logo
ورشة حوارية في الجامعة الهاشمية حول تبني التعليم المشترك والمحاكاة السريرية

ورشة حوارية في الجامعة الهاشمية حول تبني التعليم المشترك والمحاكاة السريرية

عمونمنذ 3 أيام
عمون - في خطوة تعكس التزام الجامعة الهاشمية بريادة التعليم الطبي الحديث، نظّمت الجامعة ممثلة بكلياتها الصحية، ورشة علمية متخصصة بعنوان "المحاكاة السريرية والتعليم المشترك بين الكليات الصحية"، بحضور نخبة من الخبراء والمسؤولين في القطاع الصحي، وبمشاركة عمداء وأساتذة الكليات الصحية في الجامعات الأردنية، بالإضافة إلى الباحثين والمتخصصين والطلبة من مختلف التخصصات الصحية.
وأكد راعي الورشة، العين الدكتور ياسين الحسبان رئيس مجلس أمناء الجامعة الهاشمية ورئيس لجنة الصحة في مجلس الأعيان، أهمية الارتقاء بأساليب التعليم في المجال الصحي وتوظيف الأساليب والطرق الحديثة في تعليم وتدريب طلبة الكليات الصحية، بما ينعكس على كفاءة المخرجات وجودة الرعاية الصحية. وشدد على تعزيز التشاركية والعمل الجماعي بين الشركاء والجهات المعنية في القطاع الصحي الأردني، لما لذلك من أثر إيجابي على جودة الخدمات وتحسين الرعاية الصحية. كما لفت إلى أن الرؤية الملكية تركز على الاستثمار في صحة المواطن وضمان حصوله على خدمات صحية عالية الجودة وبعدالة، مؤكدًا ضرورة وجود مظلة وطنية واحدة تنظم وتحكم القطاع الصحي، مع تفعيل التنسيق الفعلي بين مكوناته المختلفة.
وألقى رئيس الجامعة الهاشمية الأستاذ الدكتور خالد الحياري، كلمة أكد فيها أهمية اعتماد أساليب التعليم المبتكرة في الكليات الصحية، باعتبارها ركيزة أساسية لإعداد كوادر قادرة على مواجهة تحديات الميدان بكفاءة واقتدار. وأشار إلى أن الجامعة حرصت على إشراك الخبراء والمختصين من مختلف القطاعات الصحية المهنية والأكاديمية، لما يحملونه من خبرات ثرية، لتحويل هذه الورشة إلى خطوات عملية تسهم في تطوير التعليم الطبي وتعزيز جودة الخدمات والرعاية الصحية المقدمة للمواطنين.
وأوضح الدكتور الحياري أن الجامعة تنظر إلى التخصصات الصحية بوصفها منظومة متكاملة تتضافر مكوناتها لبناء قطاع صحي قوي قادر على تقديم أفضل الخدمات، مبينًا أن التعليم المشترك بين هذه التخصصات وثقافة المحاكاة السريرية من أولويات الجامعة، لما لهما من دور في الربط بين المعرفة النظرية والممارسة العملية، وإعداد خريجين على مستوى عالٍ من الكفاءة والمهنية.
وأضاف أن الجامعة خطت خطوات طموحة في تطوير التعليم الصحي، عبر تنظيم برامج تدريبية مشتركة لطلبة التخصصات الصحية، وإتاحة مختبرات محاكاة متطورة وبيئة تعليمية غنية بالتجارب الواقعية، وهو ما انعكس إيجابًا على تحسين المستوى الأكاديمي للطلبة وزيادة جاهزيتهم لسوق العمل، إلى جانب تفعيل التواصل البنّاء مع القطاع الصحي.
وشدد رئيس الجامعة على أن تحديث الخطط التعليمية في التخصصات الصحية أصبح ضرورة وطنية وأكاديمية لمواجهة التحديات التي يمر بها طلبة الكليات الصحية خلال مراحل دراستهم، داعيًا مختلف القطاعات الصحية والأكاديمية إلى تبني منهجية المحاكاة والتعليم المشترك ودمجها في الخطط الدراسية، لتكون جزءًا أصيلًا من عملية إعداد وتأهيل الكوادر الطبية في الأردن. وأعرب عن أمله في أن تُسهم توصيات الورشة في خدمة مستقبل التعليم الطبي والصحي، وأن يتواصل التعاون المثمر بين المؤسسات الأكاديمية والمهنية للارتقاء بجودة التعليم والرعاية الصحية، والحفاظ على مكانة الأردن كمنارة للعلم والمعرفة ووجهة للتميز والإبداع، في ظل القيادة الهاشمية الحكيمة لجلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين المعظم، وسمو ولي عهده الأمين الأمير الحسين بن عبدالله الثاني، حفظهما الله ورعاهما.
