logo
الذهب يلمع في أفريقيا وسط فوضى الاقتصاد العالمي

الذهب يلمع في أفريقيا وسط فوضى الاقتصاد العالمي

الجزيرة١٠-٠٥-٢٠٢٥

بينما تتصاعد حالة الفوضى وعدم اليقين في الأسواق العالمية نتيجة السياسات التجارية المتقلبة للرئيس الأميركي دونالد ترامب ، تحوّل الذهب مجددًا إلى ملاذ عالمي آمن، لكنه بالنسبة لبعض الدول الأفريقية، أصبح أكثر من مجرد أداة تحوّط، بل فرصة اقتصادية نادرة.
ووفقًا لتقرير نشرته وكالة بلومبيرغ، فقد ارتفع سعر الذهب بنسبة تقارب 25% منذ تنصيب ترامب في 20 يناير/كانون الثاني 2025، وهو ما أسهم في تحفيز عمليات التعدين في دول أفريقية تعاني من شحّ في السيولة، مثل زيمبابوي وغانا وناميبيا.
زيمبابوي.. ازدهار غير متوقع في ظل الانهيار الاقتصادي
في زيمبابوي، التي تعيش أزمة اقتصادية خانقة منذ أكثر من عقدين، ارتفع إنتاج الذهب بنسبة 61% في أبريل/نيسان مقارنة بالعام الماضي، مدفوعًا بدخول آلاف الحفارين والعمال الصغار إلى المناجم، حيث تضاعف إنتاجهم الجماعي.
وقال ويلنغتون تاكافاراشا، رئيس اتحاد يمثل نحو 700 ألف من عمال التعدين الصغار: "علينا الاستفادة القصوى من موجة ارتفاع الأسعار . هذا الإنتاج يصب في مصلحة الوطن بأكمله".
في المقابل، أعلنت الحكومة عن استئناف سكّ العملات الذهبية "موسي-أو-تونيا"، كمحاولة لتوفير أدوات تحوّط محلية أمام الانهيار المتواصل للعملة.
غانا.. الذهب يعزز احتياطي البنك المركزي
في غانا، التي لا تزال تحاول الخروج من أزمة ديون خانقة، ارتفعت عائدات صادرات الذهب بنسبة 60% خلال أول شهرين من العام الجاري، وساهمت مشتريات البنك المركزي من الذهب في تعزيز الاحتياطي واستقرار العملة المحلية (السيدي)، التي أصبحت أفضل العملات أداءً أمام الدولار منذ أبريل/نيسان الماضي.
ناميبيا.. التحوّط عبر الذهب
في ناميبيا، انضمت الحكومة إلى توجه البنوك المركزية العالمية نحو زيادة احتياطيات الذهب لمواجهة الصدمات الاقتصادية، مستفيدة من المكاسب السريعة التي يحققها المعدن الأصفر.
مالي وغانا.. عوائق أمام الشركات الكبرى
لكن الطفرة لم تشمل الجميع؛ ففي مالي، تعطّل أكبر منجم للذهب منذ يناير/كانون الثاني الماضي بسبب خلافات ضريبية بين السلطات العسكرية وشركة "باريك ماينينغ".
أما في غانا، فقد تعثرت خطط شركتي "أنغلو غولد أشانتي" و"غولد فيلدز" نتيجة تأخيرات حكومية في إصدار التصاريح، مما أدى إلى تعليق محادثات تطوير مشروع منجم ضخم.
الكونغو الديمقراطية.. الذهب يغذي النزاع
في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية، حيث تعاني مناطق واسعة من عدم الاستقرار الأمني، تسبّب ارتفاع أسعار الذهب في زيادة نفوذ الجماعات المسلحة على المناجم، ما أجبر العديد من المزارعين على ترك أراضيهم والانخراط في تعدين بدائي محفوف بالمخاطر.
وأشارت بلومبيرغ إلى أن الطلب العالمي المرتفع على الذهب يُفاقم من مآسي السكان المحليين، الذين يجدون أنفسهم بين مطرقة الفقر وسندان العنف المسلح.
الذهب يعوّض الفوضى
وسط توترات جيوسياسية متصاعدة -من الحرب التجارية التي تشنها الولايات المتحدة، إلى النزاعات المسلحة في أفريقيا، إلى تقلبات أسواق الطاقة- يبدو أن الذهب هو الرابح الوحيد في هذا المشهد المضطرب.
وترى بلومبيرغ أن كثيرًا من الدول الأفريقية وجدت في المعدن النفيس أداة إنقاذ قصيرة المدى لاقتصاداتها الهشة، التي تواجه تحديات من أبرزها التضخم، تراجع الاستثمار الأجنبي، واضطراب الأسواق المالية.
لكن يبقى التحدي الأكبر هو تحويل هذه العائدات الطارئة إلى استثمارات مستدامة، تُنقذ الاقتصاد الحقيقي من أزماته المتكررة، وتُجنب المجتمعات الأفريقية مزيدًا من الفوضى والاستغلال.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

