لحياتها. رابعًا: تأديب الزوجة بين الشريعة والقانون يرى بعض الفقهاء أن التأديب في الشريعة الإسلامية يجب أن يكون مقيدًا بضوابط صارمة، مثل تجنب الإيذاء الجسدي المبرح، والاكتفاء بالنصح والهجر في المضجع قبل أي إجراء آخر. غير أن الإطار القانوني الحديث يميل إلى تقييد أي ممارسة يمكن أن تُفسَّر على أنها إساءة للمرأة، خصوصًا في ظل الجهود الحقوقية المتزايدة لمناهضة العنف الأسري. يُعد مفهوم تأديب الزوجة وفق القانون العراقي قضية حساسة تحتاج إلى مراجعة تشريعية، بما يضمن تحقيق التوازن بين القيم الاجتماعية والالتزامات الدولية للعراق في حماية المرأة من العنف. ومن هنا، يمكن اقتراح التوصيات التالية: 1. إلغاء المادة 41 من قانون العقوبات أو تعديلها بحيث لا تتضمن أي إشارة إلى تأديب الزوجة. 2. إقرار قانون لمناهضة العنف الأسري يحدد العقوبات بوضوح ويعزز الحماية القانونية للزوجة. 3. تعزيز الوعي القانوني من خلال حملات توعية تسلط الضوء على حقوق المرأة وضرورة حماية الأسرة من العنف. 4. دعم مراكز الحماية والإرشاد لتوفير حلول غير قضائية لحالات النزاع الأسري. بهذه الطريقة، يمكن تحقيق حماية أفضل للزوجة مع الحفاظ على التوازن الاجتماعي والقانوني في المجتمع العراقي. وفي الختام هل سيكون تعديل قانون الأحوال الشخصية العراقي خطوة نحو إباحة تأديب الزوجة وإضفاء الشرعية عليه، أم أنه سيسعى إلى تقييده وحظره بشكل نهائي لضمان حماية حقوق المرأة ومنع أي شكل من أشكال العنف الأسري؟


MTV
٠٨-٠٣-٢٠٢٥
- MTV
حقوق المرأة بين التشريع اللّبناني والمعاهدات الدولية
في اليوم العالمي للمرأة، تحيّة إكبار لكل من آمن في قضيتها وناضل من أجل حقوقها التي هي حقوق الإنسانية جمعاء. وفي المناسبة نستعرض أبرز التشريعات الداخلية والدولية التي تُعنى بحماية حقوق المرأة. ان أهم التشريعات اللبنانيّة التي لحظت حقوق المرأة ضمن بنودها: (قوانين، مراسيم، أنظمة، تعاميم، قرارات) - قانون حماية النساء وسائر أفراد الأسرة من العنف الأسري. - قانون العقوبات اللبناني. - قانون العمل. - قانون الضمان الاجتماعي. - نظام الموظفين. - قانون التجارة البرية. - قانون تنظيم الهيئة التعليمية في المعاهد والمدارس الخاصة. - نظام التقاعد والصرف من الخدمة. - نظام وزارة الخارجية والمغتربين وتمديد ملاكاتها العددية. - تعاميم صادرة عن النيابة العامة التمييزية (الإبلاغ عن الزوجة المفقودة). - قرار إداري صادر عن المديرية العامة للأمن العام لإذن السفر وجوازات السفر الخاصة بالأولاد القاصرين. أهم الإتفاقيات الدولية الملزمة من أجل تحسين وضع المرأة وتحريرها من القيود المفروضة عليها: - إتفاقية الحقوق الأساسية للمرأة سنة ١٩٥٢. - إتفاقية جنسية المرأة المتزوجة وحقها بالاحتفاظ بجنسيتها الأصلية سنة ١٩٥٧. - إتفاقية اليونسيكو ضد التمييز في التعليم سنة ١٩٦٠. - إتفاقية القبول الطوعي بالزواج والسن الدنيا للزواج وتسجيله سنة ١٩٦٢. - إتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة سنة ١٩٧٩ (CEDAW). وأتى بعد هذه الاتفاقية البروتوكول الاختياري الإضافي لإتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة بشأن تقديم شكاوى مقابل الأفراد والجماعة سنة ١٩٩٩. ما هي إتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (CEDAW)؟ هي وثيقة دولية تعدد حقوق جميع النساء والفتيات، وهي إتفاقية هامة حول المساواة بين الفتيات النساء والفتيان الرجال تتكون من ديباجة و٦ أجزاء تحوي في مجملها ٣٠ مادّة. تنصّ هذه الاتفاقية على ضرورة إنهاء جميع أشكال التمييز ضد الفتيات والنساء. ولهذه الغاية وافقت الأمم المتحدة على اتفاقية CEDAW في ١٨ كانون الأول ١٩٧٩. وفي عام ٢٠١٠ صادقت عليها ١٨٩ دولة. * هل إتفاقية CEDAW ملزمة قانوناً للدول؟ ان اتفاقية CEDAW هي ملزمة لجميع الأطراف التي صدّقت عليها. أما الدول التي وقعّت على الاتفاقية ولم تصادق عليها فهي ملزمة بعدم التصرف بما يتعارض مع أحكام هذه الاتفاقية (المادة ١٨ من إتفاقية فيينا). * لبنان وإتفاقية CEDAW: صدّق لبنان على إتفاقية CEDAW وتلا ذلك إنشاء الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية التابعة لرئاسة مجلس الوزراء في عام ١٩٩٨. بتصديق لبنان على هذه الاتفاقية أصبح ملزماً، وبشكل دوري كل أربعة أعوام كتابة التقرير الخاص بالاتفاقية من خلال الهيئة الوطنية المنوه عنها، وتقوم الأخيرة بتسليم هذا التقرير الى الحكومة. * تحفظات لبنان على بعض بنود إتفاقية CEDAW: - الفقرة /٢/ من المادة /٩/ المتعلقة بالجنسية. - الفقرات /ج/، /د/، /و/ و /ز/ من المادة /١٦/ المتعلقة بقضايا الأحوال الشخصية. - الفقرة الأولى من المادة /٢٩/ المتعلقة بحل النزاعات (التحكيم).


سيدر نيوز
١٥-٠٢-٢٠٢٥
- سيدر نيوز
رفع سن الزواج في الكويت إلى 18 عاماً، خطوة لحماية القُصَّر أم تقييد للحقوق؟
Join our Telegram أثار قرار الحكومة الكويتية رفع سن الزواج إلى 18 عاماً جدلاً بين مؤيدين يرونه خطوة تقدمية تحمي الأطفال، ومعارضين يعتبرونه مخالفاً للشريعة الإسلامية والتقاليد الاجتماعية. ووفقاً لوزير العدل ناصر السميط، في تصريحات نقلتها صحيفة القبس، أن هذا القرار جاء استجابةً لمعدلات الزواج المبكر المرتفعة بين الفتيات، إضافةً إلى زيادة ملحوظة في نسب طلاق القُصَّر. كما أشار إلى أن الحكومة استندت في قرارها إلى فتوى من وزارة الشؤون الإسلامية، أكدت أن رفع سن الزواج لا يتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية. وفي حديث آخر لصحيفة السياسة، كشف السميط عن انتهاء الحكومة من تعديل المادة '26' من قانون الأحوال الشخصية رقم '51' لسنة 1984، إضافةً إلى المادة '15' من قانون الأحوال الشخصية رقم '124' لسنة 2019، لتوحيد الحد الأدنى لسن الزواج عند 18 عاماً. وتنص المادة 26 من قانون الأحوال الشخصية على أنه يمنع توثيق عقد الزواج، أو المصادقة عليه ما لم تتم الفتاة الخامسة عشرة، ويتم الفتى السابعة عشرة من العمر وقت التوثيق. وأكد السميط أن الكويت ملتزمة بالاتفاقيات الدولية، وعلى رأسها اتفاقية حقوق الطفل واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (CEDAW)، مشيراً إلى أن التعديلات الجديدة تهدف إلى حماية القُصَّر من تبعات الزواج المبكر. وكشفت الإحصائيات الرسمية عن تسجيل 1145 حالة زواج قاصرين في الكويت خلال عام 2024، حيث بلغت نسبة الفتيات المتزوجات 1079 حالة، مقابل 66 حالة للذكور. كما أظهرت البيانات أن معدلات طلاق القُصَّر تعادل ضعف معدلات الطلاق بين البالغين، ما يعكس تحديات الزواج المبكر. وشدد السميط على أن هذا القرار يهدف إلى ضمان نضج الزوجين عاطفياً واجتماعيا قبل الزواج، مما يمكنهما من تحمل مسؤوليات الحياة الزوجية بشكل أفضل، والمساهمة في بناء أسر مستقرة ومستدامة. ولاقى