
ما هي الحوسبة الكمومية بكل بساطة
ما هي الحوسبة الكمومية بكل بساطة
حسام الحوراني خبير الذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي
تخيل أنك تعيش في عالم حيث يمكن للعملة أن تكون وجهًا وظهرًا في الوقت نفسه، أو أن شيء معين يستطيع أن يكون في عدة احتمالات في آنٍ واحد!. هذا ليس خيالًا علميًا، بل هو قلب الحوسبة الكمومية ، عالمٌ يخرق منطقنا اليومي، ويعيد تعريف كل ما نعرفه عن الحوسبة والمعالجة والتفكير.
الحوسبة الكمومية ليست مجرد تطوّر في الحواسيب، بل هي ثورة تشبه ما حدث عندما استُبدلت الشموع بالكهرباء، أو الخيول بالسيارات. إنها قفزة عقلية قبل أن تكون قفزة تقنية. في الحاسوب العادي الذي نستخدمه الآن، يتم تمثيل المعلومات عبر "بتات" تأخذ إما القيمة 0 أو 1. كل عملية حسابية، كل صورة تراها على هاتفك، كل أغنية تستمع إليها، تتم معالجتها عبر مليارات من هذه البتات الثنائية. أما في الحوسبة الكمومية، فهناك كائن جديد اسمه "الكيوبت" (Qubit). الكيوبت يمكن أن يكون 0 أو 1 أو كلاهما معًا في حالة تُسمى "التراكب الكمومي'. هذا يعني أن الحاسوب الكمومي يمكنه استكشاف مسارات متعددة في الوقت ذاته، في حين أن الحاسوب التقليدي يسلك مسارًا واحدًا في كل مرة.
لكن هذا ليس كل شيء. هناك ظاهرة أخرى تُسمى "التشابك الكمومي"، حيث يصبح الكيوبتان مرتبطين بطريقة تجعل تغيير أحدهما يؤثر في الآخر فورًا، مهما كانت المسافة بينهما. هذه الظاهرة، التي حيّرت حتى أينشتاين، تُعتبر إحدى الركائز التي تمنح الحوسبة الكمومية قوّتها الخارقة في معالجة المعلومات.
فما النتيجة؟ ببساطة: حواسيب قادرة على حل مشكلات كان يُعتقد أنها ستأخذ ملايين السنين، في ثوان. مثلًا، في تطوير الأدوية، يمكن لحاسوب كمومي أن يُحاكي جزيئات معقّدة بشكل لم يكن ممكنًا من قبل، ما يُسرّع اكتشاف علاجات لأمراض مستعصية. في الأمن السيبراني، يمكن له كسر شيفرات التشفير التقليدية، لكنه أيضًا يمكنه تأسيس شبكات اتصالات لا يمكن اختراقها. في الذكاء الاصطناعي، يمكن أن يُحدث طفرة في فهم الأنماط، وتدريب النماذج بسرعة لا تُصدق.
لكن قبل أن نخاف أو نفرط في الحماس، علينا أن نفهم أن هذه التقنية ما زالت في مراحلها الاولى وتحت الاختبار. حواسيب كمومية حقيقية موجودة اليوم، لكنها تحتاج إلى تبريد لدرجات قريبة من الصفر المطلق، في ظروف معقّدة وغالية الثمن. هناك تحديات هائلة في استقرار الكيوبتات، في تصحيح الأخطاء، في تحجيم الأنظمة. إنها كما كانت الحواسيب في خمسينات القرن الماضي: ضخمة، مكلفة، وبحاجة إلى عقود لتصبح شائعة.
لكن اللحظة التاريخية تقترب. كل شركات التكنولوجيا الكبرى مثل غوغل، آي بي إم، مايكروسوفت، أمازون وشركات صينية تتسابق لتطوير حواسيب كمومية أكثر استقرارًا وأقل تكلفة. دول مثل الصين والولايات المتحدة تستثمر مليارات الدولارات. ونحن، في الوطن العربي، لا يجب أن نبقى متفرجين. فهذه ليست مجرد تقنية، بل لغة المستقبل، وأداة ستغيّر كل القطاعات: من الاقتصاد إلى الطاقة، من البيئة إلى الدفاع، من الطب إلى الذكاء الاصطناعي.