من جانبه، أوضح عميد كلية الطب في الجامعة الهاشمية الأستاذ الدكتور محمد القضاة، أن الورشة تمثل منصة حوارية رائدة لتطوير التعليم الصحي من خلال أدوات وأساليب تعليمية فعالة. وأشار إلى أن مركز تعليم وفحص المهارات السريرية في كلية الطب يُعد جزءًا أساسيًا من العملية التعليمية، إذ يوفّر قاعات تدريب مزوّدة بدمى محاكاة وأجهزة حديثة تتيح للطلبة ممارسة مهارات الفحص السريري، وتنمية مهارات التواصل وأخذ التاريخ المرضي قبل الانتقال إلى التدريب السريري الميداني. وأكد ريادة الجامعة في تطوير التعليم الصحي من خلال إنشاء مراكز تعليمية طبية حديثة ومتقدمة للمحاكاة السريرية، مبينًا أن الجامعة تعمل حاليًا على دمج جميع الكليات الطبية في مركز محاكاة سريرية واحد لتعزيز التعليم الصحي المشترك بين الكليات الصحية، بدءًا من السنوات الدراسية الأولى.
وفي المحاضرة الافتتاحية، قدّم الأستاذ الدكتور إسماعيل مطالقة رئيس جامعة رأس الخيمة للعلوم الصحية، رؤية شاملة حول واقع المحاكاة السريرية في التعليم الطبي، والتقنيات الافتراضية والميتافيرس في التعليم، وأبرز التحديات التي تواجه المؤسسات التعليمية، وسبل تطوير بيئات التدريب باستخدام أحدث التقنيات لتعزيز الجاهزية السريرية للطلبة، داعيًا إلى أهمية الاستثمار في هذه التقنيات التعليمية المساندة للعملية التعليمية.
وفي الجلسة العلمية الأولى، ناقش الدكتور أيمن الشرع مساعد عميد كلية الطب، والدكتور أحمد الشياب من كلية الطب، والدكتورة صفاء الأشرم من كلية التمريض، موضوع "المحاكاة السريرية"، موضحين أنها أسلوب تعليمي يهدف إلى محاكاة الواقع العملي في بيئة آمنة، باستخدام دمى عالية الدقة ونماذج تشريحية وبرمجيات محاكاة، وأحيانًا ممثلين مدرّبين، لتدريب الطلبة على المهارات السريرية والتواصلية. وأضافوا أن هذا الأسلوب يتيح التعلم دون تعريض المرضى لأي مخاطر، ويحسّن الكفاءة العملية، ويعزز العمل الجماعي، مع إمكانية تكرار السيناريوهات وتقييم الأداء بشكل مستمر. كما شددوا على فعالية هذه التقنيات في العملية التعليمية والتدريبية، مبينين أن المحاكاة تركز على تنمية المهارات وتحقيق الكفايات التعليمية المطلوبة، وتهيئة الطلبة لسوق العمل، خاصة عند التعامل مع الأعداد الكبيرة. وأكدوا أهمية استخدام أفراد مدرّبين لأداء دور المرضى بدقة وواقعية، حيث يخضع هؤلاء لتدريب خاص يمكنهم من محاكاة التاريخ الطبي والفحوصات الجسدية والحالات العاطفية ولغة الجسد، وفق سيناريوهات سريرية معدة مسبقًا، تتيح للطلبة خوض تجارب تعليمية نوعية.
وفي الجلسة العلمية الثانية، تناولت الدكتورة صفاء الأشرم من كلية التمريض، والآنسة هبة القلاب من كلية الطب، موضوع "التعليم المهني الصحي المشترك (المتداخل)"، مشيرتين إلى أنه يُعد أحد أساليب التعليم الحديثة التي توفر تجربة تعليمية تشاركية بين تخصصات الطب والتمريض والصيدلة والعلوم الطبية التطبيقية وغيرها، مما يعزز روح التعاون والعمل الجماعي، ويبني ثقافة تقبّل الآخر، وينعكس إيجابًا على جودة الرعاية الصحية وتقليل الأخطاء الطبية. وأكدتا أن هذا النوع من التعليم أصبح ضرورة ملحّة في السنوات التعليمية المبكرة، حيث يكون الطالب أكثر تقبّلًا لتعلم مبادئ العمل وفهم دور كل من مقدمي الرعاية الصحية.
وشهدت الورشة مناقشات ومداخلات ثرية خلصت إلى ضرورة دمج التقنيات والأساليب الحديثة في الخطط الدراسية، وتوسيع نطاق التعليم المهني المتداخل، والتأكيد على التطوير المستمر للبنية التحتية التعليمية من خلال مختبرات محاكاة متطورة، مع أهمية تأهيل الكوادر البشرية المتخصصة والمدرّبة على استخدام هذه التقنيات الحديثة. وأشارت التوصيات إلى أن هذه التقنيات التعليمية تمثل أدوات مساندة لا تغني عن التدريب السريري الواقعي، بل تكمله وتحسّن جودة الإعداد المهني، مع الدعوة إلى توحيد الجهود الوطنية في تعزيز التعليم الصحي النوعي وتوحيد المعايير التدريبية.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

