"مبيعات" ترامب في الشرق الأوسط
الصحافي والمستشرق الروسي المخضرم والخبير في شؤون الطاقة Mikhail Krutikhin، والذي يتابع شؤون الشرق الأوسط منذ ما يقرب من نصف قرن، وفي مقابلة مع قناة تلفزة إلكترونية أوكرانية حول زيارة ترامب للخليج، قال إن كثافة أنباء الشرق الأوسط هذه الأيام والدهشة التي تثيرها، تجعلها تلامس حدود اللامعقول. وقد جعلته يعود إلى بدايات عمله الصحافي، حين كانت تثير دهشته أنباء المنطقة، ويعتقد أنه السبّاق للإطلاع عليها، فيسارع (كما أفعل أحياناً) إلى توزيعها على مواقع الإعلام كأنباء مثيرة للدهشة والاستغراب. وقد قدم المستشرق بهذا الكلام لتعليقه الساخر على أحد وعود ترامب عشية زيارته للخليج: تغيير تسمية الخليج الفارسي إلى الخليج العربي. ليست مهمة التبريرات التي قدمها لسخريته واستحالة تغيير التسمية، إذ أنها قد تحتمل النقاش، لكن شبّه وعد ترامب هذا بوعده الآخر بتغيير تسمية خليج المكسيك إلى الخليج الأميركي.
رجل الصفقات العقارية ترامب يجيد تزيين عرضه بما هو قابل ليصدقه الشاري المحتمل، وما هو من عالم الخيال. فالمهم وقع العرض على الزبون. فقد استبق زيارته للخليج بفيض من التصريحات ومن ثم نفيها. ومن الصعب تبيان الحقيقي منها، التصريح أم نفيه، وأي منها يعكس ما ينوي القيام به فعلاً. أي منها العرض الحقيقي، وأي لتزيين العرض وتسويقه. فقد انتشرت تلميحات وتسريبات أميركية قبل الزيارة بأن ترامب قد يعترف بالدولة الفلسطينية، ثم ما لبث أن صدر تصريح ينفي ذلك. ومعظم ما يصدر عن إدارة ترامب حالياً يحتاج إلى التدقيق والتريث للتأكد ما إن كان سيصدر نفي للأمر. لكن، على الرغم من صدور نفي لاحتمال الاعتراف بالدولة الفلسطينية، بقي البعض مأخوذاً بضخامة "الانعطافة" في المقاربة الأميركية للقضية الفلسطينية التي يمثلها التصريح، وأخذ يبني عليها.
من المشكوك جداً أن يكون الإسرائيليون قد أخذوا على محمل الجد إمكانية اعتراف ترامب بالدولة الفلسطينية، لكنهم سارعوا إلى استغلال التلميحات، لكن ليس نفيها. وبدأوا يتحدثون عن هول ما قد يعنيه ذلك لأمن إسرائيل ووجودها. كما أخذوا يضيفون إلى التصريح كل ما تراكم في الواقع من فتور في العلاقات بين نتنياهو وترامب، ويبنون سيناريوهات، ليس أقلها تغيير مركز الثقل في السياسة الأميركية بالمنطقة من إسرائيل إلى السعودية.
وما عزز مقولة تبدل المواقع هذه بين السعودية وإسرائيل، هو استثناء إسرائيل من برنامج الزيارة، واقتصارها على دول الخليج فقط. إضافة إلى ذلك، أشيع أن أجندة الزيارة لا تتضمن طرح مسألة التطبيع بين السعودية وإسرائيل. ولم تلتفت إسرائيل إلى ما أعلن عن إن عدم طرح مسألة الاعتراف هذه جاء بطلب من السعودية، تفادياً لإحراج رفضها، والتأثير السلبي على الجو العام الاحتفالي للزيارة.
لكن موقع Vesty- Ynet الإسرائيلي الناطق بالروسية والتابع لمجموعة يديعوت أحرونوت، نقل في 10 الجاري عن شبكة CNN قولها، استناداً إلى مصادر في الإدارة الأميركية، إن صهر ترامب، جاريد كوشنير، لا يزال مستشاراً غير رسمي للرئيس ترامب في قضايا الشرق الأوسط. وعلى الرغم من أنه لن ينضم إلى فريق ترامب في زيارته للخليج، إلا أنه شارك بنشاط في مناقشة مسألة التوقيع على اتفاقيات التسوية بين إسرائيل والدول العربية، ومن ضمنها السعودية.