منتدى قطر الاقتصادي.. 5 قوى ترسم مستقبل اقتصاد الشرق الأوسط
منتدى قطر الاقتصادي.. 5 قوى ترسم مستقبل اقتصاد الشرق الأوسط

الجزيرة

timeمنذ 5 ساعات

  • الجزيرة

منتدى قطر الاقتصادي.. 5 قوى ترسم مستقبل اقتصاد الشرق الأوسط

الدوحة – في عالم يموج بالتغيرات المتسارعة، حيث تتقاطع الأزمات الاقتصادية مع التحولات الجيوسياسية، لم تعد المفاهيم التقليدية في الاقتصاد كافية لتفسير أو مجابهة التحديات التي تواجهها الدول، خصوصًا في منطقة الشرق الأوسط. فالتقلبات لم تعد استثناء، بل أصبحت سمة ملازمة للأسواق، وصناعة القرار الاقتصادي باتت تتطلب قدرًا أعلى من التنبه، والقدرة على الاستجابة السريعة، والانخراط في إستراتيجيات أكثر مرونة واستشرافًا للمستقبل. وفي هذا السياق المعقد، جاءت مداخلة زياد داود، كبير اقتصاديي الأسواق الناشئة في "بلومبيرغ إيكونوميكس"، خلال مشاركته في منتدى قطر الاقتصادي لعام 2025، لتسلّط الضوء على الوضع الاقتصادي في منطقة الشرق الأوسط، والعوامل التي تؤثر على مستقبل الاقتصاد في هذه المنطقة، ومدى الترابط بين الاقتصاد والسياسة والأمن. وفي مستهلّ مداخلته، دعا داود إلى ضرورة تبنّي نموذج اقتصادي جديد في الشرق الأوسط، يقوم على الابتكار والشفافية والكفاءة، ويملك من القدرة ما يكفي للتكيف مع الأمور غير المتوقعة، والتعامل مع المخاطر المستجدة، سواء كانت داخلية أو دولية. رسم ملامح المستقبل وأوضح داود، خلال جلسة جانبية بمنتدى قطر الاقتصادي تحت عنوان "الأمن في الشرق الأوسط والأسواق العالمية: خمس قضايا رئيسية تؤثر على مستقبل الشرق الأوسط"، أن هذه القضايا الخمس لا تلعب دورًا حاسمًا في رسم ملامح المستقبل الاقتصادي للمنطقة فحسب، بل للعالم أجمع. وتتمثل هذه القضايا في: إعلان تأثير السياسة الأميركية على منطقة الشرق الأوسط وتحدث داود بالتفصيل عن كل قضية، موضحًا أن السياسة الأميركية ما زالت تمتلك تأثيرًا بالغًا على الاستقرار السياسي والاقتصادي في الشرق الأوسط، وأن تبدل الإدارات في واشنطن غالبًا ما يعني تحولًا في أسلوب التعاطي مع ملفات المنطقة، من الطاقة إلى الأمن، ومن التمويل إلى النزاعات الإقليمية. وأشار الخبير إلى أن الإدارة الأميركية الحالية تتبنى سياسة "التركيز على آسيا"، مما يضعف التدخل الأميركي المباشر في قضايا الشرق الأوسط. وهذا الواقع يفرض على دول المنطقة إعادة النظر في تحالفاتها وإستراتيجياتها الأمنية والاقتصادية. ويرى داود أن هذا التحول يفتح الباب أمام قوى عالمية أخرى -مثل الصين وروسيا- لمحاولة ملء الفراغ، مما يخلق حالة من "التوازن الجديد" الذي يؤثر على تدفقات الاستثمار و الأسواق المالية. تقلبات أسعار النفط وتناول داود القضية الثانية، وهي تقلبات أسعار النفط، موضحًا أن النفط لا يزال "العصب الاقتصادي" في كثير من دول الشرق الأوسط، إلا أن الاعتماد عليه بات يشكل مخاطرة كبرى. ومع استمرار الحرب في أوكرانيا ، والتوترات في البحر الأحمر ، والتغيرات المناخية التي تضغط على الطاقة التقليدية، أصبحت أسعار النفط عرضة لتقلبات حادة ومفاجئة. وأشار إلى أن الأسواق الناشئة تعاني عندما تكون أسعار النفط شديدة