القرار ردود فعل متباينة، حيث كتب حمد الفواز عبر حسابه على منصة إكس:'رفع سن الزواج خطوة جريئة تدعم توجه الدولة نحو التحول المدني، وتحمي القُصّر من الزواج المبكر، الذي يتم غالبًا بسبب العادات والتقاليد.' أما المحامي خالد الدلماني، فقد اعتبر القرار ضرورياً لمواكبة التطورات في حقوق الإنسان، مشيرًا إلى أن الكويت ملزمة باتفاقيات حقوق الطفل، وأضاف: 'رفع سن الزواج إلى 18 عاماً يواكب التطورات العالمية، حيث أن العديد من الدول العربية والإسلامية أقرت هذا التعديل لحماية الفتيات من الزواج القسري'. وأشار إلى أن الإحصائيات تعكس ارتفاع معدلات الطلاق بين القاصرات، ما يؤكد ضرورة وصول الأزواج إلى مرحلة النضج العاطفي والاجتماعي قبل الزواج. في المقابل، لم يخل القرار من رفض كويتيين عبروا عن عدم ارتياحهم لرفع سن الزواج معتبرين أن البلوغ هو المعيار الشرعي الوحيد للزواج، وأن رفع السن إلى 18 عاماً يمثل تعدياً على التشريعات الإسلامية والعادات الاجتماعية. وقال فيصل بن قزار الجاسم عبر منصة إكس إن 'هذا التعديل يخالف أحكام الشرع صراحةً، فالزواج في الإسلام مستحب لمن بلغ وكان قادراً عليه،.. فكيف يأتي قانون وضعي ليخالف ذلك؟' وأضاف:'كان الصحابة يرون في تأخير الزواج بعد البلوغ أمراً مستنكراً' واعتبر الجاسم أن القانون جاء إرضاءً للغرب ومنظماته الحقوقية. بدوره، اعتبر عبداللطيف العثمان أن القرار يقيد حقوق الفتيات وحق أوليائهن في تزويجهن، قائلًا: 'رفع سن زواج الفتاة يعتبر تقييداً لحقها الشرعي، وتدخلاً في مسؤولية أوليائها الذين هم أدرى بمصلحتها.' أما سالم الغفران فقد عبّر عن مخاوفه من أن يكون القرار خضوعاً للاتفاقيات الدولية التي لا تراعي الخصوصية الإسلامية، قائلاً: 'إذا كان القانون الدولي يُستخدم لحماية الحقوق، فلماذا لا يتحرك ضد الجرائم التي تُرتكب بحق المسلمين في غزة وغيرها؟ أم أن القوانين تُفرض فقط على الدول الإسلامية دون غيرها؟. وفي إطار ذلك، قال وزير العدل ناصر السميط إن 'نسبة طلاق القاصرين تعادل ضعف نسبة طلاق البالغين، وهذا مؤشر خطير على ضرورة تعديل الحد الأدنى للزواج لضمان استقرار الأسر.' كما أشار إلى أن نحو 30 في المئة من حالات الزواج بين القصر داخل الكويت هي لغير الكويتيين، مما يستدعي فرض ضوابط قانونية تحمي الأطفال بغض النظر عن جنسيتهم. وفي دراسة استطلاعية، سبقت القرار ونشرها 'مركز دراسات الخليج والجزيرة العربية'، تعرّف اتجاهات المواطن الكويتي نحو أسباب التأخر في سنّ الزواج في المجتمع الكويتي، تشير إلى (12) عاملاً تسهم في هذه الظاهرة. وتنوعت بين عوامل اجتماعية واقتصادية وثقافية ونفسية، وخلصت إلى أن (13.6 في المئة) من أفراد العينة يعتقدون بأن سبب التأخر في سنّ الزواج يعود إلى عدم الرغبة في تحمل المسؤولية. وجاء في المرتبة الثانية غياب ثقافة تكوين أسرة بنسبة (10.8 في المئة)، وجاء في المرتبة الثالثة لهذه الأسباب غلاء المهور بنسبة (9.6 في المئة)، ثم عدم توافر السكن الملائم بنسبة (9.2 في المئة)، واحتل تدخل الأهل مرتبة متأخرة، في حين جاءت الرغبة في تحقيق الطموح في المرتبة الأخيرة بنسبة (4.7 في المئة). وأوصت الدراسة حينها بالتوعية بمسؤوليات الزواج، وتنمية المهارات اللازمة لتحمل المسؤولية، وتعزيز الوعي الثقافي بأهمية الأسرة ودورها في المجتمع ووضع خطة لتوفير وحدات سكنية مؤقتة للشباب الكويتيين.