السؤال الآن ليس فقط ما هي الحوسبة الكمومية، بل: هل نحن مستعدون لها؟ هل نجهّز أبناءنا لفهمها؟ هل نستثمر في تعليم الفيزياء وعلوم الحاسوب ورياضيات الكم؟ هل نُشعل فضول شبابنا، ليقرأوا عنها، ويتعلموها، ويصبحوا جزءًا من هذه الثورة؟
الحوسبة الكمومية ليست حكرًا على العلماء في مختبرات الغرب. إنها فكرة تبدأ من كتاب، من فيديو، من فضول في عقل شاب عربي قرر أن يفهم، أن يسأل، أن لا يكتفي بما هو موجود. إنها فرصة لنا لنكون جزءًا من المستقبل، لا مجرد مستهلكين له. وإذا كنا نبحث عن المعجزة التي تنهض بأوطاننا، فقد تكون كيوبتًا... صغيرًا، غير مرئي، لكنه يحمل بداخله قفزة هائلة في الزمن والإمكانات.
لذا، إن كنت تسمع بهذه التقنية للمرة الأولى، فابدأ من هنا. اقرأ، تعلّم، اسأل. فالذين سيقودون الغد، هم من قرروا أن يفهموا اليوم.
تابعو جهينة نيوز على
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

الدستور
منذ ساعة واحدة
- الدستور
"حقن الأوامر الخفية": هجمات ذكية تخدع ذكاء "google" الاصطناعي لسرقة بيانات "Gmail"
وكالات في تطور مقلق يهدد أمن مستخدمي البريد الإلكتروني، كشفت تقارير حديثة عن موجة جديدة من الهجمات الإلكترونية تستهدف مستخدمي خدمة Gmail البالغ عددهم 1.8 مليار مستخدم حول العالم، باستخدام تقنية متقدمة تُعرف بـ"حقن الأوامر الخفية". تعتمد هذه الهجمات على استغلال أداة الذكاء الاصطناعي "جيميني" المدمجة في منصة google، حيث يرسل القراصنة رسائل تبدو عادية ظاهريًا لكنها تحتوي على أوامر مخفية باستخدام تقنيات مثل النص الأبيض على خلفية بيضاء أو خطوط بحجم صفر، ما يجعلها غير مرئية للمستخدمين. وعند محاولة المستخدم الاستفادة من ميزة تلخيص البريد الإلكتروني عبر "جيميني"، تقوم الأداة بقراءة هذه الأوامر الخفية، ما يؤدي إلى عرض تحذيرات أمنية مزيفة تبدو واقعية للغاية، مثل تحذيرات باختراق كلمة المرور أو وجود تهديد أمني عاجل. وقد أظهرت تجارب أمنية أجرتها شركات مثل "موزيلا" و"آي بي إم" كيف يمكن للقراصنة توجيه المستخدمين إلى أرقام دعم فني وهمية أو مواقع إلكترونية خبيثة مصممة لسرقة بياناتهم الحساسة. الأخطر أن بعض هذه الهجمات يمكن أن تُنفذ تلقائيًا عبر أنظمة ذكاء اصطناعي أخرى دون تدخل بشري. ورغم أن "google" أضافت إجراءات وقائية مثل طلب تأكيد المستخدم قبل تنفيذ إجراءات حساسة، إلا أن الشركة لم تعالج جوهريًا هذه الثغرة، ما أثار تحذيرات خبراء الأمن الذين يرون أن ذلك يفتح الباب لاستمرار الهجمات. وتتصاعد خطورة المشكلة مع انتشار تقنيات الذكاء الاصطناعي في خدمات غوغل الأخرى مثل Docs وCalendar، مما يجعل الحاجة ماسة لتطوير حلول أعمق وأكثر تطورًا لصد هذه الهجمات. وينصح الخبراء المستخدمين بعدم الاعتماد الكامل على تحذيرات "جيميني"، والتحقق يدويًا من أي رسالة مشبوهة، وتفعيل كافة خيارات الأمان المتاحة في حساباتهم. هذه الثغرة تمثل تحديًا أمنيًا واسع النطاق لجميع المنصات التي تستخدم الذكاء الاصطناعي في معالجة المحتوى، وتبرز الحاجة الملحة لوضع معايير أمان جديدة تحمي المستخدمين من استغلال الذكاء الاصطناعي ذاته. "ديلي ميل"

السوسنة
منذ 4 ساعات
- السوسنة
غوغل تتيح استعراض سجل الأغاني على أندرويد وآيفون