التقلب، حيث تؤثر على الموازنات الحكومية، ومستويات الدين، وخطط التنمية. وفي الوقت ذاته، فإن الاعتماد المفرط على الإيرادات النفطية يعرقل جهود تنويع الاقتصاد وتحقيق الاستدامة. وأكد داود أن الدول التي بدأت بتطوير مصادر بديلة للدخل، مثل السعودية والإمارات وقطر، هي الأفضل استعدادًا للتعامل مع هذه التقلبات، مقارنة بدول لم تحقق بعد هذا التنويع. التعافي الاقتصادي وأوضح أن القضية الثالثة تتمثل في التعافي الاقتصادي الهش بعد جائحة كوفيد وأزمات الأسواق. ولاحظ أن هذا التعافي العالمي لم يكن متكافئًا، وأن الأسواق الناشئة، ومنها دول الشرق الأوسط، كانت الأكثر تأثرًا بتداعيات التضخم ، وارتفاع أسعار الفائدة العالمية، وتباطؤ سلاسل الإمداد. وحذر من أن هذا التعافي الهش يجعل الاقتصادات عرضة لأي صدمة جديدة، سواء كانت جيوسياسية أو مناخية أو مالية. وأشار زياد داود إلى أن ما يُسمى "بالركود التضخمي" لا يزال خطرًا قائمًا، حيث تواجه الدول مزيجًا من تباطؤ النمو وارتفاع الأسعار. وشدد على أن المرونة المالية والتخطيط الطويل الأمد هما سلاح الدول لتجاوز هذه المرحلة الحرجة، داعيًا إلى رفع كفاءة الإنفاق الحكومي، وتحسين بيئة الأعمال، وتقوية المؤسسات الاقتصادية. الطاقة والديون وفي ما يتعلق بالقضية الرابعة، وهي العلاقة بين الطاقة والديون، سلّط داود الضوء على الارتباط المعقد بين أسعار الطاقة ومستويات الدين العام في دول الشرق الأوسط. وأوضح أنه في الفترات التي ترتفع فيها أسعار النفط، تميل بعض الدول إلى زيادة الإنفاق الحكومي بشكل مفرط، من دون استثمار فعلي في البنية التحتية أو في القطاعات المنتجة، وذلك يؤدي إلى تراكم الديون لاحقًا عندما تنخفض الأسعار. وبيّن أن هذا السلوك يعكس ما يُعرف باسم "الدوامة المالية" التي قد تكون خطيرة على الاستقرار المالي للدول، خاصة إذا كان الدين مقيّدًا بعملات أجنبية أو بفوائد متغيرة. وأشار إلى أن بعض الدول بدأت تتبنى نهجًا أكثر حذرًا، مستشهدًا بالتجربة القطرية التي توازن بين الإنفاق الاجتماعي والاستثماري من جهة، وبين الحفاظ على استقرار مالي طويل الأمد من جهة أخرى. وأكد داود ضرورة تبني سياسات مالية قائمة على التنويع والاستدامة، بدلاً من الاعتماد الدوري على عائدات النفط أو الاقتراض الخارجي. صعود مراكز جديدة للنفوذ وفي ما يتعلق بالقضية الخامسة، وهي الدور الإقليمي في السياق العالمي وصعود مراكز جديدة للنفوذ، قال داود إن هناك تحولات جيوسياسية كبرى تحدث باستمرار، وإن منطقة الشرق الأوسط لم تعد فقط ساحة صراع أو مجال نفوذ للقوى الكبرى، بل بدأت تتحول إلى لاعب فاعل ومستقل. وأشار إلى أن دولًا مثل قطر أصبحت محورية في الوساطة الدبلوماسية، وأن السعودية تلعب دورًا مؤثرًا في تشكيل تحالفات جديدة في الاقتصاد والطاقة، بينما تسعى الإمارات لتكون مركزًا ماليا وتقنيا عالميا. وشدّد داود على أن هذا الصعود الإقليمي يتطلب إصلاحات داخلية قوية، ورؤية إستراتيجية بعيدة المدى، وقدرة على المناورة وسط التحولات العالمية، لا سيما في ظل التوتر بين الغرب والصين، وتراجع النمو في أوروبا، وتنامي النزعات الحمائية المتعلقة بالرسوم الجمركية.