وتضيف الشبكة الأميركية بالقول إن أولوية ترامب في الزيارة، هي التوصل إلى عقد اتفاقيات اقتصادية مع دول الخليج التي يزورها. لكن كوشنر ومستشارين رئاسيين آخرين يخططون أيضًا بشكل خاص لهدف أكثر طموحًا: توسيع اتفاقيات إبراهيم. وتنقل عن مصادرها القول إن إدارة ترامب ليس لديها أي أوهام بشأن توقيع السعودية على التطبيع مع إسرائيل أثناء الزيارة، لكنها تعتبر المحادثات تقدماً في هذا المضمار. وترى أن السعودية ستكون آخر الدول الموقعة على اتفاقيات التطبيع، وتقول إن المفاوضات حول هذا الشأن تجري مع مروحة واسعة من الدول العربية.
الموقع الإسرائيلي الآخر الناطق بالروسية Detaly نشر في 11 الجاري نصاً بعنوان "لا الحرب ولا التطبيع: السبب الرئيسي لزيارة ترامب للشرق الأوسط هو المال". استهلت الكاتبة النص بالقول إن زيارة ترامب إلى الخليج تجري في ظل عدد من القضايا الرئيسية المستعصية على الحل حتى الآن في الشرق الأوسط، ومن ضمنها حرب غزة التي تعرقل التطبيع مع السعودية، والصفقة النووية بين إيران والولايات المتحدة. لكن كل هذ القضايا تراجعت إلى الوراء أمام إمكانيات دول الخليج الاقتصادية التي يمكن أن تشرع أبوابها أمام الولايات المتحدة وأمام ترامب شخصياً.
نقلت الكاتبة عن المتحدثة الصحافية باسم البيت الأبيض، في 9 الجاري، تصريحها أن الرئيس يتطلع إلى عودته التاريخية إلى الشرق الأوسط "للترويج لرؤية يتم فيها هزيمة التطرف من خلال التبادلات التجارية والثقافية".
تشير الكاتبة إلى أن البيت الأبيض صرح بأن أعمال ترامب الخاصة لن تكون على أجندة الزيارة، ونفى أن يكون يستخدم نفوذه السياسي لتحقيق مكاسب شخصية.
أشارت الكاتبة إلى أن ترامب ينوي طلب مبلغ تريليون دولار من السعودية لزيادة حجم الاستثمارت السعودية في الولايات المتحدة وزيادة حجم التبادل التجاري (كان ولي العهد قد وعد بمبلغ 600 ملياردولار)، وحوالى 1,4 مليار دولار من الإمارات. وذكرت بأن وزارة الخزانة الأميركية استبقت الزيارة بعدة أيام بتسهيل قواعد اجتذاب الاستثمارات الكبيرة من الحلفاء. وجاء الإجراء لتفادي اعتراض الهيئة الأميركية للاستثمارات، التي تقيّم الاستثمارات الكبيرة التي قد تضر بمصالح الأمن القومي.
تقول الكاتبة إنه، بالإضافة إلى الاستثمار في الاقتصاد الأميركي، يملك ترامب وأسرته مصالحهم الاقتصادية الخاصة في الخليج. وبعد أن تستعرض العقود التي أبرمتها شركات ترامب مع الجهات الخليجية الاقتصادية المعنية، تشير إلى أن إبن ترامب، أريك، يروج في دبي لشركة للعملات المشفرة، ودعا في مؤتمر عقد مؤخراً في الدوحة لترجمة شعار "لنجعل أميركا عظيمة من جديد" مالياً.
موقع ZAHAV الإسرائيلي الناطق بالروسية نقل في 10 الجاري شريط فيديو للصحافي في القناة التاسعة الإسرائيلية الناطقة بالروسية Sergey Auslender، تحدث فيه عن زيارة ترامب للخليج وعدم توقفه في إسرائيل. عنون المدون نصه بالقول "أولويات أميركية جديدة. صفقة العصر أم حكم مبرم على إسرائيل؟"، وأرفقه بآخر ثانوي طويل "ترامب لن يزور إسرائيل خلال زيارته للشرق الأوسط، وزير الدفاع الأميركي يلغي زيارته، والصفقة السعودية ستتم مع إسرائيل أو من دونها.