السوسنة - أطلقت شركة غوغل تحديثًا جديدًا يُضيف لمسة ذكية إلى ميزة "البحث الدائري" (Circle to Search) في هواتف أندرويد، تتيح للمستخدمين استعراض سجلّ الأغاني التي تم التعرف عليها سابقًا، في خطوة تسهّل الوصول إلى الأغاني المفضلة التي تم الاستماع إليها في أماكن عامة أو عبر التلفاز.وبحسب تقرير نشره موقع PhoneArena، تظهر هذه الميزة عند استخدام "البحث الدائري" من خلال الضغط مطولًا على زر الشاشة الرئيسية أو مقبض الإيماءات، ثم النقر على رمز النوتة الموسيقية لتفعيل التعرف على الأغاني.الجديد في التحديث هو ظهور رمز الساعة بسهم دائري في الزاوية العليا، والذي يُشير إلى سجل الأغاني. بالنقر عليه، يُفتح سجل يحتوي على معلومات مفصلة لكل أغنية تم التعرف عليها، تشمل اسم الفنان، صورة الغلاف، وتاريخ ووقت البحث، مع إمكانية استعراض الأغاني حسب الأشهر أو الوصول إلى سجل كامل.أما مستخدمو آيفون، فيمكنهم الاستفادة من نفس التجربة عبر تطبيق غوغل لنظام iOS. عند فتح التطبيق، يمكن النقر على أيقونة الميكروفون ثم اختيار "البحث عن أغنية"، لتظهر بعد ذلك أيقونة السجل وتتيح عرض الأغاني التي تم التعرف عليها سابقًا بنفس الشكل المتاح في أندرويد.وتُمثل هذه الميزة إضافة عملية لمحبي الموسيقى، حيث يمكنهم بسهولة مراجعة الأغاني التي أعجبتهم والعودة إليها لاحقًا دون الحاجة لإعادة البحث. اقرأ أيضاً:


أخبارنا
منذ 5 ساعات
- أخبارنا
ميزة خفية في أندرويد وآيفون تكشف سجل أغانيك المفضلة
أخبارنا : أضافت "غوغل" لمسة ذكية على ميزة "البحث الدائري" الشهيرة في هواتف أندرويد، تسمح للمستخدمين الآن باستعراض سجلّ الأغاني التي تم البحث عنها في السابق، بسهولة وسرعة. فإذا كنت من محبّي معرفة أسماء الأغاني التي تسمعها في الأماكن العامة أو على التلفاز، فهذه الميزة ستكون كنزًا بالنسبة لك. كيف تصل إلى سجل الأغاني في أندرويد؟ عند استخدامك لميزة "البحث الدائري"، ما عليك سوى الضغط مطولًا على زر الشاشة الرئيسية في حال كنت تستخدم التنقّل بالأزرار، أو على مقبض الإيماءات (الخط السفلي في الشاشة) إن كنت تعتمد على التنقل بالإيماءات. سيظهر لك شريط البحث الدائري، حيث يمكنك النقر على أيقونة النوتة الموسيقية لبدء التعرف على الأغنية، بحسب تقرير نشره موقع "phonearena" واطلعت عليه "العربية Business". الجديد هنا، هو ظهور رمز الساعة مع سهم دائري في الزاوية العليا من الشاشة – وهو رمز "السجل". عند النقر عليه، سيتم توجيهك إلى صفحة تحتوي على سجل الأغاني التي تم التعرف عليها، مرفقة بصورة الغلاف واسم الفنان وتاريخ ووقت البحث. يمكنك التمرير للأسفل لاستعراض الأغاني حسب الأشهر، والنقر على أي منها للحصول على معلومات أو كلمات الأغنية من خلال نتائج بحث "غوغل". وتتيح لك الصفحة أيضًا خيار "عرض السجل الكامل" لعرض جميع الأغاني التي تم التعرّف عليها مسبقًا. ماذا عن مستخدمي آيفون؟ رغم أن ميزة البحث الدائري حصرية لأندرويد، إلا أن مستخدمي آيفون لم يُحرموا من هذه الوظيفة. فمن خلال تطبيق "غوغل" على iOS، يمكنك فتح التطبيق، والنقر على أيقونة الميكروفون، ثم اختيار "البحث عن أغنية". في الزاوية العليا، ستجد نفس رمز "السجل" (الساعة المحاطة بسهم)، النقر عليها ينقلك إلى سجل الأغاني التي قمت بالبحث عنها سابقًا، تمامًا كما في أندرويد، مع إمكانية فتح كل أغنية لمزيد من التفاصيل.