بلغاريا واليورو.. جبهة جديدة في المواجهة الأوروبية مع روسيا
بلغاريا واليورو.. جبهة جديدة في المواجهة الأوروبية مع روسيا

الجزيرة

timeمنذ 9 ساعات

  • الجزيرة

بلغاريا واليورو.. جبهة جديدة في المواجهة الأوروبية مع روسيا

صوفيا- في اليوم الذي احتفلت فيه أوروبا بالذكرى الثمانين للنصر على هتلر و الفاشية ، في التاسع من مايو/أيار، فاجأ الرئيس البلغاري رومين راديف شعبه والنخبة الأوروبية بإعلانه رغبته في إجراء استفتاء بشأن اعتماد العملة الأوروبية الموحدة " اليورو" ابتداء من الأول من كانون الثاني/يناير 2026. وقد تحوَّلت هذه المبادرة إلى فصل جديد من الأزمة السياسية الداخلية التي تعيشها البلاد منذ أربعة أعوام. وكان الائتلاف الحكومي، المؤلف من أربعة أحزاب والذي تشكّل في يناير/كانون الثاني الماضي، قد أعلن عن تسريع مفاجئ لوتيرة انضمام بلغاريا إلى منطقة اليورو. وفي أواخر فبراير/شباط، أرسلت الحكومة طلبًا لإعداد تقرير تقاربي استثنائي إلى البنك المركزي الأوروبي والمفوضية الأوروبية، رغم أن العجز المتوقع في موازنة عام 2025 يُقدّر بـ 7%، وهو ما يتجاوز السقف المسموح به وفقًا لمعايير الانضمام، والذي يبلغ 3%. وعلى هذا الأساس، راهنت الحكومة على زيادة الإيرادات بنسبة 25%، وهو ما اعتبره عدد من الخبراء هدفًا طموحًا للغاية وغير واقعي. اللافت في الأمر أن بروكسل أبدت مؤشرات على استعدادها للتساهل في تطبيق المعايير الاقتصادية المعتمدة. وقال الاقتصادي ستويان بانشيف لموقع "الجزيرة نت": "كان واضحًا منذ موازنة 2024 أننا خرجنا عن نطاق معايير العجز المسموح بها. ويبدو، على غرار ما حصل في اليونان، أنه تم التلاعب بالإحصاءات لإخفاء الحجم الحقيقي للعجز؛ فبدلًا من تسجيل نسبة 4.5%، سُجّلت 3%. ويبدو أن يوروستات والمفوضية الأوروبية والبنك المركزي الأوروبي يتغاضون عن هذا الأمر مؤقتًا". وفي خطوة غير مسبوقة، أعادت رئيسة البرلمان طرح مقترح الاستفتاء، في محاولة منها لمنع الرئيس من الطعن أمام المحكمة الدستورية في حال رفض البرلمان مقترحه. إلا أن الرئيس أعلن عزمه على الطعن في هذا الإجراء نفسه، معتبرًا إياه غير مسبوق. وقد فاقم هذا الصراع المؤسسي أجواء التوتر التي تعيشها البلاد. وبسبب الحملات السلبية المتواصلة، والشائعات، والقلق المتزايد من ارتفاع الأسعار، أظهرت استطلاعات الرأي أن 55% من البلغاريين يعارضون اعتماد العملة الأوروبية الموحدة في عام 2026، بينما يؤيد 63% منهم إجراء استفتاء بشأن الأمر. تحالف حكومي هش وشرعية تبحث عن غطاء وقال بيتر فيتانوف، النائب الاشتراكي السابق في البرلمان الأوروبي والمقرّب من الرئيس البلغاري، في تصريح لـ"الجزيرة نت": "هذا الائتلاف الحاكم يضمّ قوى غير متجانسة ـاشتراكيين، يمينيين، تشكيلات أوليغارشية، وحزبًا إثنيًاـ وعليه كان لا بد من التوافق على هدف يمنح الحكومة شرعية داخلية وخارجية، وقد اختاروا اليورو". تجدر الإشارة إلى أن بلغاريا كانت قد بدأت، إلى جانب كرواتيا، إجراءات الانضمام إلى منطقة اليورو في عام 2020، وكان من المقرر أن يتم ذلك في الأول من يناير/كانون