م. هاشم نايل المجالي : رعاية المسنِّين مسؤولية جماعية
م. هاشم نايل المجالي : رعاية المسنِّين مسؤولية جماعية

أخبارنا

timeمنذ 6 ساعات

  • أخبارنا

م. هاشم نايل المجالي : رعاية المسنِّين مسؤولية جماعية

أخبارنا : هناك أسباب عديدة تؤدّي إلى كُره الأبناء لوالديهم، منها عندما يكون الأب قاسيًا على أبنائه، حيث يولِّد مشاعر الكره والبغض عند الأبناء، خاصةً إذا صاحبها إساءات جسدية ولفظية وغيرها، والتي تتراكم لتخلق لدى الأبناء شعورًا بالكره والحقد والرغبة بالانتقام في يومٍ ما. كذلك من الأسباب المؤدِّية إلى كره الأبناء لوالديهم الإهمال العاطفي وانشغال الآباء كثيرًا عن أبنائهم لسببٍ أو لآخر، خاصةً عندما يُعطي الوقت الكثير لمهنته ويكون بمثابة الحاضر الغائب، ممّا يؤثّر على مشاعرهم الداخلية وعدم الرضا عن ذلك. وهناك من الآباء من يتخلَّون عن مسؤوليتهم تجاه أبنائهم سواء بالمصروف أو التعليم أو غيره، وهناك من يرحل عنهم لسببٍ ما. كذلك هناك آباء يسخرون دوماً من بعض أبنائهم لأتفه الأسباب، ممّا يخلق لديهم شعورًا ذاتيًّا سلبيًّا تجاه الأب، خاصةً عندما يُهين الأب زوجته أمام أبنائه. كذلك عندما يكون الأب من مدمني المشروب والكحول والمخدرات ولعب القمار، ممّا ينعكس سلبًا على نفسية أطفاله، وكذلك غياب العدل بين الأبناء ممّا يخلق شعورًا سلبيًّا. كل ذلك ينعكس على شخصية الأبناء ومستقبلهم، وسلبًا على تطوّر شخصيتهم، فبدل أن يكتسب الأبناء المثل الأعلى من الأب، ينعكس ذلك سلبًا. وعندما يكبر الآباء مع مرور السنين ويصبحون من المسنِّين ويحتاجون إلى الرعاية الصحية والاجتماعية، نجد أن تلك الممارسات السلبية للآباء قد خلقت شعورًا سلبيًّا عند الأبناء للتخلّص من آبائهم وإرسالهم إلى دور المسنِّين للرعاية، بسبب عدم تفرّغهم لرعايتهم بالقدر الكافي. وهنا يأتي دور رعاية المسنِّين، حيث يمكنهم قضاء بقية حياتهم في بيئة محمية وآمنة بعد فقدان قدراتهم البدنية والذهنية، ممّا يستوجب على الجميع دعم هذه الدور الخاصة بالمسنِّين، حيث إن الخدمة الاجتماعية التي تُقدَّم