الموقع الإسرائيلي المذكور أعلاه Detaly استبق النص الأول بآخر لهيئة التحرير في 10 الجاري للتعليق على زيارة ترامب. عنون الموقع نصه بالقول "ترامب قد يعلن الاعتراف بالدولة الفلسطينية"، وأرفقه بآخر ثانوي "تحظى زيارة الرئيس الأميركي إلى السعودية باهتمام كبير، في ظل تلميحات ترامب بأنه سيصدر "إعلاناً كبيراً" في الرياض".
رأى الموقع أن خطوات ترامب الأخيرة تندرج في سياق واحد.
- التخلي عن مطالبة السعودية بالتطبيع مع إسرائيل كشرط للموافقة الأميركية على المشروع السعودي للطاقة النووية السلمية.
- تنازلات مماثلة لإيران، حين صرح نائب الرئيس بأن إيران قد تمتلك الطاقة النووية "لأغراض مدنية".
- اتفاق منفرد مع الحوثيين في اليمن يترك إسرائيل بمفردها كلياً مع برنامجهم الصاروخي.
ويرى الموقع أن إدارة ترامب تمارس حالياً ضغوطاً جدية على إسرائيل للتوصل إلى اتفاق مع حماس قبل زيارة ترامب.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


النهار
منذ 25 دقائق
- النهار
قاضية تعلّق قرار ترامب بشأن جامعة هارفرد
وجد آلاف الطلبة الأجانب في جامعة هارفارد الأميركية أنفسهم في أزمة إدارية اليوم الجمعة، إذ بدأوا في البحث عن بدائل بعد أن منعت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب الجامعة من تسجيل طلبة من خارج الولايات المتحدة. ويوجد في هارفارد ما يقرب من 7000 طالب أجنبي يمثلون نحو 27 بالمئة من إجمالي الطلبة المسجلين. ورفعت الجامعة اليوم دعوى قضائية ضد إدارة ترامب بسبب هذا القرار. وعلّقت قاضية أميركية الجمعة تنفيذ قرار إدارة الرئيس دونالد ترامب منع جامعة هارفرد من تسجيل طلاب أجانب، في خضم نزاع متصاعد بين البيت الأبيض والصرح التعليمي المرموق، وفق وثيقة للمحكمة. وجاء في قرار القاضية أليسون باروز أن "القرار التالي يمنع إدارة ترامب من تنفيذ... إبطال التصريح الممنوح للجهة المدعية بموجب برنامج الطلاب وتبادل الزوار الأجانب".


LBCI
منذ 26 دقائق
- LBCI
ترامب: لا أسعى للتوصل إلى اتفاق تجاري مع الاتحاد الأوروبي
استبعد الرئيس الأميركي دونالد ترامب التوصل إلى اتفاق بشأن التجارة مع الاتحاد الأوروبي، مكررا تهديده بفرض رسوم جمركية بنسبة 50% على السلع التي مصدرها التكتل. وقال ترامب للصحفيين في البيت الأبيض ردا على سؤال حول سعيه للحصول على تنازلات من أوروبا: "لا أسعى إلى اتفاق. أعني أننا حددنا الاتفاق. إنه بنسبة 50%".


LBCI
منذ 38 دقائق
- LBCI
ترامب يوقع أوامر تنفيذية لتعزيز الطاقة النووية الأميركية
وقع الرئيس الأميركي دونالد ترامب الجمعة سلسلة من الأوامر التنفيذية لتعزيز الطاقة النووية في الولايات المتحدة، تشمل إلغاء الإجراءات التنظيمية المتعلقة بتقنية لا تزال تثير جدلا. وقال ترامب للصحفيين أثناء توقيعه الأوامر الأربعة في المكتب البيضوي: "نوقع اليوم أوامر تنفيذيةً هائلة ستجعلنا القوة الفعلية في هذه الصناعة".