الثاني 2023. إلا أن الأزمة السياسية الداخلية حالت دون تنفيذ الخطوة في موعدها، في حين نجحت كرواتيا. ورغم أن بلغاريا شهدت تغيّر سبع حكومات منذ ذلك الوقت، إلا أنها واصلت سعيها نحو الانضمام. وبحسب تقرير التقارب الصادر عن المفوضية الأوروبية لعام 2024، فإن بلغاريا لا تزال تتجاوز الحد المرجعي لمعدل التضخم بنسبة 1%، حيث بلغ التضخم فيها 4.1%. إلا أن الحكومة الحالية تمكّنت من احتواء هذا المعدل سريعا. ومع ذلك، أشار التقرير إلى استمرار التحديات في مجالات سيادة القانون، ومكافحة الفساد، وكفاءة الإدارة، وهي ملفات لا يمكن معالجتها خلال فترة زمنية قصيرة. معركة النفوذ بين الرئيس والحكومة وتُتهم النيابة العامة في بلغاريا بأنها خاضعة لنفوذ قوي من زعيم حزب "حركة الحقوق والحريات –البداية الجديدة"، ديليان بيفسكي، الذي سبق أن فُرضت عليه عقوبات بموجب "قانون ماغنيتسكي" الأميركي. وتستمر الحكومة في عملها بدعم مباشر منه، رغم أنه خصم شرس للرئيس البلغاري. ورغم أن التشريعات البلغارية تتماشى من الناحية الشكلية مع قواعد الاتحاد النقدي الأوروبي، إلا أن الانضمام الرسمي إلى منطقة اليورو قد يشكّل ضغطًا باتجاه إجراء إصلاحات قضائية جذرية. وفي هذا السياق، قال الأكاديمي كراسن ستانتشيف، رئيس معهد السياسات الاقتصادية والمشارك في صياغة دستور بلغاريا بعد سقوط الشيوعية عام 1991، في حديثه لـ"الجزيرة نت": "في حال اعتماد اليورو، سيتم تحجيم تأثير مراكز السلطة المحلية داخل البرلمان والحكومة والنيابة العامة. فهذه القوى لا تستطيع التأثير على المؤسسات الخارجية التي تُعد مسؤولة عن اتخاذ القرارات في منطقة اليورو، مثل البنك المركزي الأوروبي". وأضاف: "الرئيس يلعب دورًا مدمّرًا ويجب إزاحته من المشهد السياسي". القرار تقني أم سياسي؟ ويرى ستانتشيف أن انضمام بلغاريا إلى اليورو لا يعدّ خطوة اقتصادية فحسب، بل هو خيار إستراتيجي مهم في سياق العلاقة بين الاتحاد الأوروبي وروسيا، خصوصًا في ظل الحرب في أوكرانيا. وأكد أن البيئة القانونية وتوافق التشريعات مع قواعد الاتحاد الأوروبي هما الأساس في تقارير التقارب، موضحًا أن نحو 80% من العلاقات الاقتصادية تقوم على العقود، مما يجعل الإطار القانوني عنصرًا حاسمًا في كفاءة الأداء الاقتصادي. ومن جهته، أشار بيتر فيتانوف إلى أن قرار المفوضية الأوروبية لن يكون محضًا اقتصاديًا، بل سياسيًا في المقام الأول. وقال: "الاتحاد الأوروبي لديه مصلحة راهنة في إظهار أن عملية التكامل مستمرة، وأن المشروع الأوروبي لا يزال حيًا، بل يتقدم إلى الأمام في مواجهة التراجع". وأضاف أن تبنّي تقرير إيجابي بشأن تقارب بلغاريا سيكون وسيلة لتجنّب وصول شخصية على غرار رئيس وزراء المجر فيكتور أوربان إلى الحكم في بلغاريا، وهو ما قد يعيد مسألة الالتزام الأوروبي إلى نقطة الصفر. وخلص إلى أن المفوضية الأوروبية قد تُعطي الأولوية لإدماج بلغاريا في منطقة اليورو بهدف تقليص نفوذ موسكو عليها نهائيًا. بالمقابل، يقدّم الاقتصادي ستويان بانشيف، رئيس "التجمع البلغاري الليبرتارياني"، رؤية مغايرة، إذ يرى أن التفاؤل الذي ساد في وقت سابق قد تراجع منذ تدخّل الرئيس باقتراح إجراء استفتاء شعبي. وأوضح أن هذا التراجع يعود إلى الرفض الشعبي المتزايد لفكرة الانضمام السريع إلى منطقة اليورو، إضافة إلى الاهتمام الشعبي المتزايد بتنظيم الاستفتاء. الفجوة الاقتصادية ومستوى المعيشة أما بالنسبة لمخاوف المواطنين، فثمة ما يبرّرها وفق بعض المحللين. فبعكس العديد من الدول الأعضاء، تعتمد بلغاريا على نظام الاحتياطي النقدي الصارم منذ عام 1997، وتتبنّى سياسات مالية محافظة، ما ساهم في إبقاء نسبة الدين العام بين الأدنى في الاتحاد الأوروبي ـأقل من 30% من الناتج المحلي الإجمالي. وللمقارنة، تجاوزت نسبة الدين العام في إيطاليا 125%، وهو ما يثير قلق البلغاريين من احتمال أن تتحمّل بلادهم أعباء الدول الأكثر مديونية في حال نشوب أزمة مالية أوروبية جديدة. ورغم أن بلغاريا تُعد أفقر دولة داخل الاتحاد الأوروبي، فإن غياب التقارب الفعلي مع المستويات الأوروبية المتوسطة من حيث الدخل، والناتج المحلي الإجمالي للفرد، ومستويات الأسعار، يضع البلاد في موقع غير مؤهل بعد لاعتماد العملة الأوروبية الموحدة، بحسب رأي الاقتصادي بانشيف. وقال: "مثل ما هو الحال مع دول وسط أوروبا الأخرى كالتشيك، بولندا، المجر، ورومانيا، ينبغي علينا الانتظار أكثر حتى نصل إلى مستويات تقارب حقيقية. فإذا انضممنا مبكرًا، فسوف نواجه تضخمًا إضافيًا وارتفاعًا في معدلات الاقتراض". ولفت إلى أن البنك المركزي التشيكي ووزارة المالية أعلنا قبل شهر عن تأجيل انضمام بلادهما إلى منطقة اليورو للسبب ذاته، علمًا بأن وضع التشيك الاقتصادي أكثر تقدمًا من بلغاريا. في المقابل، يرى الأكاديمي كراسن ستانتشيف، أن المنافع المتوقعة من الانضمام تفوق بكثير المخاطر. وقال: "ما المشكلة في تحقيق عجز منخفض في الميزانية أو في الاستفادة من أسعار فائدة منخفضة؟ إن المخاطر المستقبلية تعتمد في الأساس على سياسات الدولة المنضمة، وليست مرتبطة حصريًا باليورو أو بالإطار القانوني للاتحاد الأوروبي". وأضاف أن شروط الانضمام، سواء النوعية أو الكمية، لا تتعارض مع مصالح المواطنين البلغاريين. وفي خضم الجدل السياسي والمواقف المتضاربة بين مؤسسات الدولة وخبراء الاقتصاد، نظّمت قوى مدنية وأحزاب معارضة لليورو لقاءً حضره الآلاف من المشاركين، أسفر عن الدعوة إلى احتجاج وطني مقرر في الحادي والثلاثين من مايو/أيار الجاري، أي قبل أيام فقط من صدور تقارير البنك المركزي الأوروبي والمفوضية الأوروبية، والتي تتوقّع الحكومة أن تأتي بنتائج إيجابية.

بالفيديو.. سوق اللحامين بالقدس يحتضر وهذه الأسباب
بالفيديو.. سوق اللحامين بالقدس يحتضر وهذه الأسباب

الجزيرة

timeمنذ 11 ساعات

  • الجزيرة

بالفيديو.. سوق اللحامين بالقدس يحتضر وهذه الأسباب

في سوق اللحامين، أحد أسواق البلدة القديمة بالقدس، رصدت عدسة الجزيرة نت تدهورا غير مسبوق أدى لإغلاق معظم متاجره تحت وطأة الظروف الاقتصادية القاسية بالإضافة إلى تضييقات سلطات الاحتلال الإسرائيلي. اقرأ المزيد

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store