لهم هي مهنة إنسانية متخصّصة لإسعادهم وتحقيق رفاهيتهم، وتوفير العلاج اللازم لهم لإشباع رغباتهم التي فقدوها بمنزلهم، واحترامهم وتقديرهم. فدور المسنِّين تحوي الكثير من كل فئات المجتمع، ومنهم من ذوي الاحتياجات الخاصة. جميعهم قد فقدوا العمل وفقدوا من يرعاهم صحيًا واجتماعيًا، وأصبحوا بحاجة إلى مجتمع خاصٍّ بهم، مدركٍ لآلية التعامل معهم على أسس سليمة، ويوفِّر لهم كل الإمكانيات للرفاه الاجتماعي، والأخصائيين لرعايتهم من كافة الجوانب. فهناك برامج صحية ونفسية وثقافية واجتماعية، وممارسة الأنشطة المختلفة، وتحويل شعورهم بالوحدة إلى جوٍّ من الحياة الأسرية الطبيعية، لينالوا حياة كريمة. ومنهم من قدّم الكثير لوطنه ومجتمعه، فعلينا أن نهتم بهم، والاعتراف بجميلهم، ونردّ لهم حياة بسيطة هادئة محترمة، ونعتبرهم جزءًا أساسيًا من المجتمع، لا أن نجعلهم مهمَّشين ومنعزلين، فلهم علينا حقوق وواجبات. ولقد حثَّ الإسلام على الاهتمام بكبار السن ورعايتهم وتحقيق مبدأ التكافل الاجتماعي الذي يدعو إليه الله سبحانه وتعالى في قوله (وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا). فدور رعاية المسنِّين لديهم أخصائيون يفهمون احتياجاتهم ومشاعرهم واتجاهاتهم، ويعمل الأخصائي على تفهُّم شخصية المسن وتقدير المواقف التي يحتاج إليها للتدخُّل وفق استراتيجية عملية، حيث يحدِّد المشكلة ويرسم خطة الحل، وحمايته من الأمراض. فتعاليم الدين الإسلامي الحنيف تحض على ذلك، والقيم الأخلاقية التي تنادي بها يجب أن تُترجَم إلى دعمٍ لدور المسنِّين ماديٍّ أو عينيٍّ، حيث تحتاج دور الرعاية للمسنين إلى كثير من المتطلبات الصحية والغذائية، وأطباء وخبراء نفس وغيرهم، كذلك مستلزمات عديدة للإيواء والأجهزة والمعدات وغيرها. وعلى المواطن أن يقدِّم ما يستطيع تقديمه من دعمٍ لهذه الدور، كما هو واجب على المنظمات والجمعيات المتخصّصة لذلك، بالإضافة إلى دور الدولة الكبير في ذلك. وتبقى رعاية المسنِّين أحد التحديات الكبرى التي تواجه المجتمعات، ويجب التكافل بين القطاع العام والخاص لخدمتهم.

رعاية المسنِّين مسؤولية جماعية
رعاية المسنِّين مسؤولية جماعية

الدستور

timeمنذ 8 ساعات

  • الدستور

رعاية المسنِّين مسؤولية جماعية

هناك أسباب عديدة تؤدّي إلى كُره الأبناء لوالديهم، منها عندما يكون الأب قاسيًا على أبنائه، حيث يولِّد مشاعر الكره والبغض عند الأبناء، خاصةً إذا صاحبها إساءات جسدية ولفظية وغيرها، والتي تتراكم لتخلق لدى الأبناء شعورًا بالكره والحقد والرغبة بالانتقام في يومٍ ما. كذلك من الأسباب المؤدِّية إلى كره الأبناء لوالديهم الإهمال العاطفي وانشغال الآباء كثيرًا عن أبنائهم لسببٍ أو لآخر، خاصةً عندما يُعطي الوقت الكثير لمهنته ويكون بمثابة الحاضر الغائب، ممّا يؤثّر على مشاعرهم الداخلية وعدم الرضا عن ذلك. وهناك من الآباء من يتخلَّون عن مسؤوليتهم تجاه أبنائهم سواء بالمصروف أو التعليم أو غيره، وهناك من يرحل عنهم لسببٍ ما. كذلك هناك آباء يسخرون دوماً من بعض أبنائهم لأتفه الأسباب، ممّا يخلق لديهم شعورًا ذاتيًّا سلبيًّا تجاه الأب، خاصةً عندما يُهين الأب زوجته أمام أبنائه. كذلك عندما يكون الأب من مدمني المشروب والكحول والمخدرات ولعب القمار، ممّا ينعكس سلبًا على نفسية أطفاله، وكذلك غياب العدل بين الأبناء ممّا يخلق شعورًا سلبيًّا. كل ذلك ينعكس على شخصية الأبناء ومستقبلهم، وسلبًا على تطوّر شخصيتهم، فبدل أن يكتسب الأبناء المثل الأعلى من الأب، ينعكس ذلك سلبًا. وعندما يكبر الآباء مع مرور السنين ويصبحون من المسنِّين ويحتاجون إلى الرعاية الصحية والاجتماعية، نجد أن تلك الممارسات السلبية للآباء قد خلقت شعورًا سلبيًّا عند الأبناء للتخلّص من آبائهم وإرسالهم إلى دور المسنِّين للرعاية، بسبب عدم تفرّغهم لرعايتهم بالقدر الكافي. وهنا يأتي دور رعاية المسنِّين، حيث يمكنهم قضاء بقية حياتهم في بيئة محمية وآمنة بعد فقدان قدراتهم البدنية والذهنية، ممّا يستوجب على الجميع دعم هذه الدور الخاصة بالمسنِّين، حيث إن الخدمة الاجتماعية التي تُقدَّم لهم هي مهنة إنسانية متخصّصة لإسعادهم وتحقيق رفاهيتهم، وتوفير العلاج اللازم لهم لإشباع رغباتهم التي فقدوها بمنزلهم، واحترامهم وتقديرهم. فدور المسنِّين تحوي الكثير من كل فئات المجتمع، ومنهم من ذوي الاحتياجات الخاصة. جميعهم قد فقدوا العمل وفقدوا من يرعاهم صحيًا واجتماعيًا، وأصبحوا بحاجة إلى مجتمع خاصٍّ بهم، مدركٍ لآلية التعامل معهم على أسس سليمة، ويوفِّر لهم كل الإمكانيات للرفاه الاجتماعي، والأخصائيين لرعايتهم من كافة الجوانب. فهناك برامج صحية ونفسية وثقافية واجتماعية، وممارسة الأنشطة المختلفة، وتحويل شعورهم بالوحدة إلى جوٍّ من الحياة الأسرية الطبيعية، لينالوا حياة كريمة. ومنهم من قدّم الكثير لوطنه ومجتمعه، فعلينا أن نهتم بهم، والاعتراف بجميلهم، ونردّ لهم حياة بسيطة هادئة محترمة، ونعتبرهم جزءًا أساسيًا من المجتمع، لا أن نجعلهم مهمَّشين ومنعزلين، فلهم علينا حقوق وواجبات. ولقد حثَّ الإسلام على الاهتمام بكبار السن ورعايتهم وتحقيق مبدأ التكافل الاجتماعي الذي يدعو إليه الله سبحانه وتعالى في قوله (وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا). فدور رعاية المسنِّين لديهم أخصائيون يفهمون احتياجاتهم ومشاعرهم واتجاهاتهم، ويعمل الأخصائي على تفهُّم شخصية المسن وتقدير المواقف التي يحتاج إليها للتدخُّل وفق استراتيجية عملية، حيث يحدِّد المشكلة ويرسم خطة الحل، وحمايته من الأمراض. فتعاليم الدين الإسلامي الحنيف تحض على ذلك، والقيم الأخلاقية التي تنادي بها يجب أن تُترجَم إلى دعمٍ لدور المسنِّين ماديٍّ أو عينيٍّ، حيث تحتاج دور الرعاية للمسنين إلى كثير من المتطلبات الصحية والغذائية، وأطباء وخبراء نفس وغيرهم، كذلك مستلزمات عديدة للإيواء والأجهزة والمعدات وغيرها. وعلى المواطن أن يقدِّم ما يستطيع تقديمه من دعمٍ لهذه الدور، كما هو واجب على المنظمات والجمعيات المتخصّصة لذلك، بالإضافة إلى دور الدولة الكبير في ذلك. وتبقى رعاية المسنِّين أحد التحديات الكبرى التي تواجه المجتمعات، ويجب التكافل بين القطاع العام والخاص لخدمتهم.

يوم الفشخة
يوم الفشخة

جو 24

timeمنذ 14 ساعات

  • جو 24

يوم الفشخة

عاطف أبو حجر جو 24 : ليست كل "الفشخات" ناتجة عن شجار، ولا كل الجروح تُرى في ظاهر الرأس فقط... أحيانًا، تأتي الضربة من مكانٍ تحبّه، من ظلّ شجرة زرعتها بيدك، وسقيتها بعرقك، وباركتها بذكرياتك. وأحيانًا، تكون "الفشخة" مجرد حكاية، لكنها تكشف قلبًا، وبيتًا، وزوجة، وأسلوب حياة. في هذا اليوم العادي، وقع ما ليس عاديًا... قبل أيام، وبينما كنت أقوم بجمع الحبات المتساقطة تحت شجرة الخوخ في حديقة منزلي المتواضع، والتي قمت بزراعتها قبل ٢٢ عامًا تقريبًا، أذكر أنني ذهبت حينها إلى مشتل تابع لوزارة الزراعة في منطقة عين الباشا، واشتريت مجموعة من الأشجار المثمرة بسعر رمزي، خمسة وسبعون قرشًا للشجرة. وكانت منوّعة: شجرتا تفاح أحمر، وشجرتا تفاح أخضر، وشجرتا إجاص، وشجرتا خوخ أحمر. اهتممت بالأشجار حتى أصبحت مثمرة، نأكل منها ونطعم الجيران والأقارب، وحتى المارّين من الطريق. نعود لقصتنا... وبينما كنت أقوم بالتنظيف تحت شجرة الخوخ تحديدًا، رفعت رأسي إلى الأعلى بحركة سريعة، دون قصد أو انتباه، فارتطم منتصف رأسي بجذع الشجرة بقوة. شعرت بعدها بدوار ودوخة، وعدم قدرة على الوقوف أو الاتزان. جلست على الأرض وأنا أشعر بألم شديد في منتصف الجمجمة. وبعد لحظة، وبأقل من دقيقة، شعرت بشيء ساخن ينساب على وجهي ورقبتي، وإذا به دم ينزف بغزارة من رأسي. ركضت مسرعًا إلى المنزل، وناديت على زوجتي: "يا أم أحمد، وينك؟" وعندما فتحت الباب، صرخت في وجهي: "مع مين متهاوش؟ أكيد تهاوشت مع جارنا... وفشخك؟ كم مرة قلت لك خليك رايق وما تتعصب؟!" صرخت بها: "هاتيلي حفنة قهوة نحطها على الجرح، وبلا تخبيص وكلام فاضي!" وبعد لحظات، جلست على الكرسي، وأنا مدروخ تقول فعلاً طالع من هوشة، وماكل قنوة على راسي. وهنا قالت أم أحمد ببساطتها، وسؤالها المعهود: "بدي أسألك يا أبو أحمد، صحيح أنت عمرك تهاوشت مع حدا وانت صغير؟ بعدين يا زلمة، ما بشوفك بتحط قنوة بالسيارة تحت الكرسي، زي هالزلم!" هنا صرخت بها مرة ثانية وقلت لها: "قومي من وجهي واختصري الشر، ترى الشر من شرارة، والشر سياج أهله! وكمان كلمة بجوز أفشخك أو تفشخيني! عشان هيك... الله يستر بيتك، قومي سوّي لنا إبريق شاي بالزعتر نروق أعصابنا قبل ما نفقدّها!" وما بين فشخة شجرة الخوخ، وصوت أم أحمد القلق، وانسياب الدم على الوجه... كان هناك مشهد كامل لحياة بسيطة، لكنها مليئة بالدفء. إنها ليست مجرد واقعة طريفة، بل شهادة وفاء لرجل زرع ليحصد، لا ثمراً فقط، بل علاقة نادرة بينه وبين أرضه، وبين قلبه وأبسط تفاصيل يومه. "الشر من شرارة، والزعتر دواء، والضحكة من القلب... خير الختام." وفي يوم "الفشخة"، كتب قصيدة الحياة بطريقته، من غير قلم... بل بدم، وقهوة، وإبريق شاي بالزعتر. تابعو الأردن